تُعدُّ أنجولا واحدةً من الدول الأفريقية التي مرَّت مُنْذُ استقلالها بتجربةٍ مريرةٍ، ظلَّت لسنواتٍ طويلةٍ من الصراع المُسلَّح والحرب الأهلية، التي تُصنَّفُ الأطول في تاريخ القارة الأفريقية؛ ما أفضى إلى حالةٍ من الاضطرابات السياسية والتفكُّك المجتمعي والانهيار الاقتصادي؛ فكانت أنجولا ساحةً للتوتُّرات السياسية والنزاعات المسلحة، التي زادت من حِدَّة الانقسامات الأيديولوجية والصراعات الجيوسياسية الداخلية، ولكن عام ٢٠٠٢، أصبح نقطة تحوُّل رئيسية في تاريخ أنجولا؛ حيث تمَّ توقيع اتفاقية السلام؛ ما ساهم في إنهاء عقودٍ من العنف والفوضى السياسية، وأفسح المجال لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق المصالحة الوطنية، وتتمحور هذه المقالة حول استكشاف دور أنجولا في حلِّ النزاعات بالدول الإقليمية، ومساهماتها في صناعة السلام في القارة السمراء، إضافةً إلى علاقاتها الدبلوماسية مع القُوَى الدولية الكُبْرى.
لمحة تاريخية عن أنجولا
تقع أنجولا في الجنوب الغربي للقارة الأفريقية، وتعتبر دولةً غنيّةً بالموارد الطبيعية؛ لما فيها من الألماس والذهب واليورانيوم، وتحتلُّ مرتبةً بين أعلى الدول المنتجة للنفط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتمتلك واحدةً من أكبر القوات المسلحة في أفريقيا،[1] حصلت أنجولا على استقلالها من الاستعمار البرتغالي، في نوفمبر عام 1975، بعد حرب تحريرٍ، ظلت لسنوات طويلة، وبمجرد حصولها على الاستقلال تحوَّلت إلى ساحةٍ للحرب بالوكالة والصراع السياسي والأيديولوجي، وانغمست في الحرب الأهلية الفتَّاكة، التي استمرت لـ ٢٧ عامًا، وقد ساعد في تفاقُمها تدخُّلات القوى الإقليمية والدولية؛ فالصراع بين المعسكريْن “الشرقي، والغربي” قد امتدَّ إلى الحرب الأنجولية، إضافةً إلى انخراط الدول الإقليمية، وتبايُن موقفها؛ ما بين داعمٍ لطرفٍ، وداعمٍ لطرفٍ آخر؛ فكُلٌّ منهم كان له مصالحه الخاصة التي يسعى إلى تحقيقها، وكان هناك ثلاث حركات رئيسية:[2]
الاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنجولا (UNITA):
تمَّ دعمها بقوةٍ من قِبَلِ الولايات المتحدة الأمريكية، التي قامت بتمويل القتال وإمدادهم بالأموال والأسلحة اللازمة في مواجهة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا (MPLA)، على الرغم من معارضة الكونجرس الأمريكي لأيِّ تورُّطٍ من قِبَلِ الولايات المتحدة في الحرب الأنجولية، إضافةً إلى دولة جنوب أفريقيا، التي توغَّلت في الأراضي الأنجولية بقواتها النظامية؛ لتحقيق عددٍ من الأهداف الغير معلنة، التي تتعلق بمصالحها القومية، فضلًا عن ميولها المعادية للشيوعية، وذلك على عكس ما أظهرته من رغبتها في حماية الأراضي الأنجولية .
الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا (FNLA):
حصلت أيضًا على دعم كُلٍّ من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة جنوب أفريقيا، واتبع كلاهما الإستراتيجية نفسها، التي تمَّ اتباعها مع الاتحاد الوطني لتحرير أنجولا؛ من حيث التمويل والتزويد بالأسلحة من قِبَلِ الولايات المتحدة، والتدخُّل العسكري من قِبَلِ جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية).
الحركة الشعبية لتحرير أنجولا (MPLA):
حصلت على دعمٍ من الاتحاد السوفيتي وكوبا، ويرجع الدعم السوفيتي للجبهة الشعبية إلى انضمام زعيم الحركة “أوجستينو نيتو” إلى عضوية منظمة الجبهة السوفيتية، إضافةً إلى زياراته المتكررة لدول المعسكر الشرقي؛ ما شجَّعهم على إرسال المساعدات العسكرية لها، وتوفير التدريب العسكري لقواتها، إلى جانب ذلك، كان هناك بعض المصالح القومية للجانب السوفيتي التي تمثَّلت في السيطرة على الحكومة الشعبية، وبسْط نفوذها بعد انتهاء الحرب في أنجولا؛ ما يعني حصولهم على منفذٍ إستراتيجي على المحيط الأطلنطي، أمَّا عن كوبا؛ فأخذت زمام المبادرة كحليفٍ للسوفيت، وقامت بإقحام نفسها عسكريًّا في الحرب الأنجولية، وأرسلت قواتها التي كان لها دورٌ في تعديل موازين القوى لصالح الجبهة الشعبية بدعمٍ اقتصاديٍّ ودبلوماسيٍّ وعسكريٍّ من قِبَلِ موسكو.
وبعد أن استمرت الحرب الأهلية ٢٧ عامًا، نتج عنها مليون قتيلٍ و ٤ مليون نازحٍ، وما أفرزته من آثار مدمرة على المجتمع والاقتصاد والبنية التحتية للدولة، تمَّ إنهاء الحرب بتوقيع اتفاقية السلام، في ٢٠٠٢، بين الحركة الشعبية (MPLA) والاتحاد الوطني (UNITA)، عقب وفاة زعيم اليونيتا “جوناس سافيمبي” وقَّعت الأطراف المتصارعة على اتفاقية لوساكا، التي تُعدُّ نقطة تحوُّلٍ رئيسية في تاريخ أنجولا؛ حيث تمَّ الاتفاق على وقْف إطلاق النار ونزْع السلاح وبدْء جهود إعادة الإعمار والتنمية للمناطق التي تدمَّرت إبَّان الحرب، بالإضافة إلى الإصلاحات المؤسسية الشاملة، وبذلك توقَّفت الحرب الأطول والأعنف والأكثر دمويةً في تاريخ القارة الأفريقية، وبدأت أنجولا في اتخاذ خطواتٍ حاسمةً نحو الاستقرار السياسي والمصالحة الوطنية.[3]
جهود أنجولا في صناعة السلام في أفريقيا
اكتسبت أنجولا خبرةً كبيرةً في التعامُل مع النزاعات؛ نتيجةً للتجربة المريرة التي مرَّت بها؛ ما دفعها إلى لعب دورٍ محوريٍّ في صناعة السلام، وتحقيق الأمن بالقارة الأفريقية، ودعم الاستقرار الإقليمي، من خلال جهود الوساطة وحفظ السلام؛ فمُنْذُ انتهاء الحرب الأهلية، وتوقيع اتفاقية السلام، عام ٢٠٠٢، سعت إلى تعزيز دورها في الوساطة كجزءٍ من سياستها الخارجية النَّشِطة لتصدير السلام عبْر أفريقيا، وتعزيز مكانتها الإقليمية، إضافةً إلى كسْب الاهتمام الدولي، وفي سبيل تحقيق ذلك، انضمت لواندا في كافَّة المنظمات الإقليمية التي تُمكِّنُها من تفعيل دورها؛ فانضمت إلى “لجنة خليج غينيا” (CGG)، والجماعة الاقتصادية للدول الأفريقية المركزية (CEEAC)، واللجنة الدولية لإقليم البحيرات الكبرى (CIRGL)، واهتمت أيضًا بجانبها الجنوبي؛ فهي عضو في مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (SADC)، وبالتوازي هي أحد مُكوِّنِي اللواء العسكري الخامس للوحدة الأفريقية (القوات الاحتياطية الأفريقية)، ومن محاولات أنجولا لحلِّ نزاعات الدول الإقليمية:
النزاع بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية:
يُعدُّ النزاع القائم بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية من أطول الصراعات وأكثرها تعقيدًا؛ حيث استمر النزاع لعدة عقود، وتمثَّلت جهود أنجولا في لعب دور الوساطة بين الأطراف المتنازعة، بشأن مسألة متمردي “٢٣ مارس”، يرجع النزاع إلى قيام الكونغو الديمقراطية بتوجيه اتهامٍ إلى رواندا بدعم المتمردين، وفي المقابل تتهم رواندا الكونغو الديمقراطية بدعم متمردي “الهوتو الروانديين” المشتبه في تورُّطِهم بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، في عام ١٩٩٤؛ ما أفضى إلى تصاعُد حِدَّة التوتُّرات السياسية بين البلديْن، والذي أدَّى بدوره إلى نزوح أكثر من ١,٧ مليون شخصٍ.[4]
حقَّقت جهود الوساطة الأنجولية بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، في يوليو عام ٢٠٢٢، نجاحًا جليًّا، خاصَّةً بعد تفاقُم الهجمات العنيفة لحركة “٢٣ مارس” في عام ٢٠٢١، وتمَّ الاتفاق بين الأطراف على “خارطة طريق لواندا للسلام” التي تنُصُّ على فتْح الحوار وتطبيع العلاقات بين البلديْن، إضافةً إلى تمهيد الطُّرُق أمام اللاجئين وتهيئة الظروف لعودتهم إلى أوطانهم، كما دعت إلى تيسير انسحاب جماعة “٢٣ مارس” المتمردة من الأراضي المحتلة وتمركزها في مناطق مُحدَّدة، وتعهَّدت أنجولا بإرسال ٥٠٠ جنديٍّ؛ لضمان وقْف إطلاق النار؛ وبالفعل تمَّ اعتماد “خطة العمل المشتركة لحلِّ الأزمة الأمنية في المنطقة الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية”، التي نصَّت على وقْف إطلاق النار ونزْع السلاح وسحْب جميع الميليشيات المسلحة من المناطق المأهولة بالسكان، وإعادة إدماج المقاتلين السابقين في المجتمع، إلى جانب العمل على استعادة البنية التحتية، ولكن لم يدُمْ هذا الاتفاق طويلًا؛ حيث لم تقُمْ حركة “٢٣ مارس” بتسليم الأسلحة، وأعادت إطلاق النار مرَّةً أُخرى؛ فطالبت لواندا بعقْد اتفاقٍ آخرَ؛ لوقْف إطلاق النار، وهو ما تمَّ في يوليو عام ٢٠٢٤، ولكن قبْل أن يتمَّ الشروع في تنفيذ هذه الاتفاقية، اندلعت أعمال العنف ثانية بين الأطراف المتنازعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبدأ متمردي حركة “٢٣ مارس” في السيطرة على بعض المناطق في الساحة المضطربة.[5]
جمهورية أفريقيا الوسطي:
في بداية الأمر، تمثَّل الدور الأنجولي في دعم الإدارة الانتقالية في جمهورية أفريقيا الوسطى، عام ٢٠١٥؛ حيث قامت بتقديم المساعدات المالية، إضافةً إلى عرضها بإرسال قوات عسكرية، وفي عام ٢٠١٧، قامت بتشجيع استئناف الحوار بين الحكومة والجماعات المسلحة، من خلال دعم وساطة الاتحاد الأفريقي “المبادرة الأفريقية للسلام والمصالحة”، بالتعاون مع تشاد والمؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات الكبرى وجمهورية الكونغو والجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا؛ من أجل نزْع السلاح من الجماعات المسلحة بفعالية، علاوةً على ذلك، ظلَّت لواندا تدافع عن قضية إعادة الرئيسيْن السابقيْن Bozize” و Djotodia” إلى جمهورية أفريقيا الوسطى.
غينيا بيساو:
لقد عانت غينيا بيساو منذ استقلالها في عام ١٩٧٤، من الانقلابات العسكرية التي أطاحت بثلاث رؤساء، والرئيس الرابع تمَّ اغتياله في مكتبه عام ٢٠٠٩، وتدخَّلت أنجولا للوقوف أمام تلك الانقلابات العسكرية، التي أضرت باستقرار بيساو، ولكن هذه المرَّة لم تقتصر أدوات لواندا على الأداة الدبلوماسية المعتادة، فقد تحمَّلت العِبْءَ المالي الرئيسي، وقامت بإطلاق حملة لإصلاح قطاع الأمن، من خلال توقيع بروتوكول للتعاون الفني والعسكري في ٢٠١٠، وإطلاق “مهمة أمنية أنجولية في غينيا بيساو” في مارس ٢٠١١، شارك فيها ٦٠٠ جنديٍّ، وتهدف هذه المهمة إلى المساهمة في إصلاح القطاع الأمني ونزْع السلاح والتسريح وإعادة الدَّمْج في البلاد.
لم تنجح القوات الأنجولية في إكمال مهمتها؛ بسبب قلق قائد وحدة النخبة العسكرية في ذلك الوقت “إندجاي” من الأسلحة الثقيلة والدبابات التي تسلَّحت بها القوات، ورأى أنها غير مناسبة لمهمة إصلاح قطاع الأمن، وفي يناير ٢٠١٢، توتَّرت العلاقات بين الجيش والقوات الأنجولية بعد أن قامت جنود المهمة بالتصدِّي لمحاولة انقلابية، في ديسمبر ٢٠١١، ومن ثمَّ سحبت أنجولا قواتها من غينيا بيساو.
أنجولا على الساحة الدولية
أصبحت أنجولا لاعبًا رئيسيًّا على السَّاحة الدولية، مستغلةً ثرواتها الطبيعية وموقعها الإستراتيجي، وعملت لواندا على تطوير علاقاتها الدبلوماسية مع القوى الدولية الكبرى، مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية؛ سعيًا منها لكسْب الاهتمام الدولي وتحسين البنية التحتية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير الصناعة، وتسير العلاقات الأنجولية مع القُوَى الدولية كالآتي:
الصين
تتسم العلاقات «الأنجولية – الصينية» بدرجةٍ عاليةٍ من التناغُم والانسجام، ففي ١٥ مارس ٢٠٢٤، كان هناك زيارة من الرئيس الأنجولي “جواو لورنسو” إلى بكين عقد فيها المحادثات مع الرئيس الصيني “شي جين بينغ”، وأعلن رئيسا الدولتيْن عن رفْع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكةٍ تعاونيةٍ إستراتيجيةٍ شاملةٍ، وفي العام الماضي، احتفل البلدان بالذكرى الـ ٤٠ عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين أنجولا والصين، وتحدَّث الرئيس الصيني عن مدى أهمية التعاون بين البلديْن والذي يعود بالنَّفْع على كليْهما، وأكَّد على الاستعداد التام للصين للعمل مع الجانب الأنجولي؛ لتنفيذ مشروعات البنية التحتية الرئيسية، ودعم الشركات الصينية المؤهلة في تنفيذ أشكال مختلفة من التعاون في أنجولا، ومساعدة أنجولا على دفْع التحديث الزراعي والتصنيع والتنويع الاقتصادي، وعلى الجانب الآخر، أشار الرئيس الأنجولي إلى استعداد بلاده للعمل والتعاون مع الصين، وأوضح أن “أنجولا تُقدِّرُ بشدة التزام الصين الثابت بتعزيز السلام والتقدُّم العالمييْن، وحماية النزاهة والعدالة الدولييْن، وأضاف أن أنجولا مستعدة لتعزيز التعاون مُتعدّد الأطراف مع الصين لحماية أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والأعراف المهمة الحاكمة للعلاقات الدولية”[6]
تعتمد العلاقات بين أنجولا والصين على المصالح المتبادلة؛ حيث تقوم أنجولا بتصدير النفط للصين، وهي واحدةٌ من أكبر مصدري النفط لها، مقابل تقديم الثانية الاستثمارات الضخمة لتحسين البنية التحتية، بالإضافة إلى دعم وتمويل المشاريع الإنمائية، بما في ذلك الطرق والمباني الحكومية، وعلى صعيد آخر، تُقرُّ أنجولا بوحدة الأراضي الصينية، ولا تعترف باستقلال جزيرة تايوان، وفي المقابل تستفيد من دعم الصين لها في المحافل الدولية.
الولايات المتحدة الأمريكية
هناك تطوُّرٌ ملحوظٌ في العلاقات «الأنجولية – الأمريكية»؛ حيث تسعى كلا الدولتيْن لتحقيق التعاون في المجالات المختلفة، مثل الاقتصاد والأمن والطاقة، وتُعدُّ الطاقة هي محلُّ الاهتمام الأكبر للجانب الأمريكي؛ حيث قدَّم بنك التصدير والاستيراد الأمريكي قرْضًا يُقدَّرُ بملايين الدولارات لدعم مشروعات الطاقة الشمسية الأنجولية، وذكر مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون موارد الطاقة في مؤتمر صحفي، أن “أنجولا والولايات المتحدة متفقتان بشأن جميع النقاط الرئيسية المتعلقة بالحصول على الطاقة، وأمن الطاقة، وإزالة الكربون، والمعادن الحيوية”، ويدُلُّ ذلك على مدى عُمْق التعاون بين الدولتيْن، بشأن مسألة الطاقة، إضافةً إلى الاستثمار في “ممر لوبيتو”، الذي سيعمل على ربْط أنجولا والدول المجاورة لها بالأسواق العالمية بشكلٍ أكثرَ فاعليةً، وفي إطار اتساق العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، كان هناك زيارة لوزير الخارجية الأمريكية “بلينكن” للعاصمة لواندا، في ٢٥ يناير ٢٠٢٤، وأجرى محادثات، وصفها بالـ “مهمة والمثمرة” مع الرئيس الأنجولي، وفي مؤتمرٍ صحفيٍّ، تمَّ انعقادُهُ مع نظيره الأنجولي “أنطونيو تيتيي” تحدَّث عن التحديات التي تواجه القارة الأفريقية، قائلًا: “سنواصل الاعتماد على شركاء مثل أنجولا لمعالجة التراجع الديمقراطي في المنطقة ومعالجة التراجع الديمقراطي في المنطقة ومتابعة التزاماتهم بشأن المجتمع المدني والانتخابات الحرة النزيهة وغيرها من ركائز الديمقراطية في بلادنا”، فالعلاقات الأنجولية الأمريكية تتسم بقدْرٍ عالٍ من التوافُق على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي والأمني.[7]
من الملاحظ أن
أنجولا في سعيها إلى توطيد وتطوير علاقاتها مع القوى الدولية الكُبْرى، لم تلتفت إلى مدى توافُق القوى الدولية فيما بينهم، فهي نجحت في تعزيز مصالحها وتحقيق أكبر قدْرٍ من الاستفادة، من خلال التعاون والشراكات في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، إضافةً إلى ما يخُصُّ الطاقة، ولكن من المعروف أن العلاقات «الصينية – الأمريكية» على قدْرٍ كبيرٍ من التوتُّر والاضطراب؛ فمسألة صعود الصين تمسُّ الوجود الأمريكي؛ لذلك ليس من المرجح أن تظلَّ العلاقات الأنجولية مستقرةً مع كلا الطرفيْن؛ فإن آجلًا أو عاجلًا، ستضطر أنجولا لأن تكون حليفًا لواحدةٍ فقط من الدولتيْن، ومن المحتمل ألا تصمُد في حياتها لفترة طويلة.
ختامًا:
تستخدم أنجولا مختلف الأدوات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية، وفي بعض الأحيان العسكرية؛ لتحقيق أهدافها في لعب دورٍ قياديٍّ في القارة الأفريقية؛ حيث إنها تعمل على الانخراط في التحالفات السياسية والاقتصادية، وتسعى إلى تحقيق توازن في القوى الإقليمية، إضافةً إلى رغبتها في لعب دورٍ مؤثرٍ وفعَّالٍ في القضايا الحيوية بالمنطقة، إلى جانب ذلك، تسعى إلى تحسين بِنْيَتِها التحتيّة لجذْب الاستثمارات الأجنبية، عن طريق تفعيل الشراكات الإستراتيجية مع القوى الدولية الكُبْرى؛ ما يُشير إلى سعيها وراء تحقيق مصالحها الوطنية والقومية على المدى الطويل.
[2] طه عبد الناصر رمضان، خسرت آلافاً.. لماذا أرسلت كوبا جيشها نحو أنجولا القرن الماضي؟، العربية الحدث، ٣ اغسطس ٢٠٢٣ https://shorturl.at/7gHTm، ٢٤ اغسطس ٢٠٢٤.
ابرير حسام و قدور محمد، الحرب الاهلية في أنجولا حرب أهلية أم حرب بالوكالة في إطار صراع الحرب الباردة (١٩٧٥ – ١٩٩١)، دراسات في العلوم الانسانية والاجتماعية، العدد ٢، ٢٠٢٢، ص ٢٣٧:٢٥٠.
[3] فايزة قارح و محمد شعبان، تذكرة عودة إلى أنجولا، فرانس ٢٤، ٩ مايو ٢٠٢٢، https://rb.gy/xqo4ha ، ٢٤ اغسطس ٢٠٢٤.
[4] د. نعمة نجيب، دور أنجولا كصانع سلام في محيطها الإقليمي: الدوافع والتقييم، قراءات أفريقية، ١٤ اغسطس ٢٠٢٤، https://rb.gy/2pmhgq ، ٢٤ اغسطس ٢٠٢٤.
[5] أنجولا ترسل قوات للمساعدة على تأمين شرقي الكونغو الديمقراطية، Africa defense forum ، ٤ إبريل ٢٠٢٣، https://rb.gy/8h6n40 ، ٢٤ اغسطس ٢٠٢٤.
رئيسا أنجولا والكونغو الديمقراطية يلتقيان في لواندا لبحث الوضع في الشرق الكونغولي، بوابة أخبار اليوم، ٢٨ فبراير ٢٠٢٤، https://rb.gy/x4qwl7 ، ٢٤ اغسطس ٢٠٢٤.
بعد حرب دامت عشرات السنين.. أنجولا تغدو نبراساً للسلام، Africa defense forum ، ٥ ديسمبر ٢٠٢٤، https://rb.gy/x4qwl7 ، ٢٤ اغسطس ٢٠٢٤.
