في 18 مارس الجاري، استهدف مسلحون من حركة الشباب الصومالية موكب الرئيس حسن شيخ محمود في هجوم بالقنابل أثناء مروره بالعاصمة مقديشو، وقد أدانت العديد من الدول هذا الهجوم على الصعيدين الدولي والإقليمي، ورغم أن الحركة اعتادت على شن هجمات في إطار حملتها المستمرة منذ عقود للإطاحة بالحكومة الصومالية، فإن هذا الهجوم يُعد الأول الذي يستهدف الرئيس محمود بشكل مباشر منذ عام 2014، عندما تعرض فندق كان يتحدث فيه خلال فترة ولايته الأولى إلى قصف من قبل الحركة.
السياق الراهن لمحاولة الاغتيال:
لقد جاء الهجوم في الوقت الذي تكثف فيه الحكومة جهودها لإحباط هجوم متسارع للحركة في منطقي شبيلي الوسطى والسفلى، الواقعتين على أطراف العاصمة مقديشو، ففي 14 مارس الجاري أعلنت وكالة المخابرات والأمن الوطني الصومالية عن مقتل 41 عنصرًا من الحركة في غارتين جويتين استهدفتا الإقليمين، وأوضحت الوكالة في بيان أن 29 من المقاتلين قتلوا في غارة استهدفت تجمعًا لهم في منطقة “بوس-هريري” في شبيلي الوسطى، بينما استهدفت غارة أخرى موقعًا للحركة في منطقة جمبلول بشبيلي السفلى، وأسفرت عن مقتل 12 مقاتلًا.
وأضافت الوكالة أن هذه العمليات جزء من الجهود المستمرة لتقليص قدرات حركة الشباب معتبرةً الغارات الجوية ضربة قوية للجماعة المتطرفة، وتأتي هذه الغارات في وقت يشهد تصاعدًا للنشاط العسكري في إقليمي شبيلي الوسطى والسفلى بالإضافة إلى إقليم هيران، إثر تزايد هجمات الحركة على قواعد الجيش الصومالي[1]، وخلال محاولة الاغتيال كان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في طريقه إلى الجبهات القتالية في أقاليم شبيلي الوسطى والسفلى وهيران لمتابعة العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش بالتعاون مع السكان المحليين ضد مقاتلي الحركة[2].
محاولة الاغتيال ونتائجها:
صرحت وزارة الخارجية الصومالية في بيان لها إنه في حوالي الساعة 10:32 صباحًا من يوم 18 مارس، استهدف انفجار موكب الرئيس حسن شيخ محمود في تقاطع عيل جابتا بالقرب من القصر الرئاسي في حي حمر ججب وسط العاصمة مقديشو، وبحسب الشرطة كان الانفجار ناجمًا عن لغم أرضي مزروع على جانب الطريق انفجر لحظة مرور الموكب، وأشارت الشرطة إلى أنها فرضت طوقًا أمنيًا في محيط الموقع للبحث عن المتورطين في هذه العملية الإرهابية.
ووفقًا لوزارة الإعلام الصومالية تم إحباط الانفجار ولكن الحادث أسفر عن مقتل العديد من المدنيين الأبرياء بينما واصل الرئيس محمود رحلته إلى الخطوط الأمامية سالماً، ولم تعلن الوزارة عن حصيلة دقيقة للقتلى ولكن التقارير تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص بينهم سبعة من الحرس الرئاسي كانوا ضمن موكبه بالإضافة إلى إصابة آخرين، كما أسفر الانفجار عن أضرار جسيمة بمبنى على جانب الطريق وتسبب في تلف إحدى المركبات المصفحة التابعة للموكب[3].
وأعلنت الرئاسة الصومالية في بيان أن الرئيس الصومالي قد وصل إلى مدينة آدن يبال في محافظة شبيلي الوسطى (جنوب شرق الصومال)، في إطار جهوده لدعم العمليات العسكرية المستمرة ضد ميليشيات حركة الشباب الإرهابية، ومن المقرر أن يتوجه الرئيس لاحقًا إلى مدينة موقو كوري في إقليم هيران (وسط الصومال)، حيث سيعقد اجتماعًا مع ضباط الجيش وقادة القوات المحلية “معويسلي” لمناقشة تقدم العمليات العسكرية وتعزيز التنسيق بين الوحدات القتالية المختلفة[4].
تبني حركة الشباب لمحاولة الاغتيال:
أعلنت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف موكب الرئيس الصومال أثناء توجهه إلى مطار مقديشو الدولي، وصرحت الحركة في بيان نشرته على قناة تيليغرام الخاصة بها: “استهدف مقاتلونا موكبًا يقل حسن شيخ محمود أثناء مغادرته القصر الرئاسي متجهًا إلى المطار”، والجدير بالذكر أنه رغم طرد الحركة من المدن الكبرى في الفترة بين 2011 و2012، إلا أنها لا تزال نشطة في المناطق الريفية الواسعة في وسط وجنوب الصومال، حيث تشن هجمات على الأهداف الأمنية والسياسية والمدنية.
وتمثل الحركة المتشددة أكبر تهديد أمني للصومال، الذي ما زال يسعى للاستقرار بعد حرب دامت نحو ربع قرن، وقد تأسست في أوائل 2004 كذراع عسكرية لاتحاد المحاكم الإسلامية، الذي انهزم أمام القوات الحكومية الصومالية المؤقتة قبل أن تنشق عن المحاكم وتنضم إلى تحالف المعارضة الصومالية، وتصنف العديد من الدول والمنظمات الدولية حركة الشباب كجماعة إرهابية وتفرض عليها عقوبات دولية في إطار جهود مكافحة أنشطتها[5].
ردود الفعل الدولية والإقليمية حول محاولة الاغتيال:
الأمم المتحدة: أدان أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الهجوم الذي استهدف موكب الرئيس الصومالي وأسفر عن سقوط ضحايا، معبراً عن تعازيه لأسر الضحايا وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين، وأكد غوتيريش في بيان له تضامن الأمم المتحدة الكامل مع الشعب والحكومة الصومالية في مواجهتهما للإرهاب، ودعمهما في جهودهما الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في البلاد[6].
الجامعة العربية: أدانت جامعة الدول العربية بشدة الاعتداء الذي استهدف موكب الرئيس الصومالي والذي نفذته حركة الشباب المسلحة في العاصمة مقديشو، وأكدت الجامعة في بيان لها دعمها الكامل وتضامنها مع الصومال في تصديه للإرهاب وكل أشكال التطرف، داعية إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل القضاء على الإرهاب من جذوره وتفكيك مصادر تمويله[7].
مصر: أدانت مصر بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف موكب الرئيس الصومالي مؤكدة رفضها التام لكافة أشكال العنف والإرهاب التي تهدد أمن واستقرار الصومال، وأعربت وزارة الخارجية المصرية عن تضامنها الكامل مع الحكومة والشعب الصومالي في مواجهة الإرهاب، مشددة على أهمية تكثيف الجهود الدولية لدعم استقرار البلاد، وجددت موقفها الثابت في رفض أي محاولات لعرقلة مسار التنمية في الصومال[8].
المملكة العربية السعودية: أدانت المملكة العربية السعودية الهجوم وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها تضامن المملكة الكامل مع جمهورية الصومال الفيدرالية وشعبها ضد كل ما يهدد أمنها واستقرارها، مشددة على موقفها الثابت في رفض كافة أشكال العنف والإرهاب والتطرف[9].
الإمارات العربية المتحدة: أدانت الإمارات العربية المتحدة بأشد العبارات محاولة الاغتيال الإرهابية التي استهدفت الرئيس حسن شيخ محمود، وأسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من الأبرياء، وأكد الشيخ شخبوط نهيان آل نهيان، وزير الدولة، أن الإمارات ترفض تمامًا جميع أشكال العنف والإرهاب التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، مشددًا على أن هذه الأعمال تتناقض مع المبادئ والقيم الدولية، كما أعرب عن تعازي دولة الإمارات العميقة لحكومة وشعب الصومال ولأسر ضحايا الهجوم الإرهابي، متمنيًا الشفاء العاجل لجميع المصابين[10].
قطر: أدانت دولة قطر بشدة الهجوم والذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، وأعربت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها عن إدانتها واستنكارها الشديدين لهذا التفجير، مؤكدة موقفها الثابت في رفض العنف والإرهاب بكافة أشكاله، كما عبرت قطر عن تعازيها لأسر الضحايا ولحكومة وشعب الصومال[11].
الكويت: أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لمحاولة اغتيال الرئيس الصومالي التي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا، وجددت الوزارة في بيان لها موقف الكويت الثابت في رفض جميع أشكال العنف والإرهاب، مؤكدة تضامنها الكامل مع جمهورية الصومال الفيدرالية في كل ما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها واستقرارها، كما تقدمت بأحر التعازي لحكومة وشعب الصومال معربة عن تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين[12].
المملكة الأردنية الهاشمية: أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية بشدة محاولة اغتيال الرئيس الصومالي في مقديشو، وأكد المتحدث باسم الوزارة، سفيان القضاة، رفض الأردن القاطع لجميع أشكال العنف السياسي لا سيما تلك التي تستهدف الشخصيات العامة والسياسية، كما أعرب عن تضامن الأردن الكامل مع الصومال ومع الرئيس محمود وعائلته في أعقاب هذا الحادث المؤسف[13].
أوكرانيا:أدانت أوكرانيا بشدة محاولة اغتيال الرئيس الصومالي من قبل حركة الشباب في مقديشو، وأكدت دعمها الكامل لجهود الحكومة الصومالية في تعزيز السلام والأمن والمصالحة داخل جمهورية الصومال الفيدرالية[14].
بريطانيا: أدانت السفارة البريطانية في مقديشو الهجوم وقدمت تعازيها للضحايا مؤكدة على موقف المملكة المتحدة الثابت في دعم الحكومة الصومالية في محاربتها للتطرف العنيف، وأشارت السفارة في بيان لها إلى أن المملكة المتحدة ستظل شريكًا ثابتًا للحكومة الصومالية في جهودها لمكافحة الإرهاب.
وفي الختام:
تشكل محاولة اغتيال الرئيس الصومال تحديًا كبيرًا للأمن في البلاد، ويظل التحدي الأكبر أمام الحكومة الصومالية هو القضاء على خطر “حركة الشباب” الإرهابية، وبفضل الوحدة الوطنية والتعاون الوثيق مع الشركاء الدوليين، تواصل جمهورية الصومال الفيدرالية جهودها الحثيثة نحو استعادة السلام والاستقرار، مستفيدة من العمليات العسكرية الناجحة والغارات الجوية التي أسفرت عن تدمير مراكز الجماعات الإرهابية وقتل العديد من عناصرها، مما يعزز آمال الشعب الصومالي في مستقبل أكثر أمنًا وازدهارًا.
المصادر:
[1] المخابرات الصومالية تعلن مصرع 41 من عناصر حركة الشباب في غارتين جويتين، الصومال الجديد، 15/03/2025.
[14] Comment of the MFA of Ukraine on the attempted assassination of President of Somalia Hassan Sheikh Mohamud, Ministry of Foreign Affairs of Ukraine, 18 March 2025.
