إعداد: مروة سماحة
المقدمة:
بات شبح العودة القسرية إلى دمشق تحت مسمى “طوعي” يلاحق اللاجئين السوريين، ولا سيما بعدما طوت دمشق صفحة عزلتها عربيًّا، بعودة النظام السوري إلى أحضان جامعة الدول العربية، والسماح من جديد لوفوده بالمشاركة في كافة أنشطة الجامعة ككيان لا يتجزأ منها، ويأتي ذلك بعد غياب دام اثني عشر عامًا؛ على خلفية الحرب الأهلية التي شهدتها سوريا، وهذا من شأنه يُعدُّ اعترافًا لا مثيل له بانتصار “بشار” في الحرب ضد خصومه وتعزيزه إقليميًّا.
وبالرغم من أن قضية عودة اللاجئين والنازحين لم تحسم بعد، فقد تعهَّد “الأسد” في خضم مشاورات عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بتنظيم عمليات عودة طوعية آمنة للاجئين، كما شدَّد وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إبان المؤتمر الصحفي الختامي للقمة العربية على مساعي الرياض والدول العربية، بعودة اللاجئين السوريين، وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الغربية لتحقيق ذلك، كما أكَّد دعم السعودية لدمشق اقتصاديًّا؛ حتى تكون مهيأة لاستقبال اللاجئين، وفي ذلك الصدد، سيتم البتُّ في موقف القانون الدولي من مسألة العودة القسرية للاجئين، بجانب موقف البلاد المستضيفة من موضوع اللاجئين، ولا سيما البلدان الحدودية ( لبنان، الأردن، تركيا).
أولًا: مبدأ عدم الإعادة القسرية وفقًا لآليات القانون الدولي
بادئ ذي بدء، هناك عدة ملابسات في التعريف بين كُلٍّ من “المهاجر، واللاجئ، والنازح” التي يستوجب إيضاحها، وفي ذلك الإطار؛ فاللاجئ يتم تعريفه وفقًا لاتفاقية1951، على أنه شخصٌ فارٌّ من الصراع المسلح أو الاضطهاد، وغالبًا ما يكون وضعه يحتمل الخطورة، ويعيش في ظروف صعبه تدفعه إلى عبور حدود وطنه؛ بحثًا عن الأمان في الدول المجاورة وبالتالي يتم الاعتراف بهم من الناحية الدولية كلاجئ، ويحصل على المساعدة من الدول ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والسبب في تسميته لاجئًا يرجع إلى خطورة التواجد في وطنه، واحتياجه إلى ملاذٍ آمنٍ خارج حدود بلده، ومن أهم المبادئ المنصوص عليها وفقًا للقانون الدولي هو عدم الأحقية في طرد اللاجئ، أو إعادته إلى أوضاع تهدد حياته وحريته، سواء كان صراعًا مسلحًا أو اضطهادًا.
بالنسبة للمهاجر؛ فيمكن تعريفه: على أنه الشخص الذي يختار بمحض إرادته الانتقال من بلده، ليس بدافع الخطر أو التهديد المباشر بالموت؛ ولكن بهدف تحسين جودة الحياة أو التعليم، كما لا يواجه أيَّ عوائق في العودة إلى بلاده، على عكس ما يواجه اللاجئ، كذلك تتعامل معه الدولة بموجب قوانينها المرتبطة بالهجرة، أما اللاجئ؛ فتتعامل معه بموجب قواعد حماية اللاجئين المحددة في التشريعات الوطنية وكذلك القانون الدولي.
ويتم تعريف الأخير ” النازح” باعتباره: الشخص الذي يُغيِّر مكان إقامته لمكان آخر داخل بلده أو خارجها؛ بسبب حدوث النزاعات المسلحة وانتهاكات حقوق الإنسان، ناهيك عن الكوارث الطبيعية، ولكن لا يعْبُر الحدود الخارجية لبلده طلبًا للجوء، ولكن ظلَّ مهاجرًا داخل دولته؛ لذا لا يتم معاملة النازح معاملة اللاجئ، بالرغم من تشابه أسباب الانتقال، وينظر إليهم القانون على أنهم في حماية حكومتهم، وإن كانت السبب الأساسي لفرارهم.
وفي ظلِّ تأزُّم اللاجئين السوريين من احتماليه العودة القسرية إلى دمشق، تجدر الإشارة أنه وفقًا للقانون الدولي، يحظر مبدأ عدم الإعادة القسرية، نقْل شخص من سلطة إلى سلطة أخرى، عندما تكون هناك أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص سيواجه خطر التعرُّض لانتهاك بعض حقوقه الأساسية، وهذا المبدأ معترف به، خاصة عندما يكون هناك احتمال لوقوع خطر التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، أو الحرمان التعسُّفي من الحياة، أو الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتساب إلى فئة اجتماعية معينة أو اعتناق رأي سياسي، وإن كان يشمل عددًا من الأسباب الأخرى التي تحدد حسب المعاهدات التي صدَّقت عليها الدول المعنيّة.
ومبدأ عدم الإعادة القسرية منصوص عليه صراحة في أحكام القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي للاجئين، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وإن ورد بنطاقات مختلفة وشروط مختلفة للتطبيق في كل فرعٍ من فروع القانون، وترى اللجنة الدولية، أن جوهر مبدأ عدم الإعادة القسرية قد اكتسب أيضًا صفة أحكام القانون الدولي العرفي، وبالتالي فيحظر مبدأ عدم الإعادة القسرية نقل الأفراد، بغض النظر عما إذا كان خطر انتهاكات الحقوق الأساسية مصدره دولة أو جهات فاعلة غير حكومية، فإذا كانت الجهات الفاعلة غير الحكومية هي مصدر ذلك الخطر، فيجب إثبات أن السلطات في دولة العودة غير قادرة على حماية الشخص
الأسباب الموجبة لمنع الترحيل في إطار مبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب قانون اللاجئين، تحظر الاتفاقية الخاصة، بوضع اللاجئين لعام 1951 (اتفاقية اللاجئين لعام 1951) وبروتوكولها لعام 1967، إعادة اللاجئين وملتمسي اللجوء إلى أقاليم تكون حياتهم أو حريتهم مهددتيْن فيها؛ بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم أو انتمائهم إلى فئة اجتماعية معينة، أو بسبب آراءهم السياسية (أي تعرضهم لحالة اضطهاد)، وتوجد معايير مماثلة في صكوك إقليمية مُلْزِمة أو غير مُلْزِمة، بعضها له نطاق أوسع، ويشير إلى مخاطر ناجمة عن أحداث تتسبب في حدوث إخلال خطير بالنظام العام، وتشمل النزاعات المسلحة، وينطبق هذ الحظر على اللاجئين أو ملتمسي اللجوء، بغض النظر عن الاعتراف الرسمي بوضعهم القانوني من عدمه، وبموجب قانون اللاجئين، يخضع مبدأ عدم الإعادة القسرية لاستثناء، عندما يشكل لاجئ معين خطرًا على أمن البلد الذي يوجد فيه، أو إذا سبقت إدانته بارتكاب جرم استثنائي الخطورة، ومع ذلك، ومن أجل تقييد القاعدة العامة، يجب أن يُفسر هذا الاستثناء بالمعنى الضيِّق، وبالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس قانون اللاجئين، لا يسمح مبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بأيِّ استثناء أو انتقاص، ويُمنح لكل فرد بغض النظر عن وضعه القانوني، وهذا يعني أنه حتى إذا كان من الممكن إعادة شخص وفقًا لقانون اللاجئين، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان قد يحظر هذا النقل، وتحظر الإعادة القسرية بموجب قانون حقوق الإنسان؛ استنادًا إلى عددٍ من الأسباب،
كذلك تُوجد أقوى أشكال الحماية في حالات التعرُّض لخطر التعذيب، منصوص عليها صراحةً في اتفاقية مناهضة التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والحرمان التعسُّفي، واعتبرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أن مبدأ عدم الإعادة القسرية عنصر أساسي للحماية من التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو الحرمان التعسُّفي من الحياة، حتى لو لم يَرِدْ ذكره صراحةً في الاتفاقية ذات الصلة، وشدَّدت لجنة الأمم المتحدة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، على أن المبدأ قد اكتسب صفة القواعد العرفية، بالنظر إلى هذه الأسباب، وبالإضافة إلى ذلك، توسع العديد من الصكوك الدولية والإقليمية والمحاكم الإقليمية وهيئات المعاهدات نطاق حظر الإعادة؛ ليشمل أسبابًا أخرى، منها “خطر الاختفاء القسري، أو عقوبة الإعدام، أو المحاكمة أمام محكمة خاصة أو مخصصة، أو الحرمان الصارخ من العدالة، أو تجنيد القصر ومشاركتهم في الأعمال العدائية”، كما قرَّرت بعض المحاكم الإقليمية، أن المرض الخطير يمكن أن يؤدي إلى حظْر إعادة الشخص في ظروف استثنائية، إذا كان من شأن الإعادة أن تؤدي إلى انهيار خطيرٍ وسريعٍ ولا رجعة فيه في حالته الصحية؛ ما يُفضي إلى معاناةٍ شديدةٍ، أو إلى انخفاضٍ كبيرٍ في العمر المتوقع، ونتيجةً لذلك، تدرك اللجنة الدولية، أن انطباق أو عدم انطباق بعض من الأسباب المذكورة أعلاه، إنما يتوقف على تصديق الدول المعنيّة على المعاهدات ذات الصلة.
ويحتوي القانون الدولي الإنساني على محظورات قوية، بشأن عمليات نقل المحتجزين أو الأشخاص المشمولين بالحماية، التي تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية في أوقات النزاع المسلح الدولي، وترى اللجنة الدولية، أن أشكال الحماية الأساسية في النزاعات المسلحة غير الدولية المنصوص عليها في المادة “3” المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع، يجب أن تفهم على أنها تمنع أطراف النزاع من نقل الأشخاص الخاضعين لسلطتها إلى سلطة أخرى، عندما يقع هؤلاء الأشخاص في خطر التعرُّض لانتهاك تلك الحقوق الأساسية عند النقل، ولا ينطبق مبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي الإنساني، إلا في حالات النزاع المسلح، وعلى الرغم من أن مبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي الإنساني قد يكون ذا صلةٍ أيضًا، في حالات معينة، في سياق الهجرة، فإنه لن يخضع لمزيد من المناقشة في هذه المذكرة التي تُركِّز في المقام الأول على القانون الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ويشمل مبدأ عدم الإعادة القسرية أيضًا الحظْر المفروض على نقْل شخصٍ إلى سلطة، حيثما يكون هناك خطر قيام السلطة المستقبلة بنقْل الشخص إلى سلطة أخرى، بالمخالفة لمبدأ عدم الإعادة.
ثانيًا: إحصائيات اللجوء والنزوح في سوريا
تُعدُّ سوريا أكبر بلد مُصدِّر للاجئين حول العالم؛ إذ يتجاوز عدد اللاجئين السوريين الـ6 ملايين لاجئ، وفقًا لإحصائيات “منظمة الهجرة الدولية” في تقريرها عن الهجرة الدولية لعام 2020، الذي أصدرته في 27 من تشرين الثاني 2019، كما يُوجد في سوريا أعلى عدد من النازحين داخليًّا، وفقًا للتقرير ذاته؛ إذ بلغ 3 مليون نازح.
ووصل عدد النازحين نتيجة الحملات العسكرية الـ5، التي شنَّها النظام وروسيا على منطقة خفْض التصعيد في شمال غربي سوريا، منذ اتفاق “سوتشي”، الموقّع في روسيا، بشهر سبتمبر من عام 2018 حتى 31من يناير الماضي، إلى مليون و695 ألفًا و500 نازح، وقُتل 1992 شخصًا، بينهم 549 طفلًا؛ جرَّاء الحملات، حسب بيان فريق مُنسِّقِي استجابة سوريا، الصادر في 31 من يناير.
ثالثًا: جرم الإعادة والترحيل القسري في الدول الحدودية لسوريا
بالنسبة للبنان، فيجدر القول: إن الحكومة اللبنانية تنتهك بشدة مبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين السوريين؛ فتقوم باعتقال المُهجَّرين السوريين وإعادتهم، بل بتسليمهم لنظام الحكم في سوريا؛ فيُعدُّ الاعتقال التعسفي في لبنان من أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون؛ حيث سجلت منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نحو 139 حالة اعتقال تعسُّفي خلال العام 2021؛ أما بالنسبة لعام 2020، فقد وثّقت 25 حالة اعتقال تعسُّفي، 19 حالة اعتقال تعسُّفي فردية، و6 حالات جماعية، ويمكن إيعاز العدد المنخفض في العام 2020 إلى “جائحة كوفيد – 19” وما تبعها من إغلاقات وإجراءات الحجر الصحي، وكذلك سجلت المنظمة 262حالة اعتقال تعسُّفي، منذ بداية يناير 2022 حتى أكتوبر.
تورَّطت لبنان بالحرب على السوريين، وذلك بمشاركة “حزب الله”، أحد أعمدة الحكومة اللبنانية، فهذا الحزب شارك عسكريًّا بعمليات التدمير والقتل والتهجير للسوريين، كما قام باحتلال بعض المناطق لتنفيذ مشروع تغيير ديموغرافي على أساسٍ طائفيٍّ، كل هذا تمَّ بقبول أو على الأقل عدم رفض أو احتجاج من شركاء الحزب في الحكومة اللبنانية من باقي الأحزاب والطوائف؛ ما يعني أنّ لبنان تورَّطت كدولةٍ وليس فقط كأطراف، وهذه حقيقةٌ مُغْفَلَةٌ بالنسبة للواقع اللبناني، الذي يُحمِّلُ اللاجئين السوريين في لبنان، الذي بلغ عددهم وفقًا لشركة ستاتيستيكس ليبانون لعام 2023، زهاء مليونيْن و 43 ألف لاجئ، مسؤولية الانهيار الاقتصادي، واعتقالهم بهذا الشكل المهين، وتسليمهم للفرقة الرابعة التابعة لميليشيات “بشار الأسد” وهذه تُعدُّ جريمةً إنسانيةً لا يمكن السكوت عنها.
وفي 2023، أخذت الحكومة اللبنانية تمارس الترحيل القسري للسوريين، تحت مظلة “الترحيل الطوعي”، وذلك من خلال إجبار اللاجئين على ملْء استمارات، تؤكد رغبتهم في العودة لبلادهم.
بالنسبة لتركيا، يقدر عدد النازحين السوريين في شمالِ غربي سوريا بنحو مليون و800 ألف شخص، حسب منظمات دولية، ويعيش هؤلاء في مخيمات منتشرة بالمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية شمال غربي سوريا، على الحدود السورية التركية؛ أمَّا أعداد اللاجئين السوريين في تركيا، فتقدر حاليًّا بنحو 3 ملايين و500 ألف شخص، ويعيش هؤلاء اللاجئون في عشرات المدن التركية؛ حيث قامت الحكومة التركية منذ سنوات بتفكيك المخيمات ونقل اللاجئين إلى داخل المدن التركية؛ ففي إسطنبول وحدها يعيش نحو 550 ألف لاجئ، في حين يعيش أغلبُ اللاجئين في المدن الحدودية مع سوريا؛ ففي “غازي عنتاب، وهاتاي، وشانلي أورفا” يوجد نحو مليون و200 ألف لاجئ، ويعيش نحو رُبْع مليون لاجئ في كل من “أضنة، ومرسين”، وفي مدينة بورصة، يوجد نحو 200 ألف، كما يعيش في أزمير نحو 150 ألف لاجئ، في حين يتوزع مئات الآلاف من اللاجئين على مدنٍ عديدةٍ أُخرى، منها “قونيا، وكيليس، وأنقرة، وكهرمان، مرعش، وماردين، وقيصري، وديار بكر” وغيرها.
يُعدُّ ملف اللاجئين السوريين واحدًا من أهم الملفات التي طرحت على طاولة الانتخابات، والتي سعى الجميع لاستغلالها لكسب مزيدٍ من الأصوات، فبالنسبة لـ”كمال أوغلو”، زعيم المعارضة التركية منذ 2020، كان ملف اللاجئين يتصدر برنامجه الانتخابي، والذي كان ينشر خطاب الكراهية ضد السوريين، ويرى أن العودة القسرية هي الحل الأنسب للاجئين حتى تنتهي تركيا من ذلك الكابوس، ومن جهة “أردوغان”؛ فأكد على تهيئة الأوضاع للسوريين في سوريا، بشكلٍ يضمن لهم عودة “طوعية آمنة”؛ فـ”أردوغان” يرغب في إعادة قرابة مليون شخص إلى الشمال السوري، عبْر إنشاء خطٍّ يشبه منطقةً عازلة بها 250 ألف وحدة سكنية كحائط صدٍّ ضد الأطماع الكردية في إنشاء دولة، أو حتى ضد أيِّ هجمات إرهابية.
وبعد انتهاء الانتخابات بفوْز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بولايةٍ جديدةٍ، مدتها 5 سنوات، بات موضوع إعادة اللاجئين إلى أراضيهم أمرًا لا مفرَّ منه، وخاصة بعد إنهاء سوريا لعُزْلتها الإقليمية، وانضمامها مرةً أُخرى لجامعة الدول العربية، وأكَّد على مبدأ الإعادة الطوْعيّة للسوريين، الذين ينتابهم الفزع من مصيرهم المجهول، عند العودة لنظام “الأسد”.
بالنسبة للأردن، يتصاعد في الأردن خطاب المطالبة بعودة اللاجئين السوريين لبلدهم يومًا بعد آخر، ووفقًا لإحصاءات مفوضية اللاجئين، يبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن 675 ألف لاجئ، يُشكِّلون 88 % من مجموع اللاجئين في الأردن، وكان لتلك الظاهرة أثرٌ سلبيٌّ على أمن الأردن، ولا سيما بعد شيوع عدة قضايا تتعلق بالأمن القومي، كتهريب المخدرات.
وعقب انضمام سوريا إلى جامعة الدول العربية، جرى اجتماع عمان التشاوري حول سوريا، والتي استضافته الأردن في العاصمة عمان، بمشاركة وزراء خارجية كُلٍّ من “سوريا، والأردن، والسعودية، والعراق، ومصر”، بشأن التعاون بشأن اللاجئين ومكافحة تهريب المخدرات.
وقد اتفق المجتمعون على أن “العودة الطوعية والآمنة للاجئين (السوريين) إلى بلدهم هي أولويةٌ قُصْوى، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فورًا”، كما وافقت سوريا على العمل مع “الأردن، والعراق” للمساعدة في تحديد مصادر إنتاج المخدرات وتهريبها عبْر حدودها.
في الختام:
يمكن القول: إن السبب الغالب وراء الترحيب بسوريا مجددًا في جامعة الدول العربية بعد عُزْلةٍ دامت اثني عشر عامًا، يرجع إلى ملف عودة اللاجئين في المقام الأول؛ فتشهد العديد من الدول المستضيفة للاجئين السوريين؛ تهديدًا لأمنها القومي والاقتصادي، وفي ذلك الصدد، بات العديد من الدول المضيفة – ولا سيما البلدان الحدودية لسوريا ( لبنان، تركيا، الأردن)- تتبنَّى روايةً تكاد تكون مُضلِّلة، بأن سوريا آمنة، بشكلٍ أفرز إنتاج سياسات أدَّت إلى إلغاء صفة اللجوء، وضمانات الحماية للاجئين السوريين، على الرغم من وجود أدلةٍ وافرةٍ، تضمن عدم وجود عودة “طوعية كريمة آمنة”، كما تدَّعي الدول المستضيفة، وذلك على خلفية نظام “الأسد” ومصير المعارضة السورية المجهول، فضلًا عن عدم أهلية سوريا للسكن والعيش بشكلٍ آدميٍّ، كما يُعدُّ ذلك التوجُّه إخلاءً بمبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في القانون الدولي، الذي يضمن حق اللاجئ في عدم ترحيله، حال احتمال تعرُّضه لخطرٍ في بلده.