وقْف إطلاق النار في الكونغو الديمقراطية من أجل المساعدات الإنسانية خطوةٌ صغيرةٌ إلى الأمام – ما الذي يجب أن يحدث بعد ذلك من أجل السلام؟
توصَّلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى هُدْنَةٍ تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى أكثر من سبعة ملايين شخصٍ، وهم الذين يعانون من الصراع في الجزء الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ففي الآونة الأخيرة، أدَّى القتال بين القوات الحكومية ومتمردِّي حركة إم 23 إلى محاصرة ملايين الأشخاص في غوما، التي تُعدُّ المدينة الرئيسية في شرق البلاد، ولقد أدَّت النزاعات المسلحة وأشكال العنف الأخرى إلى زيادة أعداد اللاجئين الداخليين في البلاد، ونظرًا للظروف الإنسانية التي يواجهها النازحون والسكان المحليون تُعدُّ الهُدْنةُ تدخُّلًا مُرحَّبًا به للغاية، ولكن هناك تحديات تتعلق باستعداد الوكالات الإنسانية للاستفادة من الهُدْنة في وقتٍ قصيرٍ.
ويتطلب حلُّ الصراع في البلاد، البحْث عن حلولٍ طويلة الأجل؛ للأسباب الكامنة وراءه، مثل انعدام الأمن الناجِم عن العديد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك الجيش الكونغولي، والعديد من الجماعات المسلحة المحلية، والميليشيات المسلحة الأجنبية، هذا فْضلًا عن التمييز والاضطهاد ضد الجماعات العِرْقيّة وتدخُّل الدول الإقليمية في البلاد، كما يجب للجهود الأمريكية الحالية الرَّامية إلى إشراك جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، أن تسعى إلى الاعتراف بكيانات وجماعات مسلحة أُخرى؛ نظرًا لأن هذه الجماعات لها مطالب خاصَّة يجب وضْعُها في الاعتبار؛ حتى يعُمَّ الاستقرار في البلاد[1].
هل إجراء الانتخابات في جنوب السودان هو الأقلُّ شرًّا؟
من المقرر أن تُعْقَدَ الانتخابات في جنوب السودان، في 22 ديسمبر 2024م، وهي الانتخابات الأُولى، التي سوف تشهدها البلاد، مُنْذُ استقلالها، في عام 2011م، وذلك على الرَّغْم من اعتراض العديد من الجهات؛ إذ يزْعُمُ دعاةُ تأجيل الانتخابات، أن البيئة السياسية والأمنية في البلاد لا يُمْكِنُها دعْم انتخاباتٍ حُرَّةٍ ونزيهةٍ، وعلى الرَّغْم من دعوة بعض حلفاء جنوب السودان الدوليين – بما في ذلك الأمم المتحدة – إلى تأجيل التصويت، إلَّا أن هناك 70% من مواطني جنوب السودان الذين شَمِلَهم الاستطلاع، يرغبون في إجراء الانتخابات، وفي يوليو، أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات، عن عقْدها في 22 ديسمبر.
كما يعتقد أغلب المواطنين، أن الانتخابات قد تساعد في حلِّ العديد من المشاكل، مثل الفساد ونقْص الخدمات، وقد تُعْقَدُ الانتخابات على أساس توافُق الأطراف المشاركة في اتفاق السلام المُتجدِّد مع ضمانات إضافية مُستمدَّة من تجارب بعض الدول، مثل أوغندا، ويجب على رئاسة جنوب السودان والجمعية التشريعية الوطنية الانتقالية، اغتنام ما أحدثه اجتماع تومايني من زَخَم وإقرار الإصلاحات الضرورية، والتي يمكن تنفيذ بعضها بموارد محدودة[2].
أفريقيا لديها الكثير لتكسبه من مبادرة الحزام والطريق الأكثر احتواءً
اكتسبت مبادرة الحزام والطريق الصينية زخمًا في أفريقيا، مُنْذُ إطلاقها في عام 2013م؛ إذ شاركت بها 53 دولةً أفريقيةً، وفي عام 2023م، تلقَّت تلك الدول حوالي 21.7 مليار دولارٍ أمريكيٍّ في صفقات مبادر الحزام والطريق، بما في ذلك الاستثمارات في الموانئ والسكك الحديدة والطاقة المتجددة، وتُعدُّ المبادرة بمثابة منصَّةٍ للصين؛ لاستعراض قوتها على الصعيد العالمي، بما يضمن لها الوصول إلى الموارد والأسواق على المدى الطويل، كما تُعدُّ المبادرة مصدرًا بديلًا لتمويل التنمية، لا سيما للدول الأفريقية الأكثر فقرًا، والجدير بالذكر، أن المبادرة شهدت نموًا ملحوظًا، وتشمل الآن حوالي 151 دولةً، تمتدُّ عبْر آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وتشمل طريق الحرير الرقمي وطريق الحرير الصحي، وفي إطار التحضير لمنتدى التعاون «الصيني – الأفريقي» الذي سيُعْقَدُ في سبتمبر، يجب على الدول الأفريقية الاستعداد للتعبير بوضوحٍ، عمَّا تريده من الصين[3].
إعادة ضبْط استجابة منطقة غرب أفريقيا الساحلية للتطرُّف العنيف
يمتدُّ التطرُّف العنيف في منطقة الساحل إلى الدول الساحلية في غرب أفريقيا، ولقد تسارعت وتيرة العنف في أعقاب الانقلابات العسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو؛ ما أدَّى إلى زعزعة استقرار منطقة الساحل؛ لذا تؤدي حكومات تلك الدول دوْرًا فعَّالًا في الاستجابة لهذا التهديد، من خلال تعزيز العلاقات مع المجتمعات المحلية في المناطق المُعرَّضة للخطر، وقد تُعزِّزُ تلك الدول قُدْرتها على الصمود في مواجهة هذا التهديد، من خلال الاستجابة متعددة الطبقات؛ بهدف توسيع نطاق الموارد والخبرات والاستفادة منها، وتؤكد التهديدات الأمنية المشتركة على الحاجة إلى تعزيز التنسيق الإقليمي، فمن خلال مبادرة أكرا، نجحت تلك الدول في تحسين تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون الأمني وتقاسُم الموارد[4].
المتظاهرون في نيجيريا يتجمَّعون قبْل أيامٍ من الموعد المُقرَّر للاحتجاجات المناهضة للحكومة
تجمَّع مئات المتظاهرين في وسط نيجيريا قبْل أيامٍ من المظاهرات الوطنية المُقرَّرة؛ احتجاجًا على التضخُّم والتحديات الاقتصادية، وذلك في بلدة سوليجا على بُعْدِ ثلاثين ميلًا من العاصمة الاتحادية “أبوجا”، ومع بدْء الاحتجاجات اندلعت احتجاجات مضادة في أجزاء من لاغوس؛ حيث تعاني البلاد من أزمة غلاء المعيشة وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ولقد أصبحت نيجيريا عاصمة سُوء التغذية في العالم؛ إذ يعاني فيها أكثر من 31.8 مليون طفلٍ، طبقًا لبيانات المنظمات غير الحكومية، ولكن زعمت السلطات، أن هدف الاحتجاجات هو زعزعة استقرار البلاد[5].
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في توفير الوصول الشامل للطاقة في أفريقيا
يعتبر الوصولُ الشاملُ إلى الطاقة في أفريقيا أمرًا بالغَ الأهمية؛ للحدِّ من الفقر وتعزيز الإنتاجية والقُدْرة على التصدِّي للتغيُّرات المناخية، كما أنَّه أمرٌ أساسيٌّ؛ لتحسين المستويات المعيشية وتعزيز النمو الاقتصادي، والجدير بالذكر، أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تيسير الوصول إلى الطاقة في أفريقيا بأسعارٍ معقولةٍ وعادلةٍ، من خلال تحسين الوصول العادل إلى الطاقة وتعزيز الابتكار وتحسين إنتاج واستهلاك الطاقة، وعلى الرَّغْم من استفادة أفريقيا من الذكاء الاصطناعي لتعزيز الوصول إلى التمويل من أجل الوصول الشامل إلى الطاقة، إلَّا أنها تواجه العديد من التحديات في الاستفاد الكاملة من فوائده وإمكانياته؛ إذ تفتقر العديد من المناطق إلى إمكانية الوصول الموثوق إلى الإنترنت، وهو عنصرٌ أساسيٌّ لأنظمة الذكاء الاصطناعي[6].
تشكيل تحالُف دول الساحل: هل يمكن أن يؤثر على الاقتصاد والجيوسياسية الإقليمية؟
وقَّعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو ميثاق «ليبتاكو – غورما»، في 16 سبتمبر 2023م؛ لتشكيل تحالُف دول الساحل، والذي يهدف إلى العمل كتحالفٍ إستراتيجي للتعاون بين أعضائه، وتعهَّد حكام الدول الثلاث، بدعْم بعضهم البعض ضد التهديدات الخارجية وتهديدات الأمن الداخلي، وسيتحدَّدُ نجاح هذا التحالف بناءً على مدى قُدْرة هذه الدول على صياغة أجندةٍ اقتصاديةٍ تفيد مواطنيها، ولا يُعدُّ مُجرَّد تطوُّرٍ إقليميٍّ، بل إن لديه القُدْرة على إعادة تشكيل المشْهد الجيوسياسي لغرب ووسط أفريقيا، كما أنه يمتلك إمكاناتٍ هائلةً ليصبح عامِلًا حاسِمًا في حسابات السياسة الخارجية لكُلٍّ من روسيا والصين تجاه أفريقيا[7].
مع تباعُد المواقف بين تحالف دول الساحل والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، فإن الحوارَ حول الأساسيات أمرٌ حيويٌّ
يتطلَّبُ الاستقرار في غرب أفريقيا، أن تتبنَّى المنظمتان “تحالف دول الساحل” و”المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا” نهْجًا عمليًّا، فعلى الصعيد الأمني؛ لن تتمكن منطقة الساحل والصحراء من التعامُل بفعالية مع الإرهاب بمفردها؛ إذ يجب أن يتمَّ توحيد الجهود بين منطقة الساحل والصحراء ودول الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا؛ لمواجهة هذا التهديد المتزايد، وبالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء قنواتٍ لتبادُل المعلومات الاستخباراتية والحفاظ عليها مع غانا وكوت ديفوار وبنين وتوغو، ويجب أن تعمل المنظمتان أيضًا على التخفيف من حِدَّة المخاطر الجيوسياسية التي تتعرَّضُ لها منطقة غرب أفريقيا، فيُعدُّ الحوار وتنسيق السياسات الأمنية والتنموية أمرًا حيويًّا؛ لحماية مصالحهما ومصالح شعوب المنطقة الذين تربطهم روابط التاريخ والثقافة[8].
هناك صحْوةٌ سياسيةٌ تحْدُثُ في منطقة جنوب الصحراء الكُبْرى في أفريقيا
تُطالب الشعوب في كُلِّ أنحاء أفريقيا بحوْكمةٍ أفضلَ؛ إذ أصبحت المظاهرات سِمَةً مشتركةً للمشهد السياسي في المنطقة؛ فهناك حوالي 14 محالة انقلابٍ عسكريٍّ، بين عامي 2020م و2023م، أسفرت 9 منها عن استيلاء عسكريٍّ في بعض الدول، مثل مالي وغينيا والسودان والنيجر والجابون وبوركينا فاسو، وتظلُّ احتمالية حدوث المزيد من الانقلابات العسكرية مرتفعةً، وتتمثل أهم أسباب التغيُّرات السياسية التي تجتاح أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في ارتفاع تكاليف المعيشة وتفاقُم انعدام الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الطاقة، ولكن يتضح من خلال الأوضاع في كينيا والانتخابات الأخيرة في السنغال، أن التغيير السياسي يمكن أن يؤدي أيضًا إلى نتائج أكثر إيجابية، مثل تعزيز الديمقراطية[9].
كينيا أكْبَرُ مُتلَّقٍ لتمويل البنك الأفريقي للتنمية في شرق أفريقيا
تتصدَّرُ كينيا منطقة شرق ووسط أفريقيا، باعتبارها المستفيدَ الأكبرَ من التمويل المُقدَّم من البنك الأفريقي للتنمية، خلال العقْد الماضي لتمويل مشاريع في مختلف القطاعات؛ إذ أظهرت بيانات المُقْرِض الأفريقي، أن بنك التنمية الأفريقي وافق على إجمالي 3.718 مليار دولار لكينيا، بين عامي 2013م و2023م؛ ما يجعل المُقْرِض الأفريقي شريكًا تنمويًّا متكاملًا لكينيا، ومن بين المشاريع الكُبْرى التي موَّلَها بنك التنمية الأفريقي في كينيا، مشروع طاقة الرياح في بحيرة توركانا، بقُدْرة 3000 ميغاواط، ومشروع الكهرباء الجاري تنفيذُهُ، ومشروع الطريق السريع الرابط بين «كينول – ساجانا – ماروا»[10].
