أدَّى تأجيل الانتخابات للمرة الرابعة في أقلّ من عقْدٍ إلى إثارة الشُّكُوك حول قُدْرة جنوب السودان على الوصول إلى الديمقراطية؛ حيث كان من المقرَّر إجراء الانتخابات في ديسمبر، على أن تنتهي الفترة الانتقالية في فبراير 2025م، ولكن في 18 سبتمبر، تمَّ إرجاء الانتخابات حتى ديسمبر 2026م، ومن المتوقع أن تستمر أحزاب الحكومة في الصراع حول ترتيبات تقاسُم السلطة بدلًا من السعي إلى الشرعية، من خلال صناديق الاقتراع، وعلى الرغم من أن المناوشات المحلية لم تقُد البلاد إلى حربٍ أهليةٍ إلا أن السلام يظلُّ نسبيًّا.
وفي السياق ذاته، اقترحت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان ستة إجراءات فورية، وهي: نشْر القوات الموحدة الضرورية ومواصلة تدريبها المشترك، وإطلاق التعليم المدني، والاستعداد لتسجيل الناخبين، وتعديل مشروع قانون خدمات الأمن الوطني لتوسيع الحيِّز المدني والسياسي، ووضْع مدونة سلوك للأحزاب السياسية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، وبالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى الوضوح بشأن تقاسُم المسؤولية عن الأمن خلال الانتخابات[1].
ستضع انتخابات غانا المقرَّر إجراؤها في ديسمبر 2024 قدرة الديمقراطية المزعومة في البلاد على الصمود على المحكِّ
بينما تقترب غانا التي تعتبر رمْزًا للديمقراطية في غرب أفريقيا من موعد الانتخابات في السابع من ديسمبر، فإنها تواجه اختبارًا انتخابيًّا قد يكون الأكثر صعوبةً في تاريخها، فمع البيئة الاقتصادية الصعبة وتراجع الثقة في المؤسسات وزيادة حِدَّة الاستقطاب، تتزايد المخاوف من أن تشهد الانتخابات فوضى وأزمات تؤثر على نتائجها، ونظرًا للتوترات المتصاعدة بين غانا والمجلس العسكري في بوركينا فاسو، فضلًا عن الصراعات الداخلية المتعددة التي يمكن استثمارها سياسيًّا، فإن أيَّ فشل انتخابي قد يؤدي إلى تقويض استقرار البلاد ويزيد من تفاقم الوضع الأمني الإقليمي، ونظرًا للمخاطر الكبيرة ينبغي على شركاء غانا الإقليميِّين والدوليِّين تكثيف جهودهم للتعاون مع القادة السياسيين في البلاد بالإضافة إلى مؤسسات الدولة والمجتمع المدني؛ لضمان نزاهة الانتخابات وموثوقية نتائجها[2].
الحكومة الجديدة في أرض الصومال مستعدة لقيادة التغيير: هذه هي أهدافها الثلاثة الكُبْرَى
تُشكِّلُ هذه الانتخابات نقطة تحوُّلٍ مهمةٍ لأرض الصومال ومنطقة القرن الأفريقي والسياسة الدولية، ويعكس فوْز وداني قدرة أرض الصومال على الحفاظ على ديمقراطيتها وإمكاناتها في مجال الحُكْم الرشيد والشامل، وكانت هذه الانتخابات هي الرابعة على التوالِي في أرض الصومال بنظام صوتٍ واحدٍ للشخص الواحد؛ ما يعكس نجاحًا مستمرًا، ورغم مرور بعض الوقت على الانتخابات إلا أنها أظهرت التزامًا قويًّا بالديمقراطية والانتقال السِّلْمي للسلطة.
وتمتلك حكومة وداني القدرة على إعادة تشكيل المشهد المحلي في أرض الصومال وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية، ويتعين عليها أن تضع الشمولية في مقدمة أولوياتها داخل البلاد مع معالجة التحديات الاقتصادية والأمنية، كما ستحتاج القيادة الجديدة إلى توسيع نفوذ هرجيسا الدبلوماسي، مع السعي لكسْب دعم الولايات المتحدة، وسينعكس النجاح في قدرة الحزب على التعامُل مع الديناميكيات السياسية المُعقَّدة والانقسامات داخل مجتمع أرض الصومال ومنطقة القرن الأفريقي[3].
أفريقيا مستعدةٌ للحصول على مقعدٍ في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
أكَّد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الوقت قد حان لإعطاء القارة الأفريقية تمثيلًا دائمًا في مجلس الأمن؛ حيث لا يمكن قبول أن الهيئة الأبرز للسلام والأمن في العالم تفتقر إلى صوتٍ دائمٍ لقارة يزيد عدد سكانها عن مليار نسمة، ولا يمكن أيضًا قبول أن وجهات نظر أفريقيا بشأن قضايا السلام والأمن لا يتم تقديرها بالشكل المطلوب، وتُعدُّ هذه خطوةً مهمةً نحْو منح القارة الأفريقية تمثيلاً يليق بها بعْد تاريخٍ طويلٍ من القمع والاستعمار؛ ما قد يساهم في تصحيح التوازُن غير العادل للنظام العالمي، ونظرًا أن أكثر من 50% من عمليات حفْظ السلام التابعة للأمم المتحدة تتمُّ في أفريقيا، وأن 40% من قوات حفظ السلام هم أفارقة، يجب أن يكون لأفريقيا تمثيلٌ قويٌّ على الطاولة يتيح لها التأثير الفِعْلي في اتخاذ القرارات[4].
رئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين: تمهيد الطريق للتمويل المستدام وإصلاح الديون في الحوْكمة العالمية
تسلط أزمة الديون المتزايدة في أفريقيا الضوء على الحاجة الملحة لإستراتيجيات ديونٍ مبتكرةٍ وشاملةٍ وطويلة الأجل، خاصَّةً في ظِلِّ الصدمات الاقتصادية وتداعيات تغيُّر المناخ والاستجابات العالمية غير الكافية، وفي هذا السياق، ينبغي لرئاسة جنوب أفريقيا المقبلة لمجموعة العشرين، أن تدعو إلى تبنِّي حلولٍ تُعزِّزُ قدرة الدول الأفريقية على الصمود المالي، فإن رئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين، إلى جانب المقعد الدائم الجديد للاتحاد الأفريقي، تقدم فرصةً إستراتيجية لدفْع قضايا الديون الأفريقية إلى صدارة أجندة المجموعة والدعوة إلى إصلاحاتٍ بنيويةٍ في النظام المالي العالمي، وقد أظهرت جنوب أفريقيا رغبتها القوية في العمل بالتضامن مع بقية الدول الأفريقية، مؤكدةً على ضرورة أن تكون هذه القضايا في أولويات أجندة مجموعة العشرين[5].
دونالد ترامب سيضع أمريكا في المرتبة الأولى: ماذا يعني ذلك بالنسبة لأفريقيا؟
من المتوقع أن تؤدي عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة في يناير 2025، إلى تغييرات كبيرة في الشؤون الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وبالنسبة لبعض المراقبين الأفارقة، هناك قلق من أن ترامب قد يُقلِّلُ من اهتمام الولايات المتحدة بالقارَّة، كما كان الحال خلال ولايته الأولى، فقد تكون فترة ترامب مزيجًا من الفُرَص والمخاوف بالنسبة لأفريقيا، وقد يكون النَّهْج المعاملاتي الذي يتبنَّاه ترامب في التعامُل مع القضايا الخارجية، وتفضيله للعلاقات الثنائية الانتقائية المبنيَّة على المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة، إيجابيًا بالنسبة للعلاقات مع بعض الدول الأفريقية في مجالات الاستثمار والتجارة، ولكن في الوقت نفسه، قد يكون لهذا النَّهْج تأثيرٌ سلبيٌّ على الديمقراطية والاستقرار والالتزام بحقوق الإنسان، وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر سلبًا على الهجرة الأفريقية إلى الولايات المتحدة[6].
لقد قام زعماء الانقلاب في الجابون بتغيير الدستور لترسيخ سلطتهم.. إنه اتجاهٌ متزايدٌ في غرب أفريقيا
بعد أكثر من عامٍ على الانقلاب العسكري، أجرى المواطنون في الجابون، استفتاءً وافقوا فيه على مُسَوَدَّة دستورٍ جديدٍ، الذي استهدف الحدَّ من الحُكْم الأُسَري عن طريق تحديد فترات الرئاسة ومنْع أفراد أسرة الرئيس الحالي من الترشُّح للمنصب، ولكن أحد الجوانب المثيرة للجدل في الدستور الجديد، هو أنه يسمح لزعيم الانقلاب الجنرال “بريس أوليجي أنجيما” بالترشُّح في الانتخابات الرئاسية العامة، التي ستجرى في أغسطس 2025، وبحلول انتخابات العام المقبل، سيكون زعماء الانقلاب قد بقوا في السلطة لأكثر من 700 يوم، إذا استمر الجدول الزمني الحالي، أمَّا إذا فاز الجنرال أوليجي، فمن المحتمل أن يطيل هذا الانتقال إلى أكثر من عقْدٍ من الزمان، خاصَّةً مع تمديد الدستور لفترة الرئاسة إلى سبْع سنوات[7].
الحكومات الأفريقية تُشكِّلُ مستقبل العلاقات “الصينية – الأفريقية”
أصبح منتدى التعاون “الصيني – الأفريقي” حدثًا دبلوماسيًّا بارزًا، ففي الفترة من 4 إلى 6 سبتمب، انعقد المنتدى التاسع للتعاون “الصيني – الأفريقي” في بكين، ليكون واحدًا من أكبر وأهم الفعاليات على الأجندة الدبلوماسية الصينية، واختتم هذا التجمُّع الذي جمع بين قادة الصين ورؤساء الدول والوفود من أكثر من خمسين دولةً أفريقيةً بخطة عمل، تضمَّنَتْ مجالات تعاون ومبادرات جديدة واتفاقات طويلة المدى، وسيستغرق الأمر عِدَّة أشهرٍ لتفسير وتحليل تداعيات خطة عمل بكين (2025-2027)، إلا أن هناك أربعة مجالات رئيسية تبرز نتائجها بوضوح، وهي: تحديث العلاقة السياسية الرسمية، والالتزامات المالية، وانتشار التكنولوجيات الخضراء والمنخفضة الكربون، إضافةً إلى زيادة التوافُق بين نتائج المنتدى وأولويات التنمية في الدول الأفريقية.[8]
هل تستطيع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إحياء جهودها في مكافحة الإرهاب؟
لقد عملت قِلَّة التمويل والانقسامات السياسية الحادَّة على إعاقة تنفيذ خطة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لمكافحة الإرهاب، ففي عام 2019م، اعتمد قادة دول غرب أفريقيا خطة عملٍ طموحةٍ للمدة من 2020 إلى 2024؛ بهدف القضاء على الإرهاب في منطقة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، ومع مرور أربع سنوات، لم يشهدْ الوضع تحسُّنًا ولا يزال المتطرفون العنيفون يُشكِّلُون تهديدًا للأمن والاستقرار؛ لذا ينبغي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن تدرس مراجعة الخطة؛ بحيث تُركِّزُ على دعْم الدول الأعضاء المتأثرة، مع اتباع نهْجٍ غير عسكريٍّ كما تمَّ تطبيقه في حوض بحيرة تشاد.
وقد يتطلب هذا دعْم عمليات نزْع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج التي تراعي الفوارق بين الجنسين، وتعتمد على المجتمع المحلي؛ ما قد يُحفِّزُ الانشقاق عن الجماعات الإرهابية، وتُعدُّ الدروس المستفادة من هذه العمليات في حوض بحيرة تشاد، نقطة انطلاق مهمة، وبذلك يُمكن للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن تركز جهودها على دعْم البلدان؛ بما في ذلك دول جنوب الصحراء الكبرى؛ لمواجهة العجز التنموي الذي يُعدُّ من بين الأسباب البنيوية الرئيسية وراء الإرهاب[9].
يجب على بنين أن تظلَّ متقدمةً بخطوةٍ واحدةٍ على المتطرفين العنيفين الذين يستخدمون العبوات الناسفة
يعتمد المتمردون في بنين بشكلٍ متزايدٍ على العبوات الناسفة المرتجلة لتعطيل حركة قوات الدفاع والأمن، وهو الأسلوب نفسه المتبع في الدولة المجاورة “توغو”، وتُعدُّ الهجمات باستخدام العبوات الناسفة البدائية من أكثر الأنواع فتْكًا، وتتطلَّبُ استجابات مَرِنَة تتناسب مع التكتيكات المتطورة للجماعات الإرهابية، فمنذ عام 2021م، شهدت منطقة شمال بنين زيادةً في الهجمات الإرهابية، ورغم انخفاض عدد الحوادث المرتبطة بالعبوات الناسفة هذا العام، إلَّا أن هذه الهجمات تظلُّ من بين الأكثر دمويةً في البلاد.
لذا من الضروري تبادُل المعلومات الاستخباراتية بين الجهات الوطنية والدول المتضررة، إضافةً إلى تنفيذ التوصيات التي صدرت عن اجتماع التنسيق السنوي للجان الوطنية المعنية بالأسلحة الصغيرة في جماعة غرب أفريقيا الاقتصادية في أكتوبر؛ ما قد يؤدي إلى تعزيز التعاون الإقليمي، ويجب أيضًا على الحكومة، تأسيس برنامجٍ لرعاية ضحايا الهجمات الإرهابية؛ بما في ذلك تلك التي تشمل العبوات الناسفة البدائية، وتُعدُّ هذه الجهود ضروريةً لتشجيع المدنيِّين على التعاون مع الدولة، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون مع قوات الأمن، خاصَّةً في ظِلِّ تزايُد الهجمات ضد المدنيِّين[10].
المصادر:
[1] Peter Fabricius, South Sudan’s ‘game of thrones’ continues, iss, 29 November 2024.
[6] Christopher Isike, Samuel Oyewole, Donald Trump will put America first: what does that mean for Africa?, The Conversation Africa, November 22, 2024.
[7] Jonathan Powell, Salah Ben Hammou, Gabon’s coup leaders have changed the constitution to entrench their power – it’s a growing trend in west Africa, November 29, 2024.
