الكونغو الديمقراطية ورواندا تُوقِّعَان اتفاق سلام بوساطة الولايات المتحدة: ما هي فرص نجاحه؟
في 27 يونيو 2025، وقَّعَت رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاقية سلام برعاية الولايات المتحدة؛ بهدف إنهاء عقودٍ من التوتُّر والصراع وتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي، ورغم الترحيب بهذا الاتفاق إلا أن فُرَص نجاحه تبدو محدودة؛ نظرًا لاستبعاد أطراف رئيسية، مثل “حركة إم23” من المفاوضات وضعْف آليات التنفيذ وتاريخ الاتفاقات الفاشلة بين الطرفين، وتسعى كل من كينشاسا وكيغالي لاستمالة إدارة ترامب وإبراز التزامهما بالتعاون في وقتْ تُبْدِي فيه واشنطن اهتمامًا بثروات الكونغو المعدنية، غير أن التحديات الأمنية وغياب الضمانات الفِعْلِيَّة واستمرار نشاط أكثر من 120 جماعةً متمردةً في شرق الكونغو، تُلْقِي بظلال من الشَّكِّ على مستقبل السلام والاستثمار في المنطقة.[1]
بعد عام من الاحتجاجات التي هزت كينيا، عاد الشباب الكينيون إلى الشوارع
في 25 يونيو 2025، شهدت كينيا موجة احتجاجات حاشدة في 27 من أصل 47 مقاطعةً، شارك فيها آلاف الشباب للتعبير عن غضبهم من تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع الضرائب والبطالة وانعدام المساءلة، وقُتِلَ 16 شخصًا معظمهم برصاص الشرطة وأُصيب أكثر من 400 آخرين، وسط اتهامات متزايدة لوحشية قوات الأمن، ورغم انطلاق الاحتجاجات بشكلٍ سلميٍّ إلا أنها تحوَّلت إلى أعمال عنف؛ ما دفع السلطات لفرض قيود على الإعلام سُرْعان ما أبطلتها المحكمة، وتعكس هذه الأحداث اتساع الفجوة بين الشباب والحكومة، وتؤكد الحاجة إلى إصلاحات عاجلة تشمل محاسبة المتورطين في الانتهاكات وتحفيز الاقتصاد؛ لتفادي مزيدٍ من التدهور في بلدٍ يمثل ركيزة استقرار في المنطقة.[2]
كيف ستؤثر الأزمة الإيرانية على أفريقيا؟
يشكِّلُ التصعيد بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة تهديدًا أمنيًّا وجيوسياسيًّا يتجاوز الشرق الأوسط ليصل إلى أفريقيا، التي قد تتحوَّلُ إلى مسرحٍ لصراعات بالوكالة وتنافس القوى العظمى، مثل “روسيا والصين والناتو”، وتواجه دول شمال وشرق أفريقيا مخاطر مباشرة من هجمات انتقامية وإرهاب وكلاء إيران، بينما يعاني الأمن في القارة من نقْص الموارد؛ بسبب تراجُع الاهتمام الغربي؛ مما يزيد من هشاشة دول الساحل ويهدد الاستقرار، كما تتفاقم التحديات الاقتصادية بفِعْل تقلُّبات أسعار النفط وارتفاع تكلفة خدمة الديون، إلى جانب تأثيرات سلبية محتملة على الأمن الغذائي والهجرة والتوتُّرات الطائفية، مع خطر انتشار نووي قد يضعف نفوذ أفريقيا في محادثات نزع السلاح.
وفي ظلِّ هذه التحديات تحتاج أفريقيا إلى تحرُّكٍ استراتيجيٍّ مُوَحد يُعزِّزُ القدرات الأمنية والتعاون الإقليمي، ويركز على دبلوماسية متماسكة تحمي مصالح القارة وتدعم النظام الدولي القائم على القواعد، كما يجب تعزيز المرونة الاقتصادية عبْر الحكمة المالية وتقليل الاعتماد على الدولار وتنمية الأسواق الإقليمية؛ لتجنُّب التهميش وتأمين مستقبل مستقر في عالم متقلِّب تتصاعد فيه المخاطر الأمنية والاقتصادية؛ فالأزمة الإيرانية رغم بعدها الجغرافي تُلْقِي بظلالها على أفريقيا؛ مما يستدعي استعدادًا فوريًّا لمواجهة تداعياتها[3].
السودان: المصالح الأجنبية تُعمِّقُ حربًا مدمرة – والدبلوماسية الإقليمية وحدها قادرة على إيقافها
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في أبريل 2023، دخل السودان في واحدةٍ من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ حيث قُتل أكثر من 150 ألف شخص ونزح أكثر من 14 مليونًا داخليًّا وفرَّ الملايين إلى دول مجاورة، وقد ساهم انخراط أطراف إقليمية ودولية بدوافع متضاربة في تعقيد الصراع وتحويله إلى ساحة لصراعات النفوذ بدلًا من الدَّفْع نحو حلٍّ سلميٍّ، ورغم تأكيد الاتحاد الأفريقي على مبدأ “حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية”، لا تزال الحاجة قائمة إلى دور أكثر فاعلية منه ومن شركائه الإقليميين والدوليين، كما يُنتقدُ المجتمع الدولي لغياب تحرُّكٍ حاسمٍ يوازي حجم الكارثة، ويظلُّ تحقيق السلام مرهونًا بتحرُّكٍ مُنسَّقٍ يركز على دعْم السودانيين في بناء مؤسسات ديمقراطية قادرة على تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.[4]
الصومال تعزز علاقاتها الدبلوماسية مع روسيا: تحوُّلٌ كبيرٌ في سياستها الخارجية
تتمتع منطقة القرن الأفريقي وخاصَّةً الصومال بأهمية جيوسياسية كبيرة؛ بفضل موقعها الاستراتيجي على أهمِّ الممرَّات البحرية في العالم وارتباطها بالتجارة الدولية، وقد جذبت هذه الأهمية اهتمام قوى إقليمية ودولية تتنافس على النفوذ العسكري والاقتصادي من بينها تركيا وقطر والإمارات والسعودية، إضافةً إلى قوى كبرى كـ”روسيا، والولايات المتحدة، والصين”، وتدير هذه الدول قواعد وموانئ حيوية في الصومال وجيبوتي وإريتريا؛ ما يعكس صراعًا جيوسياسيًّا يتجاوز مصالح التنمية أو الاستقرار.
وفي هذا السياق، تسعى روسيا لتعزيز حضورها في الصومال كجزء من توسُّعها في أفريقيا، من خلال التعاون الأمني والدبلوماسي وتوسيع نفوذها البحري في البحر الأحمر، وهو ما يُقْلِقُ الغرب وحلف الناتو، ومن جانبها؛ ترى مقديشو في موسكو شريكًا استراتيجيًّا بديلًا يوفر الدعم دون شروط سياسية صارمة، في وقتٍ تزداد فيه الانتقادات المحلية للتحالفات التقليدية مع الغرب، لكن هذا التحوُّل قد يعيد تشكيل التوازُن الأمني في شرق أفريقيا، ويُثير توتُّرات مع قوى دولية وإقليمية تخشى من تراجُع نفوذها أو تعطيل جهود مكافحة الإرهاب.[5]
التطرُّف العنيف يؤدي إلى تآكُل القدرة على التكيُّف مع المناخ المحلي في منطقة الساحل
تشهد منطقة الساحل الأفريقي تدهورًا متسارعًا في قدرتها على التكيُّف مع تغيُّر المناخ؛ بسبب تداخل الأزمات البيئية والأمنية، فبينما أدَّت الظواهر المناخية القاسية كالجفاف والفيضانات إلى زيادة التنافُس على الموارد الطبيعية، كانت المجتمعات الريفية تعتمد تقليديًّا على مؤسسات عُرْفِيَّة لحلِّ النزاعات؛ بفضل شرعيتها الأخلاقية وقربها من السكان، غير أن تصاعُد العُنْف الجهادي وضعْف استجابات الدولة العسكرية أدَّيا إلى إضعاف هذه المؤسسات وتآكُل التماسُك الاجتماعي خاصَّةً بعد استهداف القادة المحليين من قِبَلِ الجماعات المتطرفة، كما أن تدخُّلات الدولة في بعض الأحيان زادت التوُّترات؛ مما فاقم دوامات العُنْف وفقدان الثقة، ويبرز هذا الواقع الحاجة إلى نهْجٍ شاملٍ لتعزيز صمود المجتمعات، من خلال تقوية هياكل الحوْكمة المحلية وتمكين الآليات التقليدية ودعم الحوار المجتمعي، بما يتجاوز الحلول العسكرية نحو بناء استقرار طويل الأمد[6].
تركيا تعزز نفوذها في غرب أفريقيا – ما وراء سعيها إلى القوة الناعمة؟
تُعزِّزُ تركيا نفوذها في غرب أفريقيا، من خلال مزيج من القوة الناعمة والتوسُّع الاقتصادي والدبلوماسي، مقدمةً نفسها كبديلٍ عن القوى الغربية التقليدية، فإلى جانب استثماراتها في قطاعات الطاقة والبنية التحتية، تعتمد أنقرة على أدوات كالتعليم والثقافة والدِّين لتعميق حضورها؛ حيث لعبت المدارس التركية والمؤسسات الدينية دورًا محوريًّا منذ تسعينيات القرن الماضي، كما أصبح الطلاب الأفارقة الذين تلقوا تعليمهم في تركيا جسورًا تربط بين الطرفيْن، ويساهمون اليوم في توطيد العلاقات التجارية والاجتماعية، وتستفيد تركيا من تراجُع النفوذ الفرنسي والأزمات الأمنية لتعزيز حضورها العسكري والاقتصادي، مُرَوِّجَةً لنفسها كشريكٍ موثوقٍ يتمتع بمرونة وبدائل تنموية، ومع نموِّ التبادل التجاري ووصول تركيا إلى الأسواق والاتحادات الإقليمية، يبدو أن انخراطها في القارة سيتعزَّزُ مستقبلًا، خصوصًا في ظلِّ تحوُّلات القارة نحو شراكات جديدة وأكثر تنوُّعًا[7].
حدود الدبلوماسية الصينية في أفريقيا
تبرز تجربة الصين في النيجر المخاطر الكبيرة للاستثمار في بيئات يفتقر فيها الحُكْم إلى الشرعية الدستورية والحوْكمة الرشيدة، فرغم تبنِّي بكين لسياسة “عدم التدخُّل” وتعاملها مع أيِّ سلطة قائمة، فقد واجهت الاستثمارات الصينية، وعلى رأسها مشاريع النفط الكبرى التابعة لشركة البترول الوطنية الصينية تحديات متزايدة بعد انقلاب 2023، شملت طرْد موظفين وتعديل العقود بشكلٍ أُحاديٍّ وهجمات مسلحة على البُنَى التحتية الحيوية، كما تسبَّبت هذه العلاقة الوثيقة بالمجلس العسكري في الإضرار بسمعة الصين وتعريضها لخسائر مالية وسياسية، في ظلِّ تنامِي الاضطرابات الأمنية والتخلُّف عن سداد الديون، وتسلُّط هذه التجربة الضوء على أهمية الحوْكمة وسيادة القانون وشفافية المؤسسات كعوامل حاسمة؛ لضمان استدامة الاستثمارات؛ ما يجعل دعم معايير الحُكْم الرشيد خيارًا استراتيجيًّا وليس فقط أخلاقيًّا.
لا ينبغي لأفريقيا أن تُفوِّتَ فرصة الاستفادة من اتفاقية دعْم صْيد الأسماك التي أبرمتها منظمة التجارة العالمية
رغم الأثر المدمر للصيد غير المشروع على مصايد الأسماك في أفريقيا، لم تصادق سوى ثُلث الدول الأفريقية على اتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن دعم مصايد الأسماك، التي من المتوقع أن تدخل حيِّزَ التنفيذ قريبًا، وتواجه القارة تحدِّيات مركبة تشمل الأساطيل الأجنبية المدعومة وضعْف الحوْكمة وتغيُّر المناخ؛ ما أدَّى إلى استنزاف المخزونات البحرية وخسائر سنوية تُقدر بـ11.2 مليار دولار، وتهدف الاتفاقية إلى الحدِّ من الدعم الضارِّ الذي يساهم في الصيد الجائر، لكنها تتطلب التزامًا سياسيًّا وتنسيقًا بين الهيئات الوطنية واستثمارات في نُظُم الإبلاغ والمراقبة، ورغم فوائدها المحتملة قد يؤدي ضعْف التنفيذ إلى استهداف الدول غير الجاهزة من قِبَلِ أساطيل غير قانونية، ولضمان فاعلية الاتفاقية ينبغي للدول الأفريقية مواءمة سياساتها وتعزيز التعاون بين الوزارات والاستفادة من آليات التمويل والدعم الفني، إلى جانب تحسين الأمن البحري وتطبيق الاتفاقيات الدولية القائمة.[8]
تنشيط أفريقيا: تمكين تنمية القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة
تتمتع أفريقيا بموارد هائلة من الطاقة المتجددة، مِثْل الطاقة الشمسية والرياح والكهرومائية والحرارية الأرضية، لكنها تواجه تحدِّيًا كبيرًا في توفير الكهرباء لأكثر من 600 مليون شخص يفتقرون إليها، ورغم هذه الإمكانات استحوذت القارة على 2% فقط من الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة خلال العقديْن الماضييْن؛ بسبب تحديات، مِثْل ضعْف البنية التحتِيَّة والتقلُّبات السياسية والعقبات التنظيمية ونقْص التمويل بأسعار معقولة.
ويلعب القطاع الخاص دورًا مهمًا في تمويل وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، لكن مشاركته محدودة؛ بسبب مشاكل في التمويل والمخاطر المرتفعة ونقْص الخبرات التقنية وتعقيد الأُطُر التنظيمية، وللتغلُّب على هذه العقبات، تُوصِي الورقة بوضْع سياسات مستقرة وواضحة وتبسيط الإجراءات التنظيمية والاستثمار في تحديث الشبكات وتوسيع أدوات التمويل المبتكرة وبناء القدرات المحلية وسلاسل التوريد، وتعزيز هذه الإجراءات يمكن أن يساعد أفريقيا على استغلال ثروتها من الطاقة النظيفة؛ مما يساهم في سدِّ فجوة الكهرباء وتحقيق التنمية المستدامة.[9]
العُنْف في شمال وسط نيجيريا يكشف عن فشل الدولة المنهجي
تغرق منطقة شمال وسط نيجيريا وخاصَّةً ولاية بينو، في صراعٍ دمويٍّ مزمنٍ لا يحظى بالاهتمام الكافي مقارنةً بإرهاب “بوكو حرام” في الشمال الشرقي، ففي ظلِّ هجمات متكررة على القرى كما حدث في يلواتا؛ حيث قُتِلَ أكثر من 200 شخص، تتعدَّد تفسيرات العُنْف بين عوامل دينية وعرقية ومناخية، بينما يجمع الخبراء على أنه نتيجة لفشل الدولة في أداء وظائفها الأساسية، فقد عجزت الحكومة عن جمْع المعلومات الاستخباراتية الفعَّالة وحماية المواطنين وتطبيق العدالة وفرْض سلطتها وتقديم استراتيجية واضحة، وغالبًا ما يَفْلِتُ الجناةُ من العقاب مما يُضعف الرَّدْع ويُفاقم الأزمة، ورغم الدعوات إلى الحوار والمصالحة فإن الاستجابات الحكومية تبقى سطحية وتفتقر إلى المعالجة الجادة لأسباب النزاع، وإن ما يجري في شمال وسط نيجيريا ليس إرهابًا أيديولوجيًّا بل جريمة منظمة ممنهجة، تتطلب استجابةً أمنيةً وعدليةً شاملةً ومتكاملةً، تبدأ بضبْط الحدود وتجفيف مصادر السلاح وتعزيز المساءلة والردع.[10]
هل تهمش خطة إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع التي وضعتها مجموعة دول جنوب أفريقيا للتنمية العدالة الانتقالية؟
أطلقت مجموعة التنمية للجنوب الأفريقي (سادك) مبادرة واعدة لبناء السلام، من خلال صياغة إطارٍ مُوَحَّدٍ يجمع بين العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار بعد النزاع، ورغم أن هذه الخطوة تُعَدُّ رياديةً على مستوى القارة، إلا أن المُسَوَّدَة الحالية تركز بشكلٍ غير متوازن على إعادة الإعمار، مهملة الجوانب الحيوية للعدالة الانتقالية، مِثْل معالجة إرث الاستبداد والصدمات النفسية والانتهاكات الاقتصادية والاجتماعية والبُعْد العابر للحدود للعديد من الأزمات، كما تغفل المُسَوَّدة عن سياسة الاتحاد الأفريقي لعام 2019، وتفتقر إلى إرشادات عملية لتنفيذ العدالة الانتقالية على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية، ولتحقيق الفعالية تحتاج سادك إلى إطار أكثر شمولًا وتكاملًا يستند إلى المشاورات مع المجتمعات المتأثرة ويستفيد من المعايير الإقليمية والدولية ويضمن التنسيق بين آليات بناء السلام، مع التركيز على الرَّصْد والمساءلة؛ لضمان استدامة العدالة والمصالحة في المنطقة.[11]
