تسعى المملكةُ العربيةُ السعوديةُ إلى تعزيز حضورها في أفريقيا، من خلال تحوُّلٍ استراتيجيٍّ يقودُه طموحٌ اقتصاديٌّ وجيوسياسيٌّ، بعيدًا عن النموذج التقليدي القائم على التواصُل الديني، ويركز هذا الانخراط المتأخر على الاستثمار في المعادن والزراعة والطاقة المتجددة وتنقل العمالة مستفيدة من مواردها المالية وغياب الإرْث الاستعماري لتقديم شراكات طويلة الأمد مبنية على التنمية المشتركة، وفي ظلِّ تراجُع دور القوى التقليدية يُمثِّلُ هذا التوجُّه السعودي فرصةً للدول الأفريقية لبناء علاقات جديدة تعتمد على رأس المال والنموّ المشترك، شرط أن تتمكَّنَ الرياض من تحويل رُؤْيتها إلى تنفيذٍ فعَّال، وأن تستجيب أفريقيا بتنسيقٍ واضحٍ واستراتيجيات متكاملة.[1]
لماذا لا تستطيع اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية سدَّ الفجوة التجارية مع الولايات المتحدة ببساطة؟
تُعَدُّ اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) خطوة استراتيجية لتعزيز التكامل الاقتصادي في أفريقيا، لكنها ليست حلًّا سريعًا لتعويض خسائر الصادرات إلى الولايات المتحدة نتيجة الحروب التجارية الأخيرة، خاصَّةً بعد رفْع الرُّسُوم الجمركية من قِبَلِ إدارة ترامب، ورغم بعض الزيادة الطفيفة في التجارة البينية الأفريقية، إلا أن التقدُّمَ ظلَّ محدودًا بسبب تحديات مِثْل “عدم اكتمال قواعد المنشأ وجداول تخفيض الرسوم الجمركية وضعْف البنية التحتية وارتفاع تكاليف النقل واختلاف طبيعة السلع المصدرة”.
ويرى خبراء، أن أفريقيا تواجه مفترق طُرُق: إمَّا أن تصبح سوقًا لتدفُّق الواردات من خارج القارة، أو تستخدم الاتفاقية لتعزيز سلاسل القيمة الإقليمية وتحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي على المدى الطويل، ومع أن AfCFTA تفتح الباب أمام فُرَص تجارية جديدة، إلا أن تحقيق فوائدها يتطلب وقتًا وجهودًا مُنَسَّقةً، خاصَّةً من الاقتصادات الصغيرة لتكون قادرةً على إنتاج وتصدير سِلَعٍ ذات قيمة مضافة تنافسية.[2]
تبايُن متزايد في الروايات الأمنية في بوركينا فاسو
رغم الحملات الإعلامية الواسعة التي يقودها المجلس العسكري في بوركينا فاسو لتصوير نظامه كمنقذٍ وطنيٍّ، تظهر الوقائع تدهورًا حادًّا في الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية منذ استيلاء الكابتن إبراهيم تراوري على السلطة في سبتمبر 2022، فقد تضاعفت أعداد الضحايا جرَّاء العُنْف المُسلَّح وخَسِرَ الجيش السيطرة على معظم الأراضي وتراجع إنتاج الذهب والقطن وانخفض الاستثمار الأجنبي، كما تصاعدت أزمات النُّزُوح وتدهورت خدمات التعليم والصحة، بينما تقابل محاولات الصحفيين والناشطين لكشف الحقائق بالقمْع، وهذه الهُوَّة المتزايدة بين الرواية الرسمية والواقع، تُغذِّيها حملات تضليل منسقة بدعم روسي لتكريس الحُكْم العسكري وإضعاف الديمقراطية؛ ما يفرض ضرورة التصدِّي للفجوة بين الخطاب والواقع لضمان استقرارٍ حقيقيٍّ ومُسْتَدَامٍ[3].
انسحاب فاغنر من مالي: مهمة مُنْجَزَةٌ أم فشل مرتزقة؟
كشف تحقيق لصحيفة “ذا سينتري” أن تدخُّل مرتزقة فاغنر الرُّوس في مالي منذ 2021، والذي جاء بدعوة من المجلس العسكري، لم يحقق وعوده بالقضاء على التمرُّد الجهادي، بل تسبَّبَ في تفاقُم العُنْف وتجنيد المتمردين وتآكُل وحْدة الجيش واستنزاف الموارد المالية للبلاد، واتهم عناصر فاغنر بارتكاب مجازر وانتهاكات أبرزها مجزرة مورا؛ ما أثار سَخَطَ السكان ودفع الكثيرين للانضمام إلى الجماعات المتطرفة، كما أدَّى فشلهم العسكري في معركة تينزاوتين وسوء التنسيق مع الجيش المالي إلى فُقْدَانِهم لمكانتهم كقوة قتالية موثوقة، علاوةً على ذلك، خلقت شراكتهم بيئةً سياسيةً مشحونةً داخل باماكو؛ حيث برزت خلافات بين أقطاب الحُكْم، ومع إعادة روسيا تشكيل “فاغنر” تحت اسم “فيلق أفريقيا”، يُحذِّرُ التقرير من تكرار هذه التجربة في دول أخرى، داعيًا لتحقيقٍ دوليٍّ في جرائم الحرب ومراجعة شاملة للنَّهْج الدولي تِجَاه منطقة الساحل.[4]
انتخابات الكاميرون تهدد بعدم الاستقرار، بغض النظر عمن يفوز
تتجه الكاميرون إلى انتخابات رئاسية في أكتوبر 2025؛ حيث يستعدُّ الرئيس بول بيا، الذي حَكَمَ البلاد منذ 1982 للترشح مجددًا، رغم بقائه في السلطة لأكثر من أربعة عقود، ويُثير استمرار حُكْم بيا الذي بدأ عمليًّا منذ أواخر الستينيات قلقًا داخليًّا ودوليًّا بشأن الاستقرار، خاصَّةً في ظلِّ تصاعُد التوتُّرات العِرْقِيَّة والإقليمية وتفاقُم التمرُّد الانفصالي في المناطق الناطقة بالإنجليزية وتنامِي تهديد جماعة “بوكو حرام” في الشمال.
ورغم أن حُكْم بيا وفرَّ استقرارًا سياسيًّا نِسْبِيًّا، إلَّا أن الإقصاء السياسي المتراكم لمجموعات مِثْل “الباميليكي والفولاني” والناطقين بالإنجليزية، قد يؤدي إلى زعزعة أمن البلاد، لا سيما في حال انتقالٍ فاشلٍ للسلطة أو تمديدٍ جديدٍ لحُكْمِه، ويرى بعض المحللين، أن فشل النظام في احتواء هذه التوتُّرات قد يفتح الباب أمام تحالُفات جديدة بين المناطق المهمشة؛ مما يهدد بانفجار صراعات أكبر تمتدُّ إلى منطقة وسط أفريقيا.[5]
النُّزُوح كسلاح حرب: استهداف الفئات الأكثر ضعْفًا في أفريقيا
تستغلُّ الجماعات المسلحة في دولٍ مِثْل “السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق”، أوضاع النازحين داخليًّا لترسيخ سلطتها وإثارة الخوف؛ ما يؤدي إلى انتهاكات جسيمة تشمل المجازر والعُنْف الجنسي وتجويع السكان وعرْقَلة وصول المساعدات، ورغم أن اتفاقية كمبالا للاتحاد الأفريقي تُعَدُّ أداةً قانونيةً مهمةً لحماية النازحين، فإن غياب التنفيذ الفعَّال والمُسَاءلة يُبْقِي الجُنَاة بمنأى عن العقاب، وبينما تبنَّت دول كـ”جمهورية الكونغو وموزمبيق” بعض السياسات، فإن السودان لم يُوَقِّعْ على الاتفاقية؛ مما يزيد هشاشة وضْع النازحين، وفي ظلِّ تراجُع الدعم الدولي تبْقَى الحاجة مُلِحَّة لتحرُّكٍ إقليميٍّ وقارِّيٍّ جادٍّ يضمن الحماية والمحاسبة.[6]
إن معالجة التحديات الأمنية والمناخية في حوض بحيرة تشاد تتطلب التعاون
يعاني حوض بحيرة تشاد من أزمةٍ مركبة تجمع بين تغيُّر المناخ وانعدام الأمن؛ حيث أدَّى تقلُّص البحيرة بأكثر من 90% منذ الستينيات وارتفاع درجات الحرارة إلى نُدْرة المياه وتزايُد الصراعات المجتمعية؛ ما وفَّر بيئةً خصْبَةً لتجنيد الجماعات المسلحة مِثْل “بوكو حرام”، ويكْمُنُ الحلُّ في الاستثمار في سُبُل عيْشٍ قادرةٍ على التكيُّف مع المناخ مِثْل “الزراعة المقاومة للجفاف والحفاظ على المياه”، إلى جانب تمكين المجتمعات المحلية ودمْجها في السياسات، كما أن التعاونَ الإقليميَّ المتكاملَ رغم التحديات التي تواجهه ضروريٌّ لنجاح هذه الجهود، ويُعَدُّ السبيل لضمان الاستقرار والمُرُونة المناخية المُسْتَدَامَة في المنطقة.[7]
مقامرة ترامب في الكونغو: معادن حيوية وصفقة جديدة خطيرة
يشهدُ حوضُ الكونغو سِبَاقًا عالميًّا على معادن التحوُّل الأخضر مِثْل “الكوبالت والليثيوم”؛ ما يضع جمهورية الكونغو الديمقراطية في مواجهة خطر تكرار نَمَطِ استغلال الموارد دون تنمية حقيقية، ففي ظلِّ سيطرة الصين على قطاع التعدين، تحاول الولايات المتحدة استعادة نفوذها من خلال اتفاقات أمنية مثيرة للجدل؛ ما يهدد بتحويل الوصول إلى المعادن إلى مسألة أمنية لا تنموية، وبينما تسعى دول أفريقية كـ”زامبيا وزيمبابوي” لتوطين القيمة المُضَافة، من خلال حظْر تصدير المواد الخام، تواجه الكونغو تحديات كبيرة تتعلق بالفساد وضعْف الحوْكمة وتهميش المجتمعات المحلية، ويُحذِّرُ الخبراء من أن تجاهُل حقوق السكان الأصليِّين والاعتماد على الدَّعْم العسكري الأجنبي قد يفاقم الصراعات بَدَلًا من تحقيق الاستقرار، داعين إلى سياسات شاملة تضمن الشفافية والاستثمار المحلي؛ لضمان استفادة شعوب أفريقيا من ثرواتها[8].
الكوارث المناخية تتفاقم: 6 طُرُقٍ يُمْكِنُ من خلالها لرئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين أن تقود إجراءات عاجلة
رغم الأضرار المتزايدة للكوارث المرتبطة بتغيُّر المناخ في جنوب أفريقيا، تعاني جهود الحدّ من المخاطر من تحديات عديدة، أبرزها ضعْف التنسيق المؤسسي وغموض أدوار الجهات الفاعلة وتجاهُل الحلول الطبيعية في التخطيط، وخلال رئاستها لمجموعة العشرين، أنشأت جنوب أفريقيا فريق عملٍ للحدِّ من مخاطر الكوارث، يُرَكِّزُ على 6 أولويات، منها تعزيز مشاركة المجتمعات وتطوير أنظمة الإنذار المبكر وبناء بُنَى تحتِيَّة مًرِنَة وتأمين تمويلٍ مُسْتَدَامٍ، وتعزيز التعافِي الشامل بعد الكوارث وتبنِّي مناهج قائمة على النظم البيئية، ويدعو الخبراء إلى دمْج هذه الأولويات في سياسات التنمية وتمكين المجتمعات المحلية من قيادة الجهود، لتحقيق استجابات فعَّالة وشاملة تُعزِّزُ القُدْرة على التكيُّف والعدالة المناخية.[9]
الحوار الوطني في إثيوبيا يحتاج إلى الوقت وتقرير مُؤَقَّت
يُعَدُّ إصدارُ تقريرٍ مرحليٍّ عن الحوار الوطني الإثيوبي خطوةً ضروريةً لإعادة بناء مصداقية العملية وإثبات جديتها، بعْد ثلاث سنوات من الانطلاق دون تحقيق تقدُّمٍ جوهريٍّ، فبينما تعثَّرَتْ العملية بسبب انعدام الأمن وضعْف المشاركة وانسحاب قوى رئيسية، يمكن للتقرير المؤقت أن يظهر التفاعُل مع الانتقادات ويُبْرِز ما تمَّ إنجازُه فِعْلًا، لا سيما في قضايا ناضجة مِثْل “العدالة الانتقالية”، وينبغي أن يكون التقرير شفَّافًا قائمًا على مصادر واضحة ويحتوي على توصيات قابلة للتنفيذ، مع التزامٍ منهجيٍّ بالتواصُل العام، وبهذه الطريقة لن يكون التقرير مجرد إجراءٍ شكليٍّ، بل أداةً لإحياء الثقة وتحقيق مكاسب ملموسة تُعزِّزُ استمرارية الحوار الوطني في إثيوبيا.[10]
كيف تأمل الجابون في الخروج من أزمة الطاقة
يسعى رئيس الغابون “أوليغي نغيما” إلى تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، من خلال شراكات جديدة، أبرزها مع شركة تركية لإنشاء محطة غازية بقدرة 1000 ميغاواط، وسط أزمة طاحنة تعصف بشركة الكهرباء والمياه الحكومية (SEEG) التي تعاني من فساد وسوء إدارة، ورغم تحسُّن إمدادات الكهرباء جُزْئِيًّا، لا تزال الشبكة المتقادمة تُشكِّلُ عقبةً رئيسيةً، وأطلقت الحكومة صندوقًا وطنيًّا للطاقة والمياه لجذْب الاستثمارات، ووقَّعَتْ اتفاقية قرْض بقيمة 3 مليارات دولار لتمويل مشاريع الطاقة، لكن نجاحَ هذه الجهود مرهونٌ بإصلاحات هيكلية في البِنْية التحتِيَّة وتحسين الحوْكمة داخل قطاع الطاقة.[11]
المغرب يضغط على ترامب لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية
وقَّعَتْ الحكومة المغربية عقْدًا بقيمة 405 ألف دولار مع شركة الضغط الأمريكية “سكرايب ستراتيجيز آند أدفايزرز”؛ لتعزيز علاقاتها مع إدارة ترامب الثانية وضمان دعم واشنطن لسيادة المغرب على الصحراء الغربية، إضافةً إلى السعْي لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، ويقود الشركة جوزيف سزلافيك المعروف بعلاقاته في أفريقيا والإدارات الجمهورية، ويأتي هذا التحرُّك ضِمْن استراتيجية أوسع للمغرب، تشمل عدة شركات ضغط في واشنطن، لكن خطوة تصنيف البوليساريو تُثير تساؤلاتٍ حول جدواها وتأثيرها المحتمل على مفاوضات السلام والعلاقات مع الجزائر، الداعم الرئيسي للبوليساريو، خاصَّةً في ظلِّ محاولات إدارة ترامب تعزيز تعاونها مع الجزائر أيضًا.[12]
الصومال: هل يبيع الرئيس محمود الأراضي العامَّة لرجال الأعمال؟
شهدتْ مقديشو موْجَةً من الإخلاءات القسْرِيَّة للأراضي العامَّة هذا الشهر أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص، في ظلِّ اتهامات للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ببيْع أراضٍ عامَّة لمستثمرين مُقَرَّبِين دون اتِّباع الإجراءات القانونية، وقد أدَّت عمليات الإخلاء – التي استهدفت خاصَّة النازحين داخليًا والمقيمين في ممتلكات حكومية – إلى اشتباكات بين قوات أمنية مختلفة واحتجاجات شعبية واسعة، وانتقد رؤساء صوماليون سابقون ومنظمات حقوقية ما وصفوه بـ”استغلال الدولة لمواطنيها”، مُحَذِّرِين من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقُم الصراعات الداخلية، وسط غياب الشفافية ومزاعم بتورُّط مسؤولين كبار في عمليات فسادٍ واستيلاءٍ مُنَظَّم على الأراضي.[13]
