الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار تُرسّخ الهشاشة الديمقراطية
لم يُصوِّت رسميًّا سوى نصف ناخبي كوت ديفوار في انتخابات 25 أكتوبر، التي أعادت الرئيس الحسن واتارا إلى السلطة، وفي 4 نوفمبر، أُكِّدَ فوز واتارا بولاية رابعة بنسبة 89.77% من الأصوات، مُتفوِّقًا بفارقٍ كبيرٍ على منافسيه الأربعة، الذين لم يحصلوا مجتمعين إلا على 8.63%، ويعكس انخفاض نسبة المشاركة في التصويت (50.10%) مناخ الخوف والتوتُّر السياسي المحيط بالعملية، ويُذكِّر هذا بأن الديمقراطية الإيفوارية، وخاصَّةً فيما يتعلق بالانتخابات، لا تزال هشَّةً، بعد 35 عامًا من اعتماد التعدُّدية الحزبية، وقد تأجَّجت التوترات بفِعْل عوامل عدة، منها تشكيك المعارضة بأكملها في حِيَاد اللجنة الانتخابية المستقلة وموثوقية سجل الناخبين، والدعوة إلى إصلاح الأولى، وتدقيق ومراجعة الثانية.[1]
فشل فرنسا في مالي يهدد العالم
دأب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تضخيم التهديدات في الأماكن التي تكاد تكون معدومةً؛ متجاهلًا الكوارث الحقيقية التي تتكشف أمام أعين الجميع، ومزاعمه الأخيرة بتهديد وجود المسيحيين في نيجيريا؛ فالواقع في أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان مُعقَّدٌ؛ حيث يُبتلى المسلمون والمسيحيون – على حدٍّ سواء – بالعُنْف، ولكن بينما يُركِّزُ ترامب على مشكلةٍ وهْمِيَّةٍ، تصل كارثة حقيقية إلى ذروتها في مالي؛ حيث يُسيطر مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة على العاصمة، بينما تتأرجح البلاد على شفا أن تصبح أول دولة يحكمها ورثة أسامة بن لادن، ينبغي أن يلفت هذا انتباه الرئيس، ليس فقط لأن انهيار مالي سيُحدث موجات صدمة في منطقة الساحل وما وراءها، مُزعزعًا استقرار منطقةٍ مُضطربةٍ، ومُنْشِئًا ملاذات آمنة جديدة للجماعات الإرهابية، بل أيضًا لأن المُذنب الرئيسي في هذه الكارثة- هو شخصٌ يُحبُّ ترامب استحضاره بازدراء- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.[2]
كيف يمكن إيقاف الإبادة الجماعية في السودان
لا تزال الميليشيات القاتلة تعتمد على الشرعية الدولية للبقاء على قيْد الحياة، ففي الوقت الحالي تجري مذبحة غير مسبوقة في منطقة شمال دارفور بالسودان، وهي تُقابل بطريقة أو بأخرى بلامبالاة دولية شِبْه كاملة بعد سيطرتها على مدينة الفاشر في دارفور الشهر الماضي، وشنَّتْ ميليشيا قوات الدعم السريع حملة إبادة جماعية، شملت إعدامات جماعية من منزل إلى منزل، مستهدفةً المدنيين غير العرب العُزَّل، وبلغ حجم القتل مستوىً صادمًا لدرجة أن بِرَكًا من الدماء – كما التقطتها صور الأقمار الصناعية – يمكن رؤيتها من الفضاء، ويُقدَّرُ عدد المدنيين الذين قُتلوا خلال الثماني والأربعين ساعة الأولى من الاستيلاء على المدينة بنحو ألفيْ مدنيٍّ.[3]
لماذا يتحدث ترامب فجأة عن غزو نيجيريا؟
إن التدخُّل العسكري الأمريكي في أبوجا سيكون بمثابة كارثة في بلد منقسم بالفِعْل، ورُسِّخَتْ مسألة نيجيريا تدريجيًّا في وسائل الإعلام “الأمريكية – اليمينية”، وامتدَّت إلى منصَّات ليبرالية نسبيًّا، مثل برنامج ” الوقت الحقيقي مع بيل ماهر” ، وأصبحت الآن سياسة حكومية رسمية، وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليمات لحكومته، بوضْع البلاد ضِمْن فئة الدول المثيرة للقلق بشكلٍ خاصٍّ، ووضع خطط للتدخُّل فيها بكل قوة إذا لَزِمَ الأمر، وقد كان السبب الظاهري الذي أبداه أن ثمَّةَ أداءً سيِّئًا للحكومة النيجيرية في حماية “المسيحيين” في حربها ضد قطاع الطُّرُق والإرهابيين وغيرهم من مثيري انعدام الأمن.[4]
عودة إيطاليا إلى القرن الأفريقي يجب أن تأتي مع اعتذار
إن موقف إيطاليا بشأن الفظائع التاريخية التي ارتكبتها ضد إثيوبيا وإريتريا والصومال يتناقض مع المبادئ الواردة في خطة ماتي لأفريقيا، وتُمثِّلُ خطة ماتي مبادرةً رائدةً لإيطاليا لإعادة هيكلة العلاقات مع أفريقيا، من خلال نموذج يجمع بين التعاون الإنمائي والتجارة والدبلوماسية الاستراتيجية، وصُمِّمَتْ الخطة لتعزيز دور إيطاليا في أوروبا وأفريقيا، وتسعى إلى تنويع شراكات الطاقة لأوروبا، ومعالجة الهجرة غير النظامية، من خلال تعزيز الاستقرار الاقتصادي في جميع أنحاء أفريقيا، وخلْق فُرَص العمل، وبين عاميْ ١٨٨٢ و١٩٤١، شنَّتْ إيطاليا حمْلة غزْوٍ واحتلالٍ وحشِيَّةٍ في أنحاء القرن الأفريقي، وأصبحت إريتريا، التي استُعْمِرَتْ عام ١٨٩٠، أول وأطول مستعمرة إيطالية، ورسّخ النظام الفاشي التراتبية العِرْقِيَّة والاستغلال الاقتصادي، من خلال مصادرة الأراضي والعمل القسْري والقمْع الثقافي، وجُنِّدَ آلاف الإريتريين قسْرًا وبشكلٍ منهجيٍّ في الجيش الاستعماري كعسكريين، ونُشِرُوا في حروب ليبيا والصومال وإثيوبيا.[5]
تأثير اليمين الديني المتطرف على توجُّهات أمريكا تِجَاه القارة الأفريقية
منذ صعود دونالد ترامب إلى سُدَّة الحُكْم، عاد الدِّين ليحتلَّ موقعًا متقدِّمًا في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية، لا سيما عبْر نفوذ التيار اليميني الديني المتطرف، الذي بات ينظر إلى العالم من منظور عقائدي لا براغماتي، هذا التيار لا يرى أفريقيا كقارة نامية تُواجه تحديات تنموية وأمنية، بل كفضاءٍ روحيٍّ تتصارع فيه قوى الإيمان مع الشر الإسلامي، ومع هذا التحوُّل، تراجَع الخطاب التقليدي الذي كان يربط بين الديمقراطية وحقوق الإنسان وبين التدخُّل الأمريكي؛ ليحلَّ محله خطاب ديني محافظ يزعم الدفاع عن الحرية الدينية وحماية المسيحيين المضطهدين، وهكذا، أصبحت مفردات العقيدة والأخلاق غطاءً سياسيًّا يُستخدَم لتبرير التدخُّل والضغط على الحكومات الأفريقية، في مشهدٍ يُعيدُ للأذهان أساليب الرسالة التبشيرية التي رافقت الاستعمار القديم، لكن هذه المرة في ثوْبٍ سياسيٍّ جديدٍ.[6]
التعاون بين الدول الأفريقية في مجال الفضاء يُشكِّلُ فُرَصًا واعدةً للقارة
تعتمدُ قُدْرةُ أفريقيا على تعظيم الاستفادة من تكنولوجيا الفضاء، بما في ذلك الأقمار الصناعية، في مجالات الأمن القومي، والاتصالات، والتنمية، والتخفيف من الكوارث؛ على تعزيز التعاون الإقليمي الفعَّال، وفي مارس 2024م، دخلت العلاقات بين أفريقيا وقِطَاع الفضاء مرحلة جديدة، عقب انقطاع كابلٍ بحريٍّ؛ أدَّى إلى شَلَل الإنترنت في 13 دولةً من غرب أفريقيا، وتعطَّلت الخدمات الحكومية والمصرفية، وتوقَّفَتْ أعمال الشركات، وحُرِمَ الملايين من الوصول إلى المنصَّات الرقمية، ورغم ذلك، أظهرت خدمات الأقمار الصناعية، مثل ستارلينك ونيغكومسات في نيجيريا قُدْرة فائقة على الاستمرار دون انقطاع؛ ما أبْرَز صمود البِنْية التحتِيَّة الفضائية وأهميتها الاستراتيجية.[7]
من المستطيل الأخضر إلى دوائر النفوذ: دراسة عن الفساد الكروي بالقارة الأفريقية
تُمثِّلُ كرةُ القدم في القارة الأفريقية أكثر من مُجرَّد نشاطٍ رياضيٍّ أو وسيلةٍ للترفيه؛ إذ غَدَتْ ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية متجذرة في الوعْي الجمعي، ورافعة للتعبئة الشعبية والتعبير عن الهوية الوطنية منذ مرحلة التكالب الاستعماري على أفريقيا وما تلاها من تحوُّلات، وقد ارتبطت هذه اللُّعبَة في المخيال الأفريقي بالانعتاق من الهيْمنة الخارجية وبناء الذات الجماعية؛ لتصبح رمْزًا لوحدة الشعوب ومجالًا لتجسيد طموحاتها على المستوييْن “القارِّي والدولي”، غيْر أنَّ هذه المكانة البارزة لم تمنع كرة القدم الأفريقية من مواجهة تحديات جسيمة، يأتي في مقدمتها الفساد الذي لم يَعُدْ مجرد تجاوزات فردية محدودة، بل تحوَّلَ إلى منظومةٍ مُعقَّدةٍ ومتداخلةٍ، تشمل تجلِّيات عدة كالمحسوبية، والرشوة، وسوء الإدارة، والتلاعُب بنتائج المباريات، ونتيجة لذلك، كثيرًا ما تحوَّلت هذه الرياضة من فضاءٍ يُفترَض أن يُعزِّز قِيَم النزاهة والعدالة والتمكين، إلى ساحةٍ لهيْمنة شبكات النفوذ وإعادة إنتاج أنماط الإقصاء والتبعِيَّة.[8]
قراءةٌ تحليليةٌ لموقع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الاستعداد التكنولوجي الرائد لعام 2025م
تُعِيدُ التقنيات الرائدة، وخاصَّةً الذكاء الاصطناعي، تشكيل أداء الاقتصادات والمجتمعات، ومع ذلك؛ فإن انتشارها السريع والواسع النطاق غالبًا ما يتجاوز قُدْرة العديد من الحكومات على الاستجابة، ويُمكن لاستخدام الذكاء الاصطناعي أن يُسرِّعَ التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولكن إذا لم يُوزَّع بشكلٍ متساوٍ، ولم يُسترشَدْ فيه بالرقابة الأخلاقية والشفافية، فإن انتشاره يُمكن أن يُفاقِمَ أوْجُهَ عدم المساواة القائمة، ولقد أثبت التاريخ أنه في حين أن التقدُّم التكنولوجي يُحرِّكُ النموَّ الاقتصاديَّ، إلا أنه لا يضمن بمفرده توزيعًا عادلًا للدخْل أو يُعزِّز التنمية البشرية الشاملة، ويمكن أن يُحوِّلَ التعاون الدولي التركيز من التكنولوجيا إلى الإنسان؛ مما يُمكِّنُ الدول من المشاركة في إنشاء إطارٍ عالميٍّ للذكاء الاصطناعي، وينبغي أن يُعطي هذا الإطار الأولوية للازدهار المشترك، وخلْق المنافع العامَّة، ووضْع الإنسانية في صميم تطوير الذكاء الاصطناعي.[9]
تحوُّلات واشنطن في القرن الأفريقي: الابتعاد عن حافَّة الهاوية
شهدتْ منطقةُ القرن الأفريقي اندفاعةً قويةً للدبلوماسية الأمريكية للتدخُّل في شؤونها بعد أسابيع من تجاهُل إدارة الرئيس دونالد ترامب لهذه المنطقة، والتركيز فقط على مسألة دور بلاده في أزمة السَّدِّ الإثيوبي بين مصر وإثيوبيا، وقد لاحَظ مراقبون بالإقليم أن وصول إدارة ترامب للحُكْم أدَّى على الفوْر إلى تغيُّرات مهمة في التحالفات الإقليمية داخل المنطقة، بينما بادرت واشنطن بجهودٍ حثيثةٍ لاحتواء عددٍ من الملفات، من بينها، بحْث مسألة الاعتراف بجمهورية أرض الصومال دولة مستقلة، مقابل انخراط الأخيرة في ديناميات وتفاعلات الأمن الإقليمي في البحر الأحمر (بما في ذلك الجبهة اليمنية)، وإعادة تقييم العلاقات مع نظام آبي أحمد.[10]
قِطَاع الاستعانة بمصادر خارجية في أفريقيا جنوب الصحراء: الفُرَص والتحديات
تشهدُ أفريقيا جنوب الصحراء نموًّا ملحوظًا في قطاع الاستعانة بمصادر خارجية؛ مما يجذب الشركات العالمية التي تسعى إلى تنويع إستراتيجياتها والاستفادة من مزايا المنطقة، وتساهم عِدَّة عوامل في هذا التوجُّه، بما في ذلك القوى العاملة الشَّابَّة والماهرة، والقدرات اللغوية المتعددة، وتحسُّن البنية التحتية التكنولوجية، والتوافُق الاستراتيجي بين المناطق الزمنية والأسواق الرئيسية، فضْلًا عن دوافع البحْث عن عمل، وارتفاع نِسْبة الشباب من بين السكان، و يتعلق مصدر القلق الأكبر بقدرة شركات القطاع في أفريقيا على تنمية المواهب القيادية؛ نظرًا لحداثة السوق ومسار النمو الحالي، ويجب عليها الاستثمار بكثافةٍ في برامج التدريب الإداري؛ لضمان تلبية قادة العمليات في الخطوط الأمامية، وموظفي خدمات العملاء، والمدربين لتوقُّعات العملاء وتجاوزها.[11]
المؤسسات الأكاديمية الغربيّة وإنتاج المعرفة حول أفريقيا
تُرسم السياسات في الغرب استنادًا إلى نواميس وأعراف؛ أهمُّها، الاعتماد على المؤسسات الأكاديمية المُنتِجَة للمعرفة، سواء المراكز البحثيّة أو الجامعات أو المجلّات العلميّة، وتبرز أهميَّة هذه الممارسات المعرفيَّة في زمن الأزمات؛ حيث تُوفِّر حلولًا مستندةً إلى الفهْم لا الصدفة أو الانحياز الأيديولوجي، ويعتمدُ المقال على إشكاليَّة أساسيَّة؛ هي، هل يمكن أن تتغيَّرَ طبيعة المعرفة الأكاديمية المُنتَجَة في المجلَّات أو الجرائد المحترمة استنادًا إلى الحضارة التي تنتمي لها؟ أو هل يُمْكِنُ أن تتغيَّر الرُّؤَى الغربيَّة تِجَاه العالم العربي والقارة الأفريقية استنادًا إلى الموروث الفرانكوفوني أو الأنجلوساكسوني؟[12]
