رئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين: انتصار دبلوماسي، لكنه إعلانٌ ختاميٌّ ضعيفٌ
شَهِدَتْ رئاسةُ جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين نجاحًا دبلوماسيًّا بارزًا رغْم مقاطعة الولايات المتحدة ومحاولاتها لعرقلة صدور البيان الختامي؛ إذ تمكَّنَتْ بريتوريا من جمْع توقيعات جميع الأعضاء الآخرين على إعلان من 30 صفحةً، شَمِلَ قضايا التمويل المستدام والديون والطاقة المتجددة والمعادن الحيوية والنمو الشامل، كما أطلقت عددًا من المبادرات، مِثْل “إطار العمل الأفريقي” في المسار المالي ومبادرات تتعلق بالتدفقات المالية غير المشروعة والبِنْية التحتية والذكاء الاصطناعي، إضافةً إلى “مبادرة إرث أوبونتو” لتعزيز التعاون والبحْث في القضايا العالمية.
ومع ذلك؛ ظَلَّ الإعلان ضعيفًا من حيث الالتزامات العملية؛ إذ اقتصر على مبادئَ عامَّة دون جداول زمنية أو آليات للمساءلة؛ نتيجة تعقيدات المشهد الدولي والحروب والصراعات التجارية، ولتحويل هذه التعهُّدات إلى واقعٍ يقترح الكاتب فِعْلًا جماعيًّا من القادة والجهات غير الحكومية الأفريقية، عبْر إنشاء منتدى إقليمي للمقترضين، ووضْع آليات لمحاسبة الحكومات والدائنين، والضغط لإصلاحات أعمق في سياسات صندوق النقد الدولي بما يخدم احتياجات القارة في قضايا الديون والتنمية والمناخ[1].
هل تستطيع أفريقيا تعزيز قوتها التفاوضية في قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي؟
تعقد قمة لواندا السابعة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، في 24-25 نوفمبر 2025 بأنغولا، احتفاءً بـ25 عامًا على الشراكة، منذُ قمة القاهرة 2000، تحت شعار تعزيز السلام والازدهار، من خلال تعدُّدية أطرافٍ فعَّالة، مع مشاركة 28 قائدًا أفريقيًّا و14 أوروبيًّا؛ لمناقشة السلام والأمن والحوْكمة إلى جانب التجارة والمناخ والتنمية والصحة، ولكن تواجه الشراكة تحديات في تمويل التدخلات الأفريقية بعد انتقال الاتحاد الأوروبي إلى مِرْفَق السلام الأوروبي (2021)، الذي يُعزِّزُ مُرُونَتَه وتجاوز الاتحاد الأفريقي لصالح الإقليميات، مع اختلاف الأولويات (أفريقيا: الحوْكمة والتهميش؛ أوروبا: الإرهاب)، وتأثير التنافُس الخارجي (روسيا والصين)؛ مما يتطلَّبُ تعزيز التفاوض الأفريقي والملكية لضمان تمويلًا مستقرًّا ودورًا تنسيقيًّا للاتحاد الأفريقي في عالمٍ مُتَشَرْذِمٍ[2].
وقْف ترامب للهجرة من “العالم الثالث” – ماذا يعني ذلك لأفريقيا؟
هدَّدَ الرئيسُ الأمريكيُّ دونالد ترامب بإيقاف الهجرةِ بشكلٍ دائمٍ من دول العالم الثالث بعد هجومٍ أفغانيٍّ في واشنطن، مع إلغاء ملايين الموافقات البايدنية وسحْب المزايا من غير المواطنين وترحيل غير المتوافقين مع الحضارة الغربية؛ مما يُعزِّزُ حظْرَ السفر المُوَسَّع الذي فَرَضَهُ في يونيو 2025 على 12 دولة (7 أفريقية: “تشاد، جمهورية الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتريا، ليبيا، الصومال، السودان”) وقائمة محتملة بـ36 دولة إضافية (25 أفريقية، مثل “نيجيريا ومصر”)، مع مذكرة روبيو ترفع معدلات الرفض وتعلق الطلبات، رغم الحواجز القانونية التي تحُول دون إلغاء اللجوء أو البطاقات الخضراء جماعيًّا؛ مما يُبْطِئُ المسارات القانونية ويُهدِّدُ الشَّتَات الأفريقي دون تغييرٍ جِذْرِيٍّ فوْرِيٍّ[3].
غينيا بيساو: اعتقال الرئيس إمبالو.. بينما يقول الجنود: إنهم “سيطروا بشكل كامل على البلاد”
أعلنت القيادة العسكرية العُلْيَا لاستعادة الأمن الوطني والنظام العام في غينيا بيساو، يوم 26 نوفمبر 2025، سيطرتها الكاملة على البلاد بعد إطاحة الرئيس عمر سيسوكو إمبالو، الذي أكَّدَ اعتقاله دون عُنْف داخل القصر الرئاسي، عقب إعلانه فوزه بنسبة 65% في الانتخابات الرئاسية، التي جرت يوم 23 نوفمبر، مع تعليق العملية الانتخابية وإغلاق الحدود وفرْض حظْر تجوُّل، وسط إطلاق نار قُرْب اللجنة الانتخابية واعتقال كبار الضباط، مِثْل رئيس أركان الجيش بياجي نا نتان ووزير الداخلية بوتشي كاندي، بالإضافة إلى زعيم المعارضة دومينغوس سيمويس بيريرا ومرشحها فرناندو دياس دي كوستا[4].
كيف نعيد عملية العدالة الانتقالية في إثيوبيا إلى مسارها الصحيح؟
أكَّدَ رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في خطابه أمام البرلمان، في 28 أكتوبر 2025، أن بناء السلام يعتمد على ثلاث ركائز مترابطة ومستقلة: الحوار الوطني الذي مُدِّدَ إلى فبراير 2026، والعدالة الانتقالية لمعالجة فظائع الماضي، ونزْع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، مُحذِّرًا من ربْط الأولى بالثانية كتوصيةٍ لتجنُّب تقويض مصداقية الحوار وتأخير المساءلة أو تهميش الضحايا، مع استئناف العملية المتوقفة مؤقتًا، بحلول مطلع 2026، عبْر استكمال التشريعات الرئيسية وإنشاء آليات مِثْل المحكمة الخاصَّة ولجنة تقصِّي الحقائق وتعزيز التنسيق المؤسسي والدَّعْم النَّفْسي للضحايا ضِمْن نهْجٍ تكامُليٍّ ومتسلسلٍ يُعزِّزُ الشفافية والثقة العامَّة[5].
تأمل واشنطن في الجمْع بين تشيسكيدي وكاجامي على الرغم من التوتُّرات المستمرة والكبيرة
من المقرَّرِ أن يجتمع الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي في واشنطن، في 4 ديسمبر، في لقاءٍ تُعَوِّلُ عليه الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق المُوَقَّع بين الطرفيْن، في يونيو الماضي، ورغم الجهود الدبلوماسية الأمريكية ومباحثات قطر مع حركة إم23، لم يتحقق أيُّ تقدُّمٍ فِعْلِيٍّ على الأرض؛ فلا القوات الرواندية انسحبت من شرق الكونغو كما تطالب كينشاسا، ولا تَمَّ تحييد قوات “الديمقراطية لتحرير رواندا” كما تشترط كيغالي.
وبينما يتهم كاغامي الكونغو بالتراجُع عن التزاماتها وعدم القدرة على التنبؤ، تُصِرُّ كينشاسا على ربْط أيِّ زيارة لواشنطن بانسحاب القوات الرواندية واحترام سيادة أراضيها، وفي ظِلِّ استمرار سيطرة إم23 على مناطق واسعة وتأكيد الأمم المتحدة وجود قيادة رواندية للحركة، تتفاقمُ الأزمةُ الإنسانيةُ ويتعقَّدُ المشهدُ العسكريُّ، ورغم إعلان الجانبيْن استعدادهما لتوقيع اتفاق نهائي، يبقى احتمال نجاح اللقاء مشروطًا بإرادةٍ سياسيةٍ فِعْلِيَّةٍ، وقد يتحوَّلُ الاجتماعُ إلى بداية مسار دبلوماسي جديد أو يكشف حدود العملية برمتها، في ظِلِّ الانقسامِ الحادِّ وغياب الثقة[6].
تقييم نقْدي لدور المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في حماية الديمقراطية في غرب أفريقيا
قدَّمت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) منذ تسعينيات القرن الماضي نفسها كحارسٍ للديمقراطية في المنطقة عبْر بروتوكولات منع النزاعات والتدخلات العسكرية في بُؤَر الأزمات، إلا أن تقييم تجربتها يكشف عن نجاح محدود قائم على تعريفٍ ضَيِّقٍ للديمقراطية يُركِّزُ على الانتخابات ويتجاهل معايير أساسية مِثْل حقوق الإنسان وسيادة القانون وجودة المؤسسات، وقد ساهمت ذاكرة الاستبداد المتجذرة في دول المنطقة وتواطؤ الإيكواس مع قادة مدنيين وصلوا للسلطة عبْر انتخابات مَعِيبة أو خرقوا الدساتير، في تقويض شرعيتها.
كما أضعفتها تحوُّلات المشهد الجيوسياسي مع صعود روسيا وتراجُع النفوذ الغربي وانسحاب نيجيريا نحو الداخل، إضافةً إلى الانقلابات المتتالية منذ 2020، التي كشفت محدودية قدرتها على إدارة الأزمات وفشلها في التصدِّي لتهديدات، مِثْل التمديد غير الدستوري أو القمْع السياسي، ويخلص التقييم إلى أن استعادة فعالية الإيكواس تتطلب إضفاء طابع شعبي على عملها، عبْر منتدى استشاري للمواطنين، وتعزيز آليات الحوْكمة، من خلال فريق عمل إقليمي مستقل يراقب الانتخابات والإصلاحات الدستورية ويُقدِّمُ توصيات عملية لهيئة القادة، بما يسمح بتجديد ثقة شعوب غرب أفريقيا في دور الإيكواس كفاعل ديمقراطي حقيقي[7].
فهْم ادعاء ترامب بشأن الإبادة الجماعية للمسيحيين وتهديده العسكري: ما يعنيه ذلك للعلاقات “النيجيرية – الأمريكية”
في أواخر أكتوبر وأوائل نوفمبر 2025، هدَّدَ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيجيريا بالتدخُّل العسكري (بما في ذلك قوات برية أو ضربات جوية) وقطْع المساعدات بعد إدراجها على قائمة الدول المثيرة للقلق؛ بسبب مزاعم مجازر جماعية بحقِّ المسيحيين من قِبَلِ “بوكو حرام” والعصابات في الشمال الشرقي والغربي والحزام الأوسط، ورغم نفْي أبوجا والاتحاد الأفريقي لذلك معتبرين العُنْف مرتبطًا بالإرهاب والموارد لا الدين؛ مما يهدد الشراكة الاقتصادية والأمنية الطويلة الأمد بين البلديْن؛ حيث انخفض نفوذ نيجيريا إقليميًّا واتجه اقتصاديًّا نحْوَ الصين، مع توصيات بتعزيز الدبلوماسية والأمن الحدودي والإصلاحات الإدارية بَدَلًا من التصعيد[8].
التراجُع الديمقراطي في كوت ديفوار: الانتخابات تترك مساحة أقل للحرية
في 25 أكتوبر 2025، فاز الرئيس الحالي الحسن واتارا بولاية رئاسية رابعة في كوت ديفوار بنسبة 89.77% من الأصوات في جوْلة أولى، مع نسبة مشاركة 50.1% فقط، بعد استبعاد المجلس الدستوري لخمسة مُرَشَّحِّي معارضة رئيسيِّين، مِثْل لوران غباغبو وتيجان ثيام؛ بسبب إدانات جنائية أو إجراءات؛ مما أدَّى إلى قمْع احتجاجات عنيفة، أسفرت عن مقتل 11 شخصًا واعتقال 700 وحظْر التجمُّعات، وسط استقطاب سياسي وتراجُع ديمقراطي يُعزِّزُ من مخاوف الاستبداد، مع اختبارٍ قادمٍ في الانتخابات التشريعية بـ27 ديسمبر[9].
القوة الناعمة: العنصر المفقود في اتفاق الدفاع عن الحدود بين تشاد والكاميرون؟
وقَّعَتْ تشاد والكاميرون، في 23 سبتمبر 2025، اتفاقية دفاعية تهدف إلى تعزيز الأمن على طول حدودهما الممتدة لأكثر من ألف كيلومترًا، ويُركِّزُ الاتفاق على مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، من خلال تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتعزيز التعاون الأمني، ورغم نقاط القوة في الاتفاقية، مِثْل الاستفادة من خبرة قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، إلا أن نجاح العمليات يعتمد على إشراك المجتمعات المتضررة منذ مراحل التخطيط؛ لتعزيز ثقتها وتقليل الأضرار الجانبية، ولتفعيل نهْج القوة الناعمة، المتمثل بالتأثير والإقناع الذي يُسْهِمُ في مواجهة الروايات المتطرفة للجماعات الإرهابية كـ”بوكو حرام”، كما يُعاني سكان المناطق الحدودية من إهمال حكومي ونُدْرة الموارد؛ ما يُغَذِّي الصراعات ويبرز أهمية توسيع دور القيادات المحلية النسائية والدينية والشبابية في هذه الشراكة الأمنية؛ لتعزيز فعالية العمليات وتحسين الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة[10].
يجب أن يتماشى إصلاح مفوضية الاتحاد الأفريقي مع أجندة أفريقيا الطموحة
أدَّى إصلاح مفوضية الاتحاد الأفريقي بقيادة بول كاغامي إلى تقليص عدد المفوضين من ثمانية إلى ستة، عبْر دمْج إدارات بهدف تعزيز الكفاءة والتماسُك المؤسسي، لكن النتائج كانت مختلطة؛ إذ أدَّى دمْج الشؤون السياسية مع السلام والأمن إلى تغليب استجابات الأزمات قصيرة المدى على التدخُّلات الوقائية طويلة الأمد؛ مما أضعف دور الإنذار المُبكِّر والمنْع الحقيقي للنزاعات، كما أدَّى وجود أمانة مستقلة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية إلى تنافُس ومضاعفة الجهود بين هذه الأمانة ومفوضية الاتحاد الأفريقي؛ الأمر الذي قلَّلَ من التماسُك والمسؤولية.
وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال العلاقات مع الجماعات الاقتصادية الإقليمية غامضة وتنتشر ازدواجية المهام؛ ما يعرقل التكامل الفِعْلِيِّ، وبوجهٍ عامٍ، يعتبر تقليص عدد المفوضين غير ملائم أمام اتساع وتعقيد قضايا القارة، مِثْل “الأمن المناخي والحوْكمة الرقمية والهجرة والتجارة”، ويحتاج الاتحاد الأفريقي إلى إعادة هيكلة عاجلة تشمل تعزيز قدرات الحوكمة والوقاية وإنشاء مفوضية جديدة للشراكات متعددة الأطراف وتوحيد أدوار الوكالات المستقلة؛ لضمان فعالية أكبر في تحقيق التكامُل القارِّي والتعدُّدية الأفريقية[11].
فشلت انتخابات مالاوي لعام 2025 في تمكين نسائها مرة أخرى
تظهر انتخابات ملاوي لعام 2025 تقدُّمًا محدودًا في مشاركة النساء سياسيًّا، رغم كوْنهن يُشكِّلْنَ الأغلبية بين الناخبين، فبرغم بعض المكاسب، مِثْل وصول امرأة لمنصب نائب الرئيس وارتفاع طفيف في عدد المقاعد البرلمانية التي فازت بها المرشحات، لا تزال البلادُ بعيدةً عن أهدافها الطموحة للمساواة بين الجنسيْن، ويرجع ذلك إلى إِرْثٍ تاريخيٍّ من الإقصاء ونظامٍ انتخابيٍّ فرديٍّ يُكرِّسُ هيْمنة الرجال عبْر تكاليف الترشُّح المرتفعة والتمييز المجتمعي، إضافةً إلى عُنْفٍ انتخابيٍّ يَطَالُ النساء وغياب آليات قانونية داعمة.
ورغم التزامات الدولة الدولية والدستورية، فإن تنفيذها يظَلُّ ضعيفًا، بينما تبقى القوانين الانتخابية محايدةً ظاهريًّا، لكنها مُجْحِفَةً عمليًّا، وتدعو الكاتبةُ إلى إصلاحات جوهرية، تشمل اعتماد قاعدة تكافؤ 50:50 في الترشيحات والمناصب وإعادة تصميم النظام الانتخابي أو تطويره؛ ليضمن توازنًا بين الجنسين دون زيادة عدد المقاعد، إلى جانب إصلاح الأحزاب وتجريم العُنْف الانتخابي، وتؤكد أن تحقيق الديمقراطية الحقيقية في ملاوي لن يكون مُمْكِنًا ما لم تدمج النساء بالكامل في الحياة السياسية، ويتم تغيير بِنْيَة النظام وثقافته بما يفتح المجال أمام تمثيلٍ أكثرَ عدالةً وفعاليةً[12].
