رابعة نور الدين وزير
شهدت ال 48 ساعة الماضية تحولًا كبيرًا في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، فقد استضافت الولايات المتحدة الأمريكية على مدار يومين (8- 9 نوفمبر)، الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي وهو الحوار الأول من نوعه بين مصر وأمريكا بعد توقف دام 6 سنوات، تم خلاله مناقشة عدد من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
جاء الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي بعد لقاء وزير الخارجية المصري بنظيره الأمريكي على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، وبمبادرة من وزير الخارجية الأمريكي الذي عبر بوضوح عن الرغبة الامريكية في عودة الحوار مع مصر، وعليه فقد تم الاتفاق على عودة الحوار الاستراتيجي بين البلدين لدعم الوصول إلى تفاهمات ومقاربات مشتركة في القضايا محل الاهتمام، لتبدأ صفحة جديدة في العلاقات المصرية الأمريكية، وهو ما أكدته الإدارة الأمريكية من خلال التعليق على استئناف الحوار الاستراتيجي مؤكدة على أن مصر شريك حيوي وأنها تلتزم بشكل أساسي بتدعيم وتقوية العلاقات مع هذا الشريك، في كل المجالات من أحل تحسين حياة المواطن الأمريكي جنبًا إلى جنب مع المواطن المصري.
وتناول الحوار على مدار اليومين الحديث وتبادل وجهات النظر في عدد من القضايا الهامة على رأسهم؛ (دور مصر في المنطقة العربية والشرق الأوسط- تعميق التعاون الثنائي والإقليمي- حقوق الانسان- الوضع في السودان- الوضع في غزة- الجهود المصرية لتحويل القاهرة لمركز للطاقة على المستوى الإقليمي- وغيرها)، وعليه فنحاول من خلال الورقة التالية إلى الحديث عن دلالات الحوار الاستراتيجي، وأهم القضايا التي نوقشت خلاله، وما هي أهم مخرجات الحوار للخروج بسيناريوهات حول إمكانية حدوث تحركات في القضايا محل النقاش.
لمحة عن مقدمات الحوار الاستراتيجي بين مصر وأمريكا
إن الحوار الاستراتيجي بين الدول يعكس مستوى عالي من التنسيق بين الدول الحليفة، ولا يقتصر هذا التنسيق على مجال بعينه سواء الأمني أو العسكري بل يتعداه لغيره من المجالات، منذ عهد “كلينتون” –تحديدا عام 1998-، كان الحوار الاستراتيجي بين مصر وأمريكا ينعقد بشكل منظم وكان آخر حوار استراتيجي بين الدولتين الذي عقد في القاهرة 2 أغسطس 2015، وقد انقطع الحوار في عهد الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” بسب المتغيرات السياسية التي طرأت على المشهد المصري بداية من 2011، وعلى الرغم من ان العلاقات كانت موجودة في عهد “ترامب” إلا أنه لم يتم الإشارة لعقد حوار استراتيجي بين البلدين بل زيارات من الرئيس المصري لنظيره الأمريكي، أو محادثات هاتفية الغرض منها تعميق التعاون بينهما، ولكن اختلف الوضع في عهد “بايدن” الذي رأي ضرورة إعادة الحوار مع مصر على الرغم من أن سياسته الخارجية لم تكن مصر أو الشرق الأوسط عمومًا في أجندة أولوياته على أرض الواقع –باستثناء الملف النووي الإيراني-، ولعل دور مصر في “حرب غزة” التي شنتها القوات الإسرائيلية في مايو 2021، هو أحد اهم الدوافع التي أدت لتغيير وجهة النظر عن الشراكة مع مصر، بالإضافة إلى قيامها بدور هام في مشروعات إعادة الاعمار في المنطقة (ليبيا- العراق- غزة)، وترأسها للتحالف الاقتصادي الكبير مع (الأردن والعراق)، وانتهاجها لسياسة خارجية رصينة ورشيدة، فضلًا عن الإصلاحات التي تقوم بها على المستوى الداخلي في مختلف القطاعات.
ولعل هذه التحركات النشطة للإدارة المصرية على الصعيد المحلي والإقليمي وحتى الدولي كانت دافعًا للغدارة الأمريكية لإعادة الحوار بينهما، حيث أن مصر حليف قوي ومؤثر في المنطقة، وقد سبق هذا الحوار تحركات أمريكية داعمة للموقف المصري في قضية “ملف الأمن المائي” في اتصال هاتفي بين الرئيسين، اعتزمت فيه الولايات المتحدة الأمريكية على العمل على تعزيز جهود مساندة مصر في قضية “سد النهضة”، وتلى ذلك مطالبات للجانب الاثيوبي بضرورة العودة لمائدة المفاوضات، والتهديد بتوقيع عقوبات على المسؤولين وغيرها من التحركات التي تدعم الموقف المصري، سبقه اتصال من الرئيس الأمريكي “بايدن” لنظيره المصري يشكره على جهود مصر الحثيثة في إيقاف اطلاق النار في قطاع غزة.
أجندة دسمة تنبئ بتعزيز الشراكات
أنعقد هذا الحوار يومي (8 و9 نوفمبر 2021) بواشنطن، وتم خلال يومي الحوار مناقشة عدد من القضايا والملفات محل الاهتمام بالنسبة للبلدين فبداية تم التأكيد على عمق العلاقات بين البلدين حيث أن عمر العلاقات بينهم يصل لحوالي قرن من الزمان، وبالنظر إلى الملفات التي تم الحديث عليها خلال الجلسات، نجد ان الطرفين اختلافا واتفقا فيما يخص وجهة النظر حول أولويات أجندة الحوار، وكان على رأس هذه القضايا ما يلي: –
ملف حقوق الانسان مازال يقلق الإدارة الأمريكية، لا شك أن الإدارة الأمريكية توجه العديد من الضغوط على الإدارة المصرية فيما يخص ملف حقوق الانسان، وهذا يعكس الضغوط التي تتعرض لها الإدارة من المشرعين وجمعيات حقوق الانسان والنشطاء في هذا المجال، فقد أكد وزير الخارجية الأمريكي على أن الدولتين تعملان معًا من أجل تحسين مستوى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وعليه فقد جاء رد نظيره المصري بأن “ملف حقوق الانسان شديد الأهمية يحتاج كلًا منا إلى بذل الجهد من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الرضا للشعبين”، في إشارة إلى القضايا المتعلقة بحقوق الانسان في الداخل الأمريكي –أحداث الكابيتول-، وبالفعل فبالرجوع إلى قمة فيشجراد أكتوبر 2021، أكد “الرئيس المصري” على أنه لا مانع لدينا من الحديث حول هذا الملف ولكن لابد من اعتماد مقاربات مشتركة في التقييم، في إشارة إلى الجهود المصرية في عدة قطاعات كالاقتصادي والاجتماعي وغيرهم، بالإضافة إلى دورها في ملف اللاجئين، كما أنه تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان في مصر والتي تستهدف دعم الحقوق والحريات، وإلغاء قانون الطوارئ، وغيرها من التحركات التي تسير إلى أن مصر تبذل جهودًا حثيثة لتحسين وضع هذا الملف.
الوضع في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، لم يكن ملف حقوق الانسان هو الوحيد المطروح على مائدة الحوار الاستراتيجي بل تم تناول عدد من القضايا على الصعيد الإقليمي من بينها، الانقلاب الأخير في السودان، وقد أكد الطرفين على ضرورة احترام السيادة الداخلية للسودان، وأكد “بلينكن” على ضرورة تسليم السلطة للمدنيين، وضرورة احترام مسار التحول الديمقراطي في البلاد، وقد تمت فتح هذا الملف في إشارة لعلاقات مصر الوطيدة مع السودان وارتباط مصالحهما معًا فيما يخص “الملف المائي” وبالتالي فيمكن أن تلعب دورًا هامًا في تهدئة الوضع في السودان، ولم يخلو الحوار من الحديث عن الوضع في إثيوبيا، باعتبار أنها الطرف الثالث في “الملف المائي” وأن الولايات المتحدة تبذل جهودًا كبيرة في محاولة احتواء الوضع بالحديث مع اطراف الصراع والأطراف الدولية والإقليمية المؤثرة في مساره، ويمكن إرجاع ذلك إلى رغبتها في عدم التورط في أزمة أخرى في المنطقة، ولأن تفاقم الوضع في إثيوبيا والسودان يعني أن منطقة القرن الافريقي أصبحت في خطر في ظل الصراعات المتنامية فيه وبالتالي فستعرضها لضغوط على المستوى الاقتصادي والعسكري، أما بالنسبة لملف “سد النهضة” فقد أكد الجانب الأمريكي على دعمه لضرورة التوصل لحل مرضي لجميع الأطراف، وحفظ حق مصر في الحصول على حصتها المائية، ولم يكن هذا التصريح الأول من نوعه ببل سبقه تأكيدات من الرئيس الأمريكي أيضًا، وهذا يمثل دعمًا كبيرًا للجانب المصري.
الانتخابات في ليبيا، لم يغيب الحديث عن ليبيا من جلسات الحوار قمع اقتراب موعد الانتخابات المقرر عقدها في ديسمبر 2021، حيث تم التأكيد على دعم الطرفين لسير العملية الديمقراطية في ليبيا، كما تمت الإشارة إلى الدور المصري في احتواء الوضع في ليبيا، وقيادتها لمشروع إعادة الاعمار، ويأتي الحديث عن الملف الليبي في إطار التأكيد على ضرورة دعم الانتخابات كطريقة لإنهاء الصراعات في المنطقة، ودعم خروج القوات المسلحة من البلاد، وقد نال الملف السوري جانبًا من الحديث، حيث أن مصر مؤخرًا تسعى لتدعيم العلاقات مع الجانب السوري، وتدعم عودتها للجامعة العربية، وبعد أن باتت العودة قريبة فلابد من التأكيد على هذا الملف وذلك حتى تتمكن الإدارة الامريكية من الحصول على ضمانات فيما يخص تفكيك قواعد الصواريخ الإيرانية في الأراضي السورية مستغلة بذلك علاقة مصر بسوريا، ويصوره عامة تم الحديث حول الصراعات في المنطقة والوضع في لبنان واليمن، وتم الاتفاق على ضرورة استمرار المشورة على اعلى المستويات من أجل تحسين الوضع في المنطقة.
الملف النووي الإيراني، بالطبع لن يخلو حديث الإدارة الأمريكية عن هذا الملف الذي يعتبر شوكة في حلقها في منطقة الشرق الأوسط، حيث أن الإدارة الأمريكية تتخوف بشدة من امتلاك إيران لبرنامج الصواريخ الباليستية، وبعد التحركات التي تخص استعدادها لخرق الاتفاقيات الدولية من احتجاز تعسفي لبعض المواطنين الأمريكيين كطريقة للضغط على الإدارة الأمريكية وهو ما دفع الرئيس الأمريكي لعقد اجتماع في روما مع “المانيا- إيطاليا- فرنسا” للحديث حول ضرورة ردع إيران وضرورة تضافر الجهود من أجل إعادتها للامتثال للمواثيق الدولية المشتركة.
على المستوى الاقتصادي، تم التأكيد على ان العلاقات الاقتصادية بين الطرفين تعتبر أحد أهم الأولويات المطروحة على أجندة الحوار، حيث أن الولايات المتحدة الامريكية استثمرت بما يزيد عن 30 مليار دولار في التنمية مصر، بالإضافة إلى مشروعات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الخاصة بمصر لتمويل المشروعات ورفع قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما ان الولايات المتحدة الامريكية تستفيد من مصر باعتبارها أكبر سوق تصدر للسلع الامريكية في افريقيا، وما ينتج عنه دعم أكثر من 30 ألف وظيفة أمريكية.
في ضوء التحديات العالمية، تم الحديث حول “جائحة فيروس كورونا” وأزمة المناخ العالمية، وتم خلالها التأكيد على مخرجات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في قمته السادسة والعشرين، في إطار دعم الجهود المصرية لاستضافة الدورة السابعة والعشرين من المؤتمر، من حيث التزام مصر بالتحول إلى مصادر طاقة نظيفة بحلول 2035، كما تم التطرق للتعاون على المستوى العلمي خاصة المنح الدراسية التي تقدمها الولايات المتحدة الامريكية للطلاب المصريين.
يلاحظ أن كان هناك بعض الملفات التي كانت مرشحة بشكل كبير للحوار ولكن لم يتم التطرق إليها خلاله، على سبيل المثال ملف فتح الأسواق الأمريكية أمام البضائع المصرية، ولكن من الممكن ان يتم مناقشته من خلال اللجنة الاقتصادية المزمع تشكيلها بناءً على اقتراح “بلينكن”، ملف التعاون الاقتصادي، كما لم يتم التطرق لملف المساعدات العسكرية المشروطة والتي تتلقاها مصر من أمريكا بموجب اتفاقية “كامب ديفيد”،
بإيجاز يمكننا القول بأن الحوار الاستراتيجي الأمريكي المصري، كان اعترافًا صريحًا بفاعلية الدور المصري على المستوى الإقليمي، وأنه حليف جيد للإدارة الامريكية للاحتواء الازمات في الشرق الأوسط وأفريقيا في ظل انشغال أجندة الولايات المتحدة الامريكية في الوقت الحالي بأولويات أخرى غير المنطقة، وعلى تحركات مصر الأخيرة في معظم الملفات المطروحة على الساحة العربية والافريقية، كما أن مصر أصبحت أقل اعتمادًا على الإدارة الأمريكية من الناحية الاقتصادية في ظل تحسن الوضع فيها، بالإضافة إلى استعانتها بحلفاء أخرون فيما يخص ملف التسلح، وبالتالي فمصر خرجت عن الطوق الأمريكي وأصبحت قوة لا يستهان بها.
هل يؤسس الحوار إلى تعاون مصري أمريكي في الشرق الأوسط؟
انتهى الحوار الاستراتيجي بمجموعة من المخرجات التي اعتمدت على مسار الملفات التي طرحت خلال جلساته بين الطرفين، وتصريحات وزارتي خارجية البلدين فيما بعد الاجتماع وكان من بينها: –
- التأكيد على دور مصر الفاعل في صراعات الشرق الأوسط، وعلى أنها أهم شريك استراتيجي للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، كما تم التأكيد على أنها تسير في مسار متوازن فيما يتعلق بسياساتها الداخلية والخارجية، وأن جودة العلاقات المصرية الأمريكية هي حجز الزاوية للحفاظ على استقرار المنطقة.
- لم يحظى ملف سد النهضة بأي جديد بل مجرد تأكيدات بالدعم الأمريكي للجانب المصري في حصوله على حصته المائية وفقًا لمفاوضات ملزمة للأطراف.
- فيما يخص ملف حقوق الانسان تم التأكيد خلال الاجتماع على انطلاق العمل المشترك بين الجانبين المصري والأمريكي، لدعم وتحسين وضع الملف في مصر خاصة في ظل التحركات الإيجابية التي تقوم بها الإدارة المصرية.
- الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، تم الوصول إلى توافق في وجهات النظر فيما يخص ضرورة احترام سيادة الدول، ودعم مسارها في التحول الديمقراطي، بشكل عام، بالنسبة للوضع في ليبيا تم الاتفاق على ضرورة دعم سير العملية الانتخابية، مع التأكيد على ضرورة إجلاء الجماعات المسلحة من ليبيا.
- التعاون الاقتصادي، تم الاتفاق على تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة لتنسيق التعاون الاقتصادي بين البلدين في ظل الظروف الاستثنائية العالمية.
- المناخ، تم التوصل إلى تكوين فريق مشترك بين مصر وأمريكا، لدعم جهود مصر في ضوء استضافتها للدورة السابعة والعشرون من قمة الأمم المتحدة للمناخ، لإتاحة قدر من التفاوض والتنسيق لضمان مفاوضات مناخية أفضل قبل انعقاد المؤتمر.
- تم الاتفاق على عقد جولة الحوار الاستراتيجي القادمة بين مصر والولايات المتحدة الامريكية في القاهرة عام 2023.
هل اختلفت جولة الحوار الاستراتيجي في عهد “بايدن”
وفقًا لتقرير أعدة مجلس العلاقات الخارجية –مركز بحثي تابع لوزارة الخارجية الأمريكية- فيما يتعلق بمخرجات الحوار الاستراتيجي بين مصر وأمريكا بداية من 1998 حتى 2015، تبين أن لم يتحقق الكثير من مخرجات جولات الحوار، ولعل ذلك يرجع إلى أن الحوار بالأساس كان يهدف لتوسيع العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الامريكية في مجالات متعددة تتعدى التركيز على المجال الأمني أو العسكري فقط، بالإضافة إلى أن التقرير الصادر عن المجلس أشار إلى أن جولات الحوار الاستراتيجي بين البلدين كانت مناسبة جيدة لإطلاق التصريحات ليس أكثر من ذلك دون الوصول إلى نتائج مادية ملموسة.
على الجانب الآخر نجد أن جولة الحوار لهذا العام تميزت، بدسامة الموضوعات محل النقاش وتنوعها على عدة مستويات، كما عكس تفاهمًا واضحًا بين الإدارتين في مختلف القضايا التي طرحت، ليس هذا فقط بل أن الطرفين قد ألتقوا ولكل منهم أولويات تمثل ورقة ضغط على الطرف الاخر (ملف حقوق الانسان- السد الإثيوبي) بالنسبة لأمريكا، (إدارة الصراعات في الشرق الأوسط- ملف التسلح المصري من حيث تعدد مصادره- ملف غاز شرق المتوسط- التعاون الصيني- قضية قطاع غزة) بالنسبة لمصر، على عكس ما جرى في الجولات الحوارية السابقة بين البلدين، ولا يمكننا تجاهل الظروف الدولية والإقليمية التي يعيشها العالم، فضلًا عن أولويات السياسة الامريكية في الوقت الحالي، ما يجعلنا نذهب إلى أن الجولة هذه المرة مختلفة، ويمكن ان تفضي لتعاون وتنسيق ملموس على أرض الواقع.
هل يفضي الحوار إلى شيء؟
بناءً على ما سبق طرحة فيتوقع أن يؤدي الحوار الاستراتيجي إلى نتائج جيدة على كثر من المستويات خاصة وأن مخرجات المؤتمر انتهت بوضع آليات عملية وملموسة لتنسيق التعاون والشراكة في عدد من الملفات على رأسها الملف الاقتصاد، فمن الممكن أن يتم تنسيق فتح الأسواق الأمريكية أمام البضائع المصرية، وأن يرتفع حجم الاستثمارات الامريكية في مصر خصوصًا مع الإصلاحات التي تقوم بها مصر على المستوى التشريعي والبنية التحتية ما يجعلها بيئة جاذبة للاستثمارات، أما بالنسبة لملف الأمن المائي فيتوقع أن يشهد دعمًا أكبر في المستقبل ويرجع ذلك لتأكيدات “بلينكن” على حق مصر في حصة المياه، حيث أن الإدارة الأمريكية يمكن لها القيام بالكثير في هذا الملف من حيث حث الجانب الإثيوبي على التفاوض كشريطة لإلغاء العقوبات الاقتصادية الواقعة عليه، وعلى صعيد ملف التغير المناخي فتعتبر الولايات المتحدة من أكثر الدول المتضررة من التغيرات المناخية وعليه فلن تدخر جهدًا في التنسيق مع الجانب المصري لدعم جهوده في تجنب تبعات التغير المناخي وتنفيذ تعهده باستخدام الطاقة المتجددة بحلول 2035.
ولعل الظروف المضطربة التي يعيشها الشرق الأوسط بفعل الصراعات المنتشرة في كثير من مناطقه على سبيل المثال؛ (السودان- اليمن- لبنان- العراق- سوريا)، تدفع الإدارة الأمريكية إلى ضرورة تنفيذ مخرجات هذا الحوار، كما أن الولايات المتحدة في سباقها مع الصين بدأت تتجه نحو آسيا وتجميد دورها في الشرق الأوسط وأفريقيا، وبالتالي فهي تحتاج إلى مصر لضمان تحقيق الاستقرار في المنطقة من أجل التفرغ للمنافسة الأمريكية الصينية.