تثيرُ جماعةُ “بوكو حرام” المعروفةُ باسمِ “جماعةِ أهلِ السنةِ والدعوةِ والجهادِ ” منذُ سنواتٍ القلقَ داخلَ نيجيريا خاصةً فى الشمالِ والدولِ المحيطةِ بحوضِ بحيرةِ تشاد باعتبارِها واحدةً من أكثرِ الجماعاتِ الإرهابيةِ الدمويةِ والعنيفةِ فى القارةِ الأفريقيةِ، وعلى الرغمِ من تراجعِ زخمِ عملياتهِا فى الفتراتِ الأخيرةِ مع تصاعدِ عملياتِ الفصيلِ المنشقِ منه والمبايعِ لتنظيمِ داعش تحتَ مسمى “ولاية غرب أفريقيا” ناهيك عن تعرضِها لعددٍ من التحدياتِ، إلا أن المشهدَ العملياتيَ فى نيجيريا حملَ بعضَ الدلالاتِ لمحاولاتِ الجماعةِ تصعيدَ هجماتهِا لاسيما الانتحاريةُ من أجلِ استعادةِ نفوذِها مرةً أخرى فى نيجيريا ليبدوَ هذا التراجعُ العملياتى مؤقتاً، ويعكسُ محاولاتِ الجماعةِ للحفاظِ على كيانِها عبرَ اتباعِها سياسةَ البقاءِ برغمِ جهودِ القواتِ النيجيرية للقضاءِ عليها.
أزمات عالقة:
مآلات جهود المكافحة و برامج الإدماج النيجيرية:
استطاعتْ القواتُ النيجيريةُ تكثيفَ جهودِها ضد التنظيماتِ الإرهابيةِ فى البلادِ واستهدفتْ قياداتٍ بارزةً فى جماعةِ بوكو حرام ودحرِ هجماتِهِا الإرهابيةِ عبر إطلاقِ عدةِ عملياتٍ عسكريةٍ فى شمالِ شرقِ نيجيريا حيثُ ولايةُ “بورنو” بالتنسيقِ والتعاونِ مع بعضِ الدولِ الإقليميةِ، وذلك بجانبِ إطلاقهِا لبرنامجِ مكافحةِ التطرفِ مما أسفرَ عن إعلانِ بعضِ مقاتلِى الجماعةِ استسلامِهم للجيشِ النيجيرىِِ فى سبيلِ إدماجهِم فى المجتمعِ النيجيرىِ مرةً أخرى وهو ما أحدثَ بدورهِ خللاً داخلَ التنظيم[1]ِ. ومن أهمِ تلكَ الجهودِ الإدماجيةِ عمليةُ “الممرِ الآمن” التى تمَ انتهاجهُها منذُ عامِ 2016 والتابعةُ لبرنامجِ نزعِ التطرفِ والسلاحِ وإعادةِ التأهيلِ والإدماجِ المدعومةِ من المنظمةِ الدوليةِ للهجرةِ بالتعاونِ مع الجيشِ النيجيرىِ، وتعتبرُ تلك العمليةُ مسؤولةً عن إعادةِ دمجِ المقاتلين المنشقينَ عن الجماعةِ وذويِهم بمحضِ إرادتهِم، وإقناعِ المتمردينَ بإلقاءِ أسلحتِهم، وذلك بالتوازىِ مع شنِ هجماتٍٍ عسكرية على معاقلِ تواجدِ كلٍ من جماعةِ بوكو حرام وتنظيمِ داعش .[2] وعلى صعيدٍ آخر أعلنَ الجيشُ النيجيرىُ شهرَ مايو الماضى عن إطلاقِ سراحِ 350 رهينةً من أيدىِ جماعةِ بوكو حرام بعد احتجازِهم لعدةِ سنواتٍ وتمَ تسليمهُم إلى سلطاتِ ولاية “بورنو” بعد عمليةٍ عسكريةٍ دامتْ لعدةِ أيامٍ فى غابةِ “سامبيسا” الواقعةِ على طولِ الحدودِ مع الكاميرون والنيجر، وقد قتلَ خلالَ عمليةِ الإنقاذِ بعضُ المتطرفينَ، ودمرتْ مقراتُهم، وتنوعتْ الرهائنُ بين 209 طفلٍ، و135 سيدةٍ، بجانب 6 رجالٍ.
وبالرغمِ من ضرورةِ العملياتِ العسكريةِ وفاعليتِها فى تراجعِ نشاطِ الجماعةِ إلا أنها لم توقفْ هجماتهِا بعد حيثُ أظهرتْ الجماعةُ قدرتهَا على الصمودِ أمامَ تلك التدابيرِ الأمنيةِ الموجهةِ ضدهم وتتخذُ الجماعةُ من الجيشِ النيجيرىِ عدواً رئيساً لها، كما لم تؤتْ عمليةُ الممرِ الآمنِ ثمارهَا المرادةَ حيثُ لم يتمْ إدماجُ جميعِ العناصرِ المنشقةِ داخلَ هذا البرنامجِ واتباعِ سياسةٍ انتقائيةٍ للعناصِر الأقلِ تهديداً، وعليه لا زالتْ بوكو حرام تمثلُ أبرزَ التحدياتِ التى تواجهُ الرئيسَ النيجيرىَ (بولا تينوبو) الذى تولىَ مقاليدَ السلطةِ فى فبرايرَ العامَ الماضىِ ووعدَ بتجنيدٍ كثيفٍ لعناصرِ في الشرطةِ والجيشِ، لاسيَّما مع عدمِ الوقوفِ على استارتيجيةٍ جديدةٍ تنتهجُ سياسةً صريحةً لمواجهةِ أعمالِ التمردِ والعنفِ وما ينتجُ عنه من انعدامِ الأمنِ فى البلادِ[3].
الانشقاقاتُ والانقساماتُ التي ضربت الجماعةَ:
تعرضتْ جماعةُ بوكو حرام لحالةٍ من عدمِ الاستقرارِ مع إعلانِ زعيمهِ الراحل (أبو بكر شيكاو) مبايعَته لتنظيمِ داعشِ فى 2015 وأطلقتْ على نفسِها ولايةَ غربِ أفريقيا، ولكن على أثرِ بعضِ الانشقاقاتِ الداخليةِ تم عودةُ فصيلٍ من جماعةِ بوكو حرام باسمهِ بقيادةِ (شيكاو) فى عام 2016، ومنذ ذلك الحينِ تعرضتْ الجماعةُ إلى العديدِ من الضرباتِ لاسيما بعدَ مقتلِ زعيمِها فى عام 2021، وتفاقمِ الخلافاتِ والتنافسِ بين فصيلِ بوكو حرام وفصيل غرب أفريقيا، حيث تمكنَ الأخيرُ من تكثيفِ هجماتهِ ضد عناصرِ بوكو حرام والعمسكراتِ التابعةِ له والسيطرةِ على مساحاتٍ شاسعةٍ من شمالِ شرقِ نيجيريا والتى مثلتْ مناطقَ نفوذٍ للفصيلِ المعادىِ. وظهرتْ الانقساماتُ داخلَ الجماعةِ مؤخراً ما بين الأعضاءِ الراديكاليينَ الأشدِ تطرفاً والاعضاءِ المعتدلين مع عملياتِ التطهيرِ الداخليةِ التى شهدتهاَ ولايةُ غربِ أفريقيا وعودةِ بعضِ عناصرَ إلى الجماعةِ الأم لهما بعد سخطهِم من داعش[4].
ضعفُ مصادرِ التمويلِ المحلىُ والخارجى:
تعتمدُ بوكو حرام فى تمويلِها على النشاطِ الإجرامىِ لها عبرَ عملياتِ السرقةِ والخطفِ للحصولِ على فديةٍ والتمويلِ الخارجىِ عبرَ مؤسسساتٍ معارضةٍ للحكومةِ النيجيريةِ وداعمةٍ للعملياتِ الإرهابيةِ وبثِ العنفِ وعدمِ الاستقرارِ فى أرجاءِ البلادِ بجانبِ التمويلِ التى تلقتهُ من التنظيماتِ الأخرى مثل تنظيمِ القاعدةِ وذلك قبلَ مبايعتِها لتنظيمِ داعشِ، ولكن كشفتْ عدةُ تحدياتٍ عن ضعفِ مصادرِ التمويلِ لبوكو حرام يكمنُ أولهُا فى الانفصالِ عن داعش والاشتباكاتِ الدائرةِ بينهما الذى أسفرَ عن انقطاعِ بعضِ المواردِ الماليةِ، فضلاً عن ضرباتِ الجيشِ النيجيرىِ التى أسفرتْ عن ركودِ العملياتِ الإرهابيةِ لاسيما المعتمدةُ على سياسةِ الاختطافِ للنيجيرينَ والأجانبِ.
دلالاتُ التصعيدِ:
عملياتٌ إرهابيةٌ نوعيةٌ:
احتلتْ نيجيريا فى عامِ 2023 المركزَ الثامنَ للدولِ العشرةِ الأكثرِ تأثراً بالإرهابِ وبالرغمِ من ذلك فإنها مثلتْ ارتفاعاً فى عددِ الضحايا بنسبةِ 34% عن العامِ السابقِ له وذلك بسببِ احتدامِ النزاعِ بين جماعةِ بوكو حرام وتنظيمِ داعشِ ولايةِ غربِ أفريقيا، وقد سجلتْ جماعةُ بوكو حرام أعلى نسبةٍ منذُ عامِ 2020، حيث قامتْ بتنفيذِ 29 هجوماً أسفرَ عن سقوطِ 151 شخصاً[5]. وذلك فى مناطقِ العملياتِ الرئيسيةِ حيثُ ولايةُ بورنو ولاسيما فى مدينةِ “مايدوجورى” فضلاً عن ولايةِ “يوبى”، وذلك عبر استخدامِ أساليبَ أكثرِ عنفاً من خلالِ القتلِ والاختطافِ والتفجيراتِ الانتحاريةِ فى دور العبادةِ والمدارسِ والأسواقِ وكذلك القواعدِ العسكريةِ والسجونِ، ويأتى هذا النهجُ العنيفُ فى ظلِ زعامةِ (باكورا دورو) لبوكو حرام وتبنيهِ لنهجٍ مشابهٍ إلى نهج (شيكاو) وسائراً على الأسسِ الفكريةِ للتنظيمِ والتى تتشابهُ إلى حدٍ كبيرٍ مع أسسِ ومبادىءِ التنظيماتِ الإرهابيةِ المتطرفةِ الداعيةِ إلى الجهادِ مثل تنظيمىِ “داعش” و”القاعدةِ”.
وفى الشهرِ المنصرمِ واجهتْ الأراضى النيجيريةُ 3 تفجيراتٍ انتحاريةٍ عنيفةٓ بعبواتٓ ناسفةٍ فى مناطقَ متفرقةٍ فى نيجيريا قامتْ بها انتحارياتٌ تابعاتٌ للجماعةِ حيث وقعتٰ تلك التفجيراتُ المتتاليةُ فى مدينةِ “جوزا” الواقعةِ فى ولايةِ “بورنو” شمالِ شرقِ نيجيريا وأسفرتْ فى مجملهِا عن سقوطِ حوالى 38 شخصاً مدنياً وإصابةِ آخرين. [6] وفى هجومٍ آخرَ و فى منطقةِ “شيرورو” بولايةِ “نيجر” وأدتْ إلى قتلِ حوالى 20 شخصاً وإصابةِ العديدِ بجروحٍ جراءَ الهجومِ[7]. فى إطارِ التصعيدِ النيجيرىِ بتنفيذِ عددٍ من العملياتِ العسكريةِ المضادةِ للتنظيماتِ الإرهابيةِ وعلى رأسهِا “بوكو حرام”، بجانبِ عملياتِ التمشيطِ لمقراتِ ومعداتِ الجماعةِ.
استياء المنشقين عن الجماعة “ملاذات الجماعة الآمنة”:
مع خروجِ فصيلٍ من بوكو حرام من كنفِ تنظيمِ داعشِ وحدوثِ انشقاقٍ داخلَ الأولى ظلَ العديدُ من مقاتلِى بوكو حرام تحتَ لواءِ داعش، واستسلمَ البعضُ للقواتِ النيجيريةِ فيما عاد آخرون إلى بوكو حرام، وفى تصريحٍ لأحدِ عناصرِ بوكو حرام المنشقينَ قال “إن القتالَ فى كنفِ الجماعةِ المتشددةِ يعدُ أفضلَ من البقاءِ فى المخيماتِ التى جرىَ إنشاؤُها بولايةِ بورنو في شمالِ شرقِ نيجيريا”، فى إشارةٍ إلى المخيماتِ التى أنشاتْها الحكومةُ النيجيريةُ وسلطاتُ ولايةِ “بورنو” لهؤلاءِ المنشقينَ فضلاً عن وعودهِم بالتأهيلِ وإعادةِ الاندماجِ مرةً أخرى فى المجتمعِ وحصولهِم على التدريبِ والتمويلِ مقابلَ الانشقاقِ عن الجماعة، ولكن واقعياً لم تفى السلطاتُ بكاملِ الوعودِ التى منحتْ لهؤلاءِ مما تسببَ بالشعورِ بخيبةِ آملٍ لديهم والنظرِ إلى جماعةِ بوكو حرام بأنها البديلُ الأفضلُ الذى يلبى الاحتياجاتِ الأساسيةَ ويقدمُ الدعمَ المرغوب[8]َ. الأمرُ الذى منحَ ميزةً لبوكو حرام من أجلِ التعبئةِ البشريةِ وإعادةِ هؤلاء إلى كنفهِا بجانبِ استقطابِ دماءٍ جديدةٍ لاسيٌَما صغارُ السنِ والنساءِ وإعادة تثقيفهم على أيدلوجية وفكر بوكو حرام.
استمراريةُ نهجِ توظيفِ الفتيات فى العملِ الجهادىِ:
ألقتْ التفجيراتُ الانتحاريةُ الأخيرةُ التى قامتْ بها انتحارياتٌ من بوكو حرام الضوءَ على أبرزِ وأهمِ التكتيكاتِ التى أدخلتهَا بوكو حرام فى استراتيجيِتها ووظفتَها فى عملياتِها النوعيةِ بشكلٍ متكررٍ أكثرَ من التنظيماتِ الإرهابيةِ الأخرى وهى “اختطافُ الفتياتِ” وتجنيدِهم وإجبارهن على تنفيذ عمليات انتحارية أو استخدامِهم كوسيلةٍ للفديةِ من أجلِ تمويلِ عملياتهِا، ولنا فى حادثةِ مدرسةِ “شيبوك” عام 2014 خيرُ مثالٍ والتى على إثرِها تم اختطافُ حوالى 276 طالبةً، فضلاً عن اختطافِ الجماعةِ لطالباتٍ مدريةٍ فى مدينةٍ “دابتشى” فى فبرايرَ لعامِ 2018، وغيرِها. ويرجعُ اعتمادُ بوكو حرام في ذلك على النساءِ فى عملياتِها الإرهابيةِ الانتحاريةِ إلى أن النساءَ أقلُ إثارةً للشكوكِ وأقلُ تكلفةً ولديهنَ قدرةٌ على اختراقِ الأهدافِ بشكلٍ أكثرَ سلاسةً من الرجالِ وأكثرَ فائدةً من الجانبِ التكتيكىِ حيث لا ينظرُ إليهم باعتبارهنَّ مصدرَ تهديدٍ، الأمرُ الذى حولهنَّ إلى قنابلَ بشريةٍ موقوتةٍ.[9]
الاشتباكات الدائرة مع داعش غرب أفريقيا:
يعكسُ التصعيدُ العملياتىُ المتبادلُ والاشتبكاتُ الداميةُ بين جماعة بوكو حرام بقيادة (شيكاو) وتنظيمِ داعش ولايةِ أفريقيا بقيادةِ (أبو مصعب البرناوى) أبرزَ ملامحِ الخريطةِ الإرهابيةِ فى منطقةِ غرب أفريقيا منذ عام 2016، لا تتوقفُ بوكو حرام عن شنِّ هجماتٍ كبيرةٍ ضد داعشِ وتحقيقِ مكاسبَ على أرضِ الواقعِ ولم تستسلمْ تجاهَ سيطرةُ تنظيمِ داعش على الأراضىِ الواقعةِ تحتَ كنفِ بوكو حرام لاسيما بعدَ مقتلِ “شيكاو”، وعلى الرغمِ من انضمامِ بعضِ العناصرِ من بوكو حرام إلى داعشِ باعتبارِها الفصيلَ المهيمنَ واستسلامِ أخرينَ، إلا أن قادةَ بوكو حرام دعوا إلى البقاءِ موالين للجماعةِ بجانبِ مواصلةِ القتالِ ضد داعش والحفاظِ على النفوذِ فى شمالِ البلادِ، سائرين على تصريحٍ لشيكاو قبل مقتلهِ قائلاً فيه “يجبُ أن يعرفَ الناسُ أننا ما نزالُ موجودينن لن نوقعَ فتنةً بين الناسِ، وسنسيرُ وفقَ أحكامِ سنةِ النبىِ والقرآنِ الكريمِ، هذا هو موقفُنا، وما نزالُ نحن جماعةَ أهلِ السنةِ للدعوةِ والجهادِ”[10].
حشد القوات حول بحيرة تشاد:
من أجلِ هيمنةِ بوكو حرام على محيطِ حوضِ بحيرةِ تشاد ذاتِ الموقعِ الاستراتيجِى وتعزيزِ مواقعِها لاسيَّما ضدَ مواجهةِ تنظيمِ داعش غربِ أفريقيا وكذلك القواتِ النيجيريةِ، قامتْ بحشدِ مقاتليِها وقواتها فى تلك المنطقة لفرض هيمنتها واتخاذِها منطلقاً لشنِّ عملياتهِ لاسيما ضدَ المدنيينَ باعتبارِها واقعةً بين 4 دولٍ “نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد” مما يمنحُها منطلقاً لتوسيعِ نفوذِها وسيطرتِها بالامتدادِ معَ ولايةِ بورنو النيجيريةِ، ناهيكَ عن طبيعتِها التى تضمنُ بحيراتٍ وجزراً ومستنقعاتٍ تساعدُ الجماعةَ على التمويهِ وكذلك المراقبةِ والتخطيطِ ويساعدُها فى ذلك ما لدى عناصرِها من خبراتٍ قتاليةٍ بالمستنقعات[11]ِ.
مما سبقَ ذكرهُ؛حملتْ مقتلُ زعيمِ بوكو حرام (أبو بكر شيكاو) فى عامِ 2021 صاحبِ الخطابِ الدموىِ والإجراءاتِ الأشدِ فتكاً تداعياتٍ على آفولِ الجماعةِ وهيمنةِ داعش ولايةِ غربِ أفريقيا على المشهدِ العملياتىِ، ولكن مثلَ غيابُ بوكو حرام وتراجعُ قوتهِا وهجماتِها الدمويةِ فترةً مؤقتةً وإن كانت طويلةً، ولم تحملْ فى داخلِها دليلَ انهيارِها، بل حاولتْ خلال هذا العقدِ إعادةَ تنظيمِ صفوفِها والتركيزِ على التجنيدِ والتعبئةِ البشريةِ من أجلِ ضخِ دماءٍ جديدةٍ للجماعةِ مرتكزةً على وسيلةِ التجنيدِ القسرىِ لاسيما للأطفالِ والفتياتِ بجانبِ تقديمِ الإغراءاتِ والدعمِ المالى، والعودةِ لأنشطِتها العنيفةِ فى الساحةِ النيجيريةِ والدولِ المجاورةِ لها لاسيما على الحدودِ. وبموجبهِ يقعُ على عاتقِ النظامِ النيجيرىِ مسؤوليةُ المواجهةِ المضادةِ ضد تحركاتِ الجماعةِ المتصاعدةِ عبرَ صياغةِ استراتيجيةٍ شاملةٍ ومتعددةِ الأبعادِ والبحثِ عن مقارباتٍ بديلةٍ لمحاربةِ التنظيماتِ الإرهابيةِ المنتشرةِ فى الداخلِ النيجيرىِ والتى تحاربُ بعضَها بعضاً، بجانبِ التنسيقِ الإقليمىِ مع الدولِ المجاورةِ ودولِ القارةِ الحثيثةِ على الحدِ من الأعمالِ الإرهابيةِ، هذا إلى جانبِ معالجةِ أهمِ الجذورِ المؤديةِ إلى الإرهابِ والتمردِ والجاذبةِ لاستقطابِ عناصرَ جديدةٍ للانضمامِ إلى العملِ الإرهابىِ.
المصادر:
[1] نورا فايد، “انكماش ملحوظ.. لماذا تتراجع عمليات “بوكو حرام”؟”، القاهرة الإخبارية، 6 أبريل 2023، متاح على الرابط أدناه:
[3] Francesca Batault, Malik Samuel, “Dialogue and negotiation: alternative solutions to Boko Haram conflict?”, The Institute for Security Studies, 29 May 2024, Available on:
[5] رابحة سيف علام، “مؤشر الإرهاب العالمي 2024: إرهاب أقل انتشاراً وأعمق أثراً”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 19 مارس 2024، متاح على الرابط أدناه:
