هل سيكون “نوبك” الرد الأمريكى على “أوبك” ؟
إعداد: ميار هاني
مررت اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، فى شهر مايو المنصرم، قانون نوبك، بأغلبية تمثلت فى 17 صوتًا مقابل 4 أصوات، ولكى يصبح قانونًا، لابد أن يجتاز التشريع مجلس الشيوخ ومجلس النواب بكامل هيئاته، ويوقعه الرئيس جو بايدن.
فما هو مشروع قانون نوبك ولماذا يتم طرحه الأن:
على الرغم من الضغط المكثف من قبل واشنطن، قررت أوبك بلس خفض إنتاجها من النفط بمقدار مليونى برميل يوميًا، والذى يعد أكبر خفض فى إنتاج النفط منذ بداية الجائحة، ما سيؤدى بدوره إلى ارتفاع التضخم المدفوع جزئيًا بارتفاع أسعار الوقود الأمريكى فى توقيت حساس للغاية بالنسبة لإدارة بايدن.
إذ يسبق بأسابيع قليلة إنتخابات التجديد النصفى للكونجرس والتى ستحدد ملامح المدة المتبقية من ولايته؛ حيث يخشى مسؤولون فى حزب بايدن، الديموقراطى، من تأثير القرار على شعبية حزبه وفرصه فى الإنتخابات القادمة وسط مساع من الجمهوريين لإنتزاع السيطرة، فضلا عن صدور القرار خلال الأزمة التى يمر بها الإقتصاد العالمى ومحاولات عزل روسيا، أحد أهم الأعضاء فى تحالف مصدرى النفط.
كل ذلك أدى لإعادة ظهور مشروع قانون “لا لتكتلات إنتاج النفط وتصديره” “نوبك” لخفض سيطرة أوبك على أسعار الطاقة، وتجدر الإشارة أن أول ظهور للقانون منذ عقدين من الزمن تقريبا، حيث كان يدفع به المشرعون لكبح جماح المنظمة، الا انه لم يتجاوز خط النهاية أبدًا.
ويعاود القانون ظهوره بعد إكتسابه مظهرًا جديدًا وسط حالة غضب فى واشنطن، أكبر مستهلك للنفط عالميا، ومن شأنه أن يغير قانون مكافحة الاحتكار الأمريكى ورفع الحصانة السيادية التى تحمى أوبك بلس وشركات النفط الوطنية منذ فترة طويلة من الدعاوى القضائية بتهمة تحديد الأسعار.
وإذا تم تمرير التشريع المقترح، فسيكون للمدعى العام الأمريكى القدرة على مقاضاة أوبك بلس أو أعضائها، مثل المملكة العربية السعودية وروسيا، أمام محكمة فيدرالية.
ومن المبهم كيف يمكن بالظبط لمحكمة فيدرالية أن تنفذ قرارات قضائية ضد دولة أجنبية لمكافحة الاحتكار.
وقد تواجه واشنطن أيضًا انتقادات لاذعة لمحاولاتها التلاعب بالأسواق من خلال إطلاقها المخطط لـ 165 مليون برميل من احتياطى النفط الإستراتيجى بين شهرى مايو ونوفمبر.
ووفقا ل ClearView Energy Partners وهى مجموعة بحثية غير حزبية، إن إذا تم تقديم نوبك إلى مجلس الشيوخ، فمحتمل حصولها على 60 صوتًا، وهى الأصوات اللازمة لتمرير، المجلس المكون من 100 عضو، للقانون.
وأظهر استطلاع رأى جديد ل Morning Consult- Politico فى الفترة من 7 إلى 9 أكتوبر 2022، أن 45% من الناخبين يؤيدون نوبك، و 18% لا يؤيدون مشروع القانون، فضلا عن 36% لا يعرفون أو ليس لديهم رأى فى الأمر.
فمن المرجح أن يدعم الديموقراطيون مشروع القانون و”بقوة”، حيث أظهر الإستطلاع أن تقريبا 1 من كل 3 ناخبين ديمقراطيين، و 1 من كل 5 جمهوريين يدعمون نوبك.
هل سيقدم بايدن على تمرير نوبك فى حال حظى بالدعم الكافى من كلا المجلسين؟
قد أثار البيت الأبيض فى وقت لاحق مخاوف بشأن مشروع القانون، ومع ذلك، بعد قرار أوبك، فمن المحتمل أن تتشاور إدارة بايدن مع الكونجرس حول التشريع.
لكن يظل من غير المتوقع إقرار نوبك لإنعكاساته السلبية المحتملة ، فقد حذر بعض المحللين من أن تنفيذه قد يؤدى لعواقب خطيرة غير مقصودة، والتى من شأنها أن تتعارض مع أهداف الحكومة.
– ففى عام 2019، هددت المملكة العربية السعودية ببيع النفط بعملات غير الدولار إذا أقرت واشنطن نوبك، وهى خطوة من شأنها:
- تقويض الدولار ومكانته كعملة احتياطية رئيسية فى العالم.
- تقليل من نفوذ الولايات المتحدة فى التجارة العالمية.
- تحجيم قدرتها فى فرض العقوبات على الدول.
– كما يمكن للمملكة شراء على الأقل بعض الأسلحة من دول أخرى غير الولايات المتحدة، ما يضر بتجارة مربحة للأمريكيين.
– وعارض معهد البترول الأمريكى API منذ فترة طويلة مشروع القانون، وهو أكبر جماعة ضغط للنفط والغاز فى الولايات المتحدة الأمريكية، فوفقا ل “مايك سومرز” رئيس API والرئيس التنفيذى، إن نوبك “ستخلق مزيدًا من عدم الاستقرار فى السوق وتفاقم التحديات الحالية فى التجارة الدولية، مثل هذا التشريع لن يكون مفيدًا فى أى ظروف سوق فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل.”
– كما حذر بعض المحللين من أن قد تضر نوبك فى نهاية المطاف بمنتجى النفط والغاز فى الولايات المتحدة فى حال تم الضغط على المملكة العربية السعودية وغيرها من دول أعضاء أوبك لإغراق الأسواق العالمية بالنفط، ما يتسبب فى انخفاض الأسعار لدرجة أن شركات الطاقة الأمريكية تواجه صعوبة فى زيادة الإنتاج نظرا لإرتفاع تكلفة إنتاجهم للنفط، وذلك على عكس المملكة العربية السعودية ودول أخرى فى منظمة أوبك والتى تمتلك أرخص الاحتياطيات فى العالم من حيث الإنتاج.
– ومن المتوقع أن يدفع إقرار القانون إلى تقييد الشحنات إلى واشنطن أو ببساطة رفع أسعار النفط المباع لها.
– وجاء على لسان د “إلين والد” المؤرخة والباحثة في مجال الطاقة العالمية، ان توجد مخاوف من لجوء الدول المتضررة للتصعيد، الأمر الذى من شأنه أن يفاقم التوتر؛ كرغبة البعض فى عدم البيع للولايات المتحدة، الذى يعد جزء هام من إمداداتها النفطية العالمية، أو إنتقام هذة الدول من المصالح الأمريكية فى بلدانها كتأميم المصالح النفطية الأمريكية.
– وعلق محلل سابق بوكالة المخابرات المركزية فى وقت لاحق، “أنها فكرة سيئة دائمًا أن تضع سياسة عندما تكون غاضبًا.” لذلك، الإجراء الأكثر حكمة هو الانتظار ورؤية رد فعل أسواق النفط وتحديد إلى أى مدى سيتم تنفيذ تخفيضات الإنتاج هذه فعليًا.
وخلاصة القول، فى حال تم تطبيق قانون نوبك، قد ترتد أثاره السلبية على الشعب الأمريكى نفسه، ويساهم فى تفاقم المشكلات وإطالة أمدها مما يقوض الهدف الأساسى لمشروع القانون.