المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > هل يصبح اتفاق وقْف إطلاق النار في غزة بدايةً لمرحلة جديدة؟
هل يصبح اتفاق وقْف إطلاق النار في غزة بدايةً لمرحلة جديدة؟
- يناير 17, 2025
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات

إعداد: ريهام محمد
باحثة متخصصة في وحدة شؤون الشرق الأوسط
على وقْعِ جولةٍ حاسمةٍ من المحادثات الدبلوماسية، لعبت خلالها مصر دورًا محوريًّا بالتنسيق مع الولايات المتحدة وقطر، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأربعاء 15 يناير 2025، التوصُّل إلى اتفاقٍ يقضي بتبادُل الأسرى والمحتجزين وعودة الهدوء المستدام؛ ما يُمهِّد الطريق لوقْف إطلاق النار الدائم بين الأطراف المتنازعة، بعد مرور 15 شهرًا من الحرب المدمرة، على أن يبدأ سريان الاتفاق اعتبارًا من 19 يناير 2025، تحت إشرافٍ ثلاثيٍّ من “مصر وقطر والولايات المتحدة”.
يأتي الإعلان عن هذا الاتفاق قبْل أيامٍ قليلةٍ من عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي كان لدخوله في هذه الجولة دورٌ مؤثرٌ، بعد أن أطلق تهديدات قوية ضد إسرائيل وحماس، مهددًا بتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى جحيمٍ إذا لم تقبلا صفقة إنهاء الحرب في غزة قبْل حفل تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة؛ ما ساهم بشكلٍ كبيرٍ في تليين المواقف بعد أشهرٍ من تعنُّت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويظلُّ التساؤل الأكثر تعقيدًا في هذا السياق: من سيقود غزة في المرحلة القادمة بعد انتهاء الحرب؟
ما هي تفاصيل الاتفاق؟
وفقًا لبيان الوسطاء (مصر، وقطر، والولايات المتحدة الأمريكية)، يتضمن الاتفاق الذي تمَّ التوصُّل إليه بين طرفيْ النزاع (إسرائيل وحماس) ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: الإفراج عن الرهائن والسجناء
مدتها 42 يومًا؛ حيث تمَّ الاتفاق على تنفيذ عدة نقاط، أبرزها:
سيتمُّ إطلاق سراح 33 رهينةً، بينهم أطفال ونساء ومُجنَّدات ورجال فوق سِنِّ الخمسين، بالإضافة إلى الجرحى والمصابين.
وقْف العمليات العسكرية من كلا الجانبيْن بشكلٍ مؤقتٍ، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي شرقًا بعيدًا عن المناطق السكنية إلى منطقةٍ قُرْب الحدود في كافَّة مناطق قطاع غزة؛ بما في ذلك “وادي غزة”، كما سيتمُّ الانسحاب إلى مسافة 700 مترٍ قبْل الحدود، اعتمادًا على الخرائط التي كانت موجودةً قبْل 7 أكتوبر 2023،
تعليق نشاط الطيران الإسرائيلي لأغراضٍ عسكريةٍ واستطلاعيةٍ بشكلٍ مؤقتٍ في قطاع غزة بمُعدَّل عشر ساعات يوميًّا و12 ساعةً، خلال أيام الإفراج عن المحتجزين والأسرى،
تقوم إسرائيل بتقليل عدد قواتها تدريجيًّا في منطقة الممرِّ بمحور “فيلادلفيا”، وفْقًا للخرائط المتفق عليها من الطرفين، وكذلك السماح بعودة النازحين لمناطق سكناهم والانسحاب من وادي غزة.[1]
المرحلة الثانية: مزيدٌ من تبادل الرهائن
تستمر لمدة 42 يومًا مع اتفاق الأطراف على تطبيق ما يأتي:
الإعلان عن حدوث هدوءٍ مستدامٍ، يشمل توقُّفًا دائمًا لجميع العمليات العسكرية والنشاطات العدائية، فضلًا عن استئناف تبادل المحتجزين والأسرى بين الطرفين؛ بما في ذلك جميع الرجال الإسرائيليِّين الأحياء المتبقِّين، مقابل عددٍ متفقٍ عليه من الأسرى الفلسطينيِّين المعتقلين، إضافةً لذلك، انسحابٌ كاملٌ لقوات الاحتلال الإسرائيلي خارج قطاع غزة.[2]
المرحلة الثالثة: إعادة إعمار غزة
تستمر فترة هذه المرحلة لمدة 42 يومًا، وقد تمَّ الاتفاق على تنفيذ ما يأتي:
إجراء تبادُلٍ لجثامين ورُفَات الموتى الموجودة لدى الجانبيْن بعد التعرُّف عليها، والبدْء في تطبيق خطةٍ لإعادة بناء قطاع غزة، تمتد من 3 إلى 5 سنوات، وستشمل الخطة ترميم المنازل والمباني والمنشآت الأساسية، بجانب تعويض جميع المتضررين تحت إشراف عددٍ من الدول والمنظمات التي ترعى هذا الاتفاق، بالإضافة إلى فتْح كافَّة المعابر والسماح بحرية تنقل الأفراد والبضائع.[3]
ردود فعلٍ متفاوتةٍ:
أعربت ردود الفعل بشأن اتفاق وقْف إطلاق النار في غزة، عن تباينٍ ملحوظٍ؛ إذ رحَّبت بعض الدول محليًّا ودوليًّا بالخطوة، بينما كانت الآراء داخل إسرائيل متباينة تجاه الاتفاق الذي أبرمته حكومة بنيامين نتنياهو.
على الصعيد الإقليمي:
رحَّب الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذا الاتفاق بعد جهودٍ مضنيةٍ، استمرت أكثر من عام، بوساطة كُلٍّ من “مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية”، وأكَّد في منشورٍ، عبْر (إكس) على ضرورة الإسراع بتوصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة.
كما أعربت وزارة الخارجية السعودية عن الترحيب بأحدث التطورات، وشكرت “قطر ومصر والولايات المتحدة” على مساعيهم الكريمة، مشددةً على أهمية الالتزام بالهُدْنة وسحْب الجنود الإسرائيليِّين بشكلٍ كاملٍ من الأراضي الفلسطينية والعربية، وإعادة النازحين إلى مناطقهم.
فيما أعلن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” عزْم بلاده للحصول على سلامٍ دائمٍ بخطواتٍ مثمرةٍ وغامرةٍ، فيما يتعلق بالأزمة مستقبلًا، مُشيرًا لأهمية وثيقة السلام للسكان الفلسطينيِّين وكل الشعوب المحبة للسلام والاستقرار العالمي؛ حيث شدَّد أنطونيو غوتيريش الأمم المتحدة ابن المدعاة للحفاظ والكسْب بداية العمليات الأساسية للتخفيف الحالك الناتج لترتيبات الأزمة الحالية
ومن جهته؛ أشاد الرئيس اللبناني جوزيف عون بالهدنة، وأشار عبْر حساب الرئاسة اللبنانية بأنه يتطلَّبُ متابعةً حقيقيةً لالتزام إسرائيل بالاتفاق؛ نظرًا لتاريخها في التنصُّل من المسؤوليات الدولية.[4]
وقد عبّر الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي عن تقديره للإعلان عن هدنة، واستنكر بشدة الوضع الراهن للرهائن المحتجزين، ووعد بالتعاون لوضْع حدٍّ للمعاناة المستمرة.
وفي سياقٍ متصلٍ، أثنى أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، على جهود دول الوساطة “المصرية والقطرية والأمريكية” لتحقيق ذلك الهدف، معربًا عن تفاؤله بالمستقبل.
أمَّا الرئيس الإسرائيلي “إسحق هرتسوغ”، فقد أعلن دعمه للاجتماع، ووصفه “بالخيار الصحيح” لاستعادة الرهائن المحتجزين بغزة.[5]
بينما أصدر وزير المالية الإسرائيلي”بتسلئيل سموتريتش” تحذيرًا ضمنيًّا بمعارضة الصفقة، قائلًا: إن أيَّ اتفاق سيعرض عليهم يُعتبر خطرًا للأمن القومي، ويجب أن يقابل بموقفٍ صارمٍ ضد حماس؛ لفرض السيطرة العسكرية مُجدَّدًا إذا لَزِمَ الأمر، وفي المقابل، عبّر وزير الدفاع السابق “يوآف غالانت” عبْر منصة إكس المؤيدة له دعم للفكرة شاكرًا كُلًّا من بايدن وترامب لضغطهما نحو تحقيق السلام.[6]
وأضاف البيان المهم لحركة حماس،الذي اعتبرت فيه التوصُّل لهذه الهدنة “تحوُّلًا مهمًّا” في النزاع، مشيرةً إلى أنه يُمثِّلُ نجاحًا لشعب فلسطين ولعموم العرب والداعمين لقضيتهم، مؤكدين شكرهم للدول المسؤولة، مثل قطر ومصر، كذلك شهد الاتفاق تأكيد العديد من البلدان العربية الأخرى الداعمة؛ بما فيها الأردن والعراق، بجانب كافَّة دول المجلس الخليجي حول إيجابية هذه الخطوة[7].
على المستوى الدولي:
ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن موقف وقْف إطلاق النار جاء نتيجة جهود إدارة بايدن، والتي قادت نقاشاتٍ عالميةً لدعم هذا الاقتراح وتنسيقه جيِّدًا مع الإدارة القادمة؛ ما ساعد كثيرًا بإتمام الإختلاف الضارب بين الأطراف المختلفة، بدوره؛ صرَّح دونالد ترامب، بأن النتائج لم تكن لتتحقق إلا بفوزه التاريخي الانتخابات السابقة، محتفيًا بمسار الأحداث الأخير بإيجابية بنَّاءة للعلاقات المستقبلية للإدارة الجديدة.
دعا الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، من جانبه لاحترام مبادئ الهدنة، ومناديًا بتحقيق الحلِّ السياسي الضروري لإنهاء المعاناة المختلطة لفترة طويلة مرّت بها البلاد، مُبرِزًا آمال الشعب الفلسطيني، لا سيِّمَا أهالي المعتقلين منهم.
وشدَّد “كير ستارمر” رئيس وزراء بريطانيا على أهمية ترتيب علاقاتها البينية على ضوء تلك الأحداث، وحثَّ معظم الأقوياء للعمل لصالح منْع تحقق الأزمات الطاحنة مستقبلًا بمشاركةٍ مُستمرةٍ ومتزايدةٍ للمساعدات الإنسانية لكُلِّ المتضررين.
فيما حضَّت “أورسولا فون دير لاين” رئيسة المفوضيه الأوروبية إسرائيل وحماس على “التنفيذ الكامل” لاتفاق وقْف إطلاق النار.[8]