المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > هل يعكسُ التواجدُ الداعشى فى الصومال مزيداً من القلق والتهديد الدولى ؟
هل يعكسُ التواجدُ الداعشى فى الصومال مزيداً من القلق والتهديد الدولى ؟
- سبتمبر 29, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات
إعداد: جميلة حسين
منسق برنامج الإرهاب والتطرف
بعد تسجيل تنظيم داعش نجاحاتٍ واسعة خلال وقت إعلان الخلافة في سوريا والعراق أراد استكمالَ نجاحه ومكاسبه حول أنحاء العالم وتحديداً فى قارتى أسيا وافريقيا، وكانت لمنطقة شرق أفريقيا وتحديداً الصومال نصيباً فى هذا النجاح والتوسع، حيث أنشأ ما عُرفَ ب”ولاية الصومال” وعلى الرغم من أنه قد اختلفَ نشاطها على المستوى العملياتى عن باقى أفرع التنظيم وكذلك عن الجماعة الأَشهرِ فى الصومال وهى حركة الشباب، ولكن كان لها دورٌ مختلفٌ ومتنامٍ على مستوى التمويل والتجنيد والدعاية للأفرع الأخرى، مما جعلها واحدةً من أهم فروع تنظيم داعش على مستوى العالم، وعليه تراقب الولايات المتحدة تنظيم داعش في الصومال عن كَثَب لما يمثله من تهديد متزايد على مدار السنوات الأخيرة.
وفى إطار تلك الفكرة طرح “مركز مكافحة الإرهاب Combating Terrorism Center” دراسةً[1] حول الكيفية التى أصبح بها تنظيم داعش فى الأراضى الصومالية ولماذا بات مصدرَ تهديدٍ على المستوى الدولى كواحدٍ من أهم ولايات داعش وذلك فى ضوء تحليل ظروف ظهور تنظيم داعش فى الصومال، وتحديد أهمية ولاية الصومال بالنسبة لتنظيم داعش المركزى وذلك بالتركيز على عاملى التمويل والتجنيد، ناهيكَ عن تداعياتِ زيادة التجنيد الدولى لولاية الصومال، وأخيراً احتمالات السير على نهْجِ ولاية خراسان الملهمة لفروع داعش للتوسع عالمياً.
ظروفُ نشأة داعش ولاية الصومال:
أشارت الدراسة إلى ظهورِ تنظيم داعش فى الصومال لأول مرةٍ فى عام 2015 فى موقعين منفصلين الموقع الأول فى “مقديشو” عندما انشقَّ قادةٌ موالون للتنظيم من داخلِ حركة الشباب فى جنوب الصومال ومن أبرزهم (بشير أبو نعمان، وحسين عبدي جيدي، ومحمد مكاوي إبراهيم) وأعلنوا مبايعتَهم لزعيم التنظيم آنذاك (أبو بكر البغدادى)، وكان الموقع أو الجماعة الثانية والأهم ظهرت فى منطقة “بونتلاند/ أرض الصومال” ذلك الفصيلُ الذي قاده زعيمُ التنظيم فى الصومال (عبد القادر مؤمن) وقد كان سابقاً من أبرز منظرى حركة الشباب وانضم إلى تنظيم داعش مع بضع عشراتْ من رجاله فى شهر أكتوبر عام 2015 . وفى الواقع ظل التنظيم فى حالةٍ من الخمول على المستوى العملياتى حتى أكتوبر عام 2016 عندما استولى على مدينة “قندلة” الساحلية فى الشمال، وبعد ذلك الحين تعرّضَ التنظيمُ لحالةٍ من الصدام والضغط العسكرى من جانب الحكومة الصومالية والولايات المتحدة من ناحية ومن جانب حركة الشباب الفصيل المعادى من ناحيةٍ أخرى، ووفق ما ذكره الباحثين فإن تنظيم داعش لا يزال يحتفظ بمعاقلَ رئيسيةٍ وخلايا فى الصومال لاسيَّما فى جبال المادو فى ولاية بونتلاند وكذلك مقديشو.
أهميةُ ولاية الصومال للتنظيم الأم:
نوهت الدراسة على أهمية الدَور الذى تلعبه ولاية الصومال مقارنةً بالولايات الأخرى المكونة لتنظيم داعش العالمى، ويعكسُ هذا الدورُ اعتمادَ التنظيم المركزى الوثيق على المكاتب والهيئات الإقليمية والفرعية فى تسهيل الأنشطة والمعاملات اللوجيستية والإدارية التى لم تَعدْ حكراً على الإدارة المركزية فى الشرق الأوسط فقط، ويمكن التطرق إلى المزيد كما يلى:
التمويل “مكتب الكرار” :
يعتبرُ الكرار أحد أبرز المراكز المالية والإدارية الإقليمية لتنظيم داعش على مستوى العالم، ويمثّلُ حلقةَ وصل بين ولايات تنظيم داعش الواقعة فى أفريقيا من الشرق والغرب والوسط والجنوب، تمَّ تأسيسه فى الصومال منذ آواخر عام 2018، ويعتبره البعض مصدراً موثوقاً به لتمويل أنشطة التنظيم العالمية، حيث اعتمدت الدراسة على تقريرٍ للأمم المتحدة صدر في يوليو هذا العام نصَّ صراحةً على أن تمويل الكرار “هو المصدر الرئيسي للإيرادات للمنظمة بشكل عام”. فى حين ذكر الباحثان أنه واحدٌ من العديد من المكاتب التي تعمل كهياكل إقليمية منظمة للمساعدة في تنسيق جميع أنشطة وعمليات داعش في منطقة محددة، كما يساعد في الإشراف على جميع محافظات داعش الرسمية وشبكاتها وأنشطتها الداعمة وإدارتها، ناهيك عن تصدير نموذج أعمال الابتزاز والضرائب الذى يتبناه التنظيم. فضلاً عن قيامه بإنشاء استراتيجية تمويل للتنظيم في الفروع، ويقوم بنشْرِ المستشارين وكذلك الدعم المالى، ونقل الأموال بين المقر المركزى للتنظيم والولايات الفرعية. يُستدلُ على ذلك كما أوردت الدراسة تلقى داعش “ولاية وسط أفريقيا” فى جمهورية الكونغو الديمقراطية مسبقاً “توجيهات من الكرار لتجنيد وتوسيع الجماعة وتطوير هجمات استراتيجية”.
وقد لفتت الدراسة النظر إلى أهمية تمويل مكتب الكرار إلى باقى فروع التنظيم لاسيما فى أفريقيا وللاستدلال استعان الباحثان بدراسةٍ أجرتْها مؤسسةُ “بريدجواي Bridgeway ” في يونيو العام الماضى سهّلَ مكتبُ الكرار نَقْلَ حوالى 400 ألف دولار بين الصومال وعقود فى جنوب أفريقيا من عام 2019 وحتى عام 2021، ثم بعد ذلك تم تحويل ما لا يقل عن 200 ألف دولار من هذه الأموال إلى عملاء تنظيم داعش فى جميع أنحاء شرق أفريقيا وأفريقيا الوسطى وموزمبيق، وبالرغم من ذلك كانت الشبكة التى حددتها المؤسسة محل الدراسة مجرد واحدة من هذه الشبكات المالية وبالتالي لا تمثل سوى جزءٍ بسيطٍ من إجمالى الأموال التى نقلها مكتب الكرار من تنظيم داعش في الصومال ومن ثم نُقلت إلى عقودٍ أخرى لفروع التنظيم. إن عمليةَ التدفّقِ والإندماج مع المكاتب الأخرى لتنظيم داعش مثل “الصادق” فى أفغانستان، و”أم القرى” فى اليمن، و”الفرقان” فى نيجيريا، يشير إلى حدِّ تعبير الباحثين إلى التكامل التنظيمي المتزايد داخل الشبكة العالمية لتنظيم داعش.
التجنيد:
وعلى صعيدٍ آخر ألقت الدراسة الضوء على التركيبة السكانية لولاية الصومال والجنسيات المتنوعة التى تشكّلُ المجموعة وتمنحها فرصاً أكبر للتخطيط للإرهاب الدولى، وعلى الرغم من أن الصومالين اليوم قد يفوقون عددَ المقاتلين الأجانب إلا أن المجموعة تحوى جنسيات مختلفة من نطاقٍ جغرافىٍ واسعٍ يعكس “جهود التجنيد عبر الإنترنت” التى يبذلها داعش فى جناحه الصومالى ومن أبرز تلك الجنسيات أعضاء من “إثيوبيا، جيبوتى،كينيا، ، السودان، اليمن، باكستان، تنزانيا، أوغندا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، المغرب، تونس”. ويذكر أن عدداً من الأعضاء المنضمين إلى الجناح الصومالى كانوا من قَبلُ أعضاءً سابقين قى حركة الشباب، كما لوحظ أن الفئة الأكبر من هؤلاء المقاتلين الأجانب من الإثيوبين لاسيَّما العرقيين من عرقية ” أورومو وأمهرا وتيغراى” الأمر الذى يمثلُ تحدياً أمنياً صارخاً فى الأراضى الإثيوبية. ناهيك عن تجنيد التنزانيين المتزايد وتدريبهم المكثّف فى معسكرات تدريب الجماعة. فضلاً عن السودانيين باعتبارهم أول وأكبر المجموعات الأجنبية التى انشقت عن حركة الشباب وانضمت إلى الجناح الصومالي داخل تنظيم داعش طبقاً لما أكدت عليه الدراسة.
تداعياتُ زيادةِ التجنيد الدولى لولاية الصومال:
يثيرُ تحركُ الجناح المحلى لولاية داعش فى الصومال نحو تجنيد المزيد من العناصر الأجنبية فى صفوفها بعض التداعيات يشير إليها الباحثان ، ويمكن التطرق إليها فيما يلى:
الانتشارُ الجغرافى لتنظيم داعش فى الصومال: وذلك من خلال انتشار شائعاتٍ م فيفادها أن الصومال تحاول إجراء مفاوضات مع حركة الشباب “على الرغم من نفي الحكومة الصومالية لذلك الأمر “، ومن ثم فإن أىًّ مفاوضاتٍ من هذا النوع قد تَخلقُ حالةً من القلق بين المجندين الأكثر تطرفاً داخل حركة الشباب الذين لا يدعمون مثل هذه المساعى السياسية، وبالتالي قد يعززون صفوف تنظيم داعش فى الصومال من خلال انشقاقهم عنها، ومن ثمَّ مع زيادة القوة البشرية، قد يساعد هذا التنظيم على الانتشار الجغرافى.
خطرُ المقاتلين الأجانب العائدين: قد يتلقى أىُّ مقاتلٍ جهادى أجنبى ينشق عن الجماعة تدريبات داخل معسكرات تدريب تنظيم داعش فى الصومال، ثم يعود إلى بلدانه الأصلية لتنفيذ أعمالٍ إرهابية إما بمفرده أو وفقاً لتوجيهات الجماعة. وتواجه دولة تنزانيا بشكلٍ خاص تهديداً من هذا النوع من أى مقاتلين أجانب عائدين، وما يحملونه من أخطارٍ جسيمةٍ وتهديداتٍ للأمن القومي والاسنقرار المجتمعى للبلاد ووحدةِ أراضيه، وعلى نحوٍ مماثل ، تشكّلُ الأعداد الكبيرة من الإثيوبيين والسودانيين في صفوف تنظيم داعش فى الصومال تحدياً أمنياً كبيراً، حيث إن أىَّ خليةٍ عائدةٍ محتملة تهدد بتفاقم وتعقيد الصراعات القائمة بالفعل فى تلك البلدان.