المقالات
واقع مأزوم وخيارات صعبة: ما هو مصير حكومة نتنياهو بعد استقالة غانتس؟
- يونيو 12, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
اعداد: رضوى الشريف
باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط
يشهدُ الداخل الإسرائيلي في الأيام الأخيرة تناحراً كبيراً على مستوى القيادات السياسية، سواء داخل الحكومة أو بينها وبين أحزاب المعارضة. واتخذت ملامح الأزمة نهجاً تصاعدياً مع إعلان عضو مجلس الحرب الإسرائيلي وزعيم حزب الوحدة الوطنية، بيني غانتس، مساء الأحد 9 يونيو، انسحابه رسمياً من حكومة الطوارئ الإسرائيلية، التي شكلها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عقب هجوم السابع من أكتوبر. بالإضافة إلى ذلك، أعلن رئيس الأركان السابق، غادي إيزنكوت، الذي يعد شريك غانتس في الحزب استقالته بصفة عضو مراقب داخل حكومة الحرب، لتنسحب بذلك القوة الوحيدة التي تنتمي لتيار الوسط في الائتلاف اليميني المتطرف الذي يقوده نتنياهو، وسط الحرب المستمرة منذ أشهر على قطاع غزة.
كشف غانتس خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده لإعلان استقالته، بشأن أداء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي وجّه إليه اتهامات كثيرة أبرزها ما يلي: الحؤول دون تحقيق ما وصفه بأنه “نصر حقيقي”، وإطلاق “وعود جوفاء”، واتخاذ “قرارات استراتيجية ومصيرية في الحكومة بناءً على اعتبارات سياسية”. ومما قاله غانتس بهذا الصدد: “هناك قرارات استراتيجية مصيرية تُقابل بالتردّد والمماطلة لاعتبارات سياسية، ونتنياهو يمنعنا من التقدّم نحو نصر حقيقي. لذا فإننا نترك حكومة الطوارئ اليوم بشعور شديد الوطأة ولكن بقلب متصالح مع نفسه”.
ويجدر بالذكر، بأن غانتس قد هدد في 18 مايو الماضي، بالاستقالة من مجلس الحرب، إذا لم يتم اعتماد خطة جديدة للحرب في غزة، بحدود الثامن من يونيو. وكان غانتس قد وضع إستراتيجية من 6 أهداف تتضمن: إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، وهزيمة حماس، ونزع السلاح من قطاع غزة، وتحديد بديل لحماس في غزة، وعودة سكان شمالي إسرائيل إلى منازلهم بحلول الأول من سبتمبر، والدفع بعملية التطبيع مع السعودية واعتماد خطة الخدمة العسكرية في إسرائيل.
وتعقيباً على هذه التصريحات، اعتبر نتنياهو، في بيان صادر عن ديوانه في إثر المؤتمر الصحافي الذي عقده غانتس، أن الشروط التي وضعها هذا الأخير تعني إنهاء الحرب على قطاع غزة وهزيمة إسرائيل، في حين دعا زير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بالانضمام الى مجلس الحرب كبديل لغانتس.
انضم حزب غانتس إلى حكومة “نتنياهو” في 11 أكتوبر الماضي وباتت تسمى حكومة الطوارئ وعلى إثر الخطوة تم إنشاء حكومة الحرب المصغرة، ويضم مجلس الحرب كلا من نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس، فيما يشارك في المجلس، بصفة مراقب، كل من قائد الأركان السابق غادي آيزنكوت ، ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر.
تثير استقالة بني غانتس الذي صرّح أن “الحرب على غزّة قد تمتد لسنوات” موجة جديدة من التساؤلات حول مستقبل السياسة “الإسرائيلية”، خاصة في ما يتعلق بالحرب الدائرة في غزّة وقضايا الأمن القومي الإسرائيلي مما قد يزيد التوترات داخل اسرائيل، ويضع ضغوطًا إضافية على حكومة “تل أبيب” في ظلّ العدوان المستمر على غزّة وتصاعد الانتقادات الدولية.
جملة من الاستقالات مع ترحيب واسع من المعارضة الإسرائيلية
بعد ساعة من اعلان غانتس وآيزنكوت بالاستقالة من حكومة الطوارئ، أعلن الوزير هيلي تروبر هو الأخر استقالته بشكل نهائي من حكومة بنيامين نتنياهو. بالإضافة إلى ذلك أكد قائد فرقة غزة، آفي روزنفيلد، مسؤوليته عن إخفاقات السابع من أكتوبر وعجزه عن حماية سكان محيط القطاع، وقدم استقالته ليصبح الضابط الكبير الثاني الذي يستقيل من قيادة الجيش بعد رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية أهرون حليفاه، ومن المتوقع استقالات أخرى.[1]
ورحَّبت المعارضة الإسرائيلية على لسان زعيمها يائير لابيد، بقرار استقالة “غانتس، وآيزنكوت” من الحكومة، التي وصفها لابيد بــــــــ”الفاشلة”، كما أضاف بأنه “حان وقت استبدال هذه الحكومة المتطرفة بحكومةٍ عاقلةٍ، تُعيدُ الأمن والمخطوفين، وتستعيد مكانة إسرائيل الدولية”.
ويُشار الى أنه في وقت سابق الأحد 9 يونيو، دعا لابيد، غانتس إلى الاستقالة من الحكومة وعدم إضفاء الشرعية عليها، منتقدا دعوة نتنياهو إلى الوحدة، “إنهم يستخدمون (مصطلح) الوحدة عندما يكون ذلك مناسبا لهم ثم يفعلون ما يريدون، وهذا يجب أن يتوقف”.[2]
وكانت المعارضة الإسرائيلية قد طلبت مرارا في الأشهر الماضية بانسحاب غانتس وآيزنكوت من الحكومة. وتريد المعارضة أن ينضم غانتس إلى صفوفها من أجل اسقاط الحكومة برئاسة نتنياهو والدفع باتجاه انتخابات مبكرة.
في حين كتب رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان على موقع “إكس”: “أن تأتي متأخرًا أفضل من ألا تأتي أبدا، لقد حان الوقت لتشكيل ائتلاف صهيوني”، واصفاً تنياهو بأنه “غير كفء”، معتبرا أن “هناك حلا واحدا فقط لوضعنا وهو الانتخابات”[3]
واقع مأزوم
بجانب استقالة غانتس من حكومة الطوارئ، والتي بموجبها قد تؤدي إلى حلِّ مجلس الحرب، إلا أن نتنياهو محاطٌ بواقعٍ مأزومٍ على مستويات مختلفة، يمكن عرْضها في النقاط التالية:
-
انخفاض الروح المعنوية لدى الجيش الإسرائيلي: يزداد الشرخ داخل الجيش عمقاً مع تزايد تحرُّكات الاحتياط لرفض العودة إلى غزة والمشاركة في القتال. وقد انعكس انتحار جندي احتياط، بعد تلقيه أمراً بالعودة لمعسكر الجيش للتحضير للقتال في الجنوب والشمال، على مئات عائلات وجنود الاحتياط. [4]وبدأت حملة واسعة لرفض العودة إلى غزة، مدعومة بقوة من منتدى عائلات الأسرى، الذي رأى في استقالة غانتس دعماً إضافياً لاحتجاجاتهم وقدرتهم على التأثير في قرارات نتنياهو.
-
ملف اعفاء الحريديم من التجنيد: صوّت الكنيست الإسرائيلي مساء الاثنين 10 يونيو، لصالح استمرار العمل بقانون التجنيد الذي تم طرحه في البرلمان السابق ويعفي شباب الحريديم (اليهود المتشددون) من الخدمة العسكرية. وتثير تلك القضية حالة احتقان كبيرة لدى صفوف المعارضة الذي يرون بضرورة اتخاذ إجراءات هامة لزيادة اعداد الجيش الإسرائيلي مع استمرار الحرب الإسرائيلية.ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن جنود في الاحتياط قولهم إن حكومة بنيامين نتنياهو طعنتهم في الظهر من خلال قانون إعفاء اليهود المتدينين (الحريديم) من التجنيد في الجيش الإسرائيلي، واصفين القانون بأنه “فضيحة”، ويزيد من القطيعة والعزلة بين من يتحمل عبء الدفاع عن إسرائيل ومن يتهرب منه.[5]
-
تهديدات سموتريتش وابن غفير بالانسحاب من الحكومة في حالة تنفيذ مقترح بايدن لوقف الحرب: دوما ما يهدد كل من بن غفير وسموتريتش بالانسحاب من حكومة نتنياهو الائتلافية إذا مضى قدما في أي مقترح يؤدي الى انتهاء الحرب، حيث يرى بن غفير وسموتريتش وباقي أعضاء اليمين المتطرف بضرورة مواصلة الحرب حتى يتم القضاء تماما على حماس، مع المعارضة الشديدة حول عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة والإفراج بالجملة عن الأسرى الفلسطينيين.وسبق للوزيرين أن هددا نتنياهو بالانسحاب من الحكومة، في أكثر من مناسبة طُرح فيها مقترح لوقف الحرب، كان اخرها مقترح بايدن الذي تم اعتماده من مجلس الأمن يوم الإثنين 10 يونيو.[6]وعلى الرغم من إصرار نتنياهو على عدم قبول هدنة دائمة قبل القضاء على حماس واستعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، فإنه وافق على مشروع قرار مجلس الأمن تحت ضغط المجلس، بينما يواجه ضغوط داخلية من أعضاء حكومته لعدم التوصل إلى اتفاق. لم يرفض نتنياهو القرار بشكل قاطع، لكنه أشار إلى أنه ليس نفس النسخة السابقة التي وافقت عليها إسرائيل. وكان قد اعترض على مقترح بايدن واصفًا إياه بأنه “غير مكتمل ولا يلبي المطالب الإسرائيلية”.
-
تصعيد كبير جنوب لبنان ومخاوف من شبح الحرب المُوسَّعة: تشهد جبهة الجنوب اللبناني والشمال الإسرائيلي تصعيد كبير في الأسابيع الأخيرة، حيث اشتد تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، مع تصعيد الحزب هجماته وتنفيذ الجيش الإسرائيلي غارات أعمق داخل الأراضي اللبنانيّة. وزاد حزب الله من هجماته بطائرات بدون طيار وصواريخ، وأصاب منشآت عسكرية إسرائيلية مهمة، في حين كثفت إسرائيل أيضا هجماتها، واستهدفت مواقع حزب الله في عمق وادي البقاع بجنوب لبنان، بالإضافة إلى كبار المسؤولين العسكريين في الجماعة.وهناك مخاوف من يؤدي تلك الاشتباكات العنيفة الى حرب مُوسَّعة بين الطرفين، خاصة بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أن بلاده “جاهزة لشن عملية مكثفة للغاية” على الحدود مع لبنان، من أجل أن “إعادة الأمن” إلى شمال إسرائيل، حيث دفع التصعيد مع حزب الله عشرات الآلاف إلى مغادرة منازلهم، كما يدعوا حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف إلى شن حرب موسعة ضد لبنان. [7]
-
الجنائية الدولية تطلب مذكرة اعتقالٍ بحق نتنياهو: طلبت المحكمة الجنائية الدولية، 20 مايو الماضي، إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث أوضح المدعي العام للمحكمة، كريم خان، أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الجنائية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
-
تزايُد عُزْلة إسرائيل دوليًا: تتزايد عزلة إسرائيل على نحو ملحوظ فى الوقت الحالى على المستوى الدولى جراء ارتفاع أعداد القتلى فى غزة بسبب القصف الإسرائيلى على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي؛ فتفاقم الأزمة الإنسانية للشعب الفلسطينى فى غزة أثار العديد من ردود الأفعال الغاضبة على مستوى العالم حيث أدانت العديد من الدول – بنبرات مختلفة- الممارسات الإسرائيلية فى القطاع، ومنها الولايات المتحدة الحليف الأكثر تأييدا لإسرائيل من بين دول العالم.
وعلى خلفية الواقع المأزوم الذي يجد نتنياهو نفسه عالقاً فيه، لا بُدّ من الإشارة إلى ما يلي:
أولا: تحمل جُمْلة الاستقالات المتتالية من الحكومة الإسرائيلية – والتي من المتوقع بأن تتوسع في القريب العاجل- دلالات ومعاني متعددة وتكشف عن حجم الخلافات الاستراتيجية داخل الحكومة، وتعكس الانقسامات العميقة في الائتلاف الحكومي بشأن كيفية التعامل مع القضايا الأمنية والاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بالحرب في غزة. وتضيف تلك الاستقالات ضغطًا سياسيًا داخليًا في وقت يتعرض فيه نتنياهو وحكومته لضغوط شديدة من المعارضة والمجتمع المدني، خاصة مع تزايد الاحتجاجات المطالبة بإعادة المحتجزين وانتقادات لسياسات نتنياهو الأمنية.
ثانيا: يدرك نتنياهو بأن خطوة استقالة غانتس هي مناورةٌ منه من أجل حلِّ مجلس الحرب الإسرائيلي، لكي يضعه في موقف أضعف أمام الرأي العام الداخلي والدولي، وكذلك أمام شركائه اليمينيين في الحكومة، ومع ذلك تداولات بعض الأوساط الإسرائيلية بوجود محاولة استباقية قام بها نتنياهو من أجل ضم رئيس حزب “أمل جديد” “جدعون ساعر” في حكومة الحرب قبل أن يعلن غانتس استقالته، لكن يظل هذا السيناريو غير مرجح.
و يصْعُبُ تحقيق هذا السيناريو نتيجة لطلب رئيس حزب “القوة اليهودية” الوزير إيتمار بن غفير، ورئيس تحالف “الصهيونية الدينية” الوزير بتسلئيل سموتريتش بالانضمام إلى مجلس الحرب في حال تم قبول انضمام ساعر، وبناء عليه قد يقدم نتنياهو على حل حكومة الحرب المُصغَّرة، فيما يستمر العمل بالحكومة الحالية، لأن انسحاب غانتس وإيزنكوت من مجلس الحرب يعني أن سموتريتش وبن غفير، سيسعيان إلى المشاركة لأن لكل منهما كتلة وازنة بالحكومة، مما يحرج نتنياهو ويصبح أمام الجميع تحت سيطرة اليمين المتطرف، ورئيسا لحكومة أكثر تطرُّفًا في تاريخ إسرائيل، ولذلك سوف يكون حل مجلس الحرب هو الخيار الأنسب بالنسبة لنتنياهو.
ثالثا: كشفت حرب غزة النقاب عن سطحية المؤسسة السياسية الإسرائيلية وضحالتها. بدءاً من تصريحات قادتها الجوفاء التي ادعت أن الضغط العسكري سيؤدي إلى إبرام صفقة مخطوفين جيدة، بينما حصلت إسرائيل، عندما كان الضغط العسكري “معتدلاً”، على صفقة جيدة نسبياً، مع إطلاق ما يقارب من عشرات المخطوفين يومياً. وهناك أيضاً مصطلح أجوف آخر يتبناه نتنياهو وائتلافه من اليمين المتطرف وهو “النصر المطلق”، والذي لا يعني سوى استسلام حركة حماس دون شروط، وإطلاق كل المخطوفين دون شروط. من الواضح أن هذا لن يحدث، وأن هذا المصطلح الذي صاغه نتنياهو قد يكون شعار فارغ المضمون لكنه ليس هدفاً حقيقياً.
رابعا: بالرغم من حالة الحشْد التي تسعى اليها المعارضة لإسقاط حكومة نتنياهو، إلا انها في الواقع لا تمتلك رُؤْيةً إسرائيليةً بديلةً للسياسة الحالية تجاه القضية الفلسطينية ومستقبل الاحتلال في أراضي 1967، وحتى خلال زيارة غانتس إلى الولايات المتحدة أثناء الحرب، لم يتحدث مع مستضيفيه الأميركيين عن “حل الدولتين” لأنه يعارضه، أو عن وقْفٍ دائمٍ لإطلاق النار في غزة لأنه يعارضه أيضًا. ومع ذلك، يمكنه التحدُّث عن زيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة والتعبير عن دعمه لذلك، ولكن القرار في هذا الشأن يعود إلى نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرف.
ما هو مصير حكومة نتنياهو؟
الخلافات السياسية التي يواجها نتنياهو حالياً، والتي قد تؤدي إلى حلّ مجلس الحرب الإسرائيلي، ستضعف موقفه أمام الرأي العام الداخلي والدولي، وأيضًا أمام شركائه اليمينيين في الحكومة.
بناءً على ذلك، يمكن تصوُّر مستقبل حكومة نتنياهو في سيناريوهيْن وهما:
سيناريو الاستمرار
هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحاً حاليًا؛ فبالرغم من الأزمات الداخلية والخارجية المتعددة التي تواجهها حكومة نتنياهو، تبدو هذه الحكومة، وهي السادسة في مسيرة نتنياهو المهنية، مستقرة نسبيًا من حيث تماسك القوى المُكوّنة للائتلاف الذي يتمسك بمقاعده وعددها 64 من أصل 120 مقعدا، وإدراكه أن حلّ الكنيست الحالي والذهاب إلى انتخابات مبكرة قد لا يجلب له نفس المقاعد التي يمتلكها الآن، حسب استطلاعات الرأي الأخيرة التي تشير الى تراجع شعبية احزابهم.
سيناريو السقوط
هذا احتمالٌ قائمٌ في أيِّ لحظةٍ، لأنه مرتبط بتماسك الائتلاف الحكومي، ويعتمد بشكلٍ كبيرٍ على المكاسب والخسائر التي قد يواجها شركاء الائتلاف الأساسيون، وفي حالة انهيار هذا التماسك، أو قرر أحد أحزاب الحكومة الانسحاب، سواء بسبب خلافات مع نتنياهو أو لحسابات سياسية أخرى، فإن الحكومة ستنهار. ومن غير المرجح أن يعود نتنياهو إلى السلطة في الانتخابات القادمة وفقًا لمعطيات استطلاعات الرأي الحالية.
وفي الختام، لا شك بأن نتنياهو اليوم أصبح عالقا على كافَّةِ المستويات سواء داخليا، إقليميا، وحتى دوليًّا. وهذا ما تعكسه جُمْلة الاستقالات التي طَالَتْ ثلاثةً من أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت وحيلي تروبير، والتي تُعدُّ ضربةً قاصمةً لنتنياهو وإقرار بهزيمة مرتقبة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، كما تأتي تلك الاستقالات المتتالية في وقت حساس بالنسبة لإسرائيل.
وبالرغم من تلك التوتُّرات الراهنة في المشهد السياسي الإسرائيلي التي تؤدي إلى إرباك كبير داخل إسرائيل على كافَّة الأصعدة وستزيد من عزلة وتضييق نتنياهو وحكومته، إلَّا أنها لا تهدد مباشرة بقاء حكومة نتنياهو نظرًا للأغلبية التي يتمتع بها الائتلاف اليميني في الكنيست. ومع ذلك، قد يظهر متغير جديد يُغيِّرُ حسابات مختلف الأطراف، وغالبًا ما قد يأتي هذا المتغير مع نهاية الحرب في غزة. لذلك، سيظل نتنياهو وائتلافه الحاكم من اليمين المتطرف من أكثر الأطراف الإسرائيلية تمسُّكًا باستمرار الحرب، إلى حين تحقيق إنجازٍ عسكريٍّ حاسمٍ أو حدوث تغيُّرٍ في المشهد الدولي، وتحديدًا مع حسم نتيجة الانتخابات الأمريكية القادمة.
المصادر:
[1] استقالة قائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.. وهذا ما كشفه عن السبب، سي ان ان بالعربية، 10 يونيو، متاح على الرابط: https://shorturl.at/gmFhG
[2] قبل كلمة مرتقبة.. توقعات باستقالة بيني جانتس من مجلس الحرب الإسرائيلي، الشروق نيوز، 9 يونيو، متاح على الرابط: https://shorturl.at/tqna7
[3] ليبرمان: نتنياهو غير كفء والحل بالانتخابات فقط، أر تي بالعربية، 10 يونيو، متاح على الرابط: https://shorturl.at/syH8p
[4] أمضى 78 يومًا في غزة.. جندي إسرائيلي ينتحر بعد أن طلب منه العودة لرفح، التلفزيون العربي، 9 يونيو، متاح على الرابط: https://shorturl.at/oFxzg
[5] جنود احتياط: حكومة نتنياهو طعنتنا في الظهر بقانون إعفاء الحريديم، الجزيرة، 11 يونيو، متاح على الرابط: https://shorturl.at/0eFfD
[6] ماذا تعني تهديدات بن غفير وسموتريتش لنتنياهو؟، سكاي نيوز، 2 يونيو، متاح على الرابط: https://shorturl.at/dbjua
[7] تصعيد كبير جنوب لبنان يُعيد شبح الحرب الموسعة، صحيفة الشرق الأوسط، 1 يونيو، متاح على الرابط: https://shorturl.at/PEhI5