المقالات
ورقة سياسات حول: التمويل الأخضر في مصر: آفاق واعدة وتحديات محورية
- ديسمبر 8, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
إعداد/ دينا إيهاب
باحث مساعد في وحدة شؤون الشرق الأوسط
الملخص التنفيذي
يشهد الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن مجموعة من التحديات البيئية المتزايدة نتيجة للكوارث الطبيعية المتكررة وتغير المناخ، مما يؤدي إلى تهديد الاستقرار المالي العالمي ويُفرض ضغوطًا إضافية على الاقتصادات الوطنية، حيث تسببت الكوارث الطبيعية في تضاعف الأضرار أربع مرات منذ الثمانينيات، مما يعكس الحاجة الماسة إلى تحرك استراتيجي لمواجهة تلك المخاطر، وفي هذا السياق، يُعد التمويل الأخضر أداة جوهرية للحد من هذه الآثار من خلال تخصيص رأس المال نحو مشروعات تهدف إلى تقليص الانبعاثات الكربونية والتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ، علاوة على أنه إحدى أهم الأدوات التي تساهم في تعزيز التزام الدول بالعمل المناخي، كونه إحدى الركائز الأساسية التي تدعم تطوير منظومة مرنة للاقتصاد الأخضر المستدام.
في السياق المصري، تُعد الإمكانيات الطبيعية الهائلة المتوفرة في البلاد من أبرز العوامل التي يمكن الاستفادة منها لتحقيق تحول نحو اقتصاد أخضر مستدام، تتمثل هذه الإمكانيات في مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، والتي توفر فرصًا غير مسبوقة لتعزيز استدامة الطاقة وتخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري، إلا أن القطاع المصري لا يزال يواجه تحديات هيكلية تُعيق التوسع في تمويل المشاريع الخضراء، تتجلى أهم هذه التحديات في محدودية الوعي لدى القطاع الخاص والمؤسسات المالية حول أهمية التمويل الأخضر وأثره المحتمل على الاقتصاد والبيئة، كما أن البيئة التشريعية الحالية لا تُحفز بشكل كافٍ الاستثمارات في مشروعات الطاقة المتجددة.
تكمن أهمية هذه الورقة في تحليل واقع التمويل الأخضر في مصر، وتسليط الضوء على الفرص الواعدة التي يمكن استغلالها، بالإضافة إلى دراسة التحديات التي تعرقل التوسع في هذا القطاع الحيوي، تهدف الورقة إلى تقديم رؤية استراتيجية حول كيفية دمج التمويل الأخضر ضمن السياسات المالية والاقتصادية الوطنية، كما تستعرض الورقة التوصيات اللازمة لتفعيل السياسات والآليات الداعمة لهذا النوع من التمويل، مثل تعزيز الوعي البيئي في القطاع الخاص، وتطوير أدوات مالية مبتكرة مثل السندات الخضراء، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية التي تدعم مشروعات الطاقة المتجددة.
المقدمة
يعد التمويل الأخضر من الأدوات المالية الحيوية التي تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث وفقًا لتعريف مجموعة العشرين G20 [1] يُعرف التمويل الأخضر بأنه تمويل الاستثمارات التي تركز على تحسين العوامل البيئية، يشمل التمويل الأخضر مجموعة واسعة من الأدوات المالية مثل السندات والصكوك الخضراء، القروض الخضراء، صناديق الاستثمار الخضراء، والتأمين الأخضر، التي شهدت تطورًا كبيرًا منذ إصدار أول سند أخضر في عام ٢٠٠٨، وعليه، أصبح التمويل الأخضر يشكل أداة محورية في الاستثمارات العالمية، حيث تم إصدار نحو ١٨٥,٤ مليار دولار من السندات الخضراء في عام ٢٠١٩ فقط[2]، تم توجيهها نحو مشروعات تهدف إلى الحد من آثار التغير المناخي والتكيف معها، إلى جانب مشروعات أخرى تتعلق بالطاقة المتجددة، المياه النظيفة، النقل المستدام، والمباني الخضراء.
ومما لا شك فيه أن مصطلح “التمويل الأخضر” يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمفاهيم الأخرى ذات الصلة؛ كتمويل المناخ والتمويل المستدام. وفي حين تستخدم بعض المنظمات هذه المصطلحات بالتبادل، فإن المفاهيم المتعلقة بالمناخ والتمويل الأخضر والمستدام تعتبر متداخلة، كما يُعد التمويل المستدام، الذي يدمج العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمةESG أحد الدعائم الأساسية في استراتيجيات التمويل الأخضر، حيث يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والمساهمة في تحسين النتائج الاجتماعية والبيئية على المدى الطويل،
في هذا السياق، يكتسب التمويل الأخضر أهمية متزايدة، ليس فقط كأداة مالية، بل كعامل رئيسي في تعزيز الاستدامة الاقتصادية والبيئية، يساهم التمويل الأخضر في تعزيز الاستقرار المالي للدول من خلال دمج التنمية المستدامة في عملية اتخاذ القرارات الائتمانية، كما يعزز من كفاءة القطاعات الصناعية مما يخفف الضغط على الموارد الطبيعية، ما يقلّل من الهدر ويزيد من فعالية الإنتاج والاستهلاك، ومن جانب آخر، فإن التمويل الأخضر يُعتبر جذابًا للمستثمرين الذين يشجعون على الاستثمار في مشاريع تحقق أرباحًا مالية وتأثيرًا إيجابيًا على البيئة والمجتمع. يساهم ذلك في تحسين سمعة المؤسسات وتكوين صورة إيجابية لديها.
توصيف المشكلة
أولًا: أهمية وآليات التمويل الأخضر
تتجلى أهمية التمويل الأخضر بوضوح في قطاع الطاقة، حيث أفاد تقرير صادر عن منظمة Climate Policy Initiative (CPI) في نوفمبر ٢٠٢٣ بأن متوسط التدفقات السنوية للتمويل المناخي بلغ نحو ١.٣ تريليون دولار أمريكي خلال عامي ٢٠٢١ و٢٠٢٢ [3]، ما يمثل زيادة مضاعفة مقارنة بمستويات عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠، ومع ذلك، فإن هذه التدفقات، على الرغم من أهميتها، لا تزال تمثل نسبة ضئيلة تقدر بحوالي ١% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مما يشير إلى فجوة تمويلية كبيرة لتحقيق الأهداف المناخية العالمية، كما يسلط تقرير آخر صادر عن المفوضية العالمية للاقتصاد والمناخ الضوء على أن التحوّل إلى نهج مستدام منخفض الكربون للنمو قد يؤدي إلى ازدهار اقتصادي يبلغ ٢٦ تريليون دولار حتى عام ٢٠٣٠، ويساعد على توفير أكثر من ٦٥ مليون فرصة عمل جديدة [4].
ومن جهة أخرى تسعى الدول العربية جاهدة إلى السير نحو الاقتصاد الأخضر والاهتمام بحماية البيئة واعتماد التمويل الأخضر إلى جانب التمويل التقليدي بهدف توجيه الائتمان نحو المشاريع الصديقة للبيئة والتشجيع عليها، وتُعتبر دولة قطرمن الدول التي قامت بطرح العديد من المبادرات في مجال تعزيز الاقتصاد الأخضر لديها [5]، حيث تتوسع البنوك القطرية في مجال التمويل الأخضر من خلال دمج عنصر الاستدامة في سياساتها الائتمانية، وتقدم قروض خاصة للمركبات الكهربائية والهجينة مع العديد من الامتيازات لمكافأة العملاء الذين يختارون خيارات صديقة للبيئة، بالإضافة الى برنامج قروض الإسكان (الرهن الأخضر) والذي يقدم أسعار فوائد منخفضة للمنازل التي يتم اعتمادها على أنها منازل موفرة للطاقة وصديقة للبيئة بالإضافة الى التسهيلات المصرفية المقدمة للطاقة المتجددة، وبناءً على ما سبق تتنوع مصادر وآليات التمويل الأخضر على النحو التالي:
-
السندات الخضراء: فهي أدوات مالية يتم إصدارها لتمويل المشاريع التي تساهم في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، بما يتماشى مع المبادئ العالمية مثل مبادئ السندات الخضراء GBP ومبادرة السندات المناخية CBI يتم التحقق من الطابع “الأخضر” لهذه السندات عبر مراجعين خارجيين يقيّمون مدى توافق السند مع المبادئ المذكورة وتأثيراته البيئية المتوقعة، ومع أن السندات الخضراء والاجتماعية وسندات الاستدامة GSSS لم تمثل سوى ٢.٢% [6]من إجمالي إصدارات السندات العالمية في عام ٢٠٢٠، إلا أن هذه النسبة آخذة في الزيادة بفضل اهتمام المستثمرين بدعم العمل المناخي.
-
الإقراض الأخضر: شهد اهتمامًا متزايدًا من قبل البنوك التي تقدم خطوط ائتمان خضراء مخصصة لتمويل المشاريع المستدامة، تتطلب هذه القروض عادة الامتثال لمعايير الأهلية الفنية المحددة التي قد تشمل تقنيات أو منتجات تعتبر خضراء، وقد ساهمت بنوك التنمية المتعددة الأطراف بالتعاون مع نادي التمويل الإنمائي الدوليIDFC في تطوير مبادئ لتصنيف القطاعات المؤهلة لتمويل التخفيف من آثار تغير المناخ.[7]
-
الاستثمار في الأسهم الخضراء: وفيما يتعلق بالاستثمار في الأسهم الخضراء، يلجأ المستثمرون إلى استراتيجيات متنوعة لضمان استدامة استثماراتهم، غالبًا من خلال الاستثمار في المؤشرات أو صناديق الأسهم الموجهة بيئيًا، ومع أن هناك العديد من المؤشرات لتتبع أداء الاستثمارات الخضراء، إلا أن الأساليب المستخدمة لتحديد “الخضراء” ما زالت معقدة وغير متجانسة، مما يتطلب بذل المزيد من الجهود لتوحيد التعريفات وتحقيق شفافية أكبر.
-
الشراكات بين القطاعين العام والخاص: يُعتبر بناء الشراكات بين الأطراف المعنية المتعددة عنصرًا أساسيًا في تعزيز التمويل الأخضر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. يلعب القطاع العام دورًا محوريًا في وضع الأطر التنظيمية وتوفير الدعم المالي وتحفيز الاستثمارات الخضراء من القطاع الخاص، سواء عبر تسعير الكربون، دعم الطاقة المتجددة، أو وضع سياسات بيئية صارمة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومات توفير التمويل والمنح أو تقديم ضمانات تقلل من المخاطر المرتبطة بالمشاريع الخضراء، مما يشجع المستثمرين على الانخراط فيها.[8]
-
دور البنوك المركزية في توجيه التمويل الأخضر: وبالنسبة لدور البنوك المركزية، فقد تطور بشكل كبير ليتجاوز الأدوار التقليدية المتعلقة بمكافحة التضخم وتعزيز النمو الاقتصادي، إلى توجيه السوق نحو الاستدامة البيئية، بدأت البنوك المركزية مثل البنك المركزي الأوروبي ECB وبنك إنجلترا BoE وبنك الشعب الصيني PBOC في تبني استراتيجيات تدعم التمويل الأخضر، مثل “التيسير الكمي الأخضر” [9] واختبارات الضغوط المناخية، كما تشارك هذه البنوك في شبكات مثل “شبكة إضفاء اللون الأخضر على النظام المالي” NGFS[10] لتعزيز دور النظام المالي في إدارة المخاطر البيئية والمناخية.
ثانيًا: تحديات التمويل الأخضر في مصر
تُواجه آليات التمويل الأخضر في مصر عدد من التحديات التي تُعرقل تطبيقه بشكل فعال، وتتمثل هذه التحديات فيما يلي:
-
عدم مصداقية الشركات: يُمثل ذلك عائقًا رئيسيًا أمام نجاح التمويل الأخضر في مصر، وذلك من خلال ترويج الشركات لأنشطتها ومنتجاتها كأنها صديقة للبيئة بهدف تضليل المستثمرين والمنظمين، مما يضعف الثقة في هذه المشروعات، يؤدي هذا إلى تآكل مصداقية التمويل الأخضر ويعرقل جذب رأس المال الضروري لدعم مشروعات ذات تأثير بيئي حقيقي.[11]
-
نقص البيانات: تُعاني السوق المصرية من نقص كبير في البيانات الكمية والنوعية حول الأموال المجمعة من خلال أدوات التمويل الأخضر وآليات توجيهها نحو المشروعات المستهدفة، يؤثر هذا النقص سلبًا على قدرة الباحثين وصناع القرار على تقييم مدى تأثير التمويل الأخضر في دعم الاقتصاد المستدام، تكمن أهمية توفير البيانات في تمكين تحليل دقيق وموثوق يعزز كفاءة توزيع الموارد.
-
صعوبة قياس الأثر البيئي والاقتصادي: تُمثل صعوبة قياس الأثر الحقيقي للتمويل الأخضر على البيئة والاقتصاد تحديًا جوهريًا، حيث تفتقر المشروعات إلى مؤشرات موحدة لقياس تأثيرها، ما يجعل من الصعب تقييم فعاليتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، على سبيل المثال، تختلف طبيعة المشروعات الخضراء جغرافيًا وقطاعيًا، مما يُعقد عملية المقارنة والتحليل، وترجمة ذلك الأثر إلى نسب وإحصاءات واقعية.[12]
-
غياب معايير التصنيف الموحدة: يُعد غياب معايير موحدة لتصنيف الإفصاحات والتقارير الخاصة بالتمويل الأخضر مشكلة أخرى تؤثر على فعالية هذا القطاع، يؤدي دي هذا الغياب إلى تضارب في المعلومات، مما يقلل من قدرة المستثمرين وأصحاب المصلحة على اتخاذ قرارات مستنيرة، علاوة على ذلك، يُزيد هذا التحدي من احتمالية التضليل المعلوماتي، حيث يحتاج السوق المصري إلى إطار عمل وطني يتماشى مع المعايير الدولية لضمان الشفافية وتحسين جودة التقارير المالية المرتبطة بالتمويل الأخضر.[13]
-
تقييم رأس المال الطبيعي والتنوع البيولوجي: رغم أهمية دمج رأس المال الطبيعي والتنوع البيولوجي في تحليل المخاطر الاقتصادية، إلا أن هذه الجوانب لم تُدمج بشكل كافٍ في سياسات التمويل الأخضر في مصر، يؤدي هذا النقص إلى عدم تقدير الأضرار البيئية بشكل صحيح، مما يُضعف من فعالية التدخلات البيئية.[14]
-
نقص الوعي المؤسسي والمجتمعي بالتمويل الأخضر: يُعد نقص الوعي بالتمويل الأخضر على المستويين المؤسسي والمجتمعي من أبرز التحديات التي تواجه تطبيقه في مصر، ما زال الكثير من المؤسسات المالية والشركات غير مدركين للفوائد الاقتصادية والاجتماعية للتمويل الأخضر، مما يؤدي إلى تردد في تبنيه كآلية تمويلية رئيسية.
-
ارتفاع تكلفة التمويل: تُعد تكلفة التمويل الأخضر المرتفعة مقارنة بالتمويل التقليدي عائقًا آخر أمام انتشار هذه الآلية في مصر، تعود هذه التكلفة إلى عوامل عدة، منها المخاطر المرتبطة بالمشروعات الخضراء، ونقص التسهيلات الائتمانية، وغياب الحوافز الحكومية الكافية.[15]
ثالثًا: فرص ومستقبل التمويل الأخضر في مصر
على الرغم من العقبات التي تعترض مسار التمويل الأخضر في مصر، إلا أن الواقع المصري يؤكد وجود فرص كامنة لهذا المجال وذلك على النحو الآتي:
-
إصدار أول سندات خضراء سيادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: في عام ٢٠٢٠، أطلقت مصر أول إطار للتمويل الأخضر وأصدرت سندات خضراء بقيمة ٧٥٠ مليون دولار [16]، مما جعلها الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هذا المجال. ساعد هذا الإصدار على جذب مستثمرين جدد ومهد الطريق أمام القطاع الخاص المصري لإصدار أدوات تمويل مستدامة، حيث شهد عام ٢٠٢١ إصدار أول سندات خضراء خاصة بالشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية IFC
-
نمو الاستثمارات الخضراء في مصر: شهدت مصر نموًا ملحوظًا في الاستثمارات الخضراء، حيث ارتفعت من ١٥% في السنة المالية لعام ٢٠٢٠ إلى ٣٠% في السنة المالية ٢٠٢١، مع توقع وصولها إلى ٥٠% بحلول عام ٢٠٢٥ [17]، جاء هذا النمو نتيجة لإطلاق المبادئ التوجيهية لمعايير الاستدامة البيئية وتحديث إطار التمويل الأخضر في عام ٢٠٢٢ ليشمل المشروعات الاجتماعية.
-
موقع مصر كواحدة من أكبر الأسواق الناشئة في السندات الخضراء: صنّف البنك الدولي مصر كواحدة من أكبر الأسواق الناشئة في إصدار السندات الخضراء والاجتماعية في ٢٠٢٢ بقيمة ٠,٨ مليار دولار [18]، وتأتي مصر في المرتبة الثانية إفريقيًا بعد جنوب إفريقيا في إصدار السندات الخضراء وفقًا لبيانات مبادرة سندات المناخ.
-
إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠: أطلقت مصر في ٢٠٢٢ استراتيجية تغير المناخ ٢٠٥٠ لضمان دمج الأبعاد المناخية في جميع القطاعات وتعزيز البنية التحتية لتمويل المناخ [19]، تضمنت هذه الاستراتيجية إطلاق منصة برنامج الترابط بين المياه والغذاء والطاقة NWFE لتسريع الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون وجذب التمويلات لمشروعات الطاقة والزراعة المستدامة.
-
مشروعات الطاقة الشمسية في مصر: وضعت مصر خططًا لزيادة إنتاج الطاقة الشمسية بنسبة ٢٢% بحلول ٢٠٣٥، مع التركيز على إشراك القطاع الخاص. ومن أبرز الإنجازات في هذا المجال مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية، الذي يعد من الأكبر في العالم، بقدرة ١٤٦٥ ميجاوات [20]، كما حققت مصر قفزات كبيرة في مشروعات طاقة الرياح، حيث وصلت القدرة المركبة إلى ١٧٠٢ ميجاوات في ٢٠٢٣، مع توقع ارتفاعها إلى ٨ جيجاوات بحلول ٢٠٣٠ [21] بفضل المشروعات قيد التنفيذ مثل مزارع خليج السويس وشركة “أكوا باور”.
بالنظر لما سبق، فإن مستقبل التمويل الأخضر في مصر يبدو واعدًا، حيث تقوم مصر من خلال المبادرات دولية مثل برنامج “تخضير الأنظمة المالية” وصندوق “استثمار الزراعة المرنة الذكية” في تعزيز التحول نحو اقتصاد مستدام ومواجهة تحديات تغير المناخ، يدعم برنامج التخضير، بتمويل إجمالي ١,٢٩٥ مليار دولار منها ٢٠٠ مليون دولار من صندوق المناخ الأخضر وذلك في أكتوبر ٢٠٢٤ [22]، تطوير أدوات مالية مبتكرة لتمويل مشاريع مستدامة مثل النقل منخفض الانبعاثات، مما يعزز مواءمة التدفقات المالية مع اتفاقية باريس. في الوقت ذاته، يقدم صندوق استثمار الزراعة المرنة الذكية رؤية شاملة لتعزيز قدرات القطاع الزراعي المصري في مواجهة تغير المناخ، بتمويل أخضر بإجمالي يبلغ ١٣٠ مليون دولار [23]، يُركز البرنامج على دعم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة من خلال تقديم حلول ذكية مثل البذور المقاومة للمناخ، أدوات التأمين المبتكرة، وتطوير البنية التحتية الزراعية، مما يرسخ دور مصر كمحور إقليمي ودولي في التمويل الأخضر والتنمية المستدامة.
الخاتمة والتوصيات
ختامًا، يتجاوز التمويل الأخضر كونه وسيلة مالية ليصبح رؤية شاملة للتنمية المستدامة في مصر، من خلال سياسات اقتصادية متكاملة وبرامج تمويل موجهة، يُمكن تطوير اقتصاد منخفض الكربون، هذا النهج لا يساهم فقط في حماية البيئة، بل يدعم أيضًا الاقتصاد الوطني، مما يجعل التمويل الأخضر محورًا استراتيجيًا لتحقيق رؤية مصر المستقبلية للتنمية وذلك من خلال عدد من التوصيات حيث:
-
تعزيز البنية المؤسسية والقانونية: الإطار المؤسسي والقانوني يلعب دورًا حيويًا في دعم التمويل الأخضر، تأسيس أسواق مالية متخصصة للمشروعات الخضراء مع ضمان الإفصاح التدريجي عن المعلومات البيئية للشركات المصدرة للأوراق المالية يسهم في زيادة ثقة المستثمرين.
-
تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة: الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، خصوصًا في القطاع الزراعي، يمكن أن يشكل أحد المحاور الأساسية لتعزيز التمويل الأخضر، بالإضافة إلى قديم برامج تمويل وطنية بأسعار تفضيلية يدعم تلك المشروعات في تبني تقنيات صديقة للبيئة، مما يعزز الإنتاجية ويقلل من المخاطر المناخية، ويُعزز الأمن الغذائي في ظل تغيرات بيئية متسارعة.
-
تحفيز دور القطاع الخاص وبنوك التنمية: القطاع الخاص وبنوك التنمية يُمثلان قوة دافعة لتوسيع نطاق التمويل الأخضر، الاستثمار الاستباقي للقطاع الخاص وتحفيز التمويل من بنوك التنمية متعددة الأطراف يعزز من قدرة مصر على معالجة الحواجز التي تحول دون توسيع نطاق الاستثمارات الخضراء.
-
دعم الابتكار التكنولوجي والشراكات الدولية: تطوير التكنولوجيات المرتبطة بالبيئة يعد ركيزة أساسية لتحفيز التمويل الأخضر، التركيز على تقنيات إزالة الكربون والطاقة النظيفة يعزز من جاهزية القطاعات المختلفة لمواجهة التحديات المناخية. الشراكات الدولية توفر فرصًا لتحسين المعايير البيئية، وتعزيز تبادل المعرفة، وتسريع تبني الحلول المبتكرة في السوق المحلي، مما يرفع كفاءة تخصيص الموارد ويختصر الوقت.
-
تحسين السياسات الضريبية لدعم التحول الأخضر: إعادة هيكلة النظام الضريبي لتشجيع الصناعات الخضراء يمكن أن تكون خطوة فعالة، كما أن فرض ضرائب على الأنشطة الكربونية وتوجيه إيراداتها لدعم المشروعات الصديقة للبيئة سيخلق توازنًا بين تقليل التلوث وتعزيز الاقتصاد الأخضر.
المصادر:
[1] G20 Sustainable Finance Working Group, available at: https://g20sfwg.org/wp-content/uploads/2021/07/2016_Synthesis_Report_Summary_AR.pdf
[2] أسامة كمال، التمويل الأخضر لأهداف التنمية المستدامة.. أدوات وفرص متعددة، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، تاريخ النشر: ٢٥ أبريل ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://idsc.gov.eg/DocumentLibrary/details/9207
[3] Global Landscape of Climate Finance 2023, Climate Policy Initiative, report year 2023, available at: https://www.climatepolicyinitiative.org/publication/global-landscape-of-climate-finance-2023/
[4] علاء روحي أحمد، التمويل الأخضر والتنمية المستدامة، جريدة الدستور، تاريخ النشر: ١٨ مارس ٢٠٢٣، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/yTMYg
[5] المرجع السابق ذكره.
[6] شيماء محجوب، دور الحكومات في تعزيز التمويل الأخضر كأحد المسارات الداعمة للاستدامة التنموية، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، تاريخ النشر: ٢٩ أكتوبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://www.idsc.gov.eg/Article/details/10504
[7] المرجع السابق ذكره.
[8] أسماء دسوقي، آفاق التمويل الأخضر… في ظل التحول لاقتصاد منخفض الكربون، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، تاريخ النشر: ١٢ مايو ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://idsc.gov.eg/DocumentLibrary/details/9234
[9] هبة محمود الباز، دور البنوك المركزية في مواجهة التغير المناخي ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، المجلة الدولية للسياسات العامة في مصر الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، العدد٤، مجلد ٢، تاريخ النشر: ٤ أكتوبر ٢٠٢٣، متاح على الرابط: https://ijppe.journals.ekb.eg/article_322741.html
[10] المرجع السابق ذكره.
[11] ياسمين اسماعيل، الاقتصاد الأخضر ودوره في التنمية المستدامة في مصر: التحديات والحلول، Shader Site ، تاريخ النشر: ٩ يونيو ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://shader.site/httpsshadersiteegypts-green-economy-and-its-role-in-sustainable-development-challenges-and-solutions
[12] المرجع السابق ذكره
[13] وزير المالية: الدولة وفرت إطارًا للتمويل الأخضر والمستدام يتوافق مع المعايير الدولية Pioneers Misr، ، تاريخ النشر: ٦ نوفمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://pioneersmisr.com/124694/
[14] شيماء محمود، فرص وتحديات التمويل الأخضر في مصر، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، تاريخ النشر: ١٢ مايو ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://idsc.gov.eg/DocumentLibrary/details/9237
[15] المرجع السابق ذكره.
[16] مصر تصدر أول سندات خضراء في المنطقة بقيمة 750 مليون دولار، العربية، تاريخ النشر: ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٠، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/dkAwY
[17] الحكومة:مصر تستهدف زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء ل 50% /2024 2025، الهيئة الوطنية للإعلام، تاريخ النشر: ٣ نوفمبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/DZEAS
[18] دعم اول اصدار للسندات الخضراء في مصر، مجموعة البنك الدولي، تاريخ النشر: ٣ فبراير ٢٠٢٢، متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/news/feature/2022/03/02/supporting-egypt-s-inaugural-green-bond-issuance
[19] منى لطفي، الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050”.. وتحقيق التنمية المستدامة، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: ٢٧ مايو ٢٠٢٢، متاح على الرابط: https://marsad.ecss.com.eg/70165/
[20] شيماء محمود، مرجع سبق ذكره.
[21] المرجع السابق ذكره.
[22] البيئة تعلن موافقة صندوق المناخ الأخضر على تمويل 3 مشروعات بــ2,687 مليار دولار، الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك إلى مصر، تاريخ النشر: ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤، متاح على الرابط: https://linksshortcut.com/KAOVn
[23] المرجع السابق ذكره.