المقالات
مئة عام من الدبلوماسية المصرية.. محطات وقواعد راسخة
- يناير 21, 2022
- Posted by: mohamed mabrouk
- Category: رؤى تحليلية
في يوم الأربعاء، الموافق 19 يناير، عقد صالون القاهرة الثقافي الدولي في قاعة سينما الحضارات، بدار الأوبرا المصرية، دورته السابعة والعشرين، بعنوان “مئة عام من الدبلوماسية المصرية.. محطات وقواعد راسخة”، بحضور وزراء وسفراء وشخصيات دبلوماسية بارزة، فاستضاف الصالون معالي السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، ورئيس مجلس الأمناء بمركز “شاف” للدراسات المستقبلية وتحليل الأزمات”، والسفير محمد أنيس سالم، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ورئيس ومنسق مجموعة عمل الأمم المتحدة بالمجلس المصري للشؤون الخارجية، والسفير محمد سالم الصوفي، رئيس المركز الثقافي العربي الأفريقي، والدكتورة هبة عبد العزيز، وقدم الندوة، الكاتب الصحفي، ومؤسس صالون القاهرة الثقافي الدولي، محمد حميدة، والكاتب الصحفي الدكتور، رحاب الدين الهواري، رئيس مجلس أمناء الصالون.
من ناحيته، أعرب السفير محمد العرابي عن سعادته، بأنه أول من يتحدث عن مئوية الخارجية المصرية، خلال أولى الندوات التي تُقام بهذا الشأن، وأكد أن الاحتفال بمئوية الخارجية المصرية، هو بمثابة الاحتفال بالتاريخ العريق للدبلوماسية المصرية والإنجازات الهائلة، التي تصدرتها في مختلف المجالات على المستوى الإقليمي والدولي.
في مقدمته، أكد السفير محمد العرابي، أن قوة السياسة الخارجية لأي دولة، نابعة من مثلث متكامل، في قاعدته، القوة الذاتية للدولة، وفي ضلعه الثاني، يوجد الأمن القومي للدولة، والضلع الثالث، يتكون من المصالح الوطنية، والاقتصادية، والتجارية، والاجتماعية، والثقافية، وكل ما يتعلق بالدولة، وأن السياسة الخارجية دائمًا نابعة من قوة السياسة الداخلية، وأنها تصبح أكثر قوةً وتأثيرًا؛ انطلاقًا من القوة الداخلية، وأشار إلى أن السياسية الخارجية المصرية على مدى القرن السابق، أثبتت أنها سياسة وطنية، تعمل من أجل مصر وشعبها ومصالحهم، ودائمًا ما اتبعت نهجًا رصينًا وسلسًا، دون الاعتماد على الأضواء الإعلامية والصحفية، خلال عملها لتحقيق مصالح الدولة والشعب المصري، وذلك يعطى الدبلوماسية المصرية قدرًا كبيرًا من المصداقية والرُّقي والإحساس بمشاكل مصر.
وتحدث سعادة السفير “العرابي”، عن أحد الإسهامات التي شارك فيها من خلال عمله كمستشار لدى السفارة المصرية في واشنطن، خلال فترة حرب الكويت؛ حيث سعت السفارة من خلال عملية دبلوماسيةٍ سَلِسَةٍ وراقيةٍ، وبتأييد من الدولة المصرية، التي قد أوفدت المشير “محمد عبد الحليم أبو غزالة”؛ لمعاونة السفارة حينها؛ لإلغاء الديون العسكرية المصرية للولايات المتحدة، ونجحت الدبلوماسية في إلغاء نحو 9 مليارات دولار من الديون المصرية للولايات المتحدة ؛ مما أتاح أيضًا لمصر أن تنضم لنادي باريس؛ لإعادة جدولة ديونها؛ فذلك مثالٌ ناجحٌ لعمل الدبلوماسية المصرية، لم يتصدر عناوين الصحف، ولكنه كان عملًا دبلوماسيًّا راقيًا ورصينًا، أدى إلى تقدم مصر اقتصاديًّا في تلك الفترة، فذلك دليل بأنه على مدار المئة عام، أثبتت الدبلوماسية المصرية، بأنها معنيِّة تمامًا بعملية التنمية داخل مصر، فعملت بإخلاص وبقوة؛ من أجل الدفع بالجهود التنموية في مصر، فإن لوزارة الخارجية إسهامًا في التقدم والارتقاء بمستوى معيشة المواطن المصري، من خلال جهود مختلفة ومتعددة، وآخر الأمثلة على ذلك، استضافة مصر لرئيس جمهورية كوريا الجنوبية، وذلك عمل دبلوماسي كبير، سينعكس صدى إنجازه الهائل على الجهود التنموية، فهي أحد شركاء التنمية للدولة المصرية.
وأثنى سعادته على تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسي القوية؛ ما يؤكد أهمية الدبلوماسية الرئاسية أيضًا، فهي نوعٌ مهمٌ من الدبلوماسية؛ حيث يستطيع القادة الوصول إلى حلول واستنتاجات في صالح الشعبين، فإن سياسية مصر الحالية قائمة على المصالح المشتركة في القضايا المصرية والإقليمية والعربية، فهناك نماذج لبعض الزيارات الغير مسبوقة لمصر في دول، مثل (سنغافورة، وفيتنام)، فلم تكن زيارات رمزية، بل هي للاستفادة من الخبرات الخاصة لتلك الدول، فعلى سبيل المثال، فإن سنغافورة من الدول المتقدمة في (إدارة الموانئ، وتحلية مياه البحر، والطاقة النظيفة، والمتجددة)؛ لذا فإن جميع الأهداف التي تسعى مصر لتحقيقها، دائمًا في جدول أعمال الدبلوماسية الرئاسية، عندما يخرج سيادة الرئيس لزيارة الدول في الخارج.
وأكد سعادته، بأن شباب وزارة الخارجية، قد قدم جهدًا كبيرًا لمصالح المصريين في الخارج، ويرعى مصالحهم في أوقات عصيبة (مثل عمليات إجلاء الجالية المصرية خلال حرب العراق والكويت)، وأن مصر مرت بمراحل ومحطات عدة، أكدت فيها الدبلوماسية المصرية قدرتها على التعامل مع كل الظروف، وأنها لم تَحِدْ يومًا عن ثوابت الدفاع عن الوطن ومصالح الشعب المصري، وأن أحد عناصر الفخر بوزارة الخارجية المصرية، هي استعراض أسماء وزراء الخارجية، والقامات الدبلوماسية المصرية، التي عملت في وزارة الخارجية المصرية، في مختلف الأماكن، سواء في السفارات بالخارج، أو في داخل مصر، أو في المنظمات الدولية (دبلوماسيين مصريين)، تمت إعارتهم للدول العربية؛ للعمل كسفراء بعد استقلال تلك الدول، مثل سلطنة عمان وغيرها من الدول العربية، وكان لهم إسهام أيضًا في العمل في هذه الدول بكل إخلاص وكل وطنية؛ من أجل رفعة تلك الدول وتقدمها في المحافل الدولية، و في النهاية، في ذلك الإطار، من الواجب، تذكُّر شهداء الخارجية المصرية، ومنهم السفراء (كمال الدين صلاح، وإيهاب الشريف، والسكرتير أول نمير أحمد خليل، والسفير صلاح علوبة) قاموا بواجبهم في ظروف صعبة، أوْدَت بحياتهم في سبيل الدبلوماسية المصرية، وفي سبيل رعاية المصالح المصرية، فإن الدبلوماسية المصرية هي خط الدفاع الأول عن الدولة المصرية، وأن الدبلوماسيين في الخارج هم عيون الدولة، بقدرتها على نقل نبض الأحداث التي تقع حول العالم، و نقل كل عناصر التقدم والتطور في الخارج و التعلم، و نقل التجارب التي تمر بها الشعوب في الخارج لمصر وشعبها؛ ما يساهم فعليًّا في تنمية الدولة المصرية، فإن وزارة الخارجية قد أدت واجبها على أكمل وجه خلال المئة عام الماضية، بشكل يجب أن نفتخر به، وأن سعادة السفير، محمد العرابي، على يقين بأن خلال المئة عام القادمة ستكون بنفس القوة.
وتناول السفير محمد أنيس، مساعد وزير الخارجية السابق، التحديات المستقبلية، والمتمثلة في التغيرات المحلية، والإقليمية، والدولية، وأن معدل السكان في مصر والمنطقة العربية يتضاعف خلال السنوات المقبلة، الأمر الذي يتطلب معه مضاعفة الجهود الدبلوماسية، على مستويات متعددة؛ استعدادًا لتلك التحديات، من الواجب الاعتماد على التخطيط الإستراتيجي، وتطوير الأولويات، من خلال التهديدات القادمة، فيتوجب وضع خطة إستراتيجية للأمن القومي، تعمل على توحيد الوكالات المختلفة؛ حتى تعمل معًا، بدلًا من العمل بشكل فردي؛ ليكون لها تأثير أفضل على السياسة الخارجية، يجب أيضًا تحسين القدرة على التنبؤات المستقبلية، من خلال الاستثمار في العمل الأكاديمي والبحثي، ولفهم المواقف الدولية، من خلال مراكز الأبحاث الدولية.
وقال السفير محمد سالم الصوفي، رئيس المعهد الثقافي العربي الأفريقي: إن ثقافة القراءة والمطالعة نشأت لدى الموريتانيين بتأثير من المركز الثقافي المصري، وأنه لا أحد يجهل أن الموريتانيين عرفوا الكُتَّاب العرب، والمفكرين العرب، والممثلين العرب، والكتب العربية القديمة، داخل المركز الثقافي المصري، الذي كان على مدى عقود وعقود، يُؤَمِّنُ للشباب القراءة، والمحاضرات، والأفلام، ضمن دبلوماسية ثقافية، لاقت نجاحًا منقطع النظير، وأضاف: “في ذات السنة 1964، التي بعثت فيها مصر أحد ضباطها؛ ليفك الحصار العربي عن الموريتانيين، افتتحت مصر مركزها الثقافي، الذي لعب دورًا كبيرًا في تحصين هوية البلاد المهددة، وتشجيع بقائها في محيطها العربي، إنها دبلوماسية ثقافية مصرية، لا تزال حتى الآن محل تقدير لا يُصدَّق على مستوى النخبة الموريتانية، التي لا تترك فرصة تمر دون الحديث عن خلق المركز الثقافي المصري، لأول مسرح موريتاني عربي، وإتحاف الموريتانيين بأول العروض السينمائية العربية” .
ومضى بقوله: دون أن ننسى إسهام هذا المركز في تطوير الحركة الشعرية، والأدبية، والنقدية المعاصرة في صفوف الشباب الموريتانيين، كما كان سبَّاقًا إلى تكوين أجيال من الروائيين والقصصيين الموريتانيين.
وقالت الكاتبة، هبة عبد العزيز، رئيس وحدة الدراسات الأفريقية بمركز الوحدة: إن المرأة المصرية كان لها دورٌ في الدبلوماسية المصرية عبر التاريخ، وأشادت بما قدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي للمرأة المصرية، خلال الفترة الماضية، وذكرت العديد من الشخصيات البارزة في الدبلوماسية المصرية، مثل (مشيرة خطاب، ونبيلة مكرم) ومشاركتهم في المحافل الدولية، واستخدامهم الرصين للقوة الناعمة، من خلال مبادرات، مثل (تحدث بالعربية)، والتي استهدفت الأجيال (الثانية، والثالثة) من المصريين في الخارج؛ لترسيخ اللغة العربية، والتاريخ، والهوية المصرية في عقول الشباب، وبالفعل ساعدت هذه المبادرة في سد الفجوة المعرفية، من خلال زيارات الأماكن التاريخية، والثقافية في مصر، فإن هذه الأجيال الشابة هي أفضل التمثيلات المصرية في الخارج.
وخلال كلمته، قال السفير الأردني بالقاهرة، أمجد العضايلة: إن الإنسان المصري يُولَد دبلوماسيًّا؛ حيث يُلاحظ ذلك في كل تعاملاته بكل الأماكن، وأضاف العضايلة، إن مصر بكل مكوناتها وشعبها قدمت نموذجًا رائدًا للأمة العربية في الحفاظ على دولتها ودبلوماسيتها، وأثنى سعادته على الدبلوماسية المصرية، والدور الذي قدمته طوال تاريخها على المستويين المصري والعربي، وقدم التهنئة لكل الدبلوماسيين المصريين، بمناسبة مئوية الخارجية المصرية في العصر الحديث.