المقالات
صعود عماني على جسد التناقضات «الإقليمية والدولية»
- مارس 27, 2023
- Posted by: mohamed mabrouk
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
إعداد : مصطفي أحمد مقلد
مقدمة:
تحتفظ عمان بدورٍ فريدٍ في منطقة «الخليج، والشرق الأوسط»، والذي يعبر عن موقعها الإستراتيجي ودورها اللوجستي الحيوي في المنطقة، بجانب انتهاجها “الحياد النَّشِط” تجاه النزاعات الإقليمية، وحتى لعب دورٍ إيجابيٍّ في القضايا التي تحمل أبعادًا دولية، ويتوازى ذلك مع حرصها على عدم الدخول في خلافاتٍ مع أطراف «إقليمية، أو دولية»؛ ما يجعلها تعمل على موازنة علاقاتها مع الأطراف المتنافسة أو المتنازعة، ولذا ليس من الواضح، أن عمان تسعى للريادة السياسية في المنطقة، غير أنها تعمل على أن تكون مركز ثقل دبلوماسي، من خلال العمل لحلِّ النزاعات، والتحوُّل لأهم مركزٍ لوجستي في المنطقة، بعد افتتاح ميناء «الدقم»، والعمل على تطوير وتنويع اقتصادها.
الوساطات الدبلوماسية:
تنتهج عمان سياسة خارجية براغماتية، تركز على مبادئ عدم التدخُّل، والموازنة بين المصالح المتنافسة للدول الأخرى في المنطقة، وهذا النَّهْج مدفوع بأهدافها المزدوجة، المتمثلة في الحفاظ على العلاقات الودية مع جيرانها، وتطوير دورها كوسيط دبلوماسي إقليمي، ومن ناحيةٍ أُخرى، حماية مصالحها الأمنية كدولة صغيرة في موقعٍ إستراتيجيٍّ مهم.
- دور عمان في خطة العمل الكاملة المشتركة 2015 “الاتفاق النووي الإيراني”:
عقدت عدة اجتماعات سرية، في 2009، بين «الأمريكيين، والإيرانيين» على ساحل «مسقط»، وعلى إثرها، تمَّ اتفاق مبدئي بين «الولايات المتحدة، وإيران»، تم اعتباره نواة الاتفاق النووي الإيراني.
وتلعب الآن عمان دورًا مهمًا؛ لإعادة إحياء الاتفاق النووي، من خلال ربْط الصلات مجددًا بين الطرف «الإيراني، والأمريكي» بشكلٍ أساسيٍّ، وهو ما يظهر في دعوة إيران للسلطنة؛ للعب هذا الدور، وسط ترقُّبٍ أمريكيٍّ، في ضوْء تطورات الدور الإيراني في الحرب الأوكرانية، ويأتي ذلك بعد تعثُّر مفاوضات العودة للاتفاق النووي، في «فيينا»، العام الماضي؛ بسبب ما تقوله «الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي»، بأنه تعنُّت من الجانب الإيراني، وهو ما يظهر في زيارة وزير الخارجية الإيراني، في ديسمبر الماضي، وكذلك محور زيارة المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، روبرت مالي، إلى عُمان، في فبراير 2023.
- دور عمان في الاتفاق «السعودى – الإيراني» على عودة العلاقات الدبلوماسية:
ساهمت الدبلوماسية العمانية، بالإضافة إلى نظيرتيْها «العراقية، والصينية»، في التوقيع على الاتفاق «السعودي – الإيراني»، الخاص باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الطرفيْن؛ حيث حققت الوساطة العمانية التي تستخدم العديد من المسارات لتعزيز الاستقرار والسلام بالمنطقة، نجاحًا كبيرًا، في وقتٍ تنطلق «مسقط» من مبدئها وهو الحوار.
الإعلان عن نجاح الوساطة العمانية، جاء من خلال الشكر الذي قدمته «المملكة السعودية، وإيران»، حينما أعربتا عن تقديرهما لسلطنة عُمان، على التسهيلات التي قدمتها في جولات الحوار، والتي أسهمت في استئناف العلاقات الدبلوماسية «السعودية – الإيرانية»، وإعادة فتْح سفارتيْهما وممثليهما، وتفعيل اتفاقيات التعاون بينهما.
- الموقف العمانى تجاه المشكلة السورية:
تبادل مسؤولو الدولتيْن الزيارات على مدار السنوات الأخيرة، وإن كان على مدى زمني متباعد، ومن الواضح، وجود رغبة قوية لدى عمان، في دعم عودة سوريا للجامعة العربية، فزيارة «بشار الأسد» إلى عمان، الشهر الماضى، مثَّلت دفعةً جديدةً؛ لإعادة الحكومة السورية المعزولة إلى السياسة «الإقليمية، والدولية».
كان قد اختلف نهج “مسقط” تجاه الصراع السوري عن نهج دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، فلم تدعم المعارضة في سوريا، وفي المقابل، ترى «دمشق»، أن «مسقط» شريك دبلوماسي مهم؛ للوصول إلى دول مجلس التعاون الخليجي الثرية الأُخرى، في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على دعم مالي؛ لإعادة الإعمار بعد الحرب.
مؤيدو التطبيع مع «الأسد»، يرون عودة سوريا للجامعة العربية ضرورة؛ لإبعاده تدريجيًّا عن إيران، بالتالي؛ يُنظر لزيارة «الأسد» لعمان على أنها خطوة في هذا الاتجاه، لكن في واقع الأمر، فإن زيارة «الأسد» إلى عمان لها أهمية في الشكل فقط، فمن المعروف، أن عمان ليست حريصة على إبعاد «الأسد» عن دائرة «طهران»، على العكس من ذلك ، استمرت عُمان في علاقات جيدة مع نظام «الأسد»، على مدار الـ 12 عامًا الماضية، على الرغم من أن هذه العلاقات لم تكن في بعض الأحيان على مستويات عالية، وفي أحيان أُخرى تجري تحت الطاولة؛ لذا تظل أهمية الزيارة في كونها دعائية، وممهدة لعودة «الأسد»، ولاعتبار عمان محطة مهمة؛ لدفع العلاقات «الخليجية – السورية».
- عين عمان على الملف اليمني:
منذ عام 2015، انخرطت عُمان بلا كللٍ في دبلوماسيةٍ نشطةٍ؛ لتخفيف التوتُّر، في محاولةٍ لإنهاء الصراع في اليمن، كانت عُمان في وضْعٍ جيِّدٍ للعب الدور الصعب، المتمثل في تجميع مختلف الفصائل المتحاربة، لكن النفوذ الهامشي لعمان على الجهات المتنافسة، وإحجام تلك الجهات عن تقديم تنازلات ذات مغزى، قد أعاقا بشكلٍ متكررٍ جهود «مسقط»؛ للترويج لحلٍّ سياسيٍّ دائمٍ لمشاكل اليمن المؤلمة.
في سياقٍ آخر، توسَّطت عُمان في العديد من عمليات تبادُل الأسرى بين مختلف الأطراف المتصارعة في الحرب، وتعمل عُمان حاليًا على تسهيل المحادثات المباشرة بين المسؤولين «السعوديين، والحوثيين»؛ لاستعادة وقف إطلاق النار رسميًّا، في عام 2022، وتحقيق حلٍّ سياسيٍّ للصراع في نهاية المطاف، ويمكن القول: إن “مسقط” حقَّقت قفزةً كبيرةً إلى جانب «بغداد»، في البحث عن حلٍّ سياسيٍّ للصراع في اليمن، من خلال الجهود الأوسع، التي تمَّ بذْلها بالتوسُّط في المصالحة بين «الرياض، وطهران»، والتي من المنتظر، أن تنعكس إيجابيًّا على الملف اليمني.
تلعب سلطنة عُمان دورًا مهمًا في إحلال السلام باليمن، البعض يعتبره “إيجابيًّا، إلا أنه بطيء، فقد قام وفد عماني بسلسلة زيارات إلى «صنعاء»، خلال العام الماضي، وحتى بداية العام الجاري؛ من أجل الخروج بموافقة «الحوثيين» على تمديد الهدنة التي توسَّطت فيها الأمم المتحدة، وانتهت مطلع أكتوبر الماضي، لكن جهود عُمان تصطدم برفْض جماعة «الحوثي» وتعنُّتها.
لذا تستضيف «مسقط» محادثات ثنائية بين «السعودية، وميليشيات الحوثي»، بشأن إنهاء الحرب في اليمن؛ على أمل تعزيز وقف إطلاق النار غير الرسمي، والتخطيط لإنهاء الحرب الأهلية، أو تحقيق خطوةٍ مبدئيةٍ إيجابيةٍ، تتعلق بخفْض التصعيد بين «السعودية، والحوثيين» في إطار مساعدة تأمين حدود وأراضي المملكة، ثم مناقشة الوضع اليمنى الداخلي في مرحلةٍ تاليةٍ، وهو ما يمكن استنباطه من تصريح الأمير “خالد بن سلمان” وزير الدفاع السعودي: “إنَّ الأمور الداخلية فيما يتعلق بالملف اليمني هي أمور داخلية، لا يمكن للسعودية أن تلعب دورًا فيها”، ويأتي ذلك في إطار رغبة السعودية في التهدئة.
- موقف عمان تجاه السلام في الشرق الأوسط:
تتمسك عمان بالدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، بالتأكيد على عدالة القضية الفلسطينية، وضرورة الرجوع إلى حلِّ الدولتيْن؛ لإنهاء الصراع «الفلسطيني – الإسرائيلي»، وفي هذا السياق، ناقش مجلس الشورى العماني، إمكانية تعديل قانون المقاطعة الإسرائيلي، لعام 1972، الذي يحظر الاتصال بأي كيان أو شخص إسرائيلي؛ بهدف توسيع نطاق التجريم، وتوسيع مقاطعة إسرائيل.
وأدلى وزير خارجية عمان، بتصريحٍ لافتٍ لوكالة الأنباء الإيرانية، رحَّب فيه بتصويت مجلس الشورى، ووصف الخطوة، بأنها “تجسيد لتطلُّعات الشعب العماني ودول المنطقة الأخرى؛ للوصول إلى حلٍّ عاد