المقالات
مسار الصراعات في الشرق الأوسط وأفريقيا
- نوفمبر 7, 2021
- Posted by: mohamed mabrouk
- Category: إصدارات دورية مسار الصراعات في الشرق الأوسط وأفريقيا
صادر عن
مركز شاف للدراسات المستقبلية وتحليل الأزمات والصراعات
العدد الأول (إصدار أكتوبر)
حالة من الحركة المستمرة تشهدها الأوضاع في دول الصراع، في الشرق الأوسط وفي أفريقيا، وذلك بحكم خصائص تلك الصراعات التي تتميز بكثافة التفاعلات وتغير مواقف الفاعلين، وهو ما يجعل قراءة المشهد في هذه الدول في ظل تلك المتغيرات ليست بالأمر اليسير.
بالرغم من أن القراءة للأحداث الهامة في تلك الدول، أمر لها قدر كبير من الأهمية، إلا أن رؤية هذه الأحداث ضمن السياق العام للصراع وتفاعلها مع بعضها، أمر يساعد على فك حالة الغموض تلك، والحفاظ على رؤية واضحة محدثة للوضع في دول الصراع في المنطقة.
وفي هذا الصدد نقدم هذا التقرير كمحاولة للتبع الدوري للتغيرات التي تضفيها تلك التفاعلات على الصراع، ومدى تأثيرها على حالة الصراع بشكل كامل، وهل تتجه بالصراع ناحية التهدئة أم التصعيد، وماهي تحديات مواجهتها، وفرص احتوائها.
يركز الإصدار الأول من التقرير على ستة دول نزاع في الشرق الأوسط وفي أفريقيا، وهم (أثيوبيا، جنوب السودان، الصومال، العراق، اليمن، ليبيا) ويحاول تتبع مسار الصراعات في هذه الدول.
العراق… الخطوة الأولى بمسار التحول الديمقراطي
مع مطلع شهر أكتوبر، اتفق الداخل العراقي على إجراء الانتخابات المبكرة، بحسب المواعيد التي أعلنتها المفوضية العليا للانتخابات؛ ليبدأ الاقتراع في ٨ أكتوبر للقوات الخاصة، وتتوالى عملية التصويت، وإعلان النتائج الأولية والطعون على النتائج، ويلتف الداخل العراقي ودول الجوار الإقليمي حول عملية الانتخابات العراقية، بحالة ترقبٍ لنتائج الانتخابات، والتي تمثل مفترق طرقِ، وترسم ملامح مستقبل العراق، وغي هذا الصدد نسلط الضوء على أبرز تفاعلات المشهد السياسي العراقي.
أولًا: العملية الانتخابية
بمطلع أكتوبر بدأ الاستعداد للعملية الانتخابية وكان أبرز ما اثير بمسألة الاستعداد للتصويت المبكر، عدم شمول منتسبي الحشد الشعبي بالتصويت الخاص، وبحسب المفوضية العليا للانتخابات العراقية، فإن مفوّضية الانتخابات خاطبت هيئة الحشد الشعبي لتزويد أسماء منتسبيهم بسجل الناخبين الخاص، وإصدار بطاقات بايومترية للتصويت، لكن هيئة الحشد لم تفعل.
كما شملت مرحلة الإعداد تواجدًا أمميًّا واسعًا، ففي 5 أكتوبر، بمؤتمر صحفي عقدته رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالعراق “يونامي” جنين بلاسخارت، بمقر المنظمة الدولية بالعاصمة بغداد، والتي أبدت دعمها لسير العملية الانتخابية، وأوضحت أن نحو 900 فرد من الخبراء وموظفي الدعم الدوليين والمحليين يساهمون بالجهود الانتخابية على مستوى البلاد.
وقبل بدء عملية التصويت الخاص، اتخذت القوات الأمنية العراقية، سلسلة إجراءات لحماية الفريق الأممي المكلّف بمهمة مراقبة الانتخابات التشريعية العراقية، وفيما وجّهت القيادة الأمنية العليا المنتسبين بضرورة التعامل الإنساني مع الناخبين، والالتزام بالأوامر العسكرية، وبدأت حالة الاستنفار الأمني؛ استعدادًا لتأمين الانتخابات بالعراق.
وفي 8 أكتوبر، انطلقت عملية التصويت الخاص، فأدلى أفراد قوات الأمن والنازحون والسجناء بأصواتهم بالانتخابات التشريعية العراقية، وبحسب المفوضية العليا للانتخابات، فإن إجمالي نسبة التصويت بالانتخابات بلغت ثلث الناخبين دون ذكر رقم محدد.
وفي 10 أكتوبر، بدأت عملية التصويت العام، وقد جرت بشكل مستقر، لتعلن المفوضية العليا للانتخابات النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في ١٢ أكتوبر، وأظهرت تقدم كتلة الصدريين، وأنها ستبدأ بتسلم طلبات الطعون على النتائج، بلغت نسبة المشاركة “الأولية” بالانتخابات التشريعية العراقية 43%، وفق ما أعلنته المفوضية العليا للانتخابات بالعراق، وهي أقل نسبة مشاركة سجلها العراق من عام 2003.
جاءت النتائج مفاجئة للتيارات الشيعية، والتحالفات التابعة لقوات الحشد الشعبي، وهو ما انعكس بإعلان قوى سياسية شيعية وفصائل مسلحة من “الحشد الشعبي” بالعراق، رفضها النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، جاء ذلك ببيان صادر عن “الإطار التنسيقي”، الذي يضم “تحالف الفتح” و”دولة القانون” و”عصائب أهل الحق”، إضافةً لـ(كتائب حزب الله)، مطالبين أن تكون حرة وآمنة ونزيهة، وأنهم قدموا جميع الملاحظات الفنية (على عملية الاقتراع) لمفوضية الانتخابات، وقد تعهدت المفوضية بمعالجة جميع تلك الإشكالات بخطوات عملية، دون تفاصيل حول هذه الملاحظات.
والعكس بالعكس بالنسبة للتيار الصدري، فأعلن بدأ البحث عن تحالفات تشكيل الحكومة، كما بدأ بتسمية لجنةٍ للتفاوض مع الكتل السياسية؛ لتكوين تحالف برلماني يمهد لتشكيل الحكومة العراق.
وبمرحلة الطعون، قدم طعن على حوالي 14 ألف لجنة انتخابية من أصل 50 ألف لجنة، وأُعيد الفرز باللجان المطعون فيها بشكل مبدئي، ولم تغير بشكل كبير من توزيع النسب بين الفائزين، لكن خسر «التيار الصدري» 3 مقاعد برلمانية بالفرز اليدوي للأصوات؛ ليصبح إجمالي عدد المقاعد الفائز بها بالانتخابات العراقية المبكرة 70 مقعدًا، بحسب المفوضية العليا للانتخابات، فيما ارتفع عدد المقاعد الفائز بها ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي لـ38 مقعدًا، وتحالف «الفتح» لـ19 مقعدًا.
بالرغم من التغير بهذه النتائج، لم يكن الأمر مرضيًا لعدد كبير، وعلى رأسهم فصائل تيار الحشد الشعبي، وتظاهر مناصرو فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران الثلاثاء وسط بغداد؛ احتجاجًا على “تزوير” شاب الانتخابات التشريعية المبكرة، حسب قولهم، وبدأ المحتجون بنصب الخيم؛ استعدادًا للاعتصام بطريق مؤدٍ للمنطقة الخضراء؛ حيث تتواجد المقار الحكومية والسفارات، منها سفارة الولايات المتحدة الأمريكية التي تطالب الفصائل الموالية لإيران بسحب قواتها من العراق.
وحتى نهاية الفترة محل التناول – شهر أكتوبر- لم تنتهِ – بشكل كامل – العملية الانتخابية بالعراق؛ لأن إتمام العملية الانتخابية يأتي بعد المصادقة على نتائج الانتخابات، بعد أخذ مداها من الهيئة القضائية للانتخابات، والتي من حقها النقض، وقد تصادق عليها جميعًا، وهي ليست مقيدة بوقت معين، وبعدها تعلن انتهاء الطعون المقدمة، ولا تُوجد مدة محددة للمصادقة على نتائج الانتخابات، حتى تستنزف كل الطعون.
لكن يبدو أن الملامح الرئيسية للمشاهد الانتخابية بدأت بالتشكل، وهي أن التيار الصدري المشكل الرئيسي، وأن مقتدى الصدر سيرأس الحكومة القادمة، لقد بدأ التيار الصدري التعامل بهذا الأساس، واتخذ عدة تحركات كانت بمثابة رسائل طمأنة بشأن السياسة التي ينتهجها، منها إعلانه فتح حوار عالي المستوى مع دول الجوار التي تتدخل بشأن العراق سياسيًّا وأمنيًّا؛ لمنع التدخلات مطلقًا.
لكن بالأخير يظل العراق بمفترق طرق، خاصةً بظل عدم الرضا، وعدم الالتفاف حول الانتخابات، واستمرار الشكوك بنزاهتها، وتوجيه اتهامات التيارات المختلفة لبعضها؛ ما يتطلب جهودًا مكثفةً وسريعةً؛ لمعالجة التشكيك، والانطلاق من الانتخابات على أرضية ثابتة متفق عليها.
ثانيًا: المشهد الأمنى .. المسؤولية الأكبر
منذ مطلع الشهر الجاري، ويعيش العراق بمشهد أمني مرتبك ومحفوف بالتحديات، التي يعول معالجتها فقط على القوات العراقية، بظل انسحاب القوات الأمريكية، والدعوة للتظاهر، وتزايد ضربات تنظيم داعش من جهة أُخرى، كل ذلك بجانب الحاجة الماسة لتأمين الانتخابات.
دعوات للتظاهر: بدأ المئات بالتظاهر بالعاصمة العراقية (بغداد) الأول من أكتوبر، إحياء الذكرى الثانية لانطلاق الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة بعام 2019.
ووسط حضور أمني مكثّف، رفع المتظاهرون – الذين بدأوا المسير نحو ساحة التحرير، مركز احتجاجات عام 2019 – الرايات العراقية، وصور شباب قُتلوا خلال القمع الدموي الذي تعرضت له التظاهرات حينها؛ ما دفع للاستنفار الأمنى بالبداية.
تأمين الانتخابات: أصدر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في 3 أكتوبر، توجيهات للقوات الأمنية بشأن الانتخابات؛ لضمان نزاهتها وسيرها بسلاسة، وأعلنت اللجنة الأمنية العليا للانتخابات، إدخال جميع القوات الأمنية بحالة استنفار؛ لتأمين الانتخابات البرلمانية، كما أعلنت وزارة الدفاع العراقية، ن أكثر من 250 ألف عنصر أمن سيتولون تأمين مراكز الاقتراع المنتشرة بعموم البلاد بانتخابات البرلمان.
رد هجمات تنظيم الدولة : في 3 أكتوبر، ألقى جهاز الأمن الوطني العراقي القبض على 25 عنصرًا من “داعش” في نينوى، خلال عمليات نوعية دقيقة استمرت لعدة أيام، لافتًا أن المعتقلين كانوا مقاتلين ضمن ما يعرف بـ”ولايات نينوى ودجلة والجزيرة وصلاح الدين” التابعة لـ”داعش”، وأعلنت أجهزة الأمن بالعراق عن تنفيذها عمليتين ناجحتين ضد تنظيم” داعش” بمحافظتي نينوى وكركوك، وتكرر هجوم التنظيم بـ27 أكتوبر، فقُتل وأُصيب أكثر من 20 عراقيًّا شن الهجوم على قرية بمحافظة ديالى شرقي البلاد، استخدم التنظيم أسلحة متوسطة وخفيفة خلال الهجوم الذي أوقع 6 قتلى و15 جريحًا بعضهم بحالة خطيرة.
التعاون العسكري الروسي مقابل انسحاب أمريكي : كشف عضو لجنة الأمن والدفاع بمجلس النواب العراقي، بدر الزيادي، عن توجه العراق لشراء منظومة دفاع جوي من ثلاث دول تفضلهم العراق هم) فرنسا وكوريا وروسيا) فيما يخص منظومة الدفاع الجوي.
من جهة أُخرى، وفي بداية أكتوبر، باشرت القوات الأمريكية القتالية عملية الانسحاب الفعلي من العراق، ضمن خطة أُعدت بالتنسيق بين بلاده والتحالف الدولي على ضوء مخرجات الاتفاق العراقي الأمريكي، المبرم نهاية يوليو الماضي، خلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لواشنطن ولقائه الرئيس الأمريكي “جو بايدن”
ثالثا: خطى عراقية نحو المحيط العربي
واصلت الحكومة العراقية تبني النهج التصالحي والتفاعلي مع العمق الاستراتيجي العربي للعراق، الذي خططت له حكومة مصطفى الكاظمي، وفي 6 أكتوبر، وقع العراق عقدًا مع الإمارات؛ لبناء خمس محطات لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة الشمسية؛ لمواجهة أزمة شح الطاقة التي تعاني منها البلاد منذ عقود، ستشمل المرحلة الأولى إنتاج وتوليد ألف ميغاواط من أصل سعة كلية تبلغ ألفي ميغاواط.
كما اتفق وزيرا الخارجية العراقي ونظيره اللبناني بتشكيل لجنة مشتركة؛ للاتفاق برفع تأشيرات الدخول للمواطنين من كلا البلدين، و في 22 أكتوبر، أعلنت السلطات العراقية إلغاء جزء من التحذير الجوي الذي فرضته منظمة الطيران الفيدرالية (FAA) عام 2014 على الفضاء الجوي العراقي إبان الحرب على تنظيم داعش الإرهابي؛ لتقوم وزارة النقل العراقية باستئناف رحلات الخطوط الجوية العراقية المباشرة للسعودية بعد تعليقها لمدة 19 شهرًا.
إجمالا يمكن القول أن العراق يمر بمرحلة هامة سياسيًّا، بإجراء الانتخابات البرلمانية ومعها تحدي إحياء الروح الوطنية واستعادة مفهوم المواطنة لدى العراقيين، بمقابل الولاءات الطائفية، وهو تحدٍ قائم منذ وضع قانون الانتخاب، والآن تدرج بحكم المرحلة، فبعد أن كان الهدف الرئيسي، إقامة تحالفات انتخابية متنوعة ليست ذا أساس طائفي، كما تجري الانتخابات بظل عدم استعداد التحالفات لخوض الانتخابات؛ ما نتج عنه حالة من التشكيك بنتائج الانتخابات واتهامات متبادلة بين الأطراف؛ ما يتطلب من الحكومة العراقية إجراءات حذرة ودقيقة وسريعة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للخروج بتوافق الأطراف.
حالة الصراع الليبي
بعد الاستقرار والتوافق نسبيًّا المشهود بليبيا مؤخرًا، بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الليبية الانتقالية في مارس 2021، ومع اقتراب الانتخابات الليبية في 24 ديسمبر القادم، لا يزال الخلاف بعدة ملفات، لعل أهمها انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية والانتخابات، الحاصلان على حيز كبير بالتصريحات المحلية والإقليمية والدولية.
أولًا: ملف انسحاب المرتزقة القوات الأجنبية
لا تزال معضلة انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية الشغل الشاغل والقضية المقلقة لكل الأطراف الفاعلة بالبلاد سواءً المحلية أو الدولية؛ إذ ناقش رئيس المجلس الليبي محمد المنفي بلقاءٍ صحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ببداية شهر أكتوبر، ملف انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وشددا بأهمية ضمان خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا وتحقيق الاستقرار الإقليمي قبل بدء الانتخابات القادمة.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة في ديسمبر بوجود قرابة 20 ألفًا من المرتزقة والمقاتلين الأجانب بليبيا: (روس من مجموعة فاغنر الخاصة، وتشاديون، وسودانيون، وسوريون)، وأيضًا مئات العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي وقعته أنقرة والحكومة الليبية السابقة بأوج صراعها مع الحكومة الموازية بالشرق.
تأييد دول الجوار
يشكل الجانب الأمني هاجسًا ليس لدى الليبيين فقط، بل لدى دول المنطقة، خاصةً دول الجوار الليبي (مصر، تونس، الجزائر) بالدرجة الأولى، الذين يعدون الأكثر تضررًا، سواءً من العمليات الإرهابية المنطلقة من ليبيا بحكم الجوار، ومن الصعب- إن لم يكن من المستحيل- أن تحل الحكومة الليبية الحالية – مهما كانت قوتها- المعضلة الأمنية وحدها، دون دعم إقليمي من دول الجوار التي لها سابقة عسكرية قوية؛ ما يؤهلها من خنق الجماعات الإرهابية.
باجتماع افتراضي لمجلس السلم والأمن الأفريقي بهذا الشهر، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري بحتمية الخروج غير المشروط والمتزامن والمنسق لكافة القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا دون استثناء، بينما أكدت الجزائر من جانبها على آثار الانسحاب العشوائي للمرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا على دول الجوار، وشددت على الدور المحوري لدول الجوار، وضرورة إشراكها بالمحادثات والمسارات التي أُطلقت بهذا الصدد.
خطة عمل شاملة لسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا
أكدت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) بضرورة جاهزية المراقبة محليًّا ودوليًّا لاتفاق وقف إطلاق النار قبل البدء بتنفيذ الخطة المتفق عليها لانسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية بشكل تدريجي ومتوازن ومتزامن.
واعتبر رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش الخطة إنجازًا خلَّف زخمًا إيجابيًّا ينبغي البناء عليه لسيادة الاستقرار والديمقراطية، بانتخابات وطنية حرة وشفافة وتتمتع بالمصداقية في 24 ديسمبر، ويقبل بنتائجها الجميع.
وأعلنت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش لاحقًا خروج المقاتلين الأجانب من ليبيا، فيما وصفتها بأنها “بداية بسيطة جداً”؛ حيث أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان عقب إعلانها، عودة أولى دفعات مرتزقة الفصائل الموالية للحكومة التركية من ليبيا، فقد وصلت طائرة على متنها نحو 300 مقاتل من الجنسية السورية نحو تركيا، ومنها جرى نقلهم لسوريا.
وبالرغم من ذلك، ترسل المخابرات التركية المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، وترحِّلُ المنتهية عقودهم بليبيا والراغبين بالعودة لسوريا، وفق عملية تبديل منتظمة.
خطة حل الميليشيات المسلحة
بعد إعلان اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) الانتهاء من خطة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، كشف الفريق خيري التميمي، مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة، بوضْع اللجنة خطة حل الميليشيات المسلحة ونزع أسلحتها؛ ما يدفع المجتمع الدولي للتسوية قبل موعد الانتخابات نهاية العام الجاري.
أكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، استعداد المنظمة الدولية وشركائها دعم اللجنة العسكرية المشتركة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بليبيا، مبينًا عمل المراقبين بإشراف اللجنة للتحقق من انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة حسب الخطة.
وقد أرسلت الأمم المتحدة المجموعة الأولى من المراقبين التابعين لها للعاصمة طرابلس؛ لمساعدة الأطراف الليبية بمراقبة وتطبيق وقف إطلاق النار.
الموقف الأمريكي
طلبت الإدارة الأمريكية من تركيا وروسيا الشروع فورًا بسحب قواتهما من ليبيا، بما يشمل القوات العسكرية والمرتزقة، وتجدد طلبها كثيرًا؛ حيث أقر الكونجرس بقانون الاستقرار بليبيا لفرض عقوبات على المعرقلين، ووافق مجلس النواب على القانون، الذي ينص على معاقبة الجهات الأجنبية وأي طرف سياسي أو عسكري، يعرقل جهود الحكومة المؤقتة و اتفاق وقف إطلاق النار، وحاز مشروع القانون على موافقة 386 نائبًا ورفضه 35 فقط، و تزامن القانون مع لقاءٍ عقده رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة مع قائد القيادة العسكرية الأمريكية بأفريقيا ستيفان تاونسند في طرابلس؛ حيث جرى مناقشة تطورات الوضع الأمني بحضور السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند.
ثانيًا: ملف الانتخابات
بالرغم من الضغط الدولي والإقليمي بضرورة إجراء الانتخابات القادمة بموعدها، لاتزال هناك بعض الاختلافات بين الفرقاء الليبيين لعرقلة العملية الانتخابية؛ حيث دعت أصوات من الداخل الليبي بالأسابيع الماضية لتأجيل الانتخابات الليبية؛ للخلافات الحاصلة بإقرار القاعدة الدستورية؛ لوجود خلافات دائرة بين الفرقاء الليبيين، خاصةً بعد إقدام البرلمان على سحب الثقة من حكومة عبد الحميد الدبيبة باقتراب الانتخابات الليبية، رسمت تلك الخطوة مخاوف محلية ودولية حول مصير التسوية السياسية برمتها، ومنها إجراء الانتخابات، وترجمت تلك المخاوف بتصويت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة للدعم بليبيا حتى 30 يناير 2022، والدعوة بضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة.
لعل أبرز التحديات بجانب ملف انسحاب المرتزقة، الدعم التركي لعدد من قادة الإخوان؛ إذ تواصل تركيا دعمها القوي لليبيا، وجاءت تلك التصريحات بعد جولة خارجية للقيادي الإخواني بأنقرة لإقناعها تأجيل الانتخابات؛ لئلا يسقط الإخوان بليبيا.
أنباء عن تحالف حفتر وسيف الإسلام القذافي
علَّق قائد رفيع المستوى بالجيش الوطني الليبي على الأنباء المتداولة حول مبادرة للتحالف بين المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي بانتخابات الرئاسة الليبية، وأكد عدم وجود تحالف بينهما بخصوص الانتخابات إلى الآن، والأمر قد يكون تفاهمات بمسألة البدء بالحملة الانتخابية بالمنطقة الشرقية التي تسيطر عليها القيادة العامة، ونستبعد التحالف بالمستقبل؛ لحملة التيار الإسلامي ضدهما، فلا إرداة حقيقية منهما لترشح الانتخابات الرئاسية القادمة.
مشاركة عربية ودولية واسعة بمؤتمر دعم استقرار ليبيا
يشكل مؤتمر دعم استقرار ليبيا الذي استضافته طرابلس العاصمة كأول فعالية من هذا النوع على أراضيها منذ عام 2011، قوة ضغط وزخمًا كبيرًا لدفع كافة أطراف العملية السياسية للانخراط بإرادة سياسية كاملة، ونية حسنة لتنفيذ استحقاقات الأسابيع القادمة بتنظيم وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بموعدها المقرر في 24 ديسمبر القادم؛ إذ أكد وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ الدكتور أحمد الناصر، الذي شارك المنقوش بإدارة الجلسة تأييد الكويت إجراء الانتخابات الليبية بموعدها المقرر يوم 24 ديسمبر.
وشهد المؤتمر مشاركة مسؤولين عرب ودوليين بارزين، على رأسهم (وزراء خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، ومصر سامح شكري، وفرنسا جان إيف لودريان، والجزائر رمطان لعمامرة، والكويت أحمد ناصر الصباح).
دعم أممي
وأكدت وكيلة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، روز ماري دي كارلو، أن مؤتمر دعم استقرار ليبيا دليل على تحقيق الاستقرار بالدولة، مشيرًا أن الحوار بين الأطراف السياسية كافة مطلوب.
ودعت جميع الأطراف لتقديم تنازلات، مناشدةً الدول الأجنبية المعنية بإرسال مراقبين للانتخابات الليبية، مؤكدةً مواصلة الأمم المتحدة تقديم المساعدة الفنية لإجرائها.
بينما أكدت بعثة الأمم المتحدة بليبيا بضرورة تعديل قانون الانتخابات ليتسنى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر بما يتماشى مع خطة السلام بالبلاد بإزالة القيود المفروضة على المشاركة بالانتخابات؛ للسماح لليبيين الشاغلين لمناصب عامة بتجميد مهامهم من وقت تقدمهم بطلبات الترشح للانتخابات الرئاسية.
برلمان ليبيا يحسم تعديلات قوانين الانتخابات
في جلسة عامة بطبرق، شرق البلاد، قام البرلمان الليبي يوم الإثنين الموافق 25 أكتوبر بحسم أمر التعديلات على القوانين الانتخابية التي طلبتها المفوضية العليا للانتخابات؛ لإفساح المجال بتحديد أجندة الانتخابات العامة المقرر إجراؤها يوم 24 ديسمبر القادم.
وجاء ذلك بعد أسابيع من طلب المفوضية إعادة النظر وتصحيح بعض مواد قانون انتخاب رئيس الدولة، وهي المواد 12 و16 و20 و22 وكذلك 50؛ لتنفيذ الانتخابات بعيدًا عن الطعون القضائية.
تحتاج المفوضية لمصادقة وقبول البرلمان لهذه التعديلات بأقرب وقت؛ للمضي قدمًا بالعملية الانتخابية وإنهاء كافة الخطوات المرتبطة بها بموعدها المحدد نهاية العام الجاري، حسب خارطة الطريق الأممية، بوضع جدول زمني للاقتراع، ثم فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي خططت المفوضية جعله منتصف شهر نوفمبر المقبل، إذا استلمت القوانين الانتخابية بعد تعديلها هذا الأسبوع.
قمة نوفمبر المرتقبة
وبرغم نجاح تنظيم مؤتمر طرابلس، واستعداد كل الأطراف للمشاركة بالمؤتمر الدولي حول ليبيا الذي يستضيفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بباريس الشهر القادم، والذي يضم أيضًا دول الجوار الليبي، إضافةً لكل المشاركين باجتماعات برلين 1 و2، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان بضرورة خروج القوات المرتزقة، وأكد على مؤتمر ليبيا الذي سيُعقد في نوفمبر المقبل بباريس؛ لإعطاء دفعة دولية نهائية ليتسنى إجراء انتخابات بنهاية العام، ولدعم خطة رحيل القوى الخارجية والمرتزقة من ليبيا، وستجمع القمة، التي تنظمها فرنسا مع الأمم المتحدة وألمانيا وإيطاليا بباريس في 12 نوفمبر المقبل، زعماء دول من المنطقة والعالم، إلا أن هناك شكوكًا كثيرة تنبع من وجود أطراف ليبية مرتبطة بقوى خارجية لا تريد إجراء الانتخابات بموعدها، وترفض هذه الأطراف خروج المرتزقة والميليشيات والإرهابيين والمقاتلين الأجانب من الغرب الليبي، بل تحاول يوميًّا إفشال وقف إطلاق النار الذي بدأ منذ أكتوبر 2020؛ ما يؤدي لعرقلة الجهود التي تستهدف إنهاء المرحلة الانتقالية بنجاح، فهل يكفي تصميم الأمم المتحدة والجامعة العربية ودول الجوار الأفريقي بدفع القوى الرافضة للسلام والاستقرار للعودة للمسار الصحيح.
إجمالا يمكن القول إن ملف انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية يرتبط بشكل كبير وطردي مع ملف الانتخابات الليبية المقبلة، فبالرغم من جهود مجلس النواب الليبي، وإصداره لقانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتنسيقه الدائم بشأنهما مع المفوضية العليا للانتخابات الليبية، التي تبذل جهودًا كبيرةً، تدور الشكوك حول أطراف لا تريد إجراء الانتخابات، وبمقدمة تلك الأطراف تنظيم الإخوان فرع ليبيا الذي لا يرغب بإجراء الانتخابات بالموعد المقرر، ومن ورائه وجود المرتزقة والميليشيات المسلحة المرسلة من تركيا؛ إذ ترفض تركيا خروج قواتها الأجنبية، مدعيةً استقرار البلاد بوجودها الشرعي، كل هذا ينسف الجهود العربية والدولية للوصول للمرحلة النهائية من خارطة الطريق التي رسمها الليبيون أنفسهم ويدعمها المجتمع الدولي.
حالة الصراع اليمني
شهد هذا الشهر تكملة مسيرة عمليات التصعيد للحرب الأهلية اليمنية المشتعلة منذ عام 2014 بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا والمدعومة بقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية.
يرصد هذا التقرير أبرز مستجدات حالة الصراع اليمني بهذا الشهر كالآتي:
أولًا: الحكومة اليمنية
ببداية منطلق شهر أكتوبر، نوّه رئيس الحكومة اليمنية بالجهود التي تبذلها السعودية باتجاه الدفع باستكمال تنفيذ اتفاق الرياض، والحرص على توحيد الصف الوطني للانتصار بالمعركة المصيرية والوجودية ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية والمشروع الإيراني باليمن.
وبلقاء آخر لنائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر مع المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ، أكد الأحمر على أن الحرب التي تخوضها الشرعية هي حرب دفاعية، وتنطلق من مبدأ التمسك بخيار السلام المبني على المرجعيات الثلاث والتعاطي الإيجابي مع الجهود الأممية ومختلف مبادرات السلام.
بينما أكد وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، أن اليمن تعيش ظروفًا صعبةً؛ نتيجة الحرب التي فرضتها ميليشيات الحوثي بدعم لوجيستي وعسكري من النظام الإيراني.
واستكمالًا لجهود الجيش اليمني، أكد الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني، العميد عبده مجلي، أن الجيش كبَّد الميليشيات خسائر بالعتاد والأرواح، خصوصًا بجبهات مأرب.
وعلى حدود المملكة العربية السعودية، وبوقت لاحق، أدان مجلس الوزراء اليمني والسفارة الأمريكية بالسعودية بشدة هجمات الميليشيات الحوثية، على أراضي المملكة العربية السعودية، والتي كان آخرها إطلاق صواريخ باليستية وتهديد للمدنيين باستهداف مطار أبها الدولي مجددًا بطائرة مسيرة (مفخخة)، واستمرار عدوانها وانتهاكاتها بحق اليمنيين؛ حيث اعتبر ذلك “مؤشرًا واضحًا لرفضها كل مبادرات السلام، وارتهان قرارها السياسي لصالح الأجندة الإيرانية”.
ومع تصعيد حركات الحوثيين المسلحة المدعومة من إيران لوتيرة عملياتها العسكرية بمحافظة مأرب وهجماتها الإرهابية على المدنيين، ومحاولة الاغتيال التي طالت موكب محافظ عدن أحمد لملس ووزير الزراعة سالم السقطري، وكلاهما من أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي، أكد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني عدم رضوخ جماعة الحوثي لدعوات السلام إلا تحت الضغط العسكري والسياسي، وضرورة المضي باستكمال تنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض، وتوحيد الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار ومواجهة الإرهاب وتنظيماته.
وقف العمل باتفاق “ستوكهولم”
يرى البرلمانيون أن الحوثيين استغلوا الاتفاق كورقة حماية لهم وفرصة للتحشيد والتصعيد باتجاه المناطق الأُخرى وارتكاب الجرائم المختلفة والأعمال المهدّدة لأمن اليمن والمنطقة؛ لذا دعا 38 نائبًا بالبرلمان اليمني برسالة موجهة للرئاسة، لوقف العمل باتفاقية ستوكهولم وإلغاء الالتزام بها وتوجيه الجيش بتحرير ما تبقى من مدينة الحديدة؛ ردًّا على تصعيد الحوثي وفرضه حصارًا على قرابة 35 ألف نسمة بمديرية العبدية بمحافظة مأرب.
ثانيًا: قوات التحالف
المملكة العربية السعودية
في لقاء بين الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ بمقر الوزارة بالرياض، تم استعراض الجهود والمبادرات التي قدمتها المملكة لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام لليمن، كما تطرق الجانبان لجهود المملكة المبذولة على الصعيدين الإقليمي والدولي للوصول لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وإيقاف الانتهاكات الإنسانية التي تقوم بها ميليشيا الحوثي بحق الشعب اليمني، التي تعطل بدورها كافة الحلول السياسية لإنهاء الأزمة اليمنية.
واستكمالًا لهجمات الحوثيين المستمرة، أدانت وزارة الخارجية السعودية، فجر الأحد الموافق 31 أكتوبر بـ”أشد وأقسى” العبارات، التفجير الإرهابي الذي استهدف بوابة مطار عدن الدولي، وأدى لمقتل وجرح العشرات، وأكدت أن “هذا العمل الإرهابي الذي تقف خلفه قوى الشر ليس موجّهًا ضد الحكومة اليمنية الشرعية فحسب، بل للشعب اليمني الشقيق بكامل أطيافه ومكوناته السياسية الذي ينشد الأمن والسلام والاستقرار والازدهار بالوقت الذي تقف قوى الظلام بطريق تحقيقه لتطلعاته”.
مصر
في زيارة لوزير الخارجية اليمني معين عبد الملك إلى مصر بهذا الشهر، شدد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على رفض مصر محاولات المساس بحرية وأمن الملاحة بالخليج العربي ومضيق باب المندب، في إشارة للانتهاكات الحوثية، ودعم مصر للسعودية لتنفيذ كافة بنود اتفاق الرياض، كما شدد على حرص مصر بتنسيق جهود الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن بعملية تأمين الملاحة عبر مضيق باب المندب.
ثالثًا: جماعة أنصار الله (الحوثيون)
تقوم ميليشيات الحوثي بهجمات مستمرة تستهدف المدنيين بأنحاء البلاد، ولعل أبرز هجماتها هذ الشهر كالآتي:
محافظة مأرب
يشن الحوثيون منذ شهر فبراير حملة عسكرية للتقدم نحو مدينة مأرب، رغم مناشدات الأمم المتحدة وواشنطن بضرورة وقف تلك الهجمات؛ خوفًا على آلاف النازحين بمأـرب.
استمر الحوثيون بالقتال بهذا الشهر على مختلف الجبهات بمحافظة مأرب، ومع استمرار الهجمات الحوثية، بدأت الميليشيات باستقدام تعزيزات بشرية، تشمل أطفالًا لم يتجاوز عمرهم الـ 18 عامًا.
وبمديرية العبدية الغنية بالنفط بجنوب مأرب، تحاصر أنساق الميليشيا قرى ومناطق ومداخل العبدية كافةً من جهاتها الأربع، ونجحت بعزلها عن باقي مناطق المحافظة؛ لخنق المقاومة الشعبية المرابطة على أسوارها وإنهاكها قبل عملية الإجهاز على “منطقة الشدادي”، أحد أبرز القادة العسكريين الذين قاتلوا الميليشيا قبل تمكنها من قتله بهجوم صاروخي مسير نهاية عام 2016.
وأكد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، أن الجرائم والانتهاكات المتواصلة التي يرتكبها الحوثيون بحق المدنيين من النساء والأطفال وكبار السن بالعبدية منذ حصارها، هي جرائم حرب وإبادة جماعية لا تسقط بالتقادم.
تصدرت ميليشيا الحوثي قائمة المنتهكين لحقوق الإنسان؛ لارتكابها عددًا من جرائم القتل والتهجير والإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية وغيرها من الانتهاكات والاعتداءات بحق المواطنين؛ إذ طالبت منظمات يمنية عاملة بمحافظة مأرب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة الأمريكية بإدراج ميليشيا الحوثي الانقلابية ضمن الجماعات الإرهابية، كتصنيف مستحق جراء جرائمها تجاه المدنيين التي ترتقي لجرائم حرب.
تعز
يومًا بعد آخر، تتسع الأزمات وتزداد وطأتها على اليمنيين، خصوصًا سكان مدينة تعز المحاصرة، وتتمثل إحداها بأزمة الغاز المنزلي التي اشتدت ضراوتها بالآونة الأخيرة بانعدام شبه كامل لهذه المادة.
كما أدى اختفاء الغاز لإغلاق العديد من المطاعم، فيما لجأت الأسر للطهو باستخدام الحطب وأوراق التعبئة الكارتونية.
رابعًا: المجتمع الدولي والجهود الأممية
الاتحاد الأوروبي
أكد جوزيب بوريل، ممثل السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد سيضغط على الحوثيين؛ لدفعهم نحو طاولة المفاوضات، لكنه شدد بمجيئها بعد وقف إطلاق النار، ووقف الهجمات الصاروخية على السعودية.
مجلس الأمن
تم عقد اجتماع عبر الاتصال المرئي لسفراء الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن مع رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك بضرورة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض؛ لتخفيف معاناة الشعب اليمني.
وكان من مخرجات الاجتماع، ضرورة توفير حماية غير مشروطة للمدنيين بمحافظة مأرب اليمنية على ضوء التصعيد المستمر لميليشيا الحوثي الانقلابية واستهدافها المتكرر للمدنيين والنازحين، والتأكيد على أن الحل السياسي الشامل باليمن هو السبيل الوحيد لإنهاء معاناة الشعب اليمني.
منظمة الصحة العالمية
حذرت منظمة الصحة العالمية، من أن قرابة 65٪ من سكان اليمن (نحو 19.5 مليون شخص) عرضة للإصابة بمرض الملاريا، بظل توقف العمل بنصف المرافق الصحية وعمل الباقي بشكل جزئي مع شح الأدوية الأساسية والمعدات الطبية.
يوجد حوالي 20.4 مليون يمني يعيشون بمناطق معرضة لخطر انتقال الملاريا، وفقًا للتقرير العالمي للمرض عام 2020، وتشير التقديرات لـ”وصول مليون حالة جديدة من حالات الملاريا تعصف باليمن كل عام”.
وذكرت المنظمة بتقريرها، أنها أنشأت بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مشروع مكافحة الملاريا والوقاية منها لدعم مكافحة ناقلات الملاريا وحمى الضنك والوقاية منها باليمن، وأوضحت أن هذا المشروع يقدم المساعدة التقنية على المستويين الوطني ودون الوطني، بدءًا من ترصد الحالات وإدارتها حتى بناء القدرات لتشخيص الملاريا وعلاجها بمرافق الصحة العامة ومن خلال الزيارات المجتمعية، وضمان توفير التدخلات المنقذة للحياة.
المبعوث الأممي الخاص لليمن
وبخلال لقاء جمع رئيس مجلس الوزراء اليمني معين عبد الملك والمبعوث الأممي الخاص لليمن “هانس غروندبرغ” بالعاصمة المؤقتة عدن؛ لاستعراض تطورات التحركات الأممية والدولية لإحلال السلام باليمن، وما تواجهه من تعنت من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية، المستمرة بتصعيدها واستهدافها البنى التحتية، أكد المبعوث الأمريكي لليمن ثقته بتحقيق السلام باليمن، واستمرار بذل الجهود المكثفة بهذا الإطار، والعمل مع جميع الأطراف لذلك.
الولايات المتحدة
أدانت وزارة الخارجية الأمريكية محاولات الحوثي الهجوم على المدنيين بالسعودية، ودعت الوزارة، الحوثيين لوقف الهجمات داخل وخارج اليمن، والالتزام بوقف إطلاق النار، والعمل على التوصل لحل سلمي باليمن برعاية الأمم المتحدة.
أكد المبعوث الأمريكي لليمن، تيموثي ليندركينج، عدم وجود نيةٍ لإيران لإنهاء الحرب باليمن، مضيفًا أن دعم إيران للحوثيين وتسليحهم مصدر قلق لواشنطن.
وذكر ليندركينج، أن التصعيد الحوثي بمأرب أكبر عقبة أمام تحقيق السلام، ويقف ضد رغبة المجتمع الدولي بالتهدئة. وأضاف أن التدريب والدعم الذي تقدمه إيران للحوثيين أمر سلبي برمته يساعد بتأجيج الصراع؛ لذا نرى بهذا الأمر مصدر قلق كبير، لافتًا أنه إذا أرادت إيران إبداء حسن النوايا تجاه استقرار المنطقة، فإن اليمن نقطةُ بداية جيدة لهم، مضيفًا “سنرحب بأي تغيير ملحوظ بالسلوك الإيراني حيال اليمن”.
وشدد ليندركينج على أن بلاده ملتزمة بنسبة 100% تجاه الدفاع عن المملكة العربية السعودية، مشيرًا لحوار كبير دار بشأن العلاقات الأمريكية السعودية، وكان هناك عنصر ثابت يمكن للسعودية الاعتماد عليه وهو “التزامنا تجاه أمن السعودية”.
ختامًا… تزيد هجمات الحوثيين المستمرة على المدنيين من تفاقم الأزمة الإنسانية وتطيل أمد الصراع اليمني، مع تعنت الحوثيين بإحلال السلام وتقويض الجهود الأممية والدولية لحل الصراع، وتفاقم الأزمة الإنسانية، كما أدت الأوضاع الاقتصادية لانتشار سوء التغذية الحاد بين الأطفال وسوء الأوضاع المعيشية التي يعانيها السكان بظل الحرب الأهلية، بالرغم من تأكيد المبعوث الأمريكي استعداد بلاده تقديم كافة أوجه الدعم والمساعدات الإنسانية لليمن، مشيرًا لعدم تحسن الأوضاع الإنسانية إلا بإحلال السلام وحل المعضلة الاقتصادية، وإحياء الأنشطة الاقتصادية وكل مصادر الطاقة.
ومن جديد، فإن تصعيد الحرب الأهلية نتيجة تمرد الحوثيين المستمر يؤكد تحدي جماعة الحوثيين السافر لإرادة المجتمع الدولي، وبالدعم الإيراني الذي يعزز من قوة الجماعة، يؤدي لتقويض جهود التهدئة ورفع وتيرة الصراع باليمن والمنطقة، واستمرار المعاناة الإنسانية المتفاقمة لليمنيين.
إثيوبيا.. هل يؤدي العنف المتصاعد إلى التأثير على الخريطة السياسية للدولة؟
على خلفية ما تشهده الساحة الإثيوبية من مستجدات بالعديد من الموضوعات سواءً المتعلقة بالإجراءات السياسية خلال شهر أكتوبر من انتخابات رئاسية، تولى على أثرها “أبي أحمد” منصب رئيس مجلس الوزراء الإثيوبي لفترة ثانية، أو المتعلقة بتداعيات طرد (أبي أحمد) للموظفين الأمميين نهاية شهر سبتمبر، واستمرار تداعياته خلال الشهر الحالي، أو مستجدات النزاع الداخلي بـ”تيجراي” وتفاقم الوضع الاقتصادي والمالي للدولة، وأخيرًا ملف سد النهضة.
كل هذه الأحداث تؤثر بشكل كبير على الوضع الداخلي والخارجي للدولة؛ ما يمثل تحديات وضغوط تضفي مزيدًا من القلق وعدم الوضوح بمستقبل الدولة، في ظل إخفاق النظام الحاكم بالتعاطي مع مثل هذه الأزمات والخروج من تبعاتها التي أثرت على كافة قطاعات الدولة، بالرغم من توالي التحذيرات الدولية بشأن تفاقم الوضع الإنساني، واتساع رقعة الصراع وتعدد أطرافه، وإمكانية تصاعد المطالب الانفصالية؛ لذا فمازالت ديناميات الصراع بإثيوبيا بتصاعد مستمر، سواء على مستوى الصراع بإقليم “تيجراي”، أو على مستوى الصراع الطائفي القبلي بين “قبائل الأورومو” وقبائل “الأمهرة”، أو الخلاف الحدودي مع السودان، أو الصراع مع مصر حول قضية السد، وأخيرًا مستقبل الدولة بعد إعلان حالة الطوارئ على أثر زحف قوات “جبهة تحرير شعب تيجراي”.
لذا نسعى بهذا التقرير لوضع أهم التطورات الطارئة على الساحة الإثيوبية خلال شهر أكتوبر، وستُقسم التطورات بهذا التقرير لموضوعات كما يلي.
مستوى العنف في الصراع الإثيوبي
• في هذا الجزء يتم تناول أهم الأحداث الطارئة على الصراع الإثيوبي بإقليم “تيجراي” ومدى تأثيرها باتجاه الأوضاع نحو التصعيد أو التهدئة.
بمطلع شهر أكتوبر، اعتقلت السلطات الحكومية الإثيوبية مسؤولًا بارزًا بالحكومة المؤقتة لإقليم تيجراي “أبرهه ديستا”؛ لاتهامه بتأجيج الصراع بتيجراي وتحريض المواطنين على القتال، وبعد كتابته بأحد مواقع التواصل الاجتماعي رسالةً لمسؤول بلدية “أديس أبابا” ينفي ما تداولته الوسائل الإعلامية الحكومية، بأن ما تم تجاه الـ(تيجراي) ما هو إلا تمييز ضدهم، وأن كامل الاعتقالات تعسفية.
في السادس من أكتوبر، نشرت الجريدة الأمريكية “سي إن إن” تحقيقًا أجرته حول الوضع بتيجراي، أكدت تورط الحكومة الإثيوبية بتصعيد الوضع بالإقليم، وقد وثقت ذلك من خلال محتويات مرئية وتسجيلات لشهود عيان، وكشفت التحقيقات رصد صور وشهادات تؤكد نقل أسلحة من مطارات “أديس أبابا” و”أسمرة” و”مصوع” الإريترية؛ لذا ردت الخطوط الجوية الإثيوبية بعدم نقلها أي أسلحه عبر طائراتها على الإطلاق، كما لم تعلق الحكومة الإثيوبية والإريترية على ذلك أيضًا.
في 11 أكتوبر، أعلن المتحدث باسم “الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، أن الجيش الإثيوبي قد شن هجومًا بريًّا على إقليم تيجراي، بمساندة بعض القوات الخاصة الموجودة بإقليم “أمهرة” الشمالي، ولم يكن الوحيد الذي تندلع فيه المواجهات، بل اندلعت أيضًا مواجهات بمنطقة “أورا” بإقليم “عفر” بين القوات الموالية للحكومة الإثيوبية وبين مقاتلي تيجراي.
في 18 أكتوبر، شُن هجوم جوي على مدينة “مقلى” عاصمة إقليم “تيجراي” وبالرغم من تأكيد المواطنين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المصادر الطبية بوقوع الهجوم، إلا أن الحكومة الإثيوبية قد نفت وجود هجوم جوي على الإقليم، ولكن في 20 أكتوبر، أصدرت الحكومة الإثيوبية بيانًا تؤكد فيه شنها هجومًا ببعض مخابئ السلاح غير القانوني بـ”تيجراي”، و كان هذا القصف الثاني خلال نفس الأسبوع، وهو ما أكده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وتجددت الغارات الجوية على عاصمة الإقليم للمرة الثالثة والرابعة خلال نفس الأسبوع، بناءً على تصريحات الحكومة الإثيوبية، وسقط عدد من الضحايا المدنيين، ولكن لم يُكشف عن العدد الفعلي لهم حتى الآن، وأدت أحداث القصف لإعاقة الطريق أمام إحدى الطائرات الأممية المتوجهة لإثيوبيا.
وفي 24 من أكتوبر، شنت الحكومة الإثيوبية أيضًا هجومًا على المنطقة الغربية من إقليم “تيجراي”، نتج عنها سقوط 11 مدنيًّا.
في 26 اكتوبر، نفت جبهة تحرير تيجراي قيام الحكومة الإثيوبية بتدمير مركز تدريب تابع لقواتها، وأكدت أن الغارة التي شنتها الحكومة استهدفت منطقة زراعية، وأخرى تم صدها من قبل قوات الدفاع التابعة للجبهه، تجددت الغارات على إقليم تيجراي مرةً أُخرى في 28 أكتوبر على مدينة “مقلى” التابعة للإقليم وسقط 10 ضحايا وعشرات الجرحى، وفي 30 أكتوبر، أعلنت الجبهة سيطرتها على مدينة “ديسي” إحدى مدن الإقليم الإستراتيجية، ونفت الحكومة ذلك، وأكدت أن المدينة مازالت تحت سيطرة القوات الاتحادية، وفي 31 أكتوبر، شنت القوات الاتحادية هجومًا بمدينة “ديسي”؛ لاستعادتها من سيطرة الجبهة.
أصدرت الحكومة الإثيوبية بيانًا يخص منع وسائل الإعلام من نشر التقارير التي أعدتها وسائل الإعلام الأجنبية بشأن منع السلطات الحكومية وصول المساعدات الإنسانية لمناطق الصراع بإثيوبيا.
• في هذا الجزء نتناول أهم المستجدات فيما يخص الصراع بـ”أمهرة”
جددت القوات الإثيوبية الهجوم على “الأمهرة” خلال الشهر الحالي ممثلة بتوجيه ضربات جوية وبرية على المتمردين بالإقليم، ولم تشهد المنطقة هجومًا آخر طوال الشهر.
• ردود الفعل حول التصعيد
بهذا الجزء سيتم التطرق لأهم النتائج وردود الفعل حول التصعيد المتعلق بالصراع بإقليم تيجراي وأمهرة.
كررت الأمم المتحدة طلبها للحكومة الإثيوبية بضرورة دعم وفتح الطريق أمام وصول المساعدات الإنسانية الإغاثية لإقليم “تيجراي”؛ لتحسين الوضع الإنساني للمواطنين.
أكدت الولايات المتحدة الأمريكية استعدادها لفرض عقوبات على “إثيوبيا” بحال استمرار الوضع المتعلق بحقوق الإنسان بـ”تيجراي” بالتردي، خاصةً أن الرئيس الأمريكي سبق ووقع خلال سبتمبر مرسومًا يقضي بإمكانية تنفيذ عقوبات على إثيوبيا حال استمرار الوضع بالتفاقم.
كما أصدرت روسيا بيانًا بخصوص الوضع الإنساني بـ”تيجراي” تؤكد فيه أن قضية إقليم “تيجراي” هي قضية أمن داخلي للدولة، ولا يمكن المساس به، ودعت بضرورة عدم تسييس قضية المساعدات الإنسانية.
أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا بتاريخ 30 أكتوبر، تطالب فيه جبهة تحرير تيجراي بالانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها مؤخرًا، وهي (عفر- الأمهرة)، كما حذرت من اتساع رقعة الصراع بالبلاد.
الوضع الإنساني بظل تصاعد الصراع الإثيوبي
بهذا الجزء نتناول أهم الآثار الإنسانية المتعلقة بالأمن الغذائي والأمن الإنساني ومدى تأثرهم بأحداث العنف وردود أفعال الأطراف والمواقف الدولية.
أصدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة تقريرًا يخص الوضع بـ”تيجراي”، أفادت فيه أن عدد الأطفال الذين دخلوا المستشفيات جراء تعرضهم لنقص حاد بالتغذية تضاعف خلال العام 2021 مقارنةً بالعام 2020.
أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بيانًا يؤكد أن الأزمة الإنسانية بـ”تيجراي” قد ازدادت حدتها في أغسطس؛ حيث أكد أن هناك ما يزيد عن 7 مليون شخص يعيشون بظروف معيشية وإنسانية صعبة، من بينهم 5 مليون بـ”تيجراي”، إضافةً لـ500 ألف مواطن يقتربون من خط المجاعة.
وضع القطاعات الداخلية في ظل تصاعد النزاع
المستوى السياسي: تمت المصادقة على ترشح “أبي أحمد” لفترة رئاسية ثانية، وبالفعل تولى رئاسة مجلس الوزراء لفترة ثانية، وتم تنصيبه بمجلس النواب بحضور ممثلي بعض الدول مثل (الجزائر وكينيا وإريتريا وأوغندا والصومال) وغيرهم، وقد تعهد بولايته الثانية بالمحافظة على استقرار البلاد، واحتواء الوضع بـ “تيجراي”.
أعلنت الحكومة الاتحادية بإثيوبيا فرض حالة الطوارئ بالبلاد يوم الثلاثاء الموافق 2 نوفمبر وذلك على أثر اعلان متمردو “تيجراي” الزحف تجاه العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا”، وتوعدهم للنظام الحالي بإسقاطه خلال أسابيع أو شهور، وعليه فتم اعلان حالة الطوارئ، كما دعت المدنيين لضرورة التسلح، والامتثال لقرار الحكومة حتى تتمكن من تقليص فترة المحنة وتوفير الوقت اللازم للحل، ومواجهة متمردو الجبهة وإعاقة قدرتهم على السيطرة على جميع مناطق البلاد، فمن الممكن أن تتلقى هذه القوات الدعم من الفصائل المعارضة ل “آبي أحمد” مثلما حدث مع الأورومو، وبالتالي تتمكن من فرض سيطرتها على أجزاء من الدولة، أو الحصول على حق تقرير المصير.
المستوى الاقتصادي: شهد البرلمان الإثيوبي بجلسته 21 أكتوبر، إلقاء خطاب لرئيس مجلس الوزراء “أبي أحمد”؛ حيث أكد أن الاقتصاد الإثيوبي حقق خلال العام 2021 نموًا بنسبة 6.1% بالنسبة لعام 2020، كما أكد أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع لـ3.373 تريليون دولار، بزيادة تتجاوز العام الماضي بأكثر من تريليون دولار، إضافةً لتجاوز مستوى دخل الفرد ألف دولار بنسبة زيادة تصل لـ2.7%، تفوق 2020.
المستجدات الإقليمية والدولية التي حدثت وقد تؤثر على الصراع داخل الدولة
بهذا الجزء نتناول المستجدات الإقليمية أوالدولية المتعلقة بالصراع أو التي تؤثر على استقرار الوضع بشكل مباشر أو غير مباشر.
ملف سد النهضة
ما زال الحديث حول قضية “سد النهضة” جاريًا؛ حيث أعلنت إثيوبيا، أن مصر تأخذ الحصة الأكبر من مياه النيل؛ لذا ردت مصر بأن حجم المياه لابد أن يتناسب مع حجم التنمية وعدد السكان وامتلاك الدولة لبدائل من عدمه؛ لذا أعلنت مصر والسودان مغبتهما بالوصول لاتفاق ملزم وقانوني ينظم الوضع بين الدول الثلاث، كما وضعت السودان ذلك شرطًا لإعادة التفاوض فيما يخص السد، على الجانب الآخر أعلنت إثيوبيا عدم خضوعها لأي اتفاق ملزم بهذا الشأن.
وقد حدثت بعض ردود الفعل بناءً على هذه المستجدات؛ حيث أكدت المملكة العربية السعودية دعمها الكامل للجانب المصري والسوداني، وكذلك الأمر بالنسبة للجانب الروسي، إضافةً للجزائر التي أكدت أن الخلاف سياسي بالأساس، ولا يمكن حله بدون إرادة حقيقية بين الدول الثلاث.
ملف مسؤولي الأمم المتحدة
أعلنت السلطات الإثيوبية طرد 7 مسؤولين أمميين؛ بدعوى تدخلهم بالشؤون الداخلية للبلاد، وأمهلتهم مدة 72 ساعة للخروج من البلاد، وقد علقت الأمم المتحدة ممثلة بالأمين العام، بعدم قبولها طرد موظفيها؛ بدعوى أنهم أشخاص غير مقبولين، وأكدت أن موظفيها يعملون على مساعدة البلدان بناءً على أساس عدم التحيز، والحياد والاستقلال.
وعلقت الولايات المتحدة الأمريكية، أنها تندد ببيان الحكومة الإثيوبية، وأكدت إمكانية اللجوء للعقوبات بحال استمرار الحكومة الإثيوبية عرقلة جهود الإغاثة الإنسانية.
ختاما: خلال هذا التقرير تم استعراض أهم الأحداث الطارئة على الساحة الإثيوبية سواءً على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي خلال شهر أكتوبر، ونلاحظ أن الوضع بإثيوبيا ما زال متأزمًا، ويتجه للتعقيد على مستوى الصراع الداخلي بـ”تيجراي”، كما تتفاقم الأوضاع بالنسبة للساحة الدولية، فيما يخص ملف سد النهضة وملف طرد المبعوثين الدبلوماسيين، ولم تتخذ الإدارة الجديدة أي إجراءات فيما يخص الصراع الداخلي أو الخارجي؛ لعدم حدوث تغير جوهري بالسلطة، وحكم البلاد بنفس العقلية، بالإضافة إلى أن الوضع يتجه لمزيد من التعقيد في ظل التحركات التي تقوم بها “جبهة تحرير تيجراي” وهو ما يجعل مستقبل الدولة في إثيوبيا محفوف بالمخاطر.
المشهد السياسي الصومالي.. هل تجاوز الانقسامات بين رأسي السلطة؟
طرأت على المشهد الصومالي تغيرات كبيرة ناتجة عن انقسام بين رأسيْ السلطة الصومالية الممثلة برئيس الصومال المنتهية ولايته، وبين رئيس الوزراء الصومالي، سيطر هذا الخلاف على اهتمام المشهد الصومالي، وركزت المجهودات السياسية بالداخل، أو حتى التفاعل الدولي، على محاولة تقريب وجهات النظر، استمر هذا الانقسام طوال شهر أكتوبر وشكل الحدث الرئيسي في تلك الفترة، بجانب عدد من التغييرات الأخرى، في هذا الصدد نسلط الضوء على المشهد السياسي في الصومال خلال شهر أكتوبر.
أولًا: صراع الأدوار والقرارات بين فرماجو، وروبلي
أصبح الصراع المرير على السلطة علنًا، في سبتمبر، عندما أقال روبلي مدير وكالة الاستخبارات بالصومال؛ على خلفية اختفاء ومقتل عضو الاستخبارات الشابة “إكرام تهليل”، وألغى الرئيس فرماجو قرار رئيس الوزراء وعين مدير الوكالة مستشارا أمنيا له، وأعلن سحب الصلاحيات التنفيذية من روبلي حتى نهاية العملية الانتخابية، واتهم روبلي بدوره فرماجو بالسعي لتخريب عمل الحكومة، واستمر الخلاف طوال شهري سبتمبر وأكتوبر، تبادل الطرفان الاتهامات وهدد كل منهما الآخر بسحب سلطاته، وبدأ الطرفان بالدعوة لاتخاذ إجراءات متعارضة، تدعم استئثار كل منهما بالسلطة.
أثارت الأزمة بين رئيس الوزراء والرئيس الصومالي، ردود فعل واسعة حول الوضع بالصومال، وأصرت الولايات المتحدة باستمرار التلويح بالعقوبات، ودعت بأكثر من بيان (فرماجو و روبيلي) لإنهاء هذه الأزمة، والالتزام بإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، ومن ناحية أُخرى.
ودعا بيان دولي مشترك في 2 أكتوبر الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسين روبلي للتهدئة، وحثَّ البيان بضرورة تنحية خلافاتهما السياسية بشأن قيادة المخابرات ووزارة الأمن الداخلي، والتركيز على استكمال الانتخابات بالبلاد، وقع البيان كلٌّ من: الاتحادين (الإفريقي والأوروبي)، وإيجاد، وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، و11 دول أوروبية، و4 دول إفريقية، وكندا وأمريكا.
يبدو أن تلك الضغوط الدولية، ودوافع أخرى، دفعت الأطراف باتجاه التوافق، ففي 22 أكتوبر، قال الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء: إنهما وقعا اتفاقية لتسريع العملية الانتخابية المتأخرة؛ ليُنهيا الخلاف الشديد بينهما الذي يهدد بانفجار أزمة جديد، وقالا: إنهما سيتوقفان عن الجدل حول التعيينات ويدعمان تحقيقًا قضائيًّا باختفاء “إكرام تهليل” التي تتهم عائلتها مسؤولي الاستخبارات ووكالة الأمن الوطني بقتلها.
أما فيما يتعلق بقضية “إكرام تهليل”، فظلت قضية “إكرام تهليل” لغزًا من بداية القضية مرورًا بمراحلها المختلفة التي تم تحويلها إلى منشأ للخلاف بين رئيس الوزراء والرئيس المنتهية ولايته، وحتى آخر أكتوبر والاتفاق على فتح التحقيق فيها، دون إبداء سبل التحول بوجهات النظر.
ثانيًا: حسم الصراع بين الصومال وكينيا، حسم التحكيم لصالح الصومال
بعد شهور من الخلافات الدبلوماسية بين كينيا والصومال؛ للخلاف على ترسيم حدود بحرية بينهما، أعلنت حكمت محكمة العدل الدولية في 12 أكتوبر، لصالح الصومال بنزاعه الطويل مع كينيا حول حدودهما البحرية، وتتعلق القضية بمثلث مساحته 100 ألف كيلومتر مربع بالمحيط الهندي، يُعتقد أنه غني بالنفط والغاز.
لقي هذا القرار ترحيبًا من الداخل الصومالي، وقال رئيس الصومال: إن قرار محكمة العدل الدولية بشأن النزاع الحدودي مع كينيا يشكل فرصةً للتعاون بين البلدين، في حين اتهمت كينيا محكمة العدل الدولية بالتحيز، وقالت إنها لن تقبل الحكم.
أما عن الرفض الكيني ليس شيئًا غريبًا، ولا يمكن الجزم بأنه باب لأزمة جديدة على خلفية التصعيد الدبلوماسي بينه وبين الصومال، ففي قضية تحكيم بين الكاميرون ونيجيريا، رفضت نيجيريا الاعتراف بقرار المحكمة، وفي النهاية حل الأمر باتفاق بين البلدين وحسم الأمر، وبالنسبة الصومال وكينيا يبقى الأمر مرتبطًا بعدة عوامل، منها تفاعل الدولتين مع القضية، وموقف الاتحاد الإفريقي منها، وكذلك الوساطات التي قد تدخل على خط الأزمة، فعلى البلدين إما القبول، أو بدء الاتفاق بشأن تسوية سياسية.
ثالثًا: أرض الصومال
أنهت أرض الصومال إجراء الانتخابات التشريعية، بعد ثلاثة عقود من انفصال أرض الصومال لأول مرةٍ عن الصومال، وصفت سلطات أرض الصومال تلك الانتخابات بأنها ديمقراطية ناجحة، لكن أثير الجدل بشأن تلك الانتخابات، ووجهت الاتهامات للأحزاب السياسية بتقديم الرشى الانتخابية.
كما تعيش أرض الصومال حالة من الحراك الداخلي خصوصا فيما يتعلق بالهجرة النزوح وإعادة التوطين، في 26 أكتوبر، أعلنت السلطات الصومالية، وصول عشرات اللاجئين اليمنيين لميناء “بربرة” بأرض الصومال؛ حيث باتت جمهورية صوماليلاند واحدةً من مراكز اللجوء اليمني، وقُدِّر عدد العائلات اليمنية التي وصلت لميناء بربرة (166) شخصًا، أغلبهم من الأُسر اليمنية، واستقبلهم عدد من موظفي الهيئة الحكومية المختصة بشؤون اللاجئين والنازحين بأرض الصومال.
كما أعلنت السلطات الصومالية، وصول عشرات اللاجئين اليمنيين، أغلبهم من النساء والأطفال لمدينة بوصاصو الساحلية، بولاية بونت لاند؛ حيث استقبلتهم السلطات هناك”، وتحتضن “بوصاصو” أكبر جالية يمنية بالصومال؛ لقربها من البر اليمني.
من ناحية أخرى وجهت حكومة الصومال الفيدرالية اتهامات لأرض الصومال بإجراء إخلاء قسري لمئات الأشخاص من بلدة حدودية بمدينة “لاس أنود”، واتهمت قوات إقليم أرض الصومال باقتحام منازلهم وأعمالهم ومدارسهم ، دون أن يتلقوا أي إنذار من الشرطة، وأمرت بمغادرة جميع ممتلكاتهم وعلى الفور ركوب الشاحنات إلى خارج المدينة، في حين قالت السلطات في صوماليلاند إن العملية جاءت ردا على تهديد أمني.
ومثل ذلك مفارقة عجيبة بالنسبة في الوقت الذي تستقبل فيه اللجوء اليمني، تجري عملية إخلاء قسري لعدد من السكان، لكن ربما يكون لدى أرض الصومال تطلعات سياسية من وراء ذلك كأن تحظى بدعم سياسي من وراء ذلك.
رابعًا: تحركات حركة الشباب المجاهدين وأهل السنة والجماعة
استغلت حركة الشباب، وأهل السنة والجماعة حالة التوتر والإنشغال التي يعيشها الصومال، وحالت تكثيف هجماتها وأنشطتها خصوصا في العاصمة مقديشو، وفي مدينة كسمايو الساحلية، وحاولت السلطات الصومالية إحباط مخطط هجوم بالقنابل والعبوات الناسفة، وذلك في عمليات نفذها الجيش بمدينة كسمايو عاصمة محافظة جوبالاند.
من ناحية أخرى تجدد الاشتباكات بولاية “غلمدغ” الإقليمية بوسط البلاد، وفي 2 أكتوبر، طالب رئيس الوزراء الصومالي، محمد حسين روبلي، ضرورة وقف التعبئة المسلحة والهجمات الخارجة عن القانون التي تهدد الاستقرار والنظام العام، والاتجاه للحل السلمي، وأوضح أن هناك ولاية إقليمية تتمتع بشرعية كاملة، وهي مسؤولة عن أمن مناطقها؛ لذا يجب تجنب أي عمل يعطّل مهام ولاية غلمدغ.
وقد استمر مقاتلو أهل السنة والجماعة بالتمدد في المدينة، ففي 16 أكتوبر، قاموا بعمل عرض عسكري بمدينة “غري عيل” بإقليم “غل غدود” بولاية “غلمدغ” بوسط الصومال، التي استولى عليها المقاتلون، وحاولت قوات الحكومة الفيدرالية، التقدم، وقد استولت على معظم أحياء المدينة، وهو ما نتج عنه مواجهات عنيفة، أسفرت عن خسائر بشرية كبيرة، وقد تأكد مقتل قائد القوات الصومالية الخاصة في غلمدغ الرائد عبد اللطيف فيفلي، في 23 أكتوبر، حصلت قوات قوات أهل السنة والجماعة على تعزيزات عسكرية، مكنتها من استعادة سيطرتها على المدينة، وأصبحت المدينة تحت سيطرتها.
خامسًا: تحركات صومالية لطلب المساعدات الإنسانية ” المتضررون من أزمة تغير المناخ”
منذ منتصف أكتوبر، توالت الدعوات بشأن تقديم الدعم الإنساني للمقيمين بالصومال، بعد توالي أزمة تغير المناخ، دعا رئيس ولاية جوبالاند الإقليمية بدولة الصومال أحمد محمد إسلام، جميع وكالات الإغاثة المحلية والإقليمية والدولية للعمل بمعالجة أزمة الأوبئة والجفاف التي يواجهها السكان المحليون هناك، والأوبئة والجفاف تضرب أجزاء الولاية؛ لكونها سببًا بالمعاناة الشديدة بالنسبة للرعاة والمزارعين، وأشار بمساعدة المناطق المتضررة جراء الجفاف.
واستجابة الجامعة العربية و أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بتقديم شحنة مساعدات إنسانية وصحية لجمهورية الصومال، كما أعلنت وزيرة إفريقيا”فيكي فورد” بالمملكة المتحدة عن تقديم 29 مليون جنيه إسترليني كمساعدات إنسانية إضافية للمتضررين من الصراع الكارثي، كما قدمت الصين امدادات بلغت 10 آلاف خيمة و50 ألف شبكة بعوض و20 ألف مجموعة من معدات الإسعاف وموازين أطفال وسماعات طبية ومقاييس الحرارة.
من ناحية أخرى فقد طلب الوزير الصومالي توفير دعم مصرى لبلاده في مجال إنشاء سدود حصاد الأمطار وتطوير نظم الرى فى ظل محدودية الموارد المائية.
بالأخير.. بدأ شهر أكتوبر ملئ بالعديد من الخلافات في الداخل الصومالي، وخصوصًا بين رئيس الوزراء، وبين رئيس الوزراء، وبدا أن هناك جناحين مؤيدين ومعارضين، منقسمين حول الطريقة المثلى لإدارة البلاد مع انتهاء ولاية الرئيس دون إجراء انتخابات، بالإضافة للاختلاف حول قضية مقتل إكرام تهليل بين الجانبين.
لكن الضغوطات الدولية التي وجهت للأزمة الصومالية، يبدو أنها نجحت في دفع الفرقاء إلي الاتفاق، وإعادة الترتيب لبدء الانتخابات، وهو ما يمكن اعتباره أنه اتجاه نحو التهدئة في الداخل الصومالي، مقارنة بالأشهر الماضية، وقد يشهد الأشهر القادم تغير طبيعة القضايا المثارة في المشهد من خلاف بين روبلي فرماجو إلى مستجدات مرتبطة بالعملية الانتخابية وتنظيمها، والحشد بين المرشحين، كما ستظل قضية إكرام تهليل محرك رئيسي في المشهد.
من ناحية أخرى ما زالت أزمة تغير المناخ وتبعاتها تمثل تهديدا كبير للداخل الصومالي، وتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين الصوماليين سوءًا، وما زالت بحاجة إلى التحرك السريع والمكثف بشأنها.
أما على المستوى الأمني، فاستغلت التنظيمات المسلحة حالة الإنشغال والتوتر بين أجنحة السلطة المختلفة ،وقامت بالتمدد في بعض القرى والمدن، وزودت هجماتها على العاصمة، وهذا جزء من سياسة تتبعها وشائعة الاستخدام في أوقات الأزمات السياسية، ويرجح أن تكثف مجهودات الجيش الصومالي، في محاولة لاسترداد المناطق التي سيطر عليها مقاتلو أهل السنة والجماعة، وفي الوقت نفسه تزداد احتمالية تمدد مقاتلو أهل السنة والجماعة.
الصراع المشتعل المتنامي في جنوب السودان….. إلى أين تتجه المرحلة الانتقالية؟
تعتبر دولة جنوب السودان من أحدث دول العالم بنيلها حق تقرير المصير في عام 2011، ومنذ ذلك التاريخ لم تستقر الأوضاع فيها، بل تشهد حراكات بشكل مستمر، فهي حديثة العهد، مازالت تثبت أركانها وسط حالة من عدم الاستقرار والحروب الأهلية، والخلافات الطائفية، حتى أنها مازالت بمرحلتها الانتقالية دون وجود إجراءات تشير لتحسن الوضع باتجاه التحول الديمقراطي.
فمازالت الاشتباكات بالداخل تحدث بشكل متكرر، والأزمة الاقتصادية مستمرة منذ أكثر من عشرة أعوام، وانقسام السلطة بين الرئيس ونائبه، وغيرهم من التحديات التي يشهدها جنوب السودان؛ ما دفعنا بهذا التقرير الشهري تسليط الضوء على أهم الأحداث التي تعج بساحة جنوب السودان؛ لتمكين المطلعين من مراقبة مسارها بالتحول الديمقراطي، أو تحقيق الاستقرار، وهل الدولة قادرة على تحقيق ما التزمت به أمام شعبها أم لا؟ لذا يتناول التقرير عدة زوايا تخص مستجدات الصراع بجنوب السودان على المستوى السياسي، والاقتصادي، والكوارث الطبيعية التي تشهدها الدولة بشكل مستمر.
أولًا: الوضع الإنساني
بهذا الجزء سيتم تناول الأوضاع الإنسانية بجنوب السودان فيما يتعلق بوضع النازحين واللاجئين وأهم المساعدات الدولية التي تتلقاها الدولة لدعم وتحسين حياة المواطنين.
• التغيرات المناخية
تتعرض جنوب السودان بشكل مستمر للفيضانات، ووفقًا لبيان صادر عن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، فإن إجمالي المتضررين جراء الفيضانات خلال العام الحالي، يتجاوز 400 ألف مواطن، ووفقًا لبيان حكومي يقدر عددهم بما يزيد عن 12 مليون مواطن.
أصدرت العديد من الولايات المحلية بيانات تخص عدد المتضررين جراء الفيضانات المتكررة بجنوب السودان، مثل مقاطعة نيرول بولاية جونقلي، وبعض مقاطعات ولاية واو، وولاية ناجيرو بولاية عرب الاستوائية، وجميع البيانات تشير لتراوح أعداد النازحين بهذه الولايات من (2000 لـ2500) نازح، ويتعرض أكثر من 10 الآف طفل على الأقل بكل ولاية لخطر المجاعة، وقد وصل تردي الأوضاع الإنسانية بمناشدة محافظيها للمجتمع الدولي لتقديم الدعم الإنساني للمواطنين.
نتيجةً لتفاقم الوضع الناتج عن الفيضانات بجنوب السودان، توقفت الدراسة بأكثر من ولاية بجنوب السودان، على رأسهم ولاية الوحدة، ومقاطعة ملوط بأعالي النيل، ولم يكن غلق المدارس بهذه المناطق النتيجة الوحيدة لتفاقم الأزمة، بل أدى سوء الأوضاع لنزوح المئات من هذه الولايات جراء الفيضانات.
اتخذت جميع المنظمات الإغاثية إجراءات لسحب موظفيها من مقاطعة “بيبور” بولاية أعالي النيل؛ لتفاقم الوضع الأمني وتجدد الاشتباكات بعدة مناطق بين الشباب؛ بحثًا عن فرص العمل؛ ما ترتب عليه نشوء أزمة صحية بالمقاطعة، وتوقف التحصينات المقررة ضد فيروس كورونا المستجد، كما توقفت المساعدات الطبية والعلاجية للمقاطعة، وقد ناشد محافظ المقاطعة المنظمات الإغاثية بضرورة عودة نشاطها لتقديم المساعدات الصحية اللازمة للمواطنين.
أجرى وزير الشؤون الإنسانية بجنوب السودان حوارًا حول الوضع الإنساني، وأكد أن إجمالي المتضررين جراء الفيضانات حتى الآن يتجاوز 1.2 مليون مواطن، ووصلت حالات الوفاة لما يزيد عن 100حالة، وأن البحث والرصد ما زال جاريًا بأنحاء البلاد؛ ما يعني إمكانية ارتفاع الرقم.
في بيان صادر عن وزارة الشؤون الإنسانية بجنوب السودان بشأن المقاطعات والولايات الأكثر تضررًا جراء الفيضانات، وهم على الترتيب (ولاية الوحدة – جونقلي- آراب- أعالي النيل- شمال بحر الغزال- وولاية البحيرات).
خصصت حكومة جنوب السودان مبلغ 10 مليون دولار لوزارة الشؤون الإنسانية لإصلاح ما أفسدته الفيضانات بولايات جنوب السودان المختلفة، والوزارة حتى الوقت الحالي مازالت تنهي إجراءات تسلم هذا المبلغ لإصلاح الوضع.
• مشكلات اللاجئين والنازحين
أصدرت الإدارة الأهلية للاجئين بجنوب السودان في 11 أكتوبر بيانًا، يشير لمقتل عدد 8 من اللاجئين، وإصابات العشرات بالنزاعات التي تشهدها ولاية سنار بين المزارعين السودانيين وبين اللاجئين.
تفاقمت مشكلة المياه بمعسكرات جنوب السودان بولاية النيل الأبيض، على خلفية إضراب عمال بعض المنظمات الأجنبية العاملة بمجال توفير المياه لهذه المخيمات؛ لضعف الرواتب، وعلى الجانب الآخر، مازال هناك بعض الولايات والمقاطعات تعاني من أزمات لغمر مياه الفيضانات للمخيمات الخاصة بالنازحين واللاجئين، على سبيل المثال منطقة “معسكر دنتيما” بأعالي النيل.
• المساعدات الدولية لدعم الوضع الإنساني
بعدما تطرقنا للوضع الإنساني بجنوب السودان ومدى تدهوره على أصعدة مختلفة، بهذا الجزء نتناول الاستجابات الدولية لاحتواء الوضع بجنوب السودان.
أعلنت منظمة إنقاذ الطفولة التابعة للأمم المتحدة، أن هناك ملايين الأطفال يعانون جراء الفيضانات بأكثر من ستين منطقة بجنوب السودان، وأوضحت وجود ما يزيد عن 2.8 مليون طفل بحاجة لبرامج صحية عاجلة للعلاج من سوء التغذية، وتعهدت المنظمة بتقديم الرعاية لأكثر من 918 ألف طفل بمناطق جنوب السودان المختلفة، إضافةً لـ751 ألف من البالغين.
أعلن برنامج الأغذية العالمي عن خطته لتعليق المساعدات الغذائية عن بعض مخيمات اللاجئين بجنوب السودان مع نهاية شهر أكتوبر لأكثر من 100 ألف نازح؛ لظروف نقص التمويل؛ ما ترتب عليه مناشدة المواطنين المحليين والمجتمع المدني، والمطالبة بتدخل رئيس جنوب السودان للتوسط لدى برنامج الأغذية العالمي؛ لعدم قطع المساعدات الغذائية عن الأقاليم، ووعدت الأمم المتحدة بتقديم المساعدات اللازمة للأمهات والأطفال دون العامين ونصف؛ حيث إن برنامج الأغذية يحتاج لأكثر من 154 مليون دولار؛ لتوفير الغذاء اللازم لهم، وأشار البرنامج إلى أن ظروف الأمن الغذائي بجنوب السودان أثرت على أكثر من 60% من إجمالي السكان.
قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوزيع مساعدات لأكثر من 600 أسرة بمنطقة طمبرا بمقاطعة واو؛ جراء الوضع الإنساني المتدهور، كما قامت ببناء وتجهيز وتسليم وحدة صحية بمقاطعة واو؛ لدعم الوضع الصحي بالمقاطعة.
تعهد بابا الفاتيكان بتقديم دعم مالي قدرة 75 ألف دولار؛ لدعم ضحايا الفيضانات بمنطقة ابريشال بملكال، بإطار اهتمامه بالوضع الإنساني بجنوب السودان.
خصص صندوق التنمية التابع للاتحاد الأوروبي 41 مليون دولار؛ لتنفيذ مشروعات البنية التحتية بمناطق جنوب السودان الريفية؛ لتحسين أوضاعها والحد من العزلة بالريف.
أعلن البنك الدولي عن تقديم مساعدات مالية بـ2 مليار دولار؛ لإقامة مشروعات تنموية بجنوب السودان وتحسين وضع البنى التحتية بالبلاد.
ثانيًا: الوضع السياسي والأمني
بهذا الجزء نتطرق لأهم المستجدات على الساحة السياسية والأمنية بجنوب السودان.
• المستجدات السياسية
عقد الوفد الحكومي برئاسة مستشار رئيس الجمهورية بجنوب السودان اجتماعًا مع مجموعة “كيت قوانق” – هي حركة تكونت نتيجة للخلافات بين رئيس الحركة الشعبية ورياك مشار- ووعد الوفد الحكومي بإجراء حوار مع المجموعة والدخول بمفاوضات معها، وقد طالبت مجموعة إعلان “كيت قوانق” بضرورة إشراك جميع الأطراف باتفاق السلام بالمفاوضات المقبلة، والمزمع عقدها بالخرطوم، ليكونوا جزءًا من المحادثات المنطلقة قريبًا بجنوب السودان.
أصدر نائب رئيس المجلس التشريعي الانتقالي بيانًا بتاريخ 7 أكتوبر 2021، ينص على ” أن عملية توزيع اللجان المتخصصة بالبرلمان الانتقالي لم تُوزع حتى الآن، وأعاق هذا التأخير المجلس من القيام بدوره الرقابي، كما لم يصادق البرلمان على اللوائح الخاصة بإدارة أنشطة الجمعية الوطنية، فلا بد من الإسراع باتخاذ الخطوات اللازمة ليتسنى للمجلس القيام بدوره.
في 1 أكتوبر، أعلنت جبهة تحرير السودان المعارضة المسلحة بجنوب السودان، تأييدها لإعلان “كيت قوانق”، ولكن أعلنت قيادة الجيش السابع رفضها للإعلان، باعتباره قرارًا اتخذ بصورة فردية ولم يراعِ حق قوات “أسود بحر الغزال” بالمعارضة.
أصدر رئيس التحالف الوطني للأحزاب السياسية بيانًا يقضي بأن حزب الشعب الليبرالي بجنوب السودان هو المسؤول الأول عن تأخر الانتخابات؛ لذا رد ممثل الحزب “بيتر مجونقديت، بأن الحزب من الوصول إلى توافق بشأن المرشحين للمجالس التشريعية، وأن تقاسم الأحزاب للمقاعد التشريعية في الولايات غير عادل؛ لذا تعطلت الانتخابات لعدم وجود توافق.
هددت حركة “مشار” بالانسحاب من الحكومة في واراب؛ اعتراضًا على سياسات حاكم الولاية تجاههم؛ حيث أوضحوا أنه شن عليهم العديد من الهجمات؛ لذا فقد تنسحب المعارضة من حكومة الولاية.
منعت الحكومة بمنطقة واو وسائل الإعلام من التحدث مع أي مسؤول حكومي، باستثناء رئيس الولاية ونائبه لحين إشعار آخر، وكان هدف الحكومة هو توحيد مصادر المعلومات وإتاحتها من خلال قنوات رسمية، وليست بيانات تُبنى على وجهة نظر قائلها؛ لذا اعترضت نقابة الصحفيين واعتبرته قرارًا غير قانوني، ويقيد حرية الصحافة والإعلام، وردت الحكومة بأن من يري التقدم بشكوى فليتبع الإجراءات القانونية.
أصدرت مفوضية جيميك بيانًا في 29 أكتوبر، يقضي بضرورة عمل الحكومة بالإسراع بتشكيل المجالس التشريعية بالولايات؛ لضمان التنسيق والتعاون بين مختلف المؤسسات بالدولة.
• المستجدات الأمنية
في الأول من أكتوبر، شهد جنوب السودان اشتباكات بين المعارضة وقوات الجنرال جيمس ناندو بولاية غرب الاستوائية، ولكن هدأ الوضع بين الطرفين بعد اجتماع أمني بين قائد الطرفين، وبدأوا بتنفيذ أمر الإخلاء وسحب القوات.
في 5 أكتوبر، شهدت ولاية واراب بجنوب السودان اشتباكات عنيفة بين فصيليْ “ثيك ولوانجانيق”، نتج عنها مقتل ما يزيد عن 30 فردًا، وفقًا للتقرير الصادر عن الحكومة، على أثر قيام مجموعة شبابية بشن غارة على مزرعة للأبقار بالقرب من منطقة “ثيك”، وشهدت منطقة “فيجي” اشتباكات، أدت لسقوط العديد من الضحايا، وأوضحت البيانات الحكومية، أن سبب الاشتباكات بهذه المنطقة مازال غير واضح حتى الآن.
ألقى جهاز الأمن بولاية جوبا القبض على مدير منظمة “أوكسفام”، الدولية، وهي منظمة تعمل بالمجال الإنساني ومساعدة المتضررين من النزاع بجنوب السودان، ولم يتضح سبب الاحتجاز حتى الآن ومازالت التحقيقات جارية.
شهدت مدينة بور اشتباكات مسلحة في 13 أكتوبر بين السكان المحليين وأفراد من عصابة “النيقرز” الموجودة بالمدينة، وقد تمكنت قوات الشرطة بالمدينة من إلقاء القبض على عشرين عنصرًا من عناصر العصابة وإيقاف الاشتباكات بين الطرفين.
في 14 أكتوبر، أجرت لجنة نزع السلاح وإعادة التسريح والدمج تحقيقًا بولاية البحيرات، تبين أن هناك عمليات تخص تجنيد الأطفال بمعسكر “فاندا” للجيش في رومبيك، بلغ عددهم 13 طفلًا؛ لذا أصدرت الأمم المتحدة واليونسيف وهيئة إنقاذ الطفولة بيانًا يقضي بمنع تجنيد الأطفال بصفوف العسكريين.
تجددت أعمال المعارضة المسلحة بمقاطعة واو، وقد قامت المعارضة باعتقال محافظ مقاطعة واو “ماتيا مبورو”، بزعم أنه دخل المنطقة دون إخطار مسبق لقوات المعارضة – كان دخوله لافتتاح وحدة صحية بالمقاطعة – ولكن أُطلق سراحه باليوم التالي 17 أكتوبر.
أتمت القوات النظامية بتسهيلات وإجراءات من منظمة الهجرة العالمية بعض التدريبات؛ لحماية الحدود بمنطقة الرنك، وقد استمر التدريب لمدة أربعة أيام بحضور 56 فردًا.
شهدت مقاطعة مندري الشرقية بولاية غرب الاستوائية هجومًا من قبل قوات جبهة الخلاص الوطني، بمنطقتي (لاني وجامبو)، وتم على أثرها اختطاف العديد من المدنيين، ولم يكن من الحكومة المحلية سوى التنديد بما حدث والمطالبة بإعادة المدنيين، ولكن لم ترد الجبهة بخصوص هذه الاتهامات حتى الآن.
• ردود الفعل حول الأوضاع الأمنية والسياسية
أصدر مجلس الأمن أنه بتاريخ 19 أكتوبر نص على “ضرورة احترام جوبا بعثة القوة الأممية المؤقتة، والتوقف عن عرقلة مهامها، وتقديم التسهيلات اللازمة لها؛ حيث إن هذه البعثة موجودة لحل النزاع وتقديم الدعم الكامل لمنطقة “إيبي”” المتنازع عليها من السودان وجنوب السودان.
أصدرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بجنوب السودان بتاريخ 21 أكتوبر بيانًا يخص الانتقال الديمقراطي وبناء السلام بجنوب السودان؛ حيث أكدت أن التهديدات التي يشهدها المجتمع المدني بجنوب السودان قد تقوض عملية السلام بالبلاد، وأكدت على أنه من أهم مظاهر هذه التهديدات، تراجع العمل المدني بجنوب السودان.
أعلن مجلس الامن بتاريخ 28 أكتوبر بيانًا، طلب فيه من الأمين العام للأمم المتحدة تكوين فريق متكامل للمساعدة بالانتخابات المقبلة بجنوب السودان؛ لمساعدتها بمسارها نحو التحول الديمقراطي.
من خلال ما تم تناوله بهذا التقرير يلاحظ أن الوضع بجنوب السودان مازال خارج السيطرة، على عدة مستويات، سواءً الإنسانية أو الأمنية أو السياسية، وأيضًا الاقتصادية، وسط حالة من عدم الاهتمام من الحكومة الانتقالية؛ ما يزيد الوضع سوءًا بالوقت الحالي؛ حيث إن الدولة تمر بفترة شديدة الحساسية بفعل التطورات بمختلف الأصعدة.
الخاتمة والاستنتاجات
بالإطلاع على أبرز التفاعلات التي جاءت في دول الصراع يمكن القول أن إجراء عملية انتخابية في تلك الدول كأولى خطوات الانتقال نحو التحول الديمقراطي هو القاسم الجامع لهم وهو ما رأيناها في حالة الصومال ، وأثيوبيا ، والعراق، وليبيا، كما اجتمعت تلك الدول على وجود خلاف بين الصفوف الداخلية لها حول الانتخابات، سواء حول القوانين الحاكمة للترشح ، أو موعد إجراء الانتخابات، وكذلك تفضيل قيادات عن أخرى لتصدر المشهد.
كان هناك نشاط ملحوظ للجماعات الإرهابية في الدول التي يجري فيها انتخابات أو الاستعداد لها، محاولة منهم استغلال التوترات المرتبطة بالانتخابات ، لصالحهم ، وبنهاية الشهر نجحت عدد من الدول منها الصومال والعراق وليبيا في إحراز تقدم إيجابي في العملية الانتخابية فيما تدهور الوضع في أثيوبيا، وبقى يسير بنفس الوتيرة في جنوب السودان واليمن، وفيما يلي أبرز الملاحظات على الدول محل التركيز:
الصومال: استمر الانقسام الي بدأ منذ سبتمبر الماضي بين جناحي السلطة في الصومال حول الطريقة المثلى لإدارة البلاد مع انتهاء ولاية الرئيس دون إجراء انتخابات، بالإضافة للاختلاف حول قضية مقتل إكرام تهليل بين الجانبين، لكن النهاية ومع عدد من الضغوطات الدولية على الأطراف ، دفع الأطراف إلى تنحية الخلاف جانبًا وإعادة الترتيب لبدء الانتخابات، وهو ما يمكن اعتباره أنه اتجاه نحو التهدئة في الداخل الصومالي، مقارنة بالأشهر الماضية، وقد يشهد الأشهر القادم تغير طبيعة القضايا المثارة في المشهد من خلاف بين روبلي فرماجو إلى مستجدات مرتبطة بالعملية الانتخابية وتنظيمها، والحشد بين المرشحين، كما ستظل قضية إكرام تهليل محرك رئيسي في المشهد.
إثيوبيا : لقد شهدت الساحة الإثيوبية العديد من الأحداث خلال شهر أكتوبر، على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي، ومما سبق نلاحظ أن الوضع في إثيوبيا ما زال متأزمًا ويتجه للتعقيد على مستوى الصراع الداخلي في “تيجراي”، فقد شهد الوضع استمرار الاشتباكات بين قوات جبهة تحرير تجراي وبين القوات الاتحادية على مدار الشهر، وهو ما نتج عنه تفاقم الوضع الإنساني في البلاد، بالنسبة للساحة الدولية فيما يخص ملف سد النهضة فما زال الملف في طور البيانات والتصريحات بين الأطراف المعنية، فضلًا عن ملف طرد المبعوثين الدبلوماسيين، ولم تتخذ الإدارة الجديدة أي إجراءات فيما يخص الصراع الداخلي أو الخارجي، ومن الممكن أن يعود ذلك إلى أنه لم يحدث تغير جوهري في السلطة وأن البلاد ما زالت تحكم بنفس العقلية.
جنوب السودان: يلاحظ أن الوضع في جنوب السودان مازال خارج السيطرة، على عدة مستويات سواء الانسانية او الامنية او السياسية، وأيضًا الاقتصادية، وسط حالة من عدم الاهتمام من الحكومة الانتقالية، وهو ما يزيد الوضع سوءًا في الوقت الحالي، حيث أن الدولة تمر بفترة شديدة الحساسية بفعل التطورات على مختلف الأصعدة، ولكن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات لاحتواء الوضع في البلاد، ولم تحرك ساكنًا فيما يخص اتفاق جوبا للسلام.
العراق: تمر العراق بمرحلة هامة سياسيًا والمتمثلة بإجراء الانتخابات البرلمانية والتي تتطلب بإحياء الروح الوطنية واستعادة مفهوم المواطنة لدى العراقيين، بمقابل الولاءات الطائفية، وهو تحدٍ قائم منذ وضع قانون الانتخاب، كما تجري الانتخابات في ظل حالة من عدم استعداد التحالفات لخوض الانتخابات، وهو ما نتج عنه حالة من التشكيك في نتائج الانتخابات واتهامات متبادلة بين الأطراف، وهو ما يتطلب من الحكومة العراقية إجراءات حذرة ودقيقة وسريعة لإتخاذ ما يلزم من إجراءات للخروج بحالة من التوافق بين الأطراف، كما يتضح من النتائج الأولية أن هناك إعادة تموضع للتيارات السياسية في العراق، ومن المتوقع أن يتصدر التيار الصدري الفترة القادمة المشهد العراقي، وذلك وفقا للنتائج الأولية للانتخابات، بجانب التحالفات الأخرى السنية بشكل أساسي.
اليمن: مازال الوضع في اليمن في حالة من التصعيد المستمر، خاصة مع استمرار هجمات الحوثيين المستمرة واستهدافهم للمدنيين، وانتهاكات حقوقية تندد بها المجتمع الدولي. ومن جديد، إن تصعيد الحرب الأهلية نتيجة تمرد الحوثيين المستمر ما هو إلا تصعيد خطير يؤكد من جديد تحدي جماعة الحوثيين السافر لإرادة المجتمع الدولي، ومع الدعم الإيراني الذي يعزز من قوة الجماعة، يؤدي إلى تقويض جهود التهدئة ورفع وتيرة الصراع في اليمن والمنطقة، واستمرار المعاناة الإنسانية المتفاقمة لليمنيين.
ليبيا: يرتبط ملف انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية بشكل كبير وطردي مع ملف الانتخابات الليبية المقبلة، فعلى الرغم من جهود مجلس النواب الليبي وإصدار قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتنسيقه الدائم بشأنهما مع المفوضية العليا للانتخابات الليبية التي تبذل جهوداً كبيرة تدور الشكوك حول أطراف لا تريد إجراء الانتخابات، وفي مقدمة تلك الأطراف تنظيم الإخوان فرع ليبيا الذي لا يرغب في إجراء الانتخابات في الموعد المقرر ومن وراءه وجود المرتزقة والمليشيات المسلحة المرسلة من تركيا، إذ ترفض تركيا خروج قواتها الأجنبية بحجة أن وجودها شرعي يحافظ على استقرار البلاد.