إعداد: شيماء عبد الحميد
ما يمر به السودان في الوقت الراهن من نزاع مسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، ينذر بكارثة إنسانية واسعة، ترتبط بتفاقم الأزمات الاقتصادية والصحية والاجتماعية، التي تشهدها البلاد قبْل اندلاع الصراع المسلح؛ فالوضع الإنساني في السودان وما حوله مأساوي؛ حيث هناك نقص في الغذاء والماء والوقود، فضلًا عن محدودية الوصول إلى وسائل النقل والاتصالات والكهرباء، والارتفاع الهائل في أسعار المواد الأساسية، ومع اندلاع الصراع المسلح واحتمالية استمراره؛ فإنه قد تتفاقم هذه الأزمات لتؤثر ليس فقط على السكان المحليين، الذين يتجاوز عددهم 46 مليون نسمة، وإنما يمتد ليطال أكثر من 1.1 مليون لاجئ، يتمركز معظمهم في ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، خاصةً مع تعليق الأمم المتحدة عددًا من البرامج الإنسانية في السودان، تجاوز عددها 250 برنامجًا؛ بسبب القتال وانعدام الأمن، وخروج معظم مستشفيات الخرطوم من الخدمة؛ الأمر الذي دفع المستفيدين من تلك البرامج إلى النزوح خارج بؤرة الصراع، سواء إلى ولايات سودانية أكثر أمانًا أو إلى حدود دول الجوار، وبالتالي سبب أزمة النزوح تحمل في طياتها تبعات خطيرة، سواء فيما يتعلق بمستقبل النازحين واللاجئين، أو فيما يخص الأعباء التي ستتحملها دول الجوار المستقبلة لهؤلاء النازحين.
الأبعاد الإنسانية للأزمة السودانية:
- أزمة نزوح مقلقة:
سببت الأزمة السودانية موجة نزوح كبيرة، قد تؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على الدول المستقبلة للنازحين واللاجئين السودانيين، وقد صرح المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوم 19 مايو الجاري، بأن أكثر من مليون شخص نزحوا حتى الآن؛ بسبب القتال الدائر في السودان؛ من بينهم ربع مليون لاجيء، موضحًا أن الرقم يشمل حوالي 843 ألف نازح في الداخل، ونحو 250 ألف فروا إلى خارج البلاد عبر الحدود، متوجهين إلى دول الجوار؛ حيث:
– مصر؛ استقبلت حتى الآن أكبر عدد من اللاجئين السودانيين، وصل إلى نحو 110 آلاف شخص، مع وصول 5 آلاف تقريبًا إلى مصر يوميًّا.
– تشاد؛ كانت أُولى الدول المتأثرة بموجات اللجوء؛ بسبب الصراع في السودان، حيث وصل إليها نحو 30 ألف لاجئ في الأيام الأخيرة؛ ليرتفع العدد الإجمالي للذين وصلوا من السودان في الأسابيع الأخيرة إلى 60 ألف فرد، 90% منهم من الأطفال والنساء، منهن العديد من الحوامل، ليتجاوز العدد الفعلي للاجئين السودانيين هناك 400 ألف لاجئ، يحتاجون إلى الدعم والمساعدة العاجلة.
– جنوب السودان؛ يصل حوالي 1500 شخص يوميًّا إلى جنوب السودان، فيما أوضحت المتحدثة باسم المفوضية، أولجا سارادو، إنه منذ اندلاع الاشتباكات، في 15 أبريل الماضي، عاد حوالي 4000 لاجئ من جنوب السودان، كانوا يعيشون في السودان إلى وطنهم، بينما أكدت رئيسة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنوب السودان، ماري هيلين فيرني، أن السيناريو الأكثر ترجيحًا، هو عودة 125 ألف لاجئ إلى جنوب السودان مرةً أُخرى، وعبور نحو 45 ألف لاجئ سوداني جديد إلى جنوب السودان.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة، بأنه من المتوقع فرار أكثر من 800 ألف شخص إلى الدول المجاورة للسودان، مثل مصر وتشاد وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى.
- تفاقم أزمة الغذاء:
قد شهد السودان قبل اندلاع الصراع المسلح، ازديادًا مطردًا في مستويات انعدام الأمن الغذائي؛ إذ أظهرت التقديرات الأممية، أن رُبْع سكان البلاد يعانون من الجوع الشديد بين يونيو وسبتمبر 2022، واستأثرت مناطق شمال وغرب ووسط دارفور والخرطوم وكسلا والنيل الأبيض بأعلى عدد من الأشخاص الذين عانوا من الجوع الشديد، وقد وصل عدد من يعانون من الانعدام الشديد للأمن الغذائي إلى 11.7 مليون شخص، بالإضافة إلى 4 ملايين طفل وامرأة في السودان يحتاجون إلى خدمات التغذية المنقذة للحياة خلال العام 2023، في ظل انتشار سوء التغذية الحاد؛ بسبب عدم كفاية المواد الغذائية، وارتفاع معدل انتشار الأمراض، وتهالك خدمات المياه والصرف الصحي، هذا إلى جانب النقص الملموس في تدفقات المساعدات الغذائية، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا، وشُحّ الدعم الإنساني المقدم من دول غربية مانحة، وتركيزها على أزمات أخرى لا سيما في أوكرانيا، وخير دليل على ذلك أنه لا تزال خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2023، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 1.7 مليار دولار، ممولة بنسبة 13.5% فقط.
أما بعد اندلاع الصراع في السودان؛ فمن المتوقع وقوع أزمة الغذاء في البلاد؛ خاصةً مع اضطرار برنامج الأغذية العالمي إلى تعليق عملياته مؤقتًا في السودان، بعد مقتل 3 من موظفيه في مدينة كبكابية بشمال دارفور مع اندلاع الاشتبكات، فضلًا على نهب إمدادات برنامج الأغذية العالمي من المستودعات وسرقة المركبات المستخدمة لنقل المساعدات؛ ما يحرم الفئات الأكثر ضعفًا من المساعدة، وهم بأمس الحاجة إليها.
وقد حذَّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن ينزلق ما بين 2 و2.5 مليون شخص في السودان إلى الجوع في الأشهر المقبلة؛ نتيجة للعنف المستمر في البلاد، وهو ما من شأنه أن يدفع انعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان إلى مستويات قياسية؛ ليتأثر به أكثر من 19 مليون شخص، وبحسب بيان البرنامج؛ فإنه من المتوقع حدوث أكبر ارتفاعات في انعدام الأمن الغذائي في ولايات غرب دارفور وغرب كردفان والنيل الأزرق والبحر الأحمر وشمال دارفور، كما توقع البرنامج في الوقت نفسه، أن ترتفع تكلفة المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد، بنسبة 25% في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، إذا مُنع المزارعون من الوصول إلى حقولهم وزراعة المواد الغذائية الأساسية بين مايو الجاري ويوليو المقبل، فسوف يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وارتفاع معدل التضخم ودخول ملايين السكان في هُوَّةِ الجوع.
بدورها؛ حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، من أن استمرار أعمال العنف يؤثر على الرعاية الضرورية والطارئة لحوالي 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد؛ ما يجعلهم معرضين للوفاة، كما من شأن استمرار الاشتباكات العسكرية المشتعلة، أن تعطل عمل مشروع شبكات الأمان الطارئ الجديد في السودان؛ لمواجهة انعدام الأمن الغذائي الشديد الناجم عن ضعف الحصاد وارتفاع أسعار الغذاء العالمية، والذي كان سيتم وفق اتفاقية موقعة بين البنك الدولي وبرنامج الغذاء العالمي لتوفير تمويل بقيمة 100 مليون دولار لخدمة هذا المشروع، الذي يهدف إلى توفير التحويلات النقدية والغذاء لأكثر من 2 مليون مُستفيد في 11 ولاية في السودان.
- تدمير البنية الصحية وانتشار الأمراض النفسية:
يعاني السودان من كارثة صحية حقيقية؛ نتيجة استمرار الاشتباكات في البلاد؛ حيث صرح وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، مؤخرًا، بأن 125 مستشفى في الخرطوم قد تأثرت جرَّاء الاشتباكات، وتضررت أنظمة الكهرباء والماء فيها، فيما أكدت نقابة الأطباء السودانية، أن هناك نحو 70% من مستشفيات العاصمة باتت خارج الخدمة؛ حيث تم إغلاق العديد منها؛ فمثلًا اضطرت جميع المستشفيات في شمال دارفور للإغلاق؛ إما بسبب قربها من مناطق القتال، أو لعدم قدرة الموظفين والطواقم الطبية الوصول إلى المرافق الصحية بسبب أعمال العنف.
من جانبه؛ حذر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، من أن النظام الصحي في السودان معرض لخطر الانهيار؛ خاصةً وأن المستشفيات تعاني من نقص شديد في الكوادر والاحتياجات الطبية، وقد حذرت منظمة أطباء بلا حدود من تضاؤل الأدوية والإمدادات الطبية والتبرع بالدم لعلاج المصابين؛ نظرًا لصعوبة توصيل المستلزمات الطبية للمستشفيات، وعدم السماح لسيارات الإسعاف بالمرور في أماكن الصراع لانتشال جثث القتلى أو نقل المصابين، هذا إلى جانب استمرار عمليات تدمير ونهب مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات.
وإلى جاب تدمير البنية الصحية في البلاد؛ فإن الصراع المسلح في السودان قد يؤدي إلى أمراض نفسية بالغة؛ حيث هناك العديد من الأمراض النفسية التي تخلفها الصراعات تفوق في تأثيرها الأمراض العضوية، خاصةً بالنسبة للأطفال والسيدات ممن شاهدوا الدمار والقتل، كما أن الكثير من النازحين يعانون من اضطرابات نفسية؛ أبرزها: الاكتئاب، أعراض ما بعد الصدمة، الوسواس القهري، اضطرابات النوم، القلق والتوتر، فضلًا عن الانسحابية والشعور بالاضطهاد.
ووفقًا لدراسة صادرة من مجلة الصحة العقلية والنفسية الأمريكية؛ تخلف الحروب والصراعات المسلحة عددًا من الأمراض النفسية، وجاءت نتائج الدراسة، كالتالي: 22% من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الصراعات المسلحة يعانون من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة والاضطراب ثنائي القطب وانفصام الشخصية، نحو 9% من سكان البلدان التي تشهد صراعات عنيفة يعانون من اضطرابات صحية عقلية ونفسية شديدة؛ إذ يعاني واحد من كل 14 شخصًا تقريبًا من أحد أشكال المرض العقلي؛ أي ما يصل إلى نسبة 7.14%، وتشير الأبحاث الصادرة من الكلية الملكية للأطباء النفسيين؛ إلى أن أعراض الاضطراب النفسي بعد الحروب تظهر بعد أسابيع أو في غضون 3 أشهر من اندلاع الصراع.
- تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية:
تتزايد التداعيات الاقتصادية للصراع الراهن في السودان؛ ومن أبرزها: ارتفاع وتيرة التضخم الذي كان من المتوقع أن يتباطأ تدريجيًا، بدءًا من العام 2023، لكن التوقعات بزيادة عجز الموازنة العامة وضعف العملة المحلية أمام الدولار؛ سيؤديان إلى زيادة التضخم فوق مستويات الـ100% مرة أخرى، بعد أن تراجع لمستويات تقارب الـ60% في الربع الأول من العام الجاري، وسبق أن أكد وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، أن الحكومة تستهدف خفض مستويات التضخم لتصل إلى 25% بنهاية عام 2023، وهو ما أصبح صعبًا بعد المواجهة العسكرية الدائرة حاليًا، وضبابية المشهد السياسي والأمني في البلاد.
كما سيؤدي الوضع الحالي إلى ارتفاع معدلات البطالة عن الحدود التي توقعها صندوق النقد الدولي، وهي 30.6%، ومن المستبعد كذلك أن تجني الدولة 50% من إيراداتها من الموارد الضريبية وفق مستهدفها، في ظل صعوبة الوضع الأمني والعسكري في العاصمة ومناطق أخرى.
وقد نتج عن الاشتباكات قيام عدد كبير من المواطنين السودانيين بشراء كميات كبيرة من السلع؛ تحسُّبًا لأي نقص محتمل؛ ما خلق نُدْرةً في السلع بالمحال التجارية، وأُغلقت الأسواق الكبرى بالعاصمة، مثل السوق المركزي جنوب الخرطوم، وأسواق بحري وأم درمان، والسوق العربي، والتي تُعد المصدر الأول لتغذية الأسواق الصغيرة والمحال التجارية في الأحياء بالسلع الاستهلاكية والخضروات والفاكهة.
هذا إلى جانب تخوُّف المؤسسات المالية الدولية من أن يهدد استمرار الأزمة في السودان، تصنيفات البنوك العاملة في البلاد، ولذلك مع وجود مخاوف من اتساع رقعة الاشتباكات وامتدادها لدول مجاورة، أصبحت تمويلات التنمية محل تهديد، ولا سيما في دول القارة السمراء المشتركة في الحدود مع السودان.
وبحسب تقرير وكالة موديز للتصنيف الائتماني؛ قد يؤدي الصراع بالسودان لخفض التصنيف الائتماني للكثير من البنوك العاملة في البلاد، وكذلك البنوك المانحة لتمويلات بهدف التنمية، بما في ذلك بنك التجارة والتنمية وبنك الاستيراد والتصدير الأفريقي “أفركسيم بنك”، وفي الدول المجاورة، وإزاء هذا الوضع، يخشى كثيرون من تفاقم الأوضاع المعيشية.
- تفجر النزاعات القبلية:
لم تفلت الولايات التي تقع على أطراف البلاد من تمدُّد الصراع المسلح، واشتدت المعارك في الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، وتحول النزاع إلى اشتباكات بين القبائل العربية وقبيلة “المساليت”؛ ما أدى إلى مقتل نحو 100 شخص وإصابة المئات، وتدمير عددٍ من المؤسسات، ونزوح الآلاف إلى دولة تشاد.
وقد سبق وأن حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من تصاعد العنف في غرب دارفور، وارتفاع حدة العنف الطائفي فيها، وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد تحدثت عن ارتفاع بأعمال النهب والتدمير وإحراق مخيمات النازحين، ما اضطرها إلى وقف كل أعمالها تقريبا في غرب دارفور؛ بسبب العنف.
مساعدات إنسانية دولية واسعة للسودان
إدراكًا للتبعات الإنسانية الكارثية للصراع المسلح في السودان سالفة الذكر؛ والضعوط التي ستخلفها أزمة النزوح على دول الجوار السوداني، والتي تعاني بالأساس من أزمة نقص الغذاء والمياه واحتياج معظم مواطنيها للمساعدات الإنسانية، بادر عدد من الدول بتقديم مساعدات كبيرة للسودان، فضلًا عن دعوات أممية للوقوف إلى جانب الشعب السوداني؛ وهو ما يمكن إيضاحه على النحو التالي:
- فرق طبية مصرية على الحدود:
سهَّلت مصر إجراءات دخول السودانيين إلى البلاد؛ حيث أوقفت العمل بتصاريح الدخول للفئات التي تتطلب الحصول على تصريح دخول، بالإضافة إلى جهود الهلال الأحمر على الجانب المصري من الحدود المصرية السودانية؛ حيث يتواجد الهلال الأحمر المصري على منافذ عبور العائدين من السودان، لتقديم الخدمات الإنسانية والإغاثية لهم، بجانب الكشوفات الطبية من خلال العيادات المتنقلة.
كما أعلن مسؤول بوزارة الصحة المصرية، أنه جرى وضع خطة على الفور لتقديم الدعم النفسي للمصريين العائدين من السودان، وكذلك النازحين السودانيين، أو رعايا الدولة الأجنبية، شملت تجهيز عيادة دعم نفسي على المعابر الحدودية بمدينة أسوان الجنوبية؛ بهدف علاج ما يُطلق عليه أمراض النزوح خاصةً للأطفال والمراهقين والسيدات، فضلًا عن زيادة عدد الفرق المتخصصة في تقديم خدمات الدعم النفسي والمشورة، على المعابر خلال الأيام الأخيرة مع تزايد عدد النازحين، وتجهيز عدد من المستشفيات في أسوان لاستقبال الحالات الأكثر احتياجًا للعلاج النفسي، فضلًا عن إتاحة خدمات الخط الساخن 16328 لاستقبال أي طلبات للعلاج أو الدعم والتعامل معها على الفور.
- عمليات إجلاء موسعة:
أعلنت الولايات المتحدة، أن القوات الخاصة وباستخدام طائرات هليكوبتر من طراز “إم إتش-47 شينوك”، دخلت العاصمة السودانية بعدما انطلقت من قاعدة أمريكية في جيبوتي؛ لتنفيذ عمليات إجلاء موسعة، فيما أجْلَت السعودية بالفعل مواطنين من الخليج من بورسودان على البحر الأحمر على بعد 650 كيلومترًا من الخرطوم، كما أسهمت دولة الإمارات العربية المتحدة في إجلاء عدد من مواطنيها ورعايا نحو 16 دولة، عبر الاستضافة على الأراضي الإماراتية لحين نقلهم إلى بلدانهم.
من جانبها؛ حثت مصر رعاياها خارج الخرطوم على التوجه إلى قنصليتها في بورسودان، وإلى مكتب قنصلي في وادي حلفا على الحدود بين البلدين؛ تمهيدًا لإجلائهم، كما أعلنت الخارجية المصرية، أنه تم تسهيل عبور أكثر من 16 ألف من غير المصريين إلى داخل مصر؛ من بينهم أكثر من 15 ألف سوداني ونحو ألفي أجنبي من 50 دولة و6 منظمات دولية.
- جهود متواصلة لبرنامج الأغذية العالمي:
أعلن البرنامج، أنه بحاجة عاجلة إلى 162.4 مليون دولار أمريكي لدعم الحكومة التشادية في إغاثة 2.3 مليون شخص في أمسِّ الحاجة إلى مساعدات غذائية، ويشمل هذا العدد اللاجئين الذين توافدوا مؤخرًا من السودان، وهم أكثر من 30000 شخص عبروا الحدود إلى تشاد منذ اندلاع الأعمال العدائية في السودان، بالإضافة إلى اللاجئين الـ600 ألف المتواجدين في البلاد أصلًا، والسكان الذين يستضيفون نازحين، والأشخاص الذين يواجهون انعدامًا حادًا للأمن الغذائي خلال موسم العجاف بين يونيو وأغسطس 2023، والذي يبلغ عددهم قرابة 1.9 مليون شخص.
فيما أعلن نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، أن برنامج الأغذية العالمي يخطط لتوسيع نطاق المساعدة الطارئة لنحو 4.9 مليون شخص خلال الأشهر المقبلة في المناطق التي يسمح فيها الوضع الأمني بذلك، ويهدف البرنامج إلى الوقاية من سوء التغذية الحاد المعتدل وعلاجه لنحو 600 ألف طفل دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات.
فضلًا عن أن الخدمات الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، والتي يديرها برنامج الأغذية العالمي، قامت باستئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين مدينتي بورتسودان وأديس أبابا؛ لضمان تدفُّق المساعدات الأساسية ووصول العاملين في المجال الإنساني.
ولا يقتصر عمل برنامج الغذاء العالمي على السودان، بل يمتد إلى التعاون مع الدول التي ينزح إليها السودانيون جرَّاء الأزمة، ومنها مصر التي تشهد أكبر تدفق للنازحين؛ حيث يعمل البرنامج مع الحكومة والهلال الأحمر المصريين لتقديم المساعدة الغذائية لأولئك الفارين من الأزمة في السودان، وبالفعل تم تسليم أكثر من 20 طنًا متريًّا من المواد الغذائية إلى نقطتي عبور النازحين السودانيين على الحدود البرية الجنوبية لمصر؛ حيث يجري توزيعها على الأسر الوافدة من السودان.
- مساعدات خليجية للسودان:
أ. الإمارات؛ وجه نائب رئيس الدولة، محمد بن راشد آل مكتوم، بتوفير مساعدات إنسانية عاجلة للنازحين السودانيين، مَنْ اضطرتهم الظروف الأخيرة في البلد إلى مغادرة منازلهم، وتشمل هذه المساعدات؛ مواد غذائية ومستلزمات طبية وخيم، ستُقدم من خلال مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية”، للفئات الأكثر تضرُّرًا من النازحين السودانيين.
كما أرسلت الإمارات عبر مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، طائرات تحمل على متنها إمدادات غذائية عاجلة إلى مطار أبشي على الحدود السودانية التشادية؛ لتوفير الدعم العاجل للاجئين السودانيين.
ب. السعودية؛ أعلنت تنظيم حملة شعبية لتخفيف آثار الأوضاع التي يمر بها الشعب السوداني، كما وجه الملك، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد، محمد بن سليمان، مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بتقديم مساعدات إنسانية متنوعة بقيمة 100 مليون دولار.
وستتركز مساعدات المركز للسودان على الحاجات الأساسية، فضلًا عن تقديم مساعدات غذائية في كل مناطق السودان، كما ستشمل جميع مناطق النزوح، والتنسيق مع الأطراف السودانية لإيصال المساعدات، وحملة التبرعات الشعبية للسودان عبر منصة “ساهم”.
- دعوة أممية لجمع تبرعات عاجلة توجه للسودان:
أطلقت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبالتعاون مع 134 شريكًا آخرين، نداءً عاجلًا؛ لجمع 445 مليون دولار، لتنفيذ خطة الاستجابة الإقليمية المشتركة للاجئين السودانيين في 5 دول، والتي تشمل 860 ألف شخص من السودان، سواء من اللاجئين أو العائدين إلى بلدانهم بعد أن كانوا لاجئين في السودان.
وتعمل المفوضية مع حكومات دول الجوار السوداني لتقييم احتياجات النازحين؛ ففي تشاد، نشرت المفوضية وشركاؤها فرق الطوارئ التابعة لها على طول الحدود الشرقية مع السودان؛ للاستجابة للاحتياجات العاجلة المتعلقة بالحماية والمساعدات الإنسانية، كما يجري التخطيط لنقل العائلات إلى مخيمٍ للاجئين يقع بعيدًا عن الحدود، بينما يتم تحديد موقع جديد لاستضافة المزيد من الوافدين، ويأوي الآن أكثر من 400000 لاجئ سوداني في 13 مخيمًا، وكذلك لدى المجتمعات المحلية المضيفة في شرق تشاد.
وفي جنوب السودان؛ تعمل فرق المفوضية مع شركائها عند نقاط العبور الحدودية لرصد الوافدين الجُدُد وتقديم المساعدة لهم، وتقوم المفوضية بإنشاء مراكز للاستقبال على الحدود في جنوب السودان للتسجيل الطارئ، وتحديد الوافدين الأكثر ضعفًا، وتوزيع بعض مواد الإغاثة الأساسية عليهم، مثل المياه النظيفة.
وإجمالًا:
لا يمكن إنكار حجم مخاطر الأزمة السودانية وتأثيراتها الإقليمية، وعلى استقرار منطقة القرن الأفريقي، وخصوصًا 6 دول هي جوار السودان، والمصالح الحيوية لمصر، خاصةً وأن تلك الدول على أعتاب موجة جديدة من اللجوء والنزوح القسري مصدرها السودان، وهو ما يتطلب اتخاذ جملةً من الإجراءات لتخفيف وطأة تلك الموجة على الدول المستقبلة للاجئين؛ أهمها: أن يبدأ الفاعلون الدوليون ممثلو الاتحاد الأفريقي والمنظمات المعنية التابعة للأمم المتحدة في دفْع طرفي النزاع نحو التهدئة، واختيار التفاوض للوصول إلى حل يحفظ أرواح السودانيين ويمنع تهجيرهم، وأن يقدم المجتمع الدولي الموارد المادية اللازمة لاحتواء النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية، سواء داخل السودان أو في دول الجوار طوال فترة النزاع، وتقديم آلية تضمن إعادة النازحين إلى موطنهم، وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم من جديد عند انتهاء النزاع.