المقالات
الإعلامُ الإسرائيليُ ودورهُ في الحربِ على غزةَ (الأهميةُ وآلياتُ العملِ)
- أبريل 22, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقدير موقف وحدة الشرق الأوسط
إعداد: آية أشرف
مقدمة
لَمْ تكنْ الحربُ الإعلامِيةُ التي شَنتهَا إسرائيلُ فِي أَعقَابِ السابعِ منْ أكتوبرَ أقلَّ شراسةً مِنْ حربهَا علَى الأرضِ فِي غزةَ، فالأَداةُ الإِعلاميةُ عادةً مَا تُعتبرُ السلاحَ الأدهَى والأبرزَ والأكثرَ فعاليةً فِي الترسانةِ الإسرائيليةِ وتتعمدُ عليه بشكلٍ محورِيٍّ فِي الدفاعِ عَنْ سرديتهَا المغلوطةِ حولَ القضيةِ الفلسطينيةِ والترويجِ لمظلوميتهَا عبرَ التاريخِ فِي سبيلِ الحصولِ على الشرعيةِ الدلِيةِ التِي تُمكنهَا مِنْ مَحْوِ الحقِّ الفلسطِينيِّ في الأرضِ بالقوةِ الصُّلبةِ والناعمةِ، وفي هذَا الإطارِ يسعَى هذَا التقرير إِلي إلقاءِ الضوءِ علَى دورِ الإعلامِ الإِسرائِيلِيِّ في حَربِ غَزةَ وأبرزِ الأساليبِ التِي يعملُ مِنْ خِلَالِهَا عَلَى تَشوِيهِ الواقِعِ وتُبيضِ المجازرِ والِانتهاكاتِ التِي تمارسُ ضِدَّ الفلسطِينيينَ وتقيمُ هذَا الدورَ بَينَ النجاح والفشلِ.
أهميةُ الأداةِ الإعلاميةِ بالنسبةِ لإسرائيلَ
منذُ اللحظاتِ الأولَى لولادةِ فكرةِ تأسيسِ وطنٍ قوميٍّ لليهودِ أَدركَ القائمونَ علَى هذَا المشروعِ أَهميةَ الأداةِ الإعلاميةِ في الحشدِ والتأثيرِ وتشكِيلِ الإِتجاهاتِ والسياساتِ لذلكَ عملُوا على تسخيرِ كافةِ المواردِ والجهودِ في تنميةِ أداةٍ إِعلامِيةٍ إسرائيليةٍ على درجَةٍ عاليةٍ منَ التطورِ وذاتِ قدراتٍ فائقةٍ في التأثيرِ تكونُ الساحةَ الأوليَ لطرْحِ السرديةِ الإِسرائيليةِ والدفاعِ عنهَا فِي الْمَنَابِرِ المختلفةِ على مستوىَ العالمِ، فبعدَ أَنْ طرحَ “هرتزل” فكرتهُ باتخاذِ فلسطينَ كوطنٍ ليهودِ العالمِ قامَ بِالتفرغِ التامِّ لِلترويجِ لهذهِ الفكرةِ في الأوساطِ الإعلاميةِ المختلفةِ بهدفِ الحصولِ علَى الموافقاتِ الدوليةِ لهِجرةِ اليهودِ لأرضِ المِيعادِ فِي الشرقِ الأوسطِ، فَقَدْ كانَ على ثقةٍ تامةٍ بأهميةِ وسائلِ الدعايةِ والإِعلامِ فِي تنفيذِ المخططِ الصهيونيِّ، كمَا أَصدرَ جرِيدٌ ناطقةً باسمِ الحركيةِ الصهيونِيةِ ” دي والت” وكتبَ فِي افتتاحيةِ أولِ أعدادِهَا “يجبُ عَلَى هذهِ الصحيفةِ أَنْ تكونَ وتتحولَ إِلَى درعٍ حاميةٍ للشعبِ اليهوديِّ وسلاحاً ضدَّ أَعداءهِ” هَذَا النهجُ الذي أَسسهُ “هرتزل” تبناهُ وأدركَ مدىَ تأثيرهِ كافةَ الساسةِ والمؤسسينَ لإسرائيلَ فنجدُ أَنَّ “بن جوريون” يرى دائمًا أَنَّ الإعلامَ هوَ الذِي أقامَ إسرائيلَ علَى الخريطةِ واستطاعَتْ إسرائيلُ منْ خلالهِ الحصولَ على الشرعيةِ الدوليةِ وتكريسَ جدارةِ وجودهَا قبلَ أَنْ تصبِحَ حقيقةً علَى أرضِ الواقعِ، وهوَ الأمرُ الذيِ يؤكدُ علَى أَنَّ الأداةَ الإعلامِيةَ عَمِلَتْ بشكلٍ كبيرٍ عَلَى تَسْوِيقِ وجُودِ إِسرائيلَ كحقيقةٍ واقعيةٍ وعملتْ بشكلٍ كَبيرٍ على صَبْغِ خططهَا للمِنطقةِ بصبغةِ مشروعةٍ دولياً.
الإعلامُ قبلَ الدولةِ
إِنَّ نظرةً فاحصةً لتاريخِ إسرائيلَ تثبتُ لنَا أَنَّ الأَدَاةَ الإِعلاميةَ بمثابةِ اللبنةِ الأوليَ لتأسيسِ إِسرائِيلَ بلْ إنهَا وُجدتْ قبلَ وجودِ إسرائيلَ وفي هَذَا الْإِطَارِ أَسستْ الحركةُ الصهيونيةُ إذاعةً موجهةً للشعبِ اليهوديِّ وتَولتْ طباعةَ 14 صحيفةً منهَا مازالتْ تمارسُ نشاطاً واسعًاً حَتَّى الآنَ أبرزهَا “هآرتسْ” “يدِيعوتْ احرونوتْ” وَ “معارِيفْ” فضلاً عنْ 4 صحفٍ أخرىَ تستهدفُ التأثيرَ في المحيطِ العربيِّ لإِسرائيلَ، وكذَلكَ تأسِيسُ “هيئةِ رؤساءِ تحرِيرِ الصحفِ” وهيَ هيئةٌ تتبعُ جهازِ الموسادِ وتعملُ على تَوجيهِ الرَّأْيِ الْعَامِّ مِنْ خلالِ وسائلِ الإعلامِ نحوَ السرديةِ الإسرائيليةِ..
وقدْ ساعدتْ الجذورُ الغربيةُ لإسرائيلَ التي تَزامنتْ معَ قدراتٍ مالِيةٍ وتكنولوجيَا هائلةٍ في وضعِ الأَداةِ الإِعلاميةِ والدعائيةِ الإسرائيليةِ في أعلَى مرتبةٍ لَمْ تتمكنْ أداةٌ إعلاميةٌ أخرىَ مِنَ الوصولِ إليهَا، وقدْ كانَ للدعمِ الغربيِّ غيرِ المَشروطِ دورٌ كبيرٌ فِي تحقِيقِ هذَا النجاحِ، وقدْ أفرزتْ هذهِ الأداةُ الإعلاميةُ ذاتُ الأثرِ الواسعِ آليةً دعائيةً متطورةً اعتمدتهَا إسرائيلُ كجزءٍ منَ استراتيجيتهَا على المستوىَ الدوليِّ آلا وهيَ “الهاسبارَا” وهيَ تعنِي الشرحَ وَالتفسيرَ والتوضيحَ وضعُ ملامحهَا ” ناحوم سوكولوف” أحدُ زعماءِ الحركةِ الصهيونيةِ فِي مطلعِ القرنِ لعشرينَ تعبرُ بشكلٍ عامٍّ عَنْ استراتيجيةٍ تواصلِيةٍ تَسعَى لشرحِ وتبريرِ الممارساتِ التِي ترتكبُهَا إسرائيلُ وهيَ نَهْجٌ دفاعيٌّ متجذرٌ بعمقٍ فِي العقيدةِ الإسرائيليةِ، فهِيَ تَعْمَلُ بمثابةِ تقنيةٍ دبلوماسيةٍ عامةٍ تسخرُ فيهَا كافةَ الجهودِ المعلوماتيةِ المضللةِ وربطهَا بطرِيقةٍ ما للأَهدافِ الاستراتيجيةِ لإسرائيلَ، وعليهِ فهيَ تعدُّ إحدَى جبهَاتِ الحروبِ الإِسرائيليةِ وتعملُ بشكلٍ أَسَاسِيٍّ عَلَى بنَاءِ الصورَةِ الإِيجابيةِ لإِسرائيلَ علَى المستوَى الدولِيِ ومكافحةِ كافةِ أَشكالِ الِانتِقادِ التِي تتعَرضُ لهَا السياسةُ الإسرائيليةُ وذلكَ مِنْ خلالِ حملَاتِ العلاقاتِ العامةِ التِي تديرُهَا “الهاسبارَا”
دورُ الإعلامِ الإسرائيليِ في حربِ غزةَ
تدركُ إِسرائيلُ بمَا لا يَدَعُ مجالاً للشكِّ أنَّ السيطرةَ على البيئةِ المعلوماتيةِ أَكثرُ أَهميةً وحسماً منَ السيطرةِ علَى البيئةِ العملياتِيةِ وهوَ ما ظهرَ واضحاً في حربِهَا فِي قطَاعِ غزةَ والتِي استخدمتْ فيهَا سلاحَ الإعلامِ جنباً إِلَى جنبٍ معَ الْمِدْفَعِيَّةِ وَالطيرانِ الحربيِّ وعمِلَتْ مِنْ خِلَالِهَا عَلَى بِنَاءِ الرُّوحِ الجماعيةِ وتوْجيهِ الرؤَى والتصورَاتِ علي المستَوَى الداخِليِّ والخارجِيِّ والتمسكِ بالخطَابِ الأمنيِّ وَالْعَسْكَرِيِّ بِشكلٍ راسِخٍ وذلكَ ليستْ قسراً بَلْ إيماناً منَ القائمينَ عَلَى المؤسساتِ الإعْلَاميَّةِ الإِسرائِيليِّ فِي إسرَائِيلَ وخارجهَا بهذهِ الِايدلوجيةِ التِي زرعهَا المؤسسونَ الأوائلُ لِإسرئِيلَ واختارَ هؤلاءِ الِاصطِفافَ جنباً إِلى جنْبٍ مَعَ السياسيينَ والعسكرينَ في خندقٍ واحدٍ تَحتَ شعَارِ “ننتصِرُ معاً “الامرُ الذِي جعلَ الصحفيَّ في إِسرائيلَ بمَثابةِ بندقيةٍ مدنيةٍ تحققُ ذاتَ الأهدافِ العسكرِيةِ التِي تَسعَى لتحقِيقهَا القِيادةُ السياسَةُ الأكثرُ تطرفاً فِي إِسْرَائِيلَ والعالمِ، ونادراً مَا تجِدُ الأصوَاتَ المعارضَةَ أَو المنتقدَةَ صدًى وتأْثيرَ فتقابلَ بالقمعِ والتهدِيدِ ومَنْعِ التمويلِ والإِعلاناتِ ممَّا جعَلَ الداخلَ الإِسرائيليَّ مغيباً تمامًاً عنْ حجمِ الدمارِ الهائلِ والكارثَةِ الإِنسانيةِ التي خلفهَا الجيشُ الإِسْرائيلِيُّ فِي غزةَ فَالصُّحُفُ وَالْمَجَلَّاتُ وَالبرامجُ لا تظهِرُ إِلا نَجاحاتِ الجيشِ المزعومةَ وَتَمْنَعُ طَرحَ أَيِّ حديثٍ عَنْ انتهاءِ الحربِ أو مسْتقبلِ ما بعدَ الحربِ.
ومنذُ اللحظاتِ الأولَى للحربِ كانَ الهدفُ الأساسيُّ والمعتادُ للإعلامِ في إسرائيليٍّ هوَ الإِسراعَ فِي إِيجَادِ أَسبابٍ مقنعَةٍ للمشاهِدِ وَالمسؤولِ الْغَرْبِيِّ فِي المَقَامِ الأولِ تبررُ بهَا تَدخلهَا السافِرَ فِي قطاعِ غَزةَ، وعليهِ قامتْ بِسردِ سَيلٍ مِنَ الحَقائِقِ المغلوطَةِ حولَ الوَضعِ فِي غزةَ وَجندتْ فِي سبِيلِ ذلكَ أَصواتاً ذاتَ تأثِيرٍ قَوِيٍّ على مستوَى وسائلِ الإِعلامِ التقلِيدِيةِ وغيرِ التقليديةِ، واعتَمدَتْ الحكومَةُ الإسرائِيلِيةُ عَلَى “الهاسبارَا” كسلَاح أَساسيٍّ منْ أجلِ السيطرَةِ والتحَكمِ بالرأيِ العامِّ العالمِيِّ وخَاصَّةً الغربيَّ التِي كادتْ أَنْ تفقدهُ كليةً فِي ظلِّ قوةِ ورسوخِ الْحَقِيقَةِ الفلسطينِيةِ، وفِي هذَا الإِطارِ قَامتْ “الْهَاسْبَارَا” بِمواجهةُ الْحَقِيقَةِ فِي غزةَ باستراتيجِيةِ المَظلومِيةِ المعتادَةِ التِي تقدمهَا في كلِّ مواجهةٍ معَ الفلسطِينِيينَ وتصويرِ ردِّ الفعلِ الفلسطينيِّ للِانْتهاكاتِ الإِسرائيليةِ عَلى أنهُ عنفٌ غَيرُ مُبَرَّرٍ ضدَّ اليهودِ ونوعٌ منْ أنوَاعِ معاداةِ السامِيةِ وتبرِيرِ هَذِهِ الِانتهاكاتِ علَى أَنهَا دفاعٌ عَنْ النفسِ ضدَّ التطرفِ والإرهابِ.
آلياتُ عملِ الأداةِ الإعلاميةِ الإسرائيليةِ في حربِ غزةَ
تطبيقاً للرؤيةِ الإسرائيليةِ فيمَا يتعلقُ بالصراعِ الفلسطينيِ الإسرائيليِ بشكلٍ عامٍ والحربِ في غزةَ على وجهِ التحديدِ تبنتْ وسائلُ الإعلامِ الإسرائيليةِ ووسائلُ إعلامِ الحلفاءِ عدداً منَ الآلياتِ التي تعملُ على تشويهِ الواقعِ وتزيفِ التاريخِ وتحريفِ المستقبلِ كانَ أهمُها:
التغطيةُ المنحرفةُ
تقومُ الأداةُ الإعلاميةُ الإسرائيليةُ بتشويهِ إطارِ المأساةِ التي يعيشُها أهاليِ قطاعِ غزةَ والفلسطينيينَ بشكلٍ عامٍ من خلالِ المعلوماتِ المضللةِ والسردياتِ غيرِ الموثوقةِ والخاطئةِ بلْ والمتناقضةُ في كثيرٍ منَ الأحيانِ وتصويرُ المأساةِ في غزةَ على أنَها هجومٌ إرهابيٌ أثارَ رداً مشروعاً، الأمرُ الذي أصبحَ فيمَا بعدُ سبباً كافياً للجهومٍ الإسرائيليٍ غيرِ المتكافئِ على سكانِ القطاعِ، فضلاً عن بثِ الشكوكِ والشائعاتِ وذلكَ منْ خلالِ العملِ بشكلٍ مستمرٍ على التشكيكُ في حقيقةِ المعاناةِ الفلسطينيةِ أمامَ المتلقيِ الغربيِ والمتلقيِ بشكلٍ عامٍ والعملِ على تشويهِ سمعةِ كافةِ المناصرينَ للموقفِ الفلسطينيِ والتشكيكِ في مصداقيتِهم، وبالتاليِ تعتمدُ بشكلٍ أساسيٍ على إغراقِ الفضاءِ المعلوماتيِ بكمٍّ غيرِ مسبوقٍ منَ المعلوماتِ الرسميةِ المضللةِ.
التأطيرُ الخاطئُ
وذلكَ منْ خلالِ تبنيِ سرديةٍ تعملُ على خلقِ مساواةٍ زائفةٍ بينَ طرفيِ الصراعِ فوصفُ ما يحدثُ في غزةَ من كارثةٍ ومأساةٍ إنسانيةٍ بمصطلحِ “حرب” يضعُ كلا الطرفينِ على قدمِ المساواةِ وهو أمرٌ غايةٌ في الخطورةِ خاصةً في ظلِّ عدمِ التوزانِ الكبيرِ بينَ الطرفينِ في الإمكانياتِ والقدراتِ والمواردِ على كافةِ المستوياتِ فضلاً عنْ عدمِ وضعِ أحداثِ السابعِ منْ أكتوبرَ في إطارِها المناسبِ الذي دفعَ لاندلاعِها منَ الأساسِ فوصفهَا الإعلامُ الإسرائيليُ والغربيُ بأنَها ” هجومٌ غيرُ مبررٍ” متجاهلينَ بذلكَ كافةَ الممارساتِ الإسرائيليةِ التي كانتْ بمثابةِ مقدمةٍ لاندلاعِ الغضبِ الفلسطينيِ فضلاً عن تجاهلِ أكثرَ منْ 75 عامٍ منَ المعاناةِ الفلسطينيةِ تحتَ وطأةِ قوىَ الاحتلالِ.
تجريدُ الطرفِ الفلسطينيِ منٍ إنسانيتهِ
تعمدتْ وسائلُ الإعلامِ الإسرائيليةِ والغربيةِ ممارسةَ أسلوبٍ انتقائيٍ في تقييمِ الوضعِ في غزةَ من خلالِ التغطيةِ أحاديةِ الجانبِ التي تهدفُ إلي استعطافِ الرأيِ العامِ وتصديرِ المظلوميةِ الإسرائيليةِ وتجاهلِ الفلسطينيينَ الأمرُ الذي يجعلُ استخدامَ العنفِ ضدهُم مبرراً بدونِ مسائلةٍ أو شعوٍر بالذنبِ من قبلِ الجهةِ الممارسةِ لهَذا العنفِ، فضلاً عنْ العملِ على تشويهِ صورةِ الفلسطينيينَ منْ خلالِ تصويرهِم على أساسِ أنهُم الطرفُ الأكثرُ همجيهً وعنفاً.
التلاعبُ بالألفاظِ
عملَ الإعلامُ الإسرائيليُ على انتقاءِ مجموعةٍ من الألفاظِ التي استخدمَها لتوجيهِ عقلِ المتلقِي وطمسِ الحقيقةِ الفلسطينيةِ فاستخدمَ عدداً منَ المصطلحاتِ مثلَ رئيسِ السلطةِ الفلسطينيةِ للإشارةِ للرئيسِ الفلسطينيِ، وجيشِ الدفاعِ بدلَ الجيشِ الإسرائيليِ، ومناطقِ الحكمِ الذاتيِ بدلَ الضفةِ الغربيةِ ويهودا والسامرةِ للإشارةِ للضفةِ وأورشليَم للحديثِ عنِ القدسِ، وحائطِ المبكَى لوصفِ حائطِ البراقِ، وجبلِ الهيكلِ في إشارةٍ إلى الأقصىَ، وإضافةً إلى وصفِ المقاومةِ بقنابلَ موقوتةٌ ومطاردينَ ومخربينَ ووصفِ المستوطنينَ بالمواطنينَ، واستخدامِ تعبيراتٍ كجدارٍ أمنيٍ لتبريرِ بناءِ جدارِ الضمِّ والتوسعِّ، وأحياءِ وبلداتٍ لوصفِ المستوطناتِ، والإدارةِ المدنيةِ للتمهيدِ لحكمِ سلطاتِ الاحتلالِ، والإحباطِ بدلاً من القتلِ، والإغلاقِ بدلاً منْ منعِ حريةِ الحركةِ وغيرهِ منَ المصطلحاتِ المختارةِ بعنايةٍ لتصديرِ صورةٍ إيجابيةٍ عنْ إسرائيلَ في الغربِ بمَا يضمنُ لهَا استمرارَ الدعمِ الدوليِ لهَا.
تبريرُ جرائمِ الحربِ
لا تسعىَ ألةُ الإعلامِ في إسرائيلَ إلى التضليلِ فحسبْ أو العملِ على منعِ وصولِ المعلومةِ الصحيحةِ بلْ تعكفُ إيضاً على إيجادِ مبرراتٍ للانتهاكاتِ الإسرائيليةِ تعملُ منْ خلالهِا على تصديِرِ اسرائيلَ على أنهَا ضحيةٌ للعنفِ بالرغمِ من دورِها كمُحتلٍ ولعلَّ أبرزَ هذه المبرراتِ هوَ تبريرُ القصفِ العشوائيِ للأحياءِ السكنيةِ في غزةَ على أنهُ مطاردةٌ لعناصرِ المقاومةِ التي تتخذُ منَ المدنيينَ دروعاً بشريةً وتصويرَ عناصرِ المقاومةِ على أنهَا تهديدٌ محوريٌ لأمنِ إسرائيلَ ومقارنتهِا بالنظامِ النازيِ أو تنظيمِ داعشَ، فضلاً عنْ تبريرِ معاناةِ الفلسطينيينَ على أنه تمثيلةٌ للأزمةِ في إطارِ ما أطلقتْ عليه “الباليووديةُ” وهيَ حاصلُ دمجِ كلمتيِ فلسطينَ وهوليودِ، فضلاً عن تبريرِ قصفِ المنشآتِ الصحيةِ بأنهَا مقراتُ قيادةِ حركةِ حماسَ ومركزُ عملياتهِا مما يبيحُ استهدافهَا منْ قِبلِ القواتِ الجويةِ الإسرائيليةِ ويجردُهَا منَ الحمايةِ القانونيةِ التي وفرهَا لهَا القانونُ الدوليُ .
وختامًا:
نجدُ أنَّ الأداةَ الإعلاميةَ مهدتْ لوجودِ إسرائيلَ وقبولهِا على المستوىَ الدوليِ قبلَ وجودِها الفعليِ على الخريطةِ السياسيةِ للعالمِ، ويُلاحظُ بشكلٍ موثوقٍ أن الأداةَ الإعلاميةَ الاسرائيليةَ لم توجهْ قسرياً لخدمةِ مصالحِ الدولةِ والحكومةِ بلْ إنَّ الإعلامَ الإسرائيليَ مجندٌ طوعاً لخدمةِ السرديةِ الإسرائيليةِ المغلوطةِ والترويجِ لهَا عالمياً والدفاعِ عنَها بشكلٍ مستميتٍ وتبريرِ كافةِ الممارساتِ والانتهاكاتِ التي تُرتكبُ ضدَّ الفلسطينيينَ خاصةً في حالاتِ الحروبِ والمواجهاتِ التي يُرفعُ فيها شعارٌ موحدٌ وهو ” لنلتزمَ الصمتَ يوجدُ إطلاقُ نارٍ” ومنْ خلالِ هذا الشعارِ تعملُ الأداةُ الإعلاميةُ في خدمةِ الأهدافِ العسكريةِ للحكومةِ الإسرائيليةِ والمشروعِ الصهيونيِ في فلسطينَ بشكلٍ عامٍ، وتدركُ الحكوماتُ الإسرائيليةُ المتعاقبةُ أنَّ آلةَ الدعايةِ القويةِ تضمنُ لهَا مواجهةَ الإدانةِ العامةِ الحتمية والتضامنِ الدوليِ معَ الشعبِ الفلسطينيِ، إلا أنهُ بالرغمِ ممَا سبقَ عرضهُ نجدُ أنَّ الحربَ في غزةَ وما ترتبَ عليَها منْ تنافسِ سردياتٍ اعتمدَ على قوةِ الأداةِ الإعلاميةِ لدىَ طرفيِ الصراعِ أثبتَ بشكلٍ كبيرٍ فشلَ إسرائيلَ في المعركةِ الإعلاميةِ والمعلوماتيةِ بشكلٍ أكبرَ فداحةً فشلَها في المعركةِ العملياتيةِ وذلكَ نتيجةَ عدةِ أسبابٍ أهمُا التعاليِ الإسرائيلُ والنظرُ للفلسطينيينَ والعربِ بشكلٍ عامٍ منْ منظورٍ دونيٍ يُصورهُم بشكلِ شخصٍ غيرِ قادرٍ على الإبداعِ فاقدٍ للعقليةِ المبتكرةِ القادرةِ على التعاملِ معَ تطوراتِ العصرِ الرقميِ، بالإضافةِ إلى أدواتِ الإعلامِ غيرِ التقليديِ التي ساهمتْ بشكلٍ كبيرٍ في دحضِ وتفنيدِ الروايةِ الإسرائيليةِ.
قائمة المراجع
الجزيرة، 2024، الهاسبارا رأس حربة الدعاية الإسرائيلية لتوجيه الرأي العام العالمي، متوفر على: https://www.ajnet.me
الجزيرة، 2024، كيف تجند الإعلام الإسرائيلي طوعاً في الحرب على غزة، متوفر على: https://www.ajnet.me
خميس، سحر، 2023، مأساة غزة في العلام الغربي بين حرب السرديات والتغطية البديلة، مجلس الشرق الأوسط للشئون الدولية، متوفر على: https://mecouncil.org
زبون، كفاح، 2017، الإعلام الإسرائيلي قوة التأثير وأنماط الاستقطاب، الشرق الأوسط، متوفر على: https://aawsat.com
صندي، وفاء، 2024، إسرائيل وحرب الإعلام، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، متوفر على: https://ecss.com.eg
فرح، مريم، 2023، الإعلام الإسرائيلي ودوره في الحرب في صناعة الإجماع، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، متوفر على: https://www.madarcenter.org
فوزي محمد، 2024، كيف تم توظيف الصورة في كسلاح في حرب غزة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، متوفر على: https://acpss.ahram.org.eg
كيني، طارق، 2024، ماكينة التضليل الإعلامي سلاح في ترسانة إسرائيل، شبكة السياسات الفلسطينية، متوفر على: https://al-shabaka.org
معروف، عبد الله، 2023، لماذا لا تزال الرسالة الإعلامية الإسرائيلية فاشلة المحتوى، الجزيرة، متوفر على: https://www.ajnet.me