المقالات
أزمةٌ جديدةٌ بينَ الجزائرِ والنيجرِ : ماهي ملامحُها؟
- أبريل 22, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقدير موقف وحدة الدراسات الأفريقية
إعداد: ريهام محمد
بعدَ فترةٍ منَ الهدوءِ في العلاقاتِ بينَ الجزائرِ والنيجرِ، فجرتْ قضيةُ المهاجرينَ غيرِ النظاميين توترًا جديدًا، وبرزتْ الخلافاتُ بينَ الجارينِ إلى الواجهةِ منْ جديدٍ، حيثُ استدعتْ سلطاتُ نيامي السفيرَ الجزائريَ لديهَا مساءً الخميسَ ٦ أبريل الجاريَ، لإبلاغهِ احتجاجَها على مَا وصفتهُ بالطريقةِ غيرِ اللائقةِ التيِ تعاملتْ بها السلطاتُ الجزائريةُ معَ مُواطنِيها أثناءَ عمليةِ تَرحيلهِم، على خلفيةِ خُطوةٍ مُماثلةٍ منْ نياميِ قبلَ أيامٍ بسببِ مَلفِ تَرحيلِ مهاجرينَ غيرِ نظاميينَ، في قرارٍ يُنذرُ بصفحةٍ جديدةٍ منَ الأزمةِ بينَ البلدينِ الجَارينِ.
الجزائرُ والنيجرُ جوارٌ جغرافيٌ ومصالحُ اقتصاديةٌ:
تُعدُ دولةُ النيجرِ المُحاذيةُ لحدودِ الجزائرِ الجنوبيةِ الصحراويةِ على طولِ 956 كم مربعاً، واحدةً منَ المحاورِ الهامةِ التي تعملُ الجزائرُ على بناءِ علاقةِ ثقةٍ وتعاونٍ اقتصاديٍ، حيثُ ترتبطُ الجزائرُ معَ النيجرِ بمصالحَ استراتيجيةٍ؛ ذلكَ أنهُما تَشتركانِ في شَريطٍ حدوديٍ يبلغُ طولهُ نحوَ ألفِ كم مربعٍ، ممَا يحتّمُ على الجزائرِ حشدَ إمكانياتٍ ضخمةٍ لتأمينِ حدودهِا منَ المظاهرِ المسلحةِ وعصاباتِ التهريبِ والهجرةِ غيرِ النظاميةِ، كمَا تمثلُ النيجرُ جزءاً منَ الطريقِ البريِ الأفريقيِ الذيِ تقترحهُ الجزائرُ، ومنْ مشروعِ الغازِ الأفريقيِ، فضلاً عنْ مشروعيِ استغلالِ النفطِ في شمالِ النيجرِ، ومدِّ الأليافِ البصريةِ للاتصالاتِ.
وترتبطُ مصالحُ الجزائرِ الاقتصاديةِ بالنيجرِ عبرَ بناءِ منطقةِ تبادلٍ تِجاريٍ لتَعزيزِ تَسويقِ المنتجاتِ الجزائريةِ وتزايدِ المُبادلاتِ التجاريةِ، وتشكلُ النيجرُ معبراً مهماً للصادراتِ الجزائريةِ إلى العُمقِ الأفريقيِ، وخصوصاً دولَ غربيَ أفريقياِ.
المصالحُ الاقتصاديةُ بينَ البلدينِ :
زادَ الاهتمامُ بدولِ الجنوبِ في حركةِ الصادراتِ الجزائريةِ عقِبَ تأزمِ الموقفِ معَ الرباطِ، علاوةً على المشاريعِ الاستراتيجيةِ الجامعةِ بينهَما، وفي مقدمتِها أُنبوبُ الغازِ الجزائريِ النيجريِ المارُّ عبرَ أراضيِ النيجرِ، في إطارِ مُعادلةِ التنافسِ الإقليميِ المغربيِ الجزائريِ.
مشروعُ الغازِ النيجيريِ الجزائريِ:
وقعتْ كلٌّ منَ الجزائرِ ونيجيريا والنيجرِ اتفاقاً على تدشينِ خطِ غازٍ عبرَ الصحراءِ في يوليو 2022، والذي يُنظرُ إليهِ كمشروعٍ استراتيجيٍ للقارةِ الإفريقيةِ بحُكمِ التأثيرِ الواضحِ الذي سيُحدثهُ على التنميةِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ لجميعِ مناطقِ العبورِ، ويربطُ مشروعُ أنبوبِ الغازِ العابرِ للصحراءِ الدولَ الثلاثَ بطولٍ إجماليٍ 4128 كيلومترا منها 1037 كيلومتراً داخلَ الأراضي النيجيرية و 841 كيلومترا في النيجر و 2310 كيلومتراً في الجزائرِ، وسيربطُ الأنبوبُ حقولَ الغازِ بنيجيريا انطلاقاً منْ واريِ بنهرِ النيجرِ بالشبكةِ الجزائريةِ، ليتمَ تسويقُ الغازِ النيجيريِ خاصةً في الأسواقِ الاوروبيةِ، بمَا سيسمحُ من خلالِه بالقضاءِ على الحاجةِ المُلحةِ للطاقةِ منْ خلالِ تزويدِ مناطقِ العبورِ في دولةِ النيجرِ بالغازِ الطبيعيِ، مع خَلقِ فرصِ عملٍ هامةٍ للسكانِ، ومؤخرًا؛ تمَّ الاتفاقُ بينَ الجزائرِ ونيجيريَا خلالَ الفترةِ الراهنةِ، على استئنافِ المشروعِ بينهمَا والذي تعطّلَ بسببِ الاضطراباتِ السياسيةِ الأخيرةِ في النيجرِ.
مشروعُ الطريقِ العابر ِللصحراءِ:
والذي خصّصتْ له الجزائرُ، منذُ بدايةِ إنجازهِ، غلافاً مالياً قدرهُ 300 مليارِ دينارٍ جزائريٍ ( 2,6 مليارِ دولارٍ) منْ موازنةِ الدولةِ، ويُعرفُ بطريقِ (الجزائرِ-لاغوسَ) الممتدِ منْ لاغوسَ النيجيريةِ إلى الجزائرِ العاصمةِ لربطِ غربِ أفريقيِا بشمالِ أفريقيِا، على مسافةِ 2400 كم عابرًا لدولةِ النيجرِ، وهو جزءٌ منٍ مشروعِ شبكةِ طرقٍ تربطُ ستةَ بلدانٍ أفريقيةٍ (الجزائر، مالي، النيجر، التشاد، موريتانيا، نيجيريا)، ويُعتبرُ بنيةّ أساسيةً في قلبِ رهاناتٍ اقتصاديةٍ، واجتماعيةٍ وسياسةٍ عامةٍ في جميعِ أنحاءِ القارةِ الإفريقيةِ، كمَا يُعدُ هذَا الطريقُ ضرورياً لبروزِ منطقةِ التجارةِ الحرةِ القارّيةِ الأفريقيةِ، وحلقةَ وصلٍ هامةٍ في شبكةِ الطُرقاتِ الإفريقيةِ التي هيَ على وشكِ الاكتمالِ، والتيِ تضمُ 9 طرقٍ رئيسيةٍ لربطِ جميعِ عواصمِ الاتحادِ الإفريقيِ، بمَا منحَ المشروعَ الصفةَ الاستراتيجيةَ القاريةَ، خاصةً وأنهُ يَجريِ تهيئتهُ ليكونَ في جُزئهِ الجزائريِ طريقًا سريعًا شمالًا وجنوبًا إلى غايةِ الحدودِ الجزائريةِ معَ دولةِ النيجرِ، و منْ ثمَّ يهدفُ المشروعُ إلى تَحقيقِ التكاملِ الإقليميِ وتعزيزِ التجارةِ بينَ شمالِ وجنوبِ الصحراءِ.
التعاونُ الطاقويُ:
منْ جانبٍ آخرَ يَحظىَ التعاونُ الطاقويُ بينَ البلدينِ بأهميةٍ بارزةٍ، فمنذُ ثلاثِ سنواتٍ، أعلنَ مجلسُ الوزراءِ النيجريِ أنَّ شركةَ “سوناطراك” اكتشفتْ بجهدهِا الفرديِ الخاصِ حوضاً نفطياً جديداً في منطقةِ “كفرا” على الحدودِ بينَ النيجرِ والجزائرِ، ضمنَ اتفاقيةِ تقاسمِ الإنتاجِ الموقّعةِ في 2015، ومنْ ثَمّ تَمَّ توقيعُ استثماراتِ الشركةِ الوطنيةِ “سوناطراك” المملوكةِ للحكومةِ الجزائريةِ في النيجرِ، اتفاقيةً معَ وزارةِ الطاقةِ النيجريةِ مطلعَ عامِ 2022م لتقاسمِ الإنتاجِ في حقلِ “كفرا” الواقعِ في شمالِ النيجرِ.
وعليهِ فإنَّ تلكَ المشاريعُ العملاقةُ سمحتْ بتعزيزِ العلاقاتِ الثنائيةِ بينَ الجزائرِ والنيجرِ بشكلٍ استراتيجيٍ، بحيثُ يكونُ لهَا تداعياتٌ وانعكاساتٌ على التنميةِ الاجتماعيةِ.
الهجرةُ غيرُ الشرعيةِ كأبرزِ التحدياتِ الأمنيةِ التي تجمعُ بينَ الدولتينِ:
تتصدرُ التحدياتُ الأمنيةُ طَاولةَ لقاءاتِ المسئولينَ الجزائريينَ والنيجيريينَ، فعلى اعتبارِ الامتدادِ الحدوديِ الواسعِ لأكثرَ منْ ألفِ كيلومترٍ الذيِ يُعدُ أكثرَ المناطقِ التي تنتشرُ بهَا الجماعاتُ الإرهابيةُ وتجارُ المخدراتِ في منطقةِ الساحلِ، كانتٍ الجزائرُ دائمًا ما تسعىَ نحوَ إقامةِ علاقاتٍ أمنيةٍ مَتينةٍ مع النيجرِ، على الصعيدينِ الجماعيِ او الثُنائيِ عبرَ تبادلِ المعلوماتِ بشكلٍ مُكثفٍ وآنيٍ، وقد ساهمتْ الأوضاعُ المترديةُ في كلٍ منْ ماليِ وليبَيا في توحيدِ جهودهمِا المشتركةِ، حيثُ وقعا الطرفانِ (الجزائر والنيجر) اتفاقًا عسكرياً قبلَ أشهرٍ تضمنَ تسييرَ دورياتٍ عسكريةٍ مشتركةٍ على الحدودِ المشتركةِ بينَ البلدينِ، وبرزتْ تحدياتُ الهجرةِ غيرِ الشرعيةِ وحركاتِ التهريبِ والاتجارِ بالبشرِ التي تنشط ُفي منطقةِ الساحلِ الإفريقيِ كأحدِ أهمِّ المخاطرِ التي تواجهُ البلدينِ، الأمرُ الذي استدعيَ تعزيزَ الروابطِ والتعاونِ والمصالحِ المشتركةِ لتقليلِ هذهِ المخاطرِ التي تهددُ البلدينِ ، وتزيدُ من العبءِ على القواتِ الوطنيةِ المتواجدةِ على الحدودِ وتزيدُ من تكاليفِ حفظِ الأمنِ القوميِ.
كمَا تُواجهُ الجزائرُ منذُ الأزمَاتِ المتتاليةِ التِي عرفتهَا دولُ الساحلِ عقبَ الفوضَى التِي عمتْ المنطقةَ بعدَ الإِطاحةِ بنظامِ القذافِي، تدفقًا كبيراً عَلَى حدودهَا الجنوبيةِ منْ مالِي والنيجرِ ومنْ جنسياتٍ أَفريقيةٍ أخرىَ تدخلُ عبرَ هاتينِ الدولتينِ، وتحولتْ الجزائِرُ في السنواتِ الأخيرةِ مِنْ دولةِ عبورٍ إلى دولةٍ مستقرٍّ، فيمَا بدىَ الوضعُ في الفترةِ الأخيرةِ يزدادُ استفحالًا بعدَ إلغاءِ السلطاتِ العسكريةِ فِي النيجرِ لقانونِ تجريمِ تهرِيبِ الأشخاصِ عبرَ الحدودِ، فِي نوفمبرَ الماضي، وزادتْ التوقعاتُ إثرَ ذلكَ حولَ عبورِ أعدادٍ كبيرَةٍ منَ المهاجرينَ غيرِ النظاميينَ، إِلَى الجزائِرِ وليبيَا، انطلاقاً منْ مدينةِ أغاديزَ بوسطِ شمالِ النيجرِ.
وعلى خلفيةِ ملفِ الهجرةِ غيرِ الشرعيةِ يمكنُ الإشارةُ إلى الارتباكِ الدبلوماسيِ بينَ الدولتينِ في معالجةِ ملفِ الهجرةِ، حيثُ استدعتْ وزارةُ الخارجيةِ الجزائريةِ يومَ الخميسِ الموافقِ ٤ أبريلَ الجاريِ، سفيرَ النيجرِ لديهَا “أمينو مالام مانزو”، على خلفيةِ خطوةٍ مماثلةٍ منْ نيامي قبلَ أيامٍ بسببِ ملفِ ترحيلِ مهاجرينَ غيرِ نظاميينَ، في قرارٍ يُنذرُ بصفحةٍ جديدةٍ منَ الأزمةِ بينَ البلدينِ الجارينِ، ويؤثرُ على فقدانِ الجزائرِ نفوذَها في محيطِها الساحليِ، فالجديرُ بالذكرِ أنَّ الجزائرَ باتتْ في السنواتِ الأخيرةِ وُجهةً مفضلةً للمهاجرينَ غيرِ النظاميينَ منْ غربِ أفريقيِا ووسطِها، حيثُ رُحلَّ عشراتُ الآلافِ منهم منذ عام 2014، وفقا للمنظمة الدولية للهجرةِ، وفي ردِّ فعلٍ عنيفٍ، استدعتْ حكومةُ النظامِ العسكريِ النيجريِ السفيرَ الجزائريَ لإبلاغهِ احتجاجَها على مَا وصفتهُ بالطريقةِ غيرِ اللائقةِ التي تكونُ قدْ تعاملتْ بهَا السلطاتُ الجزائريةُ معَ مواطنيِها أثناءَ عمليةِ الإعادةِ والإبعادِ لآلافِ المهاجرينَ منْ غربِ إفريقِيا منَ الجزائرِ إلى النيجرِ، وأوضحتْ الخارجيةُ الجزائريةُ يومَ السبتِ الموافقِ ٦ أبريلَ، في بيانٍ لهَا أكدتْ خلالهُ على تمسكِ الجزائرِ بالقواعدِ الأساسيةِ لحُسنِ الجوارِ، وأشارتْ إلى وجودِ إطارٍ ثنائيٌ مخصصٍ لهذهِ المسألةِ.
ورغمَ نفيِ الجزائرِ المستمرِ، يذكرُ أنهُ سبقَ أنْ أدانتْ منظماتٌ غيرُ حكوميةٍ منْ بينَها منظمةُ أطباءٍ بلاَ حدودٍ والعفوِ الدوليةِ في فبرايرَ ٢٠١٨م بـ ”المعاملةِ اللاإنسانيةِ” التيِ يتعرضُ لهَا المهاجرونَ منْ غربِ افريقِيا نحوَ أوروبَا، الذين يُعاد حوالى 2000 منهم شهرياً في المتوسطِ من الجزائرِ وليبَيا إلى النيجرِ المجاورةِ.
موقفُ الجزائرِ من أزمةِ النيجرِ:
لا تعتبرُ الأزمةُ الدبلوماسيةُ سابقةً، فقدْ اتسمتْ العلاقةُ بينَ الجزائرِ ونياميِ بالفُتورِ منذُ وقوعِ الانقلابِ العسكريِ في النيجرِ يومَ 26 يوليو 2023، حيثُ برزتْ الخلافاتُ بينَ الجارينِ إلى الواجهةِ في تلكَ الفترةِ، فيُذكرُ أنَّ الجزائرَ قدْ اتخذتْ موقفًا متوازناً منذُ بدايةِ الأزمةِ تمثلَ في دعمِها لشرعيةِ الرئيسِ السابقِ محمد بازوم، ورفضتْ أيَّ تدخلٍ عسكريٍ في النيجرِ التي ترتبطُ معهَا بحدودٍ جنوبيةٍ طويلةٍ تقدرُ مسافتُها بحواليِ 951 كيلومترٍ، في الوقتِ نفسهِ نددتْ الجزائرُ بالانقلابِ العسكريِ ضدَّ بازوم في النيجر، الأمرُ الذي استدعىَ من الجزائرِ بحكمِ ما تتمتعُ بهِ من ثِقَلٍ إقليميٍ في منطقةِ الساحلِ الإفريقيِ، الدخولَ وبقوةٍ على مسارِ الأزمةِ منْ بابِ الوساطةِ الدبلوماسيةِ، محاولةً منعَ انزلاقِ جارتِها الى الحربِ التي خيمتْ على مسارِ الأزمةِ، وأطلقَ تبون، في أغسطسَ الماضيِ مبادرةً سياسيةً لحلِّ الأزمةِ في النيجرِ، بمَا يضمنُ احترامَ مبدأِ عدمِ شرعيةِ التغييراتِ غيرِ الدستوريةِ ، ورغبةً في منعِ أيِّ تدخلٍ عسكريٍ أجنبيٍ وتعزيزِ الحلِ الدبلوماسيِ للأزمةِ، واقترحَ تبون فترةً انتقاليةً لمدةِ ستةِ أشهرٍ بقيادةِ مدنيينَ، الأمرُ الذي رفضتهُ بشكلٍ قاطعٍ سلطاتُ النيجرِ.
وجديرٌ بالذكرِ أنَّ الجزائرَ قد اعتمدتْ خلالَ مبادرتِها التي قدمتَها لحلحلةَ الأزمةِ في النيجرِ على تفعيلِ الحلِّ السياسيِ التفاوضيِ للأزمةِ، واستندتْ في ذلكَ على خبراتهِا السابقةِ في معالجةِ أزماتٍ مشابهةٍ؛ بعضِها حدثتْ في النيجرِ نفسِها التي تعرضتْ لخمسةِ انقلاباتٍ لعبتْ فيها الجزائرُ دورَ الوسيطِ بينَ أطرافِ الأزمةِ، والبعضِ الآخرَ في دولٍ مركزيةٍ أخرىَ في منطقةِ الساحلِ كانَ أبرزُها ماليِ.
وجاءَ الردُ النيجريُ على تلكَ الوساطةِ، بعدَ إعلانِ وزارةِ الخارجيةِ الجزائريةِ عنْ توصلِها بردٍ رسميٍ منْ نظيرتِها النيجريةِ تتعلقُ بقبولِ الوساطةِ الجزائريةِ، والمبادرةِ المقترحةِ منَ الجانبِ الجزائريِ، فكذّبَ المجلسُ العسكريُ الحاكمُ في النيجرِ قبولَ هذهِ الوساطةِ، معرباً عنْ تفاجئهِ ورفضهِ لمَا وردَ في البيانِ الجزائريِ، ومنْ ثمَّ غدتْ سابقةً دبلوماسيةً لم تجني ثمارَها تُضافُ إلى سجلِ الجزائرِ.
وفي أكتوبرَ الماضيِ، وجّهَ رئيسُ الوزراءِ الانتقاليِ “علي محمد لمين زيني”، المعينُ منْ قِبلِ المجلسِ العسكريِ النيجيريِ، كلماتٍ شديدةَ اللهجةِ ضدَّ الجزائرِ، واتهمَها بالرغبةِ في التلاعبِ بالسلطةِ الجديدةِ في النيجرِ، التي رفضتْ الوساطةَ الجزائريةَ.
وفي أغسطسَ الماضيِ، أكدَّ الرئيسُ الجزائريُ “تبون” على أنَّ دولتَهُ لا تسعىَ ابدًا الى أنْ تفرضَ نفسَها على دولِ الجوارِ خاصةً النيجرَ ومالي وأنَّ الجزائرَ مستعدةٌ لمساعدتهِم في إيجادِ حلولٍ للأزماتِ الاقتصاديةِ والأمنيةِ والسياسيةِ، وكانتْ الجزائرُ قد رفضتْ عقوباتِ إكواسَ على النيجرِ، ونددتْ بالتدخلاتِ غيرِ الأفريقيةِ في الأزماتِ في منطقةِ الساحلِ الصحراويِ.
وختامًا:
يمكنُ القولُ أنهُ على الصعيدِ الدبلوماسيِ؛ دائمًا ما تحاولُ الجزائرُ إيجادَ حلولٍ للأزماتِ الموجودةِ في منطقةِ الساحلِ، لأن الجزائرَ تعتبرُ ما يحدثُ بمنطقةِ الساحلِ بمثابةِ تهديدٍ لأمنهِا بسببِ وجودِ جماعاتٍ إرهابيةٍ متشددةٍ والاتجارِ بالأسلحةِ والمخدراتِ وغيرِ ذلكَ، وهذه ظواهرُ بحسبِ السلطاتِ لصيقةٍ بالهجرةِ غيرِ الشرعيةِ، ومعَ ما يحدثُ من توترٍ يمكنُ القولُ ثمتَ انذارٍ حقيقيٍ ببوادرِ أزمةٍ دبلوماسيةٍ بينَ الجزائرِ والنيجرِ من جديدٍ، ومعَ الاستدعاءِ المتكررِ للسفيرِ الجزائريِ، فإنَّ الجزائر، التي تعاني من أزمة مع العديد من الدولَ المجاورةَ لهَا (المغرب وإسبانيا ومالي والنيجر)، ودولَ بعيدةً مثلَ الإماراتِ العربيةِ المتحدة ِوجمهوريةِ الكونغو الديمقراطيةِ، تعمقُ أزمةَ النظامِ الجزائريِ وعزلتَهُ.
المراجع:
سيف الدين قداش، “نحو علاقات اقتصادية أكبر بين الجزائر والنيجر”، جريدة الاقتصادي، مايو ٢٠٢٢. https://rb.gy/hkjcrd
صافيناز محمد، “الجزائر وأزمة النيجر.. الوساطة الدبلوماسية بين الفرص والتحديات”، جريدة الأهرام، سبتمبر ٢٠٢٣.
https://acpss.ahram.org.eg/News/20989.aspx
فايزة سايح، “الجزائر والنيجر..علاقات استراتيجية عززتها التحديات الأمنية والرهانات الاقتصادية”، الجزائر اليوم، يوليو ٢٠٢٣. https://rb.gy/jxtbkj
محمد ولد البواه،”عنصرية الدولة الجزائرية يعمق الأزمة مع النيجر”، موقع Le360، أبريل ٢٠٢٤.