إعداد: ريهام محمد
جَدّدَ حَدِيثُ شرِكَةِ “روساتوم” الحكومِيةِ الروسِيةِ للطَّاقَةِ النووِيةِ عَنْ مخططٍ لتطوِيرِ المَمرِ المِلَاحِيِّ “بَحرِ الشَّمَالِ”، المخَاوفَ بشَأنِ تَأثِيرِ الْمَمَرِّ الشَّمَالِيِّ لِلْمِلَاحَةِ الذي يَمتدُّ عَبْرَ القُطبِ الشَّمَالِيِّ، ويَربطُ المحِيطينَ الهاديَ والأَطلَسيِ، عَلَى “قَنَاةِ السوَيسِ” المِصْرِيَّةِ، الممَرِ الرئِيسِيِ للتجَارةِ بَينَ آسيا وأوروبَّا، وقَدْ تصاعدَ الْحَدِيثُ مؤخرًا عَنْ بَدَائِلَ لقنَاةِ السويسِ فِي ظِلِّ التَّوَتُّرَاتِ الأَخِيرَةِ في البحرِ الأَحمرِ، إِثْرَ هَجَمَاتٍ نَفذتهَا جماعَةُ “الحوثِي” اليَمَنِيةُ عَلَى السُّفُنِ الْمَارَّةِ فِي مَضِيقِ بَابِ الْمَنْدَبِ مُنْذُ نوفمبرَ الماضِي، تزامنًا مَعَ الحَربِ فِي غَزةَ، وَدَفَعَ هَذَا التَّوَترُ شَرِكَاتِ الشحنِ للبَحثِ عَنْ مَمَرَّاتٍ بَدِيلَةٍ، جَرَّاءَ التوَترِ المُتَصَاعِدِ فِي البَحرِ الأَحْمَرِ،
فمَاهيَ تَفاصيلُ المشروعِ؟ وما دوافعُ روسياَ مِنْ تطويرهِ ؟ وهلْ سيكونُ بديلًا لقناةِ السويسِ؟
تفاصيلُ المشروعِ الروسيِ المِلاحيِ “ممرُ بحرِ الشمالِ”:
منذُ اندلاعِ الحربِ الروسيةِ الأوكرانيةِ في فبرايرَ 2022، بدأتْ غالبيةُ الدولِ الآسيويةِ والأوروبيةِ وبعضُ دولِ الشرقِ الأوسط،ِ وحتىَ روسيا ذاتِها، في البحثِ عن بدائلَ جديدةٍ لطرقِ وممراتِ عبورِ التجارةِ، وبرزَ في هذا الإطارِ دورٌ فعَّالٌ لما عُرفَ ب “ممرِ بحرِ الشمالِ” الملاحي، وفي هذا الإطارِِ؛ أطلقتْ شركةُ “روساتوم” الحكوميةُ الروسيةُ للطاقةِ النوويةِ في أكتوبرَ الماضيِ، مشروعاً مشتركاً برأسمالٍ 10.3 مليون دولار معَ شركةِ موانئ دبيِ الإماراتية؛ لتطويرِ شَحنِ الحاوياتِ البحريةِ عبرَ الممرِ البحريِ الشماليِ، الذي يمتدُ منْ “مورمانسك” بالقربِ منْ حدودِ روسيَا معَ النرويجِ إلى مَضيقِ “بيرنج” بالقربِ من ألاسكا،
ويربط المحيطينِ الأطلسيِ والهاديِ، ويَعتزمُ الشريكانِ تنفيذَ برنامجٍ طويلِ الأجلِ لشحنِ البضائعِ بواسطةِ الحاوياتِ عبرَ ممرِ الملاحةِ الشماليِ الروسي، بحسبِ تصريحاتِ المديرِ العامِ لشركةِ “روساتوم” أليكسيِ ليخاتشوف، يومَ الجمعة ٢٩ مارس الماضي، والجديرُ بالذكرِ انَّ موسكو قَد أعلنتْ في أكتوبرَ الماضيِ عنْ وصولِ أولِ سفينةٍ من الصينِ عَنْ طريقِ “بحرِ الشمال” دونَ تحديدِ ماهيةِ الشاحنةِ.
ويُعدُ ممرُ الملاحةِ الشماليِ، الذي يبلغُ طولهُ 5556 كيلومترًا، هو أقصرُ طريقٍ مائيٍ بينَ الجزءِ الأوروبيِ من روسيا والشرقِ الأقصىَ، ويقعُ بالكاملِ داخلَ المياهِ الإقليميةِ والمنطقةِ الاقتصاديةِ الخاصةِ لروسيا، وتعملُ روسيا على تطويرِ ممرِ الملاحةِ الشماليِ منذُ سنواتٍ عدة،ٍ فعادةً يكونُ هذا الممرُ متاحاً فقط في الصيفِ، لكنَّ عمليةََ الاحتباسِ الحرارىِ، التي تسارعتْ بنهايةِ القرنِ العشرينَ، منحتْ كاسحاتِ الجليدِ فرصةً للإبحارِ عبرَ هذا الممرِ على مدارِ السنةِ، وهو ما جعلَ البعضُ يتحدثُ عن إمكانيةِ استخدامهِ كبديلٍ لقناةِ السويسِ، التي تبحرُ من خلالهَا سفنُ الشحنِ المقبلةِ من دولِ شرقِ آسيا مثلَ الصينِ واليابانِ إلى أوروبا. وكانَ للغازِ الطبيعيِ المسالِ والنفطِ النصيبُ الأكبرُ منْ إجماليِ بضائعِ الترانزيتِ التيِ تمَّ نقلهُا عبرَ الممرِ.
كما انَّ المشروعَ سيكونُ مملوكًا بنسبةِ 51 في المئة لوحدةٍ تابعةٍ لشركةِ روساتوم (مشغلُ البنيةِ التحتيةِ للممرِ البحري الشمالي منذ ٢٠١٨) و49 بالمئةِ للوحدةِ الروسيةِ التابعةِ لشركةِ موانئِ دبيِ العالميةِ، كمَا يوفرُ الممرُ الشماليُ ما يَصلُ إلى 19 يومًا من وقتِ الرحلةِ بينَ جنوبِ شرقِ آسيا وشمال غرب أوروبا، ووفقًا للدراسات، فإنَّ ثلثَ تَدفقاتِ التِجارةِ العالميةِ تتمُ بين القارتينِ، ومنْ ثَمّ فسيقللُ توفيرُ وقتِ الشحنِ بشكلٍ كبيرٍ مِنَ انبعاثاتِ ثاني أكسيد الكربون، وعلى نحوٍ حاسمٍ، لا يمثلُ عرضُ السُفنِ أو طولُها أو طريقةُ سحبِها مشكلةً على طولِ ممرِ العبورِ الشماليِ، وبحسبِ التوقعاتِ، فإنٌَ شحنَ البضائعِ عبرَ الممرِ بلغَ العامَ الماضي 2023 نحو 36 مليون طن، بما يمكنُّ منْ زيادةِ التوقعاتِ بارتفاعهِ هذا العام ِإلى 72 مليونَ طن، وإلى 194 مليونَ طنٍ بحلولِ العامِ 2030.
التحدياتُ التي تواجهُ الممرَ الملاحيَ:
لا يزال تسويقُ الممرِ الشماليِ البحريِ يواجهُ العديدَ من التحدياتِ حاليًا، ومنها ان الممرَ يمثلُ طريقاً موسمياً، أي إنه سيعملُ في شهورِ فصلِ الصيفِ، ولن يكونَ مُتاحًا العملُ عنْ طريقهِ في فصل الشتاء، فكي يعمل في فصل الشتاء فإنه يحتاج إلى ذوبان الجليد في هذا الممرِ، وحتى في حالةِ ذوبانِ الجليدِ فإن التكلفةَ ستكونُ عاليةً جداً لأنهُ يحتاجُ إلى وجودِ قافلةٍ من السفنِ التجاريةِ، يتمُّ تجميعهُا للمرورِ مجتمعةً، ولا بد أن تتقدمَها كاسحاتُ الجليدِ، وهذا يحتاجُ لتكلفةٍ عاليةٍ جداً، وعدمُ القدرةِ على التنبؤِ بأحوالِ الجليدِ البحريِ يجعلُ التشغيلَ المنتظمَ على مدارِ العامِ أمرًا صعبًا، وهذا بالإضافةِ إلى أنَّ هذا الممرَ خالٍ من الموانئِ اللوجستيةِ، وهو ما سوف يزيدُ من التكلفةِ.
ويتمُّ استخدامُ الممرِ بشكلٍ أساسيٍ لشحناتِ الغاز الطبيعيِ المسالِ، ومن غيرِ المرجحِ أن يكونَ الطلبُ على البضائعِ على طولِ الطريقِ، مع الوضعِ في الاعتبارِ وجودُ دعواتٍ لمقاطعةِ الممرِ الشماليِ من قِبلِ شركاتٍ ملاحيةٍ عديدةٍ وشركاتِ الشحنِ والمنظماتِ البيئيةِ للحفاظِ على التوازنِ البيئيِ من الأضرار الناجمة من استخدامِ ذلك الممر وتأثيرِها على البيئةِ.
دوافعُ روسيا وراءَ تطويرِ الممرِ الملاحي الشمالي:
دوافعُ معلنةٌ: توليِ روسيا لتنميةِ هذا الممرِ أهميةً كبرى، ويأتيِ ذلكَ ضمنَ خُطةٍ استراتيجيةٍ تهدف لتطويرِ منطقةِ دولةِ القطبِ الشماليِ، الغنيةِ بالمواردِ الطبيعيةِ، بدافعِ تحويلِ طريقِ بحرِ الشمالِ إلى طريقٍ وطنيٍ سريعٍ بحركةِ مرورٍ روسيةٍ شبهِ حصريةٍ، والاستفادةِ منَ الميزةِ النسبيةِ للمرِ الملاحيِ في اختصارِ الوقتِ عندَ نقلِ البضائعِ بينَ آسيا وأوروبا مقارنةً بالطرقِ الملاحيةِ التقليديةِ مثلَ قناةِ السويسِ، ورغبتِها المعلنةِ في رفعِ كثافةِ حركةِ النقلِ عبرَ طريق بحرِ الشمالِ لتبلغَ 80 مليونَ طنٍ بحلولِ عام 2024، و110 ملايينَ طنٍ بحلولِ عامِ 2030، انطلاقاً منْ أنّ فتحَ الطرقِ التجاريةِ واللوجستيةِ الدوليةِ والإقليميةِ يعكسُ التغيراتِ العميقة التي تحدثُ في الاقتصادِ العالميِ، والدورِ الجديدِ الذي تلعبهُ دولُ منطقةِ آسيا والمحيطِ الهاديِ، على حدّ قولِ الرئيسِ بوتين خلالَ الخطابِ الذي ألقاهُ في منتدى الحزامِ والطريقِ في الصينِ في نوفمبر الماضيِ، في ظلِ سعيِ روسيا لتحويلِ تجارتها شرقاً رداً على العقوباتِ الغربيةِ بسببِ الحربِ في أوكرانيا.
كمَا تواصلُ موسكو في تصنيعِ عددٍ إضافيٍ من كاسحاتِ الجليدِ لمرافقةِ السفنِ التجاريةِ، وكذلك دعمِ الكاسحاتِ إلى أسطولِها الأكبرِ عالمياً، لعلهُ يتحوّلُ مع الوقتِ إلى أحدِ أهمِ الممراتِ المخصصةِ لتصديرِ النفطِ والغاز، إذٍ منَ المتوقعِ أن يصبح طريقاً دوليًا تجارياً رئيسياً بينَ أوروبا وآسيا، وتأملُ موسكو أن يتمكّنَ هذا الطريقُ عبرَ القطبِ الشماليِ، والذي أصبحَ سالكاً أكثرَ بفعل ظاهرة الاحتباس الحراري وذوبان الجليد، من أن ينَافسَ في المستقبلِ قناةِ السويسِ في تجارةِ المحروقاتِ على وجهِ الخصوصِ.
دوافعُ غيرُ معلنةٍ: تبدوُ أهميةُ الممرِ الملاحيِ في القطبِ الشماليِ واضحةً جدًا لروسيا، لا سيّمَا أن باتَ الأمرُ بمثابةِ فرصةٍ رائعةٍ لكسرِ العزلةِ الاقتصاديةِ المفروضةِ على موسكو، لا سيما بعد سلسلة العقوبات التي وقعتَها الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ وأوروبا عليهَا، جراءَ الحربِ الروسيةِ الأوكرانيةِ التي بدأتْ في فبرايرِ ٢٠٢٢، فباتتْ الاهتماماتُ الاقتصاديةُ الروسيةُ اليومَ في مقدمِ الأولوياتِ، وأصبحَ واضحًا انَّ التحدي الذي تواجههُ موسكو هو اقتصاديٌ بقدرِ لا يقلُّ عن العسكريِ، بل يمكنُ القطعُ بأنهُ كلمَا قويتْ روسيا من شوكةِ الحضورِ الاقتصاديِ الروسيِ حولَ العالمِ، كلمَا مكنّهَا ذلكَ من الصمودِ العسكريِ في مواجهةِ النُظمِ المنافسةِ والمعاديةِ لهَا، في هذا الإطارِ، يحقِّقُ مشروعَ تطويرِ الممرِ الملاحيِ العديدَ مِن الفوائدِ لروسيَا، منها تسهيلُ عقدِ الصفقاتِ وتعظيمُ التجارةِ الروسيةِ مع شتّى بقاعِ العالمِ، وزيادةُ الصادراتِ الروسيةِ ، وزيادةُ المرورِ البحريِ بمَا يتيحُ لروسيا فرصةَ تنويعِ طرقِ التجارةِ وتأمينِ طرقٍ اكثرَ لنقلِ البضائعِ والسلعِ بعيداً عن بعضِ الممرَّاتِ البحريَّةِ التي توجدُ بها قواعدُ أمريكيةٌ، بجانبِ الحصولِ على مواردَ جديدةٍ منْ ثرواتِ القطبِ الشماليِ، الذي يحتويِ قاعهُ على نحو ٢٥ في المئة من احتياطيِ العالمِ غيرِ المكتشفةِ من النفطُ والغازِ، واحتياطاتٍ كبيرةٌ منَ المعادنِ الثمينةِ مثلَ الماسِ والبلاتينِ، تخفيفًا لوطأةِ العقوباتِ الغربيةِ، بالإضافةِ الى تناميِ أهدافهِا في أنٍ تصبحَ لاعبًا رئيسيًا في القطب الشمالي، وتحمي بشكلٍ وثيقٍ دورَها المهيمنَ على المنطقةِ.
جَدّدَ حَدِيثُ شَرِكَةِ “رُوسَاتُومْ” الْحُكُومِيَّةِ الرُّوسِيَّةِ لِلطَّاقَةِ النَّوَوِيَّةِ عَنْ مُخَطَّطٍ لِتَطْوِيرِ الْمَمَرِّ الْمِلَاحِيِّ “بَحْرِ الشَّمَالِ”، الْمَخَاوِفَ بِشَأْنِ تَأْثِيرِ الْمَمَرِّ الشَّمَالِيِّ لِلْمِلَاحَةِ الَّذِي يَمْتَدُّ عَبْرَ الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ، وَيَرْبُطُ الْمُحِيطِينَ الْهَادِيَ وَالْأَطْلَسِيَّ، عَلَى “قَنَاةِ السُّوَيْسِ” الْمِصْرِيَّةِ، الْمَمَرِّ الرَّئِيسِيِّ لِلتِّجَارَةِ بَيْنَ آسْيَا وَأُورُوبَّا، وَقَدْ تَصَاعَدَ الْحَدِيثُ مُؤَخَّرًا عَنْ بَدَائِلَ لِقَنَاةِ السُّوَيْسِ فِي ظِلِّ التَّوَتُّرَاتِ الْأَخِيرَةِ فِي الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ، إِثْرَ هَجَمَاتٍ نَفَّذَتْهَا جَمَاعَةُ “الْحُوثِي” الْيَمَنِيَّةُ عَلَى السُّفُنِ الْمَارَّةِ فِي مَضِيقِ بَابِ الْمَنْدَبِ مُنْذُ نُوفَمْبِرَ الْمَاضِي، تَزَامُنًا مَعَ الْحَرْبِ فِي غَزَّةَ، وَدَفَعَ هَذَا التَّوَتُّرُ شَرِكَاتِ الشَّحْنِ لِلْبَحْثِ عَنْ مَمَرَّاتٍ بَدِيلَةٍ، جَرَّاءَ التَّوَتُّرِ الْمُتَصَاعِدِ فِي الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ،
هل يكونُ “ممرُ بحرِ الشمالِ” الروسيُ بديلاً لـ “قناةِ السويسِ” المصريةِ؟
بينَ الحينِ والآخرِ يتجددُ الحديثُ عن بدائلَ لـ “قناةِ السويس”، وقد تصاعدَ الحديثُ مؤخرًاً عقب توترات في البحر الأحمر، إثر الهجمات المتكررة التي تنفذها جماعة “الحوثي” اليمنية على السفنِ المارةِ في مضيقِ؟ بابِ المندبِ، تزامناً مع الحربِ في غزة،َ ودفعَ هذا التوترُ المستمرُ منذ نوفمبر الماضيِ، شركاتِ شحنٍ كبرى إلى تغييرِ مسارِها والدورانِ حولَ رأسِ الرجاءِ الصالحِ، ما أدىَ إلى تراجعِ عائداتِ “قناةِ السويسِ” بنسبةٌ تصلُ إلى 50 في المائةِ، بحسبِ تصريحاتٍ رسميةٍ مصريةٍ، ومنْ ثمَّ برزَ اتجاهّ عامٌ في العالمِ نحوَ فتحِ ممراتٍ بحريةٍ جديدةٍ أو تطويرِ اخرىَ، بهدفِ مواجهةِ أيِّ مخاطرَ قد تتعرضُ لهَا الملاحةُ في قناةِ السويسِ، وبرزَ في هذا الإطارِ دورٌ فعالٌ للمرِ الملاحيِ الشماليِ كبديلٍ للقناةِ، الا انهُ على الرغمِ من الأوضاعِ سالفةِ الذكرِ، يمكنُ القطعُ بأنَّ الممرَ الروسيَ لنْ يكونَ بديلاً لقناةِ السويسِ، وفي بيانِ ذلك، التحديات التي يواجها الممرُ حاليًا، منها كونهُ ممراً موسمياً، أي انهُ لا يعملُ سوى 4 أشهر في السنة بسبب الثلوج التي تغلق الطريق، ويحتاج إلى كاسحاتِ جليدٍ لفتحهِ في الصيفِ، كمَا أن تكلفةَ الشحنِ عبرهُ ستكونُ مرتفعةً جداً، وحمولةَ الحاوياتِ قليلةً، ويحتاجُ إلى سفنٍ ذاتِ طبيعةٍ خاصةٍ وبأحجامٍ معينةٍ، والغاطسُ لا يتعدىَ 9 أمتاراً، بينَما يصلُ الغاطسُ في قناةِ السويسِ إلى 18.5 متر، وبالتاليِ لا يمكنُ بأيِّ حالٍ منَ الأحوالِ أنٍ يكونَ منافساً قوياً لقناةِ السويسِ.
جَددَ حدِيثُ شَرِكَةِ “روساتومْ” الحُكومِيةِ الروسِيةِ لِلطاقَةِ النوَوِيةِ عَنْ مخَططٍ لِتَطوِيرِ المَمَرِّ الْمِلَاحِيِّ “بَحْرِ الشَّمَالِ”، الْمَخَاوِفَ بِشَأْنِ تَأْثِيرِ المَمرِّ الشمَالِيِّ لِلْمِلَاحَةِ الَّذِي يَمْتَدُّ عَبْرَ الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ، وَيَرْبُطُ الْمُحِيطِينَ الْهَادِيَ وَالْأَطْلَسِيَّ، عَلَى “قَنَاةِ السوَيْسِ” المِصْرِيَّةِ، الْمَمَرِّ الرئِيسِيِّ لِلتجَارَةِ بَيْنَ آسْيَا وَأوروبّا، وَقَد تَصَاعَدَ الحَدِيثُ مُؤخرًا عَنْ بَدَائِلَ لِقَنَاةِ السويسِ فِي ظِلِّ التوَترَاتِ الأَخِيرَةِ فِي البحرِ الأَحمرِ، إِثْرَ هَجَمَاتٍ نَفذتهَا جماعَةُ “الحوثي” الْيَمَنِيَّةُ عَلَى السفنِ المَارةِ فِي مَضِيقِ بَابِ المَندَبِ مُنْذ نوفَمبرَ المَاضِي، تَزَامنًا مَعَ الحَرْبِ فِي غَزةَ، وَدَفَعَ هَذَا التوَترُ شَرِكَاتِ الشحنِ للبحْثِ عَنْ مَمَراتٍ بَدِيلَةٍ، جَراءَ التوَتُّرِ الْمُتَصَاعِدِ فِي الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ،
علاوةً على ذلكَ؛ فقد شَهدتْ القناةُ تقليصَ زمنِ مدةِ انتظارِ السفنِ في القناةِ بفضلِ قناةِ السويسِ الجديدةِ، من 4 الى 3 ساعاتٍ خلالَ عامِ 2021، مقارنةً بمدةِ انتظارِ من 8 الى 6 ساعات خلالَ عام 2013، بجاَنبِ امتلاكِ القناةِ لأسطولاً منَ القاطراتِ والكرّاكاتِ والوِحْداتِ المساعدةِ، إضافة إلى وجودِ مُخططٍ لتطويرِ هذه المعدّات بشكلٍ مستمرٍ، وتعطيِ هذهِ التطوراتُ زخَماً وأهميةً أكبرَ لقناةِ السويسِ، في اطارِ التحدياتِ البحريةِ التي تظهرُ يوماً بعدَ يومٍ، خاصةً معَ ترسيخِ دَورِ الممرِ الملاحيِ الشماليِ المكلفِ ماديًا وانْ كانَ اقصرَ زمنيًا بنحوِ نصفِ الوقتِ الذي توفرهُ قناةُ السويسِ، كمَا تُعتبرُ القناةُ أسرعَ ممرٍ بحريٍ بينَ القارتينِ، وتوفرُ نحوَ 15 يوما في المتوسطِ من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح، ويعبر من خلالها نحو 10 في المئة من إجمالي حركة التجارة العالمية، وما يقاربُ من 25 في المئةِ منْ إجماليِ حركةِ البضائعِ عالمياً، و100 في المئة من إجماليِ تجارةِ الحاوياتِ المنقولةِ بحراً بينِ آسيا وأوروبا.
ومن ثم؛ فتعدُ قناةُ السويسِ حتىَ الآنَ هي أنْجحُ الطرقِ التِجاريةِ بينَ آسيَا وأوروبا، ولا يوجدُ قلقٌ منَ المَمراتِ المُنافسةِ، نظرًا لعدمِ وجودِ بديلٍ كاملٌ بما فيهم الممرُ الروسيُ، إلا أنّ قناةَ السويسِ قد تتَأثرُ بهذهِ المُنافسةِ، لكنَّ حجمَ التأثُرِ سيكونُ ضئيلًا في ظلِ الأهميةِ الاستراتيجيةِ والحيويةِ للقناةِ مقارنةً بباقيِ الممراتِ المنافسةِ.
المراجع:
- “موانئ دبي العالمية” تطلق مشروعاً مشتركاً مع روسيا لتطوير “الممر البحري الشمالي”، المنتدى العربي للدفاع والتسليح، أكتوبر ٢٠٢٣. https://defense-arab.com/vb/threads/190361 /
- بعد تهديدات الحوثي.. بدائل قناة السويس تعود إلى الواجهة، الحرة، ديسمبر ٢٠٢٣. https://rb.gy/s2iuot
- سامي عمارة، هل يستطيع “البديل” الروسي “خنق” قناة السويس؟، اندبندنت عربية، أبريل ٢٠٢١. https://n9.cl/4faqj