المقالات
ملخص الدراسات والبحوث الصادرة عن أفريقيا العدد “31”
- أكتوبر 15, 2023
- Posted by: mohamed mabrouk
- Category: إصدارات دورية وحدة الدراسات الأفريقية
إعداد: شيماء ماهر
الفترة من 8 – 14 أكتوبر
الحكومة تحْظُر التجمُّعات الكبيرة في زيمبابوي مع تزايد خطر تفشِّي الكوليرا
حظرت حكومة زيمبابوي التجمُّعات الكبيرة في أجزاء من البلاد، وكثَّفت المراقبة عند موانئ الدخول؛ في محاولةٍ لاحتواء ارتفاع حالات الكوليرا، مع الاشتباه في وفاة 100 شخصٍ، معظمهم في سبتمبر، ونحو 5000 حالة محتملة من المرض، الذي ينتقل عن طريق المياه، في أكثر من 41 مقاطعةً، بما في ذلك “هراري”، وتخشى السلطات تكرار وباء عام 2008، الذي تُوفي فيه 4000 شخصٍ.
وقد سجَّلت “مانيكالاند”، وهي مقاطعة على الحدود مع “موزمبيق”، أكبر عدد من الحالات، أكثر من 1000، وفقًا لإحاطة مجلس الوزراء، يوم الثلاثاء، مع قيام الحكومة بزيادة مراقبة الكوليرا في موانئ الدخول؛ للكشف عن أيِّ إصابات مستوردة، وتمَّ إعلان مناطق أخرى مثل “بيكيتا”، في مقاطعة “ماسفينغو”، جنوب زيمبابوي، مناطق عالية الخطورة، وفي منطقة البحيرة، تمَّ منْع التجمعات الكبيرة؛ لاحتواء انتشار المرض، ولا يُسْمح بحضور الجنازات لأكثر من 50 شخصًا، ولا يجوز تقديم الطعام، وتمَّ إخبار الناس أيضًا بتجنُّب المصافحة، كما نصحت الحكومة الجمهور في مقاطعتيْ “مانيكالاند، وماسفينغو”، بعدم حضور الأسواق المفتوحة والتجمعات الاجتماعية ومخيمات الكنائس الخارجية؛ حيث من غير المرجح أن يكون هناك صرف صحي.
وتسبَّب النقص الدائم في المياه في زيمبابوي ونظام الصرف الصحي المتدهور في تفشِّي وباء الكوليرا في السنوات الأخيرة، وفي بعض المناطق، خاصة في “هراري، وبولاوايو”، يبقى الناس لعدة أشهر دون مياه جارية، في حين أن مياه الصرف الصحي الخام هي مشهد شائع في البلد؛ ما أجبر الناس على اللجوء إلى مصادر المياه غير الآمنة، بما في ذلك الآبار الضَّحْلة التي تحتوي على فضلات من أنابيب الصرف الصحي المتضررة[1].
محاولات SADC للتغلب على الانتخابات المتنازع عليها في زيمبابوي
اعتبرت الانتخابات العامة في زيمبابوي، في الفترة من 23 إلى 24 أغسطس، مُزوَّرة على نطاقٍ واسعٍ، هذا هو الاستنتاج الذي توصَّلت إليه بعثة مراقبة الانتخابات، التابعة لمجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (SADC)، وغيرها من بعثات المراقبة المستقلة من السوق المشتركة لشرق أفريقيا والجنوب الأفريقي (COMESA)، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، ومجموعة مراقبي “الكومنولث” ومركز كارتر.
خالفت لجنة الانتخابات الرئاسية في زامبيا الممارسات السابقة، بقيادة نائب رئيس زامبيا السابق، الدكتور نيفيرس مومبا، وأصدرت بيانًا أوَّليًّا لاذِعًا، أشار فيه إلى أن استطلاعات الرأي لم تَرْقَ إلى الحد الأدنى من المعايير المنصوص عليها في مبادئ وتوجيهات مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي للانتخابات الديمقراطية.
ويرجع السبب في هذا التزوير إلى وجود مخالفات في ترسيم الدوائر الانتخابية، والتأخير في إصدار قوائم الناخبين؛ ما أدَّى إلى ضياع فُرَص إجراء التدقيق، والقيود المفروضة على حرية التجمع والتعبير الناشئة عن التشريعات الصارمة، مثل؛ قانون الحفاظ على السلام والنظام، وقانون باتريوت الذي يجرم أيَّ شخص ينتقد سيادة زيمبابوي، بالإضافة إلى رسوم الترشيح المقيدة، التي تحُدُّ من المشاركة، مثل؛ الرسوم غير المسبوقة، البالغة 20 ألف دولار للمرشحين الرئاسيِّين، دليل على عدم استقلال القضاء، مشاكل الخلْط بين الحزب والدولة، تغطية مُتحيِّزة من قِبَلِ وسائل الإعلام الحكومية.
كما تمركزت الشرطة والجيش حول مراكز الاقتراع، مسلحين بالبنادق الهراوات والغاز المسيل للدموع، وفي اليوم الأخير من صناديق الاقتراع، في أعقاب اقتحامات سابقة من قِبَلِ مُخرِّبين مُشتبهٍ بهم من حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي ” الجبهة الوطنية” الحاكم، داهمت شرطة زيمبابوي مكاتب مركز موارد الانتخابات في زيمبابوي وشبكة دعم الانتخابات في زيمبابوي، ونشرت 7500 مراقبٍ للانتخابات في جميع أنحاء البلاد، وكانت هذه المجموعات المعتمدة من قِبَلِ اللجنة الانتخابية في زيمبابوي؛ لمراقبة التصويت، تقوم بإعداد عملية فرْز موازية للأصوات، كما فعلت في الانتخابات السابقة، وهي ممارسةٌ شائعةٌ في القارة، بالإضافة إلى مصادرة المعدات والوثائق المستخدمة في جدولة النتائج، اعتقلت الشرطة 49 من المراقبين الذين ما زالوا يقْبَعُون في السجون[2].
توقع صندوق النقد الدولي حدوث انتعاش في أفريقيا “ذات السرعتين”
بدأت بعض الشركات على المستوى القارِّي ذات الوزن الثقيل في التحسُّن، وهذه هي حال جنوب أفريقيا، التي تعاني منذ أشهر من أزمة طاقة خطيرة، وبعد أن ظلَّ ساكنًا تقريبًا في عام 2023 (+0.9%)، من المفترض أن يبدأ ناتجها المحلي الإجمالي في النمو مرَّةً أُخْرى في العام المقبل، بنسبة 1.8%، وعلى نطاقٍ أوسع، يتوقع صندوق النقد الدولي، أن النمو سوف يتحسن في نحو أربعة أخماس اقتصادات المنطقة.
ومع ذلك، فإن منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، بعيدة كل البعد عن الخروج من الفخ الذي أغرقتها فيه سلسلة الصدمات، التي شهدتها السنوات الأربع الماضية، وقد شعر صندوق النقد الدولي بالقلق، إزاء نُدْرَةِ مصادر التمويل للقارة، ولم ينْشأ أيُّ تحسُّنٍ حقيقيٍّ على هذه الجبهة، على الرغم من أن الدَّيْن يُمثِّلُ ما يَقْرُب من 58% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى لم يبْلُغْه أحدٌ على الإطلاق، طيلة عقديْن من الزمن.
وبالفعل فإن نِصْف الاقتصادات المنخفضة الدخل في المنطقة، تسير على الطريق نحو ضائقة الديون، وحتى البلدان المُفْلِسة، مثل؛ “زامبيا، وغانا”، انخرطت الآن في عمليات إعادة هيكلة دقيقة، وقد أدَّى تشديد الأوضاع المالية إلى ارتفاع أسعار الفائدة؛ ما أدَّى إلى زيادة معدلات الاقتراض، ومنْع المُصدِّرين الأفارقة من إعادة التمويل في الأسواق، ويتزايد عدد الدول التي تكافح من أجل الوفاء بديونها، وتجد نفسها مضطرةً إلى خفْض الإنفاق الاجتماعي.
ولمعالجة هذه الفجوات التنموية، يُقدم صندوق النقد الدولي نصيحته التقليدية: زيادة الاستثمار في رأس المال البشري، وتحسين إدارة الموارد الطبيعية، وتشجيع التنويع الاقتصادي، ولكن مع انعقاد الاجتماعات السنوية لمؤسستيْ “بريتون، وودز” الشقيقتيْن في أفريقيا، لأوَّل مرةٍ منذ نصف قرن، يدعو الصندوق أيضًا الجهات المانحة الرئيسية إلى تقديم دعْمٍ أكبر للقارة، وينبغي للمساعدات الخارجية، التي أصبحت أقل سخاءً بمرور الوقت، أن تكون أكثر انتظامًا وأفضل توجيهًا[3].
خفْض الدعم على الوقود يُنْذِر باحتمالية حدوث اضطرابات مجددًا في غرب القارة الأفريقية
تمكَّن الرئيس النيجيري، بولا تينوبو، في بداية شهر أكتوبر، في اللحظة الأخيرة، من نزْع فتيل الدعوة إلى إضرابٍ وطنيٍّ، من خلال الإعلان عن وسائل نقْل عام أرخص، وزيادة مؤقتة في الحدِّ الأدنى للأجور للعمال الأقل أجرًا، وحاول زعيم أكبر اقتصاد في أفريقيا، الردّ على السخط الذي يختمر في مواجهة الحياة اليومية متزايدة التكلفة.
ورغم أن هذا الإجراء مُؤْلِمٌ، إلا أنه لاقى استحسان المستثمرين وصندوق النقد الدولي، في حين ترْزَح البلاد تحت وطْأة ديون يمتصُّ سدادُها أكثر من 90% من إيرادات الدولة، وقد كلف دعم الوقود ما يقرب من 10 مليار دولار، في العام الماضي (حوالي 9.4 مليار يورو)، أو خُمْس الميزانية الفيدرالية وأربعة أضعاف المبلغ المنفق على الصحة، كما يتذكر صندوق النقد الدولي في تقريره الجديد، المخصص للآفاق الاقتصادية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.
وهكذا خصَّصت أنجولا 1900 مليار كوانزٍ (حوالي 2.2 مليار يورو) العام الماضي؛ للتحكم في أسعار الوقود، أو أكثر من 40% من النفقات المخصصة للبرامج الاجتماعية، وفقًا لصندوق النقد الدولي، وأعلن هذا المنتج الرئيسي للمواد الهيدروكربونية، في يونيو، سحْب الدعم تدريجيًّا، بحلول عام 2025م، وهو الجدول الزمني نفسه في السنغال؛ حيث يُمثِّلُ حجم المساعدات المرتبطة بمنتجات الطاقة أكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي، في عام 2022م، وفي الكونغو، “برازافيل”، المصنفة على أنها مُثْقَلةٌ بالديون، والخاضعة لبرنامج صندوق النقد الدولي، قرَّرت الحكومة خفْض مساعداتها بنسبة 30% بين فبراير ويوليو.
وفي كينيا، ألغى الرئيس، ويليام روتو، دعْم الوقود، عندما تولَّى السلطة، في سبتمبر 2022م، وفي حين اهتزَّت البلاد في الأشهر الأخيرة؛ بسبب الاحتجاجات العنيفة، المناهضة للحكومة ضد ارتفاع تكاليف المعيشة، فقد تمت استعادة المساعدات المؤقتة، في أغسطس، ما يُعدُّ دليلًا على أنه ليس من السهل إزالة إجراءات تنظيم الأسعار هذه بجرة قلم، وبسبب الوضع الاقتصادي تقوم الدول بتخفيضات واضحة[4].
وداعًا باريس، أهلًا موسكو: الانسحاب العسكري الفرنسي من النيجر وتداعياته الاستراتيجية
في 24 سبتمبر 2023، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، سحْب سفيره في نيامي، وإنهاء مهمة القوات العسكرية الفرنسية في النيجر، بما يُكرِّس القطيعة الكاملة بين النيجر وفرنسا؛ إثْر انقلاب 26 يوليو، في سياق تراجُع النفوذ الفرنسي في كُلِّ منطقة الساحل، ومنذ انقلاب 26 يوليو 2023، تزايدت المظاهرات الشعبية ضد الحضور العسكري في النيجر، واستهدفت على الأخص، القاعدة الجوية في نيامي، وبعد أن أعلنت الحكومة الفرنسية، في 19 يوليو 2023، إنهاء تعاونها العسكري مع النيجر، بعد الانقلاب على الرئيس المدني، محمد بازوم، الذي كان مُقرَّبًا منها، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في 3 أغسطس، إنهاء اتفاقية الدفاع المشترك مع فرنسا، وطالب بسحْب قواتها من البلاد.
وفي 27 أغسطس، قرَّر الانقلابيون طرْد سفير فرنسا في نيامي، ومنحوه 48 ساعةً لمغادرة البلاد، ورفضت الحكومة الفرنسية الامتثال لهذا القرار؛ بذريعة عدم اعترافها بشرعية السلطات القائمة، لكن المجلس العسكري ألغى اعتماده، وانتزع منه الحصانة الدبلوماسية والإقامة القانونية؛ ما أفضى في نهاية المطاف إلى احتجازه في مقر السفارة، قبْل عودته إلى باريس مؤخرًا.
وقد كان الحضور العسكري الفرنسي مساعدًا للدولة في مواجهة الإرهاب، وبدأت تظهر الآثار السلبية لتوقيف التعاون مع القوات الفرنسية، منذ الأسابيع الأولى، التي تلت الانقلاب العسكري في النيجر، ففي 15 أغسطس، تعرَّضت كتيبة نيجرية لهجومٍ عنيفٍ على الطريق التي تربط بين بلدتي “بوني، وتورودي”، قُرْب الحدود مع بوركينا فاسو، وقُتِل في الهجوم 17 جنديًّا، وأُصيب 20 بجروح، كما قُتِل في الفترة ذاتها، 6 عناصر من الحرس الوطني، في منطقة “تيلابري”، على الحدود المشتركة مع “مالي، وبوركينا فاسو”.
وتزايدت العمليات الإرهابية في الآونة الأخيرة في الغرب وجنوب الغرب؛ حيث نشاط حركات “بوكو حرام، والقاعدة، وداعش”، ففي 2 أكتوبر 2023، تعرَّضت حامية نيجرية لهجوم مُباغت من الجماعات الإرهابية، أوقع 60 جنديًّا – على الأقل- قتلى، فيما تُعدُّ أخطر عملية واجهها الجيش منذ الانقلاب العسكري الأخير، وبعد إعلان الدول الساحلية الثلاث “مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر”، قيام حِلْف دفاعي مشترك، بتاريخ 16 سبتمبر 2023، قامت وحدات مشتركة من البلدان المذكورة، بثلاث عمليات ضد الجماعات الإرهابية في منطقة الحدود الثلاثية، لكنها لم تحقق نتائج نوعية؛ لذا فإن النيجر على غرار مالي، بدأت الاتصال بروسيا؛ من أجل سدِّ الفراغ الذي خلَّفه الانسحاب العسكري الفرنسي[5]
مستقبل العملية الانتخابية في ليبيا
أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، برئاسة عبدالله باتيلي، الخميس الماضي 12 أكتوبر، انتهاءها من مراجعة قوانين لجنة “6+6″، مبينةً وجود نقاط خلافية، تتمحوْر حول النص، ومنها؛ إلزامية جولة ثانية للانتخابات الرئاسية، وربط نجاحها بنجاح الانتخابات البرلمانية، إضافةً إلى مسألة تشكيل حكومة مُوحَّدة.
ودعت البعثة الأممية من وصفتهم بأصحاب المصلحة الرئيسيِّين إلى المشاركة في حوارٍ “بنَّاء”؛ لمعالجة هذه القضايا، التي “طال أَمَدُها مرةً واحدةً وإلى الأبد”، ملاحظات البعثة على القوانين الانتخابية، سبقها لقاء ٌجمع بين “باتيلي” ورئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح؛ لبحث مدى قابلية تطبيق القوانين الانتخابية، التي أعدتها اللجنة المشتركة “6+6″، وأقرَّها مجلس النواب.
وبينما طالب أكثر من 100 مرشح للانتخابات البرلمانية، في رسالةٍ للمبعوث الأممي، بدعم إجراء انتخابات متزامنة رئاسية وبرلمانية، يرى مراقبون، أن الذهاب نحو الانتخابات أصبح مستحيلًا، خاصَّةً بعد ورود ملاحظات عدة، على القوانين الانتخابية من جانب الأمم المتحدة، في حين طالب أكاديميون بالتوجُّه – أولًا- إلى إجراء انتخابات برلمانية؛ لقطع الطريق أمام تغوُّل النظام الرئاسي بالسلطة، وتعليقًا على ما ذهبت إليه البعثة الأممية للدعم في ليبيا، قالت العضو السابق للمؤتمر الوطني، أسماء سريبة: إنه بات من الواضح استحالة تنظيم انتخابات وطنية هذا العام، باعتبار أن القوانين التي تمَّ التوصُّل إليها من قِبَلِ لجنة “6+6” تعتبر توافقية، بالنظر إلى حجم الصراع الواقع بين مجلسيْ “النواب، والدولة” [6].
تبادل القصف المدفعي في الخرطوم والقذائف تصل أسواق أم درمان
قُبَيْل ثلاثة أيام من إكمال حرب السودان، شهرها السادس، تواصلت في مختلف أنحاء العاصمة السودانية المعارك والاشتباكات والقصف المتبادل بين الجيش وقوات الدعم السريع، الثلاثاء الماضي، تبادل خلالها الطرفان القصف المدفعي الثقيل، في أكثر من موقع، في مدنها الثلاث “الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري”.
وقالت مصادر عسكرية: إن الجيش ردَّ على محاولات استهداف مواقعه في سلاح المدرعات والقيادة العامة وسلاح المهندسين، بقصف مواقع منصات “الدعم السريع”، ونقاط ارتكازه “جنوب، وشرق، ووسط” الخرطوم، من اتجاهات عدة، مشيرةً إلى أن القواعد العسكرية في “كرري، ووادي سيدنا” شمال أم درمان قُصفت، وكذلك التمركزات في “وسط، وشرق” المدينة.
وأوضحت أن قوات العمل الخاص واصلت عمليات التمشيط البري في مناطق “جبرة” جنوب الخرطوم، ونفَّذت مهام عدة ناجحة خلف خطوط العدو في “أم درمان”؛ أسفرت عن قتل عددٍ من الجنود، بينهم قياديون، وتدمير وحرق عدد من العربات، ونشر الجيش عبر صفحته في فيسبوك، مقطع فيديو لعددٍ من ضباطه وجنوده من داخل سلاح المدرعات، الذي كان مسرحًا لمعارك واشتباكات ضارية بين الجانبين لأسابيع مضت، وهم يؤكدون قُرْب حسْم المعركة، ويرسلون تحذيرات لقوات “الدعم السريع”، من مغبَّةِ محاولة الاقتراب مجددًا من الموقع، وأدى سقوط عشرات القذائف المدفعية على سوق مكتظة داخل أحياء منطقة “الفتيحاب” جنوب “أم درمان” إلى مقتل 8 مواطنين مدنيين وعشرات المصابين.
واتهمت تنسيقية لجان مقاومة منطقة “الفتيحاب”، في بيان، قوات الدعم السريع، بإطلاق عشرات القذائف على سوق “أم دفسو” المكتظة بالمواطنين، وسط الأحياء في المنطقة، مطالبةً المجتمع الدولي بالضغط؛ لتلافي تداعيات اجتياح قوات الدعم السريع لضاحية “العيلفون” شرق الخرطوم، وقبل ثلاثة أيام، ناشدت لجان مقاومة المنطقة الصليب الأحمر الدولي؛ للعمل على تلافي الوضع الإنساني الكارثي في المنطقة، خاصة بعد أن عجزت كل الجهود في إخراج العالقين وسط القتال، وكذلك العمل على فتح ممرات آمنة؛ لإخراج المدنيين وعلاج المصابين ودفْن الجثث المنتشرة في الطرقات[7].
القوى السياسية في السودان بين معضلة الحرب وغياب الرؤية
على الرغم من فظاعة الحرب السودانية الجارية حتى اليوم، منذ 15 أبريل الماضي، وفداحة ما تنطوي عليه من خسائر، فإن ما هو أخطر من ذلك، يتمثل فيما ينقص النخبة السياسية والثقافية في السودان، من استصحاب إجماع على رؤية نظرية، حول تقييم الصراع ضمن السياق التاريخي، وقراءة الاحتمالات السياسية عندما تضع أوزارها.
في وسط غياب اعتراف القوى السياسية جميعًا، بأن هذه الحرب الجارية في الخرطوم، هي في بعض تجلياتها الأساسية ترجمة حقيقية لفشل إدارة الدولة السودانية ما بعد الاستقلال، وعجزها عن تحقيق تنمية حقيقية ومتوازنة، وأن أيَّ تَعَامٍ عن الاعتراف والإقرار بهذه الحقيقة سيكون بمثابة استمرارٍ ضِمْنِيٍّ لسردية الصراع، إنما هو مجرد صبٍّ للزيت على نار الحرب.
تعكس الاحتمالات النظرية في تفكير النخبة السودانية، أنها لا تنتبه إلى جذور المعطيات التأسيسية، التي تسببت في الحروب الأهلية التاريخية للسودان الحديث، تلك التي اندلعت فيها الحرب لأول مرة حتى ما قبل استقلال السودان، فيما سُمِّيَ في ذلك، بـتمرُّد توريث العسكري، الذي كان احتجاجًا عنيفًا على أوضاع ظالمة، وهذا النمط من التفكير الذي تُعبِّرُ عنه قوى سياسية وحزبية وبعض المثقفين، سيصُبُّ في إعادة إنتاج الشروط، التي ظلت باستمرار تُفْرِزُ أزمات متناسلة للسودان[8].
كيف يمكن فهم الانقلابات العسكرية الأخيرة في أفريقيا؟
تستهدف الانقلابات جميع أنواع الأنظمة الهجينة والدكتاتورية والديمقراطية، وهذا يفرض تحديات وتهديدات كبيرة، لكن هناك آمالًا لتحقيق الديمقراطية في بعض الدول الأفريقية، مثل؛ “نيجيريا، وكينيا”؛ حيث شاهدنا انتقالات سلمية للسلطة؛ إذن هناك رغبة في تحقيق الديمقراطية، لكن تلك الجهود لا تحظى بدعم دولي، كما شهدنا في الجابون؛ حيث تخلَّى الغرب عن دعم زعيم المعارضة؛ فالجهود الديمقراطية غير مُوحَّدة، وتواجه صعوبات في ذلك، لكنها موجودة، خاصة أن المؤسسة العسكرية تتحكم بشكلٍ كبيرٍ في الرأي العام، بينما لا تتمتع القوى الديمقراطية بالإمكانات نفسها.
كما أن الأسباب الرئيسية للانقلابات في أفريقيا متعددة، ومنها؛ “الفقر، والبطالة، وسوء التوزيع الجغرافي والديموغرافي، وبعض الأسباب الداخلية، والأسعار الاقتصادية”، وأيضًا عدم قدرة مجلس الأمن على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الانقلابات؛ لأن عدم وجود رادعٍ للانقلابات يُسهِّلُ على العسكر في الدول المجاورة، القيام بانقلابات مماثلة، ومن ثمَّ فإن الانقلابات تحْدُثُ بسبب تضافُر عِدَّة عناصر بعضها مع بعض.
ونجد أن الانقلابات التي وقعت، منذ عام 2019، فإنها تتماثل في بعض الجوانب وتختلف في الأخرى، كما شاهدنا في الانقلابات التي وقعت في الجابون ضد “علي بونجو”، الذي فاز مؤخرًا في الانتخابات الرئاسية هناك، ولكن عائلته حكمت الجابون لقُرَابة نصف قرن، مقارنةً بالرئيس المنتخب ديمقراطيًّا في النيجر، محمد بازوم، وبغضِّ النظر عن طبيعة الحكم، فإن هذه الانقلابات العسكرية تستهدف جميع أنماط الحكم، سواء كان حكومة منتخبة ديمقراطيًّا أو رئيسًا استبداديًّا أو رئيسًا مُنْتَخبًا انتخابًا ديمقراطيًّا.
كما أن الانقلابات ستسبب تحوُّلًا في سياسات مكافحة الإرهاب، وأن هناك تحديات سيواجهها القادة الجُدُد في النيجر، على سبيل المثال؛ منها كيفية حصولهم على المعلومات الاستخباراتية، وكيفية حصولهم على الأسلحة؛ لذا قد تشهد الدولة حالةً من الفراغ الأمني، وغياب الدعم الأمني من دول أخرى، خاصةً أن روسيا تحاول تخصيص مواردها للحرب في أوكرانيا، كما أن قوات “فاجنر” لن تتدخل كذلك، وفرنسا تحاول الخروج، ومن ثمَّ ستضطر الولايات المتحدة إلى وقْف دعمها في الاستطلاع للقوات الفرنسية، وستجد النيجر نفسها ضعيفة للغاية، في مواجهة الهجمات الإرهابية المتدفقة من دول مجاورة، كما سيحاول جيش النيجر التوسُّع؛ استجابةً لتلك التطورات وتوسيع عدد قواته، لكن على الأرجح ليس بالشكل المطلوب لمواجهة الأخطار التي ستواجهه[9].
المصادر