المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > تقدير موقف > هل ستكون انتخابات جنوب أفريقيا 2024م فرصة للتغيير أم استمرار لتجربة الاستقلال؟
هل ستكون انتخابات جنوب أفريقيا 2024م فرصة للتغيير أم استمرار لتجربة الاستقلال؟
- مايو 27, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات تقدير موقف وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات
إعداد: شيماء ماهر
باحثة متخصصة في الشؤون الأفريقية
تمثل الانتخابات الوطنية المقبلة في جنوب أفريقيا المقرر إجرؤها في 29 مايو الجاري حدثًا محوريًا في التاريخ السياسي للبلاد، ولحظة فاصلة في تجربة الديموقراطية الجنوب أفريقية، وتتميز هذه الانتخابات بخصوصيتها فلأول مرة تشهد البلد الديموقراطي تجاذبًا حادًا بين الأحزاب المتنافسة في ظل تراجع شعبية حزب المؤتمر الوطني الحاكم، واستغلال أحزاب المعارضة ذلك للتربع على عرش الحكم، وستكون هذه الانتخابات اختبارًا حقيقيًا لقدرة البلاد على استخدام العمليات الديموقراطية لتشكيل تحالفات محلية جديدة لوضع البلاد على طريق الإصلاح.
السياق العام لانتخابات جنوب أفريقيا 2024م
تعتبر الانتخابات العامة في جنوب أفريقيا 2024م مرحلة هامة في التجربة السياسية الديمقراطية للبلد التى حكمت بواسطة حزب المؤتمر الوطني منذ القضاء على نظام الفصل العنصري في عام 1994م، وتُعقد الانتخابات العامة كل خمس سنوات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية من جانب، وأعضاء الهيئات التشريعية في المقاطعات وأعضاءالمجالس البلدية من جانب آخر، ويتم الأخذ بنظام التمثيل النسبي للأحزاب، ويُنتخب رئيس الجمهورية بشكل غير مباشر من قبل أعضاء الجمعية الوطنية، إحدى الغرفتين التشريعيتين على المستوى الوطني.
وهناك تغييرات هامة على مستوى الانتخابات القادمة فقد وقع ئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، قانونًا يسمح للمرشحين المستقلين دخول انتخابات المقاطعات والانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 29 مايو الجاري، ويأتي القانون الجديد بعد أن قضت المحكمة الدستورية عام 2020 عدم قانونية منع المرشحين المستقلين من خوض الانتخابات دون عضوية حزب سياسي، وعدل القانون للسماح لمرشحين مستقلين بخوض الانتخابات، كما عدلت الصيغة الانتخابية لتوزيع المقاعد، على أن يتم التعامل مع المقاطعات كدوائر انتخابية متميزة تسمى المناطق، وتنقسم الجمعية الوطنية إلى 200 مقعد إقليمي و200 مقعد تعويضي يتم اختيارهم من قوائم التمثيل النسبي[1].
وتأتي هذه الانتخابات في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية تشهدها جنوب أفريقيا فعلى المستوى السياسي تعاني جنوب أفريقيا من تفشي الفساد وانتشار العصابات وتصاعد معدلات الجريمة المنظمة، فهناك العديد من السياسيين تم توجيه اتهامات لهم متعلقة بالفساد وسوء استغلال المناصب مثل الرئيس السابق جاكوب زوما.
وفي الجانب الاقتصادي تشهد جنوب أفريقيا ارتفاعًا شديدًا في نسبة البطالة، إذ تعد الأعلى في العالم لتصل إلى 32.6% في عام 2023، وانخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.7%.، بالإضافة إلى ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى 5.84%وتحتل أيضًا الديون نسبة عالية بالنسبة لجنوب أفريقيا فمن المتوقع أن تصل نسبة الديون إلى 75.79% وهناك تفاوت كبير في توزيع الثروة والفرص في جنوب أفريقيا حيث لا يزال الفقر وعدم المساواة قضايا رئيسية، وبرغم محاولات الحكومة تقليل تلك الفجوات فإنهما يزالان قضايا ملحة في المجتمع الجنوب أفريقي منذ نهاية نظام الفصل العنصري فمازالت الغالبية السوداء تعاني من الفقر والبطالة مثلما كان الحال خلال نظام الفصل العنصري.
وتمثل التوترات العرقية قضية حساسة في جنوب أفريقيا الأمر الذي أدى إلى حدوث عنف وتصادمات بين أفراد المجتمع فمازال الفقر مرتبطًا بالعوامل العرقية ولايزال الوصول إلى التعليم الجيد تحديًا بالنسبة للكثير من المواطنين مما يؤثر على فرصهم في الالتحاق بسوق العمل والتقدم الاجتماعي.
وفي السياق ذاته شهدت جنوب أفريقيا عدة كوارث وتغيرات مناخية كالفيضانات، والتي نجم عنها العديد من الخسائر وفاقمت من أزمات البنية التحتية السيئة والمتهالكة بالأساس مما أدى إلى حدوث أزمة في انقطاع الكهرباء، أدت لإعلان الرئيس رامافوزا حالة الكارثة الوطنية التي تم إلغاؤها واستحداث منصب وزير الكهرباء للمرة الأولي[2].
أبرز الأحزاب المتنافسة في الانتخابات العامة
يخوض الانتخابات المقبلة في جنوب أفريقيا عدد كبير من الأحزاب السياسية، إلا أن أبرز المتنافسين يتمثلون في المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، وأربعة من أحزاب المعارضة الرئيسية الأكثر قدرة على ضمان تأييد قاعدة تصويتية مؤثرة، وسوف نقوم بتوضيح أهم الأحزاب المؤثرة التي تتمتع بثقل سياسي كبير، وقاعدة تصويتية مُؤثرة على النحو الآتي:
المؤتمر الوطني الأفريقي:
يتولى المؤتمر الوطني الأفريقي الحكم في جنوب أفريقيا منذ نهاية حقبة الفصل العنصري بإجراء انتخابات عام 1994 التي أدت إلى تولي نيلسون مانديلا رئاسة البلاد، وفي حال فوز الحزب في الانتخابات المقبلة يكون قد أتم ثلاثين عامًا في السلطة، ويتبنى هذا الحزب في حملته الانتخابية استراتيجية تقوم على الاستمرار في حصد الأغلبية المطلقة، دون الحاجة إلى الدخول في تحالفات انتخابية على الرغم من حصول الحزب على دعم النقابات العمالية والحزب الشيوعي.
ويعتمد هذا الحزب على الذاكرة التاريخية للشعب الجنوب أفريقي الممتلئة بالإنجازات التي حققها هذا الحزب، وعلى رأسها القضاء على نظام الفصل العنصري، ويعتمد أيضًا على عدد من العوامل في سعيه للاستمرار في السلطة أهمها القاعدة التصويتية الكبيرة، والترويج لإنجازاته التاريخية وعلى رأسها القضاء على نظام الفصل العنصري، وقد تراجعت شعبية حزب المؤتمر الوطني منذ انتخابات عام 2019م فقد حصل الحزب على 57.7% من إجمالي المقاعد والتى تعد أقل نسبة في تاريخيه ويتوقع أن تتراجع النسبة مجدداً بشكل أكبر خلال الانتخابات المقبلة الأمر الذي يشكل تهديدًا لمستقبل الحزب.
التحالف الديموقراطي:
يعد هذا الحزب الأكثر شراسة في المعارضة لحزب المؤتمر، وهو الحزب الرسمي في المعارضة منذ عام 2004م وقد استطاع حصد 84 مقعد في انتخابات عام 2019 السابقة، بالإضافة إلى أنه عمل على إقامة ائتلافات مع 6 أحزاب أخرى، مما يزيد في فرصته من تقوية المنافسة، والمشهد يوضح أن للتحالف الديمقراطي حظ كبير في هذه الانتخابات[3].
المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية:
يعتبر حزب مقاتلي الحرية الاقتصادية من الأحزاب المعارضة التي لها فرصة سانحة لحصد عدة مقاعد، وذلك على أثر أيديولوجيته الراديكالية المناهضة للرأسمالية والإمبريالية التي ستسمح له باستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة لعرض نفسه كحزب، كما يملك رؤية جذرية تجاه الحلول للمشاكل الاقتصادي في البلاد، وقد وضحت الانتخابات السابقة أن نسبة حصد هذا الحزب للأصوات في تزايد، حيث ارتفعت نسبة حصوله على المقاعد في 2019 إلى 10% بعدما كانت 6% عام 2014.
حزب إنكاثا وجبهة الحرية:
يعتبر حزبي إنكاثا وجبهة الحرية هما الأطراف الأقل قدرة على المنافسة، نظرا لأن الأول يعتمد في تأييده على قبائل الزولو، أما الآخر فيعتمد على الأقليات البيضاء، فكل منهما يُحسب على اليمين ويتبنى سياسات اجتماعية واقتصادية محافظة، مما يعتبر عامل غير محفز انتخابيًا وفقًا للمتغيرات التي تمر بها جنوب أفريقيا في اللحظة الراهنة.
السماح للمستقلين بدخول الانتخابات:
تشهد الانتخابات المقبلة في جنوب إفريقيا العديد من المتغيرات المهمة، لعل أبرزها توقيع الرئيس سيريل رامافوزا، على قانون يسمح للمرشحين المستقلين بالمشاركة في الانتخابات العامة، وقد جاء هذا القانون بعد إصدار المحكمة الدستورية حكماً يقضي بعدم قانونية منع المرشحين المستقلين من خوض الانتخابات دون عضوية حزب سياسي، وسيتنافس المستقلون على 200 مقعد، بينما تتنافس الأحزاب على 400 مقعد بالجمعية الوطنية، ومن المُحتمل أن يُسفر دخول المستقلين إلى حلبة الانتخابات إلى إرباك حسابات الحزب الحاكم والمعارضة[4].
كيف تٌجرى الانتخابات العامة لجنوب أفريقيا ؟
لا يصوت سكان جنوب إفريقيا على اختيار رئيس للدولة وبدلا من ذلك ينتخبون 400 عضو في الجمعية الوطنية، الذين يصوتون لرئيس جديد للدولة في غضون 30 يوما من الانتخابات العامة، ولا يوجد مرشحون للرئاسة على هذا النحو ولكن من المتوقع أن يصبح زعيم أي حزب يمكنه حشد الأغلبية في الجمعية الوطنية بعد الانتخابات الرئيس المقبل، وبالنظر إلى المقاعد فنجد أن نسبة المقاعد التي يتم تخصيصها للأحزاب في الجمعية الوطنية المكونة من 400 عضو ارتباطا مباشرا بحصتها من الأصوات، وسيتم تضمين المرشحين المستقلين لأول مرة في هذه الانتخابات، وستكون هذه الانتخابات سابع انتخابات عامة ديمقراطية في البلاد، ويمكن لكل مواطن من جنوب أفريقيا يبلغ من العمر 18 عامًا أو أكثر ومدرج في قائمة الناخبين الوطنية المشتركة مؤهل للتصويت في الانتخابات، وسيقوم مواطني جنوب أفريقيا بالإدلاء بثلاثة أصوات تتمثل فيما يلي:
-
البرلمان الوطني:1: 200 مقعد مع الأحزاب السياسية فقط المذكورة في الاقتراع.
-
البرلمان الوطني: واحد للمقاعد ال 200 المتبقية مع ورقة اقتراع مختلفة لكل مقاطعة من المقاطعات التسع، مع إدراج الأحزاب في تلك المنطقة والمرشحين المستقلين.
-
مجلس المحافظة: واحد للمرشحين المستقلين أو الأحزاب في الهيئة التشريعية الإقليمية[5].