المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > الاتفاق على استكمال خطوات فتح سفارتى الدولتين… إلى أين يتجه مستقبل العلاقات الإيرانية السودانية؟
الاتفاق على استكمال خطوات فتح سفارتى الدولتين… إلى أين يتجه مستقبل العلاقات الإيرانية السودانية؟
- مايو 28, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الدراسات الأفريقية وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد: شيماء ماهر، شيماء عبد الحميد
فى خطوة جديدة لدعم مسار التقارب بين إيران والسودان، اتفق وزير خارجية السودان حسين عوض والقائم بأعمال وزير خارجية إيران على باقرى كنى، على تسريع عملية إعادة فتح سفارتى البلدين، وذلك خلال اجتماع جمعهما فى طهران يوم 25 مايو الجارى، حيث بحث الجانبان سبل تطوير العلاقات بين السودان وإيران فى المجالات كافة، والارتقاء بالعلاقات بينهما إلى أعلى المستويات[1].
ولا شك أن هذه الخطوة لها العديد من الدلالات التى ترتبط بالسياق الداخلى للدولتين، وبالسياق الإقليمى الراهن، مما يثير كثير من التساؤلات فيما يخص دوافع التقارب، ومحددات مستقبل العلاقات بين البلدين.
مسار العلاقات من القطيعة للتقارب:
شهدت العلاقات بين السودان وإيران مراحل مختلفة، تراوحت بين التقارب حينًا والتذبذب والقطيعة حينًا آخر، حيث:
-
بعد انتخابات عام 1986، التى أسفرت عن عودة الحكم المدنى فى السودان، اتجه رئيس الوزراء آنذاك الصادق المهدى، للتقارب مع إيران عبر إجراءات متعددة تضمنت زيارته العاصمة طهران، واستمرت فى السير بوتيرة متوازية حتى أبريل 1997، حين وقع البلدان أكثر من 30 اتفاقية تتراوح بين المشروعات المشتركة من حيث التدريب المشترك وتأهيل وتدريب ضباط الجيش السودانى وجهاز الأمن والمخابرات فى طهران، كما وقعت الدولتان اتفاقية للدفاع المشترك فى عام 2008، والتى تتضمن تنسيقًا دفاعيًا متقدمًا وجهودًا مشتركة لتعزيز الأمن والسلام فى منطقة القرن الإفريقى، حيث كانت السفن الإيرانية كثيرًا ما ترسو فى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر[2].
-
بدأت العلاقة بين البلدين فى التراجع فى عام 2014، خاصةً بعد مواجهة السودان أزمة اقتصادية، وفى ذلك الوقت فشلت طهران فى توفير مكاسب اقتصادية كبيرة للسودان، حتى وصلت العلاقات بين الدولتين إلى حد القطيعة فى عام 2016، على إثر التوترات بين إيران والمملكة العربية السعودية والتى أدت إلى اتخاذ الحكومة السودانية وقتها قرارًا بإغلاق جميع المدارس والمراكز الثقافية الإيرانية، وطرد المسؤولين الدبلوماسيين والسفير من البلاد[3].
-
ولكن بعد قطيعة دامت لسنوات طويلة، وفى إطار سياسة الانفتاح على دول المحيط العربى والإفريقى التى اتبعتها طهران فى عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسى، أعلنت الخارجية السودانية استئناف العلاقات مع إيران فى أكتوبر 2023، وفى يناير 2024، التقى الوزير على الصادق، محمد مخبر الذى كان النائب الأول للرئيس الإيرانى الراحل حينها، وجددا الاتفاق على بحث سبل استئناف العلاقات بين البلدين، وسبل التنسيق على المستوى الإقليمى[4].
مصالح متبادلة:
لا شك أن الرغبة المشتركة من الجانبين فى تعزيز التقارب واستكمال خطوات عودة العلاقات، تأتى مدفوعةً بمجموعة من الأهداف والمصالح، منها:
-
حصول الجيش السودانى على الدعم العسكرى الإيرانى؛ حيث إن قوات الجيش فى حاجة إلى التسليح والدعم، مقابل ما تتلقاه قوات الدعم السريع من دعم، وقد أفادت تقارير فى يناير الماضى، بأن إيران سلمت للجيش السودانى طائرات مسيرة من طراز “مهاجر 6″، وأن لهذه الطائرات دورًا مهمًا فى استعادة الجيش السيطرة على مناطق مهمة فى الخرطوم وأم درمان، كما تحدثت بعض التقارير عن وجود خبراء إيرانيين فى قاعدة “وادى سيدنا” العسكرية التابعة للجيش السودانى فى شمال أم درمان، يقومون بتدريب أفراد الجيش على استخدام طائرات “مهاجر6″، ما يؤكد تنامى العلاقة المشتركة بين الدولتين.
-
إحكام طهران قبضتها على البحر الأحمر؛ حيث وجود نفوذ إيرانى فى السودان، سيسمح لطهران بتشديد قبضتها على البحر الأحمر، وبالتالى إمكانية التحكم فى حركة الملاحة بالمنطقة، فضلًا عن تعزيز موقفها فيما يخص تقديم الدعم للحوثيين المتمركزين فى اليمن وحمايتهم.
-
كما أن هذه المساحة الإستراتيجية التى ستكتسبها طهران للإشراف والتمدد جيوسياسيًا على البحر الأحمر، قد تكون مسرحًا جديدًا للعمليات الإيرانية فى حال نشوب حرب مع منافسيها الإقليميين؛ إذ يمكنها مثلًا زرع ألغام بحرية للاستفادة من موقعها فى الشرق الأوسط، أو تعطيل شحنات النفط المارة بالمنطقة.
-
الاستفادة من الحرب للتمدد فى السودان؛ فاستمرار الحرب الأهلية فى البلاد، توفر فرصة لإيران من أجل تنفيذ أغراضها التوسعية، إذ ترى طهران فى السودان قاعدة انطلاق لتحقيق طموحها فى القرن الإفريقى، بجانب تنشيط خط إيصال السلاح إلى غزة، على نحو ما كان يحدث من خلال تحالفها مع نظام الرئيس السودانى المخلوع عمر البشير، فضلًا عن كسب ورقة جديدة لمناكفة الولايات المتحدة التى تنخرط حاليًا فى الحرب السودانية، ولذلك تسعى إيران إلى الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع الجيش السودانى ومضاعفة الدعم العسكرى لقواته.
-
تخفيف آثار عزلة طهران السياسية؛ عن طريق بناء تحالفات جديدة تمكنها من مواجهة الضغوط الأوروبية والأمريكية، وضمان توسيعها لجبهات جغرافيا المقاومة؛ حيث إذا جعلت إيران إفريقيا جزءًا من العمق الإستراتيجى لها؛ فإن ذلك سيتيح لطهران الفرصة لتوجيه ضربات إلى واشنطن فى هذه المنطقة، ولذلك عملت الدبلوماسية الإيرانية على توسيع نشاطها مبكرًا، من خلال إحياء العلاقات الدبلوماسية مع الدول التى قاطعتها، وبالفعل تمكنت من استعادة علاقاتها مع جيبوتى والسودان عام 2023.
-
حاجة البلدين لتبادل المنافع الاقتصادية؛ فرغبة تعزيز التعاون الاقتصادى بين السودان وإيران، تأتى على رأسها طبيعة الشركاء التجاريين والتنمويين للبلدين، حيث تبرز الصين كشريك تجارى أول لكل منهما، فضلًا عن الاتجاه التصاعدى للعلاقات الاقتصادية مع روسيا، كما جاءت الخطوة الأخيرة لتوسيع عضوية تجمع بريكس لتحمل آثارًا إيجابية إضافية مُحتملة؛ فبالتوازى مع انضمام إيران لعضوية هذا التجمع، انضمت كذلك دولتا جوار السودان؛ مصر وإثيوبيا، وهما من الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين بالنسبة للخرطوم، الأمر الذى يصب فى المحصلة فى صالح توفير إطار متعدد الأطراف يعزز فرص تنامى التعاون الاقتصادى بين السودان وإيران[5].