المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > تقدير موقف > دوافع خَفِيَّة وتداعيات مستقبلية خطيرة: الحوثي يعلن عن شراكة عسكرية مع الجماعات العراقية المسلحة
دوافع خَفِيَّة وتداعيات مستقبلية خطيرة: الحوثي يعلن عن شراكة عسكرية مع الجماعات العراقية المسلحة
- يوليو 3, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات تقدير موقف وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد: رضوى الشريف
منسق وحدة شؤون الشرق الأوسط
في شهر يونيو الماضي، كشف زعيم جماعة الحوثي، عن تدشين جماعته للمرة الأولى، عمليات مشتركة مع “المقاومة الإسلامية العراقية”، ضد إسرائيل، عن طريق تنفيذ عمليتيْن في ميناء حيفا على البحر الأبيض المتوسط، وأشارت الجماعة إلى أن العملية الأولى استهدفت سفينتيْن كانتا تحملان معدّات عسكرية في ميناء حيفا، بينما استهدفت العملية الثانية سفينةً أُخرى “انتهكت قرار َحظْر الدخول إلى ميناء حيفا.” ، كما صدر بيانٌ باسم “المقاومة الإسلامية” في العراق يؤكد هذا التعاون. [1]
وكان قد كشف قائد حركة “أنصار الله” الحوثية، عبد الملك الحوثي، عن وجود تنسيق عسكري بين قوات صنعاء والفصائل المسلحة في العراق للتصعيد ضد إسرائيل في الفترة المقبلة، ضِمْنَ “المرحلة الرابعة”، التي أعلن عنها في شهر مايو الماضي، التي تهدف إلى توسيع العمليات البحرية باستهداف جميع السُّفُن المتوجهة إلى إسرائيل حتى إذا كانت في البحر الأبيض المتوسط؛ ما يعني فرْض حصارٍ كاملٍ على إسرائيل وعلى السُّفُن المتجهة إليها.
وحديثًا، أعلنت جماعة الحوثي في بيانٍ أوردته “رويترز“، يوم الثلاثاء 2 يوليو، عن تنفيذ عمليةٍ مشتركةٍ مع “المقاومة الإسلامية العراقية” على هدفٍ حيويٍّ في حيفا بإسرائيل، بعددٍ من الصواريخ المُجنَّحة، وقد حقَّقت أهدافها بنجاح.[2] ، وشدَّدت الجماعة في بيانها، بأنها ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية المشتركة مع الفصائل العراقية؛ إسنادًا وانتصارًا للشعبِ الفلسطيني حتى وقْف العدوان ورفْع الحصار عنِ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ويكْمُنُ وراء هذه التطورات العديد من التساؤلات حول دلالاتها ودوافعها الخَفِيَّة الأخرى التي تسعى جماعة الحوثي إلى تحقيقها، بالإضافة إلى تداعياتها المستقبلية على أمن دول المنطقة.
السياق والدوافع
بينما يُبرِّرُ كُلٌّ من جماعة الحوثي وحركة المقاومة الإٍسلامية العراقية، هجماتهما بأنها تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، يتضح أن الأمر يتجاوز مُجرَّد التعاون في مواجهة إسرائيل ودعم الفلسطينيين؛ فالشراكة المعلن عنها كانت قائمةً بالفعل تحت مظلة محور المقاومة، وتوقيت الإعلان عنها يثير التساؤلات، خاصَّةً أنها تأتي مع اقتراب نهاية المرحلة المُكثَّفة من الحرب الإسرائيلية على غزة، طبقًا لتصريحات رئيس الوزراء نتناياهو،23 يونيو الماضي[3]؛ الأمر الذي يجعل من شراكةٍ كهذه متأخرة.
ويمكن القول: إن هذا الإعلان يأتي في سياقٍ مهمٍ مرتبطٍ بمسار الأزمة اليمنية محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، وهو ما يمكن عرْضُه في الآتي:
ضغوطٌ داخليةٌ على الحوثي: يأتي هذا الإعلانُ في وقتٍ حسَّاسٍ ومحليٍّ وإقليميٍّ غير موائِمٍ للجماعة الحوثية ومحور المقاومة؛ حيت يواجه الحوثي ضغوطًا داخليةً؛ نتيجة فشلها في تأمين الخدمات الأساسية وعدم دفْع مرتبات مُوَظَّفِي القطاع العام، ومن جهةٍ أُخرى، صعَّد البنك المركزي التابع للحكومة اليمنية ضغوطه الاقتصادية عليها، من خلال عددٍ من القرارات المتعلقة بالسياسات النقدية والمالية، قضى أهمها بنقل مراكز البنوك من صنعاء إلى عدن.[4]
تعليق محادثات السلام مع السعودية: أدَّت البيئة الإقليمية المتوترة الناتجة عن المواجهات التي تخوضها جماعة الحوثي مع القُوَى الغربية في البحر الأحمر، إلى تعليق المحادثات مع السعودية وتجميد التفاهمات التي توصَّلت إليها، وهي تفاهماتٌ كانت تصُبُّ في مصلحة الجماعة، وتعتبرها انتصارًا كبيرًا لها.
محاولات غربية لخنْق الحوثي: تُعبِّرُ الجماعة عن مخاوفَ متزايدةٍ من وجود مخططٍ تقوده الولايات المتحدة لخنْقها وكبْح جماحها، عن طريق استهدافها عسكريًّا، وكان زعيم الحوثي واضحًا في الإشارة إلى هذه القضايا، مؤكدًا أنها تُشكِّلُ هاجسًا كبيرًا لجماعته؛ حيث قال: “نعمل على تطوير قدراتنا باستمرار، وسنقابل التصعيد بالتصعيد”، وأضاف: “لدينا أوراق ضاغطة ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام استهداف شعبنا اقتصاديًّا أو عسكريًّا”.
وعليه يكمُنُ وراء هذا الإعلان تعاونٌ عسكريٌّ مشتركٌ بين جماعة الحوثي والمقاومة الإسلامية العراقية، وله دافعان أساسيان، وهما:
إرسال رسائل سياسية وإعلامية: يُعدُّ أُولى تلك الرسائل هي إيصال رسالة للفاعلين الإقليميين والدوليين؛ مفادها أن الجماعة باتت لاعبًا مهمًا في السَّاحة الإقليمية، ومن الصعب تجاهلها أو تجاوز مصالحها.
أما ثانيها؛ تحذير الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، من تصعيد الأعمال العسكرية ضد الجماعة الحوثية، وذلك من خلال إيصال رسالة؛ مفادها “لن نكون وحدنا ويمكننا استهداف مصالحكم من جهاتٍ مختلفةٍ”.
وثالثها؛ يمكن القول: بأن ما يسعى إليه الحوثي في المقام الأول، هو الضغط على الرياض لإعادة النظر في مواقفها، بشأن تعليق مفاوضات السلام معها، ودفعها للضغط على الحكومة اليمنية لوقف التصعيد الاقتصادي، خاصَّةً السياسات التي يُنفِّذُها البنك المركزي التابع للحكومة، ونظرًا لأن الحوثيين يواجهون قيودًا تُعيق التصعيد العسكري المباشر ضد الحكومة، فهم يرسلون رسالةً؛ مفادها أنهم قادرون على استهدافها بأيادٍ أُخرى من خارج اليمن، ولا يُسْتَبْعد حدوث هجمات مشتركة.
مخاوف إقليمية لدى محور المقاومة: يواجه محور المقاومة مخاوف من تطوُّراتٍ مستقبليةٍ، يعتبرُها تهديدًا وجوديًّا؛ أبرزها خطة بايدن لوقف الحرب في غزة، والتوصُّل إلى اتفاق تطبيعٍ بين السعودية وإسرائيل، الذي بموجبه سيتضمن تسوية القضية الفلسطينية وفْق حلِّ الدولتيْن، وعقْد معاهدة دفاعية بين واشنطن والرياض، مثل هذه التطوُّرات المستقبلية – في حال حدوثها – لن تكون في صالح محور المقاومة؛ فتسوية القضية الفلسطينية؛ تعني حرمانهم من قضية أساسية كانت محور تحالفاتهم ومبررًا لنشاطاتهم، بينما تعني المعاهدة الدفاعية تحوُّل ميزان القوى لصالح السعودية؛ لذلك يصبح عرقلة اتفاق التطبيع هدفًا رئيسيًّا لأيِّ تعاونٍ قد يسعى المحور لتحقيقه، من خلال الضغط على السعودية وتهديدها، أو حتى بإشعال المنطقة كحلٍّ أخيرٍ.