المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > “قطر: قوة اقتصادية ودبلوماسية في قلب الأزمات الإقليمية”
“قطر: قوة اقتصادية ودبلوماسية في قلب الأزمات الإقليمية”
- أكتوبر 4, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد: ريهام محمد
باحثة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط
باتت قطر من أبرز النماذج الفريدة في منطقة الخليج العربي؛ حيث تجمع بين التاريخ العريق والحداثة المتطورة، ورغم حجمها الجغرافي المحدود، تمكَّنت الدوحة من ترسيخ موقعها كلاعبٍ رئيسيٍّ على الساحتيْن “الإقليمية، والدولية”؛ بفضل استقرارها الداخلي، واستغلالها الذكي لمواردها الاقتصادية الضخمة، إضافةً إلى موقعها الإستراتيجي الذي عزَّز تواصلها مع القوى العالمية، وقد تألَّقت هذه المكانة خلال الأزمات الإقليمية المتعددة؛ إذ لا يمكن إنكار الدور الدبلوماسي الفعّال الذي قامت به الدوحة، والذي تجلَّى في مساعي حلِّ النزاعات، آخرها الحرب الإسرائيلية على غزة، في هذا الإطار؛ يتناول هذا التقرير تقديرًا إستراتيجيًّا لقطر، ويستعرض كيف نجحت البلاد في تعزيز دورها كوسيطٍ موثوقٍ به ولاعبٍ أساسيٍّ في تعزيز السلام والاستقرار بالمنطقة، مُسلِّطًا الضوء على كيفية تبنِّي الدوحة لسياسةٍ خارجيةٍ متميزةٍ، اختلفت عن سياسات جيرانها في مجلس التعاون الخليجي.
إستراتيجيًا: تقع قطر في قلب منطقة الخليج العربي، وتُعدُّ بمثابة البوابة بين الشرق والغرب، فتحدُّها المملكة العربية السعودية من جهة وتحيط بها مياه الخليج من ثلاث جهات، ويستطيع أكثر من 60% من سكان العالم الوصول إلى قطر، خلال ثماني ساعات بالطائرة أو خمسة أيام عبْر البحر، كما تتمتع البلاد بموقعٍ جيِّدٍ يجعلها قادرة على الوصول بسهولة إلى الأسواق الإقليمية والدولية؛ ما عزَّز مكانتها كنقطةٍ رئيسيةٍ للتجارة والنقل، بالإضافة إلى ذلك، فإن قُرْبها من الممرَّات البحرية الرئيسية ساهم في ترسيخ دورها كمركزٍ لوجستيٍّ وتجاريٍّ في المنطقة، ويُعزِّزُ علاقاتها بالدول المجاورة؛ ما جعل منها لاعبًا مؤثرًا في السياسة والاقتصاد الإقليميين،[1] وتُعدُّ قطر أيضًا واحدًا من أكبر الموانئ البحرية في الشرق الأوسط ووجهةً دوليةً للطيران؛ بفضل مطار “حمد الدولي”، الحائز على جائزة أفضل مطار عالمي لعام 2024، وفق تصنيف سكاي تراكس، وتعتبر الخطوط الجوية القطرية والقطرية للشحن الجوي الأبرز عالميًا كأفضل ناقل جوي لمدة سبع سنوات متتالية، كما تُعدُّ الدولة الأكثرَ أمانًا في العالم، وفْق تصنيف نامبيو 2022، والحاصلة على المركز الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤشر السلامة و السلام العالمي (“Global Peace Index “GPI).[2]
كل هذه العوامل جعلت قطر دولة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة بالمنطقة، ومنحتها القدرة على التأثير في قضايا الأمن والطاقة والاقتصاد فيها.
اقتصاديًّا: تحتل دولة قطر المرتبة الثالثة على مستوى العالم؛ من حيث حجم الاقتصاد؛ حيث وصل الناتج المحلي الإجمالي إلى 177.3 مليار ريال (48.7 مليار دولار) في العام الماضي، نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في قطر يبلغ 82 ألف دولار أمريكي في عام 2023؛ ما يجعلها واحدةً من أغنى الدول العالمية، يعتبر الغاز الطبيعي والنفط هما المصدران الرئيسيان للإيرادات الحكومية والركيزة الأساسية للاقتصاد القطري؛ إذ تملك الدوحة احتياطيًّا يتراوح بين 10% و14% من إجمالي الاحتياطيات العالمية للغاز، كما تحتوي على أحد أكبر حقول الغاز عالميًّا ولديها احتياطي مؤكد من النفط يقدر بـ25244 مليون برميل؛ ما يمنحها المركز الثالث عشر عالميًّا بين دول الإنتاج النفطي، تعكس هذه الاحتياطيات ورؤية الدولة المستقبلية سياسةً مستقرةً، تُسْهِمُ في دعم الاستقرار الاقتصادي الكُلِّي وتمويل جهود التحوُّل الاقتصادي، وفْق رؤية قطر الوطنية 2030. [3]
وفي إطار تقليل الاعتماد على عائدات النفط والغاز، تمَّ إنشاء جهاز قطر للاستثمار عام 2005، يقوم هذا الجهاز باستثمار صندوق الثروة السيادية القطرية؛ ليصبح واحدًا من أكبر الصناديق السيادية العالمية؛ حيث يمتلك استثمارات ضخمة، تتوزع بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين وغيرها، وقد وصلت أصوله المالية إلى 475 مليار دولار ، بنهاية النصف الأول لعام 2023.
الرُّؤْية الوطنية للدولة 2030: