المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشؤون الدولية > توترات تتراكم في شرق آسيا
توترات تتراكم في شرق آسيا
- أكتوبر 19, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
لا توجد تعليقات
مصطفى أحمد مقلد
باحث فى العلوم السياسية
مقدمة:
تتعدد النقاط الساخنة على الساحة الدولية من الحرب الأوكرانية مرورا بالشرق الأوسط وأفريقيا وحتى شرق آسيا، وفي شرق آسيا فإن القضايا المثارة تزداد توترا يوم بعد يوم في ظل غياب رؤية واضحة لتهدئة الأمور بشكل فعال، وفي ظل غياب طرف قادر على تغيير المعادلة الصفرية المعبرة عن تنازع الإرادات الحالى إلى معادلة جديدة تجعل الجميع رابح. حيث:
التوتر في شبه الجزيرة الكورية:
تصاعد التوتر بين الكوريتين مع إعلان “بيونج يانج” – في 9 أكتوبر الجاري- قطع جميع الطرق والسكك الحديدية التي تربطها مع كوريا الجنوبية، وتعزيز وجود الجيش على الحدود، واعتبرت كوريا الشمالية أن ذلك يأتي رداً على مناورات عسكرية أقيمت في كوريا الجنوبية، والزيارات المتكررة للعتاد النووي الأميركي للمنطقة، وتأتي تلك التطورات علي وقع اتهام كوريا الشمالية “سول” بإسقاط منشورات تناهض حكومة “بيونج يانج”، فيما وصفته بأنه “استفزاز سياسي وعسكري قد يؤدي إلى صراع مسلح”، ولم تعلق كوريا الجنوبية على اتهام جارتها، لكن عبرت عن أنها تراقب أنشطة كوريا الشمالية، وردت سبب تلك التوترات إلى بالونات القمامة التي أطلقتها كوريا الشمالية في مايو الماضي[1]، ويترافق مع ذلك، تزايد وتيرة سباق التسلّح بين الدولتين حيث كشفت الدولتين مؤخراً عن عدد من الأسلحة الجديدة القادرة على استهداف الأخر[2].
وتوقع مراقبون أن تقوم كوريا الشمالية بتصعيد التوترات قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لتعزيز نفوذها في الدبلوماسية المستقبلية مع الأمريكيين.
بحر الصين الجنوبى يزداد اشتعالا:
مؤخرا، دعا زعماء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى سرعة الاتفاق على مدونة لقواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي استناداً إلى القانون الدولي، واتخاذ تدابير لبناء الثقة من شأنها أن تخفف التوترات واحتمال وقوع الحوادث في بحر الصين الجنوبي.
لكن الصين تنظر بعين الريبة للأوضاع الإقليمية، وتعتبر نشر الولايات المتحدة لنظام صواريخ “تايفون” فى الفلبين في وقت سابق من العام الجاري في إطار تدريبات عسكرية مشتركة، وهو قادر على ضرب أهداف صينية، أمر يقوض السلام والاستقرار الإقليميين، لذا طالبت الصين بإزالة النظام، وانضمت روسيا إلى التنديد بأول نشر للنظام في منطقة المحيطين الهندي والهادي، متهمة واشنطن بتأجيج سباق التسلح.
وتعد الفلبين عنصراً مهماً في استراتيجية الولايات المتحدة في آسيا، التي أعلنت التزامها بالدفاع عن الفلبين ضد أي هجوم مسلح في بحر الصين الجنوبي[3]، وقد أعرب وزير الخارجية الأمريكي عن قلقه بشأن أنشطة الصين “الخطيرة وغير القانونية بشكل متزايد” في بحر الصين الجنوبي خلال اجتماعه مع زعماء “آسيان”، فيما قال رئيس مجلس الدولة الصيني “تشانغ لي” أن “القوى الخارجية” تحاول “إدخال المواجهة بين الكتل والصراعات الجيوسياسية إلى آسيا”، وهو ما يوضح اعتبار بكين أن دور الولايات المتحدة في هذه القضية يشكل تحديا لتأكيدات الصين بشأن المياه المتنازع عليها.
وتتزايد المواجهات في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه بين الصين، وبين أعضاء في آسيان منهم الفلبين وكذلك فيتنام في الآونة الأخيرة، حيث اشتبكت السفن الصينية والفلبينية بشكل متكرر هذا العام، وقالت فيتنام مؤخرا أن القوات الصينية هاجمت صياديها، كما أرسلت الصين سفن دورية إلى مناطق تدعي إندونيسيا وماليزيا أنها مناطق اقتصادية خالصة، وأججت تلك الخلافات مخاطر حدوث تصعيد قد يستقطب في نهاية المطاف الولايات المتحدة التى ترى تمدد نفوذ الصين في المنطقة يشكل خطر كبير على مصالحها بجانب مصالح حلفائها.[4]
مناورات عسكرية صينية:
أنهى الجيش الصيني مناورات عسكرية بالقرب من تايوان استمرت ليوم واحد وأطلق عليها اسم “السيف المشترك 2024 بي”، وتأتي تعبيرا عن الغضب بعد خطاب الرئيس التايواني الذي عبر فيه عن أن جمهورية الصين الشعبية ليست الوطن الأم، وقالت قيادة المسرح الشرقي للجيش الصيني في بيان، أن المناورات تجري في مضيق تايوان والمناطق الواقعة إلى الشمال والجنوب والشرق من الجزيرة.
واستخدمت الصين رقما قياسيا بلغ 125 طائرة، فضلا عن حاملة طائرات وسفنها، لمحاكاة إغلاق الموانئ الرئيسية في خطوة تسلط الضوء على الوضع المتوتر في مضيق تايوان، وتشير التقديرات إلى أن التدريبات العسكرية الصينية تكلف الكثير، ففي عام 2023، أنفقت الصين أكثر من 15 مليار دولار على نشر سفنها الحربية، التي تم تعقب معظمها في بحر الصين الجنوبي، وعلى الرحلات الجوية التي قامت بها قواتها الجوية في الأغلب في مضيق تايوان وفق تقارير.[5]
ويرى مراقبون أن بكين تحاول إيجاد طرق لزيادة مستوى ونطاق الانتشار العسكري من خلال هذه التدريبات، ولكن بما يتناسب أيضا مع عدم إحداث رد دولي منسق، وهو ما يتماشى مع تكتيكات المنطقة الرمادية بمعنى الإعتماد على تصرفات لا ترقى إلى ما يمكن وصفه بأعمال أو تصرفات حرب أو مواجهة عسكرية، وتركز بدلا من ذلك على التدريب ومحاكاة إجراء حصار للموانئ التايوانية وممرات الشحن الدولية، بالإضافة إلى صد وصول القوات الأجنبية.
من جانبها، أعربت وزارة الدفاع في تايوان عن إدانتها، حيث قامت حاملة طائرات صينية بدخول المياه القريبة من قناة باشي الاستراتيجية جنوب تايوان، والتي تفصل الجزيرة عن الفلبين، لكن أردفت أنها لن تصعد في ردها على التدريبات العسكرية الصينية، ودعا بيان صادر عن المكتب الرئاسي في تايوان الصين إلى “وقف الاستفزازات العسكرية التي تقوض السلام والاستقرار الإقليميين، والتوقف عن تهديد الديمقراطية والحرية في تايوان”.
وقالت اليابان إنها عبرت للصين عن “مخاوفها” بشأن التدريبات وأرسلت طائرات مقاتلة بالقرب من جزيرة يوناجوني الجنوبية القريبة من تايوان، فيما وصفت الولايات المتحدة التدريبات العسكرية بأنها عمل غير مبرر ويخاطر بالتصعيد، وأنها ستواصل مراقبة الأنشطة الصينية في المنطقة، والتنسيق مع الشركاء والحلفاء بخصوص المخاوف المشتركة، كما أكدت الولايات المتحدة التزامها بسياسة “الصين الواحدة”.[6]
المصادر:
[1] سول: بيونج يانج تستعد لتفجير طرق حدودية وسط خلاف بشأن مسيرات.. https://2h.ae/ypEn
[2] غواصة نووية وصاروخ “الوحش”.. سباق التسلح يحتد بين الكوريتين.. https://2h.ae/pIzj
[3] الصين تحذر من نشر صواريخ أميركية في الفلبين: تقوض السلم بالمنطقة.. https://2h.ae/avhy
[4] “آسيان” تدعو لوضع مدونة سلوك بالبحر الجنوبي وإنهاء العنف في ميانمار.. https://2h.ae/Pwlv
[5] Taiwan condemns Chinese military drills around island as ‘unreasonable provocation’.. https://edition.cnn.com/2024/10/14/asia/china-military-drills-taiwan-intl-hnk/index.html
[6] الصين تجري مناورات عسكرية بمحيط تايوان: رسالة تحذير للانفصاليين.. https://2h.ae/OKQe