المقالات
قمة مجموعة العشرين .. رؤى حاسمة وسط أزمات عالمية معقدة
- نوفمبر 20, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
إعداد: إسراء عادل
باحث مساعد في وحدة الشؤون الدولية
احتضنت مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية قمة مجموعة العشرين في نسختها التاسعة عشرة لتكون محط أنظار العالم، في ظل تزايد انعدام المساواة، ووسط أجواء دولية مشحونة بالتحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي تطلب مزيداً من التعاون الفعال بين أكبر الاقتصادات العالمية.
وتتولى البرازيل الرئاسة الحالية للمجموعة خلفا للهند، في ظل تصاعد حدة الأزمات على الساحة الدولية، بدءً من الحرب الروسية على أوكرانيا ومروراً بالتوترات في الشرق الأوسط وتداعياتها الكارثية على قضايا الأمن الغذائي والطاقة والتغيرات المناخية، لذلك جاءت القمة تحت شعار “بناء عالم عادل وكوكب مستدام”، مما يعكس أهميتها الخاصة ودورها المحوري في رسم مسارات الاقتصاد العالمي، ومعالجة القضايا الأكثر إلحاحاً على الساحة الدولية.
ومن هنا تثار عدة تساؤلات جوهرية في إطار انعقاد القمة؛ فما هو جدول أعمال القمة؟ ولماذا تكتسب أهمية خاصة؟ وهل نجحت القمة في اتخاذ خطوات ملموسة تجاه تحقيق الأمن الغذائي العالمي، وإحلال السلام في الشرق الأوسط وأوكرانيا؟
ظروف انعقاد القمة:
عُقدت القمة التاسعة عشرة لمجموعة العشرين في ظل ظروف استثنائية حرجة، وتوقيت بالغ الأهمية يشهد فيه العالم العديد من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية، تتضمن الأزمة الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فضلاً عن اتساع رقعة الصراع لتشمل لبنان وإيران. كما تأتي القمة في وقت يتأهب فيه المجتمع الدولي ككل لحدوث تحولات جديدة في النظام العالمي مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة من جديد، وتتزامن القمة أيضاً مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP29″” في أذربيجان.
أهمية قمة مجموعة العشرين:
تكتسب قمة مجموعة العشرين أهمية كبيرة في ظل تصاعد حدة النزاعات العالمية، خاصةً وأن العالم يواجه انقسامات واسعة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يُظهر مدى التباين الحاد في التوجهات الاقتصادية بين الدول الكبرى كالصين والولايات المتحدة، فضلاً عن الخلافات المتعلقة بانعدام المساواة الاقتصادية وقضايا الهجرة والمناخ والطاقة، ومن هنا انتهز الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا فرصة عقد القمة لإطلاق مبادرة التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، هادفاً إلى الحصول على التزامات مالية من دول المجموعة في إطار دعم المبادرات التي تساهم في زيادة انتاج الغذاء ومكافحة الفقر والجوع على نطاق عالمي، وبالتالي فقد حددت البرازيل أهدافاً محورية لهذه القمة تتمثل في:
محاولة إقناع القادة الكبار المجتمعين بفرض ضرائب عالمية على أرباب الثروات الكبيرة.
تشكيل تحالفاً فعالاً يساهم في تسريع الجهود للحد من الجوع والفقر بحلول عام 2030.
تعزيز السلام في النزاعات الحالية مثل الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان.
إصلاح المنظمات الدولية كالأمم المتحدة بحيث تمنح الدول النامية مزيدا من الثقل.
محاولة إقناع الدول الغنية بتمويل مشاريع الطاقة الخضراء في البلاد الفقيرة.[1]
الدول المشاركة في القمة:
اكتسبت القمة التاسعة عشرة لمجموعة العشرين زخماً دولياً هائلاً في خضم المشهد العالمي المعقد، حيث توافد عدد كبير من القادة إلى ريو دي جانيرو البرازيلية للمشاركة في أعمال القمة، إذ شاركت أكثر من 40 دولة من ضمنها الدول الأعضاء وهم: الصين وروسيا والبرازيل والهند والأرجنتين وأستراليا وتركيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك والسعودية وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي. كما وجه الرئيس إيناسيو لولا دا سيلفا الدعوة إلى 19 دولة غير عضو لحضور القمة هذا العام، كان من بينها الإمارات وقطر ومصر وإسبانيا ونيجيريا وموزمبيق والنرويج وماليزيا وأنجولا.
وتجدر الإشارة إلى المشاركة البارزة لعدداً من الدول العربية في أعمال القمة، كان أبرزها مصر والإمارات وقطر، حيث شاركت مصر للمرة الرابعة على التوالي في القمة مما يعزز من صوت الدول الإفريقية والنامية على الساحة الدولية، ويعكس دور مصر المحوري في القارة الإفريقية بانخراطها الفعال في القضايا العالمية الكبرى، فضلاً عن حرصها على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية الشاملة مع العديد من الدول لتحقيق التنمية المستدامة.[2]
وبرزت مشاركة دولة الإمارات في أعمال القمة في إطار تبادل الرؤى المشتركة مع البرازيل بما يدعم العمل المشترك من أجل تحقيق الأهداف المستقبلية، فهذه المشاركة تحمل أهمية خاصة على صعيد العلاقات الثنائية التي شهدت تطوراً كبيراً بين البلدين، وتتزامن أيضاً مع مرور نصف قرن على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. في حين جاءت مشاركة دولة قطر كخطوة للأمام نحو تعزيز حضورها الفعال في المحافل الدولية والتزامها الراسخ تجاه قضايا التنمية المستدامة ومكافحة الفقر والجوع وتحقيق الأمن الغذائي.
اجتماعات على هامش قمة مجموعة العشرين:
عقدت عدة لقاءات ثنائية مع بعض القادة المشاركين على هامش القمة، لبحث سبل تعميق التعاون في مختلف المجالات والتطرق نحو أهم الشراكات الاستراتيجية الشاملة، وفيما يلي أهم الاجتماعات المنعقدة في إطار القمة:
سلسلة اللقاءات المصرية مع قادة العالم:
أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من قادة وزعماء العالم، في إطار قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيسة التنزانية سامية حسن، وتمحور اللقاء حول سبل تعميق علاقات الأخوة التاريخية التي تربط بين البلدين في ضوء الحرص المشترك على تعزيز جميع أوجه التعاون لاسيما في المجالات التجارية والاقتصادية، فضلاً عن التعاون في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية، وتطرقت المقابلة أيضاً إلى الجهود المصرية للانتهاء من إنشاء سد “جوليوس نيريري” المقام على نهر داخلي في تنزانيا، وأشادت الرئيسة التنزانية بالدعم المصري، مؤكدةً على الأهمية بلادها بهذا المشروع التنموي. واجتمع الرئيس السيسي أيضاً مع رئيس الإمارات مع الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، وتناول اللقاء سُبل تعزيز العلاقات الوثيقة بين البلدين في ضوء ما يربطهما من أواصر تاريخية راسخة على المستويين الرسمي والشعبي. وخلال لقائه بنظيره البرازيلي، تباحث الجانبان بشأن الأوضاع الإقليمية، واستعرضا الجهود المصرية لاستعادة الاستقرار في الشرق الأوسط، والوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، وتوافق الجانبان على ضرورة تنفيذ حل الدولتين وتوسيع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، ورفض أية محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، كما تطرق اللقاء إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في ضوء تقارب مصالحهما ومواقفهما من مختلف القضايا، ووقع الجانبان على بيان مشترك بشأن ترفيع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، بما يساهم في تحقيق مصالح وتطلعات الشعبين الصديقين.[3]
المباحثات البرازيلية – الافريقية:
التقى فخامة رئيس الاتحاد الإفريقي، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بالرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، وتناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات مع تكثيف التنسيق والعمل المشترك في خطوات ملموسة للنهوض بالعلاقات البرازيلية الإفريقية، وفتح آفاق جديدة للتعاون مع الاتحاد الافريقي. كما تطرق الجانبان إلى مناقشة التطورات الراهنة على المستويين الإقليمي والدولي.[4]
وفي السياق ذاته بحث الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا مع نظيره الجنوب أفريقى، سيريل رامافوزا، سبل تعميق التعاون بين البلدين من أجل تعزيز تمثيل الجنوب العالمى فى المحافل الدولية. وناقش الجانبان وسبل تمويل مشروعات الحفاظ على البيئة، مشددين على أهمية تعزيز التعاون بين دول الجنوب العالمي، مع التركيز على تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. ومن جانبه، أعرب رامافوزا عن دعمه الكامل للمبادرات التي أطلقتها البرازيل في إطار قمة مجموعة العشرين، كما أكد على استعداد بلاده لتولي الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين في عام 2025.[5]
المباحثات البريطانية – الصينية:
التقي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بالرئيس الصيني شي جين بينج، على هامش قمة مجموعة العشرين في البرازيل، لإجراء أول محادثات بينهم منذ أكثر من 6 سنوات، إذ يأتي اللقاء في وقت تسعى فيه بريطانيا لكسر الجمود في علاقاتها مع بكين والتي شهدت توترات خلال الفترة التي قضاها المحافظون في السلطة. فمن جانبه رأي رئيس الوزراء البريطاني ستارمر فرصة محورية لإعادة العلاقات مؤكداً على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين لندن وبكين في إطار الاحترام المتبادل. ومن جهته، رحب الرئيس الصيني بهذا اللقاء مشدداً على أهمية التمسك بالشراكة الاستراتيجية الثنائية وفتح آفاق جديدة للعلاقات بين البلدين، خاصةً وأن العالم يدخل مرحلة غامضة من الاضطراب والتغيير.[6]
المباحثات البرازيلية – التركية:
في خطوة هامة لتعميق أواصر العلاقات الثنائية، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على هامش قمة مجموعة العشرين، وبحثا الرئيسان سبل تعزيز العلاقات الثنائية والعمل المشترك من أجل الوصول إلى شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين فضلاً عن مناقشة الأوضاع والتطورات على الصعيدين اٌليمي والدولي. وأعرب الرئيس التركي عن تقديره للمبادرات البرازيلية الهادفة إلى إحلال السلام، مديناً الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة ولبنان، ومؤكداً على التزام بلاده بمنع بيع الأسلحة والذخيرة لإسرائيل، إلى جانب مواصلة العمل للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في فلسطين، وإيصال المساعدات الإنسانية دون انقطاع، والتأكيد على حل الدولتين. وعلى الجانب الأخر، ندد أردوغان بموقف الأمم المتحدة مشيراً إلى أنها لا تستطيع منع الصراعات في العالم لأنها غير كافية لحل الأزمات، مرحباً بإدراج البرازيل مبادرة إصلاح المنظومة الدولية ضمن أعمال مجموعة العشرين خلال فترة رئاستها.[7]
أهم الملفات والقضايا المطروحة على جدول أعمال القمة:
– الأوضاع في الشرق الأوسط: تصدرت الحرب في غزة ولبنان على قائمة أعمال قمة مجموعة العشرين، حيث أتاحت القمة فرصة جوهرية لتسليط الضوء على هذه الأوضاع في ظل وجود حشداً مهماً من المجتمع الدولي الداعم للحق الفلسطيني واللبناني، إذ أكدت دول مجموعة العشرين في ختام القمة على اتحادهم المتماسك لدعم وقف إطلاق النار في كل من غزة ولبنان، فضلاً عن التزامهم الثابت تجاه رؤية حل الدولتين، مشددين على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ، بحيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها دولياً، كما عبروا عن قلقهم البالغ إزاء الوضع الإنساني الكارثي في المنطقة والآثار السلبية للحرب، عبر مناشدتهم للمجتمع الدولي ككل على الحاجة الملحة لزيادة تدفق المساعدات إلى قطاع غزة ولبنان، مع ضرورة بذل الجهود اللازمة لتهدئة التوترات المتصاعدة والتي جعلت منطقة الشرق الأوسط على حافة الهاوية.[8]
الحرب الروسية الأوكرانية:
وفيما يتعلق بحرب أوكرانيا، رحب قادة مجموعة العشرين خلال القمة بالمبادرات البناءة لتحقيق السلام، وطالبوا بسلام عادل ومستدام في أوكرانيا، ولكن لم يتضمن البيان الختامي إدانات صريحة وموجهة للجانب الروسي، حيث تم الاكتفاء بالإشارة إلى المعاناة الإنسانية والتداعيات الكارثية للحروب والصراعات حول العالم، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الأمن الغذائي والطاقة. ويبدو أن البيان الختامي للقمة يتجنب توجيه أصابع الاتهام إلى الدول المتسببة في الأزمات، لكنه يسلط الضوء على الأوضاع الإنسانية المأساوية في كلتا الحالتين.
ملف المناخ:
يبدو أن زعماء مجموعة العشرين لم يتمكنوا من كسر الجمود في مباحثات المناخ التابعة للأمم المتحدة، والمتوقفة نظراً لعدم الالتزام بالأموال التي تحاول منظمة الأمم المتحدة توفيرها لمساعدة الدول النامية على التعامل مع ظاهرة الاحتباس الحراري. ولكن على الجانب الأخر، دعا قادة دول مجموعة العشرين إلى زيادة التمويلات المناخية بشكل سريع وملموس لسداد تكاليف مواجهة التغيرات المناخية، وأكدوا على أن العالم أصبح بحاجة ملحة للتوصل إلى اتفاق بحلول نهاية مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP29، بحيث يحدد حجم الأموال التي يتعين على الدول الغنية تقديمها للدول الأشد فقراً لمواجهة تداعيات التغير المناخي.[9]
مكافحة الجوع والفقر وتحقيق الأمن الغذائي:
ركزت القمة بدرجة كبيرة على مبادرات القضاء على الجوع والفقر في إطار تحقيق الأمن الغذائي بشكل مستدام، حيث أعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا عن إطلاق مبادرة التحالف العالمي ضد الجوع والفقر في بداية قمة مجموعة العشرين، مشيراً إلى أن الجوع والفقر لا ينجم عن ندرة الموارد أو نقص المعرفة، وإنما يأتي نتيجة لقرارات سياسية تعمل على استبعاد الجوانب الإنسانية، ومحاربتهم هي ضرورة وشرط أساسي لبناء عالم سلمي وعادل. كما أكد أيضاً على أن هذه المبادرات جاءت بدعم من قبل منظمات تشمل مؤسسة بيل وميليندا جيتس ومؤسسة روكفلر، وقد لقيت المبادرة دعماً علنياً من قبل 81 دولة، بالإضافة إلى تعهد بنك التنمية الأمريكي بتقديم 25 مليار دولار لتلك المبادرة. ومن جانبها، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، عن مشاركة الاتحاد الأوروبي أيضاً في هذه المبادرة.[10]
فرض ضرائب على أرباب الثروات:
اتفق قادة دول مجموعة العشرين على التعاون لفرض ضرائب فعالة على أثرياء العالم، وهي مبادرة دعمها بقوة الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، كما أكدوا على سعيهم المتواصل لتفعيل هذه المبادرة في ظل الاحترام الكامل للسيادة المالية، فضلاً عن خططهم المتعلقة بابتكار آليات فعالة لمكافحة التهرب الضريبي.
وتجدر الإشارة إلى تهديدات الارجنتين بعرقلة البيان الختامي للقمة بسبب اعتراضاتها على مجموعة من البنود المتعلقة بفرض الضرائب على الأثرياء وتمويل تغير المناخ، حيث جاءت معارضة الأرجنتين للبيان الختامي في أعقاب اجتماع الرئيس الارجنتيني خافيير ميلي مع حليفه الوثيق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في فلوريدا في 14 نوفمبر الجاري، وهذا ما أثار مخاوف العديد من الدبلوماسيين الغربيين من أن عودة ترامب إلى السلطة قد تشعل شرارة انسحاب البلدان من الاتفاقيات الخاصة بقضايا الاحتباس الحراري.[11]
إصلاح المؤسسات العالمية:
كان إصلاح المؤسسات العالمية هدفاً طويل الأمد للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والذي أكد خلال القمة على ضرورة تعزيز المؤسسات العالمية لتصبح أكثر شمولاً وفاعلية لضمان الاستقرار وتعزيز السلام، موضحاً أن استقرار العالم يعتمد بشكل أساسي على المؤسسات الأكثر تمثيلا، ومشدداً على أهمية تضمين أصوات متنوعة في منتديات اتخاذ القرار كخطوة ملموسة في تحقيق التوازن في الحوكمة العالمية.
أبرز مخرجات القمة:
على الرغم من اعتراضات الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي لعرقلة البيان الختامي للقمة، تمكنت مجموعة العشرين من التوصل إلى إعلان مشترك مكون من 85 نقطة تم الاتفاق عليها خلال القمة في إطار مستجدات العمل المشترك ودعم التنمية المستدامة وقضايا التغير المناخي ومكافحة الجوع والفقر، إلى جانب تطورات القضايا السياسية إقليمياً ودولياً، وخاصة الأوضاع في الشرق الأوسط وأوكرانيا. ومن هنا تتمحور أبرز مخرجات القمة فيما يلي:
الدفع نحو إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث دعا الإعلان الختامي إلى مجلس أكثر تمثيلا وشمولا وكفاءة وفعالية وديمقراطية وخضوعاً للمساءلة.
ضرورة تعزيز تمثيلية وصوت البلدان النامية في عملية صنع القرار في بنوك التنمية متعددة الأطراف وغيرها من المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، وذلك من أجل جعل هذه المؤسسات أكثر فعالية ومصداقية ومسؤولية وشرعية.
التعاون بشأن تغير المناخ والحد من الفقر والسياسات الضريبية.
التأكيد على الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة ولبنان مع تكثيف المساعدات الإنسانية.
الإعلان عن مبادرات لدعم دول الجنوب العالمي لتشمل التعاون العلمي مع البرازيل والدول الأفريقية، وخفض الحواجز التجارية أمام البلدان الأقل نمواً.
ختاماً، يمكن القول أن قمة مجموعة العشرين كانت بمثابة تجسيداً قوياً للانقسام الدولي ولفشل الحوكمة العالمية في الحد من الصراعات والحروب المحتدمة والتي ألقت بظلالها القاتمة على قضايا الأمن الغذائي والطاقة والمناخ، حيث شكلت القمة اختباراً حقيقياً لإرادة العالم في مواجهة التحديات المصيرية في وقت يتصاعد فيه الخطر البيئي وتتفجر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك جاءت القمة كخطوة هامة نحو تكثيف التعاون الدولي في مواجهة تلك التحديات عبر الحوار المفتوح بين القادة من مختلف أنحاء العالم، لكنها ليست كافية لوحدها لإحلال السلام في الشرق الأوسط وأوكرانيا، ومواجهة خطر التغير المناخي وقضايا الفقر والجوع في ظل نظام عالمي متهالك تهيمن عليه الانقسامات الواسعة، ما لم تعزز الدول الأعضاء تعاونها بشكل أكبر، وتطور آليات جديدة للتعامل مع التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم اليوم. وبالتالي فإن هذه القمة لم تكن مجرد حدث سياسي عابر، بل كانت بمثابة إعلان عالمي عن الحاجة الملحة لنهج جماعي جديد يعكس تطلعات شعوب العالم نحو مستقبل أفضل وأكثر استدامة.
المصادر:
[1] BBC NEWS، مجموعة العشرين: ما هي وما الذي يبحثه قادتها خلال قمتهم؟، 18 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/srJC6H7L
[2] أحمد الشرقاوي، مشاركة مصر في قمة العشرين تعكس استراتيجية اقتصادية طموحة للتنمية، جريدة الوطن، 18 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/ax4kXoAu
[3] اليوم السابع، قمة العشرين تنطلق بمشاركة الرئيس السيسى.. مصر والبرازيل توقعان اتفاق شراكة، 18 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/3NZbeAUr
[4] الوكالة الموريتانية للأنباء، رئيس الجمهورية رئيس الاتحاد الإفريقي يلتقي الرئيس البرازيلي، 18 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/JVzj5xBx
[5] اليوم السابع، رئيس البرازيل وجنوب افريقيا يبحثان تعزيز التعاون، 18 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/udUg50rc
[6] اندبندنت عربية، قمة “مجموعة الـ20” تطلق تحالفا عالميا ضد الجوع .. “بايدن يدعو إلى زيادة الضغط على “حماس” وبريطانيا ترتب علاقاتها مع الصين”، 19 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/b3BDomu0
[7] Yeni safak، قمة العشرين.. الرئيس أردوغان يلتقي نظيره البرازيلي، 18 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/Lii9RnCC
[8] العربية، قمة مجموعة العشرين تدعو لوقف النار في غزة ولبنان، 19 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/cpJPAdqX
[9] القاهرة الإخبارية، ختام قمة ريو دي جانيرو.. مجموعة العشرين تركز على تغير المناخ، 19 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/n5wKbOR4
[10] الاقتصادية، إعلان واسع النطاق لمجموعة “العشرين” .. معالجة أغلب القضايا رغم الاختلافات، 19 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/yieh94C4
[11] الشرق، عودة ترمب تختبر تماسك مجموعة العشرين.. والأرجنتين تهدد بـ”عرقلة” البيان المشترك، 18 نوفمبر 2024، متاح على الرابط: https://2u.pw/WC5zjciT