المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > تقدير موقف > المصالحة “الصومالية – الإثيوبية” بين الفُرَص والتحديات
المصالحة “الصومالية – الإثيوبية” بين الفُرَص والتحديات
- ديسمبر 12, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات تقدير موقف وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات
إعداد: منة صلاح
باحثة في وحدة الشؤون الأفريقية
تمكَّنت تركيا من التوصُّل إلى هُدْنةٍ بين الصومال وإثيوبيا، وذلك بعد نحو عامٍ من التوتُّرات بين الجارتيْن في منطقة القرن الأفريقي؛ حيث شهدت العاصمة التركية “أنقرة”، يوم أمس، ما وُصف بـ”المصالحة التاريخية” بين البلديْن بوساطةٍ تركيةٍ، وذلك بعد تصاعُد الأزمة بينهما، إثْر توقيع أديس أبابا في يناير 2023، اتفاقًا مع إقليم أرض الصومال، الذي منحها إذنًا باستخدام سواحل الإقليم على خليج عدن لأغراض تجارية وعسكرية، وتُعدُّ هذه الوساطة خطوةً جديدةً في العلاقات الإقليمية، كما تعكس تعزيز نفوذ تركيا المتزايد في القارة الأفريقية.
السياق الإقليمي للمصالحة
جاءت هذه المصالحة في وقتٍ تشهد فيه القارة الأفريقية اضطرابات وتحوُّلات كبيرة في موازين القُوَى؛ حيث يتراجع نفوذُ كُلٍّ من فرنسا والولايات المتحدة، في مقابل تنامِي الحضور الرُّوسي في وسط وغرب القارة، ففي أواخر نوفمبر، أعلنت تشاد إلغاء اتفاقات التعاون الأمني والدفاعي مع فرنسا، وأشار الرئيس السنغالي، إلى أن فرنسا قد تضطر إلى إغلاق قواعدها العسكرية في السنغال؛ نظرًا لأن وجودها يتعارض مع سيادة بلاده، وتبعًا لهذا الموقف، أعلن قادة الأنظمة العسكرية في “مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو” عن رغبتهم في إنهاء تحالفاتهم السابقة مع فرنسا، متجهين نحو تعزيز علاقاتهم مع روسيا، التي قدَّمت لهم نموذجًا جديدًا من الشراكة القائمة على التعاون المتبادل.
وفيما يخُصُّ الولايات المتحدة، فقد طالبت النيجر واشنطن، بإغلاق قاعدتها العسكرية على أراضيها؛ ما اضطر الولايات المتحدة لسحْب قواتها من البلاد، في سبتمبر الماضي، وفي المقابل وقَّعت النيجر اتفاقية تعاون مع روسيا لتطوير منظمة دفاع جوي، وتقديم مستشارين ومدربين رُوس، وإلى جانب روسيا تسعى الصين إلى تعزيز نفوذها في القارة، عبْر الاستثمارات والمشاريع التنموية، وفي مواجهة تراجُع النفوذ الأمريكي، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز تواجُدها في القرن الأفريقي، ويعتبر الصومال البوابة الأساسية لهذه المساعي؛ حيث وقَّعت واشنطن، في فبراير الماضي، مذكرة تفاهُم مع الصومال؛ لإنشاء خمس قواعد عسكرية جديدة.
محادثات السلام المنفصلة مع طرفيْ النزاع
في وقتٍ سابقٍ من يوم الأربعاء 11 ديسمبر 2024، عقد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” اجتماعات منفصلة مع زعيميْ الصومال وإثيوبيا، في إطار مساعيه لحلِّ النزاع القائم بين البلديْن، وصرَّح مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، بأن آبي أحمد عقد اجتماعًا ثنائيًّا مع أردوغان بحضور وفديْ البلديْن، فيما أفاد التليفزيون الصومالي، أن الرئيسيْن الصومالي والتركي ناقشا خلال اجتماعهما الثنائي، تعزيز العلاقات الثنائية، وإعداد الطريق لجولةٍ ثالثةٍ من المحادثات بين الصومال وإثيوبيا بوساطة تركيا؛ حيث كانت تركيا قد استضافت – حتى الآن – جولتيْن من الاجتماعات بين البلديْن؛ في محاولةٍ لتجاوز الخلافات بينهما، ولكن الجولة الثالثة من المحادثات التي كانت مُقرَّرة في سبتمبر الماضي، تم إلغاؤها؛ بسبب التوتُّرات المستمرة بين البلديْن[1].
مذكرة التفاهم المشتركة بين الجانبيْن
أعرب الرئيس التركي خلال مؤتمرٍ صحفيٍّ مشتركٍ مع الرئيس الصومالي “حسن شيخ محمود” ورئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد”، عن شكره لقيادة البلديْن على “المصالحة التاريخية”، والاتفاق على إنهاء الخلافات، مشيرًا إلى أنه تمَّ التوصُّل إلى مذكرة تفاهُم مشتركة بين البلديْن، وأوضح أنه تمَّ اتخاذ الخطوة الأولى نحو بدايةٍ جديدةٍ قائمةٍ على السلام والتعاون، وإرساء الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، ويُشكِّلُ إعلان أنقرة مقاربةً مدروسةً ومتوازنةً؛ لمعالجة المخاوف التي تثيرها الدولتان، ومن أبرز النقاط التي تضمَّنها ما يلي:
-
احترام مقديشو: أكَّدت الدولتان التزامهما بالحفاظ على سلامة أراضي الصومال، مع معالجة إحدى القضايا الجوهرية في مقديشو.
-
التعاون الاقتصادي: يعترف الاتفاق بأهمية حصول إثيوبيا على مَنْفَذٍ بحريٍّ، مع التأكيد على ضرورة التوصُّل إلى حلولٍ تحقق المنفعة المتبادلة دون المساس بسيادة الصومال.
-
المفاوضات الفنية: من المُقرَّر أن تبدأ الصومال وإثيوبيا مفاوضات فنية بتيسيرٍ من تركيا، في فبراير 2025م، على أن تنتهي هذه المناقشات في غضون أربعة أشهر؛ بهدف وضْع إطارٍ عمليٍّ للتعاون بين البلديْن[2].