تواجهُ منطقةُ البحيراتِ العظمى في إفريقيا تحدياتٍ أمنيةً وسياسيةً معقّدةً، تتجسد أبرزها في الأزمة المستمرة في شرق الكونغو الديمقراطية، التي تشهدُ صراعاتٍ مسلحةً ونزاعاتٍ إقليميةً تؤثرُ على استقرار المنطقة بأكملها. وفي هذا السياق، تبرز أهمية الدور المصري في دعم وحدة وسيادة الكونغو الديمقراطية وتعزيز الاستقرار الإقليمي، ويأتي ذلك في إطار سعي مصر إلى توظيف هذا الدعم لتقريب وجهات النظر بين الكونغو وأوغندا، وفتْحِ المجال أمام انضمامهما إلى اللجنة الفنية المشتركة المنبثقة عن اتفاقية 1959، بما يُسهمُ في حماية مصالحِ مصرَ المائيةِ ويعزز من موقفها التفاوضي في قضايا مياه النيل.
يستعرض هذا التقرير الفرصَ والتحدياتِ المرتبطة بهذه الخطوة، ويقدم تصورًا استراتيجيًا لكيفية توظيف مصر لهذا التحرك في إطار تحقيق الأمن الإقليمي وحماية مصالحها الحيوية.
“التمايز” في حوض النيل:
تسعى إثيوبيا لإلغاءِ الاتفاقياتِ القائمةِ لتنظيم المياه في حوض النيل بهدف تنظيم وضعٍ جديدٍ يكون لإثيوبيا فيه الهيمنة، واستغلت إثيوبيا التعامل مع حوض النيل على أنه وحدةٌ واحدةٌ لتستدعيَ دول المنبع الأخرى فى قضاياها ومناقشاتها فى مواجهة مصر والسودان، ولتمررَ إثيوبيا روايتَها على أنها رواية الأغلبية لدول حوض النيل وهو ما ظهر جليا عند التوقيع على اتفاقية عنتيبي 2010.
فرواندا وبوروندي وكينيا وتنزانيا لا يتأثرون بشكلٍ مباشرٍ بحصةِ مصرَ من مياه النيل، لأنهم لا يقعون على المجرى المباشر لنهر النيل الأبيض. وبشكل أكثر تحديدا، ينبع نهر كاجيرا، أحد روافد النيل الأبيض، من رواندا وبوروندي ويصبُ في بحيرة فيكتوريا، وتأثيره على تدفق مياه النيل محدود بسبب مساهمته البسيطة في تغذية البحيرة.
أما كينيا وتنزانيا، فتشتركان في بحيرة فيكتوريا، لكنهما لا تتحكمان بشكلٍ مباشرٍ في مجرى النيل الأبيض، واستغلالهما للمياه يقتصرُ على الاستخدامِ المحليِ للبحيرةِ ولا يمتد إلى التأثير المباشر على تدفق المياه نحو السودان ومصر.
ورغم عدم التأثر المباشر لتلك الدول بحصة مصر، فقد شاركتْ هذه الدول في اتفاقية عنتيبي، للمطالبةِ بإعادةِ توزيع المياه، وبهدف تأكيد حقهم في استخدام الموارد المائية لتلبية احتياجاتهم التنموية، وليس بالضرورة لتقليصِ حصةِ مصرَ، لكن انخراطهم في التحالفات الإقليمية وتوقيعهم على اتفاقية عنتيبي يُستخدم سياسيًا لدعم موقف إثيوبيا.
واتساقا مع اختلافِ تأثّرِ دولِ الحوضِ بحصة مصر التاريخية واختلاف مقدار حاجتها للمياه، تختلفُ أولوياتُ دولِ حوض النيل من حيث استغلال الموارد المائية، حيث تركز إثيوبيا على بناء السدود لتوليد الكهرباء، بينما تسعى الكونغو وأوغندا لتحسين شبكات المياه والزراعة، ويمكن لمصر استثمار هذا التباين لعقْدِ شراكاتٍ منفصلةٍ مع الكونغو وأوغندا، فالكونغو مثلا تُعدُ أغنى دولةٍ أفريقية مائيا، حيث تمتلكُ مواردَ مائيةً غزيرة من نهر الكونغو، وهو ما يقلل من اعتمادها على مياه النيل، ما قد يجعلها أكثر مرونة في مواقفها تجاه مصر.
وفي هذا السياق يُعدُ “إعلان المبادئ المشتركة 2015” – الذى اتجهَ لتنظيمِ عمل السد الإثيوبي- أولَ اتفاقٍ سياسىٍ يقدمُ الخطوةَ الأولى لفصل التنظيم القانونى للنيل الأزرق عن النيل الأبيض، حيث ينص الإعلان على أن البلدين المعنيتين – هما مصر والسودان وإثيوبيا فقط- “ستستخدم مصادر المياه المشتركة -أي النيل الأزرق- بطريقة عادلة ومناسبة”، مع الأخذ في الاعتبار العناصر “الطبيعية” و”المناخية”، و”الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية”، و”احتياجات السكان التي تعتمدُ على مصادر المياه”، و”الاستخداماتِ الحالية والمحتملة لمصادر المياه”، وهو الاتفاقُ الذى وقٌعتهُ الدولُ الثلاثُ دون دول حوض النيل الأبيض.
اتفاقيةُ الانتفاع الكامل بمياه النيل 1959:
هى اتفاقيةٌ تشملُ الضبطَ الكاملَ لمياه النيل الواصلة لكلٍ من مصر والسودان، وتم توزيع حصص المياه بين البلدين والبالغة 84 مليار متر مكعب تخصص منها 55 مليارا و500 مليون متر مكعب لمصر، و18 مليارا و500 مليون متر مكعب للسودان.[1]
بجانب موافقةِ الدولتين على قيامِ مصر بإنشاء السد العالى وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيلِ الأزرقِ وما يستتبعهُ من أعمالٍ يحتاجها السودان لاستغلال حصته، كما أقرت الاتفاقية إنشاء هيئة فنية مشتركة بين الدولتين.[2]
دعوةُ الكونغو وأوغندا الى اللجنة الفنية المشتركة المنبثقة عن معاهدة 1959:
تُعدُ دعوةُ دولتين من دولِ المنبعِ للانضمام إلى اللجنة الفنية المشتركة خطوةً استراتيجيةً تهدفُ إلى تعزيز التفاهم والتعاون بين دول حوض النهر، وتسعى هذه المبادرة إلى تجاوز ردود الفعل الغاضبة المحتملة من خلال تقديم صورةٍ تعكسُ شموليةً أكبر للمواقف والاعتبارات المائية والسياسية، فإشراك دولتين يُسهمُ في إضفاء اعترافٍ أكبر بأعمال اللجنة ويعكسُ رغبةً حقيقيةً في تبنّي مقاربات تشاركية لحل القضايا العالقة.
ستُظهر هذه الخطوة أن المواقفَ السابقةَ لدول المنبع ربما لم تكنْ تأخذُ في الاعتبار كافة الحقائق المائية والسياسية المتعلقة بتوزيع الموارد المائية وإدارتها، ويمكن خلْقُ بيئةِ حوارٍ أكثر انفتاحًا وتعاونًا من خلال توسيع قاعدة التمثيل.
ويعززُ هذا الانضمام روحَ الشراكةِ بين دول حوض النيل، مما يُسهمُ في بناء علاقاتٍ قويةٍ وتطوير حلولٍ شاملةٍ ومستدامة لإدارة الموارد المائية بما يخدم مصالح جميع الأطراف، كما أن مشاركةَ الكونغو وأوغندا ستُسهم في توسيع قاعدة المعلومات والبيانات المتعلقة بالموارد المائية والمناخ والهيدرولوجيا، وهو ما يدعم الدراسات الفنية ويحسّن إدارة المياه وتخطيط المشاريع المستقبلية.
وفي إطار الإدارة الشاملة لموارد النيل، فإن دمْجَ الدولتين في اللجنة يُمكن أن يُعزز من تنسيق الجهود الإقليمية لتقليل الفاقد المائي ومواجهة تحدياتٍ مثل الجفاف والتغير المناخي من خلال مشاريع بنية تحتية مشتركة كالسدود وقنوات الري.
من ناحية أخرى، فإن وجودَ الكونغو وأوغندا في اللجنة سيعيدُ تشكيلَ ميزان القوى في حوض النيل لصالح مصر والسودان، بما يُعزز الموقفَ التفاوضيَ لهما ويَحدُّ من النفوذ الإثيوبي في حوض النيل الذي يقومُ على الكثرة العددية لدول المنبع في مواجهة دولتي المصب، مما يدعم جهودهما في التصدي للمشاريع التي قد تؤثرُ على تدفّقِ مياه النيل مثل سد النهضة الإثيوبي.
لماذا الكونغو وأوغندا ؟:
تتعددُ دوافعُ دعوةِ مصرَ للكونغو الديمقراطية للانضمام إلى اللجنة الفنية المشتركة وتشملُ عدةَ جوانبَ استراتيجيةٍ واقتصادية. فأولًا، تمتلك الكونغو الديمقراطية مواردَ مائيةً هائلةً، خاصة من خلال نهر الكونغو الذي يُعد ثاني أطول نهر في أفريقيا وأغزرها تدفقًا، مما يجعلها أقل حساسية لمسألة تقسيم حصص مياه النيل، وبالتالي لا يؤثر انضمامها على حصة مصر التاريخية من المياه. ثانيًا، تتمتع الكونغو الديمقراطية بمواقفَ تاريخيةٍ إيجابيةٍ تجاه مصر في قضايا حوض النيل، وقد شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مما يسهلُ قبول الكونغو دعوة الانضمام. ثالثًا، يُعتبر انضمام الكونغو للجنة خطوة استراتيجية لتحييد تأثير دول المنبع الأخرى، خصوصًا إثيوبيا، وتعزيز تحالفات مصر الإقليمية في قضايا إدارة الموارد المائية.
من جهة أخرى، توجدُ آلياتٌ تحفيزيةٌ لتشجيع الكونغو على الانضمام، مثل تقديم دعم سياسي لموقف الكونغو في ملفِ وحدةِ وسلامةِ أراضيها، خاصةً في ظل التهديدات الأمنية في شرق البلاد. بالإضافة إلى ذلك، يمكنُ لمصر عرضُ التعاونِ في مشاريع البنية التحتية والطاقة، مثل دعم مشروع سد إنغا العظيم، مما يعزز قدرة الكونغو على استثمار مواردها المائية دون التأثير على حوض النيل.
وأخيرًا، يمكنُ لمصرَ تقديمُ دعمٍ أمنيٍ وعسكريٍ للكونغو في مجال مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود، مما يساعد في التصدي للتحديات الأمنية التي تواجهها.
أما اختيار أوغندا للانضمام، لأنها تمتلكُ مواردَ مائيةً وفيرةً، ومع ذلك تواجهُ تحدياتٍ كبيرةً في إدارة هذه الموارد وتوفير مياه شرب نظيفة بسبب ضَعْفِ بنيتها التحتية، وقد أسهمتْ مصرُ في تنفيذ مشاريع مائية في أوغندا، مثل بناء سدود صغيرة ومشاريع حصاد مياه الأمطار، إلى جانب ذلك، يمتد التعاون بين البلدين إلى المجال الاستخباراتي والعسكري، خاصةً في ظل استمرار أزمة سد النهضة الإثيوبي، حيث تسعى مصر لتعزيز التعاون الأمني مع أوغندا لتأمين مصالحها الإقليمية ومراقبة التحركات في حوض النيل، حيث تمثّلُ أوغندا نقطةً استراتيجيةً في حوض النيل.
دلالاتُ انضمامِ الكونغو وأوغندا:
انضمامُ جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا إلى اللجنة الفنية المشتركة المنبثقة عن اتفاقية 1959 يحملُ دلالاتٍ سياسيةً وقانونية، حيث قد يُفسرُ هذا الانضمام كنوعٍ من الاعتراف الضمني بوجود الاتفاقية دون أن يكون قبولًا رسميًا أو التزامًا كاملاً ببنودها، ويرتبط تفسير هذا الانضمام بالسياق والشروط التي يتم بناءً عليها إدماج الدولتين في اللجنة.
فأولًا، ترتبط اللجنة الفنية مباشرةً بتنفيذ بنود اتفاقية 1959، والتي تهدفُ إلى إدارة وتوزيع مياه النيل بين مصر والسودان. وبالتالي، فإن انضمامَ الكونغو وأوغندا قد يُفهمُ كموافقةٍ ضمنيةٍ على العمل ضمن الإطار الفني والقانوني للجنة، دون أن يُعد ذلك اعترافًا كاملاً بالاتفاقية.
ثانيًا، لا يعني الانضمامُ بالضرورةِ القبولَ الصريحَ بكل بنود الاتفاقية، إذ قد تنضم الدولتان بهدفِ الوصول إلى المعلومات الفنية والمشاركة الإدارية في إدارة الموارد المائية أو للتفاعل مع القضايا المتعلقة بنهر النيل دون الالتزام القانوني ببنود الاتفاقية.
وأخيرًا، من الناحية السياسية، فإن انضمامَ الدولتين دون تحفظٍ قد يُفسَّر على أنه اعترافٌ ضمنيٌ بالاتفاقية، أما إذا أُرفق الانضمام بتحفظات أو شروط، فقد يُعبّر عن رغبة في التعاون دون الالتزام المطلق. أما قانونيًا، لا يُعد الانضمامُ إلى اللجنة الفنية بمثابةِ توقيعٍ رسميٍ على الاتفاقية أو قبول قانوني ببنودها ما لم يتمْ إصدارُ بيانٍ رسميٍ أو توقيع قانوني واضح بهذا الشأن.
وهنا يمكن أن تعملَ مصر والسودان على صياغة إطار قانوني واضح لانضمام الكونغو وأوغندا إلى اللجنة الفنية المشتركة المنبثقة عن اتفاقية 1959 بما يضمنُ حمايةَ مصالحهما الاستراتيجية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تبنّي آليةٍ مرنة تتيح للكونغو المشاركة دون المساس بشرعية الاتفاقية أو فتح المجال لإعادة النظر في بنودها.
استثمار التنافس في منطقة البحيرات العظمى:
إن دخولَ مصر على خط الأزمة في الكونغو الديمقراطية بشكلٍ متوازنٍ ودعم قدرات الدولة الكونغولية يعززُ من قدرةِ مصرَ على ضبط التوازنات الإقليمية بما يخدم مصالحها في ملف مياه النيل، ويمثل ورقة استراتيجية لتعزيز وجودها الإقليمي، وهو ما يعززُ مكانةَ مصرَ كوسيطٍ موثوقٍ إقليميًا ويفتح الأفق لبناء تحالفات قوية تسهم في تحسين موقفها التفاوضي في ملف مياه النيل، خاصة في مواجهة الضغوط الإثيوبية.
الأزمةُ في شرق الكونغو:
تُعدُّ الأزمةُ في شرق الكونغو الديمقراطية واحدةً من أخطر الأزمات في القارة الإفريقية، وتشهدُ المنطقةُ صراعاتٍ مسلحةً بين جماعات مثل جماعة “23 مارس” والقوات الديمقراطية لتحرير رواندا، إلى جانب تصاعد النزاعات العرقية نتيجة المنافسة على الأراضي والموارد الطبيعية مثل الذهب والكولتان والقصدير، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية، إضافة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية نتيجة موجات النزوح والانتهاكات المتزايدة لحقوق الإنسان. [3]
إقليميًا، تتهم الكونغو رواندا بدعمِ جماعاتٍ مسلحةٍ لتحقيق مصالحها، ما يفاقم التوترات الحدودية ويهدد الأمن الإقليمي، بينما تواجه بعثة الأمم المتحدة تحديات في فرض الأمن وحماية المدنيين، كما تلعب الشركات متعددة الجنسيات دورًا في استغلال الموارد، مما يسهم في تعقيد الأزمة.[4]
ويمثل التنافس الأوغندي الرواندي أحدَ العوامل الرئيسية في تشكيلِ دينامياتِ السياسات الإقليمية في الكونغو الديمقراطية، وترسم مجموعة من العوامل المتشابكة خريطة المحركات الكامنة خلف تدخل أوغندا ورواندا في الكونغو مثل الاستفادة من الموارد الكونغولية سواء بشكل مباشر أو باستخدام أذرعها المسلحة من الوكلاء المحليين، وسعي كل من البلدين لإثبات تفوقه الإقليمي.[5]
الموقفُ الأوغندي يُعتبرُ في الآونة الأخيرة أكثر تقاربًا مع حكومة الكونغو الديمقراطية مقارنة بالموقف الرواندي، وذلك نتيجةً لتغيرات في المصالح والتحالفات الإقليمية، فقد شهدتْ العلاقاتُ بين أوغندا والكونغو تحسنًا ملحوظًا، خاصة بعد توقيع اتفاقيات تعاون أمني واقتصادي، حيث نفذت الدولتان عملياتٍ عسكريةً مشتركةً ضد الجماعات المسلحة مثل “تحالف القوى الديمقراطية” الذي يهدد أمن البلدين، ومع ذلك في ديسمبر 2024، استدعت الكونغو الديمقراطية القائم بالأعمال الأوغندي على خلفية تقرير أممي يتهم أوغندا بدعم حركة “إم 23” المتمردة، مما يشير إلى استمرار التوترات بين البلدين.
إن التحركَ المصريَ لتقريب وجهات النظر بين أوغندا والكونغو الديمقراطية يُمثل خطوةً استراتيجيةً بالغةَ الأهمية في مواجهة النفوذ الرواندي المتنامي، خاصة أن رواندا متهمةٌ بدعم جماعات متمردة مثل حركة “M23” التي تُهدد استقرار الكونغو، ويمكن لمصر من خلال هذا الدور أن تُوازنَ النفوذ الإقليمي عبر تقوية التحالف الأوغندي-الكونغولي بتعزيز التعاون بين أوغندا والكونغو سياسيا واقتصاديا، وتفعيل التنسيق الاستخباراتي ودعم مصر للجيش الكونغولي وأوغندا في جهود مكافحة الجماعات المسلحة وتأمين الحدود.
مخاطر ُالانضمام:
رغم الفرصِ التي يوفرها انضمامُ الكونغو وأوغندا إلى اللجنة الفنية المشتركة بين مصر والسودان المنبثقة عن اتفاقية 1959 بشأن مياه النيل، إلا أن هذا الانضمامَ قد يحملُ مخاطرَ تؤثرُ على إدارة الموارد المائية في الحوض، فانضمام دول إضافية قد يُعقد سير عمل اللجنة الفنية، حيث ستزداد الأطراف المعنية، ما قد يؤدي إلى تباين الأولويات بين الدول، وقد تتباين مصالح الكونغو وأوغندا مع مصالح مصر والسودان، مما قد يصعّب الوصول إلى توافق بشأن قضايا المياه.
ختامًا:
إن دخولَ مصرَ على خط الأزمة في الكونغو الديمقراطية يمثلُ خطوةً استراتيجيةً بالغةَ الأهمية لتعزيز دورها الإقليمي وحماية مصالحها المائية في حوض النيل. من خلال دعم وحدة وسيادة الكونغو وتقريب وجهات النظر مع أوغندا، يمكن لمصر أن تبنيَ تحالفاتٍ إقليميةً قوية تُسهم في تعزيز موقفها التفاوضي في مواجهة التحديات المائية، خاصة في ظل التعقيدات المرتبطة بمشروعات دول المنبع. ومع ذلك، يتطلب هذا التحرك إدارة دقيقة للمخاطر المحتملة من خلال وضع خطة تنفيذية شاملة، وضمان تنسيق الجهود مع الدول المعنية، مع التركيز ِعلى بناء شراكاتٍ تنموية تحققُ مصالحَ جميع الأطراف. بهذه الرؤية المتكاملة، يمكن لمصر أن تعززَ استقرارَ المنطقة وتؤمّنَ مصالحها الاستراتيجية في إدارة موارد نهر النيل.
