المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > آفاق العلاقات «الإماراتية – الفرنسية»: شراكة إستراتيجية نحو المستقبل
آفاق العلاقات «الإماراتية – الفرنسية»: شراكة إستراتيجية نحو المستقبل
- فبراير 9, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات

إعداد: ريهام محمد
باحثة متخصصة في وحدة شؤون الشرق الأوسط
تشهد العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا تطورًا ملحوظًا وتعاونًا متناميًا على مختلف الأصعدة؛ ما يسهم في تعزيز الشراكة الإستراتيجية التي تربطهما ويُضْفِي عليها طابعًا خاصًّا، يتسم بالخصوصية والاحترام المتبادل، وتقارُب الرُّؤى تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وفي إطار هذا التعزيز المستمر، اجتمع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في باريس، يوم الخميس الموافق 7 فبراير الجاري، في قمةٍ، تُعدُّ الخامسة من نوعها، خلال أقلّ من ثلاثة أعوام.
تأتي هذه القمة في ظلِّ تحديات إقليمية وعالمية مُلِحَّة، لا سيما في ما يتعلق بتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ومكافحة تغيُّر المناخ كأحد أبرز التحديات التي تواجه البشرية، وتُبرز هذه اللقاءات المتكررة عُمْق العلاقات بين البلديْن، ودورهما الفاعل في تعزيز السلام والاستقرار، إلى جانب تعاونهما المثمر في مجالات اقتصادية وبيئية وثقافية؛ ما يعكس رؤيةً مشتركةً لمستقبل أكثر استدامةً وازدهارًا.
كذلك تحمل القمة أهميةً خاصَّةً؛ كوْنها تأتي عقب أيام من إعلان وزارة الدفاع الإماراتية، عن تدشين أول طائرة “رافال” فرنسية ضمن الدفعة الأولى، والتي تُعتبر من بين الأكثر تطورًا على مستوى العالم؛ ما يعكس خطوةً مهمةً لتعزيز قدرات القوات المسلحة الإماراتية، ويُظهر عُمْق الشراكة الإستراتيجية بين دبي وباريس.
العلاقات السياسية بين البلدين: ثبات وتعاون متواصل
تتميز العلاقات السياسية بين الإمارات وفرنسا بالاستقرار والتعاون الوثيق في مجالات متعددة؛ حيث تسود هذه العلاقات روح الفهم المتبادل والاحترام، يركز الجانبان على تعزيز الشراكة الإستراتيجية في السياسة الإقليمية والدولية، ويتقاسمان رؤيةً مشتركةً حول العديد من القضايا، أبرزها الأمن في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب واستقرار المنطقة الخليجية، كما أن الدولتيْن مشاركتان بفاعليةٍ في اجتماعات المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين، وامتدَّ تعاونهما إلى عدة منظمات إقليمية ودولية.
على صعيدٍ آخر، تُولِي القيادتان السياسيتان اهتمامًا كبيرًا لتعزيز العلاقات الثنائية؛ ما يتجلَّى بشكلٍ واضحٍ عبْر الزيارات الرسمية رفيعة المستوى والاجتماعات الدورية التي تعكس حجم التعاون المتزايد بين الطرفيْن، ومن نتيجة هذا التوجُّه تمَّ تأسيس لجنة الحوار الإستراتيجي “الإماراتي – الفرنسي”، والتي بدأت أعمالها منذ عام 2008، وقد اتفقت دولة الإمارات وجمهورية فرنسا، خلال الحوار الإستراتيجي السنوي في عام 2020، على وضع خارطة طريقٍ للعقد المقبل (2020-2030) تحدد الطموحات والمبادرات المشتركة، وتركز – بشكلٍ خاصٍّ – على القطاعات الرئيسية للتعاون الثنائي مثل: الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة؛ بما فيها النفط والغاز والطاقة النووية والمتجددة، والتعليم والثقافة والصحة والفضاء والأمن.
-
كما قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارةٍ رسميةٍ إلى فرنسا، في يوليو 2022، وكانت تلك الزيارة الأرفع مستوى ضمن علاقات القادة ورؤساء الحكومات؛ حيث لقي استقبالًا حارًّا وتوجّت بإطلاق مجلس الأعمال “الإماراتي – الفرنسي”؛ بهدف توسيع آفاق التعاون الثنائي بمختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وشهدت تلك الزيارة توقيع اثني عشر اتفاقًا ومذكرة تفاهمٍ؛ تهدف لتعزيز الروابط الثنائية وتنمية فرص التعاون بين البلدين؛ بما يشمل اتفاق شراكة إستراتيجية شاملة بمجال الطاقة، كما منح “ماكرون” الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “وسام جوقة الشرف” من طبقة الصليب الأكبر، وهو يُعتبرُ أرقى وسام وطني فرنسي، تمَّ هذا التكريم تقديرًا لمساهمته في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين الإمارات وفرنسا على مختلف الأصعدة، وبدوره، منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نظيره الفرنسي “وسام زايد”، الذي يُعدُّ أعلى وسام مدني في دولة الإمارات، ويُمنح للرؤساء والملوك الذين كانت لهم أدوار مهمة في تعزيز العلاقات بين البلديْن ونموها.
-
أما القمة الثانية، فقد عُقدت خلال زيارة رئيس دولة الإمارات إلى باريس، في مايو 2023؛ حيث تمَّ تناول مختلف جوانب الشراكة الإستراتيجية القائمة بين الدولتين وآفاق توسيعها عبْر جميع القطاعات، وأكَّد الزعيمان، أن الهدف المشترك لدولة الإمارات وفرنسا، هو تعزيز السلام والاستقرار والتعاون على المستويات الإقليمية والدولية.
-
اجتمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مجددًا مع الرئيس الفرنسي أثناء قمة مجموعة العشرين الثامنة عشرة، التي أُقيمت في الهند سبتمبر 2023. وقد استعرض الزعيمان سبل تطوير وتعزيز التعاون في شتَّى المجالات؛ بما يعود بالنفع على الجميع ويحقق آمال التنمية والازدهار.
-
بعد حوالي شهرين من تلك القمة، التقى الرئيسان مرةً أخرى، في الأول من ديسمبر 2023، على هامش مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغيُّر المناخ COP28″ ” الذي عقد بمدينة “إكسبو دبي”، وأثناء اللقاء، تمت المناقشة حول العلاقات الثنائية وطرق دعمها وتقويتها؛ خاصَّةً فيما يتعلق بالتنمية المستدامة، بالإضافة إلى عددٍ من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وقد حققت قمة المناخ COP28 نجاحًا ملحوظًا بتوصُّل المجتمعين إلى “اتفاق الإمارات” التاريخي، والذي قدم استجابةً طموحةً وشاملةً لتقييم التقدم المُحْرَز نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس. [1]