المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > تقدير موقف > زيارة الرئيس الزامبي لمصر: فرصة لفتح آفاق أوسع من العمل المشترك
زيارة الرئيس الزامبي لمصر: فرصة لفتح آفاق أوسع من العمل المشترك
- فبراير 25, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات تقدير موقف وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات

إعداد: دينا لملوم
منسق وحدة الشؤون الأفريقية
نجحت مصر في مد جسور التعاون وفتح آفاق أوسع لتحقيق التقارب والعمل المشترك مع الأشقاء الأفارقة في مختلف أفريقيا، حيث كانت زامبيا من بين الدول التي ساندتها مصر على أصعدة عدة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو حتى العسكرية، وفي هذا الصدد جاءت زيارة الرئيس الزامبي هاكيندي هيتشيليما إلى القاهرة ٢٤ فبراير ٢٠٢٥؛ لتقوية الروابط بين البلدين وتعزيز أطر التعاون المشترك، كما تضمنت الزيارة توقيع عدد من مذكرات التفاهم، وعقد منتدى أعمال مصري زامبي.
آفاق العلاقات المصرية الزامبية
لقد ساهمت السياسة المصرية في دعم لوكاسا قلب الجنوب الأفريقي ومقر المندوبية الدائمة لتكتل دول جنوب وشرق أفريقيا “الكوميسا” في نواحي مختلفة، منها ما هو سياسي واقتصادي وأمني، فضلاً عن الثقافي.
أولًا- العلاقات السياسية:
تحظى العلاقات السياسية بين مصر وزامبيا برؤى مشتركة حول معظم القضايا من بينها قضية إصلاح وتوسيع مجلس الأمن، فترى البلدين أهمية التمسك بالموقف الأفريقي الجماعي الذي يخدم مصالح القارة، وتدعم لوساكا الترشيحات المصرية للمناصب الدولية، كالترشيح المصري لعضوية مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعضوية المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية للطيران المدني، وفي يونيو ٢٠٢٣ توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الزامبية للمشاركة في قمة تجمع الكوميسا، حيث التقى بنظيره الزامبي هاكيندي، الذي أشاد بالدور المصري والانجازات التي حققتها مصر خلال رئاستها للكوميسا، وتوالت الزيارات بين المسئولين في كلا الدولتين؛ للدفع بمستوى العلاقات وتوسيع دائرة العمل المشترك، إضافة إلى تعزيز التواصل مع مصر للتشاور حول القضايا والتحديات التي تواجه القارة الأفريقية.[1]
ثانيًا- العلاقات الاقتصادية:
عملت مصر على تقوية أسس التعاون الاقتصادي مع جولة زامبيا، عبر تحقيق التكامل الصناعي، وتطوير سبل التبادل التجاري بين البلدين، مع الاستفادة من كافة الميزات التي تتيحها اتفاقية الكوميسا؛ لزيادة معدلات التجارة البينية بينهما وتحسين حركة الصادرات المصرية إلى الأسواق الزامبية، ففي عام ٢٠٢٤ وصل حجم التبادل التجاري إلى ٩٦ مليون دولار مقابل ١٨٣ مليون دولار في العام السابق عليه، كما بلغت الصادرات المصرية ٣٢ مليون دولار العام الماضي مقابل ١٨ مليون في ٢٠٢٣، أما واردات مصر من زامبيا فقد سجلت ٦٤ مليون دولار خلال ٢٠٢٤، مقابل ١٦٥ مليون عام ٢٠٢٣، وجاءت المنتجات الطبية في صدارة السلع التي صدرتها مصر العام الفائت، يليها المواد الغذائية، والسكر والمصنوعات السكرية، واللدائن ومصنوعاتها، أما السلع التي تستوردها مصر من زامبيا خلال نفس العام، فتتمثل في النحاس ومصنوعاته أحد أهم المجموعات السلعية في هذا الصدد.
وبلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بزامبيا 5 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024 مقابل 3.9 مليون د خلال العام المالي السابق عليه، في حين وصلت قيمة تحويلات الزامبيين العاملين في مصر 1.2 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024 مقابل 1.5 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023، على الجانب الآخر بلغت الاستثمارات الزامبية في مصر 327 ألف دولار خلال العام المالي 2023/2024 مقابل 54 ألف دولار خلال العام المالي 2022/2023، بينما الاستثمارات المصرية في زامبيا سجلت 311 ألف دولار خلال العام المالي 2023/2024 مقابل 4.9 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023.[2]
ثالثًا- العلاقات الثقافية:
في الفترة من 24 إلى 26 مايو 2010 شاركت فرقتا الطبول النوبية والعريش للفنون الشعبية فى مهرجان الفنى الأفريقى الرابع يوم أفريقيا والذى عقد بالعاصمة لوساكا، وقد حازت الفرقتين بقبول وإشادة المسئولين على رأسهم رئيس الجمهورية الزامبى حينذاك روبيا باندا وقرينته.
وفي فبراير ٢٠٢٠ أقامت سفارة مصر في زامبيا احتفالية ثقافية بمناسبة إصدار أول كتاب من نوعه يحوي قصصاً قصيرة لكُتّاب زامبيين معاصرين مترجمة إلى اللغة العربية، حيث شارك في الكتاب الذي نشرته دار المعارف المصرية ١٢ كاتباً زامبياً، عكست قصصهم واقع الحياة الزامبية وطموحات الإنسان في هذا البلد الأفريقي، وقد أثنى المسؤولون الزامبيون المشاركون في الندوة على الجهد الكبير الذي بذلته الكاتبة المصرية “سلوي الحمامصي” لترجمة الأعمال الزامبية، في مبادرة رعتها السفارة المصرية، وأثمرت عن التجربة الأولى من نوعها لإيصال الأدب الزامبي المعاصر إلى قاريء العربية.
رابعًا- العلاقات العسكرية:
في يونيو ٢٠٢٣، استقبل الفريق أول محمد زكي وزير الدفاع والإنتاج الحربي السابق أمبروز لويجي وزير دفاع زامبيا والوفد له، حيث تناول اللقاء التباحث حول عدد من الموضوعات المتعلقة بمجال التعاون العسكري ونقل وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا الجانبين، سبقها زيارة للفريق بول ميهوفا رئيس أركان القوات المسلحة الزامبية حينذاك، حيث كان في استقباله الفريق محمود حجازي؛ تبادلا خلالها الرؤى المختلفة تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومناقشة سبل فتح آفاق جديدة من علاقات الشراكة والتعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين.
خامسًا- التعاون الطبي:
في عام ٢٠٢٢ استقبل الدكتور خالد عبد الغفار اللواء توبولي مولامبو لوبايا سفير دولة زامبيا في مصر، والوفد المرافق له، بحث الجانبان سبل التعاون وتبادل الخبرات العلمية والبحثية بين البلدين، تناول الاجتماع تعزيز أوجه التعاون بين البلدين في القطاع الصحي، بالإضافة إلى الاستفادة من خبرات الدولة المصرية في التطوير والارتقاء بالمنظومة الصحية، ومنها تجربة وزارة الصحة والسكان المصرية، في مجال إدارة المستشفيات، ومراكز الرعاية الصحية والقدرة على تقديم أوجه الرعاية الصحية والعلاجية المختلفة للمواطنين بكافة أعمارهم.
وشهد الاجتماع بحث تدريب متخصصين من الأطباء والفنيين من دولة زامبيا في تخصصات (الأورام السرطانية، الأعصاب، جراحات الأعصاب) وذلك داخل المعاهد والمراكز والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان،
بالإضافة إلى تدريب أطباء الأورام داخل المعهد القومي للأورام التابع لجامعة القاهرة، وذلك بهدف تبادل الخبرات الطبية والعمل على التحسين وتحسين مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين من دول زامبيا، وناقش الجانبان وضع خطة محددة لاستقبال مرضى الحالات الحرجة من دولة زامبيا، وتقديم أوجه الرعاية الطبية من خلال المستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان، بالإضافة إلى تقديم الخدمات العلاجية لضمان حصولهم على أفضل خدمة طبية ودوائية.[3]
زيارة الرئيس الزامبي لمصر
استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الزامبي هاكيندي هيتشيليما بقصر الاتحادية الاثنين ٢٤ فبراير الحالي، وعقد الطرفين مباحثات ثنائية، تلتها مناقشات موسعة ضمت وفدي البلدين، وكذا قام الرئيسان بتوقيع عدة اتفاقيات تعاون، وعكس هذا اللقاء مدى الإرادة السياسية المشتركة لتكثيف التعاون في المجالات المختلفة، كما أعربت مصر عن جاهزيتها الكاملة لنقل خبراتها التنموية ومساندة زامبيا؛ للنهوض بكفاءة كوادرها، أيضاً جرى التباحث حول فرص الاستثمار في ممر لوبيتو؛ لتشجيع القطاعين العام والخاص المصريين في الأنشطة الاستثمارية بلوكاسا؛ من أجل توثيق العلاقات بين مجتمعي الأعمال في البلدين، إضافة إلى عقد منتدى أعمال مصري زامبي بوزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، الذي جاء تحت عنوان “تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة لتحقيق التنمية المستدامة”.[4]
دلالات هامة
تأتي زيارة الرئيس الزامبي لمصر استكمالاً للقاءات الرئاسية المتعددة التي سعت من خلالها الإدارة المصرية للدفع بأطر التعاون الاقتصادي على وجه التحديد بين الدول الأفريقية؛ بما يجعل ثمة تعاضد بينهم خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية الحالية، إضافة إلى أن المنظور المصري يرى أن الشراكات الاقتصادية تعمل على تقليص التدخلات الخارجية وجعل القارة السمراء صاحبة قرار في النواحي السياسية والاقتصادية بعيداً عن الضغوط التي يفرضها النظام العالمي، وهو ما أدركته القيادة المصرية الحكيمة في تعاملها مع الأشقاء الأفارقة، بما جعل مصر شريك مقبول يحظى بمكانة خاصة لدى قادة وشعوب أفريقيا، وأحدث نقلة نوعية على مستوى العلاقات المصرية الأفريقية، كما تجسد هذه الزيارة مدى تقدير زامبيا لدور مصر الريادي والمحوري في المنطقة.
لقاء سبق الزيارة
على هامش أعمال الدورة العادية الثامنة والثلاثين لمؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي، التي استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا منتصف فبراير الجاري، التقى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي برئيس جمهورية زامبيا هاكيندي هيتشيليما، تناولا خلال هذا اللقاء حزمة من الملفات والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، بحضور السفير محمد جاد، سفير مصر لدى إثيوبيا والمندوب الدائم لمصر لدى الاتحاد الإفريقي، والدكتورة حنان مرسي، المرشحة المصرية لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ونقل مدبولي تحيات الرئيس السيسي ودعوة موجهة لهيشيليما لزيارة مصر، والتي تعد الزيارة الأولى له إلى القاهرة؛ بما يؤكد على مدى عمق العلاقات بين الدولتين.[5]
أبرز المخرجات
-
تم التوافق على أهمية الاستغلال الأمثل لقدرات البلدين، وتعزيز الأطر التعاهدية، في مجالات التشاور السياسي، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، والزراعة، والاستزراع السمكي، والبنية التحتية.
-
الاتفاق على ضرورة العمل المشترك، وتنسيق المواقف للدفع بالأولويات الأفريقية على الأجندة الدولية، فضلاً عن العمل على إصلاح المنظمات القارية، بما يجعلها أكثر استجابة للتحديات، وضرورة الاستفادة من الأطر القارية، لاسيما اتفاقية التجارة الحرة القارية، واتفاقية الكوميسا، واتفاقية التجارة الحرة الثلاثية؛ لتعزيز التكامل والاندماج الإقليمي بين دول القارة.
-
التأكيد على أهمية تعزيز الأمن والاستقرار في القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط في ظل التحديات الراهنة، علاوة على مواصلة التنسيق والتشاور حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.[6]