المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > التلاعبُ النفسيُ والدعايةُ المتطرفة: كيف يتمُّ استقطاب الأفراد نفسيًا؟
التلاعبُ النفسيُ والدعايةُ المتطرفة: كيف يتمُّ استقطاب الأفراد نفسيًا؟
- مارس 2, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: إصدارات دورية الدراسات الأمنية والإرهاب
لا توجد تعليقات

إعداد: إلهام النجار
باحث مساعد في وحدة الإرهاب والتطرف
مُقدمة:
يُعدُ التطرفُ والإرهابُ من أكثر الظواهر تهديدًا لأمن واستقرار المجتمعات، حيث تتجذر هذه الظاهرة في مجموعةٍ مُعقّدة من العوامل السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية. ومع ذلك، تلعبُ العواملُ النفسيةُ دورًا حاسمًا في دفع الأفراد نحو تبني الفكر المتطرف والانخراط في سلوكيات عنيفة، فالشعورُ بالعزلةِ الاجتماعية، والإحباط،ُ وفقدانُ الهويةِ، والرغبةُ في تحقيق الانتماء، كلها عواملُ نفسية تُهيئ الأفراد ليكونوا أكثر عُرضة للتأثر بالدعاية المتطرفة والانضمام إلى الجماعات الإرهابية، كما أن الاستغلالَ النفسيَ عبر وسائل الإعلام والدعاية الموجهة يُسهم بشكل كبير في إعادة تشكيل الأفكار والمعتقدات، مما يعزز من احتمالية التحول نحو التطرف.
وعليه، يُقدم التقرير الخامس عرضًا شاملًا عن الخصائص النفسية التي تساهمُ في جذْبِ الأفراد إلى التطرف والإرهاب ، مع تسليط الضوء على التحديات المرتبطة باكتشاف هذه العوامل مبكرًا، بالإضافة إلى استراتيجيات المعالجة والوقاية، كما يركزُ التقرير على تحليلِ العوامل النفسية وتقديمِِ حلولٍ علميةٍ وعمليةٍ للحدِّ من تأثيرها، مما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار المجتمعي.
أولًا: العواملُ النفسيةُ التي تدفع الأفراد إلى التطرف
هناك عدةُ عواملَ نفسيةٍ تدفع الأفراد إلى التطرف والإرهاب، ويمكن توضيح هذه العوامل من خلال الآتي:
الشعورُ بالعُزلة والانتماء:
يُعد الشعورُ بالعزلة وفقدانُ الانتماءِ أحدَ العوامل النفسية الرئيسية التي تجعل الأفراد عُرضة للتطرف، فالبشر مخلوقات اجتماعية بطبيعتهم، ويبحثون عن الاعتراف والانتماء إلى مجموعات تمنحهم شعورًا بالهوية والأمان، وعندما يفتقرُ الأفرادُ إلى هذه الروابط الاجتماعية، فإنهم قد يصبحون أكثر عُرضةً للانضمام إلى جماعاتٍ متطرفةٍ توفر لهم هذا الشعور، وتُشير الدراسات إلى أن العُزلةَ الاجتماعيةَ قد تُزيدُ من احتمالية انجذاب الأفراد إلى الحركات المتطرفة، فالأشخاص الذين يشعرون بأنهم غيرُ مقبولين في مجتمعاتهم أو معزولون عنها قد يبحثون عن هويةٍ جديدةٍ داخل جماعات توفر لهم القبول والدعم، وأن الأفراد الذين يشعرون بالعُزلة الاجتماعية قد ينضمون إلى مجموعاتٍ متطرفةٍ كوسيلةٍ لاستعادةِ الشعور بالهوية والانتماء.[1]
كما أن الأشخاصَ الذين يُعانون من نقْصِ الانتماء إلى المجتمع قد يبحثون عن مجموعاتٍ توفر لهم هذا الشعور، حتى لو كانت متطرفةً، وهذا ما يجعلُ الجماعاتِ المتطرفةَ قادرةً على استغلال مشاعر العزلة وتقديم رؤية بديلة للعالم تعزز من ارتباط الفرد بها، أيضًا العزلة الاجتماعية لا تؤثر فقط على الانتماء، بل تؤثر أيضًا على الصحة النفسية، مما قد يؤدي إلى زيادة مشاعر الغضب والإحباط، وأن الأفرادَ الذين يعانون من الوحدةِ المُزمنةِ هم أكثر عُرضةً للإصابة بالاكتئاب والقلق، مما قد يجعلهم أكثر عُرضة للبحث عن جماعات متطرفة تعطيهم شعورًا بالهدف والتقدير.[2]
لمعالجةِ هذه المشكلة، يجبُ تعزيز الروابط الاجتماعية للأفراد من خلال:
-
إنشاءُ بيئاتٍ اجتماعيةٍ داعمة تقلل من مشاعر العزلة.
-
وتعززُ الاندماجَ الاجتماعي ، الأنشطة المجتمعية التي تساعد الأفراد على بناء هوية إيجابية والابتعاد عن الجماعات المتطرفة.
-
إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأفراد الذين يعانون من الشعور بالاغتراب لضمان إدماجهم في المجتمع بطريقة صحية .[3]
الإحباطُ والشعورُ بالظلم:
يُعد الشعورُ بالإحباطِ والظلمِ من أقوى الدوافع النفسية التي تدفعُ الأفرادَ إلى تبنّي الأفكار المتطرفة، فعندما يشعر الأفراد بأنهم محرومون من حقوقهم أو غيرُ قادرين على تحقيق أهدافهم بسبب ظروف خارجية غير عادلة، فإنهم قد يُصبحون أكثرَ عُرضةً للانجذاب إلى الحركات المتطرفة التي تقدمُ لهم تفسيرًا لهذه المشاعر، وأحيانًا توفر لهم وسائل للتعبير عنها بشكل عنيف، ويمكن توضيح ذلك من خلال:
الإحباطُ كعاملٍ مُحفٌز للتطرف:
الإحباطُ هو حالةٌ نفسيةٌ تنتجُ عن عدم تحقيق الأهداف الشخصية أو الشعور بالفشل في مواجهة العقبات، عندما يتراكم هذا الشعور دون وجود حلول، فإنه قد يدفع الأفراد إلى البحث عن طرقٍ غير تقليديةٍ للتعبير عن غضبهم، فإن الإحباطَ يؤدي إلى العدوان، والذي قد يتم توجيهه نحو المجتمعِ أو النظام القائم، مما يجعل الأفرادَ أكثرَ عرضةً للتطرف، كما تشير أبحاث إلى أن الأفراد الذين يعانون من “فقدان الأهمية” بسبب الإحباط الشخصي أو المجتمعي يكونون أكثرَ عرضةً للانضمام إلى جماعاتٍ متطرفةٍ تسعى إلى منحهم إحساسًا بالهدف والكرامة، وبالتالي فإن الإحباطَ المستمرَ يمكن أن يؤدي إلى “التحول التدريجي نحو التطرف”، حيث يصبح الأفراد أكثر تقبلاً للأفكار المتشددة بمرور الوقت.[4]
الشعورُ بالظلمِ والرغبةُ في الانتقام:
يشعرُ بعض الأفراد بأنهم ضحايا لظلمٍ اجتماعيٍ أو اقتصاديٍ أو سياسيٍ، مما يولّد لديهم إحساسًا بالغضب والعداء تجاه المجتمع أو السُلطات، وأن الأفراد الذين يشعرون بالتمييز أو القمع يكونون أكثر عُرضة لتبنّي الأفكار المتطرفة كوسيلة لاستعادة العدالة المفقودة، ومن ناحية أخرى، فإن الإحساسَ بالظلم يمكن أن يُصبحَ جزءًا من “سردية المظلومية” التي تستغلها الجماعات المتطرفة لتجنيد الأفراد، حيث يتم إقناعهم بأنهم يعانون من ظلم جماعي يحتاج إلى تصحيح عبر العنف أو التمرد.[5]
الأثرُ النفسيُ للإحباطِ والظلم على التطرف والإرهاب:
الإحباطُ والظلمُ لا يقتصران على الجانب العاطفي، بل يؤثران أيضًا على طريقة تفكير الأفراد وسلوكهم، فإن مفهوم “الحرمان النسبي” يشير إلى أن الأفرادَ الذين يرون أن حقوقَهم مسلوبةٌ مقارنةً بغيرهم قد يلجؤون إلى العنف كوسيلة للتعبير عن إحباطهم، كما أن الأفراد الذين يعانون من اضطراباتٍ نفسيةٍ ناجمةٍ عن الظلم، مثل الاكتئاب والقلق، يكونون أكثر عرضة للانجذاب إلى الحركات المتطرفة التي تعدهم بتحقيق العدالة أو الثأر.[6]
ولمواجهةِ تأثيرِ الإحباطِ والظلمِ في دفع الأفراد نحو التطرف، يمكن اتباع عِدة إستراتيجيات:
-
تعزيزُ العدالةِ الاجتماعيةِ من خلال سياسات تضمن تكافؤ الفرص والحد من التمييز .
-
توفيرُ فرصٍ اقتصاديةٍ ومهنيةٍ تساعد الأفراد على تحقيق ذاتهم والحد من الشعور بالإحباط.
-
تعزيزُ الحوارِ والمشاركة السياسية كوسيلة لمنح الأفراد فرصة للتعبير عن مطالبهم بطرق سلمية بدلاً من اللجوء إلى التطرف.
-
تقديمُ الدعمِ النفسي والاجتماعي للأفراد الذين يعانون من مشاعر الظلم والإحباط لضمان عدم تحول هذه المشاعر إلى عنف أو تطرف.
البحثُ عن الهوية والمعنى:
يُعتبر البحثُ عن الهوية والمعنى أحدَ العوامل النفسية الأساسية التي تدفعُ الأفرادَ نحو التطرف، حيث يسعى بعضُ الأفراد إلى إيجاد معنى لحياتهم أو هويةٍ واضحةٍ يشعرون بالانتماء إليها، فعندما يواجهُ الأفرادُ أزمةَ هويةٍ أو يشعرون بالفراغ الوجودي، قد يصبحون أكثرَ عرضةً للانضمام إلى الجماعات المتطرفة التي تُقدم لهم تفسيرات واضحة للحياة وتوفر لهم إحساسًا بالقيمة والانتماء، ويمكن توضيح ذلك من خلال الآتي:
أزمة الهوية كدافع للتطرف:
تُعرَّف الهوية بأنها الشعورُ بالذات والانتماء إلى مجموعةٍ أو فكرةٍ معينةٍ، وأن الأفرادَ الذين يعانون من عدم وضوح الهوية أو يعيشون حالة من “الغموض الوجودي” يصبحون أكثر عُرضةً للانجذاب إلى الجماعات التي توفرُ لهم هويةً قويةً ومستقرةً، كما أن المهاجرين الذين يعانون من “التنافر الثقافي” بين ثقافتهم الأصلية والمجتمع الجديد يكونون أكثر عرضة أيضًا للبحث عن هِوية بديلة، وغالبًا ما يجدونها في الجماعات المتطرفة التي تقدم لهم شعورًا بالانتماء والقبول.[7]
البحث عن المعنى والغاية في الحياة:
يرتبط البحث عن المعنى بالرغبة في الشعور بأن الحياة ذات هدف وقيمة، فإن الأفراد الذين يعانون من الشعور بالفراغ أو الاغتراب قد يسعون إلى ملء هذا الفراغ من خلال تبني أفكار متطرفة تمنحهم إحساسًا بالهدف والرسالة، وأن الأفراد الذين يشعرون بـ “فقدان الأهمية” يبحثون عن وسائل لاستعادة قيمتهم، وقد يكون التطرف إحدى الطرق التي تمنحهم إحساسًا بالقوة والتأثير.[8]
التأثيرات النفسية لغياب الهوية والمعنى:
الشعور بالعزلة الاجتماعية، حيث أنه عندما لا يجد الأفراد هوية واضحة أو مجموعة ينتمون إليها، فإنهم قد يشعرون بالعزلة، مما يجعلهم عرضة للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة التي توفر لهم بيئة داعمة، أيضًا سهولة التأثر بالدعاية المتطرفة، حيث أن الأفراد الذين يعانون من أزمة هِوية يكونون أكثر عُرضة لتصديق السرديات التي تقدمها الجماعات المتطرفة، حيث تُصور هذه الجماعات نفسها على أنها تمنح أفرادها قيمة ورسالة واضحة،أيضًا التصرفات العدوانية، وفقًا لنظرية “التعويض النفسي”، فإن الأفراد الذين يعانون من انعدام الهوية أو الغموض بشأن مستقبلهم قد يعوضون ذلك من خلال تبني مواقف متطرفة كوسيلة لإثبات ذاتهم[9].
لمعالجة هذه الظاهرة، يمكن اتباع استراتيجيات نفسية واجتماعية مختلفة، كالتالي:
-
تعزيز الهويات الإيجابية والمتنوعة، كدعم الأفراد في بناء هويات متعددة ومستقرة تمنحهم الشعور بالانتماء دون الحاجة إلى التطرف .
-
توفير فرص لتحقيق الذات، وتقديم برامج تعليمية ومهنية تتيح للأفراد تحقيق نجاحات ملموسة تعزز شعورهم بالقيمة والهدف .
-
تشجيع الحوار الثقافي والتسامح، كتطوير بيئات تشجع على التفاعل الاجتماعي والتبادل الثقافي للحد من الشعور بالاغتراب أو التهميش.
-
تعزيز التفكير النقدي والمقاومة النفسية للدعاية المتطرفة، وتدريب الأفراد على تحليل المعلومات وتمييز الخطاب المتطرف من خلال برامج تعليمية وإعلامية موجهة.
التأثير النفسي للإعلام والدعاية:
تلعب وسائل الإعلام والدعاية دورًا مهمًا في تكوين الاتجاهات والأفكار، ويمكن أن تكون أداة فعالة في نشر الفكر المتطرف والتأثير على الأفراد نفسيًا لجذبهم نحو التطرف، وتعتمد الجماعات المتطرفة على استراتيجيات إعلامية متطورة لتوجيه الرأي العام، استخدام العاطفة، والتحكم في التصورات الاجتماعية للأفراد، ويمكن توضيح ذلك من خلال الآتي:
تأثير الإعلام على المشاعر والسلوك:
إن الجماعات المتطرفة تستخدم وسائل الإعلام الرقمي بشكل متزايد لاستهداف الفئات المستهدفة برسائل عاطفية مكثفة، تعرض هذه الرسائل بشكل متكرر محتويات تثير مشاعر الغضب، الظلم، والانتقام، مما يجعل الأفراد أكثر عُرضة للانجذاب إلى الفكر المتطرف، و أن الدعاية المتطرفة تستغل التأثير العاطفي العميق للمحتوى المرئي والمسموع، حيث يمكن أن يؤدي التعرض المستمر للصور العنيفة والمظالم المفترضة إلى تعزيز مشاعر الاستياء والرغبة في الانتقام لدى الأفراد.[10]
الاستقطاب النفسي عبر الدعاية المتطرفة:
تستخدم الجماعات المتطرفة تقنيات نفسية للتلاعب بالمشاعر مثل إثارة مشاعر الخوف أو الغضب لتوجيه الأفراد نحو تبني مواقف متطرفة، وكذلك تأثير التكرار، حيث يؤدي التعرض المتكرر للمحتوى المتطرف إلى زيادة القبول النفسي للأفكار المتطرفة، حيث يصبح الأفراد أكثر استعدادًا لتبني هذه الأفكار كنتيجة لـ “التطبيع” التدريجي، وخلق هِوية جماعية متماسكة، تعمل الدعاية المتطرفة على تعزيز الانتماء إلى “مجموعة خاصة” تتميز عن الآخرين، مما يجعل الأفراد يشعرون بأنهم جزء من حركة أكبر تدافع عن قضية نبيلة.[11]
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الفكر المتطرف:
تتيح منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، تويتر، وتلغرام فرصًا غير مسبوقة للجماعات المتطرفة للوصول إلى فئات واسعة من الجمهور،كما أن هذه المنصات تُستخدم لتجنيد الأفراد من خلال تقديم سرديات جاذبة تعزز المشاعر السلبية تجاه المجتمع السائد، وتخلق بديلاً أيديولوجيًا يوفر الشعور بالانتماء والهدف، بالإضافة إلى أن الجماعات المتطرفة تعتمد على الخوارزميات التي تُوصي بمحتوى متطرف مشابه لما يتفاعل معه المستخدم، مما يعزز من احتمالية انخراطه في الفكر المتطرف بمرور الوقت.[12]
لمواجهة التأثير النفسي للدعاية المتطرفة، يمكن تبني عدة إستراتيجيات، منها:
-
تعزيز التفكير النقدي ومحو الأمية الإعلامية، من خلال توعية الأفراد حول كيفية تحليل المعلومات والتمييز بين الحقائق والدعاية.
-
إنتاج محتوى إعلامي مضاد، تقديم روايات بديلة تعزز قيم التسامح والاعتدال، مما يقلل من تأثير الرسائل المتطرفة.
-
التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا، للحد من انتشار المحتوى المتطرف عبر الإنترنت، وإغلاق الحسابات التي تنشر مواد تحريضية.
الاضطرابات النفسية وضعف التوازن العاطفي:
يُعدّ التوازن العاطفي والاستقرار النفسي من العوامل الأساسية التي تحمي الأفراد من الانجذاب إلى الأفكار المتطرفة، ومع ذلك، فإن بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمة، واضطرابات الشخصية قد تزيد من القابلية لتبني سلوكيات متطرفة، كما تُشير الدراسات إلى أن الأفراد الذين يعانون من ضعف التوازن العاطفي يكونون أكثر عُرضة للتأثر بالدعاية المتطرفة، حيث يبحثون عن معنى أو انتماء بديل يعوض نقص الاستقرار النفسي في حياتهم، ويمكن توضيح ذلك من خلال الآتي:
دور الاضطرابات النفسية في تعزيز التطرف:
هناك علاقة بين بعض الاضطرابات النفسية والاتجاه نحو التطرف، حيث أن الأفراد الذين يُعانون من القلق المزمن أو الاكتئاب قد يكونون أكثر عُرضة للبحث عن حلول سريعة لمشاكلهم، والتي قد تتمثل في الانضمام إلى جماعات متطرفة، كما أن بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشخصية، مثل اضطراب الشخصية الحدية أو المُعادية للمجتمع، لديهم استعداد أكبر للانخراط في سلوكيات عنيفة، مما يجعلهم أهدافًا سهلة للتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة.[13]
ضعف التوازن العاطفي والتأثر بالدعاية المتطرفة:
يؤدي ضعف القدرة على تنظيم المشاعر إلى زيادة القابلية للوقوع تحت تأثير الدعاية المتطرفة، فإن الأفراد الذين يعانون من مشاعر الغضب غير المسيطر عليه أو اليأس المزمن يبحثون عن طرق للتنفيس عن مشاعرهم، وقد يجدون في التطرف وسيلة للتعبير عن استيائهم، كما أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية هم أكثر عرضة لتبني الفكر المتطرف بسبب عدم قدرتهم على التعامل مع الإحباطات اليومية بطرق صحية.[14]
اضطراب ما بعد الصدمة وتأثيره على الاتجاه نحو التطرف والإرهاب:
الأفراد الذين تعرضوا لصدمات نفسية، مثل العنف أو الحروب، يكونون أكثر عُرضة للانخراط في سلوكيات متطرفة بسبب التأثيرات النفسية طويلة المدى لهذه التجارب، وأن اضطراب ما بعد الصدمة يمكن أن يؤدي إلى مشاعر الغضب، الخوف، والانعزال، مما يجعل الشخص أكثر تقبلاً للرسائل المتطرفة التي تُبرر العنف كوسيلة للانتقام.[15]
ولمعالجة تأثير الاضطرابات النفسية على الانجذاب إلى التطرف، يجب تبني استراتيجيات شاملة تشمل:
-
توفير الدعم النفسي والعلاج السلوكي للأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية لمنع تحول مشاعرهم السلبية إلى توجهات متطرفة.
-
تعزيز مهارات التكيف العاطفي، مثل إدارة الغضب والتعامل مع التوتر، للحد من التأثير السلبي للاضطرابات العاطفية على سلوك الأفراد.
-
إعادة دمج الأفراد المتأثرين بالصدمات من خلال برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، والتي تساعدهم على التكيف مع المجتمع بطريقة إيجابية.
ثانيًا: تأثيرُ العواملِ النفسية على قرار الانضمام للجماعات المتطرفة
للعواملِ النفسيةِ دورٌ محوريٌ في دفْعِ الأفراد نحو التطرف والإرهاب ، حيث:
-
الأفرادُ الذين يعانون من الإحباط والعزلة يكونون أكثر تقبلًا للأفكار المتطرفة.
-
يمكنُ استغلالُ المشاعر السلبية بسهولة عبر الدعاية والتجنيد الممنهج.
-
يؤدي التلاعبُ النفسيُ إلى تطبيع العنف وجعله وسيلة شرعية لحل المشكلات.