يُعَدُّ التعدين غير الرسمي ظاهرةً اقتصادية ذات أبعاد سياسية معقدة، إذ يتداخل مع قضايا تخص سيادة الدول وإدارة الموارد الطبيعية، إضافةً إلى الاستقرار الاجتماعي، مما يجعله واحدًا من أهم التحديات التي تواجه حكومات القارة، ويفتح المجال أمام شبكات المصالح غير الرسمية، كما يؤثر هذا النشاط على علاقات القوة داخل المجتمعات المحلية، من خلال بروز فاعلين جدد خارج نطاق الدولة التقليدي، مما يعزز النزاعات حول الحقوق الاقتصادية وملكية الموارد، كما أن تزايد التعدين غير المنظم يضع الحكومات أمام خيارات صعبة بين تقنين القطاع والاستفادة منه أو اتخاذ إجراءات صارمة قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية، وفي ظل هذه التحديات من الضروري النظر إلى أبعاده السياسية والاستراتيجية، خاصةً وأن تلك الظاهرة تهدد استقرار العديد من الدول الأفريقية.
التعدين غير الرسمي في أفريقيا
يعد التعدين غير الرسمي، أو ما يعرف ب (التعدين الحرفي أو صغير النطاق)، من الأنشطة الاقتصادية المنتشرة في العديد من دول إفريقيا، حيث يعتمد عليه ملايين الأشخاص كمصدر رئيسي للدخل، وينتشر هذا النوع من التعدين في دول مثل مالي وليبيريا وغانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا، إضافةً إلى السودان، كما يشمل استخراج معادن مثل الذهب والكوبالت والماس بوسائل يدوية أو معدات بسيطة، ووفقًا لتقديرات البنك الدولي يعمل حوالي 40 مليون شخص في قطاع التعدين الحرفي عالميًا، يتركز جزء كبير منهم في إفريقيا، إذ يمثل التعدين غير الرسمي في غانا وحدها حوالي 30% من إنتاج الذهب، وبالرغم من دوره في توفير الآلاف من فرص العمل، إلا إنه يسبب مشكلات بيئية واجتماعية خطيرة، مثل إزالة الغابات، إلى جانب تلوث المياه بالزئبق، علاوةً على ذلك عمالة الأطفال، مما يدفع الحكومات والمنظمات الدولية إلى البحث عن حلول لتنظيمه وتقليل آثاره السلبية.[1]
دوافع اللجوء للتعدين غير الرسمي
يعد التعدين غير الرسمي حصيلة تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل الدولة، وعدم قدرتها للسيطرة على أمورها الداخلية، ويمكن تحليل الدوافع كالآتي:
1- ضعف الحكومة وغياب الدولة:يؤدي ضعف الحكومة إلى تفشي الفساد الإداري، إذ أنه قد يتم التغاضي عن الأنشطة غير القانونية مقابل دفع الرشاوى أو تقديم الدعم السياسي، كما أن الدول التي تعاني من ضعف مؤسسات الدولة، تتراجع قدرتها على فرض سيادة القانون، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور اقتصاد الظل، بما فيه التعدين غير الرسمي.
2- تفكك العقد الاجتماعي: يشعر المواطنون في بعض الدول بالتهميش الاقتصادي وغياب العدالة التوزيعية، مما يدفعهم إلى البحث عن مصادر دخل خارج إطار الدولة، مثل التعدين غير الرسمي، كوسيلة لمقاومة الإقصاء الاقتصادي الذي تفرضه النخب الحاكمة.
3- الصراعات المسلحة وتمويل الجماعات الإرهابية: في بعض المناطق، مثل وسط إفريقيا، يُستخدم التعدين غير الرسمي لتمويل جماعات مسلحة أو ميليشيات غير حكومية، مما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وهو ما يُعرف باسم “اقتصاد الحرب”، حيث تُستخدم الموارد الطبيعية كأداة لتمويل النزاعات.
4- البيروقراطية المفرطة والاحتكار الرسمي للموارد: في بعض الدول، تفرض الحكومات لوائح صارمة تمنح الشركات الكبرى امتيازات التعدين على حساب المجتمعات المحلية، مما يدفع الأفراد إلى التعدين غير الرسمي كرد فعل على الاحتكار الاقتصادي المدعوم سياسيًا.
5- التفاوتات الإقليمية والتهميش الجغرافي: غالبًا ما يتركز التعدين غير الرسمي في المناطق المهمشة سياسيًا واقتصاديًا، حيث يشعر السكان بعدم الإنصاف في توزيع الموارد الطبيعية الدولة، مما يؤدي إلى استغلال الثروات الطبيعية بشكل مستقل عن الدولة.
فالتعدين غير الرسمي ليس مجرد نشاط اقتصادي غير قانوني، بل هو تعبير عن اختلالات سياسية وهيكلية داخل الدولة، ويعكس أزمات الحوكمة والعدالة الاجتماعية والتنمية غير المتوازنة.[2]
مخاطر التعدين غير القانوني
لا يمثل التعدين غير الرسمي مجرد نشاط اقتصادي عشوائي، بل هو ظاهرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بعدة أزمات تم ذكرها سابقًا، وتتسبب في العديد من المخاطر، التي تمتد إلى عدة أبعاد تتنوع بين السياسية والاجتماعية والأمنية، إضافةً إلى الصحية والبيئية، مما يجعله أحد التحديات الكبرى أمام الحكومات، ويمكن تقسيم المخاطر كالآتي:
1- المخاطر السياسية وتأثيرها على الاستقرار الداخلي للدول:
أ- انتشار اقتصاد الحرب: في العديد من الدول، مثل الكونغو الديمقراطية وأجزاء من الساحل الإفريقي، يتم استغلال التعدين غير الرسمي في تمويل الجماعات المسلحة، مما يعزز العنف السياسي وعدم الاستقرار.
ب- تفشي الفساد السياسي: قد تتواطأ الحكومات الضعيفة مع شبكات التعدين غير الرسمي، حيث تستفيد النخب السياسية من الأرباح غير المشروعة، مما يعمّق أزمة الشرعية السياسية ويؤدي إلى فشل الدولة.
ت- تفكك الشرعية القانونية: انتشار التعدين غير القانوني يضعف سيادة القانون، حيث تتغاضى السلطات عن انتهاكات القوانين البيئية والعمالية، مما يساعد على الإفلات من العقاب.
2- المخاطر الاقتصادية وتأثيرها على الاقتصاد السياسي:
أ- تعزيز اقتصاد الظل: يساهم التعدين غير الرسمي في توسيع نطاق الاقتصاد غير المهيكل، مما يقلل من قدرة الدولة على تحصيل الضرائب ويفرض ضغوطًا مالية على الإنفاق العام، خاصة في الدول النامية التي تعتمد على الموارد الطبيعية كمصدر رئيسي للإيرادات.
ب- تفكيك النظام الاقتصادي الرسمي: يؤدي استحواذ الشبكات غير الرسمية على ثروات معدنية استراتيجية إلى إضعاف القطاعات القانونية، مما قد يعزز من نفوذ الأوليغاركية (حكم القلة الاقتصادية)، ويعمّق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
3- المخاطر الاجتماعية وتهديد النسيج الاجتماعي
أ- إعادة إنتاج الهياكل الطبقية غير العادلة: غالبًا ما يتم استغلال الفئات المهمشة (مثل السكان الأصليين أو العمال المهاجرين) في أنشطة التعدين غير الرسمية، مما يؤدي إلى إعادة إنتاج أنماط التهميش والإقصاء الاجتماعي.
ب- تأجيج التوترات العرقية والإثنية: إذ يؤدي التدافع على الموارد المعدنية إلى نزاعات بين الجماعات العرقية المختلفة، مما قد يؤدي إلى اندلاع صراعات أهلية، أو تفشي العنف الطائفي.
4- التداعيات الجيوسياسية والإقليمية
أ- صراعات الموارد عبر الحدود: يؤدي التعدين غير الرسمي في بعض المناطق إلى نزاعات إقليمية حول استغلال الموارد، كما هو حال النزاع في منطقة كيدال الغنية بالذهب بين (مالي والنيجر وبوركينا فاسو – وجماعات مسلحة مختلفة).
ب- تهديد الأمن القومي: في بعض الدول، يتم تهريب المعادن المستخرجة من عمليات التعدين غير الرسمية إلى الأسواق العالمية عبر شبكات تهريب غير قانونية، مما يهدد الأمن القومي عبر تمويل الأنشطة غير المشروعة مثل الإرهاب وغسيل الأموال.
5- المخاطر البيئية وتداعيات الحوكمة:
أ- تآكل السيادة البيئية: يشكل التعدين غير الرسمي تحديًا لسياسات الدولة في إدارة الموارد الطبيعية، حيث يتم استنزاف الثروات دون رقابة حكومية، مما يضعف قدرة الدولة على فرض استراتيجيات التنمية المستدامة.
ب- ضعف سياسات الأمن البيئي: الدول التي تعاني من ضعف المؤسسات البيئية تفشل في التصدي للتلوث الناتج عن التعدين غير الرسمي، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة التغير المناخي والتصحر، وهو ما يهدد الأمن الغذائي والاقتصادي.[3]
أبرز الدول الأفريقية
تعاني العديد من الدول الأفريقية من أزمة التعدين الحرفي، الأمر الذي يُفضِي الدول إلى مواجهة العديد من التحديات، التي تهدد استقرار الدولة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، ومن تلك الدول:
مالي
يُعَدُّ الذهب في مالي ركيزة أساسية في المعادلة الاقتصادية والسياسية، حيث تحتل البلاد مكانة متقدمة كإحدى أكبر الدول المنتجة للذهب في إفريقيا، هذا المورد الاستراتيجي لا يشكل فقط مصدراً رئيسياً للعائدات الحكومية، بل يلعب أيضاً دوراً محورياً في تحديد التوازنات السياسية الداخلية وتوجيه العلاقات الخارجية، خاصة مع القوى الاقتصادية الكبرى والشركات متعددة الجنسيات المستثمرة في القطاع، ومع ذلك فإن ضعف الحوكمة والرقابة المؤسسية أدى إلى انتشار التعدين غير الرسمي، الذي بات يشكل اقتصاداً موازياً يُضعف قدرة الدولة على تحصيل الإيرادات الضريبية وفرض سيادتها على الموارد الطبيعية.
يشترك في هذا القطاع مئات الآلاف من العمال، الذين يرون فيه فرصة لتحسين أوضاعهم المعيشية في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ولكن رغم الفوائد الاقتصادية المباشرة لهذا النشاط، يحمل في طياته تهديدات سياسية وأمنية كبيرة، إذ غالباً ما يتم خارج الإطار القانوني، مما يسمح بتوسع شبكات التهريب وتمويل الفاعلين غير الحكوميين، بمن فيهم الجماعات المسلحة التي تستغل غياب الرقابة لفرض نفوذها على بعض مناطق التعدين، علاوة على ذلك فإن التعدين غير الرسمي يؤجج التوترات الاجتماعية بين المجتمعات المحلية والشركات الكبرى، حيث يشعر الكثيرون بالتهميش نتيجة الاستثمارات الأجنبية التي لا تعود بالنفع المباشر على السكان.
في ظل هذه الديناميكيات المعقدة، تواجه الحكومة المالية تحدياً سياسياً مزدوجاً فمن جهة، تسعى إلى تقنين التعدين الحرفي ودمجه ضمن الاقتصاد الرسمي لتعزيز العائدات، ومن جهة أخرى تحاول الحد من التأثيرات الأمنية والاجتماعية التي قد تزعزع الاستقرار الداخلي وتفتح المجال أمام التدخلات الخارجية.[4]
غانا
تُعَدُّ غانا واحدة من أبرز القوى الاقتصادية في غرب إفريقيا بفضل ثرواتها المعدنية، وعلى رأسها الذهب، حيث تحتل موقعاً متقدماً بين أكبر المنتجين على مستوى القارة، ويشكّل هذا المعدن النفيس أكثر من 40% من إجمالي صادرات البلاد، مما يجعله دعامة أساسية للاستقرار المالي وعاملاً مؤثراً في التوازنات السياسية الداخلية والخارجية، ومع ذلك فإن هذا المورد الاستراتيجي يضع الدولة أمام تحديات معقدة تتعلق بتوزيع الثروة والحوكمة والتنافس بين الشركات متعددة الجنسيات والمجتمعات المحلية التي تعتمد على التعدين التقليدي كمصدر أساسي للدخل.
إلى جانب الشركات الكبرى، يشكّل التعدين غير الرسمي، المعروف محلياً باسم “غلامسي” (Galamsey)، جزءاً مهماً من المشهد الاقتصادي، حيث يعتمد عليه مئات الآلاف من الغانيين، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من البطالة والفقر، ورغم مساهمته في توفير العديد من فرص العمل، فإن هذا القطاع يُلقي بظلاله على الاستقرار السياسي والأمني، إذ يؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية، تلويث مصادر المياه، وتفاقم النزاعات المحلية بين مجتمعات التعدين والشركات الكبرى المدعومة من الحكومة.
علاوة على ذلك، أصبحت أنشطة “غلامسي” مدخلاً لانتشار الفساد، حيث يُتهم بعض المسؤولين المحليين بالتواطؤ مع شبكات التعدين غير القانوني مقابل مكاسب مالية، ما يقوّض سيادة القانون ويضع الحكومة أمام اختبار حقيقي في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، كما أن انتشار هذه الأنشطة خلق بيئة خصبة للتدخلات الخارجية، إذ يُشتبه في تورط شركات أجنبية، خاصة من الصين، في عمليات التعدين غير الرسمي بالدولة، مما أثار توترات دبلوماسية بين غانا وشركائها التجاريين.
تبنّت الحكومة الغانية لمواجهة هذه التحديات سياسات قمعية وتنظيمية متوازنة، حيث شنت حملات لمكافحة التعدين غير القانوني، وفرضت عقوبات صارمة على المخالفين، لكنها في الوقت ذاته سعت إلى إدماج بعض العاملين في التعدين الحرفي ضمن الاقتصاد الرسمي من خلال مبادرات “التعدين المجتمعي” التي تهدف إلى تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية، ومع ذلك فإن استمرار التوترات بين الشركات الكبرى والمجتمعات المحلية، إلى جانب الضغوط السياسية والاقتصادية، يجعل ملف الذهب في غانا عاملاً رئيسياً في تحديد ملامح المستقبل السياسي والاقتصادي للبلاد.[5]
جنوب أفريقيا
لطالما كانت جنوب أفريقيا واحدة من أكبر القوى التعدينية في العالم، حيث لعب الذهب دورًا محوريًا في تشكيل اقتصادها الوطني، وسياساتها الاجتماعية، إضافةً إلى توازناتها الداخلية والخارجية، وبالرغم من تراجع الإنتاج خلال العقود الأخيرة بسبب استنزاف بعض المناجم القديمة وارتفاع تكاليف الاستخراج، لا يزال قطاع التعدين يُمثّل أحد أهم مصادر العائدات الحكومية، ومجالًا رئيسيًا للتنافس بين الشركات متعددة الجنسيات والنقابات العمالية، مما يجعله محورًا للصراع السياسي والاقتصادي في البلاد.
كما يشكّل التعدين غير الرسمي، أو ما يُعرف محليًا بـ “الزَمازَما” (Zama Zamas)، تحديًا متصاعدًا للسلطات، حيث يلجأ آلاف العمال العاطلين عن العمل إلى التنقيب العشوائي في المناجم المهجورة أو غير القانونية، في ظل تصاعد معدلات البطالة والفقر، ورغم أن هذا النشاط يوفر مصدر رزق للعديد من المجتمعات الفقيرة، إلا أنه يُمثّل مشكلة أمنية وسياسية متفاقمة، حيث يرتبط بانتشار الجريمة المنظمة، تهريب المعادن، وصدامات عنيفة بين عمال التعدين غير الرسمي وقوات الأمن أو الشركات الكبرى.
كما أن بعض الجماعات العاملة في التعدين غير الرسمي أصبحت جزءًا من شبكات إجرامية دولية، مما أدى إلى تصاعد التوترات السياسية بسبب اتهامات للحكومة بعدم القدرة على ضبط القطاع، وفي بعض الحالات يُشتبه في أن بعض المسؤولين المحليين متواطئون مع تجار الذهب غير القانوني، مما يعزز الفساد ويضعف سيطرة الدولة على مواردها الطبيعية.
وتحاول الحكومة الجنوب أفريقية تحقيق توازن بين تعزيز الاستثمار، فرض سيادة القانون، وحماية حقوق العمال المحليين، من خلال فرض إصلاحات في قوانين التعدين، تشديد الرقابة على المناجم غير القانونية، وإدماج بعض عمال التعدين غير الرسمي ضمن الاقتصاد الرسمي. ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود تواجه ضغوطًا من النقابات العمالية، احتجاجات المجتمعات المتضررة، والتحديات الأمنية المرتبطة بشبكات التهريب والجريمة المنظمة.[6]
في الختام:
التعدين غير الرسمي ليس مجرد ظاهرة اقتصادية، بل هو انعكاس لضعف الدولة، وغياب العدالة الاجتماعية، وفشل سياسات التنمية المستدامة، والحكومات التي لا تمتلك سياسات حوكمة قوية لضبط هذه الظاهرة، ينتهي بها الأمر إلى نتائج كارثية على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي، كما تُعاني العديد من الدول الأفريقية، مثل غانا ومالي، إلى جانب دولة جنوب أفريقيا، من الآثار البيئية المدمرة لهذا النشاط، حيث تؤدي عمليات التعدين العشوائية إلى إزالة الغابات، تلوث الأنهار بالزئبق والسيانيد، وتآكل التربة، مما يهدد التنوع البيولوجي والأمن الغذائي، كما ترتبط بعض أنشطة التعدين غير الرسمي بتمويل الجماعات المسلحة، تهريب المعادن، وزيادة معدلات الجريمة المنظمة، مما يجعلها تحديًا أمنيًا وسياسيًا للحكومات الأفريقية، وبالتالي فإن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب حلولًا شاملة تتضمن تعزيز سيادة القانون، مكافحة الفساد، وتمكين المجتمعات المحلية اقتصاديًا لضمان الاستفادة العادلة والمستدامة من الموارد الطبيعية.
التوصيات
1- فرض سيادة الدولة على الموارد الوطنية
أ- تعزيز الوجود الحكومي في المناطق الغنية بالمعادن، لا سيما في دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، مالي، والسودان، حيث تسيطر جماعات مسلحة على أنشطة التعدين غير الرسمي.
ب- فرض قيود صارمة على تهريب المعادن من خلال تكثيف التعاون الاستخباراتي بين الدول الأفريقية، وتحديث أنظمة مراقبة الحدود باستخدام التكنولوجيا الحديثة (مثل الطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي).
ت- العمل على إدماج التعدين غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي عبر تراخيص مبسطة، مع مراقبة الامتثال للمعايير البيئية والعمالية.
2- تعزيز الحوكمة والشفافية في قطاع التعدين
أ- تطوير أطر تشريعية إقليمية موحدة بين الدول الأفريقية لمكافحة التعدين غير الرسمي وتقنينه بطريقة عادلة.
ب- تنفيذ مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية في جميع الدول المنتجة للمعادن، لضمان الإفصاح عن الإيرادات والتدفقات المالية وعقود التعدين.
ت- إنشاء هيئات رقابية مستقلة تعمل على مراقبة عمليات التعدين والتصدي للفساد المستشري في القطاع.
3- تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية لمكافحة التهريب والتجارة غير المشروعة
أ- تطوير منظومة إقليمية مشتركة لمراقبة تجارة المعادن، مثل توحيد رسوم الجمارك وتعزيز التعاون بين مكاتب الجمارك في الدول الأفريقية.
ب- التفاوض مع الشركاء الدوليين مثل الاتحاد الأوروبي والصين لضمان استيراد المعادن الأفريقية فقط من مصادر قانونية، وتفعيل آليات التحقق من سلسلة التوريد.
ت- تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لمكافحة استغلال الأطفال في التعدين غير الرسمي، لا سيما في دول مثل بوركينا فاسو والنيجر.[7]
المصادر:
[1] ليبيريا: دراسة جديدة للبنك الأفريقي للتنمية تحدد الخطوات اللازمة لجذب عمال المناجم الحرفيين وصغار الحجم إلى القطاع الرسمي، البنك الأفريقي للتنمية، ١ مارس ٢٠٢٣، https://www.afdb.org/ar/akhbar-wa-ahdath/59413 .
[2] Ghana is Africa’s largest gold producer, but it has an illegal mining issue: 5 essential reads, THE CONVERSATION, 10 sep 2024, https://shorturl.at/PaVP0 .
[3] مجدي محمد، التعدين غير القانوني في الذهب “الجالامسي” في غانا: الأسباب والآثار ومحاولات المكافحة، قراءات أفريقية، ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤، https://shorturl.at/DvhKo .
[4] الشيخ محمد، مالي تعلن الحرب على مناجم الذهب «غير القانونية»، الشرق الأوسط، ٢٤ يناير ٢٠٢٥، https://shorturl.at/jXEDk .
