المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > الدراسات الأمنية والإرهاب > الهجوم على المدنيين في كشمير: تحول في إستراتيجيات العنف أم تصعيد تقليدي؟
الهجوم على المدنيين في كشمير: تحول في إستراتيجيات العنف أم تصعيد تقليدي؟
- أبريل 24, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: الدراسات الأمنية والإرهاب تقارير وملفات
لا توجد تعليقات

إعداد: إلهام النجار
باحث مساعد في برنامج الإرهاب والتطرف
شهد إقليم جامو وكشمير، واحدًا من أعنف الهجمات الإرهابية و الأكثر دموية ضد المدنيين في المنطقة منذ هجمات مومباي عام 2008 ، حيث تعرّضت قافلة سياحية لهجوم مُسلح في منطقة بَهَلغَام السياحية، أول أمس 22 من أبريل الجاري ، ما أسفر عن مقتل أكثر من 26 شخصًا وإصابة العشرات، بينهم مواطنون من الهند، نيبال، والإمارات العربية المتحدة، وقد تبنّت “جبهة المقاومة” مسؤولية العملية، في خطوة أثارت مخاوف أمنية إقليمية وأثّرت بعمق في السياق السياسي للهند وكشمير على حدٍّ سواء، ومن جانبه، تأتي هذه العملية في ظل متغيرات كبرى شهدها الإقليم عَقِب إلغاء “المادة 370 “من الدستور الهندي عام 2019، التي كانت تمنح كشمير وضعًا خاصًا، مما أسفر عن تغيّرات سياسية وديموغرافية وأمنية عميقة، وأمام هذه الخلفية، يهدف هذا التقرير إلى تحليل أبعاد الهجوم من زواياه الأمنية والسياسية والرمزية، بالإضافة إلى استعراض ردود الفعل المحلية والدولية، واستشراف التأثيرات المحتملة على مستقبل الإقليم والعلاقات الهندية–الباكستانية.
أولًا: تفاصيل الهجوم
أطلق أربعة إلى ستة مسلحين يرتدون زيًا عسكريًا النار باستخدام بنادق M4 وAK-47 على السياح المتواجدين في مرج بيهساران، وهو موقع سياحي شهير، كما أفاد شهود عيان بأن المهاجمين طلبوا من الضحايا تلاوة الشهادة وتحققوا من هويتهم الدينية قبل إطلاق النار، مما يشير إلى استهداف متعمد لغير المسلمين، ومن بين القتلى 24 سائحًا هنديًا من ولايات مختلفة مثل كارناتاكا، كيرالا، ماهاراشترا، أوديشا، غوجارات، هاريانا، البنغال الغربية، وأوتار براديش، بالإضافة إلى اثنين من السكان المحليين وسائحين أجنبيين من نيبال والإمارات العربية المتحدة، كما شملت الإصابات أفرادًا من غوجارات، تاميل نادو، وماهاراشترا، ومن بين الضحايا أيضًا ضابط في البحرية الهندية وضابط في مكتب الاستخبارات[1].
ومن جانبه، أعلنت جماعة “جبهة المقاومة ” المرتبطة بجماعة “لشكر طيبة” و “حزب المجاهدين” مسؤوليتها عن الهجوم، مدعية أن الضحايا كانوا عملاء سريين مرتبطين بالقوات الأمنية الهندية، وأشارت الجماعة إلى أن الهجوم جاء ردًا على توطين أكثر من 85,000 شخص من خارج كشمير في المنطقة، معتبرة ذلك تغييرًا ديموغرافيًا ، كما أطلقت السلطات الهندية عملية تحقيق موسعة بقيادة وكالة التحقيقات الوطنية (NIA)، حيث تم نشر قوات أمنية، إقامة نقاط تفتيش، وتنفيذ عمليات بحث جوية، تم أيضًا إصدار رسومات تقريبية لثلاثة من المهاجمين، وتحديد هوية العقل المُدبر للهجوم كقائد بارز في “لشكر طيبة” يُدعى “سيف الله قصوري” المعروف بلقب “خالد” [2].
ثانيًا: دلالات الهجوم
هناك عدة دلالات للهجوم، يمكن توضيحها كالتالي:
1- الدلالات السياسية
الرد على سياسات نيودلهي بعد 2019، خاصة بقرار بإلغاء الهند الوضع الخاص لكشمير (المادة 370 من الدستور)، وبدأ تنفيذ خطة تغيير ديمغرافي من خلال منح أراضٍ وإقامات لمواطنين من خارج الإقليم، وعليه يُفهم هذا الهجوم كـ”رفض مسلح” لهذه السياسات، خصوصًا أن الضحايا كانوا من السياح الذين ترمز زيارتهم لكشمير إلى عودة الحياة الطبيعية ، أيضًا إحراج سياسي لحكومة “مودي” حيث التوقيت قبل الانتخابات المحلية/الفيدرالية قد يحمل محاولة لإحراج الحكومة وتحدي روايتها عن “كشمير المستقرة المزدهرة” .[3]
2- الدلالات الأمنية والعسكرية
ضعف استخباراتي محتمل، فرغم كثافة التواجد العسكري والاستخباراتي في كشمير، استطاع المهاجمون تنفيذ عملية منسقة بدقة، ما يطرح تساؤلات حول فعالية الإجراءات الأمنية، ونقل ساحة المواجهة، حيث استهدف الهجوم منطقة سياحية لا تُعد هدفًا أمنيًا تقليديًا، ما يُشير إلى تحول في قواعد الاشتباك ومحاولة “نقل المعركة” إلى مناطق مدنية رخوة، لرفع تكلفة التواجد الهندي.[4]
3- الدلالات الرمزية والدينية
هناك الاستهداف الطائفي، حيث تفيد تقارير بأن المهاجمين قاموا بفحص هوية الضحايا بناءً على الدين ما يدل على بُعد طائفي صريح، كما أن الهدف هنا مزدوج: إثارة الخوف، وتكريس صورة “الصراع الديني” في كشمير، وهو ما قد يغذي التطرف المتبادل.[5]
4- الدلالات الإعلامية والدولية
استراتيجية الصدمة الإعلامية، حيث استهداف سياح بينهم أجانب (من نيبال والإمارات) يُراد منه تدويل الحادث، وإعادة تسليط الضوء العالمي على النزاع الكشميري بعد سنوات من التعتيم أو النسيان، وكذلك التأثير على الخطاب العالمي، وأن الهجوم يُستخدم من الأطراف المختلفة في سياقات متعارضة:
-
الهند: لتأكيد سردية “نحن ضحايا الإرهاب عبر الحدود” والجماعات المسلحة لإثبات “استمرار المقاومة”.
-
باكستان: لتنفي مسؤوليتها وتؤكد على “الطابع المحلي للمقاومة” [6].