المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > تقدير موقف > زيارة الرئيس السيسي لجيبوتي: شراكة إستراتيجية وتعاون مثمر
زيارة الرئيس السيسي لجيبوتي: شراكة إستراتيجية وتعاون مثمر
- أبريل 24, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات تقدير موقف وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات

إعداد: دينا لملوم
منسق وحدة الشؤون الأفريقية
استكمالًا للدور المصري الحيوي في القارة الأفريقية ودعْم الأشقاء الأفارقة في كل زمانٍ ومكانٍ، توجَّهَ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي ٢٣ أبريل ٢٠٢٥، كثاني زيارةٍ له ولأوَّل رئيسٍ مصريٍّ إلى الدولة الجيبوتية ذات الأهمية الاستراتيجية بمنطقة القرن الأفريقي، وأسفر هذا اللقاء المثمر عن توقيع حِزْمةٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، فضْلًا عن تناول مجمل القضايا الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم المعاصر والتنديد بكافَّة أوْجه الاضطهاد والعنف الموجهة ضد الشعب الفلسطيني، إضافةً إلى رفْض وجود حكومة موازية في السودان، مع التأكيد على أحقِّيَّة هذه الشعوب في العيْش في سلامٍ واستقرارٍ، بعيدًا عن النزاعات والصراعات.
العلاقات “المصرية – الجيبوتية”
ترتبط مصر وجيبوتي بعلاقاتٍ إستراتيجية وسجالٍ تاريخيٍّ طويلٍ، فتعتبر مصر من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع جيبوتي، وافتتحت سفارتها عقب استقلالها عام 1977، ورحَّبت القاهرة بالاتفاق الإطاري للحوار السياسي الذي تمَّ توقيعه بين الحكومة وائتلاف المعارضة في البلاد؛ لإنهاء حالة الخلاف السياسي بها، على الجانب الآخر، دعَّمت جيبوتي مصر في كافَّة المحافل الدولية، والتي كان آخرها تصويتها ضد قرار مجلس الأمن والسِّلْم الأفريقي الخاصّ بتعليق مشاركة القاهرة في أنشطة الاتحاد الأفريقي، بعد ثورة ٣٠ يونيو، وثمَّةَ تعاونٌ بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية؛ حيث مكافحة الإرهاب والتطرُّف وحماية البحر الأحمر من التهديدات الإرهابية وعمليات القرْصَنة، وتقديم مصر الدعم الفني والتدريبات العسكرية داخل منشآتها ومعاهدها العسكرية للكوادر الجيبوتية العسكرية في مختلف التخصُّصات.[1]
زيارة الرئيس السيسي لدولة جيبوتي
في الثالث والعشرين من شهر أبريل الجاري، توجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة جيبوتي؛ حيث كان في استقباله الرئيس إسماعيل عمر جيله، كأوَّلِ زيارة للسيسي منذ عام ٢٠٢١، والتي كانت أوَّل زيارة لرئيسٍ مصريٍّ آنذاك، وذلك في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة وجيبوتي وتطوير الشراكة الاستراتيجية بينهما في المجالات المختلفة، وتخلَّلَ اللقاء جلسة مباحثات ثنائية أعقبها جلسة مُوسَّعة بحضور وفديْ الدولتيْن، وشهد الرئيسان توقيع عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهُم، وتناولت المحادثات أيضًا التنسيق المشترك بشأن الأوضاع الإقليمية في البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي.[2]
أبرز ما تضمنته المباحثات المشتركة
على هامش اللقاء الثنائي بين الرئيس المصري ونظيره الجيبوتي، تمَّ التأكيد على ضرورة التنسيق المشترك، بشأن القضايا الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم حاليًا، وذلك من خلال التجمُّعات والمنظمات المعنيَّة التي تجمعهما، في مقدمتها جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة، وفي الآتي ما تطرَّقت إليه المباحثات:
أولًا- على مستوى الدول
-
الصومال:
رحَّب السيسي وجيله بالجهود التي تضمن أمن واستقرار الصومال ووحْدة أراضيه وتعزيز إمكانات مؤسسات الدولة وقدرات الحكومة على التصدِّي لأيَّةِ تحديات، مع تمكين الجيش الوطني من مكافحة الإرهاب، وندَّد الرئيسان بمحاولة الاغتيال التي استهدفت موكب الرئيس حسن شيخ محمود، والتي تؤكد وجوب دعْم مقديشو للقضاء على هذا الفصيل المتطرف، كما تمَّ التأكيد على التزام بلديهما بالمشاركة في قوات بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لتوفير الأمن والسلام في الدولة الصومالية.
-
السودان:
شدَّد الجانبان “المصري والجيبوتي” على الرَّفْض التَّام لأيَّةِ محاولات؛ رامية لتهديد وحدة وسيادة السودان؛ بما فيها مساعي تشكيل حكومة موازية؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تقسيم الدولة وتأزيم المشهد وعرْقلة الجهود المبذولة لتوحيد الرُّؤَى بين القوى السياسية السودانية، وكذا تمَّ التأكيد على ضرورة انخراط هذه القوى في عمليةٍ سياسةٍ شاملةٍ ووضْع المصلحة الوطنية فوْق أيِّ اعتبار، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها، وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أهمية الجهود التي بذلتها كُلٌّ من مصر وجيبوتي دعْمًا لاستقرار السودان، وذلك باستضافتهم عددًا من المؤتمرات والمباحثات في هذا الصدد.
-
جنوب السودان:
أعرب الرئيسان عن قلقهما من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في جنوب السودان، وطالبا جميع الأطراف المعنيَّة تفادي التصعيد، وحلّ الخلافات بالطُّرُق السِّلْمية والدبلوماسية؛ حفاظًا على أمن واستقرار جوبا، والمنطقة بأسرها.
-
أمن البحر الأحمر:
يُشكِّلُ أمن البحر الأحمر قضيةً مهمةً لكلا البلدين؛ لهذا جرى الحديث حول تعزيز التعاون بينهما في الملفات المرتبطة بهذه المنطقة، ورفْض الممارسات التي تزعزع سلامة واستقرار المِلَاحة في هذا الممرِّ الحيوي، والذي يُعدُّ شريان المِلَاحة الدولية، وأشارا إلى وجوب تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر؛ لتولِّي مهام التشاور والتنسيق بين الدول التي تُطِلُّ على البحر وخليج عدن.
-
القضية الفلسطينية:
ثمَّةَ إدانات صارخة لما يقوم به الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأنه يُشكِّلُ انتهاكًا سافرًا لاتفاق وقْف إطلاق النار، وأكَّدا على أهمية تنفيذ مُخْرَجات القمة العربية غير العادية، التي عُقدت في القاهرة ٤ مارس الماضي، وما تضمنته من تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حلِّ الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وطالبا الرئيس الأمريكي ترامب والمجتمع الدولي، بالضغط على إسرائيل للالتزام بالاتفاقيات التي تمَّ التوصُّل إليها، وكذا عبَّرا عن تطلُّعهما للتعاون مع ترامب وكافَّة القوى الدولية؛ من أجل تنفيذ الخطة العربية لإعادة إعمار غزة.
-
سوريا:
تمَّ التأكيد على دعْم مؤسسات الدولة الوطنية السورية واستقرارها، ورفْض كافَّة أشكال العُنْف التي من شأنها المساس باستقرار وسلامة الشعب السوري، مع ضرورة العمل على البْدء في عملية انتقالية شاملة تضمن مشاركة جميع أطياف الشعب السوري دون إقصاء.
ثانيًا- على مستوى المنظمات
-
جامعة الدول العربية:
اتفق الرئيسان على أهمية مواصلة التشاوُر بين البلدين في إطار جامعة الدول العربية؛ بما في ذلك التعاون لإحياء آفاق التعاون العربية الأفريقية، طِبْقًا لمقررات قمة مالابو لعام ٢٠١٦.
-
الاتحاد الأفريقي:
الإشارة إلى أهمية التعاون بين البلدين تحت مظلَّة الاتحاد الأفريقي؛ لتحقيق أهداف أجندة التنمية ٢٠٦٣، رأسها جهود تعزيز السِّلْم والأمن في القارة السمراء؛ بما في ذلك جهود إعادة الإعمار والتنمية في فترة بعد النزاعات، وبناء السلام على خلفية رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا الملف، إضافةً إلى الاهتمام بتعبئة الموارد لدعم المشروعات التنموية في القارة، لا سيما مشروعات البِنْيَة التحتيَّة؛ أخْذًا في الاعتبار، رئاسة السيسي للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية (نيباد)، وتعزيز التجارة البْينيَّة في إطار منطقة التجارة الحرة القارية.
-
اليونيسكو: