المقالات
ملخص الدراسات والبحوث الصادرة عن أفريقيا العدد “89”
- مايو 1, 2025
- Posted by: ahmed
- Category: إصدارات دورية تقارير وملفات وحدة الدراسات الأفريقية

إعداد/ منة صلاح
باحثة متخصصة في الشؤون الأفريقية
الفترة من 21: 30 أبريل
الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ودول AES تستدعي وساطة عاجلة من الاتحاد الأفريقي.
تُشكِّلُ الأزمةُ الدبلوماسيةُ بين الجزائر وتحالُف دول الساحل (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) فُرْصةً حاسمةً للاتحاد الأفريقي؛ لاستعادة نفوذه في منطقة الساحل والصحراء، التي تشهد تدهورًا أمنيًّا وتصاعُدًا في التوتُّرات الإقليمية، وقد بدأ الخلاف بعد إسقاط الجزائر طائرةً مُسَيَّرَةً “ماليةً” قُرْبَ الحدود؛ ما أدَّى إلى تبادُل الاتهامات واستدعاء السفراء وسط انسحاب بعض الدول من آليات التعاون الأمني مع الجزائر، وتُعَدُّ منطقة شمال مالي، التي تشهدُ صراعًا مع الحركات الانفصالية، جوهر النزاع في ظِلِّ اتهام مالي للجزائر، بدعْم جماعاتٍ انفصاليةٍ، وإلغاء اتفاق السلام المُوقَّع في 2015.
وفي ظِلِّ تراجُع دور القُوَى الإقليمية والدولية وتفكُّك آليات التعاون السابقة كإيكواس ومجموعة دول الساحل الخمس، يجد الاتحاد الأفريقي نفسه أمام فُرْصةٍ لإعادة التموْضُع عبْر وساطة فعَّالة بين الجزائر ودول الساحل والعمل على إحياء مبادراته الأمنية، مثل “عملية نواكشوط”، ويمكنه الاستفادة من علاقاته التاريخية والدبلوماسية؛ بما في ذلك تعاونٌ محتملٌ مع روسيا لتعزيز دوره في إدارة الأزمات، ويتطلَّبُ هذا إعادة تنشيط آلياته الداخلية، وتعيين ممثلٍ سامٍ لبعثته في مالي والساحل؛ بما يتيح للاتحاد لعب دورٍ قياديٍّ، في منطقة لا تحتمل مزيدًا من الفراغ السياسي أو الأمني[1].
انتشار الطائرات العسكرية بدون طيار يُمثِّلُ تحوُّلًا مُزَعْزِعًا للاستقرار في الصراعات المسلحة في أفريقيا
شهدت أفريقيا تصاعُدًا حادًّا في استخدام الطائرات بدون طيار في الصراعات المسلحة، كما في محاولة اغتيال الفريق أول عبد الفتاح البرهان في السودان، عام 2024، وتعكس هذه الحادثة التحوُّل المتسارع في طبيعة الحروب بالقارة؛ إذ أصبحت الطائراتُ المُسَيَّرَةُ عنصرًا حاسمًا في موازين القوى العسكرية، سواء عبْر استخدامها من قِبَلِ الحكومات أو الجماعات المسلحة غير الحكومية، وساهم انخفاض التكاليف وتقدُّم التكنولوجيا وتوافُر موردين، مثل تركيا والصين، في انتشار هذه الأنظمة، مع سعْي بعض الدول الأفريقية لتوطين صناعتها، وقد استخدمت الطائرات المُسَيَّرَة بشكلٍ مؤثرٍ في صراعات، مثل السودان وإثيوبيا وليبيا، لكنها لم تكن حاسمةً في حسْم النزاعات؛ بسبب تكتيكات حرب العصابات وضعْف القوات البرية وتدخُّلات القوى الخارجية.
ورغم فعاليتها التكتيكية تواجه الطائرات بدون طيار قيودًا كبيرةً في الصراعات غير التقليدية؛ ما يستدعي من الحكومات الأفريقية تطوير فهْم استراتيجي أكثر توازُنًا لمزاياها ومخاطرها، فبينما تُعزِّزُ هذه الطائرات القدرة على مراقبة الأعداء وضربهم بدِقَّة، إلا أنها لا تُغْنِي عن ضرورة وجود قوات قادرة على السيطرة الفِعْلِيَّة على الأرض، ولا تُقدِّمُ حلًّا نهائيًّا في وجْه تمرُّداتٍ متنقلة تعتمد الاندماج بالسكان، ومع استمرار تسلُّح الفاعلين غير الحكوميين تصبح الحاجةُ مُلِحَّةً لتطوير قدرات مضادَّة للطائرات المُسيَّرة، ومقاربة أمنية أكثر شمولًا وتكيُّفًا مع هذا الواقع الجديد[2].
الصومال تحاول الموازنة بين النفوذ الإثيوبي والمصالح المصرية
رغم التحديات الداخلية في الصومال؛ بما في ذلك الانقسامات العشائرية والجماعات المسلحة، يجد نفسه مضطرًا للدفاع عن مصالحه في بيئة إقليمية مُعقَّدة؛ فالتوتُّرات مع إثيوبيا تصاعدت بعد اتفاقها مع أرض الصومال، عام 2024، بينما استفادت مصر من النزاع لتعزيز نفوذها، في ظِلِّ الخلافات حول سدِّ النهضة، كما يزيد التواجُد الخليجي – خاصَّةً الإماراتي – في القرن الأفريقي من تعقيد الوضع؛ لذلك يحتاج الصومال إلى استراتيجية دبلوماسية متوازنة؛ لحماية سيادته وبناء مؤسسات قوية، والاستفادة من موقعه الاستراتيجي؛ للحصول على دعْم دولي واستقرار مستدام[3].
مناورات حربية أمريكية أفريقية: مروحيات الأباتشي وإسرائيل والتوتُّرات الإقليمية تُميِّزُ مناورات الأسد الأفريقي
يستضيف المغرب مناورات “الأسد الأفريقي” العسكرية، لعام 2025، بقيادة القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، بمشاركة أكثر من 10 آلاف جندي من حوالي 40 دولةً، ويُتوقعُ أن تكون المناورات هذا العام الأكبر والأكثر تعقيدًا، ويشهدُ الحدثُ لأول مرَّةٍ مشاركة طائرات أباتشي هجومية أمريكية في الجيش المغربي، إضافةً إلى مشاركة علنية لإسرائيل بعد مشاركتها السرية في السنوات السابقة، خاصَّةً في تقنيات الحرب الحضرية، وفي المقابل، انسحبت الجزائر من المناورات بعد إعلانها في البداية كمراقبٍ، وهو ما يفسره البعض بالتوتُّرات المتعلقة بمشاركة إسرائيل، كما اختار المغرب تهدئة الأجواء الدبلوماسية مع الجزائر، من خلال إلغاء تدريبات في منطقة المحبس الحدودية؛ لتخفيف حِدَّة الخلافات المستمرة بين البلديْن[4].
إن نافذة إنقاذ عملية السلام في جنوب السودان تغلق بسرعة
في ضوْء التصعيد الأخير في جنوب السودان؛ حيث تمَّ وضْع النائب الأول للرئيس رياك مشار قيْد الإقامة الجبرية، بعد اتهامه بالتورُّط في مواجهاتٍ بين الجيش والجماعات المسلحة، أصبح الاتحاد الأفريقي مطالبًا باتخاذ إجراءات عاجلة للتهدئة وحماية اتفاق السلام، لعام 2018، وقد تصاعدت التوتُّرات؛ بسبب تعديلات وزارية أُحادية الجانب من الرئيس سلفا كير؛ ما يعكس غياب الثِّقَة بينه وبين مشار، ويهدد استقرار الحكومة الانتقالية، كما أن الأزمة الاقتصادية وتراجُع الإنتاج النفطي يفاقمان الوضْع، وتشمل الخيارات المُتاحة، إطلاق سراح معتقلي المعارضة، وإعادة دمْجهم في الجيش الوطني، إضافةً إلى تعزيز جهود الوساطة الإقليمية والدولية، وأن تأخير التدخُّل قد يؤدي إلى انهيار اتفاق السلام وزيادة العنف؛ ما يستدعي تحرُّكًا سريعًا من الاتحاد الأفريقي؛ لضمان استقرار المنطقة[5].
التحديات التي تواجه الهُدْنة الأخيرة بين كينشاسا وحركة إم23
تُعَدُّ جهود الوساطة القطرية في النزاع بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اختبارًا مهمًا لتحقيق السلام؛ حيث تمَّ التوصُّل إلى إعلان وقْف إطلاق النار، في 23 أبريل، بين حكومة كينشاسا وحركة إم23 المتمردة، ومع ذلك، تواجه العملية تحديات كبيرة؛ بسبب الوضع السياسي الهشِّ في الكونغو والانقسامات الداخلية وتزايُد تدخُّل القوى الإقليمية، مثل رواندا وأوغندا، بالإضافة إلى ذلك، تعقد عوامل مثل التعبئة المسلحة والصراع السياسي الداخلي والانفتاح على القوى الخارجية، مثل الولايات المتحدة، مسار المفاوضات، وتعتمد الحكومة الكونغولية على دعْم الميليشيات المحلية لمواجهة حركة إم23، بينما تستخدم المعارضة التمرُّد كوسيلة ضغطٍ لتغيير النظام، وتُرَكِّزُ محادثات السلام على ضرورة ضمان الهُدْنة وتحسين الوضع الإنساني وإعادة فتْح الطُّرُق التجارية، مع ضرورة معالجة الأسباب الجِذْرِيَّة للصراع، من خلال عملية شاملة بقيادة كونغولية؛ لتجنُّبِ أخطاء الماضي التي قد تؤدي إلى تجدُّد العنف[6].
في بوركينا فاسو، قد يمتد إرْث “تراوري” إلى ما هو أبعد من الشعبية والوعود
يُعَدُّ الكابتن إبراهيم تراوري أصغر رئيس دولة في العالم رمزًا لتحوُّلٍ محتملٍ في بوركينا فاسو؛ إذ قاد منذ تولِّيه السلطة في 2022، مسارًا إصلاحيًّا، يشمل تأميم الموارد ورفْض المساعدات الغربية وتعزيز الاكتفاء الذاتي؛ ما أكسبه شعبيةً واسعةً، خاصَّةً بين الشباب، ومع ذلك، تواجه البلادُ تحدياتٍ كبيرةً، أبرزها؛ الإرهاب وفُقْدَان السيطرة على مساحاتٍ واسعةٍ من أراضيها، بالإضافة إلى الفقر وضعْف البِنْية التحتِيَّة والمؤسسات، ورغم امتلاكها لموارد طبيعية واعدة، فإن مستقبل بوركينا فاسو يعتمد على إصلاحات شاملة في الحوْكمة، واستعادة الاستقرار السياسي، والانتقال إلى حُكْمٍ دستوريٍّ، وإن نجاح هذا المسار قد يمنح البلاد فرصةً حقيقيةً للنهوض[7].
الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ومفترق طُرُق التصنيع في أفريقيا
تتسبب الحربُ التجاريةُ المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين في تأثيراتٍ كبيرةٍ على الاقتصاد العالمي؛ بما في ذلك تهديدُ التنمية الصناعية في أفريقيا؛ حيث تقوم الصين بتحويل صادراتها إلى أسواق جديدةٍ، خاصَّةً في الجنوب العالمي؛ ما يؤدي إلى زيادة واردات السِّلَع الرخيصة والمدعومة التي تهدد الصناعات المحلية في القارة، وبينما تحاول الولايات المتحدة تقليص عجْزها التجاري وتعزيز التصنيع المحلي، من خلال فرْض رسوم جمركية، فإن هذه السياسات تُعمِّقُ العجْزَ التجاري مع الصين، وتؤثر سلبًا على أفريقيا، التي تواجه منافسةً متزايدةً من المنتجات الصينية الرخيصة.
وللحدِّ من هذه التأثيرات، يجب على الحكومات الأفريقية تبنِّي سياسات صناعية قوية، تشمل دعْم الصناعات المحلية، وتعزيز البِنْيَة التحتِيَّة الإقليمية، وتحقيق التنسيق بين السياسات التجارية والصناعية، كما يجب أن تُفَعّل اتفاقيات التجارة، مثل منطقة التجارة الحرة الأفريقية ؛(AfCFTA) لتنمية سلاسل القيمة الإقليمية، وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية، علاوةً على ذلك، يجب على أفريقيا أن تتبنَّى مواقف أكثر فاعليةً في مفاوضات التجارة مع الصين والولايات المتحدة؛ لضمان تحوُّلٍ هيكليٍّ طويل الأمد، وتحقيق التنمية الصناعية المستدامة[8].
محكمة العدل الدولية: جنوب أفريقيا تدين إسرائيل بسبب تحويل غزة إلى “ساحة قتْل”
كثَّفَتْ جنوبُ أفريقيا تحرُّكها القانوني والدبلوماسي ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، متهمةً إياها بارتكاب جرائمَ إبادةٍ جماعيةٍ وفصْلٍ عُنْصُرِيٍّ في الأراضي الفلسطينية، خصوصًا في قطاع غزة، وأكَّدَ ممثلو جنوب أفريقيا، أن الحصار الإسرائيلي المفروض أدَّى إلى تجويع المدنيِّين وتدمير البِنْيَة التحتِيَّة وحرمان الفلسطينيِّين من حقهم في تقرير المصير، مشيرين إلى أن هذه السياسات تُشكِّلُ انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، ودعت جنوب أفريقيا المحكمة إلى إصدار رأْيٍ استشاريٍّ يُدِينُ الاحتلال الإسرائيلي، ويُمهِّدُ لمساءلة قانونية دولية، معتبرةً أن الاستثناء الذي تتمتع به إسرائيل شجَّعها على مواصلة الانتهاكات دون رادعٍ، وتُمثِّلُ هذه القضية لحظةً فارقةً لاختبار مصداقية القانون الدولي، في ظِلِّ تصاعُد الدعوات العالمية لمحاسبة تل أبيب على أفعالها في غزة[9].
“عام التعويضات” في الاتحاد الأفريقي يجب أن ينظر إلى المستقبل والماضي
أعلن الاتحاد الأفريقي، أن عام 2025، سيكون عامًا للعدالة للأفارقة والمنحدرين من أصلٍ أفريقيٍّ، من خلال التعويضات، في خطوةٍ تُعيدُ إحياء مطالب تاريخية انطلقت من إعلان أبوجا قبْل أكثر من ثلاثين عامًا، وتهدف هذه المبادرة إلى صياغة موقفٍ أفريقيٍّ مُوَحَّدٍ يُعزِّزُ الإرادة السياسية ويدفع نحو اعترافٍ عالميٍّ بجرائم الاستعمار والعبودية كجرائم ضد الإنسانية، ويسعى الاتحاد إلى توسيع مفهوم التعويضات ليشمل إصلاح العلاقات بين الضحايا والجُنَاة، ويُرَوِّجُ لفكرة العدالة التصالُحية لا بوصفها مطالبة مالية فقط، بل كأداةٍ لبناء نظامٍ عالميٍّ أكثر عدْلًا، وبينما تواجه هذه الجهود مقاومةً من القوى الاستعمارية السابقة، فإن الاتحاد يدعو إلى توظيف الضغط الأخلاقي والبحْث العلمي والدعوة القانونية لفرْض الاعتراف والإنصاف، وفي ظِلِّ استمرار التفاوتات العالمية تُعَدُّ هذه المبادرة بدايةً لعقْدٍ قادمٍ من السعْي نحْو العدالة التاريخية والتنمية المُسْتَدَامة للأفارقة[10].