المقالات
مع مرور الأسبوع الأول من الصراع الإيراني الإسرائيلي: قراءة في التداعيات وتكلفة استمرار التصعيد بين الدولتين
- يونيو 20, 2025
- Posted by: ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط

إعداد: شيماء عبد الحميد
باحثة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط
في تطور أمني شديد الحساسية والخطورة؛ تشهد منطقة الشرق الأوسط حالة من التوتر والتصعيد المحتدم بين طهران وتل أبيب، وذلك على خلفية القصف المتبادل بينهما، والمستمر منذ فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025، وذلك على خلفية الضربة العسكرية الاستباقية التي وجهتها إسرائيل إلى إيران، والتي عُرفت باسم “عملية الأسد الصاعد”، مما تسبب في أضرار وخسائر إيرانية جسيمة، سواء في المنشآت النووية والحيوية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو في صفوف كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين الذين تمت تصفيتهم في الهجوم الإسرائيلي.
وفي ضوء استمرار التصعيد الإيراني الإسرائيلي، والذي تخطى حدوده التقليدية هذه المرة، تترقب جميع دول العالم ما ستؤول إليه الأمور بين الدولتين، وما إذا كانت هذه المواجهة ستتحول إلى حرب إقليمية أوسع نطاقًا، تشترك فيها أطراف ودول أخرى، وهو سيناريو شديد الخطورة ليس فقط بالنسبة لدول المنطقة، بل بالنسبة لدول العالم كله، وذلك نظرًا للتدعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي ستترتب عليه، والتي تتعدى نتائجها الكارثية حدود الشرق الأوسط:
أولًا؛ تبعات الصراع على الصعيد السياسي:
يبدو من المشهد الراهن في منطقة الشرق الأوسط، أن خريطة التفاعلات والتحالفات السياسية في المنطقة ستتغير كثيرًا في ضوء القصف المتبادل منذ أيام بين إيران وإسرائيل، وفيما يلي أبرز التبعات السياسية للتصعيد الإيراني الإسرائيلي:
1- مكاسب وخسائر سياسية عدة لدولتي الصراع؛ عند تقييم النتائج السياسية المترتبة على الوضع الفوضوي الحالي، يتضح أن كلًا من النظام الإيراني والإسرائيلي قد حققا مكاسب وخسائر متباينة جراء الضربات المتبادلة بينهما؛ حيث:
أ. بالنسبة لإيران؛ تشير معطيات الهجوم الإسرائيلي الاستباقي على طهران، والمعروف إعلاميًا بعملية الأسد الصاعد، إلى أن النظام الإيراني تكبد خسائر سياسية كبيرة؛ أهمها:
_ اهتزاز صورة المنظومة الأمنية والاستخباراتية الإيرانية؛ الأضرار التي طالت المنشآت الإيرانية النووية، إلى جانب الاغتيالات التي طالت كبار قادة الحرس الثوري والجيش الإيرانيين، تفيد بأن هناك اختراق أمني وعسكري غير مسبوقين من جانب الموساد الإسرائيلي لأجهزة الدولة الإيرانية، كما تؤكد أن طهران تفتقر لآليات الحماية والتحصين اللازمة لصد عمليات الاختراق المعقدة والمنظمة، ولا شك أن هذا أحرج النظام الإيراني وقيادته.[1]
وما زاد الأمر سوءاً، هو ما كشفته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، والتي أفادت بأن إسرائيل أمضت شهورًا في تهريب أجزاء لمئات الطائرات المسيرة، والمجهزة بالمتفجرات، والتي اُستخدمت في شن الهجوم الإسرائيلي على طهران، مشيرة إلى أنها وُضعت بالقرب من مواقع الدفاع الجوي الإيرانية ومواقع إطلاق الصواريخ لتدميرها، مما حد من قدرة طهران على صد الهجمات الإسرائيلية.[2]
_ إلقاء الضوء على ملف العملاء الإسرائيليين في طهران؛ ما حدث دليل واضح على أن إسرائيل تمتلك مئات العملاء والجواسيس داخل الحرس الثوري، ومؤسسات إيران الأمنية والعسكرية، خاصةً وأنها ليست العملية الأولى التي ينفذها الموساد الإسرائيلي في قلب إيران؛ فقد تكرر الأمر أكثر من مرة، مثل عملية اغتيال العالم النووي الكبير محسن فخري زاه في العام 2020، واغتيال قائد حركة حماس الأسبق إسماعيل هنية خلال تواجده في إيران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في يوليو الماضي.
وجدير بالذكر في هذا الشأن؛ أن إيران أعلنت منذ بدء ضرباتها المتبادلة مع إسرائيل، اعتقال عدد من الأفراد التي اتهمتهم بالتجسس لصالح تل أبيب، والانتماء لخلايا تابعة لجهاز الموساد الإسرائيلي متواجدة بالبلاد.
_ إثارة المخاوف حول احتمالات إسقاط النظام الإيراني؛ لم تستهدف الضربات الإسرائيلية المنشآت النووية الإيرانية وقواعد الصواريخ الباليستية فقط، بل طالت أيضًا شخصيات مهمة في القيادة الإيرانية، على رأسهم مستشار المرشد الأعلى علي شمخاني، إلى جانب التهديد بتصفية المرشد ذاته علي خامنئي، وكل هذا يضعف الثقة في النظام الإيراني، ويثير المخاوف والتساؤلات حول بقاءه من عدمه، وقد يكون هذا أخطر نتيجة سياسية للهجوم الإسرائيلي على إيران، لأنه يهز ثقة الداخل الإيراني في نظام ولاية الفقيه.
ويبدو أن هذا هو الهدف الرئيسي الذي تسعى له إسرائيل من تصعيدها العسكري على طهران، ويُستدل على ذلك من تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن “النظام لا يعرف ما الذي أصابه، أو ما الذي سيصيبه، فهو لم يكن يومًا أضعف من الآن، لذا؛ هذه فرصتكم للوقوف وإسماع أصواتكم”، مضيفًا “نحقق هدفنا وفي الوقت نفسه نمهد الطريق لكم أيضًا من أجل تحقيق حريتكم”.[3]
ولكن؛ رغم التبعات السياسية السلبية التي تعرض لها النظام الإيراني في ضوء الأحداث الراهنة، إلا أن هناك بعض المكاسب أو المميزات التي اكتسبها جراء ذلك؛ منها:
_ عودة الزخم إلى محور المقاومة الإيراني؛ بعد خسائر وضربات متتالية تعرض لها المشروع الإقليمي الإيراني وأذرعه المختلفة في المنطقة، أعاد الرد الإيراني والقصف الصاروخي الذي تنفذه طهران على تل أبيب، الزخم حول قدرات محور المقاومة الإيراني، وتحسين صورته، وإثبات أنه لا يزال يحتفظ بجزء من قدراته وإمكاناته التي تمكنه من مجابهة الخطر الإسرائيلي، كما يؤكد أنه لم يسقط كما كانت تروج إسرائيل لهذه الفكرة.
_ اكتساب دعم عربي وإسلامي شعبيًا ورسميًا؛ إذ تلاقي الهجمات الإيرانية على إسرائيل احتفاءاً شعبيًا في مختلف الدول العربية والإسلامية، أما على المستوى الرسمي؛ فقد لاقى الهجوم الإسرائيلي على إيران إدانة عربية قاطعة، وسارعت كل الدول إلى التأكيد على دعمها لإيران، مشددة رفضها لانتهاك السيادة الإيرانية وتهديد أمنها واستقرارها، وتُعتبر هذه المرة الأولى التي تحصل فيها إيران على موقف عربي إسلامي موحد داعم لها على المستويين الرسمي والشعبي، وذلك خلافًا للتوترات السابقة التي شابت علاقات طهران بجوارها العربي خلال سنوات طويلة ماضية.
ب. بالنسبة لإسرائيل؛ منحت تطورات التصعيد بين إيران وإسرائيل، الحكومة الإسرائيلية عدة مكتسبات سياسية؛ من بينها:
_ تحويل الأنظار عن غزة؛ توارت القضية الفلسطينية عن مركز الأحداث الدولية، وتعطلت جهود الوساطة ووقف إطلاق النار، وبات التصعيد الإيراني الإسرائيلي هو الشغل الشاغل للساحة الإقليمية والدولية الآن، مما يرفع الضغط عن إسرائيل، وخاصةً فيما يخص دخول المساعدات الإنسانية والاستجابة إلى الحالة العاجلة والمُلحة لدخولها إلى القطاع، نظرًا لكارثية الوضع الإنساني لفلسطيني غزة، وهذا دائمًا ما كان الهدف الأساسي لإسرائيل من إقحام إيران في الحرب منذ البداية، والاستفادة من نقل الحرب إلى خارج إسرائيل.
_ إطالة مدة حكومة نتنياهو؛ شهد الوضع السياسي الداخلي لإسرائيل، كثير من الاضطرابات خلال الآونة الأخيرة، مثل أزمة تعبئة الاحتياط وتجنيد الحريديم، والنزاع مع المعارضة، وقضايا الفساد التي يُتهم فيها نتنياهو نفسه، إلى جانب السخط الشعبي الذي واجه الحكومة الإسرائيلية منذ أحداث 7 أكتوبر وحتى الآن، نظرًا لما مثلته عملية طوفان الأقصى من إخفاق استخباراتي غير مسبوق، فضلًا عن بقاء الأسرى الإسرائيليين في أيدي حماس حتى الآن، وقد أدت تلك الاضطرابات إلى المطالبة المستمرة بسحب الثقة من حكومة نتنياهو.
ولكن؛ اختلف كل ذلك مع بداية القصف الإيراني على إسرائيل؛ والذي أكسب نتنياهو الدعم الشعبي مرة أخرى، إذ تحول من شخص متهم بإطالة أمد الحرب والمغامرة بأرواح الأسرى، إلى “بطل قومي” يحمي بلاده ويدافع عنها ضد الخطر الإيراني، وهذا قد يوفر فرصة سياسية ثمينة لحكومة نتنياهو حتى تعيد ضبط المشهد السياسي الداخلي، وتحافظ على تماسك ائتلافها الحاكم، وتوجيه أنظار الشعب الإسرائيلي إلى الخارج حيث الحرب مع طهران، وبالتالي تخفيض ضغط المعارضة من على كاهل نتنياهو وحكومته، حتى وأن كان لفترة مؤقتة.[4]
_ الترويج لقوة جهاز الموساد الإسرائيلي؛ تشير الضربة الإسرائيلية على إيران، إلى القوة الصلبة التي باتت تمتلكها إسرائيل، وكذلك التفوق الجوي والاستخباراتي، الذي يمنح تل أبيب القدرة على جمع المعلومات وتنفيذ عمليات نوعية داخل الأراضي الإيرانية.
ولكن؛ رغم المكتسبات السياسية التي حظى بها نتنياهو وحكومته جراء ما يحدث من تصعيد بين بلاده وإيران، إلا أن القصف الصاروخي الإيراني على تل أبيب كان له تكلفته السياسية التي تتمثل في إحراج إسرائيل، وإثبات وجود ثغرات واضحة في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، حيث:
رغم امتلاك تل أبيب منظومة دفاع جوي من عدة طبقات تشمل منظومات “آرو” لاعتراض الصواريخ الباليستية، ومنظومات “القبة الحديدية”، و”مقلاع داوود”، إضافة إلى بطاريتي “ثاد” الأمريكيتين، إلا أن إسرائيل فشلت في التصدي لصواريخ إيران، واستطاعت طهران أن تنفذ قصفًا غير مسبوق على قلب الدولة الإسرائيلية.
أحدثت الضربات الإيرانية خسائر قوية في الداخل الإسرائيلي، لم تعرفها إسرائيل منذ نشأتها في خمسينات القرن الماضي، مما مثل صدمة للداخل الإسرائيلي.
2- عرقلة المسار التفاوضي حول البرنامج النووي الإيراني؛ جاء الهجوم الإسرائيلي على إيران بينما تتواصل جهود الوساطة العُمانية لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن فيما يخص البرنامج النووي الإيراني، مما أدى إلى اتخاذ قرار بتجميد مسار المفاوضات حتى تتوقف الضربات الإسرائيلية على طهران.
ومن ثم؛ قررت إيران الانسحاب من الجولة السادسة للمفاوضات، والتي كان من المقرر عقدها يوم الأحد 15 يونيو 2025 في مسقط، إذ صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بأن “المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني ليس لها ما يبررها في ضوء التصعيد الحالي”.
ولكن؛ يجب الإشارة هنا إلى أن تجميد المفاوضات لا يعني انهيار كل فرص الحل الدبلوماسي للمعضلة النووية الإيرانية، بل قد يكون ما حدث ما هو إلا أداة ضغط من جانب إسرائيل والولايات المتحدة، على إيران حتى تتنازل وتقبل بالمقترح الأمريكي الذي قدمته واشنطن إلى طهران في أواخر مايو الماضي، والذي ينص على إيقاف تخصيب اليورانيوم من قبل إيران، وهو الأمر الذي سبق وأن رفضته طهران بشدة.
3- تهديد التفاهمات الإيرانية القائمة مع جوارها الخليجي؛ يأتي التصعيد الإسرائيلي، المدعوم أمريكيًا، في وقت شهدت فيه العلاقات الإيرانية الخليجية قدرًا ملحوظًا من التحسن والتهدئة، وذلك ضمن مقاربة خليجية تقوم على دمج طهران في جوارها العربي، وتحييد خطر المشروع الإقليمي الإيراني التوسعي، وقد أتاحت تلك المقاربة، فرصة حقيقية لإيران حتى تعدل عن سياساتها الإقليمية السابقة، وبالفعل كانت الأمور بين الجانبين وصلت إلى حد المفاوضات بين المملكة وجماعة الحوثي، المدعومة إيرانيًا، من أجل إنهاء الخلاف اليمني.
وفي ضوء التصعيد الأخير؛ تجد دول الخليج العربي نفسها في موقف حساس للغاية؛ فمن جهة هناك زخمًا اكتسبته العلاقات الأمريكية الخليجية منذ مجيء الرئيس دونالد ترامب إلى سُدة الحكم في يناير الماضي، ومن جهة أخرى لا تستطيع الدول الخليجية أن تتجاهل عامل الجغرافيا والترابط الاستراتيجي الذي يجمعها مع إيران، وكذلك لا يمكنها التغاضي عن التحسن الذي شهدته علاقاتهما، هذا إلى جانب اتفاقات التطبيع التي تربط بين الطرف الأخر للصراع؛ إسرائيل، مع بعض دول الخليج العربي؛ الإمارات والبحرين، ولاشك أن كل ذلك يفرض على الدول الخليجية مزيدًا من الضغوط فيما يخص التفاهمات الخليجية مع إيران.
4- تغيير موازين القوى وخريطة التحالفات في منطقة الشرق الأوسط؛ فقد يؤدي استمرار التصعيد الإيراني الإسرائيلي، وتدخل الولايات المتحدة عسكريًا في الحرب على إيران، إلى إعادة ترسيم موازين القوى في الشرق الأوسط، حيث ستؤدي تلك المواجهة العسكرية إلى هزيمة طهران وتقزيم دورها في المنطقة، وكذلك إخراجها من المشهد السياسي الإقليمي، وهذا بالتأكيد سيكون لصالح إسرائيل التي سوف تكتسب مزيدًا من النفوذ، من خلال السعي إلى ملء الفراغ الاستراتيجي الذي يترتب على الغياب الإيراني عن الساحة السياسية الإقليمية، ومن ثم؛ تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط لصالح تل أبيب، وهذا ما صرح به نتنياهو كثيرًا، قائلًا “كسب الحرب ضد إيران، سيخلق خريطة شرق أوسط جديد”.
5- تعزيز مبدأ القوة والردع العسكري المباشر في العلاقات الدولية؛ استمر العداء الإيراني الإسرائيلي لسنوات طويلة في الخفاء، وعن طريق حروب بالوكالة، فيما عُرف بالردع غير المباشر، أو ما سُمي أيضًا بحروب الظل، ولكن الآن، وبعد أن تحول العداء بينهما إلى العلن، وتحولت المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل إلى الشكل المباشر، أو ما يُعرف بالردع العسكري المباشر، فأن ذلك قد يعزز مبدأ القوة في العلاقات الدولية، ويكرس منطق “قانون القوة” على حساب منطق “قوة القانون الدولي العام”، والقائم على مباديء الشرعية الدولية، وحق الشعوب في الاستقرار والتنمية، خاصةً في ظل غياب آليات الردع الإقليمي الفعالة، وفشل المجتمع الدولي في فرض حلول مستدامة لمعالجة الأزمات التي قد تندلع بين الدول.[5]
وذلك لأن المشهد الحالي يمكن قرأته باختصار كالتالي: “لم يتفق الجانب الأمريكي الإسرائيلي، مع الجانب الإيراني على صيغة اتفاق نووي مقبولة من كلاهما، فقرر الطرف الأول استخدام القوة العسكرية ضد الطرف الثاني ومنشآت برنامجه النووي”، وهذا الطرح قد يتكرر في كل أزمة يتعثر فيها المسار التفاوضي الدبلوماسي، خصوصًا إذا كان أحد طرفي الأزمة من الدول الكبرى، وبالتالي؛ يعود المجتمع الدولي إلى عهد “قانون الغابة”، أي ما معناه؛ فشل التنظيم الدولي الذي خلفته الحرب العالمية الثانية في القيام بمهمته المتمثلة في منع الحروب، وحظر استخدام القوة بين أعضاء الجماعة الدولية، وحل الأزمات بالطرق البلوماسية والقانونية العادلة.
ثانيًا؛ تبعات الصراع على الصعيد الأمني:
وكما هو الحال سياسيًا؛ فمنطقة الشرق الأوسط على مشارف فوضى أمنية غير مسبوقة، وذلك في حال توسع الصراع الإيراني الإسرائيلي، وتدخلت أطراف إقليمية ودولية أخرى، وفيما يلي أبرز تبعات التصعيد الأمنية في حال استمراره:
1- إتساع رقعة الصراع واندلاع حرب إقليمية؛ في حال استمر التصعيد الحالي بين إيران وإسرائيل، دون التوصل إلى تفاهمات دبلوماسية، فإن المنطقة ستكون على موعد مع حرب إقليمية شاملة غير مسبوقة، ولن تُحمد عقباها إطلاقًا، وستكون حرب الجميع فيها خاسر.
وفي هذا الوضع؛ فأن التصعيد بين طهران وتل أبيب لن يقف عند حدود الرد والرد المضاد، بل إنه سيمتد إلى دول وأطراف أخرى؛ حيث تتدخل الولايات المتحدة رسميًا في الحرب لدعم إسرائيل، بينما تتدخل دول مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية لدعم إيران، هذا بخلاف تحرك الأذرع الإيرانية في المنطقة؛ حزب الله في لبنان والفصائل المسلحة في العراق وسوريا والحوثي باليمن، لدعم طهران، من خلال استهداف المصالح والقواعد الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق؛ هددت جماعة كتائب حزب الله المسلحة العراقية، في بيان لها يوم 15 يونيو الجاري، باستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة، إذا تدخلت الولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل، داعية الحكومة العراقية إلى غلق السفارة الأمريكية، وطرد القوات الأمريكية من البلاد؛ كونها التهديد الأوضح والأخطر لأمن العراق واستقرار المنطقة.[6]
2- تهديد الأمن البيئي من خلال احتمالية التسريب الإشعاعي؛ منذ بدء التصعيد وحتى الآن، ركزت الاستهدافات الإسرائيلية على ضرب المنشآت النووية الإيرانية؛ إذ استهدفت تل أبيب ما لا يقل عن 10 مواقع نووية إيرانية، أبرزهم منشأة نطنز في محافظة أصفهان، وهي المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في البلاد، وموقع أحمدي روشنز، وموقع فوردو النووي، ومنشأة أصفهان النووية، وأخيرًا مفاعل خنداب للمياه الثقيلة.
وتثير هذه الضربات تخوفًا رئيسًا حول حدوث تسرب إشعاعي خطير للغاية، ومن ثم؛ تهديد الوضع الصحي والبيئي في المنطقة، من خلال التلوث النووي الذي سيترتب على هذا التسريب.
وتتخوف الدول الخليجية من هذا الخطر أكثر من غيرها من الدول؛ نظرًا للتقارب الجغرافي بينها وبين طهران، وتتزايد المخاوف الخليجية من أن تطال الضربات الإسرائيلية محطة بوشهر للطاقة النووية، كونها تقع على ساحل الخليج العربي، مما يهدد الأمن المائي الخليجي بشكل مباشر؛ حيث[7]:
في حال استهداف مفاعل بوشهر النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تسرب إشعاعي يلوث مياه الخليج العربي، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لمحطات تحلية المياه التي تعتمد عليها دول الخليج كمصدرًا رئيسيًا للمياه.
وما يزيد من تعقيد الأزمة؛ أن الخليج العربي يُعد بحر شبه مغلق، ومن ثم؛ دورة المياه فيه تحتاج إلى ما بين سنتين وخمس سنوات لتكتمل، وبالتالي؛ التلوث الإشعاعي لمياهه يضرب الحياة في دول الخليج العربي، ويسبب كارثة فعلية لأمنها المائي، وخاصةً في دولة الكويت، فهي لا تبعد عن مفاعل بوشهر النووي سوى 250 كيلومتر فقط.
وإدراكًا لهذا لخطر؛ سارعت دول الخليج العربي إلى اتخاذ تدابير احترازية مع بدء الاستهدافات الإسرائيلية للمفاعلات النووية الإيرانية، حيث أكدت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أنه تم تفعيل مركز مجلس التعاون لدول الخليج العربية لإدارة حالات الطوارئ جزئياً ضمن إجراءات الاستجابة الإقليمية، وذلك كإجراء احترازي، إلى جانب رصد ومتابعة مستويات الإشعاع في المنطقة، لمعرفة ما إذا كانت لا تزال في مستوياتها الطبيعية والآمنة أم لا.
3- إثارة سباق تسلح نووي في المنطقة؛ ما تعرضت له إيران من هجمات إسرائيلية، وتهديدات أمريكية بالتدخل في الحرب عليها، يثير تخوفًا رئيسًا حول ما إذا كانت إيران ستقرر امتلاك سلاحًا نوويًا أم لا في المستقبل القريب، حيث أنه في حال تمت تهدئة الصراع الإيراني الإسرائيلي الحالي، وخرجت طهران من الأزمة الراهنة دون خسارة برنامجها النووي، فأنه من المحتمل أن يكون أولى قراراتها هو أن تحصل على سلاحًا نوويًا.
وذلك لأن امتلاك السلاح النووي بات السبيل الوحيد لردع الخطر الإسرائيلي والأمريكي، وللحفاظ على بقاء النظام الإيراني، وبالتالي؛ كما تنظر إسرائيل إلى امتلاك إيران لبرنامج نووي على أنه خطر تهديد وجودي لتل أبيب، قد تنظر طهران إلى عدم امتلاكها سلاحًا نوويًا على أنه خطر تهديد وجودي بالنسبة للجمهورية الإسلامية ونظام ولاية الفقيه.
وفي هذا الوضع، ستكون المنطقة على موعد مع سباق تسلح نووي غير مسبوق، خاصةً وأن باقي الدول، وخصوصًا الخليجية، ستسارع لأن تمتلك هي الأخرى ردعًا نوويًا يحمي أمنها واستقرارها، وهو ما أكدت عليه السعودية بشكل علني أكثر من مرة، إذ صرح ولي العهد محمد بن سلمان أنه “في حال امتلكت إيران برنامجًا نوويًا، سيكون للمملكة برنامجها النووي الخاص بها أيضًا”. ويُضاف إلى هذا؛ التهديد الأمني الناتج عن امتلاك دولتين على عداء مثل إيران وإسرائيل، قدرات نووية يهددان باستخدامها ضد بعضهما البعض.
4- اندلاع أزمة نزوح تهدد استقرار الإقليم؛ في حال استمرار التصعيد بين إيران وإسرائيل، واستمرار طلبات الإخلاء المتبادلة بينهما، فلا شك أن المنطقة ستشهد أزمة نزوح ولجوء كبيرة، مما يهدد الاستقرار والأمن في الدول المجاورة لكلاهما، وهذا ما أكد عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قائلًا “منطقتنا لا يمكن أن تتحمل أزمة جديدة، فالحرب المدمرة قد تؤدي إلى موجات هجرة غير منتظمة تطال جميع دول المنطقة”.[8]
وجدير بالذكر في هذا الشأن أن؛ أعلنت وزارة الدفاع التركية، يوم الخميس 19 يونيو 2025، تعزيز الأمن على الحدود التركية الإيرانية، من خلال اتخاذ احتياطات وتدابير أمنية إضافية، وذلك في ضوء استمرار الصراع بين إسرائيل وإيران، وزيادة أعداد محاولات عبور الحدود بين طهران وأنقرة منذ بدء التصعيد.[9]
في السياق ذاته؛ تشهد إسرائيل موجة نزوح على خلفية القصف الصاروخي الإيراني؛ إذ أفادت تقارير بأن مئات الأجانب والإسرائيليين فروا من تل أبيب إلى مصر باعتبارها ملاذًا آمنًا، أو للعبور منها إلى دول أخرى؛ حيث[10]:
أوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير تميم خلاف، أن هناك دولاً أوروبية وآسيوية طلبت إجلاء رعاياها عبر الأراضي المصرية، بعد إغلاق المجال الجوي لإسرائيل.
أعلنت السفارة الصينية لدى إسرائيل، يوم 19 يونيو الجاري، أنها ستساعد المواطنين الصينيين الراغبين في الرحيل من إسرائيل، للمغادرة على دفعات، ابتداء من اليوم الجمعة 20 يونيو 2025، موضحة أنه سيجري إجلاء الرعايا الصينيين عبر معبر طابا الحدودي مع مصر، وكذلك طلبت دولة التشيك من مصر، إجلاء رعاياها من إسرائيل.
أكد رئيس جمعية “مستثمري طابا ونويبع للسياحة” سامي سليمان، أن هناك في الوقت الحالي تدفقًا من معبر طابا البري لأجانب قادمين من إسرائيل إلى مدينتي طابا ونويبع، بغرض التوجه لمطار شرم الشيخ الدولي، والسفر إلى دولهم بعدما كانوا عالقين في إسرائيل بسبب إغلاق مجالها الجوي، وكذلك الأردن.
ثالثًا؛ تبعات الصراع على الصعيد الاقتصادي:
كان للأحداث المتسارعة التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة، والمترتبة على اندلاع الصراع العسكري المتبادل بين إيران وإسرائيل، تبعات اقتصادية كارثية، ليس فقط على مستوى الاقتصاد الإقليمي، بل على مستوى الاقتصاد العالمي، والأخطر من ذلك أنه؛ في حال استمر الصراع بين الدولتين أو اتسع نطاقه ليتحول إلى حرب إقليمية شاملة، فمن المتوقع أن تزداد هذه التبعات حدة وخطورة، مما يضع الاقتصاد الدولي على شفا أزمة اقتصادية خانقة، خاصةً وأنه يعاني من أزمات معقدة للغاية؛ مثل حرب الرسوم الجمركية الأمريكية، وارتفاع معدلات التضخم، إلى جانب التأثيرات المستمرة لجائحة كورونا وحرب أوكرانيا، وفيما يلي أبرز التداعيات الاقتصادية للصراع الإيراني الإسرائيلي:
1- اضطراب أسعار النفط وعرقلة سلاسل إمدادات الطاقة العالمية؛ أثار اندلاع الصراع الحالي، مخاوف كبيرة حول إمدادات الطاقة العالمية، خاصةً وأن المنطقة الجغرافية التي تشهد التوتر الإيراني الإسرائيلي تُعد منطقة حيوية واستراتيجية بالنسبة لأسواق الطاقة العالمية، سواء من حيث الانتاجية حيث الدول الخليجية، أو من حيث حركة التجارة النفطية حيث مياه الخليج العربي ومضيق هرمز والبحر الأحمر والمتوسط.
وما زاد من هذه المخاوف أن الضربات الإسرائيلية ركزت بشكل كبير على منشآت ومواقع الطاقة الإيرانية؛ حيث استهدفت إسرائيل مصفاة تبريز في شمال غرب إيران، كما قصفت مصفاة تكرير في حقل بارس الجنوبي للغاز الإيراني، ما أدى إلى اندلاع حريق به.
وفي استجابة سريعة لأسواق النفط العالمية لهذه المخاوف؛ ارتفعت أسعار النفط بنسبة تراوحت بين 10-12% خلال الساعات الأولى التي أعقبت الهجوم الإسرائيلي على إيران يوم 13 يونيو الجاري؛ حيث[11]:
ارتفع خام برنت بأكثر من 7%، من نحو 69 دولارًا للبرميل إلى 74‑78 دولارًا، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بـ7.6%، ليصل إلى نحو 73 دولارًا.
ارتفع قطاع الطاقة بمؤشر “ستوكس 600” الأوروبي بنسبة 0.6%، متأثرًا بارتفاع أسعار الخام.
وفي يوم 14 يونيو، واصلت أسعار النفط الارتفاع، حيث زادت بنسبة 2.3%.
ومن المتوقع استمرار الارتفاع في أسعار النفط، وسط مخاوف حول اتساع رقعة الصراع، وتعطيل حركة تجارة النفط العالمية في المنطقة، وخاصةً عبر مضيق هرمز، وفي هذه الحالة، تشير التوقعات أن سعر برميل النفط سيتخطى حاجز الـ100 دولار، ليصل إلى حدود الـ120-150 دولارًا.[12]
2- ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا؛ لا شك أن الصراع الإيراني الإسرائيلي يهدد سلاسل إمدادات الغاز العالمية، وذلك نظرًا للاستهدافات الإسرائيلية المتكررة التي أصابت حقول الغاز الإيرانية، فضلًا عن المكانة التي تتمتع بها طهران في سوق الغاز العالمي؛ حيث تحتل إيران المرتبة الثانية عالميًا بعد روسيا من حيث احتياط الغاز الطبيعي المثبت، بمقدار يقارب 1200 تريليون قدم مكعب أو نحو 34 تريليون متر مكعب، وتُشكل هذه الكمية نحو 17-18% من إجمالي الاحتياطيات العالمية من الغاز.
يُضاف إلى ذلك؛ إعلان إسرائيل عن إغلاق حقول الغاز الواقعة في البحر المتوسط، لا سيما حقل ليفياثان، الذي ينتج 40% من إنتاج الغاز في إسرائيل، وكذلك قرار شركة إنرجيان بتعليق إنتاج الغاز من حقل كاريش.
وفي ضوء هذه المعطيات؛ شهدت أسعار الغاز العالمية قفزة كبيرة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران، وخاصةً في الأسواق الأوروبية، والتي باتت تعتمد على إمدادات الغاز القادمة من المنطقة بدلًا من الغاز الروسي وذلك على خلفية حرب أوكرانيا، ولذلك؛ قفزت العقود الآجلة القياسية للغاز في الأسواق الأوروبية بنسبة 5.7%، مسجلة أكبر ارتفاع منذ أكثر من 5 أسابيع.[13]
ومن المتوقع أن تستمر أسعار الغاز في الارتفاع، خاصةً إذا تعطلت الإمدادات من مضيق هرمز، حيث ستكون دول شرق آسيا أكبر متضرر من ذلك، وخصوصًا الهند واليابان وكوريا الجنوبية والصين.
3- انخفاض أسواق الأسهم الإقليمية والدولية؛ سجلت الأسواق المالية تراجعات درامية في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على طهران، ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل أيضًا على المستوى الدولي؛ حيث[14]:
أغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة وول ستريت الأمريكية، يوم الجمعة 13 يونيو، على انخفاض حاد في ختام جلسة التداولات؛ إذ هبط مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بواقع 1.14%، وتراجع مؤشر “ناسداك” المجمع بـ1.3%، في حين انخفض مؤشر “داو جونز” الصناعي بنسبة 1.8%.
وكذلك أغلقت الأسهم الأوروبية على انخفاض أيضًا؛ حيث تراجع المؤشر “ستوكس 600” الأوروبي بـ0.9%، فيما انخفض مؤشر “داكس” الألماني بـ1.1%، وكذلك تراجع مؤشر “نيكي” بنحو 0.9%، في حين تراجع المؤشر “توبكس” الأوسع نطاقًا بـ0.95%.
أما فيما يخص الأسواق الإسرائيلية؛ فقد تكبدت خسائر فادحة بنهاية تعاملات اليوم نفسه، إذ خسرت بورصة تل أبيب بنحو 3.64%، مسجلة نحو 5830 نقطة، كما تراجع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي بنسبة تجاوزت الـ5%، ليسجل 3.66 مقابل الدولار الأمريكي، ويُعد هذا أكبر هبوط يومي للشيكل منذ أبريل 2025.[15]
وفي صباح يوم الأحد 15 يونيو الجاري؛ استمرت البورصة الإسرائيلية في خسائرها، إذ سجلت تراجعًا ملحوظًا؛ حيث انخفض مؤشر “تل أبيب 35 للأسهم القيادية” بنسبة 1.5%، كما انخفض مؤشر “تل أبيب 125 الأوسع نطاقًا” بنسبة 1.4%.
ولم تكن البورصات الخليجية بعيدة عن موجة الانخفاضات هذه؛ إذ تراجعت أسواق الأسهم في منطقة الخليج العربي في تعاملات يوم الأحد 15 يونيو 2025، حيث هبط المؤشر في قطر بـ4%، وانخفض سهم بنك قطر الوطني بـ3.3%، وكذلك انخفض المؤشر السعودي الرئيسي بـ3.6%، في حين سجل مؤشر الكويت تراجعًا بنسبة 3%، وهبط مؤشر البحرين بـ0.8%، وأيضًا المؤشر الرئيسي في بورصة مسقط بـ1.9%.[16]
4- تهديد حركة الملاحة الدولية في مضيق هرمز؛ قد يؤدي استمرار الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى تعطيل حركة الملاحة الدولية في المنطقة، والتي يتواجد بها أهم الممرات البحرية في العالم؛ وهي البحر الأحمر والبحر المتوسط ومضيق باب المندب ومضيق هرمز.
وزادت المخاوف حول مصير الملاحة في مضيق هرمز بعدما لوحت طهران بإغلاقه في حال استمر التصعيد الإسرائيلي ضدها؛ حيث صرح عضو لجنة الأمن في البرلمان الإيراني إسماعيل كوثري، يوم 14 يونيو 2025، بأن “إغلاق مضيق هرمز قيد الدراسة”.[17]
وجدير بالذكر أن مضيق هرمز يُعتبر أهم ممر بحري في العالم، فهو يتمتع بأهمية استراتيجية حثيثة، وخاصةً في تجارة النفط العالمية، حيث[18]:
يُعتبر مضيق هرمز هو المدخل والمخرج الجنوبي للخليج بين إيران وسلطنة عُمان، كما أنه يربط الخليج ببحر العرب.
يمر خلال المضيق نحو خُمس إجمالي استهلاك العالم من النفط؛ أي ما يقرب من 20 مليون برميل يوميًا من النفط والمكثفات والوقود.
يتم خلاله ضخ ما يقرب من 90% من صادرات نفط الخليج العربي، 80% منها تتجه إلى الدول الآسيوية، فيما ينُقل الباقي إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
زادت أهمية المضيق بعد الحرب الروسية الأوكرانية؛ ففي فبراير 2022، أصبحت منطقة الخليج وجهة الدول الصناعية الكبرى، لتأمين احتياجاتها من نفط الخليج العربي، والتي تمر، كما تم إيضاحه أعلاه، عبر مضيق هرمز.
وبناءً علي هذه الأهمية الاستراتيجية؛ فإن إغلاق مضيق هرمز بالفعل كما تهدد إيران، سيحمل في طياته أزمة اقتصادية طاحنة تضرب الاقتصاد العالمي وخاصةً فيما يخص سلاسل إمدادات الطاقة، وأسعار النفط والغاز، والتي ستشهد بالتأكيد ارتفاعات جنونية تزيد من معدلات الركود والتضخم في كل دول العالم.
ولكن؛ مهما لوحت طهران باستخدام ورقة الملاحة في المضيق، فإنه من المتوقع ألا تقدم على هذه الخطوة، وذلك للأسباب التالية[19]:
سوف تضرر إيران نفسها من إغلاق مضيق هرمز، حيث أن معظم السلع الاستهلاكية اليومية تأتي إليها عبر هذا الطريق، وبالتالي؛ ليس من مصلحة طهران أن تقدم على هذه الخطوة.
من الناحية الجغرافية؛ يقع الجزء الأكبر من مضيق هرمز أمام سواحل عُمان والإمارات، فيما تسيطر طهران على الجزء الشمالي منه فقط، وبالتالي، إيقاف حركة الملاحة والتجارة في كامل المضيق كما تهدد إيران، ليس أمرًا ممكنًا.
ستكون الصين؛ الحليف الاستراتيجي لإيران وأكبر مستورد للنفط في العالم، أكبر متضرر من هذا الإجراء؛ إذ أن عرقلة التجارة في مضيق هرمز تعني انقطاع تدفق النفط الخليجي إلى بكين، وبالتالي ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير للغاية، وهذا سيحمل الصين عبئًا اقتصاديًا ضاغطًا، ولذلك؛ لن تسمح بكين أن تقدم طهران على هذه الخطوة المضرة اقتصاديًا بالنسبة لكلاهما.
5- ارتفاع أسعار وتكاليف الشحن البحري؛ في ضوء المخاوف التي يعكسها الصراع الإيراني الإسرائيلي على حركة التجارة والملاحة في المنطقة، كما تم إيضاحه مسبقًا، شهدت أسعار وتكاليف الشحن البحري والتأمين على السفن والناقلات قفزة كبيرة؛ حيث:
دفع التوتر الأمني الذي خلفه الصراع العسكري بين إيران وإسرائيل، شركات النقل البحري إلى تغيير مسارات سفنها إلى طرق بديلة لتجنب المخاطر المحدقة بالملاحة الدولية في المنطقة، ولذلك بدأت بعض الشركات في توجيه سفنها إلى موانئ الساحل الغربي للهند، لربط شرق آسيا بشبه القارة الهندية، وهو نفس التوجه الذي اتبعته عدد من الدول، فمثلًا أصدرت الحكومة البريطانية يوم 13 يونيو، توصيات للسفن التجارية بتجنب المرور عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
أدى هذا الوضع إلى ارتفاع أسعار الشحن البحري، وأسعار أسهم شركات الناقلات؛ إذ رفعت شركات التأمين رسومها بنسبة تتراوح بين 20-30% على السفن المارة عبر ممرات المنطقة.
وكذلك ارتفعت أسعار عقود الشحن الآجلة لشهر يوليو بنسبة 15%، لتصل إلى 12.83 دولار للطن، وفي أسواق آسيا؛ ارتفعت أسهم شركات مثل “كوسكو شيبينغ هولدينغز” و”تشاينا ميرشانتس إنرجي شيبينغ” لناقلات النفط بأكثر من 5% خلال جلسة يوم الجمعة 13 يونيو الجاري.[20]
وفي أوروبا؛ ارتفع سهم “فرونتلاين” للنقل البحري بنسبة تصل إلى 8% في تعاملات بورصة أوسلو.
6- ارتفاع أسعار الذهب كملاذ آمن؛ دفعت التوترات الأمنية الناتجة عن تبادل القصف الصاروخي بين إيران وإسرائيل، المستثمرين نحو الأصول الآمنة، ولذلك زاد الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا، وبناءً عليه؛ ارتفعت أسعار الذهب في أعقاب الهجوم الإسرائيلي بنسبة 1.3%، لتبلغ 3428.10 دولارًا للأوقية، مسجلة مكاسب أسبوعية تجاوزت الـ4%، كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب بـ1.5%، لتصل إلى 3452 دولارًا.[21]
7- تعطيل حركة الطيران العالمي؛ تضرر قطاع الطيران العالمي في أعقاب اندلاع الصراع الإيراني الإسرائيلي، وتكبد خسائر فادحة، جراء إجراءات الإغلاق التي اتخذتها معظم دول المنطقة، وقرارات تعليق الرحلات التي اتخذتها معظم الشركات في ضوء استمرار التصعيد؛ حيث[22]:
أغلقت دول عديدة بمنطقة الشرق الأوسط مجالها الجوي، وعلى رأسها إسرائيل وإيران والعراق والأردن وسوريا، مما أدى إلى تعطيل حركة الطيران.
أعلنت شركة “طيران الإمارات” تعليق جميع رحلاتها إلى العراق والأردن ولبنان وإيران، فيما علقت شركة “الاتحاد للطيران” رحلاتها كافة بين أبوظبي وتل أبيب، بينما أعلنت “فلاي دبي” تعليق رحلاتها إلى عمان وبيروت ودمشق وطهران وتل أبيب. ومن جانبها؛ علقت الخطوط الجوية القطرية رحلاتها إلى إيران والعراق بشكل مؤقت.
أما على الصعيد العالمي؛ أعلنت شركة “لوفتهانزا” الألمانية تعليق رحلاتها إلى طهران وتل أبيب حتى نهاية يوليو المقبل، وإلغاء رحلاتها إلى عمان وبيروت وأربيل حتى اليوم 20 يونيو الجاري، مع تجنب التحليق فوق المجال الجوي للدول المتأثرة بالصراع.
حولت الخطوط الجوية الهندية مسارات رحلاتها المتجهة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، كما أعلنت “إيروفلوت” الروسية و”إيجيان إيرلاينز” اليونانية و”إيه جيت التركية” التركية، تعليق أو إعادة جدولة كثير من رحلاتها المتجهة إلى المنطقة.
وكذلك حولت مطارات قبرص 32 رحلة قادمة من الشرق الأوسط إلى مطاري لارنكا وبافوس، كإجراءًا احترازيًا تحسبًا لتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة.
ولا شك أن هذه الإجراءات انعكست سلبيًا على أسهم شركات الطيران، والتي شهدت انخفاضًا قاسمًا؛ حيث[23]:
أغلقت أسهم العربية للطيران في دبي، يوم 13 يونيو، على انخفاض بنسبة 3.2%، كما انخفضت أسهم مجموعة الطيران الأوروبية “إير فرانس (كيه إل إم)” بأكثر من 5%، وكذلك تراجعت أسهم “لوفتهانزا” و”إيزي جيت” بنسبة تصل إلى 4%.
كما انخفضت أسهم شركات الطيران الأمريكية “دلتا إيرلاينز”، و”أمريكان إيرلاينز”، و”يونايتد إيرلاينز”، بنسب تتراوح بين 4-5%، وكذلك تراجعت أسهم وكالتي حجوزات السفر عبر الإنترنت “بوكينغ هولدينغز” و”إكسبيديا” بأكثر من 2%.
8- الإضرار بقيمة العُملات المحلية؛ في ضوء اندفاع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال نحو الدولار الأمريكي والذهب كملاذات آمنة على حساب الأسواق المحلية، وذلك على خلفية المخاوف الاقتصادية المترتبة على استمرار الصراع والتصعيد بين طهران وتل أبيب، ستتعرض العملات الوطنية لمزيد من الضغوط، وبالتالي تراجع قيمتها في مقابل الدولار، ومن ثم؛ تفاقم أزمة النقد الأجنبي التي تعاني منها معظم دول الشرق الأوسط.
* انعكاسات الصراع على الاقتصاد المصري:
في ضوء التداعيات الاقتصادية المشار إليها سابقًا، يواجه الاقتصاد المصري مجموعة من التحديات التي يخلفها استمرار الصراع بين طهران وتل أبيب، ويمكن إجمالها على النحو التالي:
– تهديد الملاحة في مضيق هرمز، وعودة الاضطرابات للبحر الأحمر وباب المندب في حال تدخل الحوثي في الصراع الدائر حاليًا بين الدولتين، يدفع شركات الشحن العالمية الكبرى لتحويل مسار السفن إلى طرق بديلة لقناة السويس، ومنها طريق رأس الرجاء الصالح، وبالتالي؛ التأثير سلبًا على إيرادات قناة السويس المصرية، والتي من المرجح أن تنخفض في ظل الوضع الراهن.
– توقف إمدادات الغاز الإسرائيلية إلى مصر، وذلك على خلفية إغلاق حقل ليفياثان للغاز في إسرائيل، وهو ما يمثل فقدانًا لمصدر مهم من مصادر العملة الصعبة، نظرًا لاعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي لإعادة التسييل في مصانع إدكو ودمياط ثم تصديره.
– وفي ضوء ذلك؛ اضطرت وزارة البترول والثروة المعدنية المعدنية إلى تفعيل خطة الطوارئ المعدة الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي، وذلك بإيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية، مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة، والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، وذلك في إجراء احترازي حفاظًا على استقرار شبكة الغاز الطبيعي، وعدم اللجوء لتخفيف أحمال شبكة الكهرباء.
– ارتفاع أسعار النفط والغاز، وكذلك ارتفاع تكاليف الشحن البحري، ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وخاصةً المستورد منها، وهو ما يعني زيادة أسعار المشتقات البترولية والسلع الغذائية في مصر، وبالتالي، زيادة معدلات التضخم، والتي بلغت نسبة 16.8% خلال مايو 2025.[24]
– سيتضرر قطاع السياحة في مصر، نظرًا للتقارب الجغرافي بينها وبين إسرائيل، إلى جانب إغلاق المجالات الجوية لمعظم الدول في المنطقة، وإلغاء شركات الطيران لرحلاتها إلى الإقليم في ضوء استمرار الصراع، ومن ثم؛ ستتراجع إيرادات الموسم السياحي في مصر خلال فصل الصيف الحالي، وبالأخص في مناطق البحر الأحمر وسيناء.
– انخفاض عائدات العملة الصعبة التي كانت تحصل عليها مصر من السياحة وقناة السويس، وهذا يعني تفاقم الأزمة الدولارية في البلاد، واحتمالية تراجع قيمة الجنيه المصري في مقابل الدولار الأمريكي، خاصةً مع ارتفاع فاتورة الاستيراد، وارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وإجمالًا؛ مع مرور الأسبوع الأول من المواجهة العسكرية المحتدمة بين عملية “الأسد الصاعد” الإسرائيلية وعملية “الرد الصادق 3” الإيرانية، تبدو تكلفة هذه المواجهة كبيرة للغاية إقليميًا وعالميًا، وخاصةً فيما يخص الاقتصاد العالمي نظرًا لأهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لتجارة وإمدادات الطاقة العالمية.
كما يتضح من الوضع الراهن أن الخيار العسكري لحل الخلافات بين الدول، ليس أمرًا يسيرًا، بل أنه خيار مكلف للجميع، ونتائجه تكون خاسرة لجميع الأطراف وليس لطرف بعينه، وبالتالي؛ ينبغي أن تدرك الأطراف المعنية بالصراع الإيراني الإسرائيلي أن الحل السلمي هو الخيار الوحيد، وإلا سيتحمل الجميع ثمنًا باهظًا.
وبناءً عليه؛ مهما بدت الصورة معقدة، ومهما تمادت إيران وإسرائيل، ومهما هددت الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب بالتدخل عسكريًا في الحرب ضد إيران، ستحافظ الأطراف الثلاثة على “شعرة معاوية”، وستحرص على ألا تصل الأمور لنقطة اللاعودة، بل ستحرص على إبقاء باب التفاوض مفتوحًا.
وذلك إدراكًا من الجميع لعدة حقائق كشفها الصراع الإيراني الإسرائيلي الحالي؛ ومنها: تكلفة الحرب باهظة أمنيًا واقتصاديًا وسياسيًا، ضرب منشآت النووي الإيراني يعني حدوث كارثة بيئية في منطقة استراتيجية مثل منطقة الخليج العربي، حسابات ترامب المتعلقة بالداخل الأمريكي وبالانتخابات أهم من إسرائيل ومن تنفيذ وعوده بضرب إيران، الاستثمارات والمصالح الأمريكية في المنطقة أهم بكثير من قرار دخول الحرب والقضاء على طهران، الرد الإيراني على تهديد برنامجها النووي والذي هو الضمانة الوحيدة لبقاء نظام ولاية الفقيه أقوى وأهم بالنسبة لطهران من اغتيال أي شخصية أو مسؤول، وأهم لإيران من أي ذراع لها في المنطقة، وهذا سبب اختلاف ردها الآن عن ردها في شهري أبريل وأكتوبر بالعام الماضي، إيران ليس بالعدو اليسير على إسرائيل، فالقبة الحديدية لم تحميها من صواريخ طهران الباليستية، مهما كانت مساويء طهران ومهما كانت هناك اتفاقات تطبيع بين تل أبيب والدول العربية، ستظل إسرائيل العدو الأول للعرب والشعوب العربية، ومهما سعت واشنطن إلى الترويج لفكرة الناتو الإقليمي ضد طهران فهي لن تحدث، وهذا اتضح من الموقف العربي الرسمي والشعبي خلال الصراع الإيراني الإسرائيلي الحالي.
وأخيرًا؛ المشهد بالشرق الأوسط بات مفتوحًا على كل السيناريوهات ولا شيء مستبعد، ولكن يبدو أن الخيار الأرجح والأكثر صوابًا هو السماح للوساطات الإقليمية والدولية أن تقوم بدورها، وأن تعود الأمور إلى ما قبل فجر الجمعة 13 يونيو 2025، وأن تنعقد الجولة السادسة من المفاوضات النووية الإيرانية الأمريكية في مسقط، لأن هذه المرة ستذهب إيران وهي على استعداد أن تقدم تنازلات عديدة للولايات المتحدة، فيما تذهب واشنطن وهي مدركة أن طهران تغامر بالهزيمة الساحقة من أجل الاحتفاظ بقدر من نسب تخصيب اليورانيوم كما كان الوضع في اتفاق 2015.
المصادر:
[1] التصعيد الإسرائيلي-الإيراني وتداعياته الداخلية والخارجية، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 14/6/2025، متاح على الرابط: https://rasanah-iiis.org/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF-
[2] «وول ستريت جورنال»: إسرائيل أدخلت مئات «الدرونز» المتفجرة إلى إيران منذ أشهر، الشرق الأوسط، 156/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86-%D8%A5%D9%82%
[3] هل تنجح هجمات إسرائيل على إيران في إسقاط النظام؟، صحيفة الشرق الأوسط، 14/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86-%D8%A5%D9%82%D9%84
[4] نتنياهو… من قائد فاشل إلى بطل قومي في عيون الإسرائيليين، الشرق الأوسط، 15/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86-%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9
[5] الاعتداءات الإسرائيلية على إيران تصعيد سافر يهدد السلم والأمن في الشرق الأوسط، وكالة أنباء الشرق الأوسط، 13/6/2025، متاح على الرابط: https://www.mena.org.eg/news/dbcall/table/textnews/id/11216197
[6] جماعة مسلّحة عراقية تهدد بمهاجمة القواعد الأميركية بالمنطقة، الشرق الأوسط، 15/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86-%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9
[7] ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟، بي بي سي نيوز عربي، 18/6/2025، متاح على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/articles/c9w1kk7vp5no
[8] اتصالات مكثفة لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران، جريدة الغد الأردنية، 14/6/2025، متاح على الرابط: https://www.alghad.tv/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%
[9] تركيا تعزز الأمن على حدودها مع إيران، الشرق الأوسط، 19/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86-%D8%A5%D9%82%D9%84
[10] مصر تستقبل فارين من إسرائيل… وإعلام عبري يتحدث عن «هجرة يهود»، الشرق الأوسط، 19/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%
[11] المواجهة بين إسرائيل وإيران.. الرابحون والخاسرون في الأسواق، الجزيرة القطرية، 14/6/2025، متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/ebusiness/2025/6/14/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%
[12] حسن الشاغل، كيف تنعكس المواجهة الإسرائيلية الإيرانية على أمن الطاقة العالمي؟، الجزيرة القطرية، 14/6/2025، متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/ebusiness/2025/6/14/%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A5%D8%B
[13] «اقتصاد دول الجوار» يترقب تطورات الحرب بين إسرائيل وإيران بحذر وتحوط، الشرق الأوسط، 14/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8
[14] المواجهة بين إسرائيل وإيران.. الرابحون والخاسرون في الأسواق، الجزيرة القطرية، 14/6/2025، مرجع سابق.
[15] زلزال مالي.. ما خسائر إسرائيل الاقتصادية من ضربات إيران الصاروخية؟، صحيفة العربي الجديد، 15/6/2025، متاح على الرابط: https://www.aajeg.com/economy/%D8%B2%D9%84%D8%B2%D8%A7%D9%
[16] تراجع بورصات الخليج مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران، الشرق الأوسط، 15/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%
[17] بعد تهديداتها… هل تستطيع إيران فعلاً إغلاق مضيق هرمز؟، الشرق الأوسط، 15/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8
[18] «اقتصاد دول الجوار» يترقب تطورات الحرب بين إسرائيل وإيران بحذر وتحوط، الشرق الأوسط، 14/6/2025، مرجع سابق.
[19] تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز: بين سلاح تفاوضي وكارثة اقتصادية محتملة، جريدة الغد الأردنية، 15/6/2025، متاح على الرابط: https://alghad.com/Section-170/%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A/%D8%AA%D9%87
[20] «اقتصاد دول الجوار» يترقب تطورات الحرب بين إسرائيل وإيران بحذر وتحوط، الشرق الأوسط، 14/6/2025، مرجع سابق.
[21] صراع طهران وتل أبيب يزجّ بالاقتصاد العالمي في ميدان المواجهة، صحيفة الخليج أونلاين، 14/6/2025، متاح على الرابط: https://www.alkhaleejonline.net/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7
[22] أزمة طيران عالمية بسبب التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، الشرق الأوسط، 13/6/2025، متاح على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8
[23] المواجهة بين إسرائيل وإيران.. الرابحون والخاسرون في الأسواق، الجزيرة القطرية، 14/6/2025، مرجع سابق.
[24] التصعيد الإيراني الإسرائيلي يضع الاقتصاد المصري أمام اختبارات قاسية، الموسوعة الاقتصادية، 14/6/2025، متاح على الرابط: https://econ-pedia.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%