المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الدراسات الأفريقية > أوراق بحثية > من الأمن إلى النفوذ: قراءةٌ في دور شركات الأمن الإسرائيلية الخاصَّة وأثرها على استقرار الدول الأفريقية
من الأمن إلى النفوذ: قراءةٌ في دور شركات الأمن الإسرائيلية الخاصَّة وأثرها على استقرار الدول الأفريقية
- يوليو 27, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: أوراق بحثية تقارير وملفات وحدة الدراسات الأفريقية
لا توجد تعليقات

إعداد: شيماء ماهر
باحث في وحدة الشؤون الأفريقية
في وقتٍ أصبحت فيه الحروبُ تُخاضُ بوسائلَ غير تقليديةٍ، لم تعُدْ الأسلحةُ وحدَها هي أدوات السيطرة والنفوذ، بل أصبحت الشركات الأمنية الخاصَّة جزءًا لا يتجزَّأُ من لُعْبة المصالح الدولية، وفي قلْب هذه المعادلة، تبرز شركات الأمن الإسرائيلية الخاصَّة كقوة صامتة تتحرك داخل القارة الأفريقية، تُقدِّمُ نفسها كحامية للاستقرار، بينما تُعيد تشكيل موازين القوى من وراء الكواليس، فمن أنظمة التجسُّس والمراقبة المتطورة، إلى تدريب الجيوش وتقديم الاستشارات الاستخباراتية، تمُدُّ هذه الشركات أذْرُعَها في دولٍ تعاني من هشاشة أمنية وصراعات داخلية، مستغِلَّةً الفجوات الأمنية والفراغات السياسية لتُرسِّخَ نفوذًا إسرائيليًّا غير مباشر، وهنا، لا يبدو الأمر مجرد تجارة أمنية مشروعة، بل يبدو كاستراتيجية مُحكمة لاختراق القارة، وتحقيق أهداف تتجاوز المصالح الاقتصادية إلى ما هو أعْمَق كالنفوذ السياسي، والتحالُفات العسكرية، والتحكُّم في موارد حيوية.
جذور النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا
بدأ اهتمام إسرائيل بأفريقيا منذ خمسينيات القرن الماضي؛ حيث لم تكن القارة مجرد حديقة خلفية للنفوذ الغربي، بل أصبحت ساحة صراعٍ خفيٍّ، وكان جهاز الموساد أحد أبرز اللاعبين في هذا المشهد الصامت، وقد وضع أول رئيس وزراء لإسرائيل ” ديفيد بن غوريون” تصوُّرًا استراتيجيًّا مبكرًا للنَّفَاذِ إلى أفريقيا عبْر الأطراف لمواجهة ما سماه “طوق العداء العربي”، واعتبر القارة بوَّابة للتأثير والضغط السياسي، ولتفعيل هذه الإستراتيجية على الأرض، لجأت إسرائيل إلى أدوات ناعمة وواجهات مدنية شكَّلَتْ الغطاء الأمثل لتوسيع نفوذها الأمني والاستخباراتي.
وعبْر برامج التعاون الفني والمساعدات الزراعية والدورات الأمنية، أرسلت إسرائيل آلاف الخبراء والمستشارين، ليس فقط لتأهيل كوادر أفريقية، بل لبناء نفوذٍ استخباراتيٍّ طويل الأَمَد، خاصَّةً في دولٍ، مثل”إثيوبيا وأوغندا والكونغو وجنوب السودان وجنوب أفريقيا”، وخلال عقْد الستينيات والسبعينيات تميَّزت العلاقات “الإسرائيلية – الأفريقية” بـ”المدِّ والجزْرِ”، فتارةً تشهد العلاقات بين الجانبين صعودًا متميزًا وحضورًا قويًّا لإسرائيل في أفريقيا، وتارةً أُخرى نشهد انحسارًا إسرائيليًّا في أفريقيا في منتصف السبعينيات.
ولم يكن هذا الحضور تنمويًا فحسب، بل كان غطاءً متقنًا لعمليات تجنيد وتنسيق مع أجهزة الأمن، وهو ما تؤكده وثائق استخباراتية مُسرَّبَة عُرِفَتْ باسم “كابلات التجسُّس” (Spy Cables)، التي كشفت عن شبكات نشطة للموساد تعمل داخل القارة الأفريقية بتسهيلات دبلوماسية ولوجستية.
ونظرًا لعدم قدرة إسرائيل على إقامة قواعد عسكرية خارج أراضيها، وخاصَّةً في أفريقيا، على غرار القواعد الأمريكية والفرنسية في القارة، اتخذ التواجُد العسكري الإسرائيلي شكْل تقديم الاستشارات العسكرية التي يقدمها بعض العسكريين المتقاعدين من الجيش الإسرائيلي، فضلًا عن توسيع دور الشركات الأمنية الإسرائيلية في أفريقيا وأخيرًا إمعان إسرائيل في تدريب وحدات النخبة في الجيوش الأفريقية، وتوجد نقطة أخرى سيتم الإشارة إليها، وهي قتال عناصر أفريقية كمرتزقة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
مهام وأدوار شركات الأمن الإسرائيلية الخاصَّة في القارة السمراء
تلعب الشركات الأمنية الإسرائيلية الخاصَّة دورًا محوريًّا ومتزايد الأهمية في القارة الأفريقية؛ حيث تتعدَّى مهامها الحراسة التقليدية إلى أدوار أمنية واستراتيجية مُعقَّدة تمتدُّ لتشمل التدريب العسكري، التجسُّس الإلكتروني، وبيْع الأسلحة؛ مما يعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة لتعزيز نفوذها الأمني والسياسي في أفريقيا؛ حيث تُقدِّمُ هذه الشركات خدماتها لحماية المسؤولين الحكوميين، وتدريب قوات النُّخْبة والحرس الرئاسي، وتزويد الأنظمة بأسلحة متقدمة، بالإضافة إلى توفير أنظمة مراقبة متطورة تستخدم لملاحقة المعارضين السياسيين والنشطاء، خصوصًا في دول أفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث ترتبط هذه الأدوات بأهداف إسرائيلية في كشْف ومواجهة حركات معارضة، مثل “بوكو حرام”.
كما تتولَّى بعض هذه الشركات تأمين المنشآت الحيوية لقطاع النفط والغاز والتعدين؛ مما يتيح لإسرائيل السيطرة بشكلٍ غير مباشر على موارد القارة، من خلال حماية هذه المواقع وتأمين عمليات استخراج وتصدير المعادن الثمينة والماس، وبهذا يتم تعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في الوقت ذاته.
أمَّا على الصعيد العسكري، فتقوم هذه الشركات بدور استراتيجي في زعزعة الاستقرار، عبْر تسليح ودعْم أطراف النزاعات الداخلية، كما حدث في جنوب السودان؛ حيث ارتبطت بشركات أمنية دعمت فصائل متناحرة وزادت من حِدَّة الصراع، ولهذا تمَّ فرْض عقوبات دولية على بعضها لفِعْل ذلك[1].
وفي السياق ذاته، فإن هذه الشركات تُسْهِمُ في إقامة شبكات علاقات أمنية مع أنظمة حاكمة متحالفة؛ مما يضمن التعاون الاستخباراتي ونفوذًا سياسيًّا يُعزِّزُ المصالح الإسرائيلية في مواقع استراتيجية، مثل “القرن الأفريقي ومضيق باب المندب”؛ حيث تراقب الأنشطة الإيرانية المزعومة وتدير تحالفاتها الأمنية، غير أن نشاط هذه الشركات أثار موْجةً من الانتقادات المحلية والدولية؛ إذ تتهم بالعمل كأذْرُعٍ عسكريةٍ وأمنيةٍ تُضْعِفُ سيادة الدول الأفريقية، وتدعم نُظُمًا قمْعِيَّةً، من خلال توفير أدواتٍ للقمْع والاستبداد، كما تساهم في تحويل الأسواق الأمنية إلى ساحاتٍ للصراعات والهيْمنة تتجاوز الأدوار الأمنية المفترضة لتصل إلى إدارة وتوجيه النزاعات السياسية والاقتصادية؛ مما يطرح العديد من التحديات أمام استقرار القارة.
في ضوء ذلك، يعتبر التغلْغُل الإسرائيلي في أفريقيا عْبر هذه الشركات جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية إسرائيل التي تضع الأمن والسيطرة على المصالح الاقتصادية في مقدمة أولوياتها، وتُسخِّرُ كافَّة إمكانياتها لهذه الغاية؛ ما يدعو إلى ضرورة تكاتُف الدول الأفريقية والعربية لمواجهة هذا النفوذ الذي يُشكِّلُ تهديدًا للأمن القومي الأفريقي والعربي على حدٍّ سواء[2]، وفي إطار ما سبق ذكره، يمكننا الإشارة إلى دور شركات الأمن الإسرائيلية في حماية الرؤساء والمسؤولين الأفارقة وحماية النُّظُم الديكتاتورية الموجودة في القارَّة السمراء.
دور شركات الأمن الإسرائيلية في حماية الرؤساء الأفارقة
تلعب شركات الأمن الإسرائيلية الخاصَّة دورًا بارزًا في حماية الرؤساء الأفارقة وتأمينهم، لا سيما في الدول التي تشهد قضايا استبداد واتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان؛ إذ تعتمد هذه الشركات – التي يديرها غالبًا متقاعدون من الجيش الإسرائيلي وأجهزة أمنية، مثل الشاباك والموساد – على تقديم خدمات حراسة شخصية متقدمة تشمل حماية القادة السياسيين من التهديدات الأمنية المباشرة، وتأسيس وتدريب وحدات الحراسة الخاصَّة والحرس الرئاسي، بالإضافة إلى تقديم استشارات أمنية متكاملة في إدارة المخاطر وتأمين المنشآت الحسَّاسة.
على سبيل المثال، كشفت تقارير استخباراتية فرنسية، في سبتمبر 2024م، عن تعاقُدٍ سِرِّيٍّ للرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي مع شركة أمن إسرائيلية لحمايته، كما تعتمد قوات النُّخْبة والجيش الخاصّ في الكونغو الديمقراطية على “مجموعة مير الأمنية الإسرائيلية” في تدريبها المستمر؛ مما يعكس بروز هذه الشركات في المشهد الأمني الرئاسي وبالمِثْل، تحْظَى خدمات شركات إسرائيلية متنوعة بقبولٍ واسعٍ في دول شرق أفريقيا، مثل “أوغندا وكينيا وإثيوبيا”؛ حيث تُوفِّرُ تدريبًا مُتقدِّمًا للأجهزة الأمنية والحُرَّاس الشخصيين، وتلعب دورًا استخباراتيًّا مهمًّا في التصدِّي للتهديدات، مثل “الجماعات الإرهابية وحركات التمرُّد”.
وتأتي هذه الخدمات الأمنية في إطار استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تعميق نفوذها السياسي والاستخباراتي في القارة، مقابل مكاسب جيوسياسية واقتصادية، خاصَّةً في مناطق ذات أهمية استراتيجية، مثل “القرن الأفريقي ومضيق باب المندب”، وتُسوِّقُ إسرائيل نفسها كشريكٍ أمنيٍّ موثوقٍ في مكافحة التطرُّف والإرهاب؛ حيث تُقدِّمُ نفسها كقوة حماية ضد التهديدات الإسلامية المتطرفة، وتستثمر في إنشاء شبكات دعْمٍ سياسيٍّ واقتصاديٍّ عبْر حماية الأنظمة والرؤساء.
ومع ذلك، لا يخلو الأمرُ من انتقادات ومخاوف؛ إذ يرى البعض، أن هذه الشركات تُعزِّزُ من سلطات الأنظمة القمْعِيَّة، وتُساهم بشكلٍ غير مباشر في قمْع المعارضة السياسية، بل وتُغذِّي أحيانًا النزاعات والاضطرابات الأمنية عبْر دعْم أطراف متنازعة؛ مما يؤدي إلى زعزعة استقرار بعض الدول الأفريقية، كما أن طابع السِّرِّيَّة الذي يُغلِّفُ عقود الحراسة والتدريب الإسرائيلي يُثير مخاوف بشأن شفافية هذه العلاقات وتأثيرها على سيادة الدول وحريات الشعوب المحلية.
باختصار، تلعب شركات الأمن الإسرائيلية الخاصَّة دورًا محوريًّا وحيويًّا في حماية الرؤساء الأفارقة، عبْر توفير حراسة شخصية متقدمة وتدريب وحدات الحراسة الخاصَّة، وهي أدوات استراتيجية لتعزيز النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا، لكنها في الوقت ذاته، تُشكِّلُ مصدرًا للجدل بسبب البعد السياسي والأمني لتلك الحماية وتأثيرها على الاستقرار الداخلي والديمقراطية في الدول المعنِيَّة[3].
أبرز الشركات الأمنية الإسرائيلية الموجودة في أفريقيا
تشغل شركات الأمن الإسرائيلية الخاصَّة حضورًا متزايدًا في القارة الأفريقية، وتُقدِّمُ خدمات مُتنوِّعة تشمل “التدريب العسكري، أنظمة المراقبة، الأمن السيبراني، وتزويد المعدات الأمنية”.
وعليه؛ يمكن تناول أبرز الشركات الأمنية الإسرائيلية في أفريقيا على النحو الآتي:
مجموعة مير الأمنية (Mer Group)
تُعَدُّ مجموعة “مير” الأمنية واحدةً من أبرز الشركات الإسرائيلية المتخصصة في مجال الأمن والحلول التكنولوجية الحديثة، وتتمتع بحضور قوي في مناطق متعددة حول العالم، خاصَّةً في القارة الأفريقية، وتنشط في عدة دول أفريقية، مثل “مالي، الصومال، جمهورية الكونغو الديمقراطية، تنزانيا وتوغو”، وقد فازت المجموعة بمشاريع رئيسة لترقية البُنَى التحتِيَّة الأمنية وتزويد حكومات أفريقية بأنظمة مراقبة متقدمة وأجهزة اتصالات تكتيكية، وساهمت في مشاريع حماية قواعد ومنشآت بعثات الأمم المتحدة (بعثة حِفْظ السلام في مالي – MINUSMA).
كما نفَّذَتْ مشاريع “المدينة الآمنة” في مدن أفريقية كُبْرَى، ويُعرف عنها دورها في تدريب وحدات النُّخْبة وتقديم الدعم الفني والتكنولوجي للقوات الأمنية المحلية، خصوصًا في حالات مكافحة التهديدات أو الحماية من الاضطرابات السياسية، وتلعب دورًا أساسيًّا في تحديث أنظمة الأمن ورفْع كفائتها في عدة دول أفريقية؛ حيث تجمع بين الحلول التكنولوجية المتقدمة والخبرة التنفيذية. هذا الحضور دَفَعَ بعض المنظمات الحقوقية لتسليط الضوء على تداعيات اعتماد الحكومات الأفريقية على شركات إسرائيلية في ملفات ترتبط بالخصوصية وحقوق الإنسان[4].
بلاك كيوب (Black Cube)
تُعَدُّ بلاك كيوب واحدةً من أبرز شركات الاستخبارات الخاصَّة الإسرائيلية، والتي أثارت جدلًا دوليًّا؛ بسبب طبيعة عملياتها ونفوذها وتورُّطِها في قضايا سياسية وقانونية بارزة، وشَمِلَ تواجُد بلاك كيوب ونشاطاتها تقديم خدمات استخبارية واختراقية لصالح حكومات وجهات أفريقية، خاصَّةً فيما يتصل بملفات مصالح استراتيجية أو نزاعات بين أطراف داخلية أو بين شركات دولية، ويجري استئجارها أحيانًا لصالح ديكتاتوريات أو أنظمة تدعمها إسرائيل لتعزيز نفوذها السياسي والأمني في المنطقة، ولديها نشاطات استخبارية واسعة في أفريقيا، من بينها التجسُّس على معارضين سياسيين، وخاصَّةً في الكونغو الديمقراطية.
ووفْقًا لتقرير لفرانس 24، فإن بلاك كيوب التي تدير عمليات أمنية لصالح أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، نفَّذَتْ عمليات تجسُّس على المعارضة في الكونغو، كما وظَّفت الشركةُ مرتزقةً لجمْع المعلومات الاستخباراتية عن العديد من منتقدي الرئيس آنذاك، ووصلت عملياتها في البلاد حدِّ تحويل أحد فنادق العاصمة كينشاسا إلى مقرٍّ عملياتيٍّ لها[5].
شركة سيلبرايت (Cellebrite)
هي شركة متخصصة في تطوير تقنيات واستخدام أجهزة لاستخراج البيانات الرقمية من الهواتف المحمولة، وتُعتبر من الشركات الرائدة عالميًّا في مجال الأدلة الجنائية الرقمية واختراق الهواتف، وتعمل على تزويد أجهزة إنفاذ القانون في دول أفريقية بأجهزة متطورة، مثل جهاز UFED لاستخراج البيانات الرقمية من الهواتف الذكية؛ مما يساعد هذه الأجهزة في التحقيقات الجنائية ومكافحة الجرائم، تدريب الأجهزة الأمنية الأفريقية على استخدام التقنيات الحديثة في تحليل الأدلة الرقمية لتعزيز قدراتهم على مواجهة الجرائم الإلكترونية والجنائية، وتساهم في تعقُّب المعارضين والنشطاء السياسيين باستخدام تقنيات تحليل الهواتف، وهو أمرٌ أثار جَدَلًا واسعًا حول استخدام هذه التكنولوجيا في مراقبة الأشخاص وانتهاك الخصوصيات في بعض الدول الأفريقية[6].
Magal Security Systems
تُركِّزُ هذه الشركة على توفير أنظمة المراقبة والأمن في القارة الأفريقية، وتمارس الشركة نشاطها في أفريقيا، مثل “أنجولا وإثيوبيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا”، وتشمل نشاطاتها في تركيب وتشغيل أنظمة مراقبة بالفيديو (CCTV) وأنظمة أمنية متكاملة لحماية المنشآت الحيوية والحكومية، بالإضافة إلى توفير تقنيات الحماية الذكية للبُنَى التحتية، مثل “المطارات، الموانئ، والمرافق الحكومية الحسَّاسة”، وتقديم خدمات الحراسة والتدريب والاستشارات الأمنية؛ لحماية رؤساء الدول وكبار المسؤولين في بعض الدول الأفريقية، فضْلًا عن دعم الأجهزة الأمنية المحلية ببنية تحتية تقنية لتعزيز قدراتها في مراقبة وحماية الحدود والمجالات الحيوية، وتوظيف خبراتها الإسرائيلية في تأمين المنشآت الحسَّاسة في بلدان، مثل “أنجولا” وغيرها ضمن استراتيجيات الأمن الوطنية.
وتأتي هذه الأنشطة في إطار تصاعُد حضور شركات الأمن الإسرائيلية في القارة؛ حيث تلعب ماغال دورًا تقنيًّا وتدريبيًّا مهمًّا؛ يهدف إلى تعزيز الحماية الأمنية لقوى الحُكْم والمؤسسات، مع خلفية ارتباط هذه الشركات غالبًا بضباط وعسكريين متقاعدين من الجيش الإسرائيلي.
Verint
تأسَّسَتْ هذه الشركة عام 1994، هي شركة تكنولوجيا يقع مقرُّها الرئيسي في Melville بنيويورك، وتتخصص في حلول أتمتة تجربة العملاء، وتُقدم فيرنت منصَّات وتطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والتحليلات المتقدمة، ونماذج اللغات الكبيرة، وسيْر العمل الآلي لتحليل بيانات تفاعلات العملاء، وتُدير فيرنت عملياتها في أكثر من 175 دولة، بما في ذلك أفريقيا.
في السابق، كانت فيرنت تمتلك قِسْمًا للاستخبارات السيبرانية، وقد واجهت الشركة انتقادات؛ بسبب بيْع تقنيات مراقبة “لأنظمة قمْعِيَّة” على مدار عدة سنوات، فبين عاميْ 2015 و2017، قامت شركة فرعية إسرائيلية تابعة لـ”فيرينت” بتزويد السلطات في جنوب السودان، بما في ذلك جهاز الأمن الوطني (NSS)، بمعدّات اعتراض الاتصالات وخدمات الدعم السنوية، وقد أشارت منظمة العفو الدولية إلى أن هذا البيع يتعارض مع التزام إسرائيل بحماية حقوق الإنسان؛ نظرًا لسجل جهاز الأمن الوطني في جنوب السودان في مضايقة وترهيب واحتجاز النُّقَاد السياسيين.
وفي 2021، فصلت فيرينت قِسْم الاستخبارات السيبرانية إلى شركة مستقلة (Cognyte) وركَّزت على حلول أتمتة تجربة العملاء، لكن نشاط الشركة الأمني واستهدافها أسواق أفريقيا ما يزال قائمًا عبْر الشركات التابعة، وبالتالي؛ فإن مهام الشركة في أفريقيا تكون عادةً في نطاق تعزيز أنظمة المراقبة وأمن المعلومات للجهات الحكومية والأمنية، مع استخدام تقنيات متقدمة لتحليل البيانات والتجسُّس على الاتصالات؛ مما يجعلها لاعبًا مهمًا في قطاع الأمن الرقمي بالقارة، لكنه نشاطٌ مُحَاطٌ بجوانب حقوقية وأخلاقية مثيرة للجدل[7].
NSO Group
يتمحور نشاط شركة NSO Group الإسرائيلية، بشكلٍ رئيسيٍّ حول تزويد أجهزة الأمن والاستخبارات في دول أفريقية متقدمة ببرمجيات تجسُّس متطورة، أبرزها برنامج بيغاسوس لاختراق الهواتف المحمول، وتتمثَّلُ أنشطتها في تجهيز أجهزة المخابرات الأمنية في دولٍ مثل “تشاد” بـأنظمة معالجة بيانات شاملة؛ حيث قامت الشركة بتركيب نظام متطور لجهاز المخابرات التشادي، وتقوم الشركة ببيْع وتفعيل برنامج بيغاسوس في دول أفريقية مثل” غانا”؛ حيث استخدم البرنامج في مراقبة معارضين سياسيين وأعضائها قُبَيْلَ الانتخابات؛ مما أثار جَدَلًا واسعًا.
وتعمل الشركة أيضًا على توثيق وجود عُمْق علاقات بين NSO والجهات الأمنية الأفريقية في دولٍ، مثل “ساحل العاج وتشاد”؛ حيث تساعد الشركة في تجهيز الشبكات الاستخباراتية وأنظمة التنصت والمراقبة، وهو ما أزاح بصورة تدريجية شركات أجنبية مثل “الفرنسية” من هذه الأسواق، ومع ذلك، تواجه NSO ضغوطًا وإجراءات قانونية دولية عدة؛ بسبب اتهامات باستخدام تقنياتها لأغراض التجسُّس على نشطاء حقوقيين وصحفيين، بينها قضايا تتعلق بسوء استخدام البرمجيات في دول أفريقية أيضًا.
شركة زيف
شركة “زيف” الإسرائيلية، تُعَدُّ واحدةً من أبرز الشركات الأمنية والعسكرية المثيرة للجدل في أفريقيا، خلال السنوات الأخيرة؛ حيث يقف وراءها الجنرال الإسرائيلي المتقاعد يسرائيل زيف، وقد توسَّعت أنشطتها إلى عدة دول أفريقية، مع تركيزٍ خاصٍّ على مناطق النزاع وعدم الاستقرار، مثل “جنوب السودان”، وقد دخلت الشركة إلى جنوب السودان، عام 2015، أثناء اندلاع حرب أهلية مدمرة؛ حيث أدارت مشروعًا زراعيًّا باسم “الأفق الأخضر” (Green Horizon)، لكن سُرْعَانَ ما تحوَّلَتْ أنشطتها إلى تقديم خدمات أمنية شَمِلَتْ مبيعات أسلحة وتدريب عسكري لطرفيْ الصراع هناك.
واتهمت الشركة باستخدام غطاء المشروع الزراعي لتسهيل صفقات بيْع أسلحة بقيمة وصلت إلى 150 مليون دولار أمريكي لصالح حكومة جنوب السودان، وفي الوقت ذاته، دعمت مجموعات المعارضة المسلحة؛ ما أدَّى إلى تصعيد وتيرة العُنْف، وقد ورد في تقاريرَ أمريكيةٍ، أن ز”يف” خطَّطَ لتنظيم هجمات بواسطة مرتزقة على مواقع نفطية وبِنْيَة تحتِيَّة في جنوب السودان؛ بهدف افتعال أزمات أمنية، يسْهُلُ استثمارها لصالح شركته وشركات تابعة له.
وقد أثارت أنشطتها اهتمامًا دوليًّا؛ حيث فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، في 2018، عقوبات على إسرائيل زيف وثلاث شركات يملكها؛ بسبب دورهم في تأجيج الصراع بجنوب السودان، متهمةً إياها بدعم انتهاكات حقوق الإنسان وإدامة الحرب، كما ساهمت إلى جانب شركات أمنية إسرائيلية أخرى، في تدريب وتقديم الاستشارات الأمنية للأنظمة الأفريقية، بما في ذلك حماية مسؤولين متهمين بالاستبداد وخروقات حقوق الإنسان، وبرزت الشركة كجزء من الاختراق الأمني الإسرائيلي الواسع لأفريقيا، والذي يشمل تدريب قوات النُّخْبة والحرس الجمهوري في عدة دول، مثل “الكونغو والكاميرون” وغيره[8].
MAX Security Solutions