المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > تداعيات التنافس الجيوسياسي بين تركيا وإسرائيل على الأمن الإقليمي
تداعيات التنافس الجيوسياسي بين تركيا وإسرائيل على الأمن الإقليمي
- يوليو 29, 2025
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات

إعداد: أماني السروجي
باحث في برنامج دراسات الدول التركية
يشهدُ الشرقُ الأوسط اليومَ حالةً من إعادة التموضع الإقليمي تتقاطعُ فيه استراتيجياتً القوى الإقليمية على نحوٍ يعيدُ تشكيل خرائط النفوذ والتحالفات، ويُعد التنافس التركي–الإسرائيلي أحد أكثر أنماطه تعقيدًا، لتداخله في ملفات الأمن والطاقة والنفوذ الجيوسياسي، ورغم طابعه غير المباشر في معظم ساحته، إلا أنه يمتدُ إلى ساحاتٍ متعددةٍ ويتقاطع مع مصالح دولية، مما يجعله عاملًا مؤثرًا في استقرار المنطقة واتجاهاتها المستقبلية.
لذا يهدف هذا التقرير إلى تحليل ديناميات التنافس بين تركيا وإسرائيل، وتسليط الضوء على أبرز تداعيات هذا التنافس المحتملة على الأمن الإقليمي، فضلا عن محاولة اسشتراف أبرز السيناريوهات المستقبلية المتوقعة لهذا التنافس.
أولًا: ساحات التنافس والتباينات الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل
القضية الفلسطينية: تُمثلُ أحدَ أكثر الملفات توترًا بين البلدين، وتُجسّد تعارضًا عميقًا في الرؤى السياسية والأيديولوجية، وبعد انطلاق عملية “طوفان الأقصى، وما تلاها من تصعيدٍ عسكريٍ واسعٍ ضد قطاع غزة، تحوّل الخلاف إلى تصادمٍ استراتيجيٍ، حيث تبنّت أنقرة موقفًا داعمًا للفلسطينيين، واعتبرت حماس “حركة مقاومة”، واتهمت إسرائيل بارتكاب “جرائم حرب”، وهو ما اعتبرته تل أبيب عداءً مباشرًا وتحريضًا سياسيًا، وفي سابقةٍ غير معهودةٍ، قامت تركيا بقطع العلاقات الدبلوماسية وتعليق التبادلات التجارية، وتقديم دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مما زاد حدة التوتر بين البلدين.[1]
الساحة السورية: تُعد سوريا من أبرز ساحات التنافس بين تركيا وإسرائيل في المرحلة الراهنة، نظرًا لما تمثّلهُ من عُمقٍ استراتيجيٍ حيويٍ للطرفين، فبعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، تصاعدت المنافسة بين أنقرة وتل أبيب حول رسْمِ ملامح النظام الإقليمي الجديد، حيث ترتكز الاستراتيجية التركية على الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها ومنْعِ قيامِ كيانٍ كرديٍ مستقلٍ، فيما تسعى إسرائيل إلى إعادة تشكيل دمشق كدولةٍ فيدرالية، وتحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح مع منْعِ أي تمركزٍ عسكريٍ تركيٍ.
وقد ترجمت إسرائيل هذه الرؤية من خلال شنِّ مئات الغارات الجوية على منشآتٍ عسكريةٍ وبحريةٍ سوريةٍ، إلى جانب توسيع نطاق سيطرتها في محافظتي القنيطرة ودرعا، في المقابل، كشفت تقارير عن مساعي تركيا لتوسيع وجودها العسكري في وسط البلاد، ولا سيَّما في تدمر، عبر إنشاء قواعد ونشر منظومات دفاع جوي “حصار”، ما زادَ حدّةَ التباين بين البلدين، وقامت تل أبيب بالردِّ عبر خمس ضرباتٍ جويةٍ متتاليةٍ استهدفت مطار تدمر وقاعدة “T4″، معتبرة ذلك رسالة ردع واضحة.
وشكّلت أحداث السويداء في 13 يوليو ذروةً جديدةً لهذا التنافس، إذ استغلت إسرائيل الاضطرابات الطائفية لتعزيز حضورها العسكري بذريعة حماية الدروز، من خلال غاراتٍ جويةٍ امتدت من السويداء ودرعا إلى دمشق، واستهدفت بشكلٍ مباشرٍ مقراتِ وزارتي الدفاع والداخلية، بما في ذلك تدمير مبنى هيئة الأركان، ما أدّى إلى خسائرَ بشريةٍ كبيرةٍ في صفوف القيادات العسكرية، في المقابل، اعتبرت أنقرة أن هذا التصعيد يقوّض جهودها لإعادة بناء الدولة السورية، حيث جاء موقفها الرسمي واضحًا على لسان وزير الخارجية هاكان فيدان الذي صرّح قائلًا: “لقد نفد صبرنا، هذا كل ما سنتحدث عنه مع إسرائيل، فهي لا تريد السلام”.
الملف النووي الإيراني: تمثّلُ إيران محورًا استراتيجيًا لتباين رؤى تركيا وإسرائيل بشأن الأمن الإقليمي، ويتجلى ذلك بوضوح في الموقف من البرنامج النووي الإيراني، فبينما ترى أنقرة أن الاستقرار الإقليمي يمر عبر الحوار والربط الاقتصادي، وتُعارضُ أيَ تحركٍ عسكريٍ ضد طهران، تتعامل إسرائيل مع الملف كتهديدٍ وجوديٍ يستوجب الردع الصارم.
وقد تصاعدَ هذا التباينُ بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو 2025، عبر قصْفِ منشآتٍ نوويةٍ وقواعدَ صواريخ واغتيال قادة عسكريين، والذي وصفته أنقرة بأنه “عملٌ خطيرٌ وذو أهدافٍ خبيثة”، معتبرةً أنه يعكسُ “عقلية إسرائيلية لا تحترم القانون وتسعى لجرّ العالم إلى كارثة”، ودعا أردوغان إلى وقْفِ ما سمّاه بـ”سياسة قطّاع الطرق الإسرائيلية”، في موقفٍ يعكسُ اتّساعَ الفجوةِ بين الطرفين بشأن أدوات إدارة التهديدات الإقليمية.[2]
التمدد جغرافي والتضارب في دوائر النفوذ:
يمتدُ التنافسُ بين البلدين إلى دوائر نفوذٍ إقليميةٍ متداخلة، أبرزُها الخليج العربي، وآسيا الوسطى، وأفريقيا؛ ففي الخليج، تسعى تركيا لتعزيز شراكاتها مع السعودية وقطر في ملفاتٍ عديدةٍ لا سيَّما الدفاع والطاقة، بينما توسّع إسرائيل تحالفها مع الإمارات ضمن مسار “اتفاقيات إبراهام”، وقد ترافقَ هذا التقاربُ الإسرائيلي–الإماراتي مع بروزِ خلافاتٍ سعوديةٍ–إماراتيةٍ،[3] ما أوجدَ فرصةً أمام إسرائيل لتكثيف شراكتها مع الإمارات كأداة لإعادة تشكيل موازين القوى في الخليج، وهو ما يُنظر إليه في تركيا كمحاولةٍ لتطويق نفوذها الإقليمي عبر تحالفات مضادة.
أما في آسيا الوسطى، فتركيا تستثمر الروابط الثقافية مع الجمهوريات التركية لتوسيع حضورها، خاصةً عبر منظمة الدول التركية، في حين تعتمدُ إسرائيل على علاقتها القوية مع أذربيجان كمدخلٍ استراتيجيٍ للمنطقة، لا سيَّما في ضوء التعاون العسكري والاستخباراتي الواسع بين الطرفين، والذي برز جليًا خلال النزاع في ناغورنو–كاراباخ.
وفي أفريقيا، تتنافسُ الدولتان عبر أدواتٍ مختلفةٌ؛ حيث تبنت أنقرة استراتيجيةً شاملةً تعتمد على أدوات القوة الناعمة والصلبة، بينما تستخدم إسرائيل التكنولوجيا والأمن السيبراني ومبيعات الأسلحة لا سيَّما بين الدول التي تشهد تنافسًا بين تركيا وروسيا لتوريد الاسلحة لها.
ثانيًا: أبرز التداعيات المحتملة للتنافس على الأمن الاقليمي
يتجاوزُ التنافسُ التركي–الإسرائيلي كونه خلافًا ثنائيًا ليغدو عنصرًا بنيويًا يؤثر في استقرار الإقليم بأكمله، نظرًا لتشعبه وتداخله مع ملفاتٍ حساسةٍ، وتتمثل أبرز تداعياته المحتملة في المحاور التالية
1- التصعيد في ساحات النفوذ المشترك: نظرًا لتعددِ ساحات التنافس وتشابكها، فإن فُرصَ الاحتكاكِ غير المباشر تزداد، خاصةً في بيئاتٍ مضطربةٍ لا سيَّما سوريا حيث تعمل كل من أنقرة وتل أبيب على تعزيز مواقعها بشكلٍ متزامنٍ، ودون تنسيقٍ، ما يفتح المجال أمام تصعيدٍ غير مباشرٍ أو حوادثَ أمنيةٍ نتيجة غياب قنوات الاتصال، وقد تتزايد هذه المخاطر في حال استمرت إسرائيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، لا سيَّما إذا شملت مناطقَ يتواجد بها الجيش التركي أو فصائل َمدعومةً منه، مما قد يجرّ المنطقة إلى تصعيدٍ واسعِ النطاق يصعب
2- إتاحه الفرصة لإعادة تموضع تنظيم “داعش”: يُسهمُ التنافس بين البلدين في توفير بيئةٍ ملائمةٍ لإعادة تموضع تنظيم داعش دوليًا وإقليمياً، مع ارتفاع احتماليات استغلال التنظيم للفوضى السياسية والعسكرية لتوسيع نشاطه، في مناطق البادية وريف السويداء وشرق سوريا، حيث شهد شهر مايو من العام الجاري تصاعدا ملحوظا في عمليات داعش في جميع أنحاء سوريا، [4]وهو ما يُظهرُ نية التنظيمِ في إعادة ترسيخ وجوده في ظل المرحلة الانتقالية الجارية.[5]
3- تعقيد بناء ترتيبات أمنية إقليمية مستقرة: يُعيق هذا التنافسُ إنشاء أطرِ تعاونٍ أمنيٍ إقليميٍ، ويدفع نحو تشكيل تكتلاتٍ ضيقةٍ وتحالفاتٍ ظرفيةٍ، ما يزيد من هشاشة الأمن الجماعي ويُضعف فرص التوافق بشأن قضايا شائكة مثل الطاقة أو الأمن البحري أو ترتيبات ما بعد الصراع السوري.
4- تحول مناطق النفوذ إلى ساحات تنافس بين تحالفات متضادة: قد يُفرزُ التنافسُ المتزايد نمطًا من الاستقطاب الجيوسياسي، حيث قد تتجهُ بعض الدول إلى التموضع ضمن تحالفاتٍ متباينةٍ يقودها أحد الطرفين، أحدهما تقوده تركيا في إطار العالم التركي أو التكتلات الإسلامية، والآخر تدعمه إسرائيل بالشراكة مع قوى غربية وإقليمية، مثل اليونان والأمارات، مما يعمّقُ الانقساماتٍ ويُعيقُ أي مبادراتٍ مستقبليةٍ للتهدئة أو التعاون الجماعي.
5- عسكرة التفاعلات الإقليمية وتآكل أدوات الحل السياسي: يعزّزُ هذا التنافس الاتجاه نحو العسكرة في معالجة القضايا الإقليمية، فبدلاً من دعم الحلول السياسية التفاوضية، تميلُ الأطرافُ إلى الاستثمار في الأذرعِ العسكريةِ والتحركات الأُحادية، سواء من خلال دعم فصائل مسلحة، أو شنِّ ضرباتٍ جويةٍ، أو تأسيس قواعد عسكرية في مناطق استراتيجية، ما يُطيل من أمد الصراعات، ويُقلل من فرص بناء سلام مستدام.
6- تهديد الاستقرار في مناطق التماس الطائفي والإثني: يُسهمُ في زعزعة التوازنات الطائفية والإثنية في مناطق حساسة مثل شمال سوريا والعراق والقرن الأفريقي والقوقاز، حيث تسعى أنقرة لتعزيز نفوذها عبر شبكاتٍ اجتماعيةٍ وتنمويةٍ ترتبطُ بها تاريخيًا، بينما تعتمد تل أبيب على بناء علاقاتٍ أمنيةٍ مع مجموعاتٍ مثل الأكراد والدروز. هذا التداخلُ قد يُفاقمُ التوتراتِ الكامنةَ، ويُصعّب بناء هياكل حكمٍ محليٍ مستقرةٍ، مما يُدخل المجتمعات في دوامة استقطابٍ إقليميٍ حادٍ.ما قد يؤدي إلى تفجير صراعاتٍ كامنةٍ وزيادة هشاشة الحوكمة المحلية.
7- إعادة تموضع قوى دولية لتعويض الخسائر الاستراتيجية: يخلقُ هذا التنافسُ فراغاتٍ نسبيةً في بعض مناطق النفوذ التقليدية، ما يدفعُ قوى دوليةً كروسيا، إلى إعادة تفعيل حضورها العسكري والاقتصادي، لتعويض تراجع تأثيرها، لا سيَّما في مناطق مثل القوقاز وسوريا، كما تستغل الصين هذا التنافس لتوسيع استثماراتها في البنية التحتية والطاقة، في حين ترى إيران فيه فرصةً لتعزيز نفوذها غير المباشر عبر الميليشيات، تحت شعار مقاومة النفوذين التركي والإسرائيلي معًا.
8- تصاعد أنشطة التهريب والجريمة المنظمة عبر الحدود: في ظل التنافس على النفوذ في المناطق الحدودية، تتآكل منظوماتُ الرقابةِ الأمنية وتزداد فرصُ الفاعلين غير النظاميين في استغلال الفراغات، ما يؤدي إلى تصاعد أنشطة التهريب، سواء المتعلقة بالسلاح، أو البشر، أو المواد الاستراتيجية كالنفط والأدوية، كما أن ضعفَ التنسيق بين القوى المتنافسة يعزّزُ من شبكات الجريمة المنظمة، ويُعيد رسم خريطة الاقتصاد غير الرسمي في المناطق الرمادية بين السيطرة التركية والإسرائيلية.
كما قد تتحولُ بعضُ المعابر إلى أدوات ضغطٍ جيوسياسيٍ، حيث توظّفها الأطرافُ المتنافسةُ للتضييق على المجتمعات المحلية المؤيدة للطرف الآخر، مما يعمّق من الأزمات الإنسانية، ويضعُ تحدياتٍ إضافيةً أمام جهود الاستقرار والتنمية في المناطق الحدودية.
9- الدخول في سباق تسلح: التوترُ بين تركيا وإسرائيل يحفّزُ سباقَ تسلّحٍ إقليميٍ خطيٍر، أردوغان أعلن رسمياً عن خطط لتعزيز إنتاج الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى كردٍ على التطورات الإقليمية، خاصةً الصراع الإسرائيلي الإيراني، كما تستثمر أنقرة بكثافة في تطوير منظومة “القبة الفولاذية” (Çelik Kubbe) كمنافس لنظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي، بينما تحاول إسرائيل تعزيز تحالفاتها وتنويع شركائها ورفع كفاءة قواتها الجوية والتقنيات العسكرية.
ثالثاً: أبرز السيناريوهات المستقبلية المتوقعة
السيناريو الأول: استئناف الحوار في ظل الخلافات ( مرجح )
على الرغم من تصاعدِ حدةِ التنافس بين البلدين، إلا أنه من المتوقع أن يتجهَ الطرفان نحو تفاهماتٍ محدودةٍ، سواء كانت معلنةً أو تُدار عبر قنواتٍ خلفيةٍ، تتيح لهما تجنّبَ الصدام المباشر، دون أن يعني ذلك تجاوز الخلافات الجوهرية، كما أن هذا الاتجاه لا يقوم على نوايا تطبيعية بقدر ما يعكس “إدارةً واقعيةً للخلافات”، بحيث تستمر العلاقة في إطار من التنسيق البراجماتي عند الضرورة.
وما يعزز هذا السيناريو المفاوضات بين البلدين برعاية أذربيجان منذ إبريل الماضي، والتي استضافتْ ثلاثَ جولاتٍ من المحادثات حتى الآن، لوضْعِ آليةٍ لتفادي التضارب، وبناء منظومةٍ للتنسيق بين البلدين في دمشق على غرار التي كانت مع روسيا، بالإضافة إلى رغبة تل أبيب تفادي فتح جبهات صراع إضافية، كما أنها تدركُ أن أنقرة سترد بشكلٍ مباشرٍ على أي هجومٍ يستهدف أصولها العسكرية، وفي إطار كونها عضوًا في حلف الناتو، فقد يصبح الحلف أيضًا طرفًا في هذا الصدام بموجب المادة الخامسة.
في المقابل لا تريدُ أنقرة الصدام او المواجهة المباشرة مع تل أبيب في سوريا حيث تدرك أن المواجهةَ المباشرةَ مع إسرائيل في هذا التوقيت لا تخدمُ مصالحها الاستراتيجية، لا سيّما في ظل تعدّدِ الملفات التي تديرها، وسعيها لتثبيت دورها الإقليمي كقوةٍ مؤثرةٍ دون الانجرار إلى صراعاتٍ قد تُقوّض هذا الدور،وهو ما ظهر في تصريح “هاكان فيدان” عن أن بلاده تريد تحقيق الاستقرار في سوريا والابتعاد عن أي استفزازاتٍ أو الدخول في أي صراعٍ مع أي دولة داخل سوريا، وتلعبُ الولايات المتحدة أيضًا في دورًا في ترجيح هذا السيناريو، إذ عبّر ترامب صراحةً عن رغبته في تفادي أي تصعيد بين إسرائيل وتركيا.
السيناريو الثاني: التصعيد الهادئ واستمرار التنافس غير المباشر ( محتمل)
يرتكزُ هذا السيناريو على فشلِ التوصل إلى اتفاقٍ بين البلدين على آلية للتنسيق، والبقاء على حالة التوتر الحالية، لكن دون الانزلاقِ إلى صدامٍ مباشرٍ، وذلك في ظل تمسكِ إسرائيل بمطالبها في سوريا، ويكتسب هذا السيناريو واقعيته في ظل المعادلة السياسية الداخلية في إسرائيل؛ فبنيامين نتنياهو يميل إلى استثمار الأزمات الخارجية لضمان استمراره في الحكم، ومن ثمَّ، فإن بقاءَ التوتر مع تركيا يخدم استراتيجيته السياسية، كما أن رؤية إسرائيل لتركيا كتهديدٍ أخطر من إيران وررغبتها في تحجيم النفوذ التركي لا سيَّما في سوريا، ودعم الدروز والأكراد لتحقيق الفوضي في دمشق، واستمرار العمليات العسكرية الاسرائيلية يجعل من الصعب الوصول إلى تفاهمات.
ما يشكّلُ نمطاً من “الصراع البارد” لا حوار حقيقي، ولا تصعيد مكشوف، بل سباق نفوذ يتجدد في كل ساحةٍ جيوسياسيةٍ، ويتغذى على غياب الثقة وتَضاربِ المصالحِ، مع بقاء على احتمالات العودة إلى التنسيق إذا اقتضت الضرورة.
السيناريو الثالث: الانزلاق إلى المواجهة الاستراتيجية المفتوحة ( مستبعد )