توسيع نطاق النظام التجاري في أفريقيا: موانئ دبي العالمية وصعود النمو داخل القارة
في ظلِّ التغيُّرات الجيوسياسية، وارتفاع الرُّسُوم الجمركية، وتعطُّل سلاسل التوريد، التي تُعيد تشكيل التجارة العالمية، تقف أفريقيا عند لحظة محورية – لحظة يُحدِّدُها تقرير المصير في موانئ دبي العالمية، التي تهدف إلى تسهيل تدفُّق التجارة، مع العمل على تسريع وتيرة التجارة، من خلال سلاسل توريد سلسة وجاهزة للمستقبل، مصممة للتكيُّف مع عالمٍ سريع التغيُّر، وتمتلك أفريقيا بالفِعْل أوراق قوة رابحة؛ حيث الموارد الوفيرة، ومُعدَّلات كبيرة من الشباب، وقاعدة مستهلكين متنامية، ومع ذلك، لا تزال التجارة البينية الأفريقية تُمثِّلُ 15% فقط؛ أيْ أقل بكثير من مثيلاتها في آسيا أو أوروبا؛ لذا تُسْهِمُ موانئ دبي العالمية في سدِّ هذه الفجوة من خلال إزالة الاختناقات وتعزيز فاعلية سلسلة التوريد.[1]
حروب المياه: هل يعيد السد الإثيوبي ضبط السياسة المائية في أفريقيا؟
تُشكِّلُ نُدْرةُ المياه في أفريقيا أزمة بالغة الخطورة كما أن تكاليفها باهظة ، ويُظهر الصراع حول السد الإثيوبي أهمية اتفاقيات التعاون ذات المنفعة المتبادلة، وتشير التقديرات إلى أن 411 مليون شخص يفتقرون إلى مياه الشرب النظيفة، و779 مليونًا إلى خدمات الصرف الصحي الآمنة، و839 مليونًا إلى خدمات النظافة الأساسية ، في أعقاب هذه النُّدْرة المتزايدة، يُمكن توقُّع تزايدٍ مُصاحبٍ للنزاعات المتعلقة بالمياه، بما في ذلك صراعاتٌ عنيفةٌ على مستويات مُتعددة، ومن المُحتمل أن تتزايد المخاطر الأمنية المُرتبطة بتحديات المياه ما لم يتم السَّعْي لإبرام اتفاقيات وبروتوكولات تعاونٍ مُسْتَدَامٍ في مجال المياه.[2]
بعثة السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال لا تستطيع الوفاء بتعهُّدات التمويل وحدها
اجتمعت حكومات الصومال والمملكة المتحدة والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في نيويورك، في 25 سبتمبر الماضي؛ لتوفير الدعم لبعثة الاتحاد لنعزيز الاستقرار في الصومال ، وأظهرت الالتزامات المُعلنة زَخَمًا سياسيًّا متجددًا للبعثة، إلا أن التمويل غير المتوقع وتصاعُد هجمات حركة الشباب لا يزالان يُهدِّدان البعثة، وكان من المفترض أن يُموّل الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام بشكلٍ كبيرٍ من صندوق المساهمات المُقرَّرة للأمم المتحدة، وذلك من خلال آلية التمويل بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2719 لعام 2023؛ حيث نصَّ القرار على أن تتلقَّى بعثات السلام التابعة للاتحاد – التي يُفوِّضُها مجلس الأمن – 75% من ميزانيتها من صندوق الأمم المتحدة، بينما يُساهم “الأفريقي” بنسبة 25% المتبقية.[3]
شركات أفريقيا جنوب الصحراء وظاهرة “الوسط المفقود”
تنْدُرُ الشركات الصغيرة والمتوسطة في أفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما يُمثِّلُ ظاهرة اقتصادية تُعرَف بـ “الوسط المفقود”؛ حيث يُوجد عددٌ كبيرٌ من الشركات متناهية الصِّغَر، وأخرى تعتبر من الشركات كبيرة الحجم، بينما يغيب ما هو في الوسط، وهذا يؤدي إلى هيْكلٍ ثنائيٍّ؛ حيث يمتلك الأجانب الشركات الكبيرة، ويكافح رُوَّاد الأعمال المحليون للتوسُّع خارج نطاق الشركات متناهية الصِّغَر، ولشركات الوسط أهمية بالغة؛ فهي توفّر الوظائف، وتكافح الفقر، وغالبًا ما تُمثِّلُ الرأسمالية الأفريقية، غير أن فجوة التمويل تنهشها، مما يُعرِّض الاقتصادات الوطنية في القارة للخطر، ومن خلال الكشف عن الارتباط بين “الوسط المفقود” وتقليص الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في بلدان جنوب الصحراء، يمكن للحكومات المبادرة بحوافز أقوى لفَرْض آليات اقتصادية من شأنها أن تُوفِّر التمويل لتلك الشركات[4].
هل يجب على أفريقيا أن تتوقف عن الاستعانة بمصادر خارجية لتغيير مستقبلها؟
بعد عقودٍ طويلةٍ من الاستقلال السياسي لدول القارة السمراء، هل يمكن التساؤل عن كيفية عمل وتمويل بناء الطُّرُق والمستشفيات والمدارس والجامعات، وتجهيز مُعدَّات المراقبة البحرية، وأنظمة تكنولوجيا المعلومات الأساسية؟ وكيف يتمُّ وضْع خطط التصنيع؟ وكيف يتمُّ تشغيل المصارف والهيئات الكبرى؟ وما مدى الاعتمادية المحلية على التمويل الداخلي أو القدرات البشرية المحلية في تحقيق الكفاءة الاقتصادية؟ وما حجْم تدفُّق المساعدات لسدِّ الفراغ الذي خلَّفَه ضعْف تنمية القدرات المحلية؟ وهل يتمُّ الاعتماد على المساعدات؟ وهل تُسهم هذه المساعدات في بناء القدرات، وتدفع عجلة الابتكار، وتُوسِّع نطاق القيمة على المدى الطويل؟[5]
عُقِدَتْ القمة الاستثنائية السابعة لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، في 7 سبتمبر 2025م، داخل مركز المؤتمرات الدولي في سيبوبو، على بُعْد حوالي 15 كيلو مترًا من مالابو – عاصمة غينيا الاستوائية- برئاسة تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو، رئيس دولة غينيا الاستوائية والرئيس الحالي لمؤتمر رؤساء الدول والحكومات، وشاركه الحضور رؤساء دول كُلٍّ من “بوروندي وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية والغابون”، وممثلون لرؤساء دول كلٍّ من “جمهورية الكونغو والكاميرون وأنغولا وتشاد؛ وساو تومي وبرينسيبي”، وذلك بالإضافة إلى حضور السفير جيلبرتو دا بيداد فيريسيم رئيس مفوضية الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، والسيد عبدو أباري الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في وسط أفريقيا ورئيس المكتب الإقليمي للأمم المتحدة في وسط أفريقيا.[6]
من يُشكِّلُ التحدي الأكبر لـ “بيا” في الانتخابات الرئاسية بالكاميرون؟
استأنف الرئيس الكاميروني “بول بيا”، البالغ من العمر 92 عامًا، نشاطه الميداني بحمْلَةٍ انتخابيةٍ في منطقة أقصى الشمال، المعروفة بثقلها الانتخابي، في أول مشاركة ميدانية له منذ انطلاق الموسم الانتخابي قبْل أكثر من أسبوع، وقد ابتعد “بيا” مؤخرًا عن المشهد السياسي، مُوَكِّلًا وزراءه بإدارة حملاته في مختلف أنحاء البلاد، بينما غادر في رحلة خاصَّة إلى أوروبا دامت عشرة أيام، ومع بداية حملته، اختار “بيا” عرْض إنجازاته، عبْر فيديو من إنتاج الذكاء الاصطناعي؛ ما أثار انتقادات في ظلِّ النزول الميداني المُكَثَّف لمنافسيه من المعارضة، ورغم الدعوات المتكررة لتنحِّيه بعد 43 عامًا في الحُكْم، كما أكَّدَ الرئيس الكاميروني، عزْمه على الاستمرار، مُشدِّدًا على التزامه بقضايا الشباب والنساء، ومعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تُواجه البلاد.[7]
مدغشقر ما بعد راجولينا: ولادة نظام أم عودة الفوضى؟
أعلنت القوات المسلحة في مدغشقر تولِّيها السلطة، في خطوةٍ وُصفت بأنها تتويجٌ لأسابيعَ من الاضطرابات الشعبية والانشقاقات داخل الجيش، وجاء التحرُّك العسكري بعد فرار الرئيس أندري راجولينا إلى الخارج، إِثْر تصاعُد الاحتجاجات التي قادها شبابٌ من “جيل زد” ضد تدهور المعيشة والفساد وسوء الإدارة، ومع تفاقُم الأزمة، انضم عددٌ من الوحدات العسكرية إلى صفوف المتظاهرين، ورفضت تنفيذ أوامر القمْع؛ ما أفقد النظام توازنه السياسي والأمني، وأعلن الكولونيل مايكل راندريانيرينا، أن الجيش حلَّ جميع مؤسسات الدولة باستثناء مجلس النواب، الذي صوَّتَ بدوره على عزْل الرئيس.[8]
كيف أصبحت الهند شريكًا أساسيًّا لأفريقيا
وافقت شركة” OVL” الهندية المملوكة للدولة، وهي عضو في ائتلاف احتياطيات الغاز في كابو ديلجادو بموزمبيق، على استثمارٍ إضافيٍّ بقيمة 180 مليون دولار أمريكي في مشروع الغاز الطبيعي المُسَال العملاق في مارس؛ حيث تمتلك 16% منه، وتشارك في المشروع أيضًا شركات حكومية هندية أخرى، مِثْل شركة “بهارات” للبترول (10%) وشركة أويل إنديا (4%)، وقد انتقلت الشركات الهندية إلى كُلِّ رُكْنٍ من أركان الاقتصاد الأفريقي؛ حيث تحوَّلَتْ من الهيدروكربونات والأدوية إلى البناء والزراعة.[9]
الأذرع الروسية الثلاثة: التنافُس على ترويكا الساحل
تجلَّتْ العقلية الاستعمارية الفرنسية بشكلٍ واضحٍ في ديسمبر 2019، عندما استدْعَى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خمسةً من زعماء منطقة الساحل (أربعة منهم منتخبون ديمقراطيًّا في ذلك الوقت) إلى القاعدة الجوية في باو، بالقُرْب من جبال البرانس؛ لمناقشة المشاعر المعادية لفرنسا في بلدانهم، والمفارقة أن هذا الاجتماع أسْهَمَ في إشعال جذْوة الغضب والاستياء بشكلٍ أعمقَ مما توقَّعَه المشاركون فيه، والدليل على ذلك، أنه بعد أربع سنوات، تمَّت الإطاحة بثلاثةٍ من رؤساء هذه الدول وطرْد القوات الفرنسية لتحلَّ محلَّها أخرى روسية، وفي نهاية المطاف، تمَّ تأسيس تحالف دول الساحل، وهو تحالف عسكري بين “بوركينا فاسو ومالي والنيجر”، عام 2023، على يد قادة هذه الدول الذين وصلوا إلى السلطة عبْر انقلابات عسكرية.[10]
أنظمة الدَّفْع والتسوية والاستدانة في أفريقيا جنوب الصحراء: بين الواقع والمأمول
لا تزال أفريقيا على بُعْد سنوات طويلة من امتلاك الإرادة السياسية أو القدرة النقدية اللازمة لتحويل العُمْلة الأفريقية المُوَحَّدة إلى واقع؛ فقد استغرق الاتحاد الأوروبي عقودًا لتحقيق التناغم بين اقتصادات دوله الأعضاء بما يكفي لإطلاق اليورو، ومع ذلك، تُشكِّلُ حواجز العُمْلة والمدفوعات عقبات كبيرة أمام نجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وعلى الرَّغْم من تدشين عملة مُوحَّدة، إلا أنه لم يتم تطبيقها حتى على المستوى الإقليمي، أمَّا على مستوى أنظمة الدفع والتسويات في التجارة؛ فقد نجح بنك التصدير والاستيراد الأفريقي في تدشين نظامٍ للدَّفْع، ورغم وجود تحدِّيات في مواءمة المصالح الوطنية المتنوعة وإدارة تبايُن احتياطيات المعادن، فإن وجود إطار حوْكمةٍ قويٍّ، على غرار وحْدة الحساب الحالية لدى بنك التنمية، من شأنه أن يُخفِّف من حِدَّة هذه التحديات.[11]
بين النفوذ الأجنبي وحُلْم الدولة الوطنيّة… قراءةٌ في كتاب “جيبوتي: تاريخ سياسي”
عند الحديث عن منطقة القرن الأفريقي، قد يبدو للوهْلة الأولى أن دولة صغيرة مثل “جيبوتي” لا تملك وزْنًا سياسيًّا أو اقتصاديًّا يُذْكَر، غير أن موقعها الجغرافي الاستراتيجي عند مضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، جعلها مركزًا تتقاطع فيه مصالح القُوَى الكُبْرَى؛ الأمر الذي يُفسِّر تحوُّلها إلى ساحةٍ عسكريةٍ دوليةٍ وممرٍّ اقتصاديٍّ حيويٍّ في آنٍ واحدٍ، وعلى الرَّغْم من أن مساحتها لا تتجاوز 23.200 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها نحو 1.1 مليون نسمة فقط، فإنها تستضيف عدة قواعد عسكرية أجنبية (فرنسا، الولايات المتحدة، اليابان، الصين، إسبانيا، إيطاليا)، وتُشكِّل موانئها شريانًا اقتصاديًّا أساسيًّا لدول الجوار، وفي مقدمتها إثيوبيا غير الساحلية، وهكذا يغدو تاريخ جيبوتي وحاضرها مدْخَلًا لفهْم التحوُّلات الأوسع في القرن الأفريقي.[12]
بين الأمن والسياسة: قراءةٌ في دوافع اتفاقية الدفاع بين إثيوبيا وكينيا وتداعياتها المستقبلية
وقَّعَتْ إثيوبيا وكينيا، في 24 سبتمبر 2025م، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بمقرِّ وزارة الدفاع الوطني، اتفاقية دفاعية بين الدولتيْن، وقد وقَّع عليها كُلٌّ من رئيس أركان القوات المسلحة الإثيوبية “بيرهانو جولا” ورئيس قوات الدفاع الكينية “تشارلز موريو كاهاريري”، وتأتي أهمية هذه الاتفاقية بعد ما يقارب من 63 عامًا على أول اتفاقية دفاعية وُقِّعَتْ بين الجانبين، وذلك في عام 1963م، بعد أن حصلت كينيا على استقلالها في ذلك الوقت.
ولذلك، يناقش هذا المقال التحليلي دوافع الاتفاقية وأهدافها، بالإضافة إلى تداعياتها على الدولتيْن وعلى المستوييْن “الإقليمي والدولي”، إلى جانب السيناريوهات والتحديات المتوقعة.[13]
