المحيط الجنوبي والقارة القطبية الجنوبية: تصحيح النقطة العمياء على رادار جنوب إفريقيا
تتمتع جنوب أفريقيا بموقع فريد يسمح لها بتمثيل مصالح أفريقيا في حوكمة القارة القطبية الجنوبية، ويحتوى المحيط الجنوبي الذي يحيط بالقارة القطبية الجنوبية ويمتد شمالاً حتى حوالي 60 درجة جنوباً على بعض من أغنى الموارد البحرية الحية القطبية في العالم، ويعتمد حوالي 85% من الإنتاجية البيولوجية لمحيطات الكوكب على العناصر الغذائية من هذا المحيط، كما يُعدّ مصدرًا أساسيًا لعزل ثاني أكسيد الكربون، مما يُسهم في تنظيم المناخ العالمي، ومع ذلك، تتجاهل العديد من الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية الحاجة إلى محيط جنوبي سليم ومحمي، ولا تقتصر مشاركة جنوب أفريقيا على حوكمة المحيط الجنوبي فحسب، بل تُسهم أيضًا في صياغة تكيف نظام معاهدة أنتاركتيكا مع تغير المناخ، والتنقيب البيولوجي، والمسؤولية البيئية، والسياحة، وغيرها من القضايا، وقد تحقق ذلك من خلال المشاركة الدؤوبة في مختلف هيئات صنع القرار في المعاهدة، ومساهماتها في البحث العلمي في جزيرتي ماريون وجوف، وفي البعثة الوطنية الجنوب أفريقية الرابعة لاستكشاف أنتاركتيكا.[1]
مشروع المعادن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى نزوح الآلاف في الكونغو الديمقراطية
واجه ما يصل إلى 6500 شخص خطر النزوح في جمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب مشروع البنية التحتية الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات والذي يموله الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وسط سباق عالمي لتأمين إمدادات النحاس والكوبالت وغيرها من “المعادن الحيوية”، ويهدف المشروع، المسمى “ممر لوبيتو”، إلى تحديث خط سكة حديد بنغيلا، الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية، ويربط جمهورية الكونغو الديمقراطية بلوبيتو على ساحل أنغولا، وتحسين البنية التحتية للموانئ، بالإضافة إلى بناء خط سكة حديد إلى زامبيا، ودعم الزراعة ومنشآت الطاقة الشمسية على طول الطريق، وقد أعلنت أنغولا أنها بحاجة إلى 3.5 مليار دولار (3.4 مليار جنيه إسترليني) لجزء من الخط.[2]
أفريقيا كانت الخاسر الأكبر من انتصار الصين في مؤتمر المناخ
انتهى مؤتمر الأطراف الثلاثون (COP30) بتعهدٍ طوعيٍّ ضعيفٍ لدرجة أنه يُشجع على التجاوزات، لكن الخاسرين الأكبر لم يكونوا الولايات المتحدة الغائبة أو الاتحاد الأوروبي المتردد، بل كانت الدول الأفريقية التي يُشكّل مستقبلها المناخي بشكلٍ متزايدٍ قراراتٌ تتجاوز حدودها، سواءً في واشنطن أو بكين، وفي الوقت الحالي، يُعدّ هيمنة الصين على مستقبل أفريقيا الأهم، فبينما كان العالم يركز على تعهد طوعي تجنّب تسمية الوقود الأحفوري، استغلّت بكين الفراغ الدبلوماسي؛ مؤكدةً قيادتها، ومعززةً نفوذها على المعادن والغابات وأنظمة الطاقة التي ستُشكّل مسار أفريقيا للأجيال القادمة.[3]
المفترق الإستراتيجي لنيجيريا: بين توترات أمريكا والصين وتحولات البريكس
في عام 2030م، وكما تُصوّره التحليلات الأمريكية الاستشرافية، مثل دراسة «الدولة الفاشلة 2030: نيجيريا كحالة دراسية»، يلوح في الأفق شبح انهيار نيجيريا بوصفه مأساةً داخلية وصدمة أمنية عالمية في آنٍ واحد، فقد أعاد تصاعد التنافس بين واشنطن وبكين إحياء ما وصفه جون ميرشايمر بـ«مأساة سياسات القوى العظمى»، والتي تفترض أن القوى الكبرى في نظام دولي فوضوي تسعى بطبيعتها إلى الهيمنة، بينما تجد الدول الأضعف نفسها مضطرةً إلى المناورة بين تلك القوى من أجل البقاء، وتقف نيجيريا- صاحبة أكبر تعداد سكاني في إفريقيا، وأكبر ديمقراطياتها، وأبرز منتجي النفط فيها– في قلب هذه المأساة الجيوسياسية، فحالة انعدام الأمن المزمنة، والفساد المتجذر، وهشاشة منظومة الحوكمة تجعلها عرضةً للتأثيرات الخارجية، في حين أن مواردها الطاقوية، وثقلها الديموغرافي، ونفوذها الثقافي، تجعل منها عنصراً لا يمكن تجاوزه في حسابات القوى العالمية.[4]
مجلس أفريقيا للذكاء الاصطناعي.. خطوة على الطريق الصحيح
تتصدر الاقتصادات المتقدمة، مجال تطوير وتنفيذ سياسات واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي، بينما بدأت إفريقيا مؤخرًا رحلتها في الاستفادة منه، وهي في وضع جيد لتطوير نهج استراتيجي منسق لاستخداماته على المستويين الوطني والإقليمي، وقد أكد تحالف “إفريقيا الذكية” أن تطوير الذكاء الاصطناعي سيسرع من الرقمنة ويوفر حلولًا تقنية تتماشى مع الخصوصيات الإفريقية، وفي خطوةٍ تاريخيةٍ في هذا الاتجاه، أنشأ رسميًا مجلسَ إفريقيا للذكاء الاصطناعي؛ إيذانًا بعهدٍ جديدٍ من الريادة في حوكمة الذكاء الاصطناعي والابتكار في القارة الأفريقية.[5]
اجتمع قادة الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي في لواندا، عاصمة أنجولا، يومي 24 و25 نوفمبر 2025، في إطار الدورة السابعة للقمة الإفريقية-الأوروبية، احتفالًا بمرور 25 عامًا على شراكة استراتيجية بدأت عام 2000 خلال أول قمة في القاهرة، وقد أكدت القمة على استمرار العزم والإرادة لتعزيز العلاقات بين الطرفين ورسم أولويات جديدة للعقد المقبل، وتستند هذه الشراكة إلى الاستراتيجية المشتركة التي اعتمدها الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي عام 2007، والتي تهدف إلى مواجهة تحديات العصر عبر لقاءات دورية على مدار السنوات، وعقدت قمة لواندا تحت شعار “تعزيز السلام والازدهار من خلال تعددية أطراف فعالة”، حيث جدد القادة التأكيد على الرؤية المشتركة لعام 2030 وتحديد أولويات جديدة للعقد القادم، في ظل تحولات دولية وتحديات مشتركة تشمل الأمن والتنمية والتغير المناخي والهجرة.[6]
هل تستطيع زامبيا الاستفادة من تصاعد التنافس بين القوى العظمى؟
مهدت المبادرات الدبلوماسية والصفقات الاستراتيجية في جنوب أفريقيا الطريق لجدول أعمال دولي حافل في المنطقة مؤخرًا، ففي حين استقطبت قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، التي عُقدت في نوفمبر، اهتمامًا عالميًا، كانت زامبيا تُقحم في صراع عالمي على النفوذ بين بكين وبروكسل وواشنطن، وقد قام رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ بزيارة زامبيا لتوقيع صفقة بقيمة 1.4 مليار دولار أمريكي لتجديد هيئة السكك الحديدية بين تنزانيا وزامبيا (تازارا)، وهو شريان حيوي يربط الثروة المعدنية في زامبيا بالأسواق العالمية، في الوقت نفسه، كانت زامبيا موضع ترحيب من خلال أجندة “البوابة العالمية” التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي تُحشد 2.3 مليار دولار أمريكي للتنمية المستدامة لممر لوبيتو، كما كانت شراكة واشنطن الصحية المُعاد إطلاقها، وهي برنامج مدته خمس سنوات بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي لتعزيز الوقاية من الأمراض، وقدرات النظام الصحي، وخدمات صحة الأم والطفل.
محاولة الانقلاب الفاشلة في بنين: مَكْر التاريخ وحَتْم الجغرافيا
مَثَّلَ فشل محاولة الانقلاب التي شهدتها بنين في السابع من ديسمبر الجاري نقطة تحوُّل جديدة نوعًا ما في مسار موجة الانقلابات في القارة الأفريقية، ويرجع ذلك إلى ضلوع دولة جوار (وهي نيجيريا) في كَبْح الانقلاب وإفشاله، على نحوٍ يُمثّل ضربةً استباقيةً ونموذجًا مغايرًا لديناميات العمل الجماعي الإقليمي في غرب إفريقيا أو في مناطق أخرى من القارة، لكنّ قراءة أعمق للصلة التاريخية بين نيجيريا وبنين، وحكم ارتباطات الجوار الجغرافي، تكشف عن أُسس هذا التدخل المحكومة بالاعتبارات التي يجب ألا تُغْفَل، ومِن ثَم قراءة فشل الانقلاب في سياقات إقليمية ودولية تتجاوز حدود دولة بنين.[7]
بين الطموح وصراع القوى العالمية: ماذا يعني مشروع سيماندو لغينيا؟
يُمثّل مشروع سيماندو في غينيا نقطة محورية في تاريخ التعدين الأفريقي، ليس فقط بسبب حجم احتياطاته الضخمة من خام الحديد، بل أيضًا لما يَحمله من أبعاد اقتصادية وسياسية وجيوستراتيجية، فالمشروع يُعيد رسم خارطة التنافس الدولي في غرب إفريقيا؛ حيث تتقاطع مصالح الصين والولايات المتحدة ضمن استثمارات ضخمة في قطاع حيوي عالميًّا، بينما يسعى النظام العسكري في كوناكري إلى استغلال المشروع لتعزيز شرعيته الداخلية وفرض نفسه كفاعل مركزي في إدارة الموارد الوطنية.[8]
