المقالات
الدبلوماسية الثقافية كفاعل إدراكي في إدارة الاستقطاب الدولي
- ديسمبر 25, 2025
- Posted by: ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط

إعداد: ريهام محمد
باحثة في وحدة شؤون الشرق الأوسط
تشهدُ السَّاحةُ الدوليةُ الراهنةُ تصاعدًا ملحوظًا في حدة الاستقطاب السياسي والأيديولوجي، في ظلِّ ضعْف الآليات التقليدية لتعزيز التوافُق الدولي وفعالية أدوات إدارة الصراعات، سواء من خلال الدبلوماسية الرسمية أو استراتيجيات الردع المباشر، ولم يعُدْ هذا الاستقطاب مقتصرًا على الخلافات بين الدول، بل امتدَّ ليشمل المجتمعات، والهويات، والسَّرْدِيَّات المتنافسة حول القِيَم والثقافات؛ ما جعل البُعْد الإدراكي والرمزي للصراع عنصرًا مركزيًّا في تشكيل العلاقات الدولية، وفي هذا السياق، برزت الحاجة إلى أدوات بديلة وأكثر مرونةً، قادرة على مخاطبة جذور التوتُّر، لا مظاهره فقط.
في هذا الإطار، تكتسب الدبلوماسية الثقافية أهمية متزايدة كإحدى أدوات القوة الناعمة، التي تتيح للدول التأثير في البيئة الدولية، عبْر إعادة تشكيل الصُّوَر الذهنية المتبادلة، وتعزيز التفاهم، وتقليل حِدَّة التوتُّر الناتج عن سوء الفهْم والقوالب النمطية، وباستخدام عناصر مثل “اللغة، والفنون، والتراث الثقافي، والتعليم”، يمكن أن تُسهم الدبلوماسية الثقافية في تحويل مسارات التفاعُل الدولي، من إطار المواجهة الصفرية إلى إطارٍ يقوم على إدارة الخلاف والتكيُّف معه، كما تتيح هذه الأدوات قنوات غير رسمية للتواصُل تظلُّ فاعلةً حتى خلال الفترات التي تتسم بالجمود أو التوتُّر السياسي، بما يعزز فُرَص الاستقرار النسبي في العلاقات الدولية.
وتحْظى الدبلوماسية الثقافية بأهمية خاصَّة في السياق العربي؛ حيث تُشكِّلُ المنطقة واحدةً من أكثر مناطق العالم تأثُّرًا بالصراعات الدولية والتنافسات الإقليمية، فضْلًا عن كونها ساحة مركزية لمعركة السرديات العالمية.
وعليه؛ تهدف هذه الورقة البحثية إلى استكشاف دور الدبلوماسية الثقافية كأداة سياسية تُسهم في تقليل حِدَّة الاستقطاب الدولي في المنطقة العربية، من خلال تناول أُطُرها النظرية، وآليات توظيفها، ودراسة نماذج عربية مختارة، للإجابة عن السؤال البحثي الرئيس: كيف تسهم الدبلوماسية الثقافية في إدارة وتخفيف حِدَّة الاستقطاب الدولي في المنطقة العربية؟
المحور الأول: الإطار المفاهيمي والنظري للدبلوماسية الثقافية
يشير مفهوم الدبلوماسية الثقافية إلى أحد المسارات غير التقليدية في العلاقات الدولية، الذي يعتمد على توظيف الثقافة بوصفها أداة للتواصل والتأثير وبناء العلاقات بين الدول والشعوب، وعلى الرغم من حداثة المصطلح في الأدبيات الأكاديمية، فإن ممارساته تعود إلى فترات تاريخية أقدم، حين استخدمت الإمبراطوريات والدول الكبرى التبادل الثقافي، والتعليم، والفنون، والدين، واللغة كوسائل لتعزيز النفوذ وبناء الشرعية خارج الحدود السياسية المباشرة.
فيما يتعلق بالنشأة التاريخية، فإن مصطلح الدبلوماسية الثقافية بصيغته المعاصرة ظهر خلال النصف الأول من القرن العشرين، في ظلِّ التنافس الدولي الذي تلا الحربين العالميتين؛ حيث أدركت القوى الكبرى أن الأدوات العسكرية والسياسية التقليدية لم تكن كافية لإدارة الصراعات الممتدة، وقد ارتبط الاستخدام المؤسسي للمفهوم بتجارب، التبادل الثقافي كتلك التي أطلقتها الولايات المتحدة وأوروبا خلال الحرب الباردة؛ بهدف كسْب العقول والقلوب في مواجهة الكتلة الاشتراكية، عبْر التعليم والإعلام والفنون ونشْر اللغات والثقافات، وبمرور الوقت ومع نهاية الحرب الباردة وصعود العولمة، اكتسب المفهوم بعدًا جديدًا؛ إذ خرج عن القنوات الرسمية للدول ليتوسَّعَ ويشمل العديد من الفاعلين غير الحكوميين، مِثْل المؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني والنخب الفكرية والفنية؛ مما أضفى طابعًا شبكيًّا وغير مركزي على أدواته.
من الناحية النظرية، ساهمت الأدبيات الليبرالية والبنائية، بشكل أساسي، في تشكيل الأُسُس النظرية لمفهوم الدبلوماسية الثقافية، فقد طَرَح “جوزيف ناي” مفهوم القوة الناعمة باعتبارها القدرة التي تمتلكها الدولة لتحقيق أهدافها، من خلال الجاذبية والإقناع بدلاً من اللجوء إلى الإكراه، معتبرًا أن الثقافة تمثل إحدى ركائز هذه الجاذبية، ومن هذا المنطلق، تعتبر الدبلوماسية الثقافية أداة عملية لتحويل القوة الناعمة إلى سياسات وممارسات دبلوماسية ملموسة.[1]
أمَّا من وجهة نظر المدرسة البنائية، كما قدمها “ألكسندر وندت”، فإن المصالح الدولية لا تُصاغُ فقط بناءً على موازين القوى المادية، بل تتشكل اجتماعيًّا من خلال التفاعل بين الدول والهويات المشتركة والسرديات الثقافية المتبادلة، واستناداً إلى هذا الإطار، تحْظَى الدبلوماسية الثقافية بأهمية بارزة، باعتبارها وسيلة لإعادة إنتاج المعاني وبناء الهويات المتبادلة بين الدول؛ مما ينعكس مباشرة على سلوكياتها وتوقُّعاتها داخل النظام الدولي.[2]
كما تطرَّقَ “بيير بورديو” لمفهوم الرأسمال الرمزي في سياق تعميق الفهْم النظري للدبلوماسية الثقافية؛ حيث يشير هذا المفهوم إلى القدرة على إرساء معانٍ وقِيَمِ معترفٍ بها اجتماعيًّا، باعتبارها مشروعةً، وفي هذا الإطار، تُصنَّف الثقافة كمورد استراتيجي، يمكن للدول استثماره لتراكم رأسمال رمزي، يتحول لاحقًا إلى نفوذ سياسي ومعنوي؛ فالمكانة الثقافية والاعتراف بالحضارة والهيبة الرمزية، تُعتبر عناصر غير ملموسة لكنها مؤثرة بشدة في تحديد موقع الدولة ضمن النظام الدولي، وينطبق هذا التحليل بشكل واضح على السياق العربي؛ حيث تتمتع العديد من الدول بإرث حضاري وتاريخي عريق، يمكن تفعيله لتعزيز شرعية حضارية قادرة على مواجهة أيِّ محاولات للتهميش أو الاقتصار على الخطابات الأمنية، ولكن يبقى نجاح هذا الرصيد الثقافي والتاريخي رهْنًا بمدى تحويله من مجرد ذاكرة ماضوية إلى سياسة ثقافية ممنهجة ومؤسسية.[3]
من جانب آخر، يقدم “أنطونيو غرامشي” بُعْدًا جديدًا لفهْم الدبلوماسية الثقافية، من خلال مفهوم الهيْمنة الثقافية التي تتحقق عندما تفرض قوةٌ ما، رؤيتها للعالم، كأنها الحقيقة “البديهية” أو المعيار السائد، وفي العلاقات الدولية، لا تُترجم الهيْمنة فقط بالتفوق العسكري أو الاقتصادي، بل أيضًا من خلال السيطرة على السرديات وأنماط التفكير والقيم.
في هذا السياق، تمثل الدبلوماسية الثقافية أداة مضادة للهيْمنة، تتيح للدول العربية إعادة إنتاج سردياتها الخاصَّة، ومقاومة الهيمنة الرمزية الغربية التي كثيرًا ما تختزل المنطقة في ثنائيات الصراع والتطرُّف وعدم الاستقرار.
ومن خلال الفنون، والتعليم، والإعلام، يمكن إعادة صياغة الخطاب حول المنطقة العربية، بوصفها فاعلًا حضاريًّا متنوِّعًا لا مجرد ساحة أزمات.[4]
من جهة أخرى؛ هناك اختلاف ملحوظ في تناول الباحثين لمفهوميْ “الدبلوماسية الثقافية والدبلوماسية العامَّة”، رغم تداخلهما، فبينما تركز الدبلوماسية العامة على الاتصال المباشر مع الرأي العام الخارجي بهدف التأثير في مواقفه السياسية ومواقفه تِجَاه الدول، تهتم الدبلوماسية الثقافية بإقامة علاقات وطيدة طويلة الأمد مبْنِيَّة على التبادل الثقافي، وتعزيز الفهم المشترك، وبناء الثقة بشكلٍ تدريجيٍّ؛ مما يجعل تأثيرها أكثرَ عُمْقًا واستدامةً وأقلَّ ارتباطًا بالنتائج الفوْرِيَّة.[5]
وتُعَدُّ الدبلوماسية الثقافية عنصرًا أساسيًّا في مفهوم القوة الناعمة، لكنها تختلف عنها في كونها ذات طابع أكثر رسوخًا في القيم والمكونات الثقافية والرمزية للمجتمعات، كما أنها أكثر تجرُّدًا عن الرسائل السياسية الواضحة والصريحة؛ مما يمنحها مزيدًا من المصداقية والقدرة الطويلة المدى على تحقيق الأهداف.
أمَّا فيما يخُصُّ التحوُّلات المعاصرة في مفهوم الدبلوماسية الثقافية؛ فقد شهدت الدبلوماسية الثقافية في العصر الحديث تحوُّلًا جِذْرِيًّا مع تطور تقنيات الاتصال وظهور دور متزايد للفاعلين غير التقليديين، مِثْل “المؤسسات التعليمية والمنصات الإعلامية وصناعة الترفيه والنُّخَب الإبداعية؛ إذ لم تعُدْ الدولة هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إنتاج الخطاب الثقافي وترويجه، بل تشاركت هذه المهمة مع أطراف جديدة دفعت باتجاه توسيع نطاق هذا النَّوْع من الدبلوماسية ليشمل إدارة السرديات وبناء الصورة الذهنية ومواجهة حالات الاستقطاب الإدراكي على المستوى الدولي، وبفِضْل هذه التطورات، باتت الدبلوماسية الثقافية تتجاوز كوْنها مجرد أداة لتحسين الصورة أو الترويج لثقافة معينة، وأصبحت وسيلة استراتيجية لإعادة تشكيل المكانة الدولية وإدارة التحوُّلات الحضارية والتأثير في هيكلة النظام العالمي، عبْر الفضاءات الرمزية والمعنوية.
وتزداد أهمية هذه الأداة بشكلٍ خاصٍّ في المنطقة العربية، التي غالبًا ما يتمُّ اختزال صورتها عالميًّا ضمن أُطُر الصراع وعدم الاستقرار؛ إذ توفر الدبلوماسية الثقافية الفرصة لإعادة طرْح المنطقة كفضاء حضاري متنوع، يمتلك تاريخًا ثقافيًّا غنيًّا وقدرة على المساهمة الإيجابية في النظام الدولي.
المحور الثاني: آليات الدبلوماسية الثقافية ودورها في تخفيف حِدَّة الاستقطاب الدولي
تتنوَّعُ آليات الدبلوماسية الثقافية التي تُوظَّف في إدارة العلاقات الدولية وتخفيف حِدَّة الاستقطاب؛ حيث تعتمد الدول على مجموعة من الأدوات غير التقليدية، من أبرزها اللغة والتواصُل الثقافي، والفنون والإنتاج الإبداعي، والتراث الثقافي، فضْلًا عن التعليم وبرامج التبادل الأكاديمي، والتي تشكِّلُ مجتمعةً إطارًا عمليًّا لتعزيز التفاهم وبناء الثقة بين الشعوب.
ويمكن إبراز هذه الآليات بوصفها أدوات عملية لتخفيف حِدَّة الاستقطاب الدولي على النحو الآتي:
أولًا: اللغة:
لا تُعَدُّ اللغة في المجال السياسي مجرد وسيلة للتواصُل، بل تحولت إلى أداة مركزية لصياغة الإدراك الجمعي وإنتاج السرديات الفكرية والسياسية.
وفي هذا السياق، تشكل اللغة العربية أحد أهمِّ محاور القوة الرمزية للدول العربية؛ إذ يمكن من خلالها مواجهة السرديات العالمية المهيْمنة التي غالبًا ما تُصوِّرُ المنطقة من منظور أمني أو صراعي.
وتتجلَّى أهمية اللغة في هذا الإطار بقدرتها على تقديم رؤية محلية بديلة للأحداث، بعيدًا عن الوسائل الإعلامية الغربية، وتقليص الفجوة الثقافية والإدراكية بين المجتمعات العربية والعالمية، فضْلًا عن إضعاف الاستقطاب القيمي القائم على سوء الفهم الثقافي. كما أن تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها يُسهم في تكوين قادة ونُخَب أجنبية تفهم الخصوصيات الثقافية والمعرفية للمنطقة؛ مما ينعكس لاحقًا على صناعة السياسات الدولية تِجَاه الشرق الأوسط، وبهذا المعنى، تصبح اللغة استثمارًا سياسيًّا طويل الأمد في إدارة العلاقات الدولية، لا مجرد نشاط ثقافي.[6]
ثانيًا: الفنون والإنتاج الثقافي
تُعَدُّ الفنون من أقوى أدوات الدبلوماسية الثقافية؛ لما تتمتع به من قدرة على تجاوز الانقسامات السياسية والأيديولوجية؛ لما تمتلكه من لغة رمزية عالمية تخاطب المشاعر الإنسانية المشتركة، فأعمال السينما والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية تحمل إمكانية تقديم روايات إنسانية مغايرة تكسر الصور النَّمَطِيَّة وتُقرِّبُ الشعوب، عبر القضايا المشتركة.
في السياق العربي، لعبت الفنون دورًا متزايد الأهمية في تقديم روايات إنسانية بديلة عن السرديات السياسية السائدة، بجانب إبراز القضايا الاجتماعية والوجودية المشتركة بين الشعوب، وتفكيك ثنائية “نحن/هم” التي تُغذِّي الاستقطاب الدولي.
كما أسهمت الفنون العربية في بناء قنوات تَواصُلٍ غير رسميةٍ تُعرف بـ«الدبلوماسية الثقافية غير الحكومية» عبْر المشاركات العربية في المهرجانات الدولية أو الإنتاجات الفنية المشتركة؛ حيث يصبح الفنان والمبدعُ فاعلًا دبلوماسيًّا غير تقليدي.
وتبرز أهمية هذه المسارات في قدرتها على الاستمرار حتى في فترات القطيعة السياسية؛ بما يجعلها أداةً مَرِنَةً لتخفيف التوتُّرات وإبقاء قنوات الحوار مفتوحة.[7]
ثالثًا: التراث الثقافي
يُعتبر التراث الثقافي رُكْنًا أساسيًّا من أركان الدبلوماسية الثقافية في المنطقة العربية؛ لما يحمله من أهمية رمزية تمثل الامتداد التاريخي والعُمْق الحضاري للشعوب، ففي إطار علم السياسة، تُعَدُّ الشرعية عنصرًا جوهريًّا من عناصر القوة، ولا تقتصر على المستوى الداخلي، بل تتجاوز ذلك لتشمل الساحة الدولية.
ومن هذا المنطلق، يُستخدم التراث الثقافي كأداة لإنتاج شرعية حضارية تمنح الدولة موقعًا متقدِّمًا في السردية العالمية، ومن ثَمَّ؛ يُعَدُّ التراث—سواء أكان ماديًّا كالمواقع الأثرية والمتاحف، أو غير مادي كالعادات والتقاليد والفنون الشعبية—مرتكزًا استراتيجيًّا يُسهم في تعزيز الشرعية الحضارية والتصدِّي لمحاولات التهميش أو الاختزال.
وتوظف الدول العربية التراث سياسيًّا، عبْر تأكيد الامتداد التاريخي للدولة والمجتمع، ومواجهة محاولات نزع الشرعية أو تهميش الدور الحضاري العربي، فضلا عن تعزيز المكانة الدولية عبر المؤسسات الثقافية العالمية.
ويُوظَّفُ التراثُ أيضًا في سياق إدارة الاستقطاب الدولي، من خلال إبراز القِيَم المشتركة بين مختلف الحضارات؛ مما يُخفِّفُ من هيْمنة خطابات “صدام الحضارات” ويُحوِّلُ مسار التفاعُل الدولي نحو إطار الشراكة الحضارية بدلًا من المواجهة الأيديولوجية.
رابعًا: التعليم والتبادل الثقافي
يُعتبر التعليمُ أحدَ أكثر آليات الدبلوماسية الثقافية فعاليةً وتأثيرًا؛ بسبب طبيعته التراكمية وقدرته على تشكيل الوعْي المجتمعي، عبْر الأجيال المتعاقبة، وتشمل هذه الآلية مجموعة متنوعة من البرامج، مِثْل “التبادل الأكاديمي للطلاب، المنح الدراسية، التعاون البحثي، وإنشاء المؤسسات التعليمية ذات الأبعاد الدولية”، وتكْمُنُ أهمية التعليم في قدرته على بناء شبكة علاقات إنسانية عابرة للحدود الوطنية، إلى جانب ترسيخ قِيَم الحوار والتعدُّدية الثقافية، وإنتاج جيل من النُّخَب المستقبلية التي تتميز بفهْمٍ أعمقَ للتنوُّع الثقافي وبقدرة أكبر على مقاومة التوجُّهات الاستقطابية والخطابات المتطرفة.
في السياق العربي، لعبت المؤسسات التعليمية والبحثية دورًا محوريًّا في تعزيز قيم الاعتدال والانفتاح الفكري، فضْلًا عن توفير منابر للنقاش الأكاديمي الحُرِّ حول القضايا العالمية الراهنة، كما ساهمت المبادرات المتعلقة بالتبادل الأكاديمي في تقليص الفجوة المعرفية بين الثقافات المختلفة؛ ما عزَّزَ من الفهْم المتبادل وساهم بشكل إيجابي في خفْض حِدَّة التوتُّرات والاستقطابات الدولية على المدى الطويل.
خامسًا: الإعلام
يُعَدُّ الإعلام – بمختلف أشكاله التقليدية والرقمية – أحد الآليات المركزية في الدبلوماسية المعاصرة؛ لما يُؤَدِّيه من دور حاسم في تشكيل الإدراك السياسي وصناعة السَّرْدِيَّات داخليًّا وخارجيًّا، فلم يعُدْ الإعلام مجرد وسيلة لنقل المعلومات، بل أصبح أداة تفاعلية قادرة على خلْق المعاني وتوجيه الفهْم الجمعي، بالإضافة إلى لعبه دور الوسيط الديناميكي بين الدولة ومجتمعاتها داخليًّا، وبينها وبين الرأي العام الدولي خارجيًّا.
ومن هذا المنطلق، تستعين الدول بالإعلام كوسيلة دبلوماسية؛ تهدف إلى التأثير في مواقف الشعوب والنُّخَب، وإعادة تشكيل صورتها وتعزيز مواقفها على الساحة العالمية.
وتبرز أهمية الإعلام كأداة دبلوماسية في قدرته على التفاعل المباشر مع السياسية الخارجية، عبْر إدارة الخطاب الجماهيري، تعزيز الشرعية الدولية، والتأثير على ديناميكيات اتخاذ القرار على المستوى الدولي، ومع التقدُّم السريع في تقنيات الاتصال وظهور شبكات التواصُل الاجتماعي، توسع نطاق اللاعبين وفقدت الدول احتكارها للسرديات السياسية.
وفي هذا السياق، يُعَدُّ الإعلام جزءًا أساسيًّا من أدوات القوة الناعمة؛ حيث يمكنه تقريب الثقافات المختلفة وبناء جسور التفاهم، أو -على النقيض- تعميق الانقسامات بناءً على طبيعة الخطاب المستخدم؛ لذلك، لا تقاس فعالية الإعلام فقط بانتشاره وسرعة وصوله، بل بقدرته على صياغة سرديات متماسكة ومُقْنِعَة، تُعزِّزُ من حضور الدولة دوليًّا وتخدم أهدافها الاستراتيجية في مشهد عالمي يتسم بالتنافس الحادِّ والتوتُّر المتزايد.[8]
تكامل الآليات ودورها في معالجة الاستقطاب: لا تحقق الدبلوماسية الثقافية فعاليتها القصوى من خلال آلية واحدة، بل عبْر تكامل اللغة والفنون والتراث والتعليم ضمن استراتيجية ثقافية شاملة، ويتيح هذا التكامل تعدُّد مسارات التأثير، واستدامة الحضور الثقافي، ومرونة التفاعل مع السياقات الدولية المتغيرة، ومن خلال اعتماد هذا النَّهْج المتكامل، يمكن للدول العربية تسخير الثقافة كقوة ناعمة فعالة تُسهم في تخفيف حدة الاستقطاب الدولي، لا من خلال المواجهات المباشرة، بل عبْر إنشاء مساحات مشتركة للحوار وبناء قنوات للتفاهُم المتبادل بين مختلف الأطراف الدولية.
المحور الثالث: نماذج عربية ناجحة للدبلوماسية الثقافية
في ظلِّ بيئة إقليمية تغلب عليها الصراعات والانقسامات الحادَّة، لم تعُدْ الدبلوماسية الثقافية في العالم العربي خيارًا تجميليًّا، بل تحولت إلى أداة ضرورة سياسية لإدارة الصورة النمطية وكسْر أنماط الاختزال الدولي للمنطقة.
من هذا المنطلق، جرى اختيار عدد من الدول بوصفها حالات كاشفة لاختلاف أنماط توظيف الثقافة كقوة ناعمة، بين دول استعادت زَخَمَها التاريخي وأحْيَتْ إِرْثَها الثقافي، وأُخرى أعادت تصميم أدواتها الثقافية؛ بما يتماشى مع تحوُّلات استراتيجية معينة، بينما لجأت بعض الدول إلى استخدام الثقافة كوسيلة دفاع رمزية، في ظلِّ أزمات مُعقَّدة، بما يتيح تحليلًا أعمق لدورها في تخفيف حِدَّة الاستقطاب الدولي، ويمكن إبراز ذلك على النحو الآتي:
مصر: تُعَدُّ القاهرة مثالًا حيويًّا للدبلوماسية الثقافية، بوصفها قوة ناعمة تاريخية وجِسْرًا حضاريًا فاعلًا، مرتكزةً على إرث ثقافي متراكم ساهم لعقود طويلة في تشكيل الوعي العربي وترسيخ صورة ذهنية عنها كمركز للإبداع والتنوُّع والانفتاح الثقافي، فقد لعبت السينما المصرية، منذ الأربعينيات من القرن العشرين، دورًا مركزيًّا في تقديم سرديات إنسانية واجتماعية تجاوزت الإطار السياسي الرسمي، متناولةً قضايا مشتركة استوعبها جمهور عالمي واسع، وتبرز أمثلة، مِثْل “أفلام باب الحديد، الأرض، إسكندرية… ليه؟، الكيت كات، وعمارة يعقوبيان”، التي سلطت الضوء على تحوُّلات المجتمع المصري وتعقيداته بأسلوب إنساني بعيد عن الأطر المؤدلجة.
ولم يقتصر هذا التأثير على الفنون البصرية، بل امتدَّ أيضًا إلى الأدب والفكر، فقد ساهم أدباء ومفكرون مصريون، مِثْل “نجيب محفوظ ويوسف إدريس وصنع الله إبراهيم”، في نقْل تجارب مصر والعالم العربي إلى جمهور دولي، عبْر لغات مختلفة، وبلغ هذا الحضور الثقافي ذروته بفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب عام 1988؛ مما عزَّزَ مكانة مصر الثقافية عالميًا، إضافةً إلى ذلك، شكَّلَ المسرح والموسيقى المصرية بصمتين بارزتين في تاريخ الفن العربي، بدْءًا من أعمال توفيق الحكيم وصلاح جاهين ووصولًا إلى إِرْث أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ؛ حيث لعبوا دورًا مهمًّا في تعزيز الهوية الثقافية العربية الجامعة.
كما أسْهَمَ الأزهرُ والجامعاتُ المصريةُ وبرامجُ تعليم العربية للناطقين بغيرها في تكوين نُخَب أجنبية أكثر فهْمًا للثقافة العربية؛ ما جعل التعليم أداة طويلة الأمد لتقليص الاستقطاب المعرفي.
ومن جانب الإعلام؛ فقد استخدمت الحملات الإعلامية والإعلانية السياحية مثل This is Egypt الإعلان الثقافي لإعادة صياغة الصورة الذهنية للدولة، بما يحُدُّ من آثار الاستقطاب القائم على الصور السلبية عن المنطقة.
ويكتمل هذا الدور بتوظيف التراث الحضاري المصري، لا سيما عبْر المتحف المصري الكبير، الذي يُمثِّلُ منصَّةً دبلوماسية ثقافية لإعادة تقديم مصر كمركز حضاري عالمي، وتعزيز شرعيتها الرمزية، والمساهمة في تخفيف الضغوط السياسية المرتبطة بالسرديات السلبية عن المنطقة.
المملكة العربية السعودية: شهدت الرياض خلال الأعوام الأخيرة تحوُّلًا بارزًا في تحقيق أهداف الدبلوماسية الثقافية، ضمن رؤيتها الاستراتيجية 2030، والتي تهدف إلى إعادة تشكيل صورتها على المستوى العالمي، وقد تجلَّى هذا التوجُّه في دعْم الصناعات الثقافية والإبداعية، وعودة السينما إلى المشهد، إلى جانب إطلاق مواسم ثقافية وفنية ضخمة.
أحد أبرز الشواهد على هذا التطوُّر يتمثَّلُ في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الذي ساهم بشكلٍ فعَّالٍ في وضْع السينما السعودية على الخارطة العالمية، كذلك، إنتاج أفلام، مِثْل “وجدة” (2012) و”بركة يقابل بركة” (2016)، التي شاركت في مهرجانات دولية، وعكست رُؤَى اجتماعية جديدة حول المجتمع السعودي، بالإضافة إلى مبادرات، مِثْل “موسم الرياض وموسم جدة”، التي نجحت في دمْج الثقافة والفنون مع الترفيه، واستقطبت جمهورًا واسعًا من مختلف أنحاء العالم.
في السياق ذاته، جرى توظيف التراث من خلال مشاريع كالعلا والدرعية ومواسم ثقافية ضخمة، قُدِّمَتْ عبْر حملات إعلامية وإعلانية دولية احترافية، عملت على دمج الماضي مع مظاهر الحداثة ضمن إطار خطاب ثقافي عالمي، علاوةً على ذلك، ساهمت برامج الابتعاث الأكاديمي والتعاون الدولي في بناء شبكات تعليمية مستدامة، أسهمت في تعزيز هذا الحضور الثقافي المتجدد، وقد تجلَّى التكامل بين عناصر الإعلام والإعلان والفنون والتراث في تقليل حِدَّة الاستقطاب الإدراكي تجاه المملكة، وتعزيز قدراتها على التفاعل الدبلوماسي بفعالية في بيئة دولية تتصف بارتفاع مستويات الاستقطاب.
قطر: اعتمدت الدوحة نموذجًا حديثًا نِسْبِيًّا للدبلوماسية الثقافية يرتكز على تنويع الأدوات وتعدُّد المسارات، وربْط الثقافة بالتعليم والدبلوماسية العامة، ويُعتبر الاستثمار في المؤسسات الثقافية والمتاحف العالمية علامة بارزة لهذا النموذج؛ حيث لعب متحف الفن الإسلامي ومتحف قطر الوطني دورًا مركزيًّا في إبراز الموروث الحضاري والثقافي للدولة، مع ربْطه بسياقات عالمية تتجاوز الحدود الضيقة للسياسة.
كما كان لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع تأثير محوري، من خلال استضافة جامعات دولية مرموقة مثل Georgetown وNorthwestern؛ مما ساعد على بناء شبكات معرفية ممتدَّة عابرًا للحدود، وأدَّى إلى تشكيل نُخَبٍ أكاديمية وإعلامية أكثر وعْيًا وتفاعُلًا مع القضايا العربية، وعلى المستوى الفني أيضًا، وفَّرَتْ مهرجانات الدوحة السينمائية، مِثْل مهرجان Ajyal للأفلام، فضاءات لعرض قصص إنسانية من المنطقة، بعيدًا عن القوالب النمطية المعتادة. كما لعب الإعلام، وخاصَّة شبكة الجزيرة، دورًا محوريًا في منافسة السرديات الدولية المهيمنة، وتقديم رُؤَى بديلة حول قضايا المنطقة.
وقد مكَّنَ هذا التوجُّه المتكامل بين الثقافة والتعليم قطر من أن تتموضع كوسيط ثقافي ودبلوماسي مُؤَثِّرٍ، قادرٍ على بناء جسور تواصل مع أطراف دولية متعددة ومتعاطفة، وهو ما انعكس بشكل ملحوظ على أدوارها السياسية في إدارة قضايا إقليمية مُعقَّدة، مستفيدةً بذلك من رصيد رمزي وثقافي تراكمي.
الإمارات العربية المتحدة: تعتمد دولة الإمارات نموذجًا متفردًا في الدبلوماسية الثقافية، يعتمد على إبراز قِيَمِ التسامح والتعايش والتنوُّع الثقافي، ويتجلَّى هذا التوجُّه في مجموعة من المشاريع الثقافية ذات الطابع العالمي، أبرزها متحف اللوفر أبوظبي، الذي يُمثِّلُ شراكة ثقافية دولية تهدف إلى خلْق سردية إنسانية موحدة لتاريخ الحضارات، كما تتبنَّى الإمارات مبادرات أخرى، مِثْل “بيت العائلة الإبراهيمية”، الذي يعكس رمزًا للتعايش الديني، إضافةً إلى فعاليات ثقافية كمعارض آرت دبي وبينالي الشارقة، التي استقطبت فنانين ومثقفين من جميع أنحاء العالم.
وقد ساهم هذا النموذج بصورة فعَّالة في تقديم الإمارات كمنصَّة عالمية للتلاقح الثقافي وحلقة وصْل بين مختلف الثقافات؛ مما جعلها صورة نموذجية على بديل عملي لخطاب الصدام الحضاري، ونتيجة لذلك، ازدادت مكانة الدولة على الصعيديْن “السياسي والاقتصادي”، وقلَّلَتْ من حِدَّة الاستقطاب المرتبطة بالمنطقة.
أمَّا المغرب: فيعتمد نموذجًا متميزًا في الدبلوماسية الثقافية يرتكز على تنوُّعِه الثقافي واللغوي الغني الذي يحتضن الأبعاد العربية والأمازيغية والأفريقية والأندلسية، وقد وظَّفَ المغرب هذا التعدُّد كأداة للتواصل مع مختلف المناطق الجغرافية، وشهد ذلك تجسيدًا في فعاليات، مِثْل “مهرجان فاس للموسيقى الروحية العالمية”، الذي يُرَوِّجُ لقِيَمِ الحوار والتسامُح الديني، و”مهرجان مراكش الدولي للفيلم”، الذي أضحى منصَّة للالتقاء بين السينما العربية والإفريقية والعالمية، كما عزَّز المغرب حضوره الثقافي في أفريقيا، من خلال الزوايا الصُّوفِيَّة والتعليم الديني المعتدل.
كما لعب التعليم الديني المعتدل، لا سيما من خلال تدريب الأئمة الأفارقة، دورًا بارزًا في تعزيز وجود المغرب الثقافي في منطقة جنوب الصحراء.
وفي الوقت ذاته، ساهمت التغطية الإعلامية الدولية لهذه الأنشطة في ترسيخ الصورة الذهنية للمغرب كجسْرٍ يربط بين الشمال والجنوب، وقد أسهم هذا التكامل في توظيف الأدوات الثقافية إلى حدٍّ كبيرٍ في الحدِّ من الصُّوَر النَّمَطِيَّة السلبية المرتبطة بالعالم العربي، وعمل على تقوية مكانة المغرب ضمن شبكة العلاقات الدولية.
الأردن ولبنان: في دول، مِثْل “الأردن ولبنان”، تتخذ الدبلوماسية الثقافية طابعًا “دفاعيًّا–رمزيًّا”، يهدف إلى الحفاظ على الحضور الدولي، في ظلِّ أزمات سياسية واقتصادية ممتدَّة؛ أيْ تجسيد الثقافة كأداة صمود رمزي في بيئات مأزومة.
ففي لبنان، برزت السينما والموسيقى كقوى مؤثرة؛ حيث قدمت أفلام نادين لبكي، مِثْل “سكر بنات” و”كفرناحوم”، إضافةً إلى الموسيقى اللبنانية المعاصرة، سرديات إنسانية تُسلِّطُ الضوء على واقع المجتمع اللبناني رغم التحديات.
وفي الأردن: ساهمت فعاليات ثقافية، مِثْل “مهرجانات جرش للثقافة والفنون” في تعزيز الدور الثقافي على السَّاحة الدولية.
إلى جانب ذلك، كان تصوير أفلام عالمية في الأردن، مِثْل فيلم “The Martian”، دافعًا إضافيًّا لتسليط الضوء على استقراره النِّسْبِيِّ وانفتاحه الثقافي.
وقد أسهم هذا الحضور الثقافي في منْع تهميش البلدين دوليًّا، والإبقاء على قنوات تواصل مفتوحة مع المجتمع الدولي، بما يُخفِّفُ من آثار الاستقطاب ويدعم فُرَص التعاون.
الخاتمة:
يمكن القول: إن الاستقطاب الدولي في المنطقة العربية لا يُختزلُ في تعارُض المصالح أو اختلال موازين القوة، بل يعكس في جوهره أزمة عميقة تتعلق بالسرديات والمفاهيم المتبادلة، وهو ما يجعل الدبلوماسية الثقافية أداةً مركزيةً لا غنى عنها في إعادة تشكيل أنماط التفاعل الدولي، وقد برهنت التجارب العربية أن الثقافة، حين تُدار ضمن إطار رؤية استراتيجية شاملة، يمكن أن تتحوَّلَ من مجرد قيمة رمزية إلى قوة ناعمة فعَّالة، قادرة على كسْر الصور النَّمَطِيَّة السائدة، وتوسيع آفاق الدبلوماسية، وإيجاد حلول للخلافات، بعيدًا عن منطق الصدام الصفري؛ مما يتيح فُرْصَةً لإعادة ضبْط العلاقة بين المنطقة العربية والنظام الدولي بأُسُسٍ أكثرَ توازُنًا وواقعيةً.
وعليه؛ فإن قدرة الدول العربية على تقليل حِدَّة الاستقطاب الدولي لا تُقاس بمدى قوتها العسكرية أو الاقتصادية التقليدية فحسب، بل بمدى نجاحها في استثمار حضورها الثقافي ليصبح قوة إدراكية مؤثرة تُعيد تشكيل موقعها في الساحة الدولية، لا كموضوعٍ دائمٍ للتأويل والصراع، بل كشريكٍ حضاريٍ قادرٍ على إنتاج المعنى والمساهمة في صياغة توازُنات أكثر استقرارًا، في لحظةٍ عالميةٍ بات فيها النفوذ مرتبطًا بالقدرة على التأثير في الوعْي قبْل فرْض السيطرة على المجال.
المصادر:
[1] What is Cultural Diplomacy? What is Soft Power, Institute for Cultural Diplomacy (ICD), 2011.
https://www.culturaldiplomacy.org/index.php?en_culturaldiplomacy
[2] Yaza Azzahara Ulyana, Mohd. Afandi Salleh, The Role of cultural diplomacy: Indonesia- Malaysia relations, Asian People Journal (APJ), 2018. https://linksshortcut.com/vWDey
[3] Peter Jackson, Pierre Bourdieu, the ‘cultural turn’ and the practice of international history, jstor, Jan 2008.
https://www.jstor.org/stable/41307944
[4] Nadia Zandra, A review on Antonio Gramsci’s Theory of Cultural Hegemony and the Concept of Passive Revolution, Researchgate, Sep 2024. https://linksshortcut.com/XcMal
[5] الدبلوماسية الثقافية ليست ترفاً.. بل رهان حيوي، العربية نت، أغسطس 2021.
https://linksshortcut.com/oFwNH
[6] أ.دنوار محمد ربيع الخيري، الدبلوماسية الثقافية : مفهومها وتطبيقاتها، (كلية العلوم السياسية- الجامعة المستنصرية)، ديسمبر 2024.
https://iasj.rdd.edu.iq/journals/uploads/2024/12/14/e2fe91db1edd0603988ccc28cd95abfb.pdf
[7] المرجع السابق
[8] نجم الدين كرم الله، دور الدبلوماسية الثقافية في تطوير العلاقات بين الشعوب، الجزيرة نت، يوليو 2020.