المقالات
الغابون تسجِّل الانقلاب السادس في إفريقيا خلال ثلاث سنوات
- أغسطس 30, 2023
- Posted by: mohamed mabrouk
- Category: رؤى تحليلية
بقلم السفير محمد الصوفي
أعلن قادة الانقلاب في الغابون، اليوم الأربعاء في بيان عبر التلفزيون الرسمي، بحضور عشرات من كبار الضباط والجنرالات الذين يمثلون جميع فيالق الجيش الغابوني أنه تم تعيين الجنرال «أوليغي انغيما ابريس» بالإجماع رئيسا للجنة انتقال واستعادة المؤسسات ورئيسا للمرحلة الانتقالية التي لم يحدد الانقلابيون مدتها.
كما أعلن الانقلابيون أن الرئيس علي بونغو أحيل إلى التقاعد ولديه كل حقوقه، كأي مواطن عادي.
في ما يخص اللحظات الأولى للانقلاب ،ما هي إلا دقائق قليلة بعد بثِّ النتائج الرسمية للانتخابات العامة في الغابون مشيرة إلى فوز الرئيس علي بونغو بنسبة 64.27% من الأصوات،حتى أعلنت مجموعة من الجنود فجر الأربعاء 30 أغسطس على شاشة التلفزيون إلغاء التصويت وإلغاء الانتخابات حل المؤسسات.
ويعد الانقلاب الذي جرى في ليبرفيل هو الأحدث في سلسلة الانقلابات التي هزت القارة الأفريقية في الأشهر الأخيرة.ففي 18 أغسطس 2020، أطاح مجلس عسكري بقيادة العقيد عاصمي غويتا بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا.و عيَّن مجلسا رئاسيا انتقاليا لكن الجيش المالي قام في 24 مايو 2021، باعتقال واحتجاز الرئيس الانتقالي باه انداو ورئيس وزرائه مختار واني.وفي 26 مايو، أصبح عاصمي غويتا رئيسًا للبلاد.
في صباح يوم 5 سبتمبر 2021، ألقت وحدة من القوات الخاصة التابعة للجيش الغيني القبض على الرئيس ألفا كوندي وأقالته من منصبه. الرئيس الغيني، يتولى منصبه منذ عام 2010.
وفي عام 2022، شهدت بوركينا فاسو انقلابين في أقل من عام. الأول ليلة 23 إلى 24 يناير 2022. حيث أطاح الجيش بالرئيس روك مارك كريستيان كابوري، الذي تم انتخابه ديمقراطيًا لولاية ثانية في نوفمبر 2020.
الانقلاب الثاني في 30 سبتمبر حين قامت عناصر من الجيش بقيادة النقيب إبراهيم تراوري بإقالة المقدم دميبا من منصبه كرئيس للفترة الانتقالية. وأدى النقيب إبراهيم تراوري اليمين كرئيس انتقالي في 21 أكتوبر.
في 26 يوليو 2023، اعتقل جنود من الحرس الرئاسي رئيس النيجر محمد بازوم، المنتخب ديمقراطيا عام 2021.
دون أن ننسى ما حدث قبل ذلك في السودان في 11 أبريل 2019 حين تمت الإطاحة بعمر البشير بعد أسابيع من المظاهرات الحاشدة في شوارع الخرطوم. اختار الجيش الاستيلاء على السلطة من خلال الوعد بتشكيل حكومة مدنية تمت الإطاحة بها لاحقا ليدخل السودان في أزمة متعددة الأبعاد قادت إلى الوضع الراهن في هذا البلد.
وعن تسلسل الأحداث في انقلاب الغابون في الثلاثين أغسطس الحالي ،تذكر المعلومات الواردة من العاصمة ليبرفيل أن فريقا يحمل كاميرا توجَّه إلى مركز الانتخابات الغابونية، المؤسسة التي تنظم التصويت، لتسجيل النتائج النهائية بصوت رئيس المركز ، لتتم قراءتها بعد ذلك بساعات قليلة على شاشة التلفزيون الوطني “القناة الأولى”. ولكن بمجرد انتهاء القراءة، بدأ سماع الطلقات النارية الأولى. ثم جرى عرض النتائج على قناة غابون 24، التي تقع استوديوهاتها في القصر الرئاسي.
وقبل الساعة الخامسة صباحًا بقليل، انقطع البث لبضع دقائق ثم ظهر نحو عشرة عسكريين على الشاشة. قرأ أحدهم بياناً صحفياً أعلن فيه إلغاء الانتخابات وحل المؤسسات مختتما كلامه بعبارة : “نحن ننهي النظام القائم”.
وضمت المجموعة أفرادا من القبعات الحمراء وأفرادا من الدرك وآخرين يرتدون القبعات الخضراء الخاصة بالحرس الجمهوري وشخص يرتدي ملابس مدنية. و تولى قراءة البيان صاحب قبعة سوداء، غالبًا ما يرتديها أفراد كتيبة المدرعات. قال إنه يتحدث باسم “لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات”التي تدخلت بعد ملاحظة “الحكامة غير المسؤولة التي تقود البلد إلى الهاوية في ظل تدهور مستمر للوضع الاقتصادي و التماسك الاجتماعي، يقول المتحدِّث، قررنا وضع حد للنظام القائم”. “ولتحقيق هذه الغاية، تُلغى النتائج المبتورة للانتخابات العامة التي جرت يوم 26 أغسطس 2023 “.
وبذلك يكون الجيش قد أنهى عهد «عائلة» بونغو بعد 55 عاما من حكم الغابون منها 14 تحت رئاسة علي بونغو و 41 تحت رئاسة والده عمر بونغو. تلقى الرئيس المخلوع تعليمه الجامعي في فرنسا، قبل أن يعود ليشغل مناصب سامية في حكومة والده.
حيث شغل منصب وزير الشؤون الخارجية من 1989 حتى 1991، ثم وزيرا للدفاع من 1999 حتى 2009.و قد تولى الرئيس المطاح به رئاسة هذه الدولة الصغيرة الغنية بالنفط إثر وفاة سلفه سنة 2009 و قد أُصيب علي بونغو في أكتوبر 2018 بجلطة دماغية بقي بعدها لمدة 10 أشهر دون ظهور علني.
تبدو الأمور عادية في الغابون مع بعض مظاهر التعبير عن الفرح في بعض الشوارع و لم يصدر لحد الآن ما يوحي بوجود مدافعين عن النظام السابق من الجيش أو من الطبقة السياسية. و بهذا الانقلاب تكون فرنسا ،بالإضافة إلى خسارتها لأغلب دول الساحل الإفريقي،قد خسرت أهم معاقل نفوذها الاقتصادي و السياسي مع فارق الاختلاف في مستقبل العلاقات التي انتهت بالقطيعة بين باريس و الأنظمة العسكرية في كل من مالي و بوركينا افاسو و النيجر و لم يصدر حتى الآن ما يشير إلى مستقبل طبيعتها مع الانقلابيين في الغابون.