المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشرق الأوسط > Critical Review “Turkey Is Not an Actor in the Gaza Conflict” تقييمّ للدور التركي للصراع في غزة
Critical Review “Turkey Is Not an Actor in the Gaza Conflict” تقييمّ للدور التركي للصراع في غزة
- سبتمبر 5, 2024
- Posted by: Maram Akram
- Category: تقارير وملفات وحدة الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات
إعداد: هنا داود
باحث مساعد في برنامج دراسات الدول التركية
مقدمة
تُعتبرُ الحربُ الإسرائيلية على غزة والتي اقتربت من العام، ومازالت تَتصفُ بالوحشية الشديدة مع انتهاكها لكل معايير حقوق الإنسان، من أهم الأحداث على الساحة الدولية، ومازالت تَستقْطبُ وسائل الإعلام المختلفة في كلٍ من الشرق الأوسط والعالم، ومع استمرار الصراع تشتبك فيه العديد من الجهات الفاعلة من الدول ومن غير الدول، والإقليمية منها والدولية، وتُعتبرُ تركيا من أهم الدول الفاعلين في منقطة الشرق الأوسط بالأخص في السنوات الأخير مع الاتجاه المختلف للسياسة التركية الخارجية.
وبالطبع تختلف التحليلات حول حجم الدور التركي في الحرب على غزة، منها من يرى أنها غيرُ مرضيةٍ بالمرة ومنها من يرى أن تركيا تقوم بالدور المطلوب منها كاملاً ومنها من يرفض تدخلَها بالأساس، وفي هذه الدراسة نتناول بالتحليل مقالة تستعرض الدور التركي في ما أسمته “نزاع غزة” والتي قد خلصت إلى أن الدور التركي يَتسمُ بالمحدودية نتيجةً لعوامل مختلفة.
كاتب المقال ” سليم جيفيك” هو باحث في مركز الدراسات التركية التطبيقية مقره برلين مهتم بالسياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط والسياسىة الداخلية التركية بالأخص الحركات الإسلامية ومعروف بآرائه الحادة وغير المحايدة أو المنحازة لأي من الأحزاب الحاكمة.
تتناول – المقالة “Turkey is not an Actor in the Gaza Conflict” والمنشورة بتاريخ 21 أغسطس 2024 في المركز العربي واشنطن- الدور التركي في نزاع غزة ويَعتبرُ الكاتب أن تركيا ليست طرفًا فاعلًا في نزاع غزة وأن أردوغان لم يتخذْ تدابير كافية ضد إسرائيل لعوامل متعددة يمكن اختزالها في الأوضاع التركية الداخلية، والعلاقات الثنائية مع إسرائيل ودول الناتو، ومصالح تركيا وأهدافها الاستراتيجية، على مختلف الأوجه استخلص الكاتب أن تركيا لم تعدْ فاعلاً في نزاع غزة كما كانت من قبل وأن نفوذَها في النزاع أصبح يتضاءلُ يومًا بعد يوم.
تَحولُ موقف أردوغان منذ بداية الحرب على غزة
يجادل الكاتب بأن أردوغان منذ بداية الحرب على غزة 7 أكتوبر 2023 لم يكن يُظهرُ الدعم الواضح للفلسطنين حيث كان هدفهُ الأساسي الحفاظ على عملية المصالحة الذي قد بدأها منذ فترة خلال التغييرات الأخيرة في السياسة الخارجية له، وبعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل منذ 2010 ومع الصعوبة البالغة التي واجهت عودتها حاول أردوغان تجنّبَ المواجهة المباشرة مع إسرائيل، وامتنع عن قطع العلافات الاقتصادية مع إسرائيل على الرغم من الضغوط الشعبية، ويُبررُ ذلك بأن التجارة الثنائية لم تتأثرْ سلبًا على الرغم من التوتراتِ الكائنة بل إنها شَهِدتْ تَحسناً في الفترة من 2010 حتى 2022 أي ما يحاول سليم إثبات صحته هو أن المصالح التركية الاقتصادية تمثل الأهمية القصوى عند تحديد العلاقات الثنائية مع إسرائيل.
ويرى أن التحولَ في موقف أردوغان وبداية الانتقادات الشديدة لإسرائيل على مستوى الخطاب كان الدافعُ له عاملين أساسين أولهما استمرار الحرب الإسرائيلية على وتيرةٍ متزايدة وبشكلٍ وحشيٍ، والانتقادات الشعبية الشديدة التي أسهمت في خسارة كبيرة له في آخر انتخابات محلية ولذا بدأ يكون موقف أردوغان أكثر صرامة وبدأً خطواتِه الفعلية مثل فرض قيود على التجارة الثنائية ومن ثم قطعها نهائيًا، وقيامها بتقديم طلب رسمي للانضمام إلى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
كما يتضح يرى سليم جيفيك أن الجانب التركي، بمعنى أقرب أردوغان لم يتخذْ الخطوات الفعلية المساندة للشعب الفلسطيني كخطوةٍ أولية وإنما اتخذها بعد ضغوط تهدد مصالحه وهذا لأن تركيا كانت قبل اندلاع الحرب في طَورِ المصالحة مع إسرائيل بعد فترةٍ طويلة من التوترات لذلك كانت الخطواتُ السياسة محسوبة بقدر عالٍ من الحذر.
تقييمُ الدور التركي في نزاع غزة
يتطرقُ الكاتب إلى مدى فاعليةِ الدور التركي في نزاع غزة ومدى الاختلاف حول هذا الدور حيث يشير إلى أن هناك دوائرَ داخلية إما من الشعب أو من الأحزاب المعارضة حول هذا الدور بل حتى من مؤيدى حزب العدالة والتنمية وترى أن هذا الدور غير كافي لسببين:
أولهما، وهو الملف الذي تستمر المعارضة في الضغط عليه وهو استمرار توريد النفط من أذربيجان إلى إسرائيل عبر تركيا، على الرغم من أن تركيا ليست إلا بلد عبور في هذه المسألة ولكن يرى الكاتب أن تركيا لديها فرصة للتحايل على الإلتزامات الدولية بشأن تشغيل خط أنابيب-باكو- تيفليس- جيهان BTC، من خلال الإشارة إلى التدابير التي تُلزمُ أسرائيل بوقف الضرر للمدنيين الفلسطنينين من محكمة العدل الدولية وبما أن إسرائيل تستمر في انتهاكاتها فأن استمرار نقل النفط سيساعدها على هذه الانتهاكات ولذا توقفه تركيا على اعتبار أنها تلتزم بتدابير محكمة العدل الدولية.
وهو ما أراه تحايلاً لا يطابق المنطق لسببين أن إسرائيل في الأساس تنفي انتهاكها لهذه التدابير ولذا فأنها فقط ستسبب نوعاً من المناورة ستكون تركيا هي الطرف الخاسر فيها ولا يمكننا أن نتغافلَ عن محورية المصلحة في السياسة التركية الخارجية، إلى جانب أن مثل هذه الخطوة بقطع النفط من أذربيجان إلى إسرائيل من شأنه أن يُهددَ المصالحَ الأذربيجانية الاقتصادية والسياسية على حدٍ سواء وهو ما لاترغب فيه تركيا، إلى جانب عوامل أخرى قد ذكرها سليم جيفيك أبرزها أن BTC يمثل أداةً هامة لتقويض الهيمنة الروسية على المنطقة في مجال النفط، كذلك لأن مثل هذه الخطوة فيها تقويضٌ لحلم تركيا بأن تكون مركزاً لعبور الطاقة.
أما السبب الثاني، ينتقدُ البعض النفوذ التركي الضعيف على قاعدة “رادار كورجيك” التركية التابعة لحلف شمال الأطلسي، حيث تتم مشاركة المعلومات مع دول الحلف وتشير تحليلات عدة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتسريب هذه المعلومات وهي أن تركيا عاجزةٌ عن اتخاذِ أيّ خطوة فيما يخص هذا الوضع، على عكس أن هذاالموقف هو ما يتطلب التحايل، بحيث يمكن لتركيا أن تتحايلَ في سرعة نقل المعلومات وشفافيتها ولكن هو ما سيُعرّضُ مصالحها للخطر ليس مع الولايات المتحدة فقط بل مع دول الحلف أيضًا، وهنا نعود مرة أخرى لمعادلة المصلحة في السياسة التركية الخارجية هل ستتخلى عن العقلنة والبراجماتية من أجل تحدي الانتهاكات الإسرائيلية؟
هل من الممكنِ أن تتدخلَ تركيا عسكريًا في الحرب على غزة ؟
يشير سليم جيفيك أن خطابات أردوغان شديدة العفوية تجاه إسرائيل، بالأخص خطابه في آواخر يوليو الذي أرسل فيه إشارات بالتدخل العسكري ضد إسرائيل وخلال تحليله استبعد سليم أن يكون مَقْصِدُ أردوغان هو التدخل العسكري في إسرائيل بالفعل، وفسر هذا الخطاب على الشكل التالي؛ إما هي إشارةٌ لمنع إسرائيل من التدخل في لبنان وأنها إذ أقدمت على مثل هذه الخطوة ستجد موقفاً مماثلاً لموقف تركيا في ليبيا وأذربيجان، أو إما أنها مجرد انعكاس لغضبه أمام الانتهاكات الإسرائيلية، ولكن في اعتقادي أن هذا الخطاب كان تذكيرَا بالتدخل العسكري التركي في 2010، وعلى الرغم من أنه تسبب في قطيعة طويلة في العلاقات التركية-الإسرائيلية، إلا أن أردوغان أراد أن يُذكّرَ به مرةً أخرى.
كنتيجةٍ نهائيةٍ تركيا لها دور محدود في نزاع غزة
يُقرّ سليم جيفيك في نهاية تقريره أن تركيا على الرغم من الجهود التي تبذلها وعلى الرغم من تحديها الواضح لنتنياهو إلا أن دورَها مازال ضغيفاً جدًا وغيرَ قادرٍ على إحداث تقدم إيجابي فيه، وعلى الرغم من العلاقات القوية بين أردوغان وحركة حماس إلا أن تأثيرَه على الحركة مازال محدوداً وسيزداد موقفها ضعفًا بعدما أصبح للجناح العسكري للحركة السلطة الأكبر.
الاستنتاج
خلال تحليلِ سليم جيفيك للدورِ التركي في نزاع غزة لم يوضح هل يرى تركيا ليست فاعلاً في النزاع بفعل أسبابٍ داخلية ورغبةٍ سياسة تركية، أم بفعل عوامل مؤثرة على صُنعِ القرار التركي تجعلُ دورها في النزاع يتّسمُ بالمحدودية، ولكن من خلال إطلاعي أرى أن سليم جيفيك قد ذكر مجموعةً من العوامل تنبع من رغبة سياسة من أجل الحفاظ على المصالح والأهداف والطموحات التركية، وفي الوقت ذاته هناك عوامل خارجة عن الإرادة التركية تجعلها غير قادرة على اتخاذ خطواتٍ واسعة.
ولا أتفِقُ معه في قدر المحدودية الذي وصف به الدور التركي في النزاع حيث أجد انه أغفل أن قطع العلاقات التركية-الإسرائيلية في 2010 كانت شراراتها الأولى القضية الفلسطينة، بالطبع اختلفت المصالح والأهدافُ السياسة التركية الخارجية ولكن هذا لا ينفي الدور النشط الذي تقوم به تركيا في النزاع، ولولا اغتيال هنية كان من الممكن أن يكون تأثيرها على حركة حماس قد اتسع لدرجةٍ كبيرةٍ، وأرى أن تركيا لا تتخذ خطواتٍ أكثر حدة، لأمرين أهمها حساب مصلحتها الخاصة، وثانيها أن أي عمل شديد العفوية ناهيك عن أنه قد يتسبب في عقوبات من الولايات المتحدة، إلا أنه يقضي على إمكانيةِ مشاركة تركيا في الوساطة أو على الأقل في تقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار للقطاع.
أضف إلى ذالك، أن سليم جيفيك انتقد معظم خطوات تركيا في تعاملها مع النزاع، ومن ثم اقترح أن تستمر تركيا على دَرْبِ الدبلوماسية والقدرةِ على التحدث مع كل الجهات الفاعلة، فكيف يريدها أن تتخذَ خطواتٍ أكثر عفوية في الوقت ذاته؟ وفي اعتقادي أن تركيا مازالت تتخذ خطوات محسوبة بالقدر الذي يُمكّنُها من التفاوض والحوار مع الجهات المختلفة، ولا يمكن ببساطة تقليل دور تركيا -التي مازالت تعترف بحركة حماس كحركة مقاومة، وتحاول أن تُشكّلَ اتصالاً قوياً مع كل الفصائل الفلسطينة – في نزاع غزة.
المصادر
Salim Çevik, Turkey Is Not an Actor in the Gaza Conflict, Arab Center Washington DC,Aug21,2024, Turkey Is Not an Actor in the Gaza Conflict (arabcenterdc.org).
“هل زودت قاعدة كورجيك التركية إسرائيل بالمعلومات لصد الهجوم الإيراني؟”، RT، أبريل 2024، هل زودت قاعدة كورجيك التركية إسرائيل بالمعلومات لصد الهجوم الإيراني؟ – RT Arabic، الدخول 4 سبتمبر 2024.
” أردوغان وإسرائيل.. حرب تصريحات بين تركيا وإسرائيل عقب تهديد أردوغان بالتدخل في إسرائيل”، BBC، يوليو 2024، أردوغان وإسرائيل.. حرب تصريحات بين تركيا وإسرائيل عقب تهديد أردوغان بالتدخل في إسرائيل – BBC News عربي، الدخول 4 سبتمبر 2024.