المقالات
مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية > تقارير وملفات > وحدة الشؤون الدولية > Critical Review: “Turkey’s BRICS Gambit is just what Russia ordered” تقييمٌ لديناميات عضوية تركيا المحتملة بتجمّع بريكس
Critical Review: “Turkey’s BRICS Gambit is just what Russia ordered” تقييمٌ لديناميات عضوية تركيا المحتملة بتجمّع بريكس
- سبتمبر 30, 2024
- Posted by: hossam ahmed
- Category: تقارير وملفات وحدة الشؤون الدولية
لا توجد تعليقات
إعداد: محمود حسن
باحث مساعد في برنامج شئون الدول التركية
مقدمة:
بتاريخ 4 سبتمبر 2024, أدلى يوري أوشاكوف مساعدُ الرئيس الروسي بتصريحات هامة مؤكداُ أن تركيا تقدمت بطلبٍ رسمي للإنضمام إلى مجموعة بريكس وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيحضر قمة التجمع المناهض للغرب المزعم عقدها بمدينة قازان الروسية في 22-24 أكتوبر المقبل. تكمن أهمية هذه التصريحات في كونها أنهت أشهراً من التكهّنات الإعلامية حول مدى “واقعية” الطموح التركي بالانضمام للتّكتل بجانب دلالة هذه الخطوة في تعزيز سياسة الانفتاح التركي على الشرق.
يتناول المقال المنشور بموقع Responsible Statecraft تحت عنوان ” Turkey’s BRICS gambit is just what Russia ordered” للكاتب الأمريكي مايكل كوربين الأسباب الكامنة وراء قرار تركيا بالإقبال على تقديم طلبٍ لعضوية تجمّع بريكس الاقتصادي وما تحمله هذه الخطوة من دلالاتٍ هامةٍ بالأخص على المستوى السياسي.
يتمتع مايكل كوربين بخبرة تقرب من 30 عامًا في العمل في المجال الأكاديمي والحكومة الفيدرالية الأمريكية ومع العديد من مراكز الأبحاث التي تُغطّي القضايا التجارية والاقتصادية المتعلقة بروسيا وأوراسيا. حصل كوربين على درجة الماجستير في الدراسات الروسية وأوروبا الشرقية من جامعة ولاية أوهايو. هذه المؤهلات الرفيعة لكوربين فضلاً عن تخصصه في دراسة الشأن السياسي الروسي تجعل تحليلاته جديرة بالنظر خاصةً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الروسية واتجاهاتها بجانب فهم طبيعة تجمع بريكس وأهدافه العامة.
دوافعُ الخطوةِ التركية: رغم التزام تركيا الوثيق بمسؤولياتها وارتباطاتها الغربية والمتمثلة في عضوية الأخيرة بحلف شمال الأطلسي والتأكيد المستمر لأردوغان على أهمية الشراكة التركية-الغربية , إلا أن هناك جملة من الأسباب التي دفعت البوصلة التركية للتحرك شرقاً ويمكن رؤيتها على النحو التالي وفقاً لرأي الكاتب:
المكاسبُ الاقتصادية: كما أوضح كوربين نقلاً عن المحلل السياسي الروسي الكسندر سافونوف فإن الموقعَ الجغرافي المتميز لتركيا ومالها من أهميةٍ استراتيجية وتجارية كونها تقع على مُفترق طرق التجارة العالمية يفرض على حكومة أردوغان تكثيف الاتصالات الخارجية وتوسيعَ العلاقات الدبلوماسية لأنقرة لتعظيم الاستفادة الاقتصادية من هذا الموقع الذي يربط بين آسيا وأوروبا.” هذا الاقتباسُ يعطي الكاتب الأمريكي مصداقيةً ملحوظة بحيث يعد تحييداً للخلافات والتحيزات السياسية عن آليات البحث العلمي.
في ضوء هذا المنظور التركي الموضح أعلاه, يرى كوربين أن بريكس يمثّلُ منصة اقتصادية هامة لزيادة صادرات تركيا عبر فتح أسواق جديدة لمنتجاتها داخل روسيا والصين والهند ذوي الكثافة السكانية المرتفعة. كما ادعى الباحث أن الحكومة التركية تستهدف زيادة وراداتها من الصين وروسيا بهدف تخفيض الاعتماد التركي على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وهذا الطرح لا يتسق مع سياسة تركيا بدعم الإنتاج المحلي وتقليل فاتورة الاستيراد في خضم أزمة اقتصادية حادة أدت لتخفيض قيمة العملة التركية إلى مستويات غير مسبوقة مما يدفع أنقرة لتقليل مستوى الواردات التي أضحت أغلى سعراً. وفي هذا السياق, طبقت تركيا سياسات حمائية متمثلةً في فرض رسوم جمركية إضافية على السيارات الكهربائية بنسبة 40 % – المنتجة بالصين نفسها وهي عضو رئيسي بتجمع بريكس- بالتالي, لا يوجد ما يدعم طرح الكاتب في هذه المسألة.
الدوافع السياسية: بجانب الفوائد الاقتصادية المرتفعة لانضمام تركيا لبريكس , يعبر التحرك السياسي التركي عن مجموعة من الدلالات السياسية الهامة وأبرزها:
الامتعاض التركي من المماطلة الأوروبية: يرى كوربين أن الخطوة التركية تعكس إحباط أنقرة من مماطلة بروكسل بشأن ملف عضويتها الذي انطلق عام 2005 ولم يحرز تقدماً حقيقياً حتى تم إغلاقه بالكامل آثر ” قمع الحكومة التركية” للمعارضة الوطنية ضمن تداعيات حادثة الإنقلاب العسكري الفاشل في مايو 2016. إلا أن رؤية تحرك أنقرة كمحاولة لاستمالة الأوروبيين وتمرير عضويتها بالكتلة الأوروبية كما نوه الكاتب, لا يبدو على أجندة بروكسل بحيث أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه بشأن اتخاذ أنقرة مساراً خارجياً لا يتسق مع تفضيلات السياسة الخارجية للتكتل. في هذا السياق, أظهر كوربين ضعف حجته الفرعية من خلال الإشارة إلى رد فعل أوروبي خامل لا يعبر عن نية أوروبية حقيقية باستعادة أنقرة ضمن فلك سياستها الخارجية.
سخط أردوغان بخصوص موقف الغرب تجاه حرب غزة: يدرج كوربين طلب عضوية تركيا لدى بريكس ضمن سلسلة من التحركات التركية المناهضة لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023. ولقد ذكر الباحث الأمريكي محطات هامة لهذا التصعيد التركي واتسام هذه التحركات بالتصاعدية ومن ضمنها قرار قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل في مايو 2024 وتصريحات أردوغان عن ” التدخل في إسرائيل ” بتاريخ 28 يوليو 2024. هذا يسهم في إيضاح فكرته المتمثلة في كون “خطوة بريكس” تصعيداَ تركيا جديداً تجاه الغرب المؤيد لإسرائيل لكن لعل أردوغان المعروف ببراجماتيته ومرونة مواقفه يضع بريكس بعين الاعتبار نظراً لفوائدها الاقتصادية وليس حرصاً على ” إظهار موقف مناهض للغرب” خاصةً مع رغبته في الحفاظ على علاقات متزنة بين الشرق والغرب.
تعزيز العلاقات التركية-الروسية: سلط كوربين الضوء على فاعلية بريكس كمعزز جديد للعلاقات التركية-الروسية القوية بالفعل. على سبيل المثال, لعبت تركيا دوراً محورياً في التوسط لعقد ” اتفاق نقل الحبوب” بين روسيا وأوكرانيا عبر البحر الأسود عام 2022 فضلاً على تجنب أنقرة المشاركة في العقوبات الغربية على روسيا. في ضوء هذه المؤشرات الإيجابية, قدم كوربين أدلة تطبيقية حول قوة العلاقات التركية-الروسية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا بتاريخ 22 فبراير 2022.
تحرك روسيا المتزامن مع أذربيجان: استنتج الكاتب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث إلى نظيره التركي عشية زيارة بوتين إلى أذربيجان بتاريخ 18 أغسطس 2024 والتي تضمنت إعلاناً عن حضور الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لقمة كازان . الجدير بالذكر أن علييف أعلن عن نية بلاده الانضمام إلى بريكس مما يجعل هذا الاستنتاج منطقياً في إطار العلاقات التركية-الأذربيجانية الوثيقة واتساق خطوط أنقرة وباكو على مستوى السياسة الخارجية.
استنتاج:
–قدم الباحث عواملاً متداخلة وصحيحة دفعت تركيا للتقارب مع بريكس مع ضرورة تركيزه ,في اعتقادي , على الجوانب الاقتصادية لهذا القرار.
-يغيب عن المقال التحليلي الترابط المنطقي بين الأفكار المطروحة إلى حد كبير بحيث احتاجت هذه المراجعة النقدية إلى إعادة ترتيب وتصنيف الأفكار لتكون مزيجاً منطقياً.
– حجة الكاتب الرئيسية بأن ” حبكة الطلب التركي” تجسد هدفاً روسياً لتعزيز الزخم العالمي لقمة كازان المقبلة لا يبدو منطقياً . فعلى الرغم من أن حضور أردوغان من عدمه سيجذب انتباه وسائل الإعلام العالمية نحو القمة إلا أن بريكس يمتلك بالفعل دول ذات أهمية على المسرح السياسي العالمي على غرار روسيا والهند والصين ومصر والإمارات وغيرها مما يوفر تغطية إعلامية كبيرة للحدث السياسي بالفعل.
– جادل الكاتب أن موسكو حققت مكاسب هائلة من انضمام أنقرة المحتمل للتكتل الاقتصادي دون التطرق إليها بشكل جيد. فرغم حيازة هذه الفكرة على عنوان المقال إلا أن كوربين اكتفى بتقديم فقرة صغيرة حولها في نهاية المقال.
– في الختام, نوه الكاتب إلى إمكانية تكرار تركيا لسيناريو السعودية والأرجنتين بالتقدم بطلب العضوية ومن ثم إظهار تردد في قبولها مما يعني أن الطلب قد يعبر عن مناورات سياسية واستراتيجية ضغط على الغرب أكثر. بالوقت ذاته, قد يكون من الصعب أن يسلك أردوغان هذا المسار إلا في حالة تقديم الغرب لتنازلات اقتصادية هامة وفي مقدمتها تحديث الاتحاد الأوروبي لاتفاقية الاتحاد الجمركي وتعزيز الاستثمارات الأوروبية في الداخل التركي.
ختاماً، قدم المقال تحليلاً نقدياً لدوافع تركيا الرئيسية حول الانطلاق في ” مغامرة بريكس” مدعماً أرائه بتحليلات سياسية من محللين آخرين صابغاً كتابته بالموضوعية والحيادية . على النقيض, أظهر المقال العديد من أوجه القصور ومن ضمنها عدم التركيز على الحجة الأساسية والمتمثلة في مكاسب موسكو من هذا التحرك التركي المفاجئ بجانب غياب الترتيب المنطقي للأفكار عن تحليل كوربين.
المصادر:
1.Michael Corbyn. Turkey’s BRICS gambit is just what Russia ordered. Responsible Statecraft. 6/9/2024. Available at : https://linksshortcut.com/diVtm
- بوتين يصل إلى أذربيجان في زيارة رسمية تستمر يومين. روسيا اليوم. 18/8/2024. متاح على الرابط التالي :
https://linksshortcut.com/pcaVW
- بنسبة 40% تركيا تفرض رسوما إضافية على واردات السيارات من الصين. الجزيرة.نت. 8/6/2024. متاح على الرابط التالي :
https://linksshortcut.com/xCAnu